خبر سار وخبر حزين، الطاهر المعز

جاءتْني أخبار يوم أمس الإثنين السادس من أيار/مايو 2019 بخَبَرَيْن أحدُهُما سَارٌّ والآخر مُحْزِن.

الخبر السّار: أُطْلِقَ سراح “أَمِير مَخّول” بعد قضاء تسع سنوات في سجون العدو، بسبب تَشَبُّثِهِ بانتمائه إلى الشعب الفلسطيني، وإيمانه بوحدة المَصِير بين كافة مكونات الشعب الفلسطيني (الجزء الواقع تحت الإحتلال منذ 1948، والجزء الواقع تحت الإحتلال منذ 1967، واللاجئين وفلسطينِيِّي الشتات)…

أمير مَخّول من قرية البقيعة، في الجَليل (شمال فلسطين)، وكان يُشْرِفُ على “اتحاد الجمعيات الأهلية” الفلسطينية في الأراضي المحتلة سنة 1948 المعروفة باسم “اتجاه”، وتتميز “اتجاه” بوضوح الموقف، واعتبار كافة فئات الشعب الفلسطيني، في فلسطين التاريخية، تحت الإحتلال، واعتبار جهاز الدولة الصهيونية لا يُمثل الفلسطينيين، وكان يتنقل (عندما يسمح الإحتلال بذلك) لحضور مؤتمرات أو ندوات، ليُدافِع عن حق تقرير المصير للفلسطينيين كشعب واحد، لذلك لَفّقت له سلطات الإحتلال تُهمة “لقاء أعداء إسرائيل في الخارج” و “التخابر مع الأعداء”، والأعداء الذين يقصدهم الإحتلال هم المناضلون العرب الذين يلتقي بهم أمير مخول في الخارج…

تهاني له ولزوجته “جنان عبدو” بعودته إلى “السّجن الكبير”

الخبر المُحْزِن، يتمثل في وفاة الرفيق “رَباح مهَنّا” (غَزّة)، والرفيق رباح دكتور (طبيب)، وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومُدافع صَلْب عن الفُقَراء والكادحين، وعن الأفكار والبرامج التي نشأت على أساسِها الجبهة الشّعْبِية…

لم ألْتَقِ به سوى مَرّتَيْن، فغزّة مُحاصَرة منذ نحو 12 سنة، ويتطلّبُ الخروج من غزة، والعودة إليها تحمّل مَشاق كبيرة، وللرفيق “رباح” مشاغل أخرى داخل القطاع، وفي إطار مسؤولياته كعضو مكتب سياسي للجبهة، وتضمنت اللقاءات بيننا نقاشات (حادّة أحيانًا) بشأن وضع الجبهة الشعبية، منذ اتفاقيات أوسلو، وعودة القيادات إلى الضفة الغربية المحتلة، لكنني كنتُ أحاول أن أتجنب إحراجه، وكان هو بدوره يتحمّل تاريخ الجبهة الشعبية بإيجابياته وسلبياته…

تَكَشَّفت له حقيقة القيادات النقابية وقيادات أحزاب اليسار الفرنسي والأوروبي، عندما التقى ببعضهم، ونظَّم له الرفاق والرفيقات الفلسطينيات بعض المواعيد، ونَظّمت له من ناحيتي البعض الآخر، ورافقته للتقْدِيم والترجمة، وأصابه الذُّهُول من مواقف معظم القيادات التي التقاها…

غَيّرتُ رقم هاتفي، ولم أتمكن من الإتصال به منذ نحو أربع سنوات، وسألت عنه شابّا من غزة يقيم بباريس، ويعرفه جيدًا، فأعلمني إنه مريض، ثم انقطعت عني أخبار الشاب الذي انهمك في عمله ومشاغله، ولم أعد ألتقي به في التظاهرات عن فلسطين…

قرأت الخَبَر في موقع “الهدف”، صحيفة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذُهِلت، لأن “رباح” لم يتجاوز السّبْعِين من عُمُرِهِ (على ما أَظُن)، ولكن الموت يختطف منا كل يوم رفاقا وأصدقاء، ولم يخترع الإنسان بَعْدُ عُقارًا ضد تأثير الزّمن والظروف الحياتية…

تعازي إلى أُسْرَتِهِ وأبنائه وإلى رفاقه في الجبهة الشعبية لتحرير رفلسطين…

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.