فردوس النووي يؤكد أُحادية القطبية، عادل سماره

ما معنى أن تتصدر امريكا مسألة مطاردة كل من يحاول امتلاك النووي، أو امتلكه رغم أنفها مثل كوريا الشمالية؟ وما معنى مشاركة روسيا والصين لموقف بل لقرار امريكا مطاردة كوريا الشمالية وافتراض امتلاك إيران للنووي؟ هذا ناهيك عن الصمت “بمضمون التأييد” لقصف موقع تموز العراقي عام 1980 وقبل سنوات لموقع في سوريا بحجة النووي!

قبل الإجابة، لنتذكر بأن لدخول فردوس النووي هناك مجموعة شروط لا بد من توفرها :

أولاً: أن تكون الدولة راسمالية بيضاء قيادتها بيد الولايات المتحدة

ثانياً : أن تكون الدولة صهيونية معادية للعالم والتاريخ

ثالثاً: أن تكون الدولة شكلية الاستقلال بينما نظامها جوهريا أداة مضمونه لأمريكا وسلاحها النووي قرار استخدامه أمريكي حين تقرر هي فقط وتقرر ضد من.

رابعاً: أن تكون الدولة جاهزة لوضعه تحت تصرف امريكا لاستخدامه على طريقة امريكا في الحرب الإمبريالية الثانية.

خامساً: الاستشناء هو فقط لمن سبق إلى النووي قبل أن تناله قبضة أمريكا.

إذا كانت هذه الشروط منطقية كما نزعم، فإن أُكذوبة الحد من انتشار النووي لا قيمة لها لأنه منتشر جداً.

هذا من جهة ومن جهة ثانية، فإن أحد مقاصد هذا الادعاء هو تبيان أن الأمم الفقيرة فقيرة أخلاقيا وعقليا وبأنها يمكن أن تستخدم النووي إذا اختلف رجل وزوجه في فراش ليلة ما. بينما لم يستخدم النووي سوى الولايات المتحدة اي البيضاء، الديمقراطية، حاملة مشعل الحرية وحقوق البشر!

يفتح هذا على سؤالين:

الأول: لماذا تُقر كل من روسيا والصين هذه السياسات الأمريكية؟ وإذا كان توجههما إنساني حقيقي، لماذا لا يكون الأمر هو اجتثاث النووي وليس الحد من إنتشاره؟

هل السبب وجود سياسة الهيمنة او المشاركة في الهيمنة على الكوكب؟ وهذا طبعا بحكم المصالح للجميع كأنظمة راسمالية. أم السبب في كونهما أضعف من رفض ما تمليه أمريكا فتلجآن للمناورة؟

ربما الأمران معا، وتكون النتيجة أنهما منخرطتان في النظام الراسمالي تماماً، خاصة وأنهما رأسماليتان.

بينما فك الارتباط مع هذا النظام الرأسمالي العالمي هو شامل من الإقتصاد للسياسة للخطاب للثقافة وللنووي ايضا.

والثاني: لماذا تنشغل السعودية في النووي الإيراني؟

بمعنى، أنه حتى لو امتلكت إيران النووي فهي لن تستخدمه لأن حكر الاستخدام المتوحش أمريكي، وصهيوني حين لا مجال غيره.

هذا يعني أن السعودية تدعي الدفاع عن أمنها بينما هي تُدافع عن قرار نظامها بأن يبقى متخلفا متوحشاً كافراً وتكفيرياً وعدواً للأمة العربية.اي ان عدائه لإيران مجرد غطاء وفزاعه وتحديداً كي لا تتحول الأنظار إلى حقيقة هذا النظام داخليا ودوره عربيا. لذا تقوم بتغطية كل هذا بالطائفية وبفزاعة النووي الإيراني من جهة، وما تسميه التوسع الإيراني في الوطن العربي من جهة ثانية.

ولعل المهزلة، أن ما يسمى بالتوسع الإيراني، يواكبه تمهيد سعودي بتخريب الوطن العربي ولإهلاكه كي لا ينهض ويكون ندا لإيران وغير إيران.

فمن يرفض الدور الإيراني عليه أن يقوم باعتماد مشروع نهضوي لا مشروع تبعية وتخلف ودين سياسي وتطبيع مع الكيان الصهيوني.

وهنا، يظهر ضعف إيران ايضاً، فنظام لم يصل إلى فك الارتباط بالنظام الراسمالي العالمي يبقى عملياً ضمن “رعايا” هذا النظام . فلو عملت إيران منذ اربعين عاما على فك الارتباط بالنظام الراسمالي العالمي في شقه الغربي واتجهت شرقا قدر الإمكان  لكانت الحرب الاقتصادية  “ضدها أقل تاثيرا أو بلا تأثير. لكن من يعتمد النظام الرأسمالي ولو بزركشة إسلامية يبقى راسماليا.

لا تخدعنكم مؤلفات في هذا المجال كل واحد منها من 700 صفحة “كتاب اقتصادنا” لباقر الصدر، فالجوهر رأسمالي، وفي النهاية ها هي إيران تعاني من الحرب الاقتصادية بغض النظر عن درجة الخسائر.

يجب ان يكون الموقف ضد أمريكا والغرب، ولكن هذا لا يعني عدم النقد لإيران وكذلك للصين وروسيا، فمن يرقص في حفل راس المال لا بد أن يدفع فاتورة للمرقص، والبديل أن تخلق ساحتك أنت. والساحة هنا هي فك الارتباط، وهي مسألة جوهريا طبقية، وهذا ما لا تتحمله سلطة فكرها راسمالي. والأمر هنا لا ينحصر في إيران بل في معظم انظمة العالم، ولذا هذا المعظم يتعرض بالسلق على قفاه كل يوم بكرباج أمريكي موجع ولكن يمكن طيِّه.

 

ملاحظة: هنا نستذكر الراحل سمير أمين.

 

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.