“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، ٥ أيّار (مايو) ٢٠١٩ ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد٤٧٩

الأول من أيار – اليوم العالمي للعمّال: قررت الأممية الإشتراكية الثانية (1889 – 1916) خلال مؤتمرها التأسيسي، تنظيم احتجاجات عمالية يوم الأول من أيار/مايو 1890 للمطالبة بثماني ساعات عمل، ولإحياء ذكرى ضحايا شيكاغو، ودعا مؤتمر الإشتراكية الدولية، في أمستردام، سنة 1904، إلى الإضراب عن العمل في جميع أنحاء العالم في الأول من أيار/مايو من كل عام، وسَعت النقابات والأحزاب الإشتراكية لجعل هذا اليوم يوم إجازة رسمية في أكثر عدد ممكن من البلدان، وتظاهر العمال في العديد من المُدُن الأمريكية والأوروبية، للمطالبة بقانون يحدد ساعات العمل بثماني ساعات، وهو المطلب الذي رفَعَهُ عمال أستراليا، منذ 1856، وعمال ولايات “شيكاغو” وكاليفورنيا ونيويورك الامريكية، منذ سنة 1882، وأسفرت نضالات العُمال في كندا على الإعتراف بالإتحادات النقابية العمالية سنة 1872، ثم نفذت نقابات أمريكية إضرابًا عن العمل، يوم الأول من أيار/مايو 1886، من أجل ثماني ساعات عمل يومياً، بمشاركة نحو 350 ألف عامل، رفعوا شعار “ثماني ساعات عمل”، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع بالحياة”، وشل الإضراب الحياة الإقتصادية في مدينة “شيكاغو”، وتواصل الإضراب، وأطلقت الشرطة النار على العمال المتظاهرين، في الثالث من أيار/مايو 1886، وقتلت 12 من المضربين، كما اعتقلت العديد من قادة العمال وحكم على ثمانية منهم بالإعدام، ونُفِّذَ الحُكم في أربعة منهم، اتهمتهم الشرطة ظُلْمًا بإلقاء قنبلة على عناصر الشرطة، وهي القنبلة التي ظهر فيما بعد إن أحد عناصر الشرطة رماها، لتقتل 11 شرطي، ثم أطلق الجيش الأمريكي  النار على العمال خلال “إضراب بولمان” سنة 1894… 

في ذكرى الأول من أيار، وجبت الإشارة إلى بلوغ عدد العُمّال الشبان في العالم نحو 541 مليون عامل، تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة، ومن بينهم 152 مليونا من الأطفال القاصرين (أقل من 18 سنة)، ويعمل حوالي 73 مليون طفل في اعمال خطرة، ووجبت الإشارة أيضًا إلى ارتفاع عدد ضحايا حوادث العمل، والأمراض المهنية، وجعلت منظمة العمل الدولية من يوم 28 نيسان/ابريل من كل عام (منذ 2003) يومًا عالميًّا للسلامة والصحة في مكان العمل، ويوما للتوعية بالوقاية من الحوادث والأمراض المهنية، التي تقتل عاملاً واحدًا كل 15 ثانية، أو وفاة حوالي 2,3 مليون عامل سنويا، في حوالي 300 مليون حادث عمل، كما يُصاب 153 عاملا بحادث عمل (غير قاتل) كل 15 ثانية، مما يرفع المال المُهْدر بسبب ضياع ساعات العمل، وبسبب العلاج وإعادة تأهيل المُصابين، إلى نحو 2,8 تريليون دولارا سنويا، فيما قدرت منظمة العمل الدولية، إن نحو 865 ألف عامل يواجهون (سنة 2015) خَطر الإعتداء والقتل، وقدرت منظمة العمل الدولية سنة 2017، عدد حالات وفاة العمال يوميا في العالم بنحو 5500 حالة، فيما يعاني نحو 160 مليون شخص من أمراض متعلقة بالعمل، من بينهم 23% يعانون من مختلف أنواع السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، و17% من الأمراض المنقولة المرافقة للعمل، و 19 % من الحوادث المهنية… 

الأول من أيار/مايو 2019: كتبت وكالات الأخبار عن الأول من أيار، بشكل انتقائي، يُهَمِّشُ قضايا العُمّال، وظروف العمل وضُعْف الرواتب، والعمل غير الآمن، بدوام جزئي، وفي الإقتصاد المُوازي، ويُرَكّزُ على “العُنف” في بعض البلدان، وكتبت “فرنس برس” (أ.ف.ب) “إن المسيرات تحولت إلى اشتباكات وحملات اعتقال في كلّ من فرنسا وروسيا وتركيا”، وإن حركة “السترات الصفر” كانت مَصْدرًا للشّغب، مما اضطر الشرطة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لدفع محتجين ملثمين تقدّموا المسيرة إلى التراجع”، في حين يروي النقابيون والمشاركون في المسيرة، إن وزارة الداخلية عَطّلت حركة النّقل، وأغلقت الشوارع، على مسافة كيلومترات، في محاولة لمَنْع وُصُول الناس لمكان انطلاق المسيرة، الذي يقع في مكان خالي من السّكّان، وأطلقت الشرطة شحنات الغاز المسيل للدموع، بمجرد تحرك المتظاهرين، وأكّدت رويترز: “إنّ عدداً من المحتجّين، ممّن غطّوا وجوههم أو ارتدوا السترات الصفر، بادلوا الشرطة بمقذوفات متنوعة، فيما أظهرت لقطات تلفزيونية شاحنةً تهشّمت نوافذها”، والواقع إن نوع الغاز المسيل للدموع كان قويًّا جدًّا وحارقًا للجلد، وكريه الرائحة، مما أجبر العديد على تغطية وجوههم بأي خرقة قماش كانت في متناولهم، واعتقلت الشرطة (حوالي ثمانية آلاف شرطي) أكثر من 200 شخص، بينما بلغ عدد المتظاهرين أربعين ألف وفق موقع صحيفة تُعتبر “وسَطِيّو”، فيما أعلنت النقابات إن عدد المتظاهرين في باريس فاق ستين ألف، رغم العراقيل وإغلاق محطات قطار الأنفاق والحافلات، وإغلاق الشوارع، وندّد الاتحاد العام للعمال في فرنسا (سي جي تي) بعنف الشرطة العشوائي، الذي لم يسبق له مثيل، قبل انطلاق المسيرة…”، واعتقلت الشرطة حوالي 300 آخرين في مُدُن مرسيليا وتولوز وبوردو… 

كتبت مجمل وكالات الأخبار عن مسيرة في موسكو، بمشاركة أَلْفَيْ شخص، وفق هذه الوكالات، “ضدّ سياسة الرئيس فلاديمير بوتين، الذي نعتَهُ بعض المتظاهرين باللّص، واعتقلت قوات الشرطة والحرس الوطني أكثر من 100 شخص، في مختلف أنحاء روسيا، مستخدمة العنف والقوّة المفرطة أحياناً أثناء التوقيفات”، وفق وكالة “رويترز”، التي لم تذكر شيئًا عن  مظاهرات أنصار الحزب الشيوعي بشوارع موسكو ومدن روسية أخرى، ملوّحين بأعلام حمراء، كما أهملت وكالة “رويترز” المُداهمات التي حصلت بين 29 نيسان و02 أيار 2019، في الضفة الغربية المحتلة، مرفوقة بإطلاق أعيرة نارية، واعتقالات وإتلاف محتويات البيوت…

لا يُعتبر الأول من أيار يوم عطلة في تركيا، وتحْظُر السلطات إحياءهُ، وتحاول الشرطة مَنْع التجمْهُر والتّظاهر كل سنة، وأعلنت شرطة إسطنبول اعتقال 127 شخصاً، لمحاولتهم تنظيم تظاهرات “بشكل غير قانوني” في أجزاء مختلفة من المدينة، بمناسبة اليوم العالمي للعمال، وتمكنت مجموعات صغيرة من التّجَمْهُر في ميدان “تقسيم”، وسط إسطنبول”، رغم من تطويق الشرطة، ومليشيات الحزب الحاكم، الميدان، ثم أصدرت السلطات ترخيصًا لوضْع الزهور في شارع قريب، وإقامة “احتفال” (وليس تجمّع أو مظاهرة) في حي “باكيركوي” البعيد من وسط المدينة، وتعدّ تظاهرات يوم العمال حدثاً سنوياً دامِيًا في تركيا، حيث قتل 34 شخصاً أثناء تظاهرات الأوّل من أيار/مايو 1977… عن وكالات رويترز + أسوشيتد برس (أ.ب) + وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) 02/05/2019

عرب: تتناول هذه النشرة موضوع الدّيون العربية (ككتلة أو في كل بلد على حدة) في معظم الأعداد، وتنقسم الديون إلى دُيُون خارجية (بالعملة الأجنبية) وديون داخلية، بالعملة المحلية، من المصارف والشركات ومن المواطنين، كما تنقسم إلى “دَيْن حكومي”، أو دَن عام (يشمل ديون الدولة وشركات القطاع العام)، ودَيْن الشركات (شركات التّوْرِيد على سبيل المثال)، بضمانة المصارف المركزية…

ارتفعت قيمة الدّيون العربية، ونسبتها من الناتج الإجمالي المحلي، بسبب السياسات الليبرالية وقروض صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، والدّول الأجنبية، وجميعها دُيُون مَشْرُوطة بِبَيْع القطاع العام (الخصْخَصَة) وخفض الإنفاق الحكومي، وإلغاء دعم السّلع والخدمات الأساسية، وخفض الرواتب ومعاشات التقاعد، وتسريح موظفي الحكومة والقطاع العام، وغير ذلك من الشروط المُجْحِفَة، وبالتوازي مع إقْرار سياسات التقشف، تجاوزت الديون الخارجية (بالعملة الأجنبية) لخمس دول عربية (من إجمالي 18، شملتها وثيقة، صَدَرَت عن صندوق النقد الدولي)، نسبة 100% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية سنة 2018، وهي لبنان التي ارتفعت مديونيتها الخارجية من نسبة 164,3% سنة 2014 إلى نسبة 183,3% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية 2018، تليها “البَحْرَيْن”، حيث ارتفعت الديون الخارجية من نسبة 109,3% سنة 2014 إلى 169,4% من الناتج الإجمالي المحلي سنة 2018، والسودان، في المرتبة الثالثة، وارتفعت نسبة الدين الخارجي من 75,5% سنة 2015، إلى 166,6% من الناتج المحلّي الإجمالي سنة 2018، وتشكل موريتانيا إحدى الدول العربية التي تراجع دَيْنُها الخارجي من 121,5% سنة 2014، إلى 103,7% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2018، ولكنه بقي مُتجاوزًا نسبة 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد ينخفض (بحسب توقعات صندوق النقد الدولي) إلى 86,2% سنة 2019، بسبب تحسّن أسعار الفوسفات، والإتفاق مع حكومة السّنغال على الإستغلال المُشترك لحقول النفط والغاز، على حُدُود البَلَدَيْن، وتأتي “جيبوتي” في المرتبة الخامسة للدول المُنْتَسِبَة للجامعة العربية، وارتفعت نسبة الدّيْن الخارجي من 57,5% سنة 2014 إلى 102,9% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية سنة 2018، وتتراوح نسبة الدّيون الخارجية بين 50% و100% من الناتج المحلي الإجمالي، وتَقِلُّ نسبة الديون الخارجية عن 50% في ثماني دول عربية… عن موقع صندوق النقد الدّولي 15/02/2019

ليبيا: أدّى العدوان الأمريكي – الأوروبي – الأطلسي على ليبيا سنة 2011 إلى اغتيال رئيسها، وإلى القضاء على كافة مؤسساتها واحتجاز أموالها التي كانت مُودَعها في مصارف أوروبا وأمريكا الشمالية، وممتلكاتها (أسْهُم وحِصَص في شركات أوروبية)، ووقع تقسيم ليبيا إلى مناطق ثلاثة، كما كان الحال، إيان الإستعمار المباشر، وعادت القواعد الأمريكية والبريطانية، إضافة إلى الإيطالية والفرنسية وغيرها، وبالتالي توجد حاليا (سنة 2019) ثلاث سُلُطات تخضع كل منها لجِهَة أجنبية، ورغم ادّعاء تأييد “المجتمع الدّولي” (؟؟؟) إحدى هذه الحكومات، يُكثِّفُ الإعلام “الغربي” من كَيْل المديح ل”المُشير خليفة حفْتر”، وهو العميل للمخابرات الأمريكية التي جاءت به من الولايات المتحدة، التي يحمل جنسيتها وكان يُقيم بها، بعد خيانة جيش بلاده، وتهريب المخابرات الأمريكية له (قبل أن يُعطي لنفسه رتبة “مُشير”)، ويحظى “المُشير” بتأييد مالي وعسكري وإعلامي من السعودية والإمارات ومصر، لأنه لا يُمثل نفسه وإنما يُمثل طَرفًا من القُوى الأجنبية التي تتنازع ثروات البلاد، وموقعها الإستراتيجي… 

يُقدّم الإعلام القوة العسكرية التي يقودها على أنها “قُوات حفتر”، وسيطرت مؤخّرًا، خلال حرب النفوذ (من خلال القوة العسكرية) على جنوب البلاد، وعلى حُقُول النفط، على حقل “الشّرارة” الذي يُنتج حاليا ما يزيد عن 300 ألف برميل يوميا (مُعْلَنَة)، قبل السيطرة على حقل “الفيل”، الذي يُنْتِج حوالي 90 ألف برميل يومياً، وبذلك صار هذا الطّرف يسيطر الآن على أكبر مواقع النفط في البلاد، وعلى موانئ التصدير، وعلى أكبر مدن شرق وجنوب البلاد، وأعلنت وسائل الإعلام “الغربية” والخليجية (باستثناء “قَطَر”) إن هذه القوات “لقيت ترحيبًا من السّكان”، وهذا مخالف للواقع ولشهادات المواطنين، حيث حاصرت هذه القوات (المُرْتَزَقَة) مدينة “مرزق”، على سبيل الذّكْر، ومنعت دخول الغذاء، وبعد احتلال المدينة، ارتكبت المجازر، وأحرقت حوالى تسعين منزلاً، ونهبت ممتلكات المواطنين، بدعْم من قوات بعض المليشيات التابعة لبعض قُوى المعارضة السّودانية (في دارفور، مثلا)، ومارست “قُوات حفتر”، حملة قتل على الهوية، وأعلن أطباء وصول 19 جثة إلى مستشفى المدينة، فيما تنتشر عدة جثث متحلّلة في شوارع المدينة، وأعلن بعض مُساعدي “المُشير” إن الهدف القادم، هو “الزّحْف على طرابلس”، إذ يُوجد بها مقر “المصرف المركزي” و”الشركة الوطنية للنفط” و”المؤسسة الوطنية للاستثمار”، بعد فَشَل خطط “حكومة بنغازي” والمجموعات الأخرى في إنعاش المؤسسات المُوازية، التي أنشأتْها… 

زَوّدت القوى الدّاعمة ل”حفتر” (ومن بينها فرنسا) جيشه بالمُرتزقة وبالمال (السعودية والإمارات) وبالسلاح والطائرات العسكرية، فيما تحاول القوات الداعمة ل”حكومة الوفاق” (وهو إسم على غير مُسَمَّى)، ومن أهمها الولايات المتحدة، تَجَنُّبَ التّصْعِيد حاليا، وتجنّب اندلاع مواجهات عسكرية شاملة بين معسكرَيْ شرق البلاد وغربها، أما الأمم المتحدة فأعلنت (على لسان ممثّلها في ليبيا “غَسّان سَلاَمة”) عن جهود (بدأت منذ عدة سنوات !) من أجل “الوصول إلى حل سياسي سلمي يوحّد مؤسسات البلاد، وتنظيم ندْوة وطَنية”، بهدف الإعداد لإجراء استفتاء على الدستور وانتخابات تشريعية ورئاسية خلال سنة 2019… عن موقع الأمم المتحدة + صحيفة “لوموند” + “الأخبار” 25/02/2019 (بتصرّف)

السودان: يتظاهر المواطنون في السودان منذ 19 كانون الأول/ديسمبر 2018، احتجاجًا على الوضع الإقتصادي السّيِّء، وعلى زيادة الأسعار (الوقود والغذاء…)، وبعد بضعة أسابيع، أصبح “تجمع المهنيين السودانيين” يتولى الدعوة إلى التظاهر، مع المُطالبَة بإسقاط النظام، وشملت المظاهرات كافة مناطق البلاد، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع، والرّصاص الحي، لتفريق المُتَظَاهرين، واعتقلت قيادات ومناضلين من أحزاب المعارضة، ومن المواطنين غير المُنْتَسِبِين لأي حزب، وفاق عدد القتلى السّتِّين، بحسب أحزاب المعارضة، و32 بحسب الإعلام الحُكُومِي، بعد شهْرَيْن من الإحتجاجات، قبل أن يُعلن الرئيس السوداني “عمر البشير” (منذ 1989) حالة الطوارئ لمدة عام، يوم الجمعة 22 شباط 2019، ودعا البرلمان إلى تأجيل تعديلات دستورية، أعدّها أنْصَارُهُ لِيتمكّنَ من الترشح لفترة رئاسة جديدة في انتخابات الرئاسة سنة 2020، وأعلن بالمناسبة، حَلَّ الحكومة المركزية وحكومات الولايات، وأصبح وزير الدّفاع نائبًا للرئيس، ودعا قوى المعارضة “للتشاور حول قضايا الراهن والمستقبل”…

انطلقت المظاهرات، في بداياتها، للإحتجاج على زيادة الأسعار ونقص السيولة النقدية، قبل أن تتحول إلى  احتجاجات ضد الحكم، الذي يعاني من انقطاع إيرادات النفط، بعد انفصال الجنوب (تموز/يوليو 2011)، واستحواذه على 75% من النفط، كما تعاني البلاد من عُقوبات وحَظْرٍ فرضته القوى الخارجية، بسبب التُهَم التي وجّهتها أمريكا وأوروبا للنظام بذريعة “رعاية الإرهاب”، مما يحرم السودان من الإستثمارات الأجنبية ومن التحويلات المالية، حتى بعد قرار واشنطن (سنة 2017) رفعًا جُزْئِيًّا للعقوبات عن السودان، وما فَتِئَت الأزمة الإقتصادية تتصاعد منذ 2014، بالتوازي مع انخفاض أسعار النفط، وانخفاض قيمة المُساعدات الخليجية، لقاء خدمات عديدة يُقَدّمُها لها النظام السوداني، ومن بينها، حاليا، إرسال آلاف الشًّبّان الفُقراء، كَمُرْتَزَقة في العدوان على شعب اليمن، الذي تقوده السعودية والإمارات، وتُشْرِفُ عليه وتُدِيرهُ الولايات المتحدة وأوروبا، وأدّت الأزمة الإقتصادية إلى التحاق فئات البرجوازية الصّغيرة (أطباء ومُدَرِّسِين ومُحامِين…) بحركة الإحتجاجات، وتأسيس “تجمع المهنيين السودانيين”، سنة 2015، للمطالبة بزيادة مرتبات موظفي القطاع العام، ثم تطور إلى أن أصبح يقود حركة الإحتجاجات، شِبْه اليَوْمِيّة، إلى جانب الحزب الشيوعي وحزب الأُمّة، وغيرها، بداية من 25 كانون الأول/ديسمبر 2018…

يُقَدّر عدد سكان السودان بنحو 45 مليون نسمة، نصفهم من الشبان، دون العشرين من العُمُر، وارتفعت نسبة البطالة من 12% من القادرين على العمل (قُوّة العَمَل) سنة 2011، سنة انفصال الجنوب، إلى 20% سنة 2018، وإلى 27% بين الشباب، بحسب تقديرات صندوق النّقد الدّولي والبنك العالمي، وتتراوح رواتب عُمّال الصناعة في الخرطوم، بين ألف وألف وخمسمائة جنيه سوداني (ما بين 18 و 27 دولارا شهريا)، وحوالي أربعين دولارا لذوي المهارات، وهي مبالغ لا تكفي لتلبية الإحتياجات الأساسية لأسرة سودانية، مما اضطر أُسَر بعض الفُقراء إلى سحب أبنائهم من المدارس، وخفض حجم الغذاء، وفق ندوة حُكومية (للعاملين في الخدمة الإجتماعية – كانون الثاني/يناير 2019)، وحاولت الحكومة قمع الإحتجاجات، لوضع حد لها بالقوة، في مرحلة أولى، ثم رفعت الإنفاق على المواد المستوردة، من بينها الوقود والطّحين (الدّقِيق)، لاحتواء الحركة الإحتجاجية، لكن حجم احتياطي النقد الأجنبي محدود، وأعلنت الحكومة انخفاض معدّل التّضخم من 70% إلى 43% لكن الدولة تطبع عملة لا قيمة لها، لأنها لا يقابلها إنتاج، ما يؤدي إلى زيادة التضخم، بالتوازي مع نقص الوقود المُسْتورَد بالعملة الأجنبية، وهو ضروري لتوليد التّيّار الكهربائي، من جهة أخرى، دخل عمال جميع الموانئ السودانية في إضراب مفتوح، بداية من يوم الجمعة 22/02/2019، تضامنا مع زملائهم في ميناء “بورتسودان” الجنوبي، الذين بدأوا (يوم الإثنين 18 شباط/فبراير 2019) إضرابا عن العمل للمطالبة بحقوق وُعِدُوا بها ولم يتم تحقيقها، ويحتج العُمّال أيضًا على اتفاق الحكومة مع شركة أجنبية لإدارة الميناء، دون استشارتهم، ويقع ميناء مدينة “بورتسودان”، عاصمة ولاية البحر الأحمر، جنوب البلاد، وكانت الحكومة قد وَقّعت سنة 2016، عقدًا مع شركة من الفلبين، لتشغيل قسم هام من الميناء، لفترة عشرين سنة، مقابل أقل من 600 مليون دولارا، مع تأجير الميناء بقيمة حوالي 1,12 مليون دولارا شهريا، لكن الشركة لم تباشر أعمالها إلا في بداية سنة 2019، وتتهم النقابات العالمية هذه الشركة بتشغيل العُمال في ظروف سيئة جدًّا، برواتب منخفضة… رويترز 20 و 23/02/2019

إفريقيا – نموذج للإستعمار القديم والجديد: تقاسمت الإمبرياليتان البريطانية والفرنسية العالم خلال القرن التّاسع عشر، على أنقاض القوى الإستعمارية التي سادت خلال القرون السابقة (من نهاية القرن الخامس عشر إلى العقود الأولى من القرن التاسع عشر)، ومن بينها إسبانيا وهولندا والبرتغال، التي مارست تجارة البشر، وأرسلت ملايين الشباب من إفريقيا إلى القارة الأمريكية، وتوفي منهم الملايين، خلال الرحلات البحرية الطويلة، في ظروف غير إنسانية، ونَمَت الرأسمالية في الولايات المتحدة، بفضل التراكم البدائي لرأس المال، عبر استغلال العبيد في الفلاحة (وزراعة القُطْن)، وخضعت قارة إفريقيا بعد ذلك مباشرة إلى الإحتلال العسكري المباشر، الذي قادَتْهُ بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، في بعض المناطق، ولا تزال القارّة تُعاني النتائج السّلْبِية لهذا الإستنزاف المتواصل للثروات المادِّية (المعادن والزراعة والغابات) والبشرية، منذ خمسة قُرُون، وأعربت بعض المنظمات الإفريقية عن تخوفاتها من المستقبل، لأن الإتحاد الإفريقي أَقَرّ برنامجًا “لتطوير البُنْية التحتية” (وهو مطلب الشركات الأجنبية التي تَنْهب الثروات المعدنية)، بقيمة تريليون دولارا، بالتوازي مع حماية الشركات متعددة الجنسية (إلى جانب الشركات الحكومية الصينية)، من غَضَب الشُّعُوب الإفريقية، التي تستغل موارد إفريقيا، ثم تنقل أرباحها الطائلة خارج القارة (بالعملات الأجنبية)، مما يُؤشِّرُ إلى “عودة العُبُودية والإستعمار”، بحسب جمعيات تطالب بشطب ديون الدول الإفريقية، وتُعارض “استخدام المال العام من أجل حماية الاستثمارات الأجنبية والخاصّة”، لأن برامج زيادة توليد الطاقة، والبُنْيَة التحتية (بقيمة تريليون دولارا)، تتمثل في إنشاء طرقات بَرِّيّة وجُسُور، وسكك حديدية وموانئ جوية وبحرية، وإنشاء خطوط أنابيب نفط وغاز، ما يعني إنفاق المال العام، لتيْسِير عملية النّهب ونقل الموارد الإفريقية من المناجم، ومن حُقُول النفط، ومن الغابات، مباشرة إلى الموانئ، لتذهب إلى الخارج، وأظْهرت وثائق “ويكيليكس”، ووثائق ملف “بنما بيبرز” إن بعض قادة الدّول الإفريقية قَبَضُوا عُمولات من الشركات متعددة الجنسية، ونَهَبُوا وهَرّبُوا مبالغ ضخمة، لإيداعها في مصارف أجنبية، فيما ترتفع قيمة الدُّيُون العُمومية وعجز الميزانيات، وتنخفض قيمة العُملات المَحَلِّية، لترتفع الأسعار ونسبة التّضخّم ونِسب الفقر والبطالة، ولم تتضمّن برامج الحكومات، ولا الإتحاد الإفريقي، التخطيط لتحقيق الأمن الغذائي، وتصنيع الأدوية، وبعض السلع التي تستوردها القارة، بالعُملة الأجنبية…

رَكّز صندوق النقد الدولي والبنك العالمي على زيادة حجم الناتج المحلي الإجمالي، بين سنتَيْ 2002 و 2011، في القارة كَكُتْلَة، وفي البلدان الإفريقية مُنْفَرِدَة، ولكن ذلك لا يُعَدُّ مُؤَشِّرًا لتحسُّن وضع الأُجَراء والفُقراء، وعموم السكان، بل مُؤشِّرًا “لانخفاض المخاطر التي قد تعترض الاستثمارات الأجنبيّة”، وبقي اقتصاد القارّة، في مجمله، اقتصادًا ريعيًّا، يعتمد على نهب الشركات متعددة الجنسية، معادن ونفط القَارّة، ولا تُعتبر استثماراتها مضمونة العواقب، بل تُؤَدِّي إلى نهب الثروات الطبيعية والمياه، والقضاء على الغابات، وإلى تلويث المحيط البري والبَحْرِي بالمواد الكيماوية وبنفايات النفط والغاز وغيرها، ولا يستفيد عُموم الفُقراء والكادحين من عوائد الثّروات الطّبيعيّة، بل تزيد مثل هذه الإستثمارات من حجم الفساد والرّشوة والنّهب، وتهريب الأموال إلى الخارج (حوالي خمسين مليار دولارا سنويا)، ويتهدد بعضَ الدولِ الإفريقيةِ، شَبَحُ التخلّف عن سداد الديون السياديّة، التي ارتفعت بشكل مُخيف…

كان انعقاد الدورة الثانية والثلاثين للقمة الإفريقية (أديس أبابا – 10 شباط/فبراير 2019) مناسبة لبعض الصحف الإفريقية والأجنبية لكتابة بعض التقارير عن القارة، وشارك في أشغال هذه القمّة (وليس في جلسة الإفتتاح فقط) الأمين العام للأمم المتحدة، والأمين العام للجامعة العربية، والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، وعدد هام من الشخصيات الأخرى، ومن ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية. أما أهمّية الدّورَة فتكمن في شعارها: “نحو حُلُول دائمة للتشرد واللجوء…”، أي إن ممثلي هذه المُنظّمات حضَرُوا للضغط على قادة إفريقيا، بشأن قضايا الهجرة واللجوء، و”الإرهاب”، وهي مواضيع لم تكن الحكومات الإفريقية سببًا مباشرًا في استفحالها، وإنما هي نتيجة الحُروب العدوانية التي تشنها أمريكا وفرنسا والحلف الأطلسي، ونتيجة الإستغلال الفاحش الذي تقوم به شركات نفس هذه البلدان، لثروات إفريقيا، إضافة إلى شركات الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية، والكيان الصهيوني الذي عاد إلى إفريقيا بقُوّة…

أظْهَر تقرير نَشَرَهُ المصرف الإفريقي للتنمية (African Development Bank ) سنة 2017، إن مستوى الأسعار مُرتفع جدًّا في المُدُن الإفريقية، مقارنة بمستوى دَخْل أغلبية السّكّان، وإن جزءًا صغيرًا جدا من سكان إفريقيا لا تتجاوز نسبته 5%قادر على إنفاق أكثر من 20 دولاراً في اليوم، ويُقدّر التقرير إن أكثر من 35% من سكان إفريقيا فُقراء أو مُهدَّدُون بالفقر، وأشارت دراسة نشرتها إحدى جامعات جنوب إفريقيا، إن إفريقيا تحتل مرتبة متقدمة (ربما الأولى) في تهريب الأموال القانونية وغير القانونية إلى الخارج، وستمثل التّهْرِيب القانوني في تدفقات أرباح الشركات الاجنبية (من المواد الخام ومن استغلال ثروات إفريقيا) نحو بلدان المنشأ لهذه الشركات متعددة الجنسيات…

من جهة أخرى، انخفضت الإستثمارات الاجنبية المباشرة، بنحو 15% منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008، وحتى سنة 2016، بسبب انخفاض أسعار النفط والمعادن، في الأسواق العالمية، لكن زادت، خلال نفس الفترة، كثافة استخراج المعادن، وفق منظمة “العدالة العالميّة” (لندن )، مما أدى إلى انطلاق احتجاجات عمالية عديدة، وإلى احتجاجات السكان ضد تلويث المحيط، وانتشار الأمراض والأوبئة، وتلوث الأرض والمياه والهواء، كما ارتفعت ديون بلدان قارة إفريقيا، حيث تلقّت البلدان الإفريقيّة سنة 2015 قُروضًا و”مساعدات” وتحويلات مختلفة من الخارج، بقيمة 161,6 مليار دولار، تُسَدِّدُ بسببها حوالي 18 مليار دولارا سنويا بعنوان فوائد القُرُوض، لكن الشركات متعددة الجنسية أَخْرَجَت من إفريقيا، خلال نفس السنة، 203 مليار دولارا، بعنوان “إعادة أرباح الشركات، إلى بلد المَقَرّ”، وقدّرت منظمة “أوكسفام”، ومنظمة “العدالة الإجتماعية”، إن إفريقيا تتلقى “مِنَحًا” بقيمة 19 مليار دولارا سنويا، لكن الشركات متعددة الجنسية تنهب نحو 68 مليار دولارا سنويا (أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة “المنح”) سنويا، عبر تهريب المال، وتزوير قيمة الواردات والصادرات بهدف تخفيض قيمة ونسبة الضرائب، إضافة إلى إخراج نفس هذه الشركات أرباحًا بقيمة 32 مليار دولار سنويا، وتُقدّر قيمة سرقات النشاط الإقتصادي غير المشروع في إفريقيا (قطع الأشجار والصيد البحري غير المُرخّص ونهب الأعشاب الطبية والنباتات، وغير ذلك) بنحو 29 مليار دولارا سنويًّا، زيادة عن قيمة السوق الموازية، بشكل عام، وكانت الأمم المتحدة (اللجنة الإقتصادية لإفريقيا) قد نشرت تقريرًا منتصف سنة 2015، وقدّر مُعدّو التقرير حجم الأموال الخارجة من إفريقيا بشكل غير مشروع بخمسين مليار دولارا سنويا، وهو رقم مرتفع جدًّا، وقَدّر مصرف التنمية الإفريقي، حجم سرقات الشركات الأجنبية من إفريقيا، في قطاعات المعادن والنفط والغاز والأحجار المعدنية (“الكريمة”)، وقطاع الزراعة وغيرها (أي معظم القطاعات) بنحو 319 مليار دولار ما بين 2001 و2010…

اعتبرت النقابات وبعض المنظمات الإفريقية، بمناسبة اجتماع “قمة العشرين” سنة 2018، إنه “كلما ارتفعت أرباح الشركات، ارتفع حجم نهب موارد إفريقيا، وتقهقر مستوى الخدمات، رغم ارتفاع حجم ما يُسَدِّدُه المواطن، مقابل الحصول على هذه الخدمات…”، وأدّت عملية نقل الشركات متعددة الجنسيات أرباحها خارج القارّة بالعملة الأجنبية، إلى ارتفاع مستوى الدَّيْن الخارجي الإفريقي، إلى مستوى يُنْذِرُ بالعجز عن التسديد (الإفلاس)، واعتبر البنك العالمي إن الإستنزاف السّريع لثروات إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أدى إلى تراكم سَلْبِي للثروة الصافية سنة 2010، في نحو 88% من بلدان إفريقيا، جنوب الصحراء، وقدّر البنك العالمي قيمة هذا الإستنزاف، خلال نفس السنة (2010، أي في أوج الأزمة المالية العالمية) بنحو 163 مليار دولارا، أو ما يعادل 12% من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 1,36 تريليون دولارًا (سنة 2010 لوحدها)…

تُشير دراسات أجْرتها جامعتان أمريكيتان (“سوسكس” و “تكساس”) إلى ارتفاع حجم المقاومة الشعبية في المناطق الحَضَرِية الإفريقية، لعمليات النهب، ولتواطؤ السلطات المحلية مع الشركات متعددة الجنسية، وشملت الدراسات سَنَتَيْ 2010 و2011، وذلك من خلال أخبار الصحف المحلية، وقَمَعت الشرطة بعنف شديد، طيلة سنة 2010، احتجاجات في مُدن القاهرة والإسكندريّة ومقديشو ونيروبي وفي مدن منطقة خليج غينيا، وخاصة نيجيريا، والمدن الكبرى في جنوب إفريقيا: يوهانسبرغ وبريتوريا وكيب تاون ودوربان وبورت إليزابيث، وكذلك في معظم مُدُن “شمال إفريقيا”، وانفجرت المئات من المظاهرات، سنويا، في هذه المُدُن، بين 2010 و 2016، لكن الأنظمة القائمة مَدْعُومة من الشركات متعددة الجنسية، ومن حكومات الدول المستفيدة من نهب ثروات إفريقيا، فكثّفت أجهزة القمع (الشرطة والجيش والقَضاء…) القَمْع الحكومي (أو العُنْف “الشّرْعي”)، مقابل ارتفاع حدة الإحتجاجات، ضد برامج التقشف والخصخصة، التي فَرَضَها صندوق النقد الدّولي، في ظل انخفاض نِسبة النّمو… عن “تريكُنْتِنَنْتال سنْتر” (سِتري) + “ريفيو أوف أفرِيكان بوليتِكال إيكونومي” ( Review of African Political Economy ) + المصرف الإفريقي للتنمية + موقع صحيفة “قاسيون” (سوريا) 22/02/2019

إيران في ظل الحصار الأمريكي: أكّد الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، بنهاية شهر كانون الثاني/يناير 2019 “إن إيران تواجه أصعب أزمة اقتصادية منذ ثورة 1979… وتتحمل الولايات المتحدة مسؤولية الوضع الإقتصادي في إيران”، وظهرت أهم مؤشرات الأزمة الإقتصادية من خلال بُنود ميزانية الدولة، حيث تقَلّصت قيمة تمويل مشاريع عديدة، وانخفضت مُخصّصات وزارة الدفاع، ومُخصّصات “الحرس الثوري” (أو “الباسيج”)، بنحو 50% بالمُقارنة مع السّنة المالية السّابقة، وأدّت هذه المشاكل الإقتصادية إلى انخفاض قيمة الإستثمارات وإلى شح السيولة النقدية، وانخفاض احتياطي المصرف المركزي من العملة الأجنبية (بسبب الحَظْر الأمريكي)، وانخفاض سعر صرف العُملة المحلية (ريال)، من 100 ريال مقابل الدولار إلى 120 ريال، مقابل الدولار الأمريكي، خلال الأسبوع الأخير من سنة 2018، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار ونسبة التّضخّم، ولا تستطيع إيران تطوير قطاع النفط والغاز، الذي يُعاني من الحظْر والعُقوبات منذ عُقُود، كما عَطّلت العُقُوبات والضغوطات الأمريكية والسعودية على باكستان، مشروع خط أنابيب الغاز، المُعطّل منذ 25 سنة، رغم استكمال إيران بناء حصتها من البنية التحتية والأنابيب منذ سنوات عديدة، ورغم حاجة باكستان المُلحّة للغاز الإيراني، لتشغيل مولّدات الكهرباء، وسد النقص الفادح في الطاقة والكهرباء في باكستان، كما اضطرت الصين إلى استبعاد إيران (جُزْئِيًّا) من مشروع “الحزام والطّريق”، الذي يمر من باكستان، عبر ميناء “غوادار”، وهو قريب من ميناء “شابهار”، جنوب إيران، ويتخوف قادة باكستان (وكذلك الصين) من التعامل مع إيران، بسبب ارتباط اقتصاد باكستان بالتحويلات المالية البالغة نحو تسعة مليارات دولارا سنويا (حوالي 40% من إجمالي التحويلات المالية لمهاجري باكستان في العالم) لثلاثة ملايين مهاجر باكستاني في السعودية والإمارات، وبسبب القروض الخليجية (12 مليار دولارا بنهاية 2018، من السعودية والإمارات)، وبسبب مراقبة “مجموعة العمل المالي” (فاتف – FATF) ووقع إنشاؤها في باريس “لمراقبة عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب”، مما يُفسِّر إقصاء إيران (ربما مؤقتا) من المَمَرّ الإقتصادي الصيني – الباكستاني، الذي يمر على بعد أربعين كيلومترا فقط من ميناء “شابهار” الإيراني، وتبلغ تكلفة هذا المشروع 64 مليار دولارا، ويربط شمال غرب الصين بميناء “غوادر”، جنوب غربي باكستان، عبر شبكة من الطرقات البرية، والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب لنقل البضائع الصينية، لتسويقها في “الشرق الأوسط” وآسيا الوُسْطى، ونقل النفط والغاز، من الخليج إلى مصانع الصين، واضطرت إيران إلى توقيع اتفاق مع الهند وأفغانستان صفقة سنة 2016، لتطوير ميناء “شابهار” جنوبي إيران، كمحطة لعُبُور السّلع، باتجاه دول آسيا الوُسْطى، غير المُطِلّة على البحر… عن صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” (ألمانيا) + موقع “روسيا اليوم” (بتصرّف) 21/02/2019

أفغانستان 1: بدأ العُدْوان الأمريكي – الأطلسي على أفغانستان، بنهاية سنة 2001، بذريعة “القضاء على تنظيم القاعدة”، الذي أعلن مسؤوليته عن انفجارات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، ويتواجد زُعماء هذا التنظيم في أفغانستان، حيث كانت حركة “طالبان” تحكم البلاد، بدعم من المخابرات الباكستانية والأمريكية، وبعد 17 سنة من التّورّط في أفغانستان (مع قوات من معظم الدول الرأسمالية المتطورة)، انطلقت مُفاوضات بين الحكومة الأمريكية، وحركة “طالبان”، التي كان الإعلام الأمريكي يعتبرها رأس حربة الإرهاب في العالم، وقد يُؤدِّي الاتفاق بين الولايات المتحدة وحركة “طالبان” إلى انسحاب القوات الأميركية (مع الإبقاء على قواعد عسكرية في باكستان، وربما في أفغانستان أيضًا)، وتَسَلُّم “طالبان” السلطة في البلاد، بعدما أزاحها الجيش الأمريكي (وجُيُوش حلف شمال الأطلسي) قبل 17 سنة، وكانت الولايات المتحدة قد وَجّهت إلى “طالبان” تُهْمَة إنتاج المخدّرات وترويجها في العالم (وخصوصًا في الولايات المتحدة)، لكن الوقائع والأرقام تُظْهِرُ انخفاض إنتاج “الخشخاش”، أو “الأفيون” (الذي يُصنع منه مخدّر الهيروين)، خلال فترة حُكْم “طالبان”، وارتفاع الإنتاج، خلال فترة الحرب العُدْوانية الأمريكية.

ارتفع إنتاج أفغانستان من الأفيون منذ سنة 2001 (خصوصًا في المناطق التي يُسيْطر عليها الجيش الأمريكي وحلفاؤه) وبلغ إنتاج أفغانستان من الأفيون سنة 2001، حوالي 180 طنًّا، وارتفع الحجم سنة 2015 إلى 3300 طنا، وبلغت مساحة زراعته 183 ألف هكتاراً، وارتفع الإنتاج سنة 2016 إلى 4800 طن، فيما ارتفعت المساحة المزروعة إلى 201 ألف هكتار، وإلى 328 ألف هكتار سنة 2017، أنتجت تسعة آلاف طن، وانخفضت المساحة سنة 2018، بسبب الجفاف الحاد، إلى 263 ألف هكتار، وتَبَعًا لذلك، انخفض إنتاج الأفيون الأفغاني إلى 6400 طن… 

أصبحت أفغانستان، منذ الإحتلال الأمريكي تُنْتِجُ حوالي 90% من الإنتاج العالمي للأفيون (الذي يمكن تحويله إلى هيروين)، بفضل البذور المُعدّلة وراثيا، والقادمة من أمريكا، وكذلك بفضل استخدام المبيدات، والألواح الشمسية لمضخات المياه المستخدمة في الري، وغيرها من الأدوات التي ساعدت على زيادة الإنتاج، ووَظّف الإحتلال الأمريكي لأفغانستان إنتاج الأفيون لتصديره، بواسطة التّهْرِيب الذي ترعاه أمريكا، عبر الحُدُود البَرِّيّة (جنوب روسيا) إلى أوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان، نحو روسيا، كما إلى إيران، بغرض تخريب وتَدْمير هذه المُجْتَمعات، التي تعتبرها أمريكا خَصْمًا، وربما عَدُوًّا، في إطار نشر “الفَوْضى الخَلاّقة” عبر الحرب الشاملة، وفق عبارات تيار “المُحافظين الجدد”، ولكن ارتفع تدفُّق المخدّرات نحو جميع بلدان العالم، وكذلك نحو أمريكا الشمالية… عن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المُخدّرات والجريمة المُنَظّمة – وكالة “نوفوستي” 14/02/2019 

أفغانستان 2: قَدّرت الأمم المتحدة، سنة 2017، عدد الضّحايا المَدَنِيِّين غير المسلّحِين بنحو 3500 قتيل و أكثر من سبعة آلاف جريح، بانخفاض 9% عن سنة 2016، وألحَقت العمليات الإرهابية، التي ينفذها تنظيم “داعش” وأمثاله، ضد السكّان المحلِّيِّين، أضْرارًا بالغة، بالإضافة إلى القوات العسكرية التي تحتل البلاد،  والتي تستخدم الطّيران الحَرْبِي، مما تسبب في قتل وإصابة 631 مدني، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، وهي دون الواقع بكثير، وتَضرّرت النساء والأطفال بشكل أساسي، ولم يتحسن الوضع بحسب التقرير السّنوي العاشر للأمم المتحدة (لتوثيق تأثير الحرب في أفغانستان على المدنيين) الصادر يوم الأحد 24 شباط/فبراير 2019، الذي أشار إلى الأضْرار الفادحة والمُعاناة في صفوف المَدَنِيين، بأكثر من خمسة آلاف قتيل، وحوالي سبعة آلاف جريح، مما يرفع العدد الإجمالي للقتلى المدنيين، خلال عشر سنوات في أفغانستان، إلى أكثر من 32 ألف مدني وإصابة ستين ألفا، من بينهم أطفال قُتلوا وجُرِحُوا وأُصِيب الآلاف منهم بإعاقات مستديمة بسبب الهجمات على المدارس والمنشآت الطبية، وتُعتبر هذه الأرقام دون الواقع بكثير، لأنها تعتمد سجلات المُستشفيات (أو ما تبقى منها) ووثائق المنظمات “الإنسانية” العاملة في أفغانستان، ويتلقّى معظمها تمويلات من الدول التي تحتل جيوشها البلاد، وَوَرَد في تقرير لمركز قيادة جيش الجو الأمريكي في أفغانستان، إطلاق حوالي 7400 صاروخ جوي “ضد مواقع العدو”، ويتمثل العدو في سكان البلاد، خصوصًا عندما يتجمّعُون بمناسبة فَرحٍ أو مَأْتَمٍ، لكن قيادات الجيش الأمريكي لا تهتم بضحايا عدوانها وأسلحتها، خصوصًا وإن استخدام الجيش الجوي والقصف عن بُعْد، يخَفِّضُ (أو يُلْغِي) عدد القتْلى في صفوف الجيش المُعْتَدِي… عن موقع “أخبار الأمم المتحدة” 24/02/2019

 

فنزويلا: تعتبر الولايات المتحدة، منذ إقرار “عقيدة مونرو” سنة 1823، إن وسط وجنوب القارة الأمريكية، فضاء خاص بها، وعلى هذا الأساس احتلت (ولا تزال) 55% من أراضي المكسيك (بعد سلسلة حُرُوب بدأت سنة 1840 ودامت أكثر من 15 سنة ) ودبّرت الإنقلابات ضد كافة الحكومات التي تُعارض هيمنة الشركات الأمريكية، وتُقيم قواعد عسكرية في العديد من البلدان، وخاصة في “كولومبيا”، على حُدُود فنزويلا، وتتعامل الولايات المتحدة مع اقتصاد دول أمريكا الوسطى، ومن بينها فنزويلا، كمنطقة نفوذ اقتصادي أمريكي…

تمتلك فنزويلا احتياطيا ضخما من النفط، وقد يكون أضخم احتياطي، لدولة واحدة، في العالم، ويعتمد اقتصاد فنزويلا على النفط، الذي تستخرجه الشركات الأمريكية، ولا تمتلك فنزويلا مصفاة واحدة لتكرير النفط، بل تُصدّر الشركات الأمريكية النفط الخام وتُصفِّيه في الولايات المتحدة، وتُعيد توريده مُكرَّرًا إلى فنزويلا، بأضعاف سعره، وتستخدم الدولة عائدات الصادرات النفطية لاستيراد السّلع، بما فيها المواد الغذائية، وكلّما انخفضت أسعار النفط الخام، ارتفعت دُيُون فنزويلا الخارجية، بسبب ارتهانها للمصافي الأمريكية، وبسبب قلة إنتاج الغذاء والسلع الأساسية، وكان المصرف المركزي الفنزويلي، قد رهن الاحتياطات النفطيّة وجميع ألأصول الحكومية لقطاع النفط (بما في ذلك شركة النفط الحكومية “سيتغو”) كضمان للدين الخارجي، منذ عُقُود (قبل أن يُصبح هيوغو شافيز رئيسا)، أي إن تخلف الدولة عن تسديد أقْساط الدّيون الخارجية، في مواعيدها، قد يؤدِّي إلى استحواذ الدائنين (شركات النفط الأمريكية) على نفط البلاد، بما فيه الإحتياطي، وعندما أصبح “شافيز” رئيسًا، توجّه الإنفاق الحكومي نحو تطوير البنية التحتيّة، والرعاية الصحيّة والتعليم، ولكن الدّولة كانت بُؤْرَة فساد، ولم تتمكن الحكومة، طيلة العقدَيْن الماضِيَيْن من تطهير صفوف كبار موظّفي الدولة، وقطاع النفط، من اللصوص والمُحتالين، ولا على “التقاليد” السَّيِّئَة، مثل تلقِّي العُمولات والرّشاوى، وخاصة في قطاع النفط، أما الأثرياء فقد نقلوا ثرواتهم إلى الولايات المتحدة وإلى الملاذات الضّرِيبية، وزادت صعوبات اقتصاد فنزويلا، خلال القرن الحادي والعشرين، بسبب العقوبات التي تستخدمها الولايات المتحدة، ضد أي حكومة تختلف معها، في العالم، وبذلك عَطّلَت الولايات المتحدة عملية إصلاح اقتصاد فنزويلا، ودول أخرى، لأن الإصلاح، أو استخدام عائدات النفط لصالح الشعب الفنزويلي، يَعْنِي خفض حصة الشركات الأمريكية، وخَفْضَ حصّة “الأوليغارشية” المحلية (العميلة لأمريكا) من ثروات ومن عائدات فنزويلا، ويعني ذلك أيْضًا خفض إنفاق عائدات النفط الفنزويلي لشراء احتياجات البلاد من الولايات المتحدة، ويعني أيضًا سحب عائدات النفط من المصارف الأمريكية لإنفاقها على إصلاح متوسط أو بعيد المدى، ولهذه الأسباب اتخذت الولايات المتحدة وبريطانيا قرارات (مُخالفة لما سُمِّي “القانون الدّولي”) بفرض عُقُوبات، تمنع حكومة فنزويلا من استخدام ودائعها، واحتياطيها من الذهب، في المصارف الأميركية (والبريطانية) ومنعها من الوصول إلى أصولها في شركتها “سيتغو” المملوكة للدولة، وبذلك لن تتمكن دولة فنزويلا من تسديد أقساط الدّيون الخارجية التي يَحُلُّ أجل سدادها، لتتمكن الولايات المتحدة من الإستحواذ على الأصول المَرْهُونة (شركة النمفط والإحتياطي النفطي والأموال التي أودعتها حكومة فنزويلا في المصارف الأمريكية)، وكان مثل هذا السيناريو سببًا في إفلاس الأرجنتين سنة 2001، وهي دولة كبيرة وغنية بالموارد، وكان سببًا أيضًا في خاْق أزمة اقتصادية حادّة في “تشيلي”، قبل الإطاحة بحكومة الرئيس “سلفادور أليندي” واغتياله، وبذلك تُصبح فنزويلا، عامل تحذير لأي دولة تُحاول الخُرُوج من دائرة نفوذ الولايات المتحدة وصندوق النّقد الدّولي، وقد تكون أزمة فنزويلا دافِعًا للدول الأخرى للخروج من هيمنة الدّولار، وإنشاء حلف معادٍ للإمبرياليّة، بعد تخريب مجموعة “بريكس” من الدّاخل، بفعل ضُعف اقتصاد جنوب افريقيا، وطبيعة الحكومات اليمينية الحالية في البرازيل والهند، أما الصين وروسيا، فيبقى اقتصادُهما قَوي، رغم الحصار، وتدعم كلاهما اقتصاد فنزويلا وإيران، في حُدود ما يسمح به النظام المصرفي العالمي، الذي تُهيمن عليه الولايات المتحدة، وتستخدم قوتها العسكرية، وهيمنتها على المبادلات التجارية والتحويلات المالية العالمية، لابتزاز دول العالم، لأن الدولار، مُرافِقٌ اقتصادي ومَالِي للقوة العسكرية الأمريكية… عن موقع “ذي أونز ريفيو” – الأخبار 22/02/2019

تركيا: ينتهج الإخوان المسلمون في تركيا سياسة “التّمكين”، واستغلال السلطة لاجتياح مؤسسات الدّولة والمُجتمع، وذلك منذ 1996، واستغل حزبهم ورئيسهم محاولة الإنقلاب المشبوه (15 تموز/يوليو 2016) للزج بعشرات الآلاف من المواطنين في السّجن، ولفَصْل عشرات الآلاف من الموظفين، واستبدالهم بأعضاء الحزب الحاكم والمقرّبين منه، في الجيش والشرطة والقضاء والصحة، وفي كافة القطاعات، ومن بينها التعليم، بمختلف مستوياته، ولم يحترم الإخوان المسلمون في تركيا، وكذلك في تونس، قواعد وشُروط التّوظيف في القطاع العام، والحكومي بشكل خاص، كالمستوى العلمي، والخبرة، واجتياز امتحانات (مناظَرات) خاصّة بكل قطاع، وتضررت قطاعات القضاء والتعليم أكثر من غيرها، مما أدّى إلى تقهقر مستوى التعليم العالي في تركيا…

ارتفع عدد جامعات تركيا من 12 جامعة سنة 1979 (قبل الإنقلاب العسكري) إلى 203 جامعة سنة 2017، ولكن نظام التعليم كان انتقائيّا، قبل أربعين سنة، حيث لم يتمكّن سنة 1980، سوى 42 ألف طالب من اجتياز امتحان القُبُول، أو حوالي 9% فقط، من إجمالي نحو 467 ألف مُشارِك، وارتفع عدد ونسبة المقبولين سنة 2018 حيث شارك في امتحانات القبول نحو 1,7 مليون والتحق بالجامعات نحو 710 ألف طالب، أو ما يعادل 40% من العدد الإجمالي للمتقدمين، ولكن هذا التطور كَمِّي، أي في الحجم فقط، وليس نَوْعِي، ويُؤَطِّر هذه الجُمُوع الطُّلاَّبِيّة نحو 77500 من الباحثين والمُدَرِّسين بمختلف المستويات والرّتَب، من إجمالي نحو 160 ألف أكاديمي يعملون في مجالات التدريس كافة، بحسب بيانات سنة 2018، وبعد حملات القمع والطّرْد من العمل، والإعتقال، بقيت 28% من المناصب شاغرة، لأنها وظائف ذات اختصاص، لا يستطيع أعضاء الحزب الحاكم القيام بها، في مستوى البحث العلمي، والإشراف على أُطْرُوحات الطلبة في مرحلة الدكتوراه، في بعض الإختصاصات، وانخفض تصنيف الجامعات التركية في سجل التصنيفات العالمية، من ثمانية جامعات ضمن “أأفضل 500 جامعة في العالم” (وهو تصنيف غير دقيق أيضًا) سنة 1980، إلى اثنتين فقط سنة 2018، وأصْدَرَ باحثون من الجامعات التركية، تقريرًا يُعالج تراجع جودة التعليم، بسبب سياسات الحكومة المتمثلة في رَفْع عدد الجامعات، وعدد الطُّلاَّاب، دون الإهتمام بالجودة، بالإضافة إلى فتح الباب واسعًا أم الرأسماليين للإستثمار في الدراسات العليا والتعليم الجامعي الخاص، ليتحول قطاع التعليم إلى قطاع تجاري، يُحقِّقُ أرباحًا مُرتفعة، ويُقدّر عدد طلَبَة “الجامعات الفندقية” (أي الجامعات الخاصة) بنحو 15 ألف طالب، بقيمة تتراوح بين أربعة آلاف دولارا وعشرة آلاف دولارا، سنويا، للطالب الواحد، ولكن المتخرجين من الجامعات الحكومية أو الخاصة، يُواجهون مشكلة التّوْظِيف، وانتشرت الرشوة والفساد وشراء الشهادات العلمية، وشراء الميسورين أُطْرُوحات ومقالات أكاديمية، كتبَها الطلبة والباحثون الفُقراء، أو المُوظّفين حديثًا(وهذه الظاهرة منتشرة في كافة البلدان العربية وفي أوروبا أيضًا)، ويَتَعَرّضُ الطّلبة الرّافضون للطرد، في حالة رفض هذه “العُرُوض”…

أدت عملية “التّطْهِير” الإخوانجي للكفاءات الأكاديمية، إلى حرمان طلبة الدّكتوراه من الدّعم، أو التوجيه الذي يحتاجونه، مما يعكس أحد جوانب أو أسباب هبوط القيمة الأكاديمية لجامعات تركيا (بدأت قبل حوالي عقْدَيْن) بالإضافة إلى مغادرة العديد من الكفاءات البلاد، إثر محاولة الانقلاب المشبوه، منتصف 2016، وما تبعها من قمع وملاحقات… عن بيانات تقرير “مجلس التعليم العالي” 2018 + “الأخبار” 20/02/2019

الصين والولايات المتحدة- من تداعيات الحرب التجارية: كشفت أخبار السّنوات القليلة الماضية أَنْبَاءَ استحواذ حكومة الولايات المتحدة على بيانات مُسْتخْدِمِي أجْهِزَة وشبكات وتجهيزات التواصل الإلكتروني، وتهديد الشركات التي لا تخضع لشروط “التّعاون” مع المُخابرات (والحكومة) الأمريكية، واستخدمت الولايات المتحدة هذه البيانات للتّجَسُّس على مواطني أمريكا ومواطني وشركات ومسؤولي الدول الأخرى، من بينهم قادة دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (أوروبا)، ولم تتعرض الولايات المتحدة للعقوبات والحظْر والمُقاطَعَة، بل إن الولايات المتحدة هي التي تَشُن الحروب العسكرية والإقتصادية والتجارية على العالم، ضد الخُصُوم، كما ضد الحُلَفاء والمُنافسين، ناهيك عن الأعداء، وتتذرع الحكومة الأمريكية بأسباب وَاهِيَة، لفرض الحظر والعقوبات على روسيا والصين وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية وغيرها، وترفُضُ أمريكا تطبيق قواعد المنافسة الرأسمالية، عندما لا تكون في صالحها، وهو ما تفعله مع الصين، التي جَمَعَت المتناقضات، فالحزب الأوحد الذي يحكمها يُسمّى “شيوعيًّا” ولكن الحكومة (وهي تتشكل من قيادات الحزب) تُدافع عن أُسُس وقِيَم النظام الرأسمالي، والعَوْلَمَة والتبادل الحُرّ، وغير ذلك من قوانين الإقتصاد الرأسمالي، وتحاول الولايات المتحدة مَنْعَ أو تأخير تحكم الصين في التكنولوجيا المتطورة، ذات الأبعد الإستراتيجية، والتي تُحقق قيمة زائدة مُرْتَفِعَة، وتندرج في هذا الإطار، الحملة التي تستهدف مجموعة “هواوي” الصِّينيّة للإتصالات، منذ سنة 2012، خلال رئاسة باراك أوباما، عندما حَذَّر الكونغرس الأميركي من “الخطر الأمني” لهذه المجموعة، كما ادّعت أمريكا “إن مشاريع التّنْمِية الصينية، مثل “مبادرة الحزام والطُريق”، هي مشاريع للمراقبة والتجسس، وادّعت صحيفة “لوموند الفرنسية” (كانون الثاني/يناير 2018) أن الحكومة الصينية، التي “تَبَرّعت” بالمَبْنَى الجديد للإتحاد، في “أديس أبابا” (عاصمة الحَبَشَة)، تتجسس على مقر الاتحاد الأفريقي…

استفحلت الحملة ضد مجموعة “هواوي” في شهر آب/أغسطس 2018، في أمريكا وفي الدّول الحليفة (كندا وأستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا وأوروبا…)، لأن الشركة الصينية (وهي شركة خاصّة، وليست حكومية، رسميًّا على الأقل) تطمح لأن تُصبح أوّل وأكبر مصنعة هواتف “ذكية” في العالم، ولكن أجهزة الإعلام الأمريكية والأوروبية أثارت (بإيعاز من الحكومات ) أثارت مخاطر استخدام الحكومة الصينية التقنيات الحديثة للتّجَسّسُ، خصوصًا وإن شركة “هواوي” عملاقة، ويشمل نشاطها الهواتف “الذكية” والحواسيب واللوحات، وإنشاء شبكات البنية التحتية للاتصالات العالمية، وغير ذلك، وتَهْدِف الشركة تطوير تكنولوجيا خاصة بها، للتّحرُّر التام من التقنيات الأمريكية، في الجيل الجديد من الهواتف التي تتهيّأ لتَسْوِيقها في العالم، وبذلك تعمل “هواوي” على تجاوز الشركات الأميركية في المجال التكنولوجي، وخَفْضِ الإنفاق (المُرْتفع) على شراء المُكَوّنات الأمريكية، وأصْبَحت “هواوي” بفضل وُضُوح التخطيط والأهداف، وبفضل دعم الدّولة الصينية، المُزَوّد الأول لشركات الهاتف المَحْمُول في العالم، ونجحت في التّخلّص من التّبَعِيّة، تُجاهَ الشركات الأمريكية (الرّائِدَة)، وتطوير تقنية الرقاقات الإلكترونية الخاصة بها، وهنا مَرْبَط الفَرس، وسبَبُ التهديدات الأمريكية، وسبب الإستنفار العالمي، وإعلان “حالة الطوارئ التكنولوجية”، خصوصًا مع اقتراب موعد “المؤتمر العالمي للهواتف المحمولة” في مدينة “برشلونة” (إسبانيا)، الذي حَدّدَتْهُ الشركة الصينية، كموْعِدٍ للإعلان رسميا عن “أول هاتف ذكي من الجيل الخامس”…

لم تُعْلن شركة “هواوي” (حتى تحرير الخبر يمو 20/02/2019) عن النتائج المالية، لمجموعة الشركات التي تَضُمُّها، للعام 2018، ولكنها نشرت بعض النّتائج الجُزْئِيّة، التي أظهرت عدم تأثير التهديدات الأمريكية على المبيعات، ووبلغت قيمة مبيعاتها من الهواتف “الذّكية” والمنتجات الاستهلاكية المُرتبطة بها 52 مليار دولارا أمريكيا سنة 2018، وبلغت نسبتها من إجمالي الإيرادات السنوية لمجموعة “هواوي” إلى أكثر من 50% من إجمالي الإيرادات التي فاقت مائة مليار دولارا…

صعّدت الإدارة الأمريكية من هجومها على اقتصاد الصين، بالتوازي مع إجراء محادثات دَوْرِية بين الحكومَتَيْن، بشأن التبادل التجاري والرّسوم الجمركية، وشمل التصعيد قرار أمريكي، سُمِّي “قانون إقرار الدفاع القومي”، حظرًا جزئيًّا لاستخدام تقنيات “هواوي” وشركة “زد تي إيه” (شركة صينية) في الولايات المتحدة، بادّعاء “سرقة التقنيات الأمريكية”، بحسب موقع صحيفة “وول ستريت جورنال”، كما شمل التّصْعِيد اعتقال دولة كندا المديرة المالية لمجموعة “هواوي”، خلال كانون الأول/ديسمبر 2018، بتهمة “بيع أجهزة اتصالات إلى إيران”، مما تعدّه أمريكا “انتهاكًا للعقوبات” التي تُقرِّرُها أمريكا، خارج أي إطار دولي، كما اعتقلت حكومة بولندا اليمينية المُتَطَرِّفة، في خطوة تَزَلُّف لأمريكا، موظفا في مجموعة “هواوي” بتهمة التجسس، وطالبت بولندا الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي “ناتو” اتخاذ موقف موحد، “يَحْظُرُ وجود واستخدام البنى التحتية الخاصة بالشركة الصينية”…

أعلنت السلطات الصينية، (يوم الثلاثاء 12/02/2019)، أن “لا صحة” لاتهامها باستخدام مجموعة “هواوي” للتجسس على الدول، وكل ما في الأمر إن أمريكا ترفض أن تكون المجموعة الصينية “أكبر منتج لمعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية وثاني أكبر صانع للهواتف الذكية”، وجَنَّدَت الحكومة الأمريكية في بداية شهر شباط/فبراير 2019، فريقًا من المسؤولين الأميركيين، قام بجَوْلَة في عواصم دول الاتحاد الأوروبي، بهدف “دعوة” (وتهديد) الحكومات الأوروبية إلى “حظر استخدام تكنولوجيا الجيل الخامس ل(هواوي) في مشاريع البنى التحتية للاتصالات”، وفق وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) يوم الخامس من شباط 2019، وكانت حكومة بريطانيا قد حَظَرَتْ، منذ شهر كانون الأول/ديسمبر 2018، استخدام أجهزة “هواوي” في شبكة مجوعة “بي تي” البريطانية للاتصالات والهواتف المحمولة، وأصدرت حكومات أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة حظرا مماثلا سنة 2018، ومنعت نيوزيلندا أكبر شركات الاتصالات من استخدام تكنولوجيا “هواوي” لشبكة الجيل الخامس، وأَقْصَتْ حكومة “تشيكيا” مجموعة “هواوي” من مناقصة بقيمة عشرين مليون يورون لإنشاء “بوابة” ضرائب إلكترونية… عن وكالة الصين الجديدة “شينخوا” + أ.ف.ب + “أسّوشيتد برس” (أ.ب) متابعة من 02 إلى 20/02/2019

أوروبا: ورد في تقرير نشرته المفوضية الأوروبية (يوم الثلاثاء 19/02/2019) “إن إلغاء الرسوم الجمركية،على البضائع الصناعية، بين الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، يُعزّز اقتصادَهُما بنحو 28,3 مليار دولارا سنويًّا، لكل طرف”، وتحاول مُفوّضِيّة الإتحاد الأوروبي الإتفاق مع الإدارة الأمريكية الحالية (برئاسة “دونالد ترامب”) على اتفاق تجارة محدود، يُلْغِي الرّسُوم الجمركية على السيارات، مع الإبقاء على رُسُوم دُخُول المنتجات الزراعية، ولكن الولايات المتحدة ترفض تقديم تنازلات، بل تُطالب الحلفاء (أوروبا واليابان وغيرها) بالمزيد من التنازلات، في عملية ابتزاز مُسْتمرّة، لا تتوقّف، منذ سنتين… ورد في تحليل المُفوضية الإوروبية إن إلغاء الرّسوم بين الطّرَفَيْن (على الإنتاج الصناعي) يزيد صادرات الإتحاد نحو الولايات المتحدة بنسبة 8%، أو ما يُعادل 27,5 مليار يورو، لترتفع صادرات الولايات المتحدة نحو دول الإتحاد الأوروبي، بنحو 9%بحلول سنة 2033، أو ما يُعادل 26,5 مليار يورو، ولكن الولايات المتحدة لا تهتم سوى بما تراه صالحًا لشركاتها الكُبْرى، ولا تلتفت لبمصالح الشُّرَكاء والحلفاء، لأن الإدارة الأمريكية، تدرس (عند تحرير الخبر) زيادة رسوم السيارات الأجنبية الداخلة إلى أمريكا، دون انتظار ما ستُسْفِرُ عنه المحادثات المتعلقة التجارة، بين الطرفيْن…

بالتوازي مع المفاوضات (مع أمريكا)، تُطالب أقْوى دولتان في الإتحاد (ألمانيا وفرنسا) بضرورة تطوير استراتيجية صناعية جديدة للاتحاد الأوروبي، لتتمكن الصناعات الأوروبية من مواجهة المنافسة العالمية المتزايدة، وذلك بعد رَفْضِ المفوضية الأوروبية (وهي هيئة غير منتخَبَة، تُمثِّلُ دوَل الإتحاد الأوروبي) صفقة الاندماج بين قطاعي صناعة القطارات ومعدات السكك الحديدية في مجموعة “ألستوم” الفرنسية ومجموعة “سيمنس” الألمانية، يوم 06/02/2019، ولئن كانت المُفَوِّضِية تمثل الحكومات، فإنها مسؤولة عن تطبيق قوانين “حماية المنافسة ومكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي”، وعَلّلَت قرار الرّفض: “إن الصفقة ستَحُدُّ من المنافسة في صناعة القطارات ومعدات السكك الحديدية الأوروبية وتضر بالمستهلكين”…

من جهة أخرى، وعلى هامش هذا القرار، صَرّح وزير الاقتصاد الألماني، بضرورة التّكتّل ومزيد الإنسجام، بين برامج الدول، لتجعل من الإتحاد الأوروبي تَكتُّلاً قادِرًا على المُنافَسَة وعلى الدفاع عن المصالح الإقتصادية لمجموع الدول الأوروبية، وتعمل ألمانيا على تأسيس اتحاد شركات أوروبية (كونسورسيوم) “لإنتاج خلايا الوقود المستخدمة في السيارات الكهربائية في أوروبا”، كما تدعمُ حكومات ألمانيا وفرنسا إنشاء مصنع مُشْترَك لإنتاج خلايا بطاريات السيارات الكهربائية، بتمويل مشترك، بقيمة 7 مليار يورو (1,9 مليار دولار)، وتدرُسُ الحُكومتان (في ألمانيا وفرنسا) تقديم مشروع “إصلاح قانون المنافسة الأوروبي”، بغرض إنشاء شركات أوروبية عملاقة على غرار شركة صناعة الطائرات الأوروبية “أيرباص”… عن أ.ف.ب + د.ب.أ(بتصرف) 21/02/2019

 

اليابان: ترتبط اليابان، منذ هزيمتها بواسطة القنابل النووية الأمريكية، بعد الإعلان الرسمي عن نهاية الحرب العالمية الثانية،  بتحالف عسكري وطيد مع الولايات المتحدة، ويُرابط في القواعد العسكرية أكثر من 47 ألف عَسْكَرِي أمريكي، ويعتبر موقع جزيرة “أوكيناوا”، القريب من “تايوان”، ذا أهمية استراتيجية كبيرة، بسبب قُرْبِه من الصين، ولكن السّكان يُعارضون وجود القواعد، وأعلنت الحكومة سنة 1996، نَقْلَ قاعدة “فوتينما” إلى “ناغو” الواقعة على بعد خمسين كيلومترًا، إثر اغتصاب جنود أميركيون بشكل جماعي طفلة يقل عمرها عن 12 سنة، كانت عائدة من المدرسة، وعارض السّكّان وجود القاعدة في حد ذاته (وليس مكانها)، جراء مشاكل تتراوح من الضجيج إلى الحوادث العسكرية وجرائم القتل والإغتصاب التي يتورط فيها العسكريون الأمريكيون (الذين لا يخضعون للقوانين اليابانية، كما في جميع القواعد العسكرية الأمريكية في العالم)، واعتبرت حكومة رئيس الوزراء الياباني “شينزو آبي” أن نقل القاعدة سيحل هذه المشاكل، ولكن السكان يطالبون، بإخلاء الجزيرة من القواعد، ونقلها إلى مكان آخر، وتشكل مساحة “أوكيناوا” أقل من 1% من إجمالي مساحة البلاد، لكنها تضم أكثر من نصف العسكريين الأميركيين المتواجدين في اليابان والبالغ عددهم نحو 47 ألفا، وبعد مُضِي أكثر من 23 سنة على قرار النّقل، أعرب المواطنون (حولي 1,2 مليون يحق لهم الإقتراع) عن رفضهم بقاء القاعدة في الجزيرة، خلال استفتاء يوم الأحد 24/02/2019، وهو التّصْويت الشّعْبِي الثالث ضد وُجُود القاعدة، منذ سنة 2014، وصوّت نحو 72% ضد نقل القاعدة (أي ضد وجودها في الجزيرة) مقابل تأييد 19%، لِنَقْلِها من مكانها الحالي، المأهول بالسكان، إلى “ناغو”، على بعد خمسين كيلومترًا، وشارك في الاستفتاء 53% من الناخبين، وفق مسؤولين رسميين، وخرجت مسيرات مناهضة للقاعدة يوميا في “أوكيناوا” منذ أن بدأت الحملات المرتبطة بالاستفتاء في منتصف شباط/فبراير 2019، لأن نتيجة الإستفتاء غير مُلْزِمَة للحكومة، التي أعلنت “إن التصويت لن يوقف عمليات تهيئة المكان في (ناغو) لاستضافة القاعدة” إذ ترفض السلطات اليابانية والولايات المتحدة، تجميد خطط نقل القاعدة، بغض النظر عن رأي السّكّان، وبغض النّظر عن التّكلفة الباهظة لبنائها (أكثر من 27 مليار دولارا) والتي تتحملها السلطات المحلية والحكومة اليابانية… عن رويترز + أ.ف.ب (بتصرف) 25/02/2019

أمريكا: يمتلك ثلاثة أثرياء أمريكيين (جيف بيزوس، وبيل غيتس ووارن بافيت) نصف ثروة الولايات المتحدة، كما يمتلك 24 ثريًّا أمريكيا نحو 40% من إجمالي الثروة العالمية، وتمتلك الشركات الأمريكية أُصُولا وأموالاً بقيمة 21 تريليون دولارا، في مناطق “أوف شور”، خارج أراضي الولايات المتحدة، في الملاذات الضّرِيبِيّة، التي يقع العديد منها في جزر منطقة بحر الكاريبي، غير البعيد عن الولايات المتحدة، وفي المُقابل، يُطالب عُمال الشركات الكُبرى (كوكاكولا وماكدونالدز ووول مارت…)، منذ أكثر من ثلاث سنوات، برفع الرواتب الدّنْيا، من 7,25 دولارا إلى 15 دولارا، عن كل ساعة عمل، ولكن هذه الشركات ترفض، وأعلنت خلال سنة 2018، إنها سترفع الرواتب تدريجيا، على فترة تدوم خمس سنوات أو أكثر. أما الحكومة الأمريكية فإنها، بدَل الضغط على أرباب العمل، لزيادة الرّواتب، تَقُوم بدعمهم، عبر شراء فائض الإنتاج الزراعي، وتوزيع مساعدات غذائية، في شكل “قسائم” على العمال والفُقراء (بعد تحقيق مُذِل ومُهين، من إدارة الشؤون الإجتماعية في كل ولاية)، مما يُشكّل “مُكَمِّلاً” للراتب المُنْخَفض…

تحدّث الرئيس الأمريكي في خطابه عن “حال الأمّة” عن “المُعجزة الإقتصادية” التي حدثت منذ أصبح هذا الملياردير رئيسًا، بحسب زَعْمِهِ، ولكن يبدو إن العاملين الأمريكيين بمختلف دَرجاتهم، وفي مختلف القطاعات الإقتصادية، لم يَصِلْهُم خبر “المعجزة”، وإنما شعروا بزيادة أرباح الرأسماليين والمُضارِبِين، والأثرياء بشكل عام، ولم ينعكس هذا النّمو في الأرباح على رواتِبِهِم، وأدّى تدَهْوُر مُسْتَوى الرواتب، وظُروف العمل، إلى انطلاق سلسلة احتجاجات عُمّالية، لم تشهدها أمريكا، منذ إضراب عُمّال سكك الحديد وموظفو الطيران وعمال جمع النفايات، سنة 1986، بحسب بيانات “مكتب إحصاءات العمل” الأمريكي، إذْ كانت سنة 2018 قياسية، بحسب عدد المُشاركين في الإضرابات، وشارك في حوالي عشرين من الإضرابات الرئيسية نحو 485 ألف عامل، من إضراب المعلّمين في “ويست فرجينيا”، إلى اعتصام عمّال سلسلة فنادق “ماريوت”، في  أربع ولايات، مرورًا بإضراب عُمال الصلب والحديد، وانتهت معظم الإضرابات بزيادة رواتب آلاف العمّال، وكانت إضرابات المعلمين (في كافة مُسْتَويات التّعليم) هي الأبرز، وشارك 81 ألف مُدَرّس في إضراب المعلّمين في ولاية أريزونا، احتجاجًا على خفض الإنفاق على التّعليم (بفعل خَفْض الضّرائب) وتسبب الإضراب في إغلاق أكثر من أَلْفَيْ مدرسة حكومية، وخسارة 486 ألف يوم عمل، خلال شهر نيسان/ابريل 2018، وأسفر الإضراب عن إقرار الولاية زيادة الرواتب بنسبة 20% على مدى ثلاث سنوات، كما أضرب نحو 45 ألف مُدَرّس في ولاية “أوكلاهوما” لمدة تسعة أيام، وانْضَمَّ إليهم الموظّفون الحكوميون، وحصلوا على زيادة (صغيرة) في الرواتب، وعلى تمويل إضافي للتعليم في الولاية بنحو 480 مليون دولارا، وأضرب المُدرسون كذلك في ولايات “ويست فرجينيا”، وحصلوا على زيادة بنسبة 5% في رواتبهم، وعلى زيادة الإنفاق العام على المدارس، حيث تراجع الإنفاق، خلال عشر سنوات بنسبة 11,4%… 

اعْتُبِرَ إضراب عمّال سلسلة الفنادق “ماريوت” (إحدى أكبر شركات الفنادق في العالم، وأكثرها أرباحًا)، خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2018، أهَمّ إضراب في قطاع الفنادق، في تاريخ الولايات المتّحدة، إذْ أضرب نحو ستة آلاف عامل (في سلسلة “ماريوت”)، في أربع ولايات، لفترة شهْرَيْنِ كامِلَيْن، حتى وافقت الشركة على زيادة الراتب وزيادة المُخَصّصات، فضلاً عن زيادة الحماية ضدّ التحرّش الجنسي والعنف الذي يتعرّضون له…

أضرب المُدَرِّسُون في “لوس أنجس” وفي “دنفر” في بداية سنة 2019، وحصلوا في “لوس أنجلس” على زيادة الرواتب بنسبة 6% وتخفيض عدد الطلاب في كلّ فصل، أمّا في “دنفر”، فالإضراب مستمرّ (عند تحرير الخَبَر يوم 25/02/2019) من أجل زيادة الرواتب (المنخفضة جدّاً)، ومن أجل إصلاح نظام التعويضات الذي يعتمد بشكل كبير على المكافآت المتقلّبة التي يحصلون عليها خلال السنة… عنمكتب الإحصاء الأمريكي (سنة 2018) + موقع “فوكس” (Vox ) – مُلحق “رأس المال” لصحيفة الأخبار 25/02/2019 

صحة: يتسبب إدمان الكحول في 4% من حالات الوفاة السنوية في العالم سنويًا، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، وسبّب الإفراط في تناول المشروبات الكُحُولية وفاة نحو 3,3 مليون شخص في الولايات المتحدة سنة 2012، وفق المعهد القومي الأمريكي لأبحاث الكحوليات والإدمان، وأكّدت دراسة أميركية حديثة، أن شرب الكحول في فترة المراهقة، يحدث تغييرات سلبية دائمة في دماغ الإنسان، وتأثيرًا على مركز العاطفة (في الدّماغ) وتتسبب هذه التغييرات في مزيد من اضطراب “اللّوْزَة الدّماغية”، وهي منطقة الدماغ المَعْنِيّة بإدراك وتقييم العواطف والمدارك الحسية “والاستجابات السلوكية المرتبطة بالخوف والقلق، وتراقب باستمرار ورود أي إشارات خطر من حواس الإنسان، كما تعد نظامَ إنذار واستشعار للمتعة”، بحسب باحثين في مركز “شيكاغو” لأبحاث الكحوليات بجامعة “إلينوي” الأميركية، ونشرت نتائج البحث، في العدد الأخير من المجلة العلمية “ترانزيشنال سايكياتري”…

تُعدّ فرنسا إحدى أكبر منتجي ومُصَدِّرِي الخُمور في العالم، ويُمَثِّلُ مُنْتِجُو الخمور مجموعة ضغط هامة، ولذلك تتلكّأُ أجهزة الدولة (التي تُمثّل مصالح الأثرياء) في إقرار إجراءات للحد من استهلاك المشروبات الكحولية، أو للوقاية من أخْطارها، وأَجَّر “لوبّي” الخَمْر باحثين وعُلماء للتوقيع (مقابل المال والتّرقِيات المِهَنِية) على “بُحوث” و”تقارير” أعدّها مُوظّفُون متخَصِّصُون، تختلق محاسن عديدة للخمر وللكحول، رغم وفاة 41 ألف مواطن سنويا، بسبب الإفراط في استهلاك المشروبات الكحولية، بحسب ما وَرَدَ في تقرير فرنسي رسمي أعدته هيئة الصحة العامة، وتُعدّ الخمور ثاني مُسببٍ للوفاة، بعد التبغ، بحسب تقرير الهيئة الذي أوضح أن نسبة الوفاة لدى الرجال بسبب الكحول تصل إلى 11%، عكس النساء التي تصل النسبة لديهن إلى 4% فقط، فيما تُشير التقديرات إلى وفاة 16 ألف شخص بسبب السرطان الناجم عن استهلاك الكحول، وفق نفس التقرير، الذي بَيّن أن 26% من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و75 عامًا يتعاطون الكحول يوميا في فرنسا…

أما عن التّدخين فقد نَشَرَت دورية (Psychiatry Research) العلمية نتائج دراسة أميركية حديثة، أجراها باحثون بجامعة روتجرز الأميركية، تُفيد (الدراسة) أن تدخين أكثر من 20 سيجارة يوميا يمكن أن يدمر الرؤية، ويؤثر بشكل مباشر على عملية تمييز الألوان والمعالجة البصرية، بسبب احتواء تبغ السّجائر على مواد كيميائية سامة، تُدَمِّرُ الأعصاب، وقد تؤدي إلى فقدان شامل لرؤية الألوان، ويُصاب المُدَخِّنُون بانخفاض في سمك الطبقات في الدماغ التي تلعب دورًا في الحركة الطوعية، كما يُؤَثِّرُ التدخين بالسلب على عملية السيطرة على التفكير، ويؤدي إلى انخفاض النشاط في منطقة الدماغ التي تعالج الرؤية، فيما يتسبب “النيكوتين” بنظام الأوعية الدموية، وما يُصاحب ذلك من انعكاسات سَلْبِيّة على الخلايا العصبية في شبكية العين، وتشير نتائج الدّراسة، إن الأضرار تطال المُدخّنين، وكذلك المُتعرّضِين لدخان السجائر، من غير المُدَخِّنِين…

يقتُل التّبغ قرابة ستة ملايين شخص بإقليم “شرق المتوسط” سنويا، بينهم أكثر من 5 ملايين متعاطون سابقون وحاليون للتبغ، بالإضافة إلى حوالي 600 ألف شخص من غير المدخنين المعرضين للتدخين السلبي، وفق بيانات منظمة الصحة العالمية، في أحدث تقاريرها، ويعتبر مُعِدّو تقرير المنظمة أن التدخين أحد الأسباب الرئيسية للعديد من الأمراض المزمنة، بما في ذلك السرطان، وأمراض الرئة، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، أما المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فتعتبر إن حوالي 34,3 مليون شخص في الولايات المتحدة يدخنون السجائر حاليًا، وأن أكثر من 16 مليونا يعانون من مرض ناتج عن التدخين، ومعظمهم يعانون أمراض القلب الوعائية… عن منظمة الصحة العالمية + أ.ف.ب 14 و 19/02/2019

 _________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.