صبحي غوشه حبيب القدس الذي فقدناه، عبدالله حموده

تعرفت على الدكتور صبحي غوشه في بداية الستينات حيث كنت طالباً في كلية بيرزيت وعضواً في حركة القوميين العرب، وكان هو المسؤول الأول عن حركة القوميين العرب. وكنا نراه في العيادة منهمكاً في علاج الفقراء والمرضى بكل صدق الطبيب المخلص لمهنته والوفي لشعبه ويعطي المريض الوقت اللازم، أحياناً يعطي المريض الدواء من عنده. وكان يُسمى “طبيب الفقراء”.

وبعد كارثة 1967 لجأ إلى النضال ضد الاحتلال مؤسساً جبهة النضال الشعبي الفلسطيني مؤمناً بتحرير فلسطين والكفاح المسلح هو الطريق وأن العدو الرئيسي هو العدو الأميركي وإسرائيل هي العدو المباشر. وبعد خروجه من سجن الاحتلال حيث تعرّف على مناضلين من فلسطينيي 1948 وعلى رأسهم الأستاذ صالح برانسي – أحد مؤسسي حركة الأرض الفلسطينية – وفي عام 1971 قرر الاحتلال إبعاده إلى قبرص ومن ثم ذهب إلى الكويت حيث مارس مهنة الطب وشكل لجنة القدس التي أقامت فعاليات سنوية بانتظام.

وفي عام 1991 عاد إلى عمّان وعمل في عيادته الخاصة بنفس الطريقة التي كان يعمل فيها بالقدس. واستفاد من خبرته في عمله في جمعية المقاصد الخيرية التي ترأس هيئتها الإدارية وأنشأ مستشفى المقاصد الخيرية، وعمل في وكالة الغوث والاتحاد النسائي والهلال الأحمر ودار الطفل العربي – وجميعها في القدس. ومن خلال هذه التجربة أعاد تشكيل لجنة يوم القدس في عمّان وترأسها وقامت اللجنة بإقامة ندوة سنوية باسم (يوم القدس) في 2/10 من كل عام حيث هو يوم تحرير القدس من قبل صلاح الدين.

أشغل عضوية أمانة القدس مُنتخباً ومثلها في عدة مؤتمرات دولية. وفي عمّان أيضاً كان يقول دائماً أي نشاط سياسي وأي بيان يوقع عليه المناضل القومي بهجت أبوغربية يوافق عليه دون سؤال. وكان صديقاً مقرباً لهذا المناضل القومي العنيد.

وبهذه الصفة وبعد وفاة الأستاذ المناضل القومي بهجت أبوغربية أصبح رئيساً لمجلس أمناء جائزة بهجت أبوغربية لثقافة المقاومة والتي مضى على عملها برئاسته سبعة أعوام.

كان رافضاً للحلول الاستسلامية ابتداءاً من الدولة التي كانت على ورق في 1988 إلى مدريد إلى أوسلو. وكل الاتفاقيات مع العدو الصهيوني حيث أنه كان يرى أن لا حل لقضيتنا إلا بالتحرير والعودة. ومن الملفت للنظر أن الدكتور صبحي طيلة عمله في عمّان كان مهتماً بتوعية الجيل الجديد من خلال التراث الشعبي والمسابقات ذات البعد القومي. وكان محباً للفنان الشهيد ناجي العلي حيث شارك أكثر من مرة في الحديث عن هذا الفنان القومي العنيد في إيمانه بعروبته وتحرير فلسطين.

وفي الأيام الأخيرة كان من المؤمنين بالعودة إلى الميثاق القومي الصادر عام 1964 باعتباره يمتلك شرعية من الجماهير الفلسطينية والعربية وحتى النظام الناصري خاصة والأنظمة العربية عامة في ذلك الوقت.

لقد كان مناضلاً جسوراً وعاملاً بفكرة القومية العربية، وعمل قولاً وعملاً لتحرير فلسطين، وكنت في زيارة شخصية له قبل وفاته بساعات حيث أصر على التمسك بالميثاق القومي لعام 1964 وأن هذه هي وصيته من أجل الوحدة الوطنية على برنامج يعتمد ثقافة المقاومة ويرفض كافة الحلول الاستسلامية وأن طريق الميثاق القومي لعام 1964 هو طريق التحرير والعودة.

وفي ظل كل هذا النضال كان يكتب مؤلفات :

–         الشمس من النافذة العالية

–         شمسنا لن تغيب

–         الحياة الاجتماعية في القدس في القرن العشرين

–         رحلة الذاكرة “المذكرات”

كانت عينه دائماً على القدس وفي القلب فلسطين ومؤمناً أن العدو الصهيوني إلى زوال مهما طال الزمن.

فلشعبنا العربي والفلسطيني العزاء الكبير لرحيل هذه القامة النضالية الكبيرة والعزاء لأسرته زوجته وأولاده ورفاقه وأصدقائه وكل محبيه.

فإلى جنات الخلد يا رفيقنا الكبير.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.