“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، ٢٠ نيسان (ابريل) ٢٠١٩ ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد٤٧٧

 يوم الأسْرى الفلسطينيين

أقرَّ المجلس الوطني الفلسطيني سنة 1974 يوم 17 نيسان/إبريل من كل سنة، يوم الأسير الفلسطيني، وهي مناسبة للتعريف بقضية فلسطين وللتضامن الإنساني والسّياسي مع الأسرى في سجون الاحتلال.

بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بنهاية شهر آذار/مارس 2019، نحو 5700 أسيرًا، منهم 48 امرأة، و230 طفلًا (+ 130 غير محكومين)، وبلغ عدد المعتقلين الإداريين نحو 500 معتقل، لا يعلمون ما هي التّهمة الموجهة لهم، ولا يستطيعون الإتصال بمحامي، ولا بأفراد أُسَرِهِم، ولا بأي شخص آخر.

يحتجز العدو الصهيوني ثمانية نواب في المجلس التشريعي (المُنْتَخَب وفق اتفاقيات أوسلو، أي خلال انتخابات أذِنَ بها الإحتلال والقوى الإمبريالية الدّاعمة له) ولم يتضامن معهم نواب المجالس التشريعية العالمية التي تتشدّق فصول دساتيرِها، وأحزابُها، وحكوماتها، ومنظماتها “غير الحكومية” بحقوق الإنسان، كما لا يتضامن صحافيو العالم مع 17 صحافي فلسطيني مُعتقل، من ضمنهم مُصَوِّرُون ومراسلون لوكالات أخبار عالمية، ويوجد في سجون الإحتلال نحو سبعمائة أسير مريض، مُصاب بأمراض خطيرة، أو مُزْمِنَة، تحتاج لرعاية مُستمرة وظروف حياة لائقة، ويوجد في سجون الإحتلال 570 أسير، قضت محاكم الإحتلال الإستيطاني بسجنهم مدى الحياة (أحكام مُؤَبّدَة)، وقضى خمسون أسيرًا أكثر من عشرين عامًا في سجون الإحتلال، ويتعرّض الجميع، كهولاً وشبابًا وأطفالا ونساء وشيوخًا، للعزل الانفرادي، ولحملات التفتيش، والإعتداء الجسدي والإستفزاز، ولمُصادَرَة التجهيزات القليلة، التي ناضل الأسرى من أجل استخدامها، بالإضافة إلى الإهمال الطبي، والحرمان من الزيارات، والتنكيل اليومي والتعذيب، ومصادرة وإتلاف الأغراض الشخصية… 

اعتقال الأطفال: اعتقلت قوات الإحتلال، خلال ثمانية عشر سنة (من 2000 إلى نهاية 2018) أكثر من 21 ألف طفل، حاكمت وسجنت 8500 طفل، وأطلق سراح البقية بعد اعتقال إداري، قد يطول وقد يَقْصُر، دون معرفة التهم الموجّهة، وقضت المحاكم العسكرية بسجن معظمهم بتهمة إلقاء الحجارة، ويتعرّض الأطفال إلى نفس المعاملات القاسية من ضرب وتعذيب وتفتيش وإهانات، وإهمال طبي، وحرمان من التعليم، ويوجد رهن الإعتقال أكثر من 350 طفلاً في سجون العدو (بين محكومين وغير محكومين)، ولا يلتزم الكيان الصهيوني بأي اتفاقية دولية، من إجمالي 27 اتفاقية تخص حماية الأطفال القاصرين (دون 18 سنة)، ولا يتعرّض لأي لَوْمٍ أو عُقُوبَة، لأنه جُزْء من منظومة الإستعمار والإمبريالية… 

تعمد قوات جيش الإحتلال إلى اقتحام بيوت الأُسَر في ساعات متأخرة من الليل أو في الفجر، لاعتقال الأطفال (كما أي فلسطيني وفلسطينية) ويجري التحقيق عادة في المُسْتوطنات الصهيونية القريبة، للإستفراد بالأطفال أثناء التحقيق، دون حضور المُحامين، أو أي طرف، غير عناصر المخابرات الصهيونية، ويتعرّض الأطفال للتّفتيش العَارِي وللإبتزاز والتهديد والضرب والتعذيب، ويُجبرون على التوقيع على إفادات لا يعرفون مضمونها، لأنها مكتوبة بالعِبْرِيّة، وتعتبر المحاكم إن تلك الإفادات قانونية، أما في القدس، فتفرض سلطات الإحتلال “الحبس المنزلي”، ضد نحو مائة طفل سنويًّا، ويُمنع الأطفال من الذهاب إلى المدرسة أو اللعب مع فتيان آخرين…

أضرب المساجين السياسيون في سجن “لانميزون” الفرنسي أيام 11 و 12 و 13 نيسان/ابريل 2019، وفي مقدّمتهم “جورج إبراهيم عبد اللّه” وإحدى عشر سجينًا من قَوْمِيّة ال”باسك”، تضامُنًا مع إضراب الأسْرى الفلسطينيين في سُجون الإحتلال… عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين + الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال 17/04/2019 

 عرب – لَعْنَة النفط: تتعرض أسعار النفط (مثل أسعار المعادن) لعملية هبوط وارتفاع، وفق الأحداث العالمية اليومية، ولكنها لم تتجاوز سبعين دولارا لبرميل الخام، سوى نادِرًا منذ منتصف حزيران 2014، عندما فاق سعره 100 دولارا ثم انخفض بسرعة إلى متوسط ثلاثين دولارا للبرميل، ورغم انخفاض إنتاج فنزويلا وإيران، بقي السعر منخفضًا (في الأسواق العالمية، وليس للمُسْتهلكين الأفراد) بفعل زيادة الإنتاج الأمريكي من النفط الخام، وبسبب الحرب التجارية التي تَشُنُّها الولايات المتحدة، والركود في عدد من البلدان الصناعية وانخفاض النشاط الصناعي ونسبة النّمو في الصين، ثاني أكبر مستهلك عالمي للنفط، بعد الولايات المتحدة، وعلى سبيل الذّكْر، نزلت أسعار النفط، يوم الخميس 07 شباط/فبراير 2019، بعد نشر أخبار عن ارتفاع مخزونات النفط الخام الأميركية، بنحو 1,3 مليون برميل خلال الأسبوع الأخير من شهر كانون الثاني/يناير 2019، لِيَصِلَ حجم المخزونات الأمريكية إلى 447,21 مليون برميل، يوم الأول من شهر شباط/فبراير 2019، واستقرار الإنتاج الأمريكي عند مستوى قياسي مُرْتفع، بنحو 11,9 مليون برميل يوميا، منذ الربع الأخير من سنة 2018، لتبقى أمريكا أكبر منتج نفط عالمي، بعد تجاوز إنتاجها إنتاج روسيا والسعودية، لكن الإنخفاض لم يدُمْ طويلاً، بفعل تطبيق قرار خفض الصادرات الذي تُطبِّقُه مجموعة البلدان المُصَدِّرة للنفط (12 دولة) بالإتفاق مع روسيا، التي تُطَبِّقُ أيضًا قرار تخفيض الإمدادات، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج في فنزيلا، وإلى العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران وفنزويلا، وتهدف التخفيضات الطوعية لمجموعة أوبك وروسيا إلى تقليص المعروض في السوق ودعم الأسعار…

أعلنت “كريستين لاغارد” (مديرة صندوق النقد الدولي)، في مؤتمر بدُبَيْ (الإمارات) إن اقتصاد البلدان المصدرة للنفط لم يتعافى بشكل كامل من “صدمة انخفاض أسعار النفط، منذ منتصف سنة 2014 وإن المستقبل غير مؤكد رغم النمو الحاصل” ( وهو نمو متواضع جدًّا)، وتسبَّبَ انخفاض عائدات هذه الدّول، في زيادة العجز المالي، ويكمن الحل (للدول النفطية كما للدول الفقيرة)، بحسب صندوق النقد الدولي في خفض الإنفاق، وزيادة الضرائب على دخل لمواطنين – الأُجَراء بشكل خاص – وليس على أرباح الشركات، ولكن العجز ينخفض ببطء، رغم الأضْرار التي لَحقَت بمواطني هذه الدول، بسبب خفض الإنفاق الحكومي والخصخصة وإلغاء الدعم، والضرائب غير المُباشِرة (ضريبة الإستهلاك أو القيمة المضافة)… ارتفعت قيمة الدَّيْن العام في الدول النفطية العربية من نسبة 13% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2013 إلى 33% سنة 2018…

عندما انخفضت أسعار النفط، منتصف سنة 2014، واصلت السعودية إغراق الأسواق بالنفط الرخيص، حيث انخفض سعر البرميل إلى ثلاثين دولارا، وكان الإعلام السعودي يَدّعِي إن إغراق الأسواق بالنفط الرخيص سوف يُمَكِّنُ السعودية من المحافظة على حصتها من الأسواق، وإن ارتفاع تكاليف إنتاج النفط الصخْرِي، مع انخفاض سعر البرميل، سوف يُؤَدِّي حَتْمًا إلى إفلاس شركات أنتاج النفط الصخري، وإلى توقّفها عن الإنتاج، لكن الحكومة الإتحادية الأمريكية والحكومات المحلية دعمت الشركات التي طورت تقنيات الإستخراج، مما خفض سعر تكلفة إنتاج البرميل، مما جعل من أمريكا مُنافِسًا خطيرًا لمُنْتِجي النفط (مجموعة “أوبك” وروسيا)، ويُتَوَقّعُ أن يرتفع إنتاج حوض “بيرمين”، في جنوب الولايات المتحدة، بين ولايتي “تكساس” و”نيومكسيكو”، سنة 2020 إلى 4,8 ملايين برميل يوميًّا من النفط الصّخْرِي، أو ما يزيد عن 35% من حجم الإنتاج الأمريكي من النفط، بحسب بيانات وكالة الطاقة الأمريكية، أو ما يعادل إنتاج عدد من دول مجموعة “أوبك”، لِتُصْبح أمريكا مُصَدِّرًا هامّا ومنافسًا لبلدان “أوبك” ولروسيا في سوق النفط العالمية، وبينما يتراوح إنتاج السعودية وروسيا بين عشرة وإحدى عشر مليون برميل يوميا، رفعت الولايات المتحدة إنتاجها من معدل سبعة ملايين برميل، إلى قرابة 12 مليون برميل يوميًّا، قبل دخول حقول ضخمة من النفط الصخري مرحلة الإنتاج، فيما تعمل الشركات الأمريكية على بناء الأنابيب والخزانات وتوسيع الموانئ، لتكون جاهزة عند دخول حقول النفط والغاز الصخريّيْن مرحلة الإنتاج، وبدأت أمريكا بالفعل منافسة السعودية وروسيا، في أسواق أوروبا وآسيا، مما أجبر مجموعة “أوبك” وروسيا على التعاون، بداية من 2016، لتعديل حجم الإنتاج، والمحافظة على أسعار تفوق خمسين دولارا للبرميل، ولكن زيادة الأسعار دَعمت موقع شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكية، ورَفَعَتْ من هامش أرْباحِها…

تَطَوَّرَ إنتاج النفط الصّخري بفضْل استخدام التقنيات الحديثة، والحفر الهيدروليكي، باستعمال كميات كبيرة من المياه المضغوطة الممزوجة بالمواد الكيماوية، لكسر الصخور واستخراج النفط المحصور في ثقوبها، وأثارت هذه التقنيات تخوفات مَشْرُوعة من تسرب المواد السّامة وامتزاجها بمياه الشرب للمناطق المجاورة للحقول والآبار النّفطية…

أدّت زيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي إلى اضطرار السعودية للتفاوض مع روسيا والإتفاق على خفض الإنتاج والصادرات، وانخفض إنتاج السعودية من 11 مليون برميل خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018 إلى 10,2 ملايين برميل خلال شهر كانون الثاني/يناير 2019، وخفض الصادرات (السعودية) إلى حوالي 7,2 ملايين برميل، ورغم توقعات ارتفاع الطلب على النفط بأكثر من 1,5 مليون برميل يوميا سنتي 2019 و 2020، أو أن يتجاوز الطّلب الإجمالي مائة مليون برميل يوميا، نظرًا لارتفاع الطلب المُتوقَّع من دول آسيا (الهند والصين) ومن دول منظمة التعاون الاقتصادي، يتوقع أن يبقى ارتفاع أسعار النفط الخام مَحْدُودًا، بسبب الزيادات المتوقَّعَة لإنتاج النّفط الصّخْرِي، مما يُمَثِّلُ تَحَدِّيًا لكبار المنتجين (السعودية وروسيا)، وتهديدًا مُسْتَمِرًّا بهبوط أسعار النفط خلال السنوات المقبلة…

نشرت وكالة الطاقة الدولية دراسة بشأن التغيرات المستقبَلية في استهلاك منتجات النفط، واستَنْتَجَت الدّراسة، ارتفاع الطلب على مشتقات النفط “الخفيف” (ويعتَبَر النفط الصخري من النّوع “الخفيف”)، مثل “إيثان” و نفط الغاز المسال و”نافثا”، وانخفاض الطلب على مشتقات النفط “الثّقيل”، الذي يحتوي كميات كبيرة من الكبريت، مثل وقود السُّفُن، كما إن تطوّر صناعة السيارات قد يُؤَدِّي إلى زيادة الطلب على السيارات الكهربائية أو الهجينة، وقد يُؤدِّي تطوير توليد الطاقة الكهربائية من المياه والشمس والرياح إلى الإستغناء عن النفط والفحم، من جهة أخرى استنتجت الدراسة ارتفاع الطلب على المنتجات الخفيفة في الصناعات الكيماوية من 19% (من إجمالي استهلاك النفط) سنة 2018 إلى نحو 23%، خلال عِقْدَيْن، بحسب بيانات وتوقُّعات وكالة الطاقة الدولية، التي تتوقع أيضًا انخفاض استهلاك وقود البنزين بنحو 50% والديزل بنحو 35% خلال عقْدَيْن، وارتفاع استهلاك “إيثان” و”نافثا” والغاز المسال بنحو 25%، وسوف تَضْطَرُّ هذه المُتَغَيِّرات مصانع تكرير النفط (المصافي) إلى التّأَقلُم مع الطلب، وإلى زيادة إنتاج مشتقات النفط الخفيفة…

تطورت قطاعات الصناعة خلال القرن العشرين، بفضل اكتشاف النفط الذي عَوّضَ الفحم الحجري تدريجيّا، وخصوصًا خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وبالتوازي مع هذا التطور، في استخدام النفط (أي زيادة الإنتاج والتصدير)، تطورت التّيّارات التي تُطالب بمكافحة التغير المناخي، وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، واغتنمت بعض الشركات الفرصة لتحصل على تمويلات حكومية بهدف تطوير البحوث والتجارب، لتطوير واستخدام الغاز والطاقات البديلة (من الشمس والرّياح)، ومادة الليثيوم لصنع البطاريات، في إنتاج الكهرباء ووقود وسائل النّقل ومختلف القطاعات الصناعية، وتَطَوّرَ البحث العلمي بخطى سريعة خلال الربع الأخير من القرن العشرين، ليُصْبِحَ الإستخدام التجاري (على نطاق واسع) للطاقة البديلة مُمْكِنًا، مما يُخَفِّضُ اعتماد اقتصاد الدول الصناعية الكُبرى على واردات النفط…

يتنزّل اهتمامنا في هذه النشرة الإقتصادية بإنتاج النفط وبأسعاره، ضمن اهتمامنا باقتصاد البلدان العربية، وتَضم السعودية، أحد أكبر مُنتجي النفط في العالم، وقَطَر، أحد أكبر مُنْتِجي الغاز في العالم، ولكن اقتصاد جميع هذه البلدان المنتجة للنفط، من الجزائر إلى الخليج والعراق، بقي اقتصادًا ريعِيًّا، ولم تُنْفِق الحكومات (الجزائر والعراق) والأُسَر المالكة لِمَشْيَخات الخليج، عائدات النّفط لتصنيع النفط الخام، أو لتحقيق الإكتفاء الذاتي في مجالات الغذاء والأدوية، أو التصنيع… البيانات الأساسية من وكالة الطاقة الدولية (بين تشرين الثاني/نوفمبر 2018 و آخر كانون الثاني/يناير 2019) + وكالة رويترز (بتصرف وإضافات07 و08 و 09/02/2019

 فلسطين: تُهَدّدُ مخططات العدو،  التي أُعْلِنَ عنها في بداية سنة 2019، جنوب ووسط الضفة الغربية، بالإضافة إلى وادي الأردن (الأغوار). تهدف هذه الخطة إلى تحويل المنطقة المُحيطة بالبحر الميت إلى منطقة سياحية ضخمة تجتذب في غضون بضع سنوات أكثر من 35 مليون سائح (سياحة دينية، أو طِبِّيّة أو سياحة “عادية”) سنوياً. إن بناء مطار، جنوب فلسطين المحتلة (بالقرب من العقبة)، والذي أثار احتجاج حكومة الأردن ، هو جزء من هذه الخطة. لكن فلسطينيي منطقة “النّقَب” في الجنوب (الأراضي المحتلة سنة 1948) هم الضحايا الرئيسيون لخطط الاستعمار الإستيطاني الصهيوني، لأن سلطات الاحتلال ترفض الاعتراف بأكثر من أربعين قرية (كانت موجودة قبل العام 1948)، ومنذ عقود، يُدَمِّرُ الجيش المباني ويقتلع الأشجار والنباتات، ويجْرف أراضي الزراعية، ويرشها بمواد سامّة وخطيرة … أعلنت حكومة الاحتلال (يوم 06/01/2019) عن خطة طرد ما يقرب من أربعين ألف فلسطيني من النقب، بالإضافة إلى خطط التدمير التي بدأت في أحياء مُدن اللّدة وعَكّا، وغيرها من مدن الأراضي المحتلة سنة 1948، وكذلك مدينة القدس، وتعتزم دولة الإحتلال توطين مئات الآلاف من المستعْمِرِين الجدد، قبل العام 2040، في المناطق الواقعة بين الأراضي المحتلة سنة 1948 وتلك التي احتلتها سنة 1967…

أثبتت الدراسات الإحصائية أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية قد ارتفع من  مائة ألف مستوطن سنة 1992 إلى نحو 450 ألف سنة 2018، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب 200 ألف ﻓﻲ اﻟﻘﺪس، وهم مستوطنون مسلحون، يطلقون النار على الفلسطينيين، ويقتلعون الأشجار، ويحرقون ويجرفون الأراضي المزروعة، ويمنعون جَمع محاصيل الفواكه والخضروات والحبوب، ويحتلون المنازل، مع طرد مالكيها الفلسطينيين، وتحصل هذه العمليات من قِبَل مستوطنين مُسلّحين، وتحت حماية جيشهم الذي يصادر الأراضي، ليحولها إلى مناطق عسكرية، لتدريب الجنود على الرماية، وإلى مستودعات لتخزين المواد الخطيرة على صحة الإنسان والحيوان وعلى البيئة … عن وكالة “يونيتد برس إنترنشيونال” (يو بي آي) – بتصرف 09/01 و26/01/2019

 المغرب والسعودية، أزمة “مَلَكِيّة“: ارتفعت حِدّة التّوتّر في العلاقات بين الأُسرة الحاكمة في المغرب والأُسْرة المالكة لشبة الجزيرة العربية (آل سعود)، وظهرت الأخبار في بعض المواقع المغربية منذ شهر شباط/فبراير 2018، واتّضَحَ ذلك للعموم، عندما صَوّتَت السعودية والإمارات والبحرين (وكذلك الأردن ولبنان والعراق والكويت)، يوم 13/05/2018، لفائدة لولايات المتحدة، ضد المغرب، بشأن تنظيم بطولة العالم لكرة القدم سنة 2026، وكان المسؤول الرياضي السعودي (تُركي آل الشّيْخ) قد أعلن صراحة إن المغرب يُسَدّد ثمن “الحياد” في الخُصُومة (غير المَبْدَئِيّة) بين السعودية وقطر، واعتبر وزير الرياضة المغربي، خلال مؤتمر صحفي، هذا التصويت “خيانة”، ثم ألغى ملك السعودية قضاء عطلته في مدينة “طنجة” المغربية (حيث كان يُنْفِقُ مع حاشِيَتِهِ حوالي 15 مليون دولارا سنويًّا)، وألْغى وليَّ العهد السعودي زيارته للمغرب (بداية كانون الأول/ديسمبر 2018)، خلال جولة الأخير في بعض البلدان العربية، بسبب رفض ملك المغرب استقبالَه، ورفض المغرب مشاركة جنوده في العُدوان السعودي – الإماراتي على الشعب اليمَنِي، وهاجمت قناة “العربية” السعودية المغرب، بشأن عدد من الملفّات والقَضايا، وتزامنت أزمة السعودية والمغرب مع أزمات أخرى، وتدهور علاقات السعودية مع عُمان والكويت والأردن، بالإضافة إلى العلاقات الفاترة مع العراق وتونس والجزائر والسودان (وجميعها تُقيم علاقات “طبيعية” مع مشْيخَة “قَطَر”)، واستخدمت السعودية سلاح “المُساعدات المالية” ضد المغرب والأردن، منذ بداية 2011، ولم توفِّ بِوُعودِها، بل تَدَخّلت السعودية بشكل سافر في شؤون المغرب والأردن والكويت وغيرها، وعندما انطلقت فضيحة قتل أحد المواطنين السعوديين في قنصلية السعودية بمدينة “إسطنبول” التركية، لم تجد السعودية الدّعم من الصّحف والأنظمة العربية، عندما تعرّضَتْ لنقدٍ عنيف من الصحف الأوروبية والأمريكية…

أصبحت العلاقات “فاتِرَة” بين المَمْلَكَتَيْن، إثر القمة الخليجية المغربية في نيسان/أبريل 2016 التي بحثت قضايا “التّهديدات الأمنية”، ولكن السعودية والإمارات لم تُنَسِّق مع حُلفائها، بل انفردت بقرار الحرب على شعب اليمن، بينما سعى المغرب إلى “حل سلمي داعم لمجهودات المبعوث الأممي”، لكن السعودية والإمارات أفشَلَتْ هذه الجُهُود، بحسب الصحف المغربية، مما أدّى إلى تجميد المغرب مشاركته في العمليات العسكرية، وفي الاجتماعات الوزارية في إطار التحالف العربي…

دعت حكومة المغرب، سنة 2017، إلى “حوار صريح وشامل، مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية”، بشأن أزمة السعودية مع قَطَر، مما جعل سلطات السعودية والإمارات تستقبل ملك المغرب بفُتُورٍ غير مَعْهُود، ولا يحترم “الأعْراف الدبلوماسية”، وتوجّه ملك المغرب من الإمارات إلى قَطَر، في زيارة رسمية، رغم الحصار السعودي والإماراتي، وقد تكون “القطرة التي أفاضت الكأس”، والسّبب في خروج الخلاف من الدّوائر الدبلوماسية إلى العلن، عبر وسائل الإعلام، واتهمت المغرب إن السعودية سدّدت رشاوى لبلدان فقيرة للتصويت ضد احتضان المغرب لنهائيات بطولة العالم لكرة القدم سنة 2026…

رَوّجت الصحف المُوالية لمشيخة “قَطر” انزعاج الملك سَلْمان من تدهور العلاقات مع بعض الدول العربية، ومن بينها المغرب، واستَلَم ملف هذه العلاقات من ابنه محمد بن سَلْمان، ولكن ذلك كان بعد فوات الأوان، حيث استدعت حكومة المغرب سفيرها بالسّعودية، يوم الجمعة 08/02/2019، “لإجراء مُشاوَرات”، وذلك للمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين البلدَيْن، بعد تَدَهْوُرِ هذه العلاقات، وبعد نَشْرِ قناة “العربية” ملفًّا عن الصحراء الغربية، لا يتماشى والمواقف السعودية السابقة الدّاعمة للدولة المغربية، بشأن هذا الملف، بحسب وكالة “أسوشيتد برس”، واستدعى المغرب أيضًا سفيره في الإمارات (مقر قناة “العربية”، السعودية)، وبذلك أصبحت الحرب مُسْتَعِرَة بين المغرب الذي يعتبر مسألة الصحراء أكبر قضية حسّاسة، والسّعودية التي تعتبر الموقف من قَطَر (في الوقت الحالي) من أهم المقاييس التي تُحَدّد علاقاتها (إلى جانب إيران)، وسبق أن عيّن ملك المغرب (الحاكم الفعلي للبلاد) حكومة يُهيمن عليها الإخوان المُسلمون الذين تدعمُهُم مَشْيَخَة “قَطر”، وكذلك تُركيا، وشكلت مجمل هذه العوامل، أُسُسًا لأزمة عَلَنِيّة حادّة بين المَمْلَكَتَيْن (السعودية والمغرب)، ظَهَرَتْ للعموم، عندما دعمت السعودية ملف الولايات المتحدة، ضد المغرب، بشأن تنظيم نهائيات بطولة العالم لكرة القَدَم سنة 2026، وإلغاء الملك سَلْمان إجازته الصّيْفِية السّنَوية في مدينة “طنْجَة” المغربية، وظهور وزير الخارجية المغربي على قناة “الجزيرة” القَطَرِيّة، وإعلانه الإنسحاب من “التحالف” الذي يقود العدوان على شعب اليمن، وعدم المُشاركة في مناورات عسكرية كانت مُقَرّرَة لهذا “التّحالف” الذي تقوده السعودية…

بثَّت قناة “بي بي سي” البريطانية برنامجًا مُوثَّقًا عن خطف السلطات السعودية (بدعم من المخابرات الأوروبية) بعض الأُمراء السّعوديين المعارضين، كانوا يُقيمون في أوروبا، من بينهم “سلطان بن تركي بن عبد العزيز” الذي وقَعَ تخديره قبل نقله من جنيف إلى الرياض، وساعدت ظُرُوف أُخْرى الأمير “عبد العزيز بن عبد الله” (كان يشغل نائب وزير الخارجية عندما كان والده ملكا) ليهرب من السعودية ويقيم في باريس، وكان إثنان من إخوتِهِ (متعب وتركي) مُعْتَقَلَيْن في فندق “ريتز كارلتون”…

كان المغرب قد سَلّم سابقًا الأمير “تركي بن بندر” إلى السعودية سنة 2015، لأنه طالب بإصلاحات سياسية، فأصدرت السلطات السعودية ضده مذكرة اعتقال، بتهمة ارتكاب جنايات، ولكن أظْهَرت أزمة العلاقات السعودية المغربية، والحملات الإعلامية التي رَافَقَتْها، واستدعاء السفير المغربي بالرّياض، تراجُع الدّور السعوديّ عربيا وعالميًّا، رغم الدّعم (المَحْدُود) الأوروبي والأمريكي، ما دامت السعودية تقوم بالدّوْر الوظيفي، ومن مؤشّرات التّراجع، رفض المغرب تسليم الأمير “منصور” بن الملك السابق “عبد الله” الى السلطات السعودية، ورفض رفع من الحراسة عنه في إقامته في قصر أبيه في الدار البيضاء، وكان الأمير منصور قد لجأ من فرنسا إلى المغرب ليقيم في قصر أبيه، بعد اعتقال عدد من الأمراء ورجال الأعمال في فندق “ريتز كارلتون” خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018، كما رفض المغرب الكشف عن حسابات الأمراء السعوديين وممتلكاتهم في المغرب، وخَفّفَت السعودية من الضّغط على المغرب والأردن، إثر اغتيال جمال خاشقجي في أسطنبول…

اختارت حكومة المغرب توقيت إعلان الإنسحاب من التحالف (الذي تقوده السعودية)، بنهاية سنة 2018، بعد إسقاط المُقاومة اليمنية طائرة “إف 16” مغربية ووفاة الطّيّار، وبعد اهتزاز نفوذ وسلطة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وبعد إعلان الولايات المتحدة وقف تزويد الطائرات السعودية والإماراتية بالوقود جواً، وبعد فشل حكومة المغرب في الحُصُول على الدّعم المالي السعودي  المَوْعُود… عن وكالة “بلومبرغ” + موقع بي بي سي + وكالة “أسوشيتد برس” بين 18/02/2018و10/02/2019

تونس: أعلنت الحكومة إن موازنة سنة 2019 تبلغ 41 مليار دينارً (ما يُعادل 13,7 مليار دولارا)، وتبلغ النفقات الحكومية نحو 25 مليار دينارًا، أو ما يُعادل ثمانية مليارات دولارا، ولكن الحكومة لا تمتلك المبالغ المُعدّة للإنفاق، بل تسعى لاقتراض نحو عشرة مليارات دينارًا، أو ما يعادل 3,4 مليار دولارا، ويشترط صندوق النقد الدولي – مقابل قرض بقيمة 2,8 مليار دولارا سنة 2016- خفض قيمة الدّينار، وإلغاء دعم السّلع والخدمات الأساسية، وتجميد الرواتب، وتسريح الموظفين، وعدم تعويض المُتَقاعدين، مع خفض الضرائب على أرباح الشركات، وزيادة الضريبة على الرواتب، بالإضافة إلى الضرائب غير المباشرة، وغير ذلك من الإجراءات التي تزيد من تعميق الفجوة الطبقية، وأظهرت تقارير منظمات محلية عديدة، تدهور وضع العُمال والموظفين والفُقراء والفئات الوُسْطى، مما أثار احتجاجات بعض الفئات المتضررة من هذه السياسات، التي أعادت البلاد إلى ما قبل سنة 2011، فارتفعت نسبة البطالة بنهاية سنة 2018 إلى نحو 15,5% من القادرين على العمل (قُوّة العمل) ونسبة التضخم إلى 7,5% وتراجعت قيمة الدينار بأكثر من 40% منذ سنة 2010، وفق تقديرات المنتدى الإقتصادي والإجتماعي، مع ارتفاع عجز الموازنة، وتراجع احتياطي العملة الأجنبية، وقَدّرَتْ بيانات البنك العالمي تراجُعَ الدّخل الحقيقي للأُجَراء (أو ما يُسمّى “المقدرة الشرائية”) بنحو 55% بين سنتَيْ 2011 و 2018، في ظل انخفاض قيمة الدّينار وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، وارتفاع نسبة التضخم، وارتفاع قيمة العجز التجاري، وتراجع الاستثمارات، مع انخفاض قيمة الصادرات، وعائدات السياحة، وانخفاض احتياطي العملات الأجنبية…

لم تخصص الحكومة زيادة في رواتب موظفي الدولة والقطاع العام في ميزانية سنة 2019، مما أثار غضب النقابيين، فاعلن الإتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد نقابات الأُجَراء) أضرابا عامًّا أولاً، وأضرب عُمّال ومُوَظّفُو القطاع العام ليوم واحد، يوم 17/01/2019، من أجل زيادة الرواتب، فأغلقت المكاتب الحكومية ومؤسسات الخدمات بالقطاع العام، وتوقفت حركة النقل والمدارس والإعلام والمستشفيات، باستثناء خدمات الطوارئ، وطالب آلاف النقابيين، خلال التظاهرات في مختلف أنحاء البلاد، برحيل الحكومة ورئيسها، الذي أعلن “إن الإضراب سيكون مكلفا للغاية ولكن الحكومة لا تستطيع زيادة الرواتب”، وكانت بعثة صندوق النقد الدولي قد أمرت في أحد تقاريرها (تموز/يوليو 2018) خفض “كُتْلَة الرواتب”، وخاصة رواتب العاملين بالقطاع العام، لأنها تعتبرها مُرْتَفِعَة، ولكن إقرار النّقابيين تنفيذ إضراب عام ثاني قبل مُوفَّى شهر شباط/فبراير، أجبر الحكومة على التراجع، وعلى إقرار زيادة رواتب موظفي القطاع العام…

ذكر تقرير نشَرَتْهُ وكالة بلومبيرغ الأمريكية، في بداية شهر شباط/فبراير 2019، إن المؤشرات الإقتصادية والإجتماعية تُبَيِّنُ إن وضع التونسيين أسوأ مما كان عليه سنة 2011، بسبب تراجع نسبة النمو وارتفاع نسبة البطالة وارتفاع الأسعار ونسبة التضخم، وغير ذلك من المؤشرات التي عَمّقت الهُوّة بين الأثرياء والفُقراء، مما يُبَرِّرُ الإحتجاجات التي لم تتوقف في جميع مناطق البلاد، لكن ميزان القوى لا يزال في صالح تحالف الإخوان المسلمين (حزب النّهضة) و”الدّساترة” بأحزابهم ذات الأسْماء المُتَعَدِّدَة… وكالة “بلومبرغ” + “رويترز” 10/02/2019

 ليبيا، من اليُسْرِ إلى العُسْرِ، “بِفَضْل” قنابل “نّاتو“: لعبت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وتركيا ودُوَيْلات الخليج دَوْرًا أساسيًّا ورئيسيا في القضاء على مُقوّمات الدّولة في ليبيا، وتقسيم البلاد إلى ثلاثة مناطق وعودة راية (عَلَم) فترة الإستعمار الأوروبي (الإيطالي والبريطاني)، وبعد تخريب البلاد، مَكّنت قوات حلف شمال الأطلسي المليشيات والمجموعات الإرهابية من نَهْبِ السّلاح الثقيل والخفيف من الثكنات، ثم هَرّبت سفن تركيا أوروبا وأمريكا السلاح والمقاتلين الإرهابيين نحو سوريا… بعد إعلان الولايات المتحدة سَحْبَ قُواتها من سوريا (لم يُعْلَنْ عن وُجودها سابقًا)، أَعلن وزير خارجية أمريكا “احتمال انتقال مُسَلّحِي تنظيم داعش من سوريا إلى ليبيا، وإلى الإستيلاء على أراضي شاسعة في منطقة الصحراء الكبرى، والتّمَرْكُز فيها…”، مما يُبَرِّرُ “مَنْعَهُم من الإستيلاء على الأراضي، والحَدِّ من قُدرتهم المالية”، وفق تصريح وزير الخارجية الأمريكي، فيما أعلنت فرنسا رسميًّا “استئناف القصف الجوِّي للمجموعات الإرهابية في المناطق الحدودية بين ليبيا وتشاد”، ودَعم الجيش الفرنسي قوات “خليفة حفتر” (بمساعدة مصر والإمارات والسعودية) للسيطرة على حقل “الشرارة” النّفْطِي، أحد أهم حُقُول البلاد، بينما تدعم تركيا وقَطَر حكومة خَصْمِهِ (حكومة “الوفاق الوطني”) وزعيمها “فائز السّرّاج”…

تُهيْمن المليشيات المُسلّحة، والمَدْعُومة من السعودية والإمارات ومصر، أو من قَطَر وتركيا، أو من دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، على مواقع إنتاج النفط، وعلى الموانئ، وتُشرف على عملية المُتاجَرَة بالبشر، ونقل المهاجرين من سواحل ليبيا إلى سواحل جنوب أوروبا، في ظروف خطيرة، وقاتلة أحيانًا كثيرة، أما المواطنون فيعانون من ارتفاع أسعار الغذاء والدواء وشح السيولة في المصارف وانقطاع الكهرباء، وتلوّث المياه، وغير ذلك من مشاكل الحياة اليومية، وكانت ليبيا، قبل تخريبها، مَقْصَدًا للمهاجرين من مصر والمغرب العرب ومن الدول الإفريقية المُحيطة بالصحراء الكُبْرَى، وأصبحت الآن مَمَرًّا لعبور المهاجرين نحو أورويا، بإشراف المليشيات الإرهابية، واهتمت وسائل الإعلام الأوروبية ب”غزْو المهاجرين لأوروبا” (“غَزْو” الفُقراء المُسالِمين، بهدف البقاء على قيد الحياة)، لكنها لم تهتم بمصير الشعب الليبي الذي تَدَهْوَرَ وَضْعُهُ، منذ الحرب الأطْلَسِيّة على بلادِهِ، ولجأ حوالي 1,8 مليون ليبي إلى تونس ومصر (من إجمالي ستّة ملايين مواطن)، في بداية الحرب، ولا يزال العديد منهم في تونس، بينما هَرَب الأثرياء إلى أوروبا، وبقيَ الفُقراء يُعانون داخل البلاد، من أجل الحصول على الطعام والدّواء، وأعلن ناطق باسم الأمم المتحدة، يوم الثلاثاء 05 شباط/فبراير 2019، “إطلاق خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2019، بالتعاون مع حكومة الوفاق الوطني في ليبيا”، لتوفير الدعم الصحي والحماية والمياه والصرف الصحي والمأوى والدعم التعليمي لأكثر من 550 ألف شخص من المستضعفين، وقَدّرت الأمم المتحدة تكاليف الخطّة بمبلغ 202 مليون دولارا، أي إن شعب ليبيا الذي نهبت المصارف العالمية أمواله المُودَعة بها أصبح يعاني المجاعة، مثل شعب الصومال أو اليمن، بسبب التخريب والنّهب الذي سبّبته الحرب منذ شباط 2011، وأدّت الحرب (بحسب الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة)، إلى عدم الاستقرار وانعدام الأمن في البلاد، وإلى خسائر فادحة للآلاف من الأسر التي لم تَعُدْ تستطيع الإنفاق على الغذاء والماء والمواد الأساسية”، وقدّرت الأمم المتحدة عدد المُحتاجين إلى المساعدة بشكل عاجل، “بما لا يقل عن 823 ألف شخص، من بينهم ليبيا، ربع مليون طفل، بالإضافة إلى النازحين والمشردين داخليا، والعائدين، والمتضررين من الحرب واللاجئين والمهاجرين، الذين يتعرّضُون إلى سوء المعاملة، وإلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، في غياب سيادة القانون…”، وانتشر الفَقْرُ الظّاهِر للعيان، في ليبيا، في المناطق الحضرية المأهولة بالسكان، وخاصّة في  في منطقة “سرت” الساحلية وفي جنوب البلاد (مرزق وسبها والكفرة…)، وهي مناطق تتصف بعدم الاستقرار، وأعلنت الأمم المتحدة إن الخراب لحق كافة مجالات الحياة، مما يتطلب العمل على توفير الغذاء، بشكل عاجل، لأن 21% من الأطفال الذين تقل أَعْمَارُهم عن خمس سنوات، يعانون من سوء التّغْذِية المزمن، وعلى المدى المتوسط، أعلنت الأمم المتحدة إنها تعمل على دعم الزراعة والثروة الحيوانية والصيد البحْرِي، للتخفيف من حدة الجوع ونقص الغذاء، الذي اضطر السكان إلىخفض عدد الوجبات اليومية، وخفض قيمتها الغذائية، والحد من النفقات غير المتعلقة بالغذاء، لا سيما الصحة والتعليم، وتعتبر الأمم المتحدة إن نقص المياه النظيفة أصبح يشكل خَطرًا على صحة السكّان، بالإضافة إلى خراب شبكة الصرف الصحي، وانعدامها أحيانًا كثيرة، في المدارس وفي المناطق المهمشة ومخيمات النازحين واللاجئين، ناهيك عن مخاطر الألغام على لأطفال والمجتمعات المحلية… 

وَرَد في بيان للأمم المتحدة إن نقص الغذاء يعود في جُزْءٍ منه إلى انقطاع الطرقات الداخلية، وإلى سيطرة المليشيات على الموانئ التي تصلها السُّفن المحمّلة بالغذاء، مما رفَع أسعار معظم المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز ودقيق القمح بنسبة تزيد عن 200% مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، وتضاعف سعر الخبز خمس مرات في بعض المناطق، وأعلنت الأمم المتحدة مساعدة 96 ألف شخص في كانون الأول/ديسمبر 2018 (من إجمالي 823 ألف أحْصَتْهُم منظمات الأمم المتحدة)، ونحو 102 ألف شخص في شهر كانون الثاني/يناير 2019… وكالة “أكي” (إيطاليا) + وكالة “رويترز” + موقع قناة “روسيا اليوم06/02/2019

 مصر، جِسْرُ التّطبيع الإقتصادي العربي: تُشَكّل مصر الحلقة الأساسية في مشروع هيمنة الكيان الصهيوني على دول المشرق العربي، وبعد التطبيع السياسي، بدأت مرحلة التطبيع الإقتصادي باتفاقية “كويز”، وإدْراج نسبة مُحَدّدة من مكونات مستوردة من الكيان الصهيوني ( ما بين 10% و 12% )، ليدخل إنتاج المصانع المصرية والأردنية سوق الولايات المتحدة، برسوم جمركية منخفضة، ولكن اكتشاف كميات ضخمة من الغاز في عرض سواحل فلسطين المحتلة جعل من الكيان الصّهيوني مُصَدِّرًا للغاز الطبيعي نحو مصر والأردن، بشروط مُشِطّة اقتصاديا وسياسيا، وأصبحت مصر (بموافقة حكومتها) جِسْرًا للتطبيع الإقتصادي، وقاعدة للهيمنة الصهيونية على حلف تعمل الولايات المتحدة على إنشائه، بقيادة الكيان الصهيوني وعضْوِيّة الدول العربية، ولعبت مصر دورًا أساسيا في انعقاد منتدى “حلف غاز الشرق الأوسط”، (الكيان الصهيوني ومصر والأردن وإيطاليا واليونان وقبرص)، بإشراف أمريكي مباشر، وبحضور “رَمْزِي” لسلطة أوسلو وللإتحاد الأوروبي، وتعددت زيارات المسؤولين الحكوميين الصهاينة لمصر، من أجل تثبيت هيمنة دولة الإحتلال، عبر الطّاقة (رغم اكتشاف كميات هامة من الغاز في سواحل مصر)، والإتفاق على التعامل مع القضية الفلسطينية من خلال الأمن والإستخبارات، وأصبحت مصر مُشْتَرِيًا للغاز المنهوب من فلسطين، ومَمَرًّا لهذا الغاز نحو الدول العربية، وإلى السوق الأوروبية، وبوّابَةً للمصالح الإستراتيجية الأمريكية والصهيونية، عبر مُخَطّطات خطيرة، مثل “صفقة القرن”، بمشاركة نَشيطة للسعودية ومَشْيَخَات الخليج… عن بوّابَة “الأهرام” (بتصرف)05/02/2019

 اليمن – عرب النّفط وتجارة القتل: تُنْتِج السعودية والإمارات نَفْطًا، وتُصَدِّرُهُ خامًّا، ولكنها لا تنتج أسلحة، بل تستخدم عائدات النّفط لشراء أسلحة، تُسلِّمُها إلى مليشيات إرهابية في سوريا والعراق، أو في اليمن، حيث يَشُنُّ جَيْشا الدُّوَيْلَتَيْن (بمساعدة المُرْتَزقة، والمليشيات الإرهابية) حربًا عُدْوانية ضد الشعب اليمني، بمعدات عسكرية أمريكية وأوروبية، ويَقْتُلُ هذان الجيشان (السعودي والإماراتي) العديد من المدنيين اليمنيين ويرتكبون المجازر وجرائم الحرب منذ حوالي أربع سنوات، بحسب تقرير منظمة “العفو الدولية” تحت عنوان “عندما تضل الأسلحة طريقها …”. يذكر التقرير إن الإمارات أنفَقَتْ مليارات لتسليح الميليشيات التي ترتكب جرائم حرب، تحت إشراف الجيش الإماراتي، وبسلاح تسلمته من الإمارات (مدرعات ومدافع هاون وبنادق ورشاشات…)، وتُرتَكَبُ هذه المجازر، من أجل تحقيق هدف الإمارات، التي تريد أن تصبح القوة البحرية الاقليمية الكبرى في مضيق باب المندب وخليج عدن.

استخدمت منظمة “العفو الدولية” البيانات العامة المُتاحة، لِتَسْتَنْتِجَ أن دُوَليْة الإمارات اشترت منذ شهر آذار/مارس 2015 (التاريخ الرسمي لبداية العدوان ضد شعب اليمن) أسلحة بقيمة 3,5 مليارات دولارا، من جنوب أفريقيا وأستراليا وبلجيكا وألمانيا والولايات المتحدة وفرنسا وبلدان أخرى، وباعت جميع هذه الدول وغيرها أسلحة للسعودية، التي تقود الحرب وترتكب مجازر في اليمن، وأنفقت في المتوسط 553 مليون يورو سنويًّا، لشراء الأسلحة الفرنسية، بين 2011 و 2015، وارتفعت قيمة شحنات الأسلحة الفرنسية للسعودية سنة 2016 إلى نحو 1,1 مليار يورو، وإلى 1,4 مليار يورو سنة 2017، وتمثل هذه المبالغ حوالي 10% فقط من قيمة إجمالي المشتريات السعودية للأسلحة، وتتفاوض شركة (تاليس) الفرنسية على صفقة تجديد معدات رادار ومعدات الدفاع الجوي للجيش السعودي سنة  2019 وبيع أنظمة عسكرية إلكترونية أخرى للجيش السعودي، وتُبَرِّرُ الحكومة الفرنسية (والحكومات الأوروبية الأخرى)، وحتى نقابات العُمّال، إنتاج وبيع الأسلحة والمساهمة في احتلال البلدان وتقتيل المَدَنِيِّين، بضرورة الدفاع عن الوظائف في قطاع صناعة السّلاح، والدفاع عن المصالح الإقتصادية، أما في فرنسا، فإن البرلمان لا يملك أية وسيلة لمراقبة عمل الحكومة، ولا مبيعات الأسلحة، أو مشاركة الجيش الفرنسي في كافة الحُرُوب العدوانية في العالم، من أفغانستان إلى إفريقيا الغربية، مرورًا بسوريا والصومال وليبيا ومالي وغيرها، وتقدر التّقارير الحُكومية الفرنسية قيمة مبيعات الأسلحة الفرنسية بنحو سبعة مليارات دولارا سنة 2014، منها حوالي أربعة مليارات دولارا إلى ما يعتبرها التقرير منطقة “الشرق الأوسط”، وبالتحديد إلى الكويت وقطر والإمارات والسعودية ومصر… عن منظمةالعفو الدولية” + أ.ف.ب 06 و 11/02/2019

 البرازيل الرّسميّة، والبرازيل الشّعبية: زار رئيس وزراء العدو البرازيل (بداية من 28/12/2018 )، لأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني، وكانت مناسبة هذه الزيارة، تَنْصِيب رئيس من اليمين المتطرف في البرازيل (جايير بولسونارو، يوم 01/01/2019)، بدعم من المسيحيين الصهاينة، الذين تكاثروا من خلال برامج وخطط تُموّلها أمريكا، ولكن مئات السائحين والمواطنين البرازيليين واجَهُوا رئيس وزراء العدو باحتجاج شعبي، أجْبَرَهُ على إلغاء زيارته لموقع “تمثال المسيح الفادي” الشهير في مدينة “ريو دي جانيرو”، واضطر إلى البقاء في سيارته وسط حراسة مشددة، في طريق عودته إلى الفندق، في تناقض مع موقف الحكومة البرازيلية اليمينية التي أعلن رئيسها دَعْمَهُ للإحتلال، والاعتراف بالقدس عاصمة له، وأبرم معه عدة اتفاقيات تعاون، رغم هتافات المواطنين ضد “نتن ياهو”، ورغم ضخامة اقتصاد البرازيل وارتفاع عدد سكانها إلى قرابة 200 مليون نسمة، لا يتجاوز حجم التجارة مع الكيان الصهيوني 1,12 مليار دولارا، سنة 2017، وتَحسُّبًا لمقاطعة عربية لصادرات اللحوم والإنتاج الزراعي البرازيلي، يسعى الرئيس البرازيلي إلى تعويض الخسائر المُحْتَمَلَة، بالحصول على تسهيلات أميركيّة، وخفض الرسوم الجمركية على صادرات البرازيل من الصلب والألمنيوم…

خلق التقارب بين الكيان الصهيوني واليمين المتطرف الذي يُمثِّلُهُ رئيس البرازيل و”الحزب الإجتماعي الليبرالي”، والمسيحيون الصهاينة، خلافات مع أجنحة أخرى من اليمين البرازيلي، خاصة بشأن مسألة الإعتراف بالقدس عاصمةً لدولة الإحتلال، وأعرب جزء من المؤسسة العسكرية التي يمثلها الجنرال “هاميلتون موراو”، نائب الرئيس البرازيلي، معارضته لهذا الإعتراف، رغم تصريحاته بضرورة “توجيه المعركة ضد حزب العمال”، بالإضافة إلى خلافات قديمة، إذ يُؤَيِّدُ الجنرال “هاملتون موراو” حرية للمرأة في اتخاذ قرار الإجهاض (خلافًا للرئيس والكنيسة الإنجيلية التي تَدْعَمه)، كما يحاول الجنرال (نائب الرئيس) النّأي بنفسه عن قضايا الفساد والرّشْوة التي يحقق فيها القضاء ضد زوجة الرئيس “ميشالي بولسونارو”، وابن الرئيس “إدواردو بولسنارو”، المتهم بتقاضي أموال غير مصرّح بها… وانفجرت الخلافات أيضًا بشأن الكيان الصهيوني، إثر حلول وفد من 136عسكري صهيوني (استدعاه الرئيس “بولسونارو”)، يوم الأحد 27 كانون الثاني/يناير 2019، ومعه 16 طنًّا من المُعدّات، للمساعدة في البحث عن مفقودي كارثة انهيار سُدّ في بلدة “برومادينيو”، ولكن الضّبّاط البرازيليين أعلنوا “إن الحُلفاء الإسرائيليين للرئيس مُتخصِّصِين في فنون الإستعراض، ولكنهم معداتهم غير مفيدة، وغير صالحة لهذه المهمة، ويجهلون طبيعة الكارثة وخصائصها، وفشلوا في تحديد أماكن الضحايا والمفقودين خلال أكثر من أربعة أيام”، واضطر “فريق الإنقاذ” العسكري الصهيوني إلى الإنسحاب، بعد أربعة أيام من الفشل، بطلب من ضُبّاط الجيش البرازيلي، ورغم ذلك، كرّمتْ حكومة بولسونارو أعضاء الفريق، وَوَدّعَتْهُم في المطار كأبْطال، مما أثار سخطاً شعبياً إضافياً، وتعليقات تُنَدِّدُ “بعدم الإهتمام بالضحايا وأسرهم، وبالإعلاء من شأن الفريق الإسرائيلي، وتَجاهُلِ الجهود الشاقة التي بذلتها فرق الإنقاذ الوطنية العسكرية والمدنية”، وفق بعض وسائل الإعلام المُعارضة، التي نشرت كاريكاتورًا للرسام البرازيلي المعروف “كارلوس لطّوف”، ظهر فيه الرئيس “بولسونارو” عند سلّم الطائرة مرحباً بجنود الاحتلال الذين يعتذرون عن تأخرهم في الوصول نظراً لـ “انشغالهم في قتل الفلسطينيين”… عن صحيفة “فوليا دي ساوباولو” 04/01/2019 + رويترز + أ ف ب 04 و 05/02/2019

 سلفادور، في جبهة الأعداء؟ (فلسطيني عن فلسطيني بِيِفْرق، في “تحريف” لعنوان إحْدى قِصَص “غسان كنفاني”): عاشت دولة “سلفادور” حربًا أهلية بين الحكومة العسكرية و”جبهة فارابوندو مارتي للتحرير” من 1979 إلى 1992، ودعمت الولايات المتحدة الدكتاتورية العسكرية، التي حكمت البلاد، من نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى 1991، بل وساهمت المخابرات والقُوات الخاصة الأمريكية في عدد من المجازر ضد السكان الأصليين والمُزارعين، وخاصة منذ 1972، بذريعة إنهم يدعمون المنظمات الثورية التي تقاوم الحكومة، وأَشْرَفت الأمم المتحدة، بين تشرين الثاني/نوفمبر 1989 وكانون الثاني/يناير 1992، على “مفاوضات سلام” بين الحكومة وجبهة ثوار “فارابوندو مارتي”،  أدّت إلى تنظيم انتخابات عامة، وتداول على السلطة منذ 1992 الحزبان الرئيسيان: حزب التحالف الوطني الجمهوري (يميني “محافظ”) وحزب “جبهة فارابوندو مارتي” الذي أسسه الثوار السابقون (يساري “مُعْتَدل”)، وفاز “نجيب بوكيلة”، رئيس بلدية العاصمة (سان سلفادور)، في انتخاب سادس رئيس منذ انتهاء الحرب الأهلية (منذ 1992)، يوم الرابع من شباط/فبراير 2019، لفترة رئاسية تدوم خمس سنوات، وتَرشَّحَ عن حزب يميني أُطْلِق عليه إسم: “التحالف الكبير من أجل الوحدة”، بدعم من رجال الأعمال والولايات المتحدة وصندوق النقد الدّولي، إثر انتشار فضائح الفساد والرشوة، وظُهورها للعلن، داخل “التحالف الوطني الجمهوري”، ونُفُور المواطنين منه، وزيادة شعور الاستياء من مؤسسات الدّولة، ومن الأحزاب التقليدية، وتنافس في الدّور الثاني للإنتخابات الرئاسية إثنان من المُدافعين عن رأس المال وعن الليبرالية المُعَوْلَمَة، الأول “كارلوس كاييخا”، وهو رجل أعمال ثري، ينتمي إلى “التحالف الجمهوري الوطني”، والثاني “نجيب بوكيلة”، وهو رجل أعمال يميني، يُدافع هو وحزبه “التحالف الكبير من أجل الوحدة” على “المبادرة الحرة” والليبرالية، كما يراها “دونالد ترامب” وكما يراها “صندوق النقد الدّولي”، وذلك باسم “الحَداثَة”، فيما حَلَّ مرشح حزب “جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني”، وزير الخارجية السابق “هوغو مارتينيز”، في المرتبة الثالثة، بأقل من 15% من الأصوات، بعد خيبة أمل المواطنين في قُدْرَة هذا الحزب اليساري (الذي كان حاكمًا) على تحسين وضع العُمال والمُزارعين والفُقراء، واتفق الحزبان اليمينيان على التحالف داخل البرلمان، حتى الانتخابات التشريعية المقبلة سنة 2021، وكان الرئيس الفائز قد وَعدَ خلال الحملة الإنتخابية، “بزيادة الاستثمار في التعليم ومحاربة الفساد”، لكنه تراجع، مباشرة بعد إعلان انتخابه، ليجعل “تعزيز الأمن” في مقدّمة اهتماماته، لأن عُنْفَ عصابات الجريمة المُنظّمَة (التي يُقَدَّرُ عدد أفرادها بحوالي 55 ألف شخص) أودى بحياة قرابة 3500 مواطن في أصغر بلد في أمريكا الوُسطى والجنوبية، ولا يتجاوز عدد السكان 6,3 ملايين نسمة (سنة 2017)، ويبلغ معدّل القتل في “سلفادور”، نحو 51 قتيل عن كل مائة ألف نسمة، وهو أحد أعْلَى مستويات العنف في العالم، خارج إطار النزاعات المُسلّحة…

ركّزت وسائل الإعلام على أجْداد الرئيس السلفادوري الجديد، ولم تُركّز على برنامجه، وعلى مشاريعه المُعْلَنَة، مما يجعل النّقاش ينحرف عن جوهره، والمتمثل في برنامج ومُقترحات مُخْتَلَف المرشحين، من أجل حل مشاكل الفَقْر والعُنف وانتشار عصابات الجريمة المنظمة، التي تختطف وتقتل، طلبًا للفدية، وتُشرف على شبكة ترويج المخدّرات…

يُقَدّرُ عدد المواطنين من أصل فلسطيني بحوالي مائة ألف مواطن، ويُمثِّلُون أكثر قليلا من 2% من العدد الإجمالي للسُّكّان، وهي هجرة قديمة، منذ القرن التاسع عشر، وكان “شفيق حنْظل”، مُؤسِّس “جبهة فارابوندو مارتي للتحرير الوطني” اليسارية، من أُصُول فلسطينية، وكانت الجبهة تدْعَم حُقوق ونضال الشّعب الفلسطيني، وانتمى الرئيس المنتخب الجديد إلى الجبهة في صغره، ولكنه سرعان ما غادرها، أذ وقع طرْدُهُ، بسبب سلوكه المُنافي لمبادئ “اليسار”، رغم أُصُولِه الفلسطينية التي يُركِّزُ عليها الإعلام العربي، دون الإهتمام ببرنامجه وخطَطه، وكان الإنتماء إلى أصول عربية أو فلسطينية، يشكّل، بحدّ ذاته، صَكًّا أو مُبَرِّرًا لمساندته، فقد كان الرئيس الأرجنتيني الأسْبَق “كارلوس منعم” من أُصُول سورية، ولكنه كان صديقًا كبيرا وداعما للصهيونية وللكيان الصهيوني، وطَبَّقَ برنامجًا سياسيا واقتصاديا رجعيا، اعتمد على دعم الولايات المتحدة، وصندوق النقد الدولي، وفي سلفادور، يُعتبر “نجيب بوكيلة” من اليمينيين الدّاعمين لرأسمال وللكيان الصّهيوني، وعَبّر عن ذلك، مرات عديدة، وزار فلسطين المحتلة سنة 2018، وانْتَحَبَ على حائط البُراق (المَبْكَى في التسمية اليهودية)، والتقى عددًا من المسؤولين الصهاينة، بدعم من “إيباك” (أكبر منظمة صهيونية في العالم)، وتلقى الرئيس الجديد رسائل تهنئة من القادة الصهاينة ومن عدد من المُنظمات الصهيونية المعروفة، وتسبب تقاربه مع (ودفاعه عن) القادة الصهاينة، في غضب الفلسطينيين والعرب عامة، في “سلفادور”، ولكنه أعلن إن طموحه السياسي يقتضي التحالف مع الأقوياء في العالم، وَوَعَد بنقل سفارة السلفادور من تل أبيب إلى القدس، لكن عجْز “جبهة فارابوندو مارتي” عن تمثيل الفُقراء وحل مشاكلهم، زاد من حُظْوظ “نجيب بوكيلة”، الذي استخدم انتخابه كرئيس بلدية العاصمة “سان سلفادور”، مطِيّةً للوصول إلى الرئاسة، بالإضافة إلى وُعُودِهِ بمكافحة الفساد والعصابات الإجرامية، ولكن صحيفة “إلفارو” السلفادورية نشرت تحقيقًا عن “تورّط نجيب بوكيلة في أعمال فساد واتفاقات مع عصاباتالجريمة المُنَظّمة”، وأكّدت صحيفة “فاكتوم” إن عقود بلدية العاصمة تؤُول دائما إلى أصدقاء نجيب بوكيلة (رئيس البلدية)، وتحتل مسألة العصابات والجريمة المنظمة حيِّزًا هامّا من النقاش، نَظَرًا لارتفاع معدلات الجريمة إلى مستويات قياسية، واقترضت الدولة 1,2 مليار دولارا “لمكافحة العصابات والجريمة المنظمة” بعد ارتفاع جرائم القتل بنحو 120% خلال الربع الأول من سنة 2016، مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2015، واستخدمت حكومة جبهة “فارابوندو مارتي” الجيش لاستعادة مناطق سيطرت عليها العصابات، لكن الجيش يقوم بتجاوزات عديدة…

تأسَّسَتْ جبهة التحرير الوطني في السلفادور “فارابوندو مارتي” سنة 1980، و”فارابوندو مارتي” هو قائدٌ شُيُوعي سلفادوري، أعدم رميا بالرصاص سنة 1932، وتأسست الجبهة بمبادرة من الأمين العام للحزب الشيوعي السلفادوري “شفيق حنظل” (ما بين 1973 و1994) وهو من أُصُول فلسطينية، وقاومت الجبهة بالسلاح، بداية من 1980، الدكتاتورية العسكرية المَدْعُومة أمريكيًّا، وبعد مفاوضات مع الحكومة، تخلت عن المواجهات المسلحة مع الجيش المدعوم من واشنطن، واعتمدت العمل السياسي بناء على اتفاقية سلام في عام 1992، وشاركت الجبهة (بصيغتها الجديدة) في الانتخابات الرئاسية في السلفادور سنة 2004 ورشحت زعيمها التاريخي، الذي تعود جذوره إلى مدينة بيت لحم في فلسطين المحتلة، وكانت الجبهة قد أنشأت شبكة من العلاقات في معظم دول أمريكا الجنوبية، ومن بينها كوبا وفنزويلا والبرازيل وبوليفيا…

توفي مؤسس الجبهة “شفيق حنظل” سنة 2006 عن 75 سنة، جراء أزمة قلبية، إثر عودته من بوليفيا، حيث شارك في تنصيب الرئيس “إيفو موراليس”، وتنتشر في أوساط اليسار في سلفادور وفي أمريكا الجنوبية أناشيد ثورية تُشِيد بخصاله وإنجازاته…

أما عن انتشار الفساد فقد صَدَرَ حُكْمٌ في السلفادور، في منتصف أيلول/سبتمبر 2018 على رئيس البلاد السابق “إلياس أنطونيو ساكا”، بالسجن 10 سنوات، إثْرَ ثُبُوت تُهْمة سرقة أكثر من 300 مليون دولارا، والفساد وغسيل الأموال واستغلال السلطة، خلال فترة رئاسته بين 2004 و 2009، كما قَضَت المحكمة بسجن السكرتير السابق للرئاسة، عشر سنوات، مع غرامة مالية بقيمة خمسة ملايين دولارا، وسجن وزير الاتصالات السابق، والرئيس السابق للشركة العامّة للمياه، والمدير المالي السابق لديوان الرئاسة، والمسؤول السابق في وزارة المالية، وغيرهم من كبار مُوَظّفِي الدّولة…

تُعَدّ سلفادور أصغر دولة في أميركا الوسطى، حيث لا تتجاوز مساحتها 21 ألف كيلومترا مربعا، ولا يتجاوز عدد سكانها 6,3 ملايين نسمة سنة 2017، وتقع حدودها بين المحيط الهادي، وغواتيمالا، وهندوراس، ويعتمد اقتصادها على على النفط، بكميات صغيرة، وعلى الزراعة، حيث تُنْتِجُ السكر والبن والذرة، والقطن الذي يُحوّل إلى منسوجات وملابس يقع تصدير جُزْءٍ منها، وبلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي  24,67 مليار دولارًا سنة 2016، مما يجعل قيمة الحصة السنوية للفرد حوالي 7500 دولارا، فيما تبلغ نسبة البطالة 6,3% رسميًّا سنة 2016، وقيمة الدَّيْن الخارجي 14,45 مليار دولارا (بيانات نهاية 2016)… عن أ.ف.ب + رويترز + وكالة “أسوشيتد برس” (بتصرف وإضافات عديدة) من 04 إلى 07/02/2019

 كوريا الجنوبية – تمويل الإحتلال الأمريكي: يرابط في كوريا الجنوبية حوالي 29 ألف جندي وضابط أمريكي، منذ نهاية الحرب (1950 – 1953) التي أَفْضَتْ إلى تقسيم كوريا ( على خط العرْض 38)، بعد الإحتلال الياباني، الذي دام 35 سنة، ومنذ ذلك الحين، يخضع الجيش في كوريا الجنوبية إلى القيادة العسكرية الأمريكية، ويُشْرِف الجيش الأمريكي على شراء المُعدّات والأسلحة، حتى 2020، تاريخ التفاوض بشأن القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة في ستة مناطق على أراضي كوريا الجنوبية، ويُدَرِّبُ الجيش الأمريكي جيش كوريا الجنوبية، ويشارك الجيْشان في مناورات مُشتركة ضخمة، بذريعة التّصدِّي لكوريا الشمالية وللصين وروسيا، وبلغ عدد القوات المشاركة في المناورات سنة 2016 حوالي 15 ألف جندي أمريكي وأكثر من 300 ألف جندي من جيش كوريا الجنوبية، وبدأت المباحثات بشأن نَقْل القواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية إلى قاعدة “بيونغ تايك” التي تقع على بعد قرابة ستِّين كيلومترا جنوب العاصمة “سئول”، وتقاسم تكاليفها، منذ 1990، لكن تأخّر إنجاز المشروع، ويعترض سكان المنطقة على نقل هذه القاعدة الضّخمة إلى منطقتهم، وعادت المحادثات بشأن نقل الواعد وتقاسم التكاليف، في الثالث والعشرين من نيسان/ابريل 2009، وذكرت وكالة “يونهاب” (كوريا الجنوبية) إن الخلافات بين “الحَلِيفَيْن” تتعلق بالجدول الزمنى لنقل القواعد الضخمة التي يعترض المواطنون على وجودها، وسَط العاصمة، إلى جنوب العاصمة “سئول”، حيث كانت حكومة كوريا الجنوبية آنذاك ترغب إتْمام عملية النقل بحلول سنة 2014، فيما تريد الولايات المتحدة تأجيل عملية النّقل أكثر من سنتَيْن، وربما إنجازها سنة 2025، كما ترغب أمريكا تكفل حكومة كوريا الجنوبية بالنفقات التي ارتفعت بنسبة 100%، سنة 2014، مقارنة بالتّوقّعات السابقة سنة 2009، واتفقت حكومات الدولتين سنة 1990 على تقاسم الإنفاق، ولكن حصة كوريا الجنوبية ارتفعت حوالي سبعة أَضْعَاف بين 1991 و 2018…

انتهت عمليات البناء والتّجْهِيز، ودشنت القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية، يوم الجمعة 29/06/2018، مقرها الجديد، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، خارج أراضي الولايات المتحدة، في تناقض تام مع إعلان الرئيس الأمريكى “دونالد ترامب” رغبته سحب الجنود الأمريكيين من كوريا الجنوبية، وطالب “دونالد ترامب” كوريا الجنوبية مرارا بدفع المزيد مقابل التواجد العسكرى الأمريكى فيها (مثلما طلب من أوروبا ومن دُويلات الخليج، تسديد المزيد من المال، نظير “الحماية الأمريكية”)، رغم مساهمة كوريا الجنوبية بأكثر من 90% من كلفة القاعدة الجديدة الضخمة على مساحة 15 مليون مترا مربعا (أو 1500 هكتار) (أطلقت عليها أمريكا إسم “هامفرى”) والبالغة 11 مليار دولارا، وتضم القاعدة 513 مبنى، وسوف تستضيف داخلها 43 ألف شخص (جنود وأفراد عائلاتهم) بحلول نهاية العام 2022، مما يُشِير إلى تخطيط بعيد المدى، وليس إلى انسحاب عسكري أمريكي من كوريا الجنوبية، ولا من غيرها من الأراضي التي تتواجد بها قواعد عسكرية أمريكية، وتدّعي أمريكا إن قواتها “ستساهم بإحلال السلام فى شبه الجزيرة الكورية، وإحلال السلام العالمى، والإستقرار فى شمال شرق آسيا”…

توصّل مُمثّلون عن حكُومتَيْ الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إلى اتفاق قصير الأجل، وَقّعوه يوم الأحد 10/02/2019 يستهدف رفع حجم المساهمات السنوية التي تقدمها كوريا الجنوبية لدعم القوات الأمريكية التي تحتل كوريا (أي تمويل الإحتلال)، بعد انتهاء مدة الإتفاق السابق، وفي ظل ابتزاز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لكافة “حلفاء” أمريكا، وواجهت حكومة كوريا احتجاجات داخلية، بسبب توقيع هذا الإتفاق، قبل العودة إلى التفاوض، بعد بضعة أَشْهُرٍ، وأعلن ناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية “إن الأموال – حوالي مليار دولارا – تمثل جزءا صغيرا من دعم كوريا الجنوبية للقوات الأمريكية”…متابعة لأخبار نشرتها وكالات “يونهاب” (كوريا الجنوبية) و”شينخوا” (الصين) و”سبوتنيك” (روسيا) و”رويترز” (بريطانية –أمريكية) طيلة عشر سنوات، من نيسان/ابريل 2009 إلى 10/02/2019

 أوروبا: أشارت بيانات معهد إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لدول منطقة اليُورو (19 دولة) بنسبة 0,2% خلال الرُّبع الرابع من سنة 2018، وبنسبة 1,2% على أساس سنوي، وهي النّسبة الأدنى منذ الربع الثاني لسنة 2014، أما اقتصاد إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، وأحد مُؤَسِّسي الإتحاد الأوروبي، فقد انكَمَشَ (أي كانت نسبة النّمو سلْبِيّة، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي) خلال الربعيْن الثالث بنسبة 0,1% والرابع من سنة 2018، بنسبة قد تكون مُماثِلَة، وفق بيانات نشرها مكتب الاحصاء الإيطالي، وتُبَرِّرُ حكومة اليمين المتطرف تراجع الاقتصاد بالعوامل الخارجية مثل تراجع صادرات إيطاليا إلى الصين وألمانيا، بسبب تباطُؤ اقتصاديْهِما…

من جهة أخرى، نشرت المفوضية الأوروبية (يوم 08/02/2019) بيانات متشائمة لاقتصاد دول الإتحاد ال27 إثر خروج بريطانيا (مقارنة بتوقّعات اقتصادية سابقة، نشَرَتْها في تشرين الثاني/نوفمبر 2018)، وتتوقع تباطأ اقتصاد أكبر دول الإتحاد، ليصل إلى 1,3% خلال سنة 2019 وإلى 1,6% سنة 2020، بفعل الحرب التجارية، وكذلك بسبب ارتفاع الدين العام، وتتخوف المُفوّضية، وكذلك المصرف المركزي الأوروبي، من ارتفاع دُيُون بعض البلدان، مثل إيطاليا، ومن انخفاض الناتج الصناعي الألماني، طيلة الأشهر الأربعة الأخيرة من سنة 2018 ومن انخفاض إنتاج قطاع الصناعات التحويلية الأوروبية بنسبة 0,4%، أي أقل من التّوقّعات التي نُشِرَت في شهر تسرين الثاني/نوفمبر 2018… عن مكتب الإحصاء الأوروبي(يوروستات) + رويترز 09/02/19

أستراليا: تُعتبر أستراليا إحدى القوى العسكرية المُهِمّة للحلف الأطلسي في المنطقة الواقعة بين آسيا والمحيط الهادئ والمحيط الهندي، وهي إحدى القوى التي تُعول عليها الولايات المتحدة في حصار الصين، ولم يُعْرف عن أستراليا أي موقف مستقل عن الولايات المتحدة في السياسة الخارجية، وشاركت في كافة الحروب العدوانية الأمريكية والأطلسية في العالم، وتستعد أمريكا لافتتاح قاعدة عسكرية بحرية ضخمة شمال أستراليا، واستخدمت الولايات المتحدة المياه الواقعة قبالة السواحل الأسترالية الشمالية والشرقية، منطلقًا للمناورات والتجسس على الصين واستفزازها، ونشرت وسائل الإعلام الفرنسية (يومَيْ 10 و 11 شباط/فبراير 2019) خبر صفقة هامة، وقّعتها أستراليا وفرنسا، في عاصمة أستراليا (كانبيرا)، بعد سَنَتَيْن من المحادثات، وتتمثل في عقد سلاح بقيمة 31 مليار يورو، أو 50 مليار دولار أسترالي (35,5 مليار دولارا أمريكيا)، لشراء أستراليا 12 غواصة حربية فرنسية، سوف يقع بناؤها على الأراضي الأسترالية، وتسليمها بداية من سنة 2030، وتُعدُّ الصّفْقَةُ “أضخم استثمار عسكري لأستراليا في زمن السلم”، وستتولى المجموعة البحرية الفرنسية “نافال” مهمة تصميم وبناء الغواصات الحربية، بالإضافة إلى الإشراف على إنشاء حوض بناء السفن الذي سيقام في مدينة “أديلايد” الساحلية، في جنوب أستراليا، وسوف تصبح هذه الغواصات جُزْءًا من “سلاح الرّدع” الأمريكي ضدّ الصين في المنطقة، وتنافست شركات من فرنسا وألمانيا واليابان على الفوز بهذه الصفقة، التي اعتبرتها وسائل الإعلام الفرنسية “إحْدَى أكثر الصفقات العسكرية المربحة فى العالم، وستُمكّن من خلق ألفي فرصة عمل في أستراليا و500 في فرنسا”، بحسب صحيفة “لوموند” (12/02/2019)… عن أ.ف.ب11/02/2019

 أمريكا 2019: في الولايات المتحدة يتداول حِزْبان على السّلطة، يُمثّل كل منهما مصالح فئة من رأس المال ومن الشركات، فيما لا يوجد خلاف حول ضرورة المحافظة على هيمنة الإمبريالية الأمريكية (اقتصاديا وعسكريا) على العالم، ويقتصر الخلاف على الطّرُق أو الوسائل للمحافظة على التّفوّق الأمريكي، وتَضَمّن أول قرار يُصادق عليه مجلس الشيوخ، خلال السنة الحالية 2019، دعوة إلى إدامة احتلال بلدان العالم، ومُعارضة إعلان (مُجَرّد إعلان) دونالد ترامب انسحاب الجيش الأمريكي المُحْتل من سوريا وأفغانستان، كما تضمن نفس القرار (رقم إس 1) بنودا تُجَرِّم “انتقاد أو مقاطعة اسرائيل من الأميركيين”، ويُشكل دعم الكيان الصهيوني، والهيمنة على الوطن العربي، قاسمًا مُشتركًا أساسيًّا داخل جميع المُؤَسّسات الرسمية الأمريكية، مهما كان إسم الحزب الحاكم، وبدأ الحزب الديمقراطي (الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون) منذ سنة 2012 شن الهجومات على الصين وروسيا، ويستكمل الحزب الجمهوري هذه السياسات العدوانية، منذ 2018…

أوْرَدَ الرئيس في خطابه عن “حال الأمة” (الخطاب التقليدي السّنوي) إن العدوان الخارجي الأمريكي فيما يُسمّى “الشرق الأوسط”، منذ احتلال أفغانستان (أواخر 2001) “كَلّف نحو سبعة تريليونات دولارا، وتسبب في مقتل قرابة سبعة آلاف جندي وإصابة 52 ألف آخرين”، وبطبيعة الحال لا يهتم الرئيس الأمريكي ولا مجلس النواب، ولا المُعارَضة بالخَراب الذي لَحِق البلدان التي احتلها الجيش الأمريكي أو قَصَفَ أراضيها، ولا بعدد القتلى والمُصابين من الشعوب، التي تحتل جُيُوش الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) أوطانَها…

على الصعيد الدّاخلي، يتّفِقُ الحِزْبان على الضغط على رواتب العُمّال، في أسفل السُّلَّم، ودعم الشركات الكُبْرى، لزيادة أرباحها، فقد صادق الكونغرس أواخر سنة 2017 (خلال رئاسة باراك أوباما) على خفض الضريبة على الثروات، مما يحرم الخزينة من 3,5 تريليون دولارا سنويا، ويزيد من معدل الدَّيْن العام بنحو تريليون دولارا سنويًّا، ليرتفع حجم الدين العام من حوالي 32% من الناتج المحلي الإجمالي (بنهاية سنة 2018) إلى حوالي 105% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عشر سنوات (سنة 2028)، لكن التناقض بين زيادة أرباح رأس المال وانخفاض قيمة الرواتب، سوف يُؤدّي إلى انخفاض مستوى “رفاهية” أغلبية الشعب الأمريكي، ولذلك تلجأ الولايات المتحدة (والإمبريالية بشكل عام) وشركاتها إلى استغلال ثروات وعُمّال البلدان الأخرى، في أمريكا الجنوبية وفي آسيا وغيرها، لتوزيع بعض الفُتات على فئات اجتماعية أمريكية، للحيلولة دون انتفاضتها أو حتى ثورتها ضد الوضْع القائم…

تتميز السياسة الإقتصادية، خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، بمحاباة المصارف الكبرى ومُجمّع الصناعات العسكرية، وانعكس ذلك بإقرار أكبر ميزانية عسكرية في تاريخ الولايات المتحدة، وتضمّنت الميزانية العسكرية دَعْمًا هامّا لأقرب الحُلَفاء، وفي مقدّمتهم الكيان الصهيوني، حيث قدّمت الولايات المتحدة دعمًا إضافيًّا للكيان الصهيوني بنحو 1,7 مليار دولارا، ويتضمن الدّعم مساعدة الصناعات العسكرية الصهيونية على تصنيع بطاريات للقُبّة الحديدية، وضمان شرائها من قِبَل وزارة الحرب الأمريكية… عن نشرة “بيزنس إنسايدر” 06/02/2018 + “مركز الدراسات العربية والأمريكية” 08/02/2019 (بتصرّف)

دُيُون: يتوقّع التقرير السّنوي ل”منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” ( EOCD) ارتفاع حجم الإقتراض الحكومي في الدول ال34 المنتمية للمنظمة، إلى 11 تريليون دولارا، وهو مستوى قياسي جديد، سنة 2019، ويعود الإرتفاع لأسباب عديدة، وأهمّها ارتفاع دُيُون الولايات المتحدة، وكان صندوق النقد الدولي قد حَذّرَ (يوم السّبت 09/02/2019) من الإرتفاع السريع لحجم الدَّيْن العام في العديد من الدول العربية، والإرتفاع المستمر في عجز الميزانيات، منذ الأزمة المالية لسنة 2008، وارتفع مستوى الدَّيْن العام في الدول العربية المستوردة للنفط (كمجموعة) من 64% من إجمالي الناتج المحلي سنة 2008 إلى 85% سنة 2018، وتتجاوز نسبة الدين العام في نصف هذه البلدان (المُستوردة للنفط) 90% من إجمالي الناتج المحلي، ودعت مديرة صندوق النقد الدولي الدول المصدرة للنفط إلى استخدام “الطاقة المتجددة في العقود المقبلة” بهدف خَفْضِ مستوى الإنبعاثات الضارة بالبيئة، وهي في مجموعها دول لم تستثمر عائدات النفط، طيلة عُقُود، في إنتاج الضروريات في قطاعات الزراعة وتصنيع المواد الأولية وتحويل المواد الخام إلى مواد مُصَنّعَة… عن أ.ف.ب 09/02/2019

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.