خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد ٤٧٨
علاقات غير متكافئة بين رأس المال والعَمل: اتفق ممثلو النقابات والحكومات وأرباب العمل، من 185 بلد، في الإجتماع السنوي لمنظمة العمل الدولية، سنة 2012، على تعميم نظام الحماية الإجتماعية، ليشمل جميع السّكّان، وبعد خمس سنوات، وَرَدَ في “التقرير العالمي للحماية الإجتماعية 2017 -2019″، الصادر عن منظمة العمل الدولية، في بداية شهر كانون الأول/ديسمبر 2017 إن عدد المحرومين تمامًا من التأمين الإجتماعي يقارب أربعة مليارات شخص، أو ما يعادل 55% من سكان العالم، وإن أرباب العمل وحكومات العالم، لم تَضْمن حقوق ملايين العاملين في مختلف القطاعات (في القطاعات الصناعية والفلاحية والصيد البحري والبناء…) في الحماية الإجتماعية، ولا يحصل سوى 29% من سُكّان العالم على ضمان اجتماعي شامل سنة 2017، في حين بقي 71% من السكان، أو 5,2 مليارات نسمة، إما غير مشمولين بنظام الحماية الإجتماعية، أو مشمولين جزئيًا، وليس كُلِّيًّا، مما يجعلهم عُرْضةً للمرض والفقر وعدم المساواة والإقصاء الاجتماعي، كما يُشكّل هذا الحرمان، عائقًا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما في أفريقيا وآسيا والدول العربية، وأمريكا الجنوبية…
حققت الدول التي استثمرت في توفير الحد الأدنى الأساسي من الحماية للجميع، نموّا اقتصاديا وتطورًا اجتماعيا، مكّنها من خفض نسبة الفَقْر (وليس القضاء عليه)، لأن الإستثمار في قطاعات التعليم والصحة والخدمات، يُخفف من حدّة عدم المُساواة، ويحقق ما تُسمِّيه الأمم المتحدة “التّنمية المُسْتَدامَة”، ويثير التقرير مسألة ارتفاع عدد العاملين غير النّظامِيِّين في القطاع الموازي، وهو قطاع يعادل حجمه نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي، في عدد من البلدان العربية، ويعمل به أكثر من نصف القادرين على العمل، وحتى الأطفال، ويؤكد التقرير على ضرورة توسيع نطاق الحماية الاجتماعية ليشمل هؤلاء العمال في الاقتصاد غير المنظم، كوسيلة لإضفاء الطابع الرسمي على ظروف عملهم وتحسينها…
من جهة أخرى، يدعو البنك العالمي إلى توسيع نطاق الحماية الإجتماعية، لكنه يَفْرِضُ سياسة الخصخصة (الصحة والتعليم…) والتقشف، وتقليص الإنفاق الحكومي، بذريعة “ضَبْط الأوضاع المالية” للدول، وهي سياسات تقشف قصيرة النّظَر، تُقَوِّض جهود التنمية طويلة الأجل، ولها آثار سَلْبِيّة عديدة، على التنمية وعلى صحة الإنسان، وعلى مُسْتَقْبَل الأطفال، أي الأجيال القادمة…
قدّر تقرير منظمة العمل الدولية إن 35% فقط من أطفال العالم، مشمولون بالحماية الإجتماعية، وإن حوالي 1,3 مليار طفل (معظمهم في آسيا وإفريقيا) أو حوالي ثُلُثَيْ أطفال العالم، غير مشمولين بالحماية الاجتماعية، ولا تزال 83% من الأمهات اللائي لديهن أطفال حديثي الولادة غير مشمولات بإعانات الأمومة، وإن أقل من 28% من ذوي الإحتياجات الخاصة (من ذَوِي الإعاقات الشديدة) يحصلون على “إعانة عَجْز”، فيما لا تشمل إعانات البطالة (وهي من أموال مساهمات الأُجراء في صناديق خاصة) سوى 21,8% من العاملين، العاطلين مؤقتا عن العمل، ليبقى نحو 152 مليون عاطل عن العمل (سنة 2017) غير مشمولين بإعانات البطالة، وبخصوص كبار السّن، توسّعت أنظمة التّقاعد، لكن التباينات كبيرة بين الدّول، ولا يزال ثُلُث المُسنّين في العالم، بدون أي سند أو دعم، خصوصًا في البلدان متوسطة ومنخفضة الدخل، أما من يتلقون إعانة، فهي ضعيفة وتُبْقِي أكثر من نصف المُسِنِّين ضمن فئة الفُقراء، ولا يستطيع سوى 5,6% من المُسِنِّين في العالم الإقامة في أماكن خاصة بالمسنين، وتوفر رعاية شاملة، بينما يعمل حوالي 57 مليون شخص (في البلدان الفقيرة ومتوسطة الدخل) مجانًا، وخصوصًا من النّساء، لرعاية المُسِنِّين والمُعاقين من أفراد الأسرة، فيما تحتاج الدول الرأسمالية المتطورة 13,6 مليون شخص للعمل في خدمات الرعاية للأطفال والمعاقين وكبار السن… وبشكل عام، لم يتحول “الحق في الرعاية الصحية” إلى واقع، ولا يزال حوالي 22% من سكان المناطق الحَضَرِية، و 56% من سكّان المناطق الرِّيفِيّة في العالم يفتقرون إلى التغطية الصحية، ويحتاج العالم إلى ما لا يقل عن عشرة ملايين من العاملين الإضافيين في القطاع الصحي، للإستجابة لحاجات المواطنين، ولتحقيق تغطية صحية شاملة وضمان الأمن الصحي خلال الأزَمات وحالات الطوارئ… عن “التقرير العالمي للحماية الإجتماعية” 07/12/2017
ضحايا الحروب والفقر: أفادت منظمة “إنقاذ الطفولة”(يوم الجمعة 15 شباط/فبراير 2019)، أن أكثر من 550 ألف رضيع ماتوا بسبب الحروب خلال الفترة من 2013 حتى 2017، ونشرت قناة “فرنس 24” الفرنسية الحكومية نتائج تقرير مماثل، وتنحصر هذه الوفيات في فترة زمنية محدودة(بين 2013 و 2017) وفي مساحة جغرافية محدّدة، بين الدّول العشر الأكثر تضررا من الحروب (أفغانستان واليمن وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى والكونغو الديموقراطية وسوريا والعراق ومالي ونيجيريا والصومال)، أما أسباب الوفاة فهي الجوع أو انعدام المياه النقية، وقلة النظافة أو الافتقار إلى الرعاية الصحية أو الحرمان من المعونة، وإذا أُضيفَ إلى هذا العدد (من الأطفال الرّضّع)، الأطفال دون الخمس سنوات الذين توفوا خلال هذه الفترة، يرتفع عدد القتلى إلى 870 ألف رضيع وطفل، وهي حصيلة دُنْيَا، رجحت المنظمة أن تكون في الواقع أكبر من ذلك بكثير، ويبقى سؤال: مَتَى سُيحاكم المسؤولون عن النظام الأمريكي وعن حلف شمال الأطلسي وأوروبا؟ عن وكالة “رويترز“16/02/2019
المغرب – مَيْز طَبَقِي “حلال“؟ عندما تولّى “عبد الإله بن كيران” (الإخوان المسلمون) رئاسة الحكومة سنة 2011، ادّعى إنه “يحمل مِشْعل النزاهة” ومحاربة الفساد، وشن حربًا شعواء ضد الأُجَراء والموظفين، وطبق أوامر صندوق النقد الدّولي بخفض معاشات المُتقاعدين، وبعد استبداله بإخواني آخر على رأس الحكومة (برغبة من الملك، الحاكم الفِعْلِي للبلاد)، اكتشف الرأي العام المَحلِّي إن معاش بن كيران يفوق سبعة آلاف يورو، أو يفوق 388 مرة قيمة المعاشات الصغيرة في البلاد، ويعادل أو يفوق معاش رئيس حكومة من دول أوروبا الغربية، ويفوق بمرتين معاش رئيس حكومة من أوروبا الشرقية، وبدل تقديم شُرُوح أو وثائق عن قيمة تقاعده، هدد زعيم الإخوان المسلمين في المغرب (بن كيران) باللجوء إلى القضاء، ضد من نشر وثيقة المعاش، مع التهديد لمن ينشر قائمة وقيمة مُمْتلكاته، التي ارتفعت قيمتها، عندما كان يرأس الحكومة، أي إن بن كيران يملك إيرادات أخرى (غير الراتب والتقاعد) يمكن أن تضمن له عيشا كريما، دون اللجوء إلى المال العام (مال الشعب والفُقَراء والمنْتِجِين) والمبالغة في استغلال النفوذ والإنتهازية، بشكل فاق الوزراء ورؤساء الحكومات السابقين، الذين لا يَدّعُون “الوَرَع والتَّقْوَى”…
في تناقض صارخ مع الثراء الفاحش لزعماء الإخوان المسلمين والفئات الحاكمة، ورد في تقرير لمنظمة الأغذية العالمية (فاو)، يوم الإثنين 18/02/2019، حوالي 1,4 مليون مغربي (حوالي 3,9% من العدد الإجمالي للسّكّان) يُعانون من نقص التّغذية، ويعاني نحو 12% من أطفال البلاد من الفقر ومن سوء التّغذية عن موقع “المغرب اليوم” 15 و19/02/2019
الجزائر: تحاول أجهزة النّظام تنفيذ عملية تطهير داخلية، من خلال استبعاد بعض الرّموز التي كانت مُسْتَهْدَفَة من المُتظاهرين، لأنها تمثل الفساد والثراء السريع، بالإضافة إلى عملية تصفية حسابات داخل مختلف مُكَوّنات النّظام…
أثار مَصْدَر قضائي، يوم السّبت 20 نيسان/ابريل 2019، احتمال التحقيق في العديد من قضايا السرقة والفساد في قطاعات عديدة، وتوجيه الإتهام لنواب برلمانيين ووزراء سابقين وحاليِّين، ورموز أخرى محسوبة على بعض أجنحة النّظام، واسْتَدْعَتْ محكمة جزائرية رئيس الوزراء السابق “أحمد أويحيى” (رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وهو حزب السلطة إلى جانب جبهة التحرير الوطني)، ووزير المال “محمد لوكال” (محافظ سابق للمصرف المركزي) للتحقيق معهما بقضايا تتعلق ب”تبديد المال العام”، وذلك بعد اعتقال (مطلع نيسان/ابريل 2019) الرئيس السابق لمنتدى رجال الأعمال الجزائريين “علي حداد” (يحمل الجنسية الجزائرية والبريطانية)، المقرب من أُسْرَة بوتفليقة، على الحدود التونسية، بتهمة الفساد وحيازة عملات أجنبية غير مصرّح عنها، وأصدر القضاء قرارًا بمنع عشرة رجال أعمال نافذين، مُقرّبين من أُسْرَة بوتفليقة، من مغادرة البلاد، وهم من رجال الأعمال الذين استفادوا من عُقُود ومَزايا بشكل مخالف للقانون، وسبق أن أعلن قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح قبل أيام إنه يتوقع محاكمة أفراد من الدّوائر الحاكمة بتهمة الفساد، ودعا، يوم 16 نيسان/ابريل 2019 لتسريع وتيرة فتح ملفات الفساد وتبديد الأموال العمومية، وسَبَقَ أن حققت أجهزة المُخابرات في بداية العام 2019، مع “أحمد أويحيى”، قبل عَزْلِهِ، ولم تستمر التحقيقات، بسبب الحماية التي وَفَرتها له حاشية الرئيس بوتفليقة…
من جهة أخرى، شَدّدت إدارةُ الضرائبِ الرّقابَةَ على شهادات تحويل الأموال إلى الخارج، والتّثبّت من كافة العمليات، والتّثَبُّت من وجود علاقة فِعْلِيّة بين الشركات الموجودة في الجزائر و شركات اجنبية مستفيدة قانونيا من مبالغ التحويل، أي امتلاك أسهم أو حصص في رأسمال المؤسسة الجزائرية، أو أن تكون الشركة الجزائرية والأجنبية مملوكة من طرف شركة ثالثة أو تابعة لنفس المُجَمَّع، ويتزامن هذا الإجراء مع انهيار احتياطي العُملات الأجنبية، منذ انخفاض أسعار النفط في منتصف حُزيران/يونيو 2014، وتوجد لجنة تدرس أسبوعيًّا تطورات حجم التحويلات بالعملة الأجنبية، ووضع الميزان التجاري وتُعد هذه اللجنة المكونة من موظفين بوزارة المالية ومصرف الجزائر وجمعية المؤسسات المالية والمصارف، تقريرًا للحكومة…
ورد في برقية لوكالة “رويترز”، نقلاً عن التلفزيون الحكومي الجزائري، خبر اعتقال خمسة أثرياء من المُقرّبين من طاقم الرئيس (السابق) عبد العزيز بوتفليقة، بتهمة الفَساد، وهم “يسعد ربراب” الذي يعتبر أغنى رجل أعمال في الجزائر، جرّاء سماح السّلطة لمجموعته “سيفيتال” باحتكار توريد وتجارة السّكّر والمواد الغذائية، ويمتلك صحيفة “ليبرتيه” اليومية الفرنكفونية، بالإضافة إلى أربعة أشقاء من عائلة “كونيناف”، التي جمعت ثروات طائلة من دعم السلطة لها، للتوسّع في كافة مجالات الأقتصاد (البناء والإنشاء والصناعة والمحروقات…)، وأعلن التلفزيون الجزائري إن ربراب يخضع للتحقيق بسبب تزييف وثائق تحويل أموال بالعملات الأجنبية، وتَضْخِيم فواتير استيراد معدات، واستيراد معدات مُسْتَخْدَمَة، بدل معدات جديدة… يُعتبر الجيش أقوى مؤسسة في الجزائر، ولعب دورا أساسيا في الحياة السياسية من وراء الكواليس لعشرات السنين، وحاول بوتفليقة إبعاد القادة التاريخيين الذين ساهموا في مكافحة الإرهاب خلال العقد الأخير من القرن العشرين، ويُشرف الجيش على إدارة شؤون البلاد، منذ منتصف شهر نيسان/ابريل 2019، وأعلن قائد الجيش (الذي كان أحد أهم الدّاعمين لعبد العزيز بوتفليقة) يوم 16 نيسان/ابريل 2019، “إن الجيش يبحث كل الخيارات المتاحة لحل الأزمة السياسية” وحذر من أن “الوقت ”يداهمنا”، في محاولة لوقف حركة الإحتجاجات… وكالة الأنباء الجزائرية + وكالة “رويترز” + موقع التلفزيون الجزائري 20 و 21 و 22/04/2019
ليبيا – في الذكرى الثامنة للعدوان العسكري الأطْلَسِي: بدأ التدخّل الأجنبي، بذريعة “إرساء الديمقراطية” بداية من 17 شباط/فبراير 2011، بقرار من الأمم المتحدة (أي قرار أمريكي، صادقت عليه الدول الأخرى)، بفَرْضِ حظر جوي على الطائرات الليبية (القرار 1973) وادعى حلف شمال الأطلسي إن “حماية الشعب الليبي” تقتضِي تجميد الأموال الليبية في الخارج، وتنفيذ عمليات قصف جوي وبحري، مما خَلّف دماراً و خراباً كبيرَيْن في البُنْيَة التحتية وفي المدن، وتقسيم البلاد إلى ثلاثة أقاليم، ويخْتَصِم العُمَلاء بالسّلاح، منذ خمس سنوات، للسيطرة على الموارد وعلى السّلطة (السلطة الإقتصادية والسياسية)، باستخدام السلاح الذي نهبته المليشيات، بإشراف الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، واستفادت المليشيات الإرهابية في سوريا والعراق بجزء من هذه الأسلحة، فيما قدرت الأمم المتحدة إن المليشيات المَحلِّية الليبية، تمتلك أكثر من سبعة ملايين قطعة سلاح (أي أكثر من عدد السكان)، تستخدمها للإستحواذ على السّلطة، ولاختطاف الأشخاص (676 شخصا سنة 2017، بحسب “حكومة” طرابلس)، مقابل فِدْيَة…
بقي اقتصاد ليبيا ريعيًّا منذ أكثر من خمسة عُقُود، يعتمد بنسبة كبيرة (حوالي 90% ) على إيرادات الصادرات من النّفط الخام، ويُقَدّر احتياطي ليبيا من النّفط بنحو 48 مليار برميل، ولكن الإنتاج انخفض من حوالي 1,8 مليون برميل يوميا، إلى نحو 250 ألف برميل سنة 2013، ويبلغ نحو 1,1 مليون برميل يوميا، في بداية سنة 2019، وبدأ نظام معمر القذافي يستثمر في الزراعية، ليرتفع الإنتاج، ولتُصَدِّرَ ليبيا جُزءًا منه إلى تونس ومصر (الخضار والحمضِيّات)، بفضل إنجاز نهر صناعي ضَخْم، يجلب الماء العذب من المائدة المائية في جنوب البلاد، إلى وَسَطِها وشمالها، واستهدفت طائرات الحلف الأطلسي قنوات النهر، في بداية العُدْوان، كما بلغت قيمة الأموال والأصول الليبية في الخارج قرابة 200 مليار دولارا، استحوذت عليها الدول والمصارف الأجنبية، بعد إسقاط نظام الحكم بالقوة الخارجية، وبعد حلّ أجهزة الدولة، وتقسيم البلاد، وإطلاق العنان للمليشيات الإرهابية، على كامل التراب الليبي، وفي البلدان المجاورة، لتهريب البشر نحو أوروبا، وتهريب البنزين نحو الدول المُجاورة، مما أضعف الإقتصاد الهَشّ أصْلاً، وبعد الفائض الكبير في الميزانية، حتى 2010، ارتفع العجز ليصل إلى نحو 7,5 مليارات دولارا، أو ما يُعادل نسبة 48% من قيمة الميزانية، كما أدّى تقسيم البلاد إلى انقسام المصرف المركزي إلى مصرفين: مصرف البيضاء (“للحكومة المؤقتة”) و مصرف طرابلس (“حكومة الوفاق”)، وأدى هذا الوضع إلى انخفاض حجم السّيولة، مما خلق أزمة، تتجسم أهم مظاهرها في الطوابير الطويلة للمواطنين، أمام المصارف، من أجل سحب بعض الأموال، لقضاء حاجاتهم الضرورية…
بعد ثماني سنوات، تحوّلت حياة الشعب الليبي من اليُسْر (المادّي) إلى العُسْر، في غياب السلع الأساسية وارتفاع أسعارها، وغياب الأدّوية، وشُحّ السيولة النقدية، بينما تواصل المصارف الأوروبية تجميد أموال ليبيا، ونهبها، والتّصرف في الفوائد، وأحيانا الإدعاء بأنها خسرت هذه الأموال في عمليات مُضاربة، أو بعد عمليات خاسرة، خلال الأزمة الإقتصادية (2008/2009)، وأصدر مجلس الأمن (وهو إطار مُعادي لمصالح الشعوب) تقارير تُثْبِتُ تلاعب دول ومصارف أوروبية (ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وغيرها) وأمريكية بأموال الشعب الليبي، وادّعت حكومات فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا، وغيرها “استخدام هذه الأموال لأغراض إنسانية”، وتسعى حكومات بريطانيا وغيرها، لنهب مزيد من أموال الشعب الليبي، عبر إعادة قضية الطائرة المعروفة باسم “قضية لوكربي” (نسبة إلى المكان الذي سقطت فيه الطائرة)، وهي قضية تعود إلى أكثر من ثلاثة عُقُود، عمل النظام الليبي على تسويتها، وقبضت أُسَر الضحايا، وحكوماتها ومصارفها مبالغ ضخمة (تعويضات)، رغم الشّكوك العديدة التي لازمت الحادث، ورافقت التّحقيقات…
ادّعى رؤساء حكومات أوروبا وأمريكا وأعضاء حلف شمال الأطلسي، في شباط وآذار/مارس 2011، “تخليص ليبيا من حكم الدكتاتور معمر القذافي، وإحلال الديمقراطية والرخاء” في البلاد، وبد ثماني سنوات، انقسمت ليبيا إلى ثلاث دُوَيْلات أو “مُقاطعات”، تتنازع حقول النفط والموانئ، مما خفض إنتاج النفط، وبعد الغزو واغتيال العقيد معمر القذافي وعدد من أفراد أسرته، فتحت قوات الحلف الأطلسي الثكنات، لتَنْهَبَ المجموعات الإرهابية الأسلحة، وتنشرها في البلدان المجاورة وفي سوريا، بإشراف وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وتمويل السعودية وقَطَر والإمارات… أما عن الديمقراطية والرخاء المَوْعُودَيْن، فإن عشرات الآلاف من الشعب الليبي، قليل العدد (حوالي 6,5 ملايين نسمة) مُشرّدون في تونس ومصر وتركيا وأوروبا، في ظل انتشار الموت والفَقْر، ونبّهت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في ليبيا، إلى تدهور خدمات الصحة والتعليم وغير ذلك من الخدمات العامة في ليبيا، التي أصبح سكانها “يزدادون فقرا عاما بعد الآخر”، بسبب نهب الموارد وانعدام الأمن، وفق تعبيرها، وأشارت الأمم المتحدة في وقت سابق إلى تَوفّر المواد الغذائية، بأسعار مُرتفعة، ليست في متناول الكثيرين، وسبق أن أعلنت الأمم المتحدة في بداية شهر شباط/فبراير 2019، إطلاق “خطة إنسانية للعام 2019″، بقيمة 202 مليون دولار، لتوفير الدعم الصحي والحماية والمياه والصرف الصحي والمأوى والتعليم لأكثر من 550 ألف شخص من الفُقراء، وطلبت الأمم المتحدة مزيدًا من الدّعم لتوفير المساعدات للمحتاجين في ليبيا، بالتوازي مع تطبيق برنامج الإصلاحات السياسية والأمنية والاقتصادية، مع الإشارة إن المصارف والحكومات الأوروبية والأمريكية احتجزت المليارات من الأموال الليبية التي استثمرتها الدولة أو أودعتها في المصارف، قبل 2011، واستولت المصارف على هذه الأموال، وهي ملْكٌ للشعب الليبي، ويعبر قادة أوروبا أوروبا (التي خربت ليبيا) عن تذمّرهم، لأن البلاد “أصبحت بلد عبور ومقصد لمئات آلاف اللاجئين والمهاجرين، قبل عبور البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا”، وهؤلاء المهاجرون كانوا في السّابق (قبل العُدْوان) يبقون في ليبيا ليعملوا، بدل البحث عن شُغْلٍ في أوروبا… عن تقارير الأمم المتحدة – رويترز 15 و 16/02/2019
اليمن، إنجازات سعودية وإماراتية: أعلنت الأمم المتحدة (يوم الخميس 14 شباط/فبراير 2019)، إن الحرب التي تَشُنُّها السعودية والإمارات (بدعم وإشراف أمريكي وأوروبي) والحِصار، أدّت إلى وقوع “أسوأ أزمة إنسانية” بحسب تقرير للأمم المتحدة، ودفع هذا العُدْوانُ البلادَ إلى حافة المجاعة، ليصبح حوالي 75% من الشعب اليمني في حاجة مُلِحّة إلى المساعدات الإنسانية، وأصبح أكثر من 20 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ومن ضمنهم قرابة عشرة ملايين شخص يعانون من مستويات حادة من الجوع، ويَحْتاج 80% من سُكّان اليمن، أو حوالي 24 مليون شخص للمساعدة الإنسانية، وللحماية، بينهم 14,3 مليوناً بحاجة للمساعدات بشكل عاجل، وأدّى القصف المستمر إلى تخريب البنية التحتية والطرقات والمراكز الصحية، وفيما أدى الحصار على الغذاء والأدوية إلى ارتفاع حجم المحتاجين للمساعدات في اليمن، بنسبة 27% خلال سنة واحدة، وأصبح 7,5 ملايين يَمَنِي ويَمَنِيّة في حاجة إلى الخدمات الصحية، إما بغرض العلاج بصورة عاجلة، أو للوقاية من سوء التغذية، ويحتاج 3,2 ملايين شخص، بينهم أكثر من مليون امرأة حامل أو مُرْضِعَة، ومليوني طفل دون الخامسة من العمر، إلى علاج من سوء التغذية الحاد، فيما يفتقر 19,7 مليون ساكن للرعاية الصحية الضرورية، وتنعدم إمكانية الوصول لمصدر المياه الصالحة للشرب، لخدمات الصّرف الصّحّي، لحوالي 17,8 مليون شخص، وتعدّدت، منذ بضعة أشهر، تقارير المنظمات الإنسانية، والصُّحُف “الغربية”، التي تتهم الطّيران الحربي لتحاف السعودية والإمارات، وجيوش المرتزقة، بشن غارات على مناطق مأهولة بالسكان، ما أدى إلى مقتل المدنيين غير المُسَلّحين… عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية – موقع “ريليف ويب” 18/02/2019
الإمارات، “هرّ يَحْكِي صَوْلَة الأسد“: بدأت الإمارات تنويع اقتصادها، وعدم الإكتفاء بإيرادات النفط، فجعلت من إمارتَيْ “دُبَيْ” و”أبو ظبْي” مراكز تجارية وسياحية هامة، وأسّست الدولة شركة “موانئ دُبَيْ” التي أنشأت ميناء “جبل علي”، وهو ميناء ضَخْمٌ لتخزين السلع وإعادة تصديرها نحو عدد كبير من البلدان في مختلف القارات، ولكن عَدَدًا من المشاريع المُماثلة في المنطقة كان يُهدّدُ مكانة الشركة، التي بدأت منذ بداية القرن الواحد والعشرين الإستحواذ على موانئ في مناطق أخرى من العالم، ومن بينها الإستثمار، بداية من 2006، في ميناء “جيبوتي”، ذي الموقع الإستراتيجي، وكذلك ميناء “بوصاصو” في الصومال، ثم ميناء “بربرة” الذي أصبحت تُديرُه شركة موانئ دُبَيْ منذ 2015، بعقد لفترة ثلاثة عقود، واستثمرت في ميناء “مصوع” وأنشأت ميناءً عسكريا في مدينة “عصب” (إرتريا)، واستأجرَتْ جُزُرًا أخرى، وضَخّت الإمارات استثمارات هائلة إلى أن أصبحت شركة “موانئ دبي” تستثمر وتدير شبكة تتكوّن من 78 ميناء ومحطة بحرية في أربعين بلد، في مناطق عديدة من العالم، ولكن المنافسة قَوِيّة في بعض المناطق، ومن بينها منطقة القَرْن الإفريقي، والبحر الأحمر، وتأتي الصين على رأس قائمة المنافسين، إلى جانب قَطَر وتركيا وإيران والكيان الصهيوني، وتجسّدت المنافسة في إلغاء عقُود الشركة في جيبوتي، وفي اغتيال أحد مسؤولي شركة “موانئ دبي” في ميناء “بوصاصو” (الصومال)، وتأكّدت باتفاق إيران مع الهند التي سوف تُشرف على إدارة ميناء “تشابهار” (جنوب غربي إيران)، واستحواذ الصين على ميناء “غوادر”، جنوب غربي باكستان، واستخدامه كقاعدة تصدير المُنْتَجات الصِّينية إلى الخليج والمشرق العربي، وأوروبا، وتسْعى الصين والهند وتركيا إلى إقامة قواعد عسكرية في موانئ شرق إفريقيا (إلى جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية)، وإلى الإستحواذ على موانئ الصومال وجيبوتي وإريتريا والسودان، مما أثار قلق شركة “موانئ دبي العالمية” التي كانت تُخَطِّطُ للإستحواذ على موانئ اليمن، بالتوازي مع توسيع نشاطها في موانئ القرن الإفريقي، والسيطرة على الحركة التجارية البحرية من “باب المندب” وجنوب البحر الأحمر، إلى شط العرب والمحيط الهندي…
يتناسى حُكام الإمارات إن وجودهم في الحُكْم، على رأس دُويْلَتِهِم، رهين ولائهم للإمبريالية الأمريكية، ورهين تمويل مخططاتها في سوريا والعراق واليمن وغيرها، ولا يُمْكنهم إنشاء قواعد عسكرية في القرن الإفريقي (في ميناء “عصب” الإريتري، وميناء “بربرة” في الصومال)، وتجاهل المنافسة بين القوى العُظْمَى (الولايات المتحدة والصين)، والقوى الأخرى، ومن بينها تركيا والكيان الصهيوني والدّول الأوروبية، وجميعها أكثر قُدْرَة من الإمارات على تأمين هذه المواقع الإستراتيجية…
عنوان الفقرة، مُقتبس من قصيدة عن انهيار الأندلس وانقسامها إلى ممالك صغيرة، وينسب البعض هذه الأبْيات الشعرية للوزير والشاعر “أبو بكر بن عمار” (1031 – 1085) وينسبها آخرون للحسن ابن رشيق القيرواني (1022 – 1088)، أما الأبيات فهي:
مما يُزْهِدُني في أرض أندلُس- أسماء مُعتضِد فيها ومُعْتَمد – ألقاب مملكة في غير موضعها – كالهِرِّ يحكِي انتفاخًا صَوْلَة الأسد
عن رويترز 07/02/2019
بنغلادش – أخبار نقابية: أثار حادث انهيار مبنى “رانا بلازا” وقتل حوالي 1300 عامل وعاملة من عمال مصانع النسيج، سنة 2013، موجة من الغضب والإستياء، فاضطرت الحكومة إلى إقرار إجراءات تجبر أرباب العمل على تزويد المصانع بوسائل الوقاية من الحرائق، وبوسائل الإنقاذ ومنافذ الطوارئ والتّهوئة، واضطرت الحكومة إلى استضافة وفود من منظمة العمل الدولية ومن النقابات الأجنبية، لمراقبة تنفيذ إجراءات الوقاية والسّلامة المهَنِيّة للعمال والعاملات، لكن الحكومة لم تقر آليات لمراقبة تطبيق الإجراءات، وقررت طَرْد البعثات الدّولية، تحت ضغط نقابات أرباب العمل المحلية، وحوالي 200 من الشركات الأجنبية العاملة في بنغلادش، والتي تستفيد من الإستغلال الفاحش لعمال وعاملات بنغلادش، وخصوصًا في قطاع النسيج، حيث لم يكن الأجر الأدنى يتجاوز ستين دولارا، واضطر أرباب العمل والحكومة إلى زيادته ليبلغ معدّل 94 دولارا شهريا، خلال خمس سنوات، وتطالب النقابات برفعه إلى نحو 150 دولارا، نظرا لارتفاع الأسعار وزيادة نسبة التّضخّم…
نَظّمت نقابات عمال وعاملات النسيج والملابس، خلال شَهْرَيْ كانون الأول/ديسمبر 2018، وكانون الثاني/يناير 2019، حملة اعتصامات من أجل زيادة قيمة الحد الأدنى للأُجُور، وجابهت السلطة هذه الحملة (السّلمية) بحملة اعتقالات واسعة، بالتوازي مع حملة أرباب العمل لتسريح 11600 عامل وعاملة، في أكثر من 100 شركة، وتحالفت الحكومة وأرباب العمل للضغط على بقية العُمال، وإجبارهم على توقيع التزامات بعدم الإحتجاج، وبقبول رواتب منخفضة، وقدم أرباب العمل (بدعم من الحكومة) ثلاثة آلاف قضية عدلية ضد العُمال واعتقلت الشرطة سبعين نقابيّا، خلال حملة مداهمات وقمع، قُتِلَ خلالها نقابي واحد، على الأقل، وجُرح العشرات (لم تحدد البيانات النقابية عدَدَهُم)، واستأجرت منظمات أرباب العمل مُجْرِمين محترفين، لترهيب العُمال والعاملات وتهديدهم بالإغتيال…
تستفيد شركات عالمية عديدة من الإستغلال الفاحش لعاملات وعمال بنغلادش، ومن بينها متاجر “كارفور” و”ماركس أند سبنسر” و”ليدل” و”وولمارت” و”ألدي”، والعلامات التجارية “بوما” و “إتش أند إم” و”تسكو” و”نكست” وغيرها… عن نقابات عمال النسيج – غلوبال يونيون 13/02/2019
هايتي: اشترط صندوق النقد الدولي خفض قيمة الدّعم على الوقود والغذاء والمواد الأساسية، قبل الموافقة على قرض، طلبته حكومة هايتي، وأعلنت الحكومة تطبيق الإتفاق وخفض الدّعم وزيادة أسعار البنزين بنسبة 38% والسُّولار بنسبة 47%، وبشكل عام، أدّى خفض قيمة الدّعم الحكومي إلى ارتفاع أسعار مشتقات النفط، فانطلقت مظاهرات احتجاج، منتصف شهر تموز/يوليو 2018، ودامت المُظاهرات أيامًا، وأغلق المتظاهرون الطرقات الرئيسية بالعاصمة “بُورْ أُو برَنْس”، إلى أن اضطررئيس الوزراء “جاك جاي لافونتانت”، لتقديم استقالته (يوم 18/08/2018)، بعد أن أغلقت السفارات أبوابها، وعلَّقَتْ شركات الطيران رحلاتها لهايتي لأيام، ولم ينفع إعلان رئيس الحكومة تجميد الزيادة، إذ استمرت المظاهرات، واضطر صندوق النقد إلى إعلان “قُبُوله” تطبيق ما يُسمِّيه “خطة إصلاح” معدلة تتضمن تخفيضا تدريجيا لدعم الوقود والسّلع الأساسية، وبعد نحو ستة أشهر انطلقت تظاهرات شعبية عَطّلت الحركة في المدن الكُبْرى، وشلت حركة التجارة والنّقل والتعليم، يوم الخميس 07 شباط/فبراير 2019، ضد ارتفاع الأسعار والتّضَخّم، وللمطالبة بإقالة الرئيس “جوفينيل مويز”، بعد نشر تقرير لدائرة تدْقِيق الحساباتحول سوء إدارة المال العام، واحتمال اختلاس أموال اقترضتها الدولة من فنزويلا، سنة 2008، وكانت مُخَصّصَة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية في هايتي، واختلاس أموال أخرى كانت مُخَصَّصَة لإعادة إعمار البلاد، بعد الزلزال الذي دَمّرها سنة 2010، وأودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وترك عشرات الآلاف بدون مأوى، وارتفع عدد قَتْلَى مُظاهرات شباط 2019 إلى عشرة على الأقل، خلال ستة أيام، منذ بداية الاحتجاجات، وقُتِل شاب، على مسافة قصيرة من مكاتب الرئاسة، إثْرَ مَنْعِ قوى الامن المتظاهرين من الوصول اليها، مستخدمة كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع، لتفريق الشبان الذين أتى معظمهم من الاحياء الشعبية الفقيرة (من حي “سيتي سُولايْ”، أو حي الشمس)، ويتهمون الحكومة بعدم تأمين المواد الغذائية والماء والدّواء للشعب، فيما تعيش أقلِّية من الأثرياء في بذخ فاضح، وتُفيد بيانات البنك العالمي إن حوالي 80% من السّكّان فُقراء، وإن 54% من السّكّان (أي أكثر من خمسة ملايين نسمة) يعيشون تحت خط الفقر، بأقل من 2,4 دولارا في اليوم، وتعيش البلاد في ظل وصاية أمريكية أو انتداب، بدعم من الأمم المتحدة، منذ الإطاحة بالرئيس “أرستيد”، مما حول البلاد إلى وَكْرٍ للفساد ولغسيل الأموال، ومرتع للمنظمات “غير الحكومية” التي تُمولها حكومات الولايات المتحدة وكندا، وبعض الدول الأوروبية، وتحكم البلاد من ورائها…
كانت هايتي مستعمرة إسبانية، ثم فرنسية (1626)، وعرفت ثورات عديدة خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الثامن عشر، ونالت استقلالها سنة 1804، وينحدر سكانها الحاليون من العبيد الذين جلبهم الإستعمار الفرنسي من إفريقيا، للعمل في المزارع، وبعد الإستقلال، بقيت “هايتي” شبه مُسْتعمَرَة، وتحت الهيمنة الفرنسية والأمريكية، وتداول على حُكْمِها الدكتاتوريون المَدَنيّون والعسكريون، إلى أن تمكنت انتفاضة السابع من شباط/فبراير 1986 من الإطاحة ب”دوفالييه” الإبن، الذي ورث الحكم عن أبيه، وأصبح “جان بيرتراند أريستيد” أول رئيس جمهورية مُنْتَخَب، ولكن الولايات المتحدة لم تَرْضَ عنه، وأُزيح مرتيْن من السلطة، وأطاح به الجيش، فاضطر إلى الإستقالة، وقبول المَنْفَى، سنة 2004، وأصبح الجيش الأمريكي (بدعم من المنظمات غير الحكومية) يحكم البلاد، من وراء ستار إسمُهُ “بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي”، ورَبَطت الولايات المتحدة اقتصاد “هايتي” باقتصادها، عبر اتفاقية كانون الأول/ديسمبر 2006، التي حَوّلت هايتي إلى مصنع للملابس التي يحتاجها سوق أمريكا، برأس مال أمريكي وعُمال محلِّيِّين، وتُشكل صادرات الملابس نحو 70% من صادرات هايتي، وحوالي 10% من الناتج المَحلِّي الإجمالي، وتدخل هذه المنسوجات والملابس السوق الأمريكية، دون تسديد الضرائب، لِتُباع للمُسْتهلك الأمريكي بأسعار مُنْخَفِضَة، وبذلك لا يُطالب العامل الأمريكي بزيادة الرواتب، وتُعوّل الآلاف من الأُسَر على تحويلات أقاربها في الخارج، فيما تُعوّل الحكومة (وهي حكومة صُورِيّة) على الدّعم الخارجي لتتمكّن من بناء الميزانية… عن أ.ف.ب(بتصرف) 14/02/2019
أوروبا – ضحايا الحُرُوب والفَقْر: تبجّح ناطق باسم وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس)، التي زادت ميزانيتها وإنفاقها على مراقبة الحدود بالتجهيزات المتطورة، بانخفاض عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا سواحل إيطاليا، عبر البحر الأبيض المتوسط، في كانون الثاني/يناير 2019، بنسبة 73%، مقارنة بشهر كانون الأول/ديسمبر 2018، وبلغ عدد الذين وَصَلُوا في الشهر الأول من سنة 2019 (في أوج الشتاء) 6760 مهاجرًا معظمهم من تونس وبنغلادش، فيما وصل إلى إسبانيا (عبر البحر) نحو 3780 مهاجرًا، معظمهم من غينيا والمغرب، بانخفاض نسبته 18% مقارنة بشهر كانون الأول/ديسمبر 2018، ويصل عدد آخر من المهاجرين، من مناطق أخرى من العالم (خصوصًا من البلدان التي خَرّبها وقَسّمها العدوان الأمريكي والأوروبي والأطلسي)، عبر البحر (اليونان) أو عبر البر (البلقان)…
في إيطاليا، رفع المدعي العام في أغرينتو (صقلية) ملفا إلى نيابة باليرمو، للتحقيق في قضية “احتجاز غير مشروع للمهاجرين”، ضد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني (يمين متطرف)، وذلك بعد احتجاز نحو 150 مهاجرًا (من بينهم عشر نساء)، بأمر من وزير الداخلية، يوم 20 آب/أغسطس 2018، داخل السفينة (ديتشوتّي)… واشتهر نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي “ماتيو سالفيني” بتصريحاته العنصرية والإستفزازية، وأمر مُؤخّرًا بتنفيذ عمليات تفتيش واسعة النطاق، في جميع أنحاء إيطاليا، وفي مراكز إيواء المهاجرين، بحثًا عن مهاجرين، لم تتمكن الشرطة من القبض عليهم، وتتنزل هذه التصريحات والحملات التي تُذكِّر بفترات الحكم الفاشي في إيطاليا، والنّازي في ألمانيا، ضمن حملات إشهارية، تتكفل بترويجها مختلف وسائل الإعلام، لإلْهاء المواطنين عن الحديث في مشاكل الفقر والبطالة وسياسة التقشف، وإشعال حرب بين الفُقراء والعُمّال على أساس الجنسية أو اللون، أو غيرها من الإختلافات المُفْتَعَلَة… عن أ.ف.ب13/02/2019
فرنسا – “معجزة” كاتدرائية باريس: اغتنم أثرى الأثرياء في فرنسا حريق كاتدرائية “نوتردام” بباريس، للإستفادة من إشهار مجاني، قد يُكلّفُهم مليارات من اليورو، لو كانت الإعلانات مدفوعة، وأعلن هؤلاء الأثرياء استعدادهم للتّبرّع بالمال لإعادة بناء الكاتدرائية، كما أعلنت الحكومة وبلدية باريس والهيئات المحلية والإقليمية، وبسرعة غريبة، توفير مئات الملايين من اليورو لإعادة بناء هذا المَعْلَم الدّيني والسِّياحي والتّاريخي، بينما تفرض جميعُ هذه الأطراف التّقَشُّفَ وخفض الإنفاق الإجتماعي، بذريعة “الأزمة” وشح الموارد، وفجْأةً تَبَيّنَ زَيْفُ هذا الإدّعاء، وأعلنت محطة “فرنس إنتار” جمع حوالي مليار يور، تبرعات الأثرياء، ومن أموال ضرائب الأُجَراء والعُمّال، خلال أقل من 48 ساعة، على انطلاق حريق الكاتدرائية…
أعلنت مجموعات رأسمالية “التبرع” بمبالغ هامة، دون استشارة مجلس الإدارة أو العاملين الذين تحقّقت الأرباح بفضل عَملهِم المُضْنِي، وأعلنت مجموعة أُسرة “أرنو”، التي تمتلك شركة “إل في إم إتش” التبرع بمائتَيْ مليون يورو، أو ما يعادل الراتب الشهري لنحو 170 ألف من عُمّالها (بالأجر الأدنى)، أما مجموعة أُسْرة “بينو”، التي تمتلك مجموعة شركات “كيرنغ”، وشركة “أرْتِميس” للإستثمارات، فقد أعلنت “التبرع” بمائة مليون يورو، فيما أعلنت مجموعة “بوِيغْ” (على ملك مارتن وأوليفييه بويغ) التبرع بمبلغ عشرة ملايين يورو، مبدئيا، وقد تضيف إليها مبلغًا آخر، ومجموعة “بويغ” تُهيمن على “الأشغال العامة” (الجسور والطرقات والبنية التحتية وبناء العمارات) في العالم، وتحكم عددًا من الدول الإفريقية، عبر دعم الدّولة الفرنسية لها، كما تُسيطر على الإعلام، عبر قنوات الإذاعة والتلفزيون (تي إف آن و إل سي آي…)، كما أعلنت مجموعة “لوريال” لمواد النظافة والتجميل التبرع بمائتَيْ مليون يورو، وهي شركة ساعدت الإحتلال النازي لفرنسا، أثناء الحرب العالمية الثانية، ودعمت حكومة “فيشي” العَميلة، كما دعمت الدّكتاتوريات العسكرية في أمريكا الجنوبية، وأعلنت مجموعة “توتال” للمحروقات التبرع بمائة مليون يورو، وهي أكبر شركة فرنسية مُعوْلَمة، وتحتل المرتبة الأولى في تحقيق الأرباح، ولكنها لم تُسدّد ضرائب لسنوات عديدة، وتحتال على التشريعات، بشكل قانوني، يسمح لها بعدم تسديد الضرائب، وأعلنت مجموعة “ميشلان” التبرع بمبلغ لم تعلنه عند تحرير هذا الخبر، وهي مجموعة تمتلكها أُُسْرَة “ميشلان”، وساهمت في استعمار دول جنوب آسيا، واستغلت العُمّال مثل العبيد، لجمع المَطّاط من الأشجار، قبل تصنيع عجلات السيارات، كما تبرعت شركات ومصارف أخرى بمبالغ ظهرت فجأة، بينما ترفض جميع هذه الشركات زيادة رواتب العُمّال، وتحسين ظروف عملهم…
مبدئيًّا، يبحث أي رأسمالي، أو تاجر أو ثرِي، عن أقْصر السُّبُل لزيادة ثروته، ولا يُبَذِّرُ أي رأسمالي المال فيما لا يجني منه أرباحًا طائلة، ولذلك فإن عبارة “التّبَرُّع” تكون مُضَلِّلَة، وفي غير مَحَلِّها، ووجب استبدالها بعبار “الإستثمار” (المُجْزِي، أو مَضْمون الأرباح الوفيرة)، لأن هذه “التبرعات” تُقْتَطَعُ من ضرائب أرباح هذه الشركات (ولو على سنوات)، وسوف يُسدّدُها العُمال والأُجراء، بمضاعفة وتيرة استغلالهم، وتجدر الملاحظة إن العديد من الشركات “المُتَبَرِّعة” متورّطة في دَعْم الإنقلابات، وفي تغيير الحكومات، ودعم الدكتاتوريات العسكرية، ودعم المجموعات الفاشية في فرنسا، خلال ثلاثينيات القرن العشرين، والإحتلال النازي لفرنسا، فيما ترفُضُ مجموعات مثل “كارفور” و”إل في إم إتش” (وغيرها) تسديد تعويضات لأُسَر عاملات وعمّال بنغلادش الذين قُتِلُوا تحت أنقاض العمارة المكونة من ثماني طوابق، والتي انهارت سنة 2013، وعددهم 1300 عاملة وعامل، بالإضافة إلى المصابين بإعاقات دائمة، وذلك أثناء عملهم في مصانع ضواحي “دكّا” (عاصمة بنغلادش) التي تصنع ملابس لحساب هذه الشركات وشركات عالمية أخرى عديدة، ولا تزال النقابات وأُسَر الضحايا، تُطالب بتعويضات مالية… عن أ.ف.ب + محطات إذاعات القطاع العام الفرنسي (بتصرف)، صباح يوم 17/04/2019
فرنسا، “سخاء” انتقائي: أعلن الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” أن ترميم الكاتدرائية “سيستغرق خمس سنوات، لتصبح أجمل مما كانت عليه”، ورغم الإجماع الشّكْلِي والمُصْطَنَع، اضطرت وسائل الإعلام للحديث عن أصوات “نَشاز”، ولكن تكَاثَرَ حجمها، كي لا يمكن اعتبارها “نشازًا”، وتندد هذا الأصوات بهذا “السّخاء الإنتقائي” للأثرياء ولرئيسهم (ماكرون) من رجال الأعمال والشركات والمَصَارف، وتستنكر هذا السّيْل من الوعود بتقديم هبات بمبالغ طائلة لترميم كاتدرائية نوتردام، بينما ترفض الدولة والشركات ورجال الأعمال زيادة الرواتب وتحسين ظروف عمل العُمال، ناهيك عن خفض الإنفاق في القطاعات الإجتماعية، والصحة والتعليم وزيادة أسعار النقل وخدمات الكهرباء والمياه والضرائب غير المباشرة، وصرّح الأمين العام لأكبر اتحاد عمالي “الاتحاد العام للعمال” (سي جي تي)، فيليب مارتينيز: “إذا كانوا قادرين على منح عشرات الملايين لترميم كاتدرائية نوتردام، فليكفوا عن القول لنا إنه ليس هناك مال لمعالجة الحالة الاجتماعية الطارئة”، وأبدت إحدى الناطقات باسم حركة “السترات الصفراء”، أملها في “العودة إلى الواقع”، منددة ب”حياد مسؤولي الشركات الكُبرى أمام البؤس الاجتماعي”، فيما تثبت هذه الشركات والمصارف قدرتها على حشد مبالغ هائلة، في ليلة واحدة، لصالح كاتدرائية نوتردام”، ويتظاهر عناصر حركة “السترات الصفراء” منذ أشهر في الشوارع، احتجاجا على الزيادات المتتالية لسعر البنزين، وإثقال كاهل الفُقراء بالضرائب، أما الأثرياء فإن القانون يُمَكِّنُهم من التّهرّب من الضرائب، عبر شراء التُّحف والأعمال الفنية، وعبر توريث ثرواتهم لأبنائهم، قبل وفاتهم، وتقتطع الشركات التي تستثمر فيما تعتبره نشاطًا ثقافيًّا، نسبة 60% من نفقاتها، لتوجيهها إلى مثل هذا الإستثمار، بدل استفادة الخزينة العامة منها، ويرفض الأثرياء منذ سنوات، مقترحات منظمات إنسانية عديدة، بزيادة ضريبة إضافية بقيمة لا تتجاوز 1% على الثّروات الكُبْرى، وتخصيصها لمكافحة الفقر، والسّكن غير اللائق… أ.ف.ب 17/04/2019
إيطاليا: تعيش شركات الطيران الأوروبية أزمة منذ عدة سنوات، بسبب احتداد المنافسة مع شركات منخفضة التكلفة والخدمات، تُسجل مقر إدارتها في الملاذات الضريبية، حيث لا تُسدّد ضرائب، أو في مناطق منخفضة الضرائب، مثل إيرلندا، وتحقق شركات لوفتهانزا وإير فرانس وأليتاليا أرباحًا هامة، واستفادت من انخفاض أسعار النفط، لكنها ترفض زيادة رواتب الطيارين وموظفي الإستقبال، مما جعل النقابات تدعو إلى الإضراب في عدة مناسبات خلال السنتين الأخيرتين، بالتوازي مع موجة اندماجات واستحواذات في قطاع النقل الجوّي، وتعاني شركة “أليطاليا” من سوء التصرف منذ سنوات (والعُمال غير مسؤولين على ذلك)، مما يُهدّد ببيعها للقطاع الخاص، وتقدّمت شركة “آير فرنس” بعرض لشرائها، لكنه سحبت العرض، على إثْر الأزمة السياسية بين الحكومتين اليمينِيّتَيْن في البلدين، وأعلنت مصادر حكومية إن شركة الطيران الأمريكية “دلتا إيرلاينز” وشركة “إيزي جت” البريطانية، قدّمتا عَرْضًا لاستحواذ كل منهما على نحو 20% من أسهم شركة الطيران الإيطالية “أليطاليا”، وأفادت مصادر نقابية بأن الحكومة الايطالية تعتزم مع شركة السكك الحديدية (قطاع عام) إمتلاك أكثر من 50% من أسهم الخطوط الجوية الايطالية (أليتاليا) في إطار خطة إنقاذ الناقل الوطني، ولكن عَرْضَ شركتي “دلتا إيرلانيز” الامريكية و”إيزي جيت” البريطانية، يتضمّن خفض عدد طائرات أسطول “أليتاليا” وتسريح آلاف الموظّفين، مما يثير تحفُّظَ النقابات…
من جهة أخرى، تظاهر مئات الآلاف من العاملين يوم التاسع من شباط 2019، في العاصمة روما، تلبية لنداء النقابات للاحتجاج على سياسات الحكومة، ولمطالبتها ببدائل لتنمية اقتصاد البلاد الذي يعاني من الإنكماش في ظل انخفاض حجم الصادرات، بدل إشْغال الرّأي العام بالجدل حول قضايا هامشية، ووصفت وكالة “آكي” ووكالة الصحافة الفرنسية مظاهرة يوم 09/02/2019 بأنها أكبر تظاهرة تشهدها إيطاليا منذ أربع سنوات، واستخدمت النقابات 12 قطاراً و1300 حافلة وعبّارات ورحلات طيران منخفضة الأسعار، لنقل المتظاهرين من مختلف مدن إيطاليا إلى العاصمة “روما”، وحمل المتظاهرون لافتات تُطالب بوضع حد لسياسة التقشف، وبإقرار برنامج استثمار يتم تمويله من القطاعين العام والخاص، وإصلاحات أوسع من تلك التي تعرضها الحكومة حالياً، مع مكافحة البطالة والفَقْر، عبر الإستثمار وخلق وظائف، بدل توزيع بعض الفُتات، وصرح الأمين العام لنقابلة “سي جي آيال” التي تضم 5,5 ملايين عضو أن الاستثمار انخفض بنسبة 30% خلال العقد الماضي، وسجل الاقتصاد الإيطالي (ثالث أكبر اقتصاد أوروبي) انكماشا في الربع الأخير من 2018 ودَخل في حالة رُكُود، ونشرت ثلاث نقابات إيطالية بيانًا يدعو إلى إقرار برامج إعادة توزيع عبء الضرائب والرّسوم، لكي يتحمل الأثرياء جُزْءًا من الحمل، وخطة استثمار واسعة على الصعيد الأوروبي، تضع حدّا لخطط التقشف التي أدت إلى تعميق الفجوة الطبقية بين المواطنين، وإلى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، خصوصًا في فئات الشباب والنّساء، وبرنامجًا يشمل حماية اجتماعية وتأمينا صحيا لكافة المواطنين، وكان مكتب الإحصاء الإيطالي “إسْتات” قد نشر بيانات تفيد ارتفاع البطالة إلى نسبة 10,6% من القادرين على العمل، بنهاية سنة 2018 (ارتفاعً من نسبة 7,1% بنهاية 2007)، وهو أعلى معدل بطالة في الإتحاد الأوروبي، بعد اليونان وإسبانيا، وارتفعت نسبة البطالة في أوساط الشباب الإيطالي إلى 32,1% بنهاية سنة 2018… وكالة “أكي” (رسمية) +أ.ف.ب 09/02/2019
إسبانيا – نظرة عامة: طلبت إسبانيا من الإتحاد الأوروبي اعتبار الجزء الذي تحتله بريطانيا من مضيق “جبل طارق” منطقة أوروبية تحتاج الى تصفية الاستعمار، في حال خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، ولكن إسبانيا تحتل بدورها مدينة “سبتة” ومدينة “مليلة” وكذلك الجُزُر الجَعْفَرية، وجميعها أراضي مغربية، واستغلت إسبانيا عدم مطالبة نظام الحكم في المغرب بهذه الأراضي المغربية، كما تحالفت حكومة إسبانيا ضمنيا مع الأرجنتين التي تُطالب بريطانيا بالإنسحاب من جزُر “المالوين”، التي كانت سببًا في حرب انهزمت خلالها قوات الأرجنتين أمام بريطانيا المدعومة من الدول الأوروبية، والولايات المتحدة، سنة 1982، وكانت الحرب مُقَدّمةً لانهيار حكم الجيش الذي نفذ انقلابًا “أمريكيا” سنة 1976…
ماذا عن “سبتة” و”مليلة” و”الجُزر الجعْفَرِية” وهي أراضي مغربية تحتلها إسبانيا؟ لم يبذل النظام المغربي جُهودًا للمطالبة بها، باستثناء استخدامها أحيانًا كورقة مُساوَمَة، ولئن كان موقع هذه المُسْتعمرات استراتيجيًّا، فإنها لا تحتوي ثروات هائلة (الفوسفات والثروات البحرية) مثل الصحراء الغربية (وهي مُستعمرة إسبانية سابقة، حتى سنة 1976)، بل لم يكن موضوع هذه الأراضي المغربية المُحْتلّة موضوع نقاش، خلال الزيارة التي قام بها ملك إسبانيا “فيلبي السادس” الى المغرب (13 شباط/فبراير 2019) لبحث التعاون الأمني (مَنْع المغاربة والمهاجرين الأفارقة من العُبُور نحو أسبانيا ومُسْتعمراتها)، والتبادل التجاري، بعد الفشل الذريع للمغرب في اجتذاب استثمارات من إسبانيا، مع الإشارة إلى التنسيق المستمر بين شرطة ومخابرات البلدَيْن، بعنوان “مكافحة الإرهاب”، والواقع إن التنسيق يستهدف الفُقراء الراغبين في الهجرة إلى أوروبا، عبر إسبانيا، حيث وصل سنة 2018، خمسون ألف مهاجر، معظمهم من المغرب، إلى إسبانيا، أما في مجال التبادل التجاري، فقد تفوقت إسبانيا على فرنسا، لتصبح المُصَدِّر الرئيس للسلع إلى المغرب، لكن استثمارات المصارف والشركات الإسبانية ضعيفة جدًّا في المغرب…
يُشكّل انتشار الفساد في أوْساط السُّلْطة، بإشراف الأُسْرَة المَلَكِيّة، قاسمًا مُشتركًا بين إسبانيا والمغرب (ودول عربية وأجنبية أخرى)، وتُحقّق النيابة العامة لمكافحة الفساد (رسميا منذ نهاية كانون الأول/ديسمبر 2018) في الرشاوى التي تلقتها شركات إسبانية، في صفقة إنشاء القطار السريع بين مكة والمدينة (السعودية)، ويُشْتَبَهُ في تَورّط الملك الولد “خوان كارلوس” وشخصيات من الأسرة المالكة للسعودية، في التوسّط لعقد الصّفقة (بقيمة سبعة مليارات يورو)، مقابل رَشاوى بقيمة ثمانين مليون يورو، وسبق أن أعلنت النيابة العامة إنها توصّلت بالوثائق المطلوبة، في أيلول/سبتمبر 2018، وكان الملك “خوان كارلوس” يتمتع بالحصانة (بقي ملكًا حتى 2014، قبل التنازل لفائدة ابنه فليبي) أثناء توقيع صفقة إنشاء القطار السريع في السعودية سنة 2011، لذلك سوف يعتبر القضاء الإسباني “المَلِكَ الوالد”، شاهدًا، رغم الإتهامات والحُجَج، وتورّط خوان كارلوس في عدد من فضائح الفساد المالي والأخلاقي، مما اضطره للتنازل عن الحكم لصالح ابنه الملك فيلبي السادس…
تُعتبر إسبانيا بوابة أوروبا (جبل طارق)، وتستضيف قواعد أمريكية وأطلسية هامة، خصوصًا في مجال المراقبة والتنصت، وضغطت الولايات المتحدة على الحُلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، من أجل زيادة ميزانية السلاح والحرب، وتمويل الصناعات العسكرية الأمريكية، وشراء مُعدّات أمريكية مُرتفعة الثمن (مثل طائرة إف 35)، ورضخت الحكومة الإسبانية، فَأَقَرّت شراء معدّات حربية لجيشها بقيمة تتجاوز 12 مليار يورو، “ليحافظ الجيش على تفوقه العسكري على المغرب والجزائر، مجتمعَتَيْن”، وفق الصّحف الإسبانية، وذلك رغم الأزمة الاقتصادية التي أدّت إلى ارتفاع نسبة البطالة، وإلى انخفاض قيمة الرواتب، قبل زيادتها مُؤخّرًا…
في المجال السياسي، تمر البلاد بأزمة، بعد رفض مجلس النواب التصويت على الميزانية، مما أجبَرَ
رئيس الحكومة “بيدرو شانتيس” إلى الإعلان (يوم الجمعة 15/02/2019) عن إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، يوم 28/04/2019، رغم مخاطر تحول السلطة إلى اليمين، بدعم من اليمين المتطرف (كما جرى في إقليم الأندلس)، وبذلك تكون هذه الحكومة قَصيرة العُمر، من يونيو/حزيران 2018 إلى نيسان/ابريل 2019، أي أقل من سنة، وكان اليمين المتطرف قد حقق فوزًا بنجاح بعض مرشحيه في الإنتخابات الإقليمية في الأندلس، وهي أكبر المُحافظات كثافة سُكّانية في البلاد (بداية كانون الأول/ديسمبر 2018)، وتعددت التهاني من زعماء اليمين المتطرف الأوروبي، ومن زعيم للعنصريين الأمريكيين، وهو مسؤول سابق في منظمة “كيو كلاكس كلان” التي أعدمت عددا هائلاً من السود ومن التقدميين الأمريكيين، وتعتبر الأندلس ذات الحكم الذاتي، ذات وزن كبير في موازين القوى الإسبانية، ورغم فوز الحزب الاشتراكي كقوة أولى في انتخابات الأندلس، غير إن حزب “فوكس”، اليميني المتطرف، حصل على 400 ألف صوت وعلى 12 مقعداً في البرلمان الإقليمي، وتحالفت حزبان يمينيان مع اليمين المتطرف (حزب “فوكس”، وهو إسم كَلْب) لتشكيل الحكومة المحلية على حساب الحزب الاشتراكي الذي حصل على المركز الأول، ويتوقع حصول اليمين المتطرف على ثلاثين مقعد في الإنتخابات التشريعية السابقة لأوانها، وكان اليمين المتطرف يُشكل جناحًا قَوِيًّا داخل “الحزب الشعبي”، الذي أعاد تدوير أنصار فرانكو، ومجمل اليمين المتطرف في إسبانيا، لكن وبعد نحو أربعة عُقود، عاد اليمين المتطرف، لِيُعَبِّر عن وجوده القوي، بشكل مُستقل، في حزب “فوكس”، بدعم من الأحزاب الفاشية الأوروبية (فرنسا بشكل خاص)…
أصاب الذّهول آلاف المواطنين، بعد إعلان النتائج في الأندلس، وانطلقت تظاهرات عفوية في مختلف مدن الأندلس مثل غرناطة واشبيلية وقرطبة، تنديدًا بعودة الفاشية في اسبانيا (الواقع إنها كانت مُمثلة داخل “الحزب الشعبي”)، بعد أن اعتقد اليسار “السّاذج” (الغَبِي؟) إن الفاشية دُفِنَتْ مع جيفة الجنرال “فرانسيسكو فرانكو”… عن أ.ف.ب + موقع صحيفة “إلموندو” (إسبانيا) + صحيفة “ديلي تلغراف” (بريطانيا) 15 و 18/02/2019
بلجيكا: يعود تنفيذ آخر إضراب عام في بلجيكا إلى شهر كانون الأول/ديسمبر 2014، ونفّذت نقابات العمال إضرابًا شاملا، بعد أربع سنوات، في كل القطاعات، من أجل رفع الرواتب والمعاشات وتوفير ظروف عمل أفْضَلَ، وشَلّ الإضراب البلاد بشكل شبه تام، طيلة يوم الأربعاء 13 شباط/فبراير 2019، وأدى الإضراب إلى إغلاق الادارات العامة ووسائل النقل ومصلحة البريد والمدارس والمستشفيات وجمع النفايات، وكذلك الشركات والمراكز التجارية، وأدّى أيضًا إلى عرقلة حركة النقل، وإغلاق الشركات والمطارات وعرقلة حركة القطارات بشكل كبير، خاصة في العاصمة “بروكسل”، التي تستعد لاستقبال وزراء الحرب للدول المُنْتَمِيَة لحلف شمال الأطلسي الذين يعقدون اجتماعاً في المدينة (مقر الحلف) يوم 14/02/2019، وألغت شركة السكك الحديد أكثرَ من نصف رحلات القطارات، باستثناء رحلات القطارات السريعة المتوجهة إلى لندن وباريس، فيما توقفت حركة النقل الجَوِّي بشكل كامل، طيلة 24 ساعة، باستثناء الرحلات الحكومية والعسكرية والرحلات الطارئة، مما أَخّر وُصُول بعض وزراء الحلف الأطلسي (ناتو)، وألغت إدارة المطار قرابة 600 رحلة، كانت سَتُقِلُّ نحو ستين ألف مُسافر، بالإضافة إلى شحنات السّلع، واعتبرت الحكومة المُصَنّفَة “يمين الوسط” إن الإضراب يتّسم بطابع سياسي، بهدف الضّغط على الحكومة، قبل الإنتخابات العامّة المقررة في أيار/مايو 2019، وأعلن ناطق باسم نقابات أرباب العمل، “إن الإضراب يَضُرُّ بسمعة بلجيكا”، ويُبْعِدُ عنها الإستثمارات الأجنبية، أي الشركات متعددة الجنسية، أما رئيس الوزراء فقد طلب استئناف المفاوضات بين ممثلي النقابات وأرباب العمل، وهي المفاوضات التي فشلت، وكانت سببًا في تنفيذ الإضراب، بالإضافة إلى انخفاض القيمة الحقيقية للرواتب، خلال السنوات الأربعة الماضية…
من جهة أخرى، نشر مكتب الإحصاء البلجيكي (ستاتبل – Statbel) نتائج مسح إحصائي (28 كانون الثاني/يناير 2019) عن الدخل وظروف المعيشة (EU-SILC) أظْهرت إن 10% من المواطنين البالغين لا يستطيعون ممارسة نشاطات رياضية أو ترفيهية أو اجتماعية، ولا يستطيعون الإستمتاع بأوقات الفراغ أو الإجازات، بسبب انخفاض قدراتهم المالية، وإن آلاف الأُسَر تعجز عن تسديد ثمن الفَواتير، قبل انقضاء أجل استحقاقها، أو تعجز عن توفير وجبة كاملة وصحية، وتعجز 24% من الأُسَر على مواجهة نفقات غير متوقعة، تفوق قيمتها أَلْف يورو، ويعجز 23% من السكان عن قضاء إجازة لمدة أسبوع واحد في السنة (خارج محل سُكناهم)، لأسباب مالية، وإن 12% من السكان البالغين من العمر 16 سنة فأكثر غير قادرين مالِيًّا، على المشاركة في الأنشطة الترفيهية بشكل منتظم، ويعيش 19% من السكان في أسرة تواجه مشاكل في تلبية احتياجات أفرادها…
ورد في موقع الصحيفة البلجيكية “دي تايد” (يوم 08/02/2019) إن مكتب التخطيط الفيدرالي يتوقع ارتفاع عجز الميزانية من نسبة 0,8% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2018، إلى نسبة 1,7% من الناتج المحلي الإجمالي (أو ما يقارب 7,7 مليار يورو) سنة 2019، بسبب انخفاض إيرادات الدولة من ضرائب الشركات، لأن الحكومة قرّرت خفض الضريبة على الأثرياء والشركات الكُبْرى، ورغم هذه التخفيضات، تأخرت هذه الشركات عن تسديد أكثر من تسعين مليون يورو من قيمة هذه الضريبة (المُنْخفضة)، بذريعة انخفاض أرباحها سنة 2018… عن وكالة “بلغا” + أ.ف.ب 13/02/19
أمريكا: في إطار الحرب التجارية التي أطلقتها حكومة الولايات المتحدة ضد العالم، أوصى تقرير، صادر عن وزارة التجارة الأمريكية (يوم الأحد 17/02/2019)، بفَرْضِ رسوم مُرتفعة على السيارات وقطع الغيار والمكونات والتقنيات المستوردة، ويعتبر مُعِدُّو التّقرير إن واردات السيارات، وخصوصًا السيارات الكهربائية، أو الآلية (ذاتية القيادة) “تُهَدِّدُ الأمن القومي الأمريكي”، أما ممثلو قطاع صناعة السيارات في الولايات المتحدة، فيعتبرون “إن فرض رسوم قد تصل إلى 25% على ملايين السيارات المستورة ومكوناتها، سوف يَرْفَعُ من تكلفة السيارات الأمريكية بنسبة مماثلة، أو تفوقُها، وقد يُؤَدِّي ذلك إلى إلغاء مئات الآلاف من الوظائف فى قطاع صناعة السيارات، وفي قطاعات أُخْرى مرتبطة بها، بشكل مُباشر أو غير مُباشر”…
من جهتها، أنذرت المفوضية الأوروبية (يوم الإثنين 18/02/2019)، أن الاتحاد الأوروبي سوف يرد، بشكل سريع، وبطريقة مُناسِبَة، على الأضرار التي قد يُلْحِقُها قرار فَرْض تعريفات جمركية إضافية على واردات السيارات الأوروبية، وكان الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قد استهدف الإقتصاد الأوروبي، وألمانيا بشكل خاص، وأعلن سابقًا اعتزامه فرض رسوم بنسبة 25% على السيارات الأوروبية، “لأن سيارات ألمانيا أضرت بصناعة السيارات الأمريكية3، وفق الرئيس الأمريكي…
في باب حُقُوق الإنسان والديمقراطية، كشفت دراسة بَحْثِيّة بشأن العنف والجرائم ضد النساء واستعبادهن للعمل المنزلي وأعمال السّخرة (العمل الإجباري المَجاني) والزواج القَسْري، والمخاطر التي تواجه النّساء “إن الهند هي أخطر مكان على حياة النساء وحُرِّيّتِهِن…”، وصنّف التقرير الولايات المتحدة ضمن قائمة البلدان العشْرة الأشد خَطَرًا على النساء، بعد البلدان التي تعيش حالة حرب وعُدْوان (أمريكي) مثل أفغانستان وسوريا والصومال والسعودية وباكستان والكونغو واليمن ونيجريا، وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة العاشرة، بسبب ارتفاع حالات العُنف والإيذاء الجنسي والتّحرّش والمَيْز، وارتفاع عدد ضحايا السلاح الناري في المنزل وفي الفضاء العام… عن رويترز 19/02/2019
“عَرْبَدَة” أمريكية: نجحت الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، ومنذ اجتماع “بريتن وودز”، بالتّحَكّم في مقاليد الإقتصاد الرأسمالي العالمي، عبر الدّولار الذي يُستخدم لتقييم أو تَسْعِير السّلع والمبادلات التجارية العالمية والإحتياطي المالي للدول والتحويلات المصرفية، وكذلك عبر الهيمنة على صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، وتعتمد الولايات المتحدة بالخصوص على القُوّة العسكرية، وعلى التّهديد، وتنفيذ الإنقلابات، والحظْر والعُقُوبات، وبشأن العقوبات، تتصرف الولايات المتحدة وكأنها أداة تشريع عالمي، ففرضت حصارًا على كوبا منذ أكثر من 55 سنة، وعلى إيران منذ أربعين سنة، بالإضافة إلى عقوبات ضد كوريا الشمالية وفنزويلا والصين وروسيا وسوريا، ودول أخرى عديدة، وقدّمت موخّرًا مجموعة من أعضاء الحزب الديمقراطي، في مجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قانون، لفرض مزيد من العقوبات الجديدة على مصارف روسية، وفرض عقوبات تستهدف الدَّيْن السِّيادي الرُّوسي واستثمارات روسيا في مشاريع الغاز الطبيعي المسال في الخارج، في محاولة لإجهاض مشاريع تصدير الغاز الروسي نحو أوروبا وآسيا، خصوصًا بعد أن أصبحت صادرات الغاز والنفط الصّخْرِيّيْن الأمريكيَّيْن تُنافس غاز “قَطَر” ونفط وغاز روسيا، في قارّتَيْ آسيا وأوروبا، بالإضافة إلى عقوبات ضد قطاع صناعة السفن الروسي…
تعمد الولايات المتحدة إلى فرض العقوبات، لتحقيق عدة أهداف، من بينها تقويض اقتصاد البلاد المُسْتَهْدَفَة، وخفض قيمة العُملة المَحَلِّيّة، لترتفع قيمة وارداتها من الخارج، في ظل انخفاض احتياطيات العملة الأجنبية…
أدّى فرض العقوبات الأمريكية على تركيا (عضو حلف شمال الأطلسي، وصديق الكيان الصهيوني)، إثر توتّر العلاقات بين الحليفَيْن، إلى تدهور سعر صرف العملة التركية (الليرة) إلى أدنى مُستوى، سنة 2018، حيث خسرت العملة التركية مقابل الدولار نحو 40% من قيمتها، مقابل الدولار، أما في سوريا، فقد كان الدولار يُساوي خمسين ليرة سورية سنة 2011، عند بداية الحرب العدوانية، وتأثّر اقتصاد البلاد وعملتها بالحرب وبالعقوبات المفروضة، وانخفضت قيمة العُمْلة (الليرة) تدريجيا، وبلغت أدْنى مستوياتها سنة 2016، حيث بلغ سعر الصرف أمام الدولار أكثر من 600 ليرة، لتخسر بهذا نحو 90% من قيمتها، ثم ارتفعت قليلا، بعد هزيمة المجموعات الإرهابية، واستعادة الجيش السوري لجزء هام من أراضي البلاد، وبلغت (عند تحرير الخبر) حوالي 480 ليرة، مقابل الدولار…
في إيران، الخاضعة للعقوبات الأمريكية، منذ أربعين سنة، فقدت العملة الإيرانية سنة 2018، أكثر من 50% من قيمتها، وبالأخص بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، حيث وصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 120 ألف ريال إيراني، خلال شهر أيلول/سبتمبر 2018…
كان سعر الدولار يُعادل ثلاثين روبلا روسيا قبل فرض العقوبات الأمريكية، وانخفضت قيمة الروبل بعد العقوبات، وأصبح الدولار يساوي 67 روبلا يوم العاشر من آب/أغسطس 2018، ثم أقرت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على روسيا، منذ بداية سنة 2019، لكن اقتصاد روسيا أصبح أكثر قُوة، بفضل تطوير العلاقات الإقتصادية والتجارية بين روسيا والصين (بعد تنازلات روسية)، ويبلغ معدل سعر صرف الدولار مقابل الروبل نحو الـ65 روبلا، في بداية شهر شباط/فبراير 2019… عمدت روسيا إلى زيادة احتياطيها من الذهب وخفض حصة الدولار، والتعامل بغير الدولار، كُلّما أَمْكَنَ، في سوق المبادلات التجارية العالمية.
في فنزويلا، بدأت الحكومة استخدام “بوليفار”، كعملة رسمية، ابتداء من شهر كانون الثاني/ يناير سنة 2008، واستهدفت الولايات المتحدة النفط الفنزويلي، والنّظام المصرفي للبلاد، منذ قرابة العِقْدَيْن، فتأثّرت العملة المحلية، وارتفعت الأسعار وبلغ التضخم أرقامًا فَلَكِيّة، واختنق اقتصاد فنزويلا، الذي كان يعتمد على صادرات النفط، وعندما لم تتمكن أمريكا من الإطاحة بالنظام، وبعد إعادة انتخاب الرئيس “نيكولاس مادورو” باغلبية عريضة، نفذت الولايات المتحدة (بدعم من أوروبا) انقلابًا، زاد من حدة الأزمة السياسية والإقتصادية، وتعمّقت الهوة بين العملة الفنزويلية وباقي العملات الأجنبية…
من جهة أخرى، بدأت هيمنة الدولار الأمريكي بالانهيار، بعد محاولات مجموعة “بريكس” (سنة 2014)، والصين وروسيا وإيران وغيرها التّعامل بالعُملات المحلية، والتخلي عن العملة الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض حصة الدولار (بشكل طفيف) من احتياطيات المصارف المركزية، ومن حجم المبادلات التجارية الدّولية، وأصبح قادة الإتحاد الأوروبي يعربون عن الرغبة بفَكِّ الإرتباط بالدولار، والإستقلال الإقتصادي عن الولايات المتحدة الأمريكية، وفق وكالة “بلومبرغ”، التي أعلنت تقليص روسيا أصولها المالية من الدولار، وإدخال الصين عُملتها (يوان) في شراء النفط والغاز، في إشارة لتحدّي هيمنة العملة الأمريكية، واعتبرت الوكالة (التي يملكها الثري الأمريكي بلومبرغ، رئيس بلدية نيويورك الأسبق) هذه المتغيرات “إنذارا سيئا للولايات المتحدة”، خصوصًا بعد سماح قادة الاتحاد الأوروبي لشركات الأوروبية بالتعامل بنظام دفع يمكّنُهم من الإلتفاف على العقوبات الأمريكية، بشكل علني، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران، وبعد فرض أمريكا رُسُومًا على وارداتها من الألمنيوم والفولاذ الأوروبي، وبعد تهديد الولايات المتحدة لعدد من الشركات الأوروبية، وفرض غرامات مرتفعة على شركات ومصارف أوروبية، حاولت منافسة الشركات والمصارف الأمريكية، في أمريكا الشمالية وفي بلدان أخرى، تعتبرها الولايات المتحدة من مَحْمِيّاتِها… عن وكالة “سبوتنيك” (روسيا) 14/02/2019
بزنس الرياضة: تُعْتَبَرُ الأندية الرياضية، وخاصة أندية كرة السّلّة في الولايات المتحدة، وكرة القدم في أوروبا، شركات رأسمالية، تستثمر في شراء اللاعبين، بهدف تحقيق أرباحٍ يتقاسمُها المُساهمون في رأس المال، وارتفعت الإيرادات المجمعة لأغنى عشرين ناديا لكرة القدم، بنسبة 6%، لتصل إلى 8,3 مليار يورو، وهو رقم قياسي جديد (موسم 2017/2018)،وتصدر نادي ريال مدريد قائمة أندية كرة القدم العشرين الأغنى في العالم، وحقق أرباحا قياسية، قدرها 750,9 مليون يورو، خلال الموسم 2017/2018، بفضْل فوزه ببطولة دوري أبطال أوروبا (أيار/مايو 2018)، للمرة الثالثة على التوالي، مما زاد من إيرادات النادي، ومن زيادة عائدات “الرعاية”، وعائدات التسويق، وبيع منتجات النادي من قُمْصان وتذكارات، كما أصبح النادي يقوم برَحلات حول العالم، لإجراء مباريات استعراضية، قبل بدء الموسم الكروي، ليزيد من عائداته، وكان نادي “مانشستر يونايتد” البريطاني، قد تصدّر الترتيب خلال الموسم السابق (2016/2017)، لكنه تراجع إلى المركز الثالث، بينما احتل نادي برشلونة المركز الثاني، وراء ريال مدريد خلال الموسم 2017/2018، فيما احتلت 6 أندية إنغليزية مراكز، ضمن أغنى عشرة أندية في العالم، وهو رقم قياسي جديد، وتعتمد القائمة على إيرادات الأندية فقط، دون الأخذ في الاعتبار ديونها، ولكن هناك فوارق كبيرة، حيث اتّسَع الفارق في العائدات بين صاحب المركز الأول (ريال مدريد) والمركز الثاني (نادي برشلونة) إلى حوالي ستِّين مليون يورو…
احتل نادي ريال مدريد المركز الأول، يليه نادي برشلونة، فمانشستر يونايتد، ثم بايرن ميونخ ومانشستر سيتي، المراكز الخمسة الأولى، لأثرى النوادي، واحتلت أندية باريس سان جيرمان، وليفربول، وتشيلسي، وأرسنال، وتوتنهام هوتسبير المراكز من 6 إلى 10، وتنتمي كل الأندية العشرين للدوريات الأوروبية الكبرى، حيث مُثلت إيطاليا بأربعة أندية، وكل من ألمانيا وأسبانيا بثلاثة أندية.
في بريطانيا، وصل نادي ليفربول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، خلال موسم 2017/2018، وحصل بفضل ذلك على 72 مليون جنيه استرليني، وهو الثمن الذي سَدّدَهُ النادي، مقابل شراء لاعب خط الوسط (فيليب كوتينو) من برشلونة، وارتفعت إيرادات نادي ليفربول من تسعين مليون جنيه استرليني إلى 455 مليون جنيه، خلال موسم واحد، وهو ما يعتبر رقما قياسيا،لِتَرْتَفِعَ الأرباح المَالِيّة، من أربعين مليون جُنَيْه استرليني خلال الموسم 2016/2017 إلى 125 مليون جنيه استرليني خلال الموسم 2017/2018، وجَمَعَ نادي ليفربول 137 مليون جنيه استرليني من عملية بَيْع اللاعبين، وأعلن إنفاق أكثر من 190 مليون جنيه استرليني لشراء لاعبين جدد ، كما ارتفعت إيرادات النادي من وسائل الإعلام بنحو 66 مليون جنيه إسترليني، لتبْلُغَ 220 مليون جنيه إسترليني، وارتفعت الإيرادات التجارية بمقدار 17 مليون جنيه إسترليني، لِتصلَ إلى 154 مليون جنيه إسترليني، بينما حققت إيرادات المباريات 81 مليون جنيه إسترليني، لِتُصْبِح إيرادات التذاكر جُزْءًا بسيطًا من إيرادات النّوادي، بعد ارتفاع سعر البث التلفزيوني والإشهار وبيع القُمْصان والتّذكارات، وكذلك “وسائل الإعلام” أو “منصّات التّواصل الإجتماعي” الخاصة بالنوادي، والتي حقّقَتْ لنادي ليفربول إشهارًا إضافيا لدى نحو سِتِّين مليون مُتابِع، ودخلًا إضافيًّا، لم يُعْلَن عن تفاصيله…
كان موقع “ترانسفير ماركت” قد نشر تقييما لقيمة الفِرق واللاعبين المُشاركين في نهائيات بطولة العالم لكرة القدم (روسيا 2018)، في إشارةٍ إلى تَحَوّل هذه البطولة من مناسبة رياضية شعبية إلى مُلْتَقَى تجاري، يدر أرباحا ضخمة من خلال الجوائز والإعلام والإشهار، وبيع وشراء اللاعبين…
قَدّر موقع “ترانسفير ماركت” القيمة السوقية الإجمالية للمنتخبات المشاركة في بطولة “مونديال روسيا 2018” بنحو 12,35 مليار دولارا، وفي مقدمتها الفريق الفرنسي بنحو 1,362 مليار دولارا، ثم إسبانيا وألمانيا والبرازيل بقيمة تُعادل أو تفوق مليار دولارا، فيما تتراوح قيمة فِرَق الدول الفقيرة بين 392 مليون دولارا (السنغال) و1,34 مليون دولارا (مُنتخب بنما)، كما نَشَر الموقع تقديرًا لقيمة اللاعبين في السوق، وكأنهم سلعة تُباع وتُشترى، وتقدمها اللاعب “ليونيل ميسي” من الأرجنتين بنحو 230 مليون دولارا…
تحصل جميع الفرق المُشاركة في نهائيات البطولة العالمية لكرة القدم (مرة كل أربع سنوات) على مبالغ مالية هامة، من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الذي خَصّصَ في دورة روسيا (من 14/06 إلى 15/07/2018) 400 مليون دولار للفرق المشاركة، بزيادة قدرها 12% عن دورة البرازيل 2014 ( 358 مليون دولار)، وحصل المنتخب الفائز بكأس العالم 2018 على 38 مليون دولار، في حين حصل كل فريق مشارك على ثمانية ملايين دولار بمجرد المشاركة في دور المجموعات، بالإضافة إلى مبلغ 1,5 مليون دولارا، لتغطية تكاليف البطولة، وتُخَصِّصُ اتحادات كرة القدم للدول المُشاركة، مكافآت مالية، ترتفع بحسب الناتئج المُحَقَّقَة… عن شركة “ديتلويت” + موقع بي بي سي 24/01 و 11/02/2019 ( بتصرف )
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.