“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، الأول من حزيران (يونيو) 2019 ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 483

 فلسطين: تَظاهر، في قطاع غزة المُحاصَر، منتصف شهر آذار/مارس 2019، مواطنون احتجاجًا على الإرتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية، كالمحروقات والمواد الغذائية، وعلى ارتفاع الضرائب والرسوم، في ظل انخفاض مستوى الدّخل، مع قَطْع رواتب موظفي القطاع العام، وإحالة الآلاف للتقاعد المبكر، مما زاد من عدد من يعيشون على المساعدات “الإنسانية”، التي تقدمها منظمات “خيرية” إلى جانب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( أنروا )، التي انخفضت مواردها، بفعل رفض الولايات المتحدة تسديد حصتها المعتادة ( وهي ليست إجبارية )، بل ومطالبة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني إنهاء دور “أنروا”، وكانت سلطة أوسلو قد قطعت رواتب الموظفين في قطاع غزة منذ شهر آذار/مارس 2017، وعَمَدَتْ حركة “حماس” (التي تحكم القطاع المُحاصَر) إلى زيادة الضرائب والرسوم الجديدة على السلع، فعجز السكان عن شرائها… هذا الوضع كان سببًا في انطلاق مظاهرات احتجاجية ضد ارتفاع الأسعار والضرائب، تحت شعار “بَدْنَا نعيش”، وجابهته سلطة حماس بالقمع والإعتقالات (نساء وصحافيين وأعضاء منظمات أخرى…)، مُتَّهِمة حركة فتح بتدبير مؤامرة لإزاحة حماس من غزة…

أدّى الحصار الصهيوني والمصري، والحصار البحري الأوروبي-الصهيوني، والتدمير الذي طال المباني والمساكن والبنية التحتية، بفعل القصف الصهيوني، إلى الإنهيار الإقتصادي، وتراجع معدل النمو الاقتصادي ليصل لنسبة سالبة بنحو سبعة بالمائة، أو ما يمكن وصفه بالركود العميق، الذي نتج عنه تدهور مستوى معيشة سكان غزة، وارتفاع معدلات البطالة إلى حوالي 55% من القادرين على العمل، وارتفاع نسبة الفَقْر إلى أكثر من 53%، وتُواجه الأُسَرُ صعوباتٍ حقيقيةٍ في تأمين الغذاء، ومياه الشرب النَّقِيّة، وإمدادات الطاقة، فضلا عن أزمة السّكن، وبقاء عشرات الآلاف من الأسر بدون مسكن، وتراجع مستوى الرعاية الصحية، والتعليم، بحسب تقرير حول واقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال العام 2018، نشَرَهُ مركز الميزان لحقوق الإنسان…

كانت حركة “حماس” تَدّعي معارضة اتفاقيات أوسلو التي أنتجت سلطة الحكم الذاتي الإداري في غزة وبعض أجزاء الضفة الغربية، ولكنها خاضت معركة الإنتخابات التي تُخولها هذه الإتفاقيات، تحت الإحتلال، وحازت “حماس” على أغلبية المقاعد النيابية، سنة 2006، لأنها رفعت شعار المقاومة، في مقابل حركة “فتح” التي أظْهرت قياداتها تَواطُؤَها مع العدو المُحتل، وأظْهرت قيادات حركة “حماس”، على مَرّ السّنين، تقديم الولاء العقائدي (للإخوان المسلمين) والولاء المادي (لمشيخة “قَطَر”)، على الولاء للوطن (فلسطين) وضرورة تحريره من الإحتلال، واقتصرت خلافات “حماس” مع “فتح” على توزيع المناصب، والمَغانم، في ظل الإحتلال، كما اقتصرت أرض فلسطين على الأجزاء المُحتلّة سنة 1967…

تُهيمن “حماس” على قطاع غزة، خصوصًا بعد حملة المداهمات التي نفذتها ضد قيادات وكوادر “فتح”، منتصف شهر حزيران 2007، وأصبحت قيادة “حماس” تتصرف كما الأنظمة العربية الأخرى، مع تحميل الأطراف الخارجية مسؤولية الوضع المتدهور (بالإضافة إلى الحصار والعدوان الصهيوني المتواصل ضد الفلسطينيين، حيثما وُجدوا، وخصوصًا في غزة)، ورفضت تَحَمُّل نتائج مسؤولية الحكم، ومن بينها حق المَحْكُومِين بمحاسبة الحاكم، والحاكم، في غزة، هو قيادة “حماس” التي رفعت شعار “يدٌ تَبْنِي ويَدٌ تُقاوم”، ولكنها لم تتمكن من البناء، وأخضعت المُقاومة إلى حسابات، لا علاقة لها بتحرير فلسطين، بل باكتساح مواقع، داخل رقعة الفصائل والقوى الفلسطينية، وكذلك ضمن الوضع الدولي الإقليمي، وأصبحت المقاومة وتضحياتها، مُجرّد ورقة تستخدمها قيادات “حماس” لتحسين موقعها خارطة المفاوضات مع سلطة رام الله أو مصر والكيان الصهيوني…

مع طول الحصار وقطع سلطة رام الله رواتب الموظفين، لم تتمكن “حماس” من إدارة شؤون قطاع غزة، دون الظهور بمظهر السلطة البيروقراطية، والقَمْعية، التي قطعت علاقاتها بالشعب، والشعب في غزة، معظمه من اللاجئين الفُقراء، الذين أرهقتهم قرارات “حماس” بالزيادة المستمرة في الضرائب، لتعويض الإيرادات المفقودة، مما أثار احتجاجات فئات واسعة من سُكّان غزة، ضد من اتخذ قرار إرهاقهم مادِّيًّا (إضافة إلى الإحتلال)، وبدأت المظاهرات تحت شعار “بدْنَا نعِيش”، يوم الخميس 14 آذار/مارس 2019، في مخيم “جباليا” شمال قطاع غزّة، وامتدت إلى مُدن القطاع الأخرى، احتجاجاً على رفع نسبة الضّرائب وزيادة أسعار السّلع الأساسية، في شهر شباط/فبراير 2019، واستخدمت الأجهزة التي تُسَيْطِر عليها “حماس”، العٌنْف والقمع الشديد، والإعتقال ضد المُحْتَجِّين والصحافيين…

شملت الضرائب “الجديدة” العديد من المنتجات والسّلع، أهمّها الدخان والخبز، وضرائب أخرى متعلقة بالسيارات واللحوم، في ظلّ حالةٍ من الركود الاقتصاديّ، الذي أدّى إلى إغلاق العديد من المحلات التّجاريّة، وإفلاس العديد من المتاجر والمُقاولات، وأصدرت سلطة حماس سنة 2017، في غزة، أكثر من مائة ألف أمر اعتقال، بسبب عدم تسديد الإلتزامات التي تَخَلّدَت بذمة التّجار والمواطنين، نتيجة قطع الرواتب وقلة الموارد المالية، والركود الإقتصادي (إضافة إلى الحصار المستمر منذ 12 سنة)، وتعود المشاركة المكثفة في الإحتجاجات إلى زيادة الضرائب على بعض السلع بنسبة 100%، وزيادة أسعار سلع مثل الخبز، الذي تستهلكه أغلبية السكان، وارتفاع أسعار المُجَمّدات والمعلبات والدجاج المجمد (غذاء الفُقراء) والخضروات واللحوم، وزيادة ضريبة التبغ الذي يستهلكه نحو رُبُع سكان غزة بنسبة 200%…

بَرّرت وزارة الداخليّة في حكومة غزّة (حماس)، باعتبار المُحْتَجِّين، بيادق (أو دُمى) تُحركها سلطة أوسلو في رام الله، أي فتح التي تُريد إسقاط “حماس”، وبالتالي فإن المُحتجّين على زيادة أسعار الخُبز والخضار، يُشاركون في مُؤامرة تستهدف “حماس”، وهو تبرير لا يختلف عن الدعاية السّمجة للأنظمة العربية، للإلْغاء حق التعبير، وقمع الحريات الفرديّة والجمْعِيّة، ولتَبْرِير الإعتقال السياسي، وأصبحت حماس تهاجم الحاضِنة الشّعبية التي التفّت حولها، وانفصلت قيادة حماس عن الجمهور الذي منحها ثقته، وأصبحت لا ترى (ولا تَعِي) معاناة الناس الاقتصاديّة والاجتماعيّة، وترفض المُحاسَبَة والمُساءَلَة، مما قد يُنفّر قطاعا هامًّا من الناس، من المقاومة ومشروع التحرير الوطني، خصوصًا في قطاع غزة، الذي استطاع أهله الصّمود أمام آلة القمع الصهيوني، رغم عدد الضحايا والمُصابين، خلال مسيرات العودة التي تجري منذ سنة… عن موقعمِتْرَاس16/03/2019

إن تردّي الوضع في قطاع غزة يعود لعدة أسباب، من بينها طريقة حُكْم “حماس” للقطاع، وعلاقتها المبنية على القمع والتّسلّط مع الشعب والفصائل الفلسطينية الأخرى، وتخوينها لكل مُعارض لسياساتها، لكن هذا الوضع ناتج بالخصوص، عن الإحتلال والحصار المتواصل منذ أكثر من عشر سنوات، والعدوان الصهيوني المُستمر، في ظل الدّعم الأمريكي المُطلق، والأوروبي “شبه المُطلق”، وفي ظل مشروع “صفقة القرن”، الذي تُباركُهُ معظم الأنظمة العربية…

من جهة أخرى، وصف مدير مكتب منظمة العمل الدولية في فلسطين “مستويات الفقر والحرمان في قطاع غزة” بأنها “لا مثيل لها في تاريخ البشرية الحديث… بعد 12 عاما من الحصار، حيث ارتفعت البطالة بنسبة 7% خلال عام واحد…”، ويُتوقَّعُ ارتفاعها، في حال نفذت وكالة الغوث (أنروا) قرارات فصل العمال، بسبب انخفاض مواردها… يستغل بعض أرباب العمل البطالة وبُؤس السكان، لِفَرْضِ شُروط قاسية على العُمّال (وخاصة الإناث)، لتشغيلهم حوالي 12 ساعة يوميا، برواتب منخفضة، في ظل غياب النقابات، والتهديد بِفَصْل العمال الذين يحاولون التعامل مع النقابة، وهذه الأسباب كانت أيضًا من ضمن دوافع مُشاركة المواطنين في الإحتجاجات تحت عنوان “بدنا نعيش”…

وَرَدَ في تقرير للأمم المتحدة إن الإحتلال الصهيوني يسلب نحو خمسة ملايين من الفلسطينيين ( إضافة إلى فلسطينيي الإحتلال الأول 1948) مواردهم الطبيعية، مما خفض من حصة الفلسطينيين من المياه، مع تلويث المُحيط الذي يعيشون فيه، مما يعني عدم قدرتهم على التحكم في حياتهم اليومية، وحرمانهم من التمتع بحقهم في التنمية، وهي من الحقوق الأساسية، والطبيعية للإنسان، وأصبحت مياه الشرب في غزة وفي الضفة الغربية حَكْرًا على المُسْتوطنين الصهاينة الذين يستحوذون على نحو 90% من الموارد المائية في فلسطين، وفي غزة، ومنذ سنة 2017، أصبحت نسبة تفوق 96% من المياه الجوفية الساحلية (المصدر الرئيسي للمياه لسكان غزة)، غير صالحة للاستخدام الآدمي، بسبب الحصار الذي يدوم منذ 12 سنة، والذي أدى إلى الإفراط في الاستخدام، وبسبب التلوث بمياه الصرف الصحي ومياه البحر، وبسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وعدم القدرة على إصلاحها، وبسبب شح التيار الكهربائي… كما يرمي الكيان الصهيوني بمواد خطرة وسامّة في الضفة الغربية، ويحرم سُكّانها من استغلال موارد البحر الميت…

أما منظمة الصحة العالمية، فقد ناشدت “الجهات المانحة” تقديم تمويل بقيمة 5,3 ملايين دولار، من أجل توفير التدخلات المنقذة للحياة للأعداد الهائلة من الجَرْحى الفلسطينيين بسلاح الجيش الصهيوني، وهم يواجهون خطر الموت بسبب هشاشة النظام الصحي في غزة، ويحتاج هؤلاء المصابون إلى خدمات رعاية وإعادة التأهيل من الصدمات، لكن ينقص المنظمة التمويل، لضمان توافر الحد الأدنى من الموارد للاحتياجات الصحية العاجلة في غزة، والحد من الوفيات والحالات المرضية الصعبة بين السكان المعرضين للخطر البالغ عددهم مليوني شخص، وأفاد تقرير المنظمة إن الجرحى يصلون إلى المستشفيات كل أسبوع (أيام مسيرات العودة) وتحتاج إصاباتهم إلى علاج معقد وطويل الأجل، وأحصت منظمة الصحة العالمية إصابة حوالي ثلاثين ألف شخص، من 30 آذار/مارس 2018 إلى 18 آذار/مارس 2019، من بينهم أكثر من 6500 يعانون من جروح أعيرة نارية تتطلب علاجا جراحيا متخصصا طويل الأجل، وإعادة تأهيل، ولكن ذلك غير مُتَوفر، كما لا تتوفر الخدمات الأساسية الأخرى، وخدمات رعاية الأطفال حديثي الولادة والأمهات، وتعسُرُ العناية بالمُصابين بالأمراض المزمنة، أو إجراء العمليات الجراحية…

رغم هذا الوضع المُزْرِي، يُمثّل قطاع غزة وسكانه رمْز المقاومة والتّصدّي للعدو، بأشكل عديدة، ومن بينها إرسال مقْذُوفات حارقة، ومتفجّرة، ذَكّرَت المستوطنين بأنهم مُسْتعمِرُون لبلد الغَيْر، وإن الشعب الفلسطيني، وثُلُثاه من اللاجئين (يمثل اللاجئون حوالي 65% من سُكّان غزة) يعملون من أكثر من سبعين سنة على استعادة وطنهم، من البحر إلى النّهر… عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان + منظمة العمل الدولية + منظمة الصحة العالمية + قدس برس 17 و 18/03/2019

السودان في الشهر السادس للحراك الإجتماعي: كان الجيش السوداني ولا يزال شريكًا أساسياًّ في الحُكْم، وعرف السودان منذ إعلان الإستقلال سنة 1956، عددًا من الإنقلابات العسكرية، وتمكَّن نضال الشعب السُّوداني، خلال العُقُود الأخيرة، من إسقاط حُكْمَيْنِ عَسْكَرِيَّيْنِ، بفضل التقاليد العريقة للتجارب الحزبية والنقابية، فكانت المرة الأولى، من خلال انتفاضة جماهيرية في تشرين الأول/اكتوبر 1964، والتي سُمِّيَت في التراث السياسي السوداني “ثورة اكتوبر”، ضد الحكم العسكري الذي كان يقوده الفريق “إبراهيم عبود”، منذ انقلاب 1958 (بعد سنَتَيْن من إعلان الإستقلال، سنة 1956 )، والمرة الثانية كانت في نيسان/ابريل 1985 (سُمِّيَتْ “انتفاضة ابريل”) ضد حكم الفريق “جعفر النميري” الذي قاد انقلابًا عسكريًّا سنة 1969…

تَمَيَّزت الحركة الأخيرة (2018/2019) بانطلاقها من الإحتجاج ضد ارتفاع أسعار البنزين والطحين والخُبْز، إلى التنديد بالفساد وبنظام الحُكْم كَكُل، وتميزت أيضًا باتساع نطاقها لتنتشر في مختلف مناطق البلاد، ولتشمل فئات من الشرائح العُلْيَا للبرجوازية الصّغِيرة ( تحالف “قوى الحُرِّيّة والتّغْيِير” الذي يَضُمُّ “تجمع المهنيين” )، إلى جانب المُشاركة القوية والنّشطة لفئات الشباب والنساء، وهذا من أسباب استمرار وتيرة الإحتجاجات طيلة ستة أشهر، وتجذّر المطالب (نسبيًّا)، ورفْضِ مناورات قيادات الجيش، المدعومة من أنظمة الحُكْم في السعودية والإمارات ومصر، وهي القُوى الوكيلة مَحَلِّيًّا للإمبريالية، وأصبح المتظاهرون، يُطالبون، منذ الإعتصام أمام القصر الجمهوري وقيادة أركان الجيش، بتغيير النظام كَكُل، وعدم الإكتفاء بالرأس، رغم قُصُور شعار “السلطة المدنية”، لأن القمع ورَهْن ثروات البلاد للخارج (للإمبريالية) لا يقتصر على قيادات الجيش، بل يمكن أن يكون الحُكْمُ “مَدَنِيًّا” ودكتاتورِيًّا، وقَمْعِيًّا، ويكون الحُكّام وُكَلاء على مصالح الإمبريالية وشركاتها العابرة للقارات…

انطلقت المظاهرات (وهي ليست الأولى) ضد ارتفاع سعر الخُبْز، في بلد واسع يمتلك أراضي زراعية تُعادل مساحتها نحو 40% من إجمالي مساحة الأراضي القابلة للزراعة في الوطن العربي، ولا تُسْتَغَلُّ سوى نحو 25% منها، ويُعتبر عدد السكان قليلاً، مقارنة بالمساحة، إذ لا يتجاوز أربعين مليون نسمة، لكن السودانيين مُشردين في بلدان العالم، بحثًا عن القُوت، رغم النفط الذي بلغ معدل إيراداته 3,5 مليارات دولارا سنويا بين 200 و2011، سنة انفصال الجنوب واستحواذه على 75% من حُقُول النّفط، ورغم الأراضي الزراعية الخصبة والمياه…

يَعِيشُ نحو 46,5% من السكان تحت خط الفقر، ولا يتمتع بالتيار الكهربائي سوى ثلث السّكّان، فيما تعاني المصانع من ضُعْف وانقطاع التّيّار الكهربائي، ولا تُخَصِّصُ الدولة سوى 5% من الميزانية للإنفاق على الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية، فيما تخصص أكثر من 70% من الميزانية للأمن، أي الجيش والشرطة والمخابرات والمليشيات… وأدّى ارتفاع نسبة الجوع والفقر إلى بقاء حوالي 40% من أطفال البلاد، الذين لم يبلغوا سن العاشرة، خارج نظام التعليم، بسبب الفَقْر، وإثر انقلاب عُمر البشير، واستحواذ الجيش على الحُكم (سنة 1989)، انخفض معدّل النمو السنوي لقطاع الزراعة، بسبب ضُعْفِ الإستثمارات، من 10,8% سنة 1989 إلى 3,6% سنة 1999، وبدأت الحكومة تستخدم جزءًا من عائدات النفط، لاستيراد المواد الغذائية، التي كانت تنتجها البلاد، والتي يمكن إنتاجها محليا، لو خُصِّصَتْ بعض الإستثمارات للقطاع الزراعي، وعندما فقدت الدولة النفط وإيراداته، سنة 2011 (حوالي 300 مليون دولارا شهريا)، انخفض احتياطي العملة الأجنبية، بالتوازي مع نمو الواردات الغذائية، فتعمقت الفجوة بين الصادرات التي انخفضت قيمتها، والواردات التي ارتفعت قيمتها، فارتفع عجز الميزان التجاري، وخفضت الحكومة قيمة الجُنَيْه السّوداني، مما زاد من ارتفاع الأسعار ومن تجاوز التضخم نسبة 50%، مرات عديدة…

صادر الإستعمار البريطاني (وكذلك الفرنسي في البلدان التي احتلها) مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة، في كافة البلدان التي استعمَرها، وهي أراضي “مشاع”، أي تملكها مجموعة من السّكّان، أو أهالي قرية أو أُسْرة، واعتمد الإستعمار الفرنسي أو البريطاني (ثم الصهيوني من بعده في فلسطين) على عدم تسجيل هذه الأراضي في الدّوائر الحكومية الرّسمية، لمُصادرتها واعتبارها ملكًا للدّولة (أي ملكًا للْمُسْتَعْمِرِين القادمين من وراء البحار، على بعد آلاف الكيلومترات)، وفي السودان، أدّت مصادرة الأراضي خلال فترة الإستعمار البريطاني ( 1899 – 1956 ) إلى طرد وتهجير مجموعات من السكان، من الأراضي التي كانت تستغلها لتأمين العَيْش، وبعد الإستقلال، لم تُلْغِ الحُكومات هذه القرارات الإستعمارية، بل حافظت على نفس الجوهر، مما أدّى إلى اتساع رقعة الفقر، ودفع الآلاف للنزوح من الريف إلى أطراف المُدُن، أو إلى الخارج، وساهمت سياسة مصادرة الأراضي، بالتوازي مع الجفاف والعوامل الطبيعية السّلْبِية، في تأجيج  الصراعات حول “الماء والكَلأ”، وتحولت الصراعات إلى نزاعات ذات صبغة قَبَلِيّة أو أثنِيّة، في بلد تعددت فيه الأعراق والأثنيات، ورخّصت الدولة، منذ بداية ثمانينات القرن العشرين، بيع الأراضي الزراعية للرأسماليين المحليين وللشركات الأجنبية، التي حَوّلت الأراضي إلى مزارع كبيرة، للزراعات الآلية، وزراعة إنتاج مُعدّ للتصدير، بهدف تحقيق الأرباح، مما يُعَرّض الأمن الغذائي المحلي للخطر، ويُقَوِّضُ النّسيج الإجتماعي في الأرياف، عبر إفقار السكان وإجلائهم من مُحيطهم، بالإضافة إلى تدمير المُحيط والبيئة المَحَلِّيّة، عبر استخدام الآلات والبذور المُعدّلة وراثيا والسماد الكيميائي الإصطناعي، والمُبيدات المُضِرّة بصحة الإنسان وبالمُحيط والمياه، وكانت هذه المسائل المتعلقة بالأراضي الزراعية والمَراعي، سببًا من أسباب النزاعات المُسلحة العديدة في البلاد…

مَنَحت الحكومات السودانية (منذ فترة حكم “جعفر النّميري” من 1971 إلى 1985 ) أراضي زراعية لمشيخات الخليج، في ظروف بعيدة عن الشفافية، ونتج عن هذه البرامج إلحاق بالغ الضّرر بمئات الىلاف من السكان (صغار المُزارعين والرعاة)، الذي لم تقع استشارتهم، ولا إعلامُهُم ولا إعداد برامج لاستيعابهم، ولم تشترط الدولة السودانية التزام المستثمرين الأجانب بتشغيل السّودانِيِّين، ولا إجبار المُستثمرين على زراعة أنواع من الخضار والفواكه والحبوب، وتسويق نسبة من الإنتاج في السوق الدّاخلية، بأسعار تتوافق مع مستوى دخل المواطنين…

هذه صُورة – قد تكون غير مُكْتَمِلَة- عن الوضع، فما هو برنامج “قُوى الحُرِّيّة والتّغْيِير” لتغيير الوضع، وإطعام الجائعين والفُقراء، وتشغيل العاطلين، وتوفير الطاقة الكهربائية، وغير ذلك من الإجراءات التي قد تُغَيِّرُ حياة أغلبية المواطنين الفُقراء، والمشاكل التي عَدّدْنا بعضها، لا تُحل بمجرّد وجود “حُكْمٍ مَدَنِي”، بل تتطلب إرادة سياسية، وتشاور مع المواطنين وإيجاد أموال لاستثمارها في الزراعة والصناعة والبُنْيَة التحتية، وغيرها…

يتمتع جنرالات “المجلس العسكري الانتقالي” بدعم السعودية والامارات (لحماية مصالحهما في السودان)، ودعم حكم العسكر ورجال الأعمال في مصر، ويُعتبر الجنرال “صلاح قوش” عميلاً للإمبريالية الأمريكية، التي دعمت (مع بريطانيا) ائتلاف “الجبهة الوطنية للتغيير” التي كانت تدعم عمر البشير، لتَظْهَر من جديد، منادية “بالحرية والتغيير”، وتدعم بدورها شعار “حكومة مدنية” انتقالية،  ومؤتمر دستوري، و”انتخابات حرة وسلطة مدنية”، وفي الصف المُقابل يُشارك الآلاف من الشبان والنساء والبرجوازية الصغيرة في التحركات التي تستمر منذ ستة أشهر، لكن هؤلاء يُشكّلون “وقود الثورة”، دون المُساهمة الفعلية في اتخاذ القرار، وفي رسم خطط مستقبلية، بل يُعْتَبَرُ ائتلاف “قُوى الحرية والتغيير”، وبالخصوص مُكَوّنها الأساسي، “تجمع المهنيين”، ناطقًا رسْمِيًّا باسم المُحْتَجِّين والمُعارضين لبقاء رموز النظام السابق في الحكم، وتأسس “تجمع المهنيين” في أوساط الأطباء والصيادلة والمحامين والمعلمين والصحافيين، وهم لا يُمثلون العُمّال والفُقراء والفئات المسحوقة في البلاد، ولكن التجمع ساهم في الإرتقاء بالمطالب من الإحتجاج على ارتفاع أسعار المواد الغذائية (الخبز) والمحروقات، إلى معارضة النظام برمّته، وطرح شعارات سياسية…

ظهر الدور الهام للحزب الشيوعي السوداني في الشارع، ولم يُترجَمْ ذلك إلى نُفُوذ يجعل من الحزب فاعِلاً في “ائتلاف الحرية والتغيير”، بل وقَعَ إقصاء ممثلي الحزب من المُفاوضات التي تجري دون عِلْمِهم، من جهة أخرى، لم تتجاوز شعارات الحزب ومقترحاته العُموميات التي تطرحها القوى الأخرى…

وردت العديد من البيانات في ملف عن السودان نشَرَهُ موقعالسفير العربي24/05/2019 بالإضافة إلى فقرات عديدة، نُشِرَتْ سابقًا في نشرة الإقتصاد السياسي

 لبنان: يتميز الإقتصاد اللبناني بأنه “اقتصاد ريعي”، ومع تراجع التحويلات الخارجية واستمرار العجز في ميزان الدفوعات، انخفض حجم السيولة بالنقد الأجنبي، لتمويل عمليات الإستيراد، فتلْجَأُ الحكومات المتعاقبة إلى القروض الخارجية، بالعملة الأجنبية، مما رَفَع قيمة الدّيون الخارجية للبلاد (دُيُون القطاعين العام والخاص)، من 48 مليار دولار سنة 2010 إلى 73,5 مليار دولار سنة 2017، بزيادة نسبتها 54% خلال سبع سنوات، بحسب بيانات البنك العالمي، بالإضافة إلى ودائع غير المُقِيمين البالغة 28,4 مليار دولارا، مما يرفع إجمالي قيمة الدّيون بالعملة الأجنبية إلى 101,9 مليار دولار، بنهاية سنة 2017، وفق بيانات صندوق النقد الدولي، للتجاوز بذلك قيمة الديون الخارجية، نسبة 198% من إجمالي الناتج المحلّي، ويؤدّي ارتفاع حجم الديون الخارجية إلى ارتفاع خدمة الديون، التي ارتفعت بدورها من 3,4 مليار دولارا سنة 2008 (أو حوالي 14,9% من الناتج المحلي الإجمالي) إلى 15,2 مليار دولارا بنهاية سنة 2017 (أو ما يعادل 28,7% من الناتج المحلي الإجمالي)، وتضاعفت قيمتها أكثر من 3,4 مرّات خلال تسع سنوات، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي، ودخلت الدولة اللبنانية في دَوّامة الإستدانة (بالعملة الأجنبية) لتسديد الديون وخدمة الديون، وهو حال حكومات المغرب وتونس ومصر والأردن، أيضًا، في الوطن العربي، وتوازي هذه القيمة المستحقّة للخارج بالعملة الأجنبية 3,15 مرّات قيمة آخر عجز سنوي لميزان المدفوعات، بالإضافة إلى الحاجة المستمرة لتمويل عجز الميزان التجاري الذي تراوحت قيمته بين 14 و17 مليار دولار، خلال السنوات الخمس الماضية (بلغ 17 مليار دولارا بنهاية سنة 2018)، ودخل الإقتصاد اللبناني أيضًا في دوامة أخرى، تتمثل في رفع الفوائد، بهدف اجتذاب التحويلات الخارجية، مما يرفع الدّيون الخارجية، وفوائدها…عن البنك العالمي 15/03/2019

عرب، أجراس الحروب الأمريكية: بعد 24 ساعة من تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بأن “الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى إرسال قوات إضافية إلى الشرق الأوسط لمواجهة إيران”، ورد في أخبار الوكالات والصحف تأكيد وزارة الحرب (بنتاغون) “إرسال تعزيزات جديدة إلى المنطقة، بينها 1500 جندي، لحماية القوات الأمريكية المتواجدة هناك”، وعبارة “هناك” تعني الخليج، حيث يتواجد عشرات الآلاف من الجنود، ناهيك عن العتاد العسكري الثقيل جدا، ولا تعني القوات التي تحتل أجزاء من سوريا والعراق، وأوردت صحف أمريكية إن وزارة الحرب سوف ترسل خمسة آلاف جندي، وليس 1500، كما أعلنت، بالتزامن مع التهديدات المُوَجّهَة لإيران، بالإضافة إلى نشر مزيد من بطاريات صواريخ “باتريوت”، وطائرات الإستطلاع، ومعها الفنِّيُّون الذين يُشرفون على تسيير وصيانة هذا العتاد.

بعد اقتراح نواب الحزب الديمقراطي “إلزام الإدارة بالحصول على موافقة من الكونغرس قبل اتخاذ أي عمل عسكري ضد إيران، عبر حظر استخدام أي موارد مالية لتنفيذ ضربة عسكرية من دون موافقة الكونغرس”، بدأ البيت الأبيض يُسرِّبُ أخبارًا بشأن “مسؤولية الحرس الثوري الإيراني عن الهجمات البحرية،  قبالة الفجيرة (الإمارات) ضدّ السفن التجارية وناقلات النفط”، وذلك قبل انتهاء التحقيق وقبل نشر نتائجه، لتشكل هذه “التّسْرِيبات” مُبَرِّرًا لمزيد من عَسْكَرَة الخليج، ونشر مزيد من القوات الأمريكية، ورفع حجم صفقات بيع الأسلحة الأمريكية للدويلات الخليجية، “لحمايتها من التهديدات الإيرانية”، وسرّبت شركة “ريثيون” لصناعة الأسلحة، إن “دونالد ترامب” سوف يتجاهل محاولات الكونغرس تعطيل بيع بعض أنواع الأسلحة للسعودية (ذخائر دقيقة التّوْجِيه)، وسوف يستغل ثغرةً في القوانين لإقرار تنفيذ 22 صفقة أسلحة مع السعودية والإمارات، بقيمة ثمانية مليارات دولارا، ليستفيد المُجَمَّع الصناعي العسكري الأمريكي من رفع حدّة التّوتّر… عنرويترز” (بتصرف) 25/05/2019

روسيا الصين : أتَمّت شركات الإنشاءات المكلفة تشييد جسر للسكك الحديدية بين روسيا والصين عبر نهر آمور، بطول 2169 مترًا، بهدف تعزيز التجارة الثنائية، والإلتفاف على العقوبات الأمريكية ضد البَلَدَيْن، وتعزيز التجارة في شمال شرق آسيا، ومنها إلى مناطق أخرى في العالم، ويُتَوَقَّعُ أن يكون الجسر والسكة الحديدية جاهزَيْنِ للإستعمال، خلال شهر تموز/يوليو 2019، ويربط الجسرُ الشرقَ الأقصى الروسي بمقاطعة “هيلونغجيانغ” في أقصى شمال الصين، وأعلنت وسائل إعلام روسيا والصين، إن مشروع الجِسر والسكة الحديدية يَهْدِفُ لتطوير ممر شحن دولي يربط منظومة السكك الحديدية في شمال شرق الصين بمنظومة السكك الحديدية الروسية في سيبيريا، لنَقْل ما قد يصل إلى ثلاثة ملايين طن من البضائع ونحو 1,48 مليون مسافر سنويا ابتداء من العام 2020، وبلغت قيمة التجارة بين مقاطعة “هيلونغجيانغ” الصينية، وروسيا سنة 2018، نحو 122 مليار يوان (حوالي 18,2 مليار دولار) أو ما يُقارب نسبة 17,3% من مجمل التبادل التجاري السنوي بين روسيا والصين، والذي بلغ 110 مليار دولارا، خلال سنة 2018، منها 15% تمت بالعملتين المَحَلِّيَّتَيْن (الروبل الروسي واليوان الصيني)، وتحاول الحكومتان رفع قيمة المبادلات بالعملات المحلية، للإلتفاف على العقوبات، وللمساعدة على استقرار المبادلات التجارية، وعدم خضوعها لتقلبات الأسواق العالمية، وتقلبات أسعار العملات الأجنبية (كالدولار)، وقد ينخفض مستوى التبادل التجاري بين البلدين سنة 2019، لكن يُتوقع أن يبقى فوق مستوى مائة مليار دولارا…

من جهة أخرى بلغ حجم الاستثمارات الصينية في روسيا سنة 2018 ما يُعادل 35 مليار دولار، وسبق أن طرحت الحكومتان حوالي 70 مشروعًا استثماريًا، مشتركًا، للإنجاز، بقيمة 120 مليار دولار، تم تشغيل 11 منها سنة 2018، ويجري تنفيذ 15 أخرى، ومن بينها مصنع للسيارات الصينية “غريت وال”، في منطقة “تولا” الروسية… عن وكالةنوفوستي22/03/2019

 الصين: إثر انفجار مصنع بمجَمّع صناعي للكيماويات، يوم 21/03/2019، في “يانشينغ”، مقاطعة “جيانغسو”، شرق الصين، أعلنت وكالة “شينخوا” الرسمية ارتفاع عدد القتلى إلى 64 عامل، وإصابة تسعين وفقدان 28 لا يتوقع أن يبقوا على قيد الحياة، بعد يوميْن، بسبب النيران والدمار الكبير الذي لحق المنطقة، حيث بَثّت إحدى شبكات التلفزيون مقاطع تُظْهِر الأضرار التي لحقت ضخامة الحرائق وتصاعد ألسنة النار (السامة بسبب المواد الكيماوية) المتصاعدة، من موقع الإنفجار الذي أدّى إلى كسر نوافذ المنازل القريبة (على بعد أكثر من كيلومترَيْن) من موقع الإنفجار، وأُصيب عدد من سكان المدينة القريبة من محيط الحادث بجروح طفيفة، وبالإختناق، إذ انتشر الدّخان الكثيف في المحيط القريب…

ارتفعت نسبة النمو وتَطَوَّرَ الناتج المحلي، وأرباح الشركات، لكن الشركات الصناعية (وكذلك المناجم) تتهاون في تطبيق معايير السلامة، مما جعل الحوادث الصناعيّة شائعة في الصين، ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، قُتل 23 شخصاً وأصيب 22 آخرون في انفجار تلاه حريق قرب مصنع للكيمياويات في مدينة “تشانغجياكو”، وتقع على نحو 200 كلم شمال غرب بكين، وهي المدينة التي سوف تستضيف الألعاب الأولمبية الشتوية سنة 2022، وفي شهر تموز/يوليو 2018، أدّى انفجار في مصنع للكيماويّات إلى مقتل 19 شخصاً وإصابة 12 آخرين في مقاطعة “سيتشوان” (جنوب غرب البلاد)، وكانت السلطات المحلية قد غضّت الطرف عن عمليّات بناء غير قانونيّة وغير المُرَخَّصَة التي قامت بها الشركة، كما استغلت الشركة من انعدام الرقابة ومن قلة فحوص السّلامة التي يُفْتَرَضُ أن تُطَبِّقَها الشركات، كما أدّت انفجارات كبيرة، سنة 2015، في منشأة لتخزين الحاويات إلى مقتل 165 شخصًا على الأقلّ في مدينة “تيانجين” الساحلية، شمال البلاد، وقدّرت الحكومة خسائر انفجارات المصانع، بأكثر من مليار دولار، سنة 2017، وسبق أن انطلقت مظاهرات في البلاد بسبب ارتفاع عدد الحوادث الصناعية، التي أثارت موجة غضب في البلاد لانعدام الشفافية في كشف أسباب الحوادث وأثرها البيئي، مما جعل العُمّال والسكان يُسَدّدُون ثمن نمو البلاد، ولم يحصدوا سوى الكوارث… عن وكالةشينخوا” + أ.ف.ب 23/03/2019

 تركيا: احتد الخلاف بين حكومَتَيْ الولايات المتحدة وتركيا، بسبب اختلاف المصالح في سوريا، التي يحتل جَيْشَا الدولتَيْن الأطلسيتَيْن أجزاء منها، في الشمال والشمال الشرقي، وأعلنت تركيا اعتزامها شراء منظومة إس 400 الروسية للدفاع الجوي، تَبِعَهُ تهديد أمريكي بالإمتناع عن بيعها طائرات إف 35… زاد هذا الخلاف من حِدّة مشاكل الإقتصاد التّركي الذي دخل في أول حالة رُكُود، خلال عشر سنوات، بعد انخفاض قيمة العملة المحلية (الليرة)، التي حققت بعض الإرتفاع، لكن لا تزال ضعيفة، مما يثقل كاهل الشركات التركية التي يتوجب عليها تسديد 285 مليار دولارا من الدّيون المقومة بالدولار، أو بعملات أجنبية أخرى، فاتخذت المصارف قرارًا بالحد من إقراض الشركات، حيث تتوقع ارتفاع قيمة القروض المتعثرة، في ظل أسعار الفائدة المرتفعة بنسبة 24% (رابع أكبر معدل فائدة في العالم، بعد الأرجنتين واليمن وسورينام)، ويتهم المُعارضون ورجال الأعمال   الرئيس التركي وصهره (زوج ابنته)، وزير المالية “بيرات البيرق”، بالضّغط على المصارف الحكومية، للمجازفة بالموافقة على مزيد من القُرُوض غير المَضْمُونة، والضغط على صغار التجار، كي يُثَبِّتُوا الأسعار، رغم عدم تحكمهم في سلسة التسويق والبيع بالتجزئة، ويدّعي أردوغان وصهرُه إن اقتصاد تركيا تجاوز مشاكله، بينما يشتكي المواطنون من ارتفاع الأسعار، وارتفاع نسبة التضخم (على أساس سنوي) إلى أكثر من 20% مما قد يضطر الحكومة إلى “تحفيز” القطاع المصرفي، أي ضخ المال العام في خزائن المصارف، لكي تُقْرِضَ الشركات مع خفض نسبة الفائدة، رغم المخاطر التي ينطوي عليها هذا الحل الذي يُؤجّل انفجار المشاكل المالية، كالعجز عن التسديد والإفلاس، حيث شهدت سنة 2018 عددًا قياسيا من الشركات التي طلبت “الحماية من الإفلاس”، وارتفعت نسبة القروض المتعثرة من 4% إلى 6% من إجمالي القُروض، خلال سنة 2018، وفق بيانات حُكومية، يَشُكُّ العديد من “العارفين” (موظفو المصارف والباحثون الجامعيون) في مصداقيتها، وقد ترتفع النسبة إلى أكثر من 10% بنهاية عام 2019، بحسب شركة الإستشارات والتصنيفات الأمريكية “ستاندرد آند بورز” (تقييم صدر في شهر شباط/فبراير 2019)، بسبب ارتفاع حالات الإفلاس في قطاعات كانت تُشَكِّلُ ركيزة الإقتصاد التركي، مثل الطاقة والبناء، فضلا عن فقدان المواطنين ثقتهم في الإقتصاد المحلي والعملة المحلية، فتهافت من لديهم مال يدّخرونه على شراء الدولارات ليحوز المواطنون الأفراد حوالي 185 مليار دولارا، بين بداية كانون الثاني/يناير و15 آذار/مارس 2019…

اقترضت الخزانة التّركية مليار دولار في شكل سندات (مُقَوَّمَة بالدولار)، يوم الإربعاء 20/03/2019، لفترة شهر واحد، بفائدة نسبتها 7,15%، وكانت الحكومة قد اقترضت مليارَيْ دولار في شهر كانون الثاني/يناير 2019، وتعتزم الخزانة التركية اقتراض ثمانية مليارات دولارا، من الأسواق العالمية سنة 2019… من جهة أخرى، تأثّر الإقتصاد بالقرارات السياسية للحزب الحاكم (الإخوان المسلمون) ورئيسه، الذي استغل محاولة الإنقلاب المشبوه والفاشل، لشن حملة غير مسبوقة من الإعتقلات والفَصْل من العمل، وتغيير الدستور، لتوسيع صلاحيات الرئيس، وكانت محكمة تركية في اسطنبول، قد أصدرت يوم 20/03/2019، حكماً بالسجن مدى الحياة بحق 15 شخصاً كانوا قد اتّهموا مقرّبين من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتورّط في فضيحة فساد سنة 2013، وأهملت المحكمة كافة الوثائق والتّسجيلات التي تُدِين الفاسدين المُقرّبين من الرئيس “رجب طيب أردوغان”، والرئيس نفسه الذي كان آنذاك رئيسًا للحكومة، وتورّط عدد من وزرائه، وأفراد عائلته، ومن بين المُدانين أربعة ضباط سابقين في الشرطة، اتهمتهم المحكمة بمحاولة الإنقلاب على الحكومة (سنة 2013، أي ثلاث سنوات قبل محاولة منتصف تموز 2016)، واستغلت الحكومة محاولة الإنقلاب، فاعتقلت عشرات الآلاف من المواطنين، ومن بينهم نواب في البرلمان، وأوقفت عن العمل أو أقالت أكثر من 140 ألف موظّف في القطاع العام، وعوضتهم بأعضاء أو مُقربين من الإخوان المسلمين، وأدت الحملة إلى تسريح الآلاف من عناصر الشرطة والمئات من القضاة والمدّعين العامين، الذين عملوا في هذه قضية فساد أردوغان وحاشيته، وطاولت المحاكمات حوالي 70 شخصاً منهم، وأصدرت محكمة إسطنبول يوم 21/03/2019 أحكاماً بالسجن بحق آخرين دانتهم بـ”الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلّحة” وبـ”التنصت غير الشرعي”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الحكومية “الأناضول”…

تتميز حكومة الإخوان المسلمين في تركيا بتأثيرها الهام في الوطن العربي، حيث يحكم الإخوان المسلمون في بعض البلدان (المغرب وتونس وليبيا واليمن، جزئيا، ويحضَوْن بدعم مشيخة “قَطَر”)، وفي الدول الإسلامية، مع المحافظة على علاقات متطورة مع الكيان الصهيوني، رغم الأزمات، وآخر هذه الأزمات، تحالف الكيان الصهيوني مع مصر واليونان وقُبرص (التي تحتل تركيا شمالها منذ 1974)، في محاولة لتشكيل محور استغلال وتسويق غاز البحر الأبيض المتوسّط، ويستثني هذا التحالف الإقليمي تركيا، ورغم بعض الحَملات الإعلامية الإخوانية في تركيا ضد حكومة الكيان الصهيوني، أعلنت الخطوط الجوية التركية، افتتاح خط جديد يربط “تل أبيب” بمدينة “إزمير”، من خلال أربع رحلات أسبوعية، ابتداءً من 29 أيار/مايو 2019، وتقع إزمير على ساحل بحر إيجة في البلاد، وهي ثالث أكبر مدينة في تركيا، بحسب  من عدد السكان، بعد اسطنبول وأنقرة، وتُسيِّرُ الشركة التّركية عشر رحلات يوميّة بين تل أبيب واسطنبول، وتلعب تركيا دور محطة ربط (“ترَنْزِيت”) للصهاينة، الذين يسافرون على الخطوط التركية، نحو مناطق أخرى من العالم، كما تشكل تركيا وجهة هامة للسائحين من المستوطنين والجنود الصهاينة… رويترز + وكالةسبوتنيك“+ “فايننشال تايمز18 و 19 و20/03/2019

 ألمانيا: كان مجلس إدارة مصرف “دويتشه بنك”، أقدم وأكبر مجموعة مصرفية في ألمانيا (يعود تأسيسه إلى قرن ونصف، قد أقال رئيسه، قبل سَنَتَيْن من موعد انتهاء فترة رئاسته، بسبب “النتائج الضّعيفة” للمصرف، ومع ذلك فقد ضاعف مجلس الإدارة راتب أحد مسؤوليه التنفيذيين خلال العام 2018 إلى 8,6 ملايين يورو (9,7 ملايين دولار)، وحصل على أكثر من الرئيس التنفيذي الجديد والذي تضاعف راتبه أيضًا إلى 7 ملايين يورو، وتراكمت خسائر المصرف، من سنة 2014 ‘لى سنة 2017، قبل أن يسجل عائدات بقيمة 25,31 مليار دولارا، سنة 2018، بزيادة نسبتها 4% مقارنةً سنة 2017، وسجل أول أرباح صافية، خلال خمس سنوات،  بنحو 341 مليون يورو، لكن المصرف لم يسترجع مستوى ما قبل 2014، وظَلّتْ خسائر المصرف متواصلة، وبلغت نحو 500 مليون يورو، على أساس سنوي، بنهاية شهر شباط/فبراير 2019، بسبب تراجع المبيعات، مما أدى إلى تراجع قيمة أَسْهُمِهِ بنسبة 30%، منذ بداية العام 2019…

ضغطت الحكومة الألمانية على مصرف “دويتشه بنك”، لكي يندمج مع مصرف “كومرتس بنك”، الذي يواجه صعوبات أيضًا (وهما أكبر مَصْرِفَيْن في ألمانيا)، وكانت الحكومة الألمانية قد ضَخّت المال العام في خزينة المصارف، مثل جميع الدول الرأسمالية المتقدمة، ولا تزال تملك نسبة 15,5% من أصول “كوميرتس بنك”، بعد تدخلها المالي لإنقاذ البنك في أعقاب الأزمة المالية العالمية (2008 – 2009)، وأعلن وزير المالية الألماني الضغط الحكومي من أجل الإندماج، بضرورة حاجة القطاع المالي إلى وجود “عملاق مصرفي وطني”، إذ يُقَدّر أن يؤدي اندماج المصرفَيْن إلى السيطرة على نحو 20% من قيمة الأعمال ذات الصبغة التجارية في ألمانيا، وعلى نحو 1,8 مليار دولارا من قيمة الأصول والقُروض والإستثمارات، ويُتَوقّع أن يُؤَدِّي الإندماج إلى تسريح عدد من الموظفين، وإغلاق عدد من الفُرُوع، وتُعارض النقابات صفقة الاندماج لأنها “قد تؤدي، في حال إقرارها، إلى إلغاء أكثر من ثلاثين ألف وظيفة”، خصوصًا بعد تصريح الرئيس التنفيذي ب”دويتشه بنك”، الذي أعلن “الإبقاء فقط على العمليات المجدية اقتصاديا”، ويعاني المصرف من هشاشة الأرباح، بسبب الخسائر في استثماراته في العمليات المصرفية في الولايات المتحدة، كما يعاني مصرف “كوميرتس بنك” أيضا من صعوبات تحقيق الأرباح، بسبب التباطؤ الإقتصادي في أوروبا، وفي منطقة اليورو بشكل خاص، أما في ألمانيا فقد تمكن الاقتصاد، بصعوبة، وبهامش صغير، من تجنب الوقوع في ركود اقتصادي…

بعد تقدّم المحادثات، أفادت وكالة د.ب.أ (ألمانيا) يوم الخميس 21/03/2019، أن محادثات الاندماج بين إدارَتَيْ المصرفَيْنِ تركزت على خفض الوظائف وإعادة تقييم السندات، مما يعني أن المحادثات وصلت إلى مناقشة التفاصيل النهائية بشأن كيفية تنفيذ عملية الإندماج، التي سوف تؤدي إلى خفض كبير في النفقات بنسبة 35%، أو أكثر، عبر خفض عدد الفُرُوع والوظائف، وإعادة هيكلة العمليات، كما سوف تُؤَدّي إلى هيمنة واضحة على السوق المحلية، وأعلن ناطق باسم اتحاد نقابات “فيردي” أن الاندماج قد يؤدي إلى الإستغناء، على المدى الطويل، عن ثلاثين ألف وظيفة، من إجمالي 140 ألف حاليا، وعدم تعويض المتقاعدين…  عنبلومبرغ” + رويترز 20 و 21 و 22/03/2019

إيطاليا: وقعت إيطاليا والصين يوم السبت 23/03/2019، مذكرة تفاهم بشأن المشروع الصيني المعروف تحت اسم “مبادرة الحزام والطريق”، وذلك في ختام زيارة الرئيس الصيني لروما، لثلاثة أيام، في نطاق سعي الصين إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع بلدان عديدة، بعد إعلان الولايات المتحدة “الحرب التجارية”، وتنتمي إيطاليا إلى مجموعة السّبعة (بعد إقصاء روسيا)، وهي أول دولة تنتمي لهذه المجموعة، تنضم إلى “مبادرة الحزام والطريق”، وبهذه المناسبة، وقعت شركات إيطالية وصينية، مجموعة من اتفاقات التعاون، في مجالات الطاقة والفولاذ وأنابيب الغاز، وغيرها، بقيمة تُعادل عشرين مليار يورو…

أثارت هذه الزيارة رُدُود فعل مُعادية، من داخل إيطاليا ومن خارجها، وأعلن “ستيف بانون”، المستشار الاستراتيجي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي أصبح مستشارا لليمين المتطرف في أوروبا: “إن الصين استدرجت إيطاليا لتكون جُزْءًا من الاستراتيجية الصينية الجشعة للسيطرة على العالم… إن مبادرات مثل (الحزام والطريق) أو شركات مثل (هواوي) للإتصالات ستمنح الصين السيادة على العالم”، وأعلن “ستيف بانون” دَعْمَهُ لموقف “ماتبو سالفيني”، وزير الداخلية، وزعيم حزب الرابطة، اليميني المتطرف، وشريك “حركة خمس نجوم” في الائتلاف الحاكم، وهو غير متحمس بالمرة لانضمام إيطاليا لمبادرة الحزام الطريق، وفي نفس السياق، وصف رئيس البرلمان الاوروبي أنطونيو تاياني (وهو من حزب سيلفيو برلسكوني، اليميني جدًّا) إنضمام الحكومة الإيطالية إلى مبادرة الحزام والطريق، بالخطأ الفادح، ويدعو إلى “التشاور مع الولايات المتحدة الأمريكية، وربما مع الإتحاد الأوروبي أيضًا، قبل توقيع اتفاقيات مع الصين”، ولو سمحت هذه الإتفاقيات تعزيز الصادرات الإيطالية نحو الصين، وردّ عليه وزير خارجية إيطاليا (إينزو موافيرو ميلانيزي): “ينبغي على الاتحاد الأوروبي إمتلاك استراتيجية موحدة، ونحن ننتظر حدوث ذلك، وفي الأثناء، تدافع كل دولة عن مصالحها، ولو في الصين…” عن وكالةآكي” (إيطاليا) + رويترز 22 و 23/03/2019

 اقتصاد عالمي أمريكا، هل بدأ العد التنازلي: بلغ حجم الدين العام الأمريكي 22,012 تريليون دولارًا، بحسب بيانات وزارة الخزانة الأمريكية يوم الثلاثاء 19 آذار/مارس 2019، وارتفع بقيمة ثلاثين مليار دولار، خلال شهر واحد، بسبب  قانون خفض الضرائب على الشركات الكبرى وعلى الثروات الضخمة، والذي كَلّفَ اقتصاد الولايات المتحدة خسارة بقيمة 1,5 تريليون دولار، بالإضافة إلى زيادة الإنفاق التي أقرّها أعضاء مجلس النواب (الكونغرس) بقيمة تريليون دولارا، على بعض البرامج المحلية والعسكرية، ويشير ارتفاع الدّيون، بشكل عام، إلى عدم التَّناسب بين الإيرادات والإنفاق، وهو ما يحصل في الولايات المتحدة، التي تُنْفِقُ حُكوماتها أكثر بكثير مما تحصّله من الجباية والرّسوم الضريبية، لكن أمريكا مُتغطْرِسَة ولا تخضع للقوانين العامة للرأسمالية، لأن الدّيون الخارجية مُقَوّمة بالدّولار، والدولار عملة (وسلعة) أمريكا التي تصنعها دون رقيب أو حسيب، لكنه أيضًا عُملة العالم، وتُقَوّم معظم المواد الأولية والسلع الأساسية في العالم بالدّولار، ويمكن للولايات المتحدة خفض قيمة الدولار، بهدف خفض قيمة ديونها، ودفع الدائنين إلى الإفلاس، وللديون الأمريكية سلبيات عديدة، من بينها ارتفاع أسعار فائدة القُروض للمستهلكين والشركات الأمريكية، وقد يُؤدّي ارتفاع حجم الدّيُون إلى خفض الإنفاق الحكومي، وبالتالي، عدم القدرة على زيادة الإنفاق لمواجهة الركود الاقتصادي القادم، أو لتخصيص المزيد من الأموال لإعادة تأهيل العمال، أو دعم الفُقراء، ليتمكنوا من استهلاك فائض السّلع (أثناء الأزمات)…

اعتبرت مجلة “كاونتر بونش” (CounterPunch  ) الأمريكية أن أسباب غرق الولايات المتحدة في مستنقع الديون، هي المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وزيادة الإنفاق العسكري، وفساد الحكومة، وتدني كفاءة المسؤولين، وخلصت دراسة أعدّتها منظمة (Open the Government) إلى أن الجيش الأمريكي ينفق مبالغ طائلة على المشتريات غير العسكرية، مما يُعتبر بَذَخًا، يُرهق كاهل المواطنين، وتنفق الحكومة الأمريكية الأموال الطائلة على الحروب المستمرة التي تخوضها الولايات المتحدة في العالم، فيما خفضت الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، وقَدّرت المجلة (كاونتر بونش) إن الولايات المتحدة أنفقت منذ 2011 على الحروب في الخارج 4,7 تريليونات دولار، فارتفعت ديون البلاد بنحو 32 مليون دولار، كل ساعة، ويُلْقِي الجيش الأمريكي قنبلة على “مكانٍ مَا” في العالم (وفي “المَكان” سُكّان ومباني وحياة يومية ونشاط اقتصادي واجتماعي) كل 12 دقيقة، وأدّت الممارسات العدوانية الأمريكية، منذ سنة 2001، إلى قَتْل أكثر من نصف مليون شخص، مما جعل العالم أقل أَمْنًا، واعتبرت المجلة (التي تعتبر يسارية في أمريكا – بمقاييس أمريكا- لكنها لا تُضْفِي صفة الإمبريالية على الولايات المتحدة، بل صفة “امبراطورية” ) “إن الإمبراطورية الأمريكية بدأت تنهار”…

أدّت السياسة العدوانية الأمريكية إلى توسيع رقعة أعدائها، وبدأت روسيا والصين، الخاضعتان لعقوبات أمريكية، تقليص احتياطاتها من الذهب، وخفض استثماراتها في السندات الأمريكية، وأفاد تقرير لمجلس الذهب العالمي ( WGC ) بأن كميات الذهب التي اشترتها المصارف المركزية خلال 2018 سجلت مستويات قياسية هي الأعلى على الإطلاق، وذكر أن روسيا كانت في مقدمة المشترين، وأصبحت روسيا تُوظّف المزيد من الأموال في شراء الذّهب، وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، خَفْضَ روسيا حجم حيازتها من سندات الخزانة خلال شهر كانون الثاني/يناير 2019 بواقع 36 مليون دولار، لتنخفض قيمة حيازتها للسندات من 100 مليار دولارا بنهاية 2017 إلى 13,18 مليار دولار، في بداية 2019، وتهدف بذلك للابتعاد عن العملة الأمريكية في ظل ارتفاع الدّين العام الأمريكي، وبسبب سياسة العقوبات التي تطبقها واشنطن ضد موسكو،  ورفعت روسيا من احتياطي الذهب بقيمة 4,7 مليارات دولارا خلال الشهريْن الأولَيْن من سنة 2019، لتصل قيمة احتياطي الذهب إلى 91,641 مليار دولارا، بنهاية شهر شباط 2019، بحسب بيانات المصرف المركزي الروسي، الذي نَشر تفاصيل أخرى عن احتياطات روسيا الدولية، وتضم النقد وحقوق السحب، وارتفعت من 468,495 مليار دولارا في بداية شهر كانون الثاني/يناير 2019، إلى 482,6 مليار دولار، في بداية شهر آذار/مارس 2019…

بدأ المصرف المركزي الروسي خَفْضَ احتياطياته من الدولارات الأمريكية، منذ 2017، لتنخفض بنسبة 24,4%، بين شهر حزيران/يونيو2017 وحزيران/يونيو 2018، وترافق ذلك مع زيادة في احتياطيات اليورو واليوان، إذ حَوّل المصرف المركزي، حوالي مائة مليار دولارا، إلى اليورو الأوروبي، واليوان الصّيني، فانخفضت حصة الدولار من 46,3% إلى 21,9% من الإحتياطيات (خلال عام واحد)، وارتفعت حصة  احتياطيات اليورو إلى 32%، واحتياطيات اليوان الصيني إلى 14,7%، تماشيًا مع القرار السياسي بلابتعاد عن العملة الأمريكية، والحد من الدولار في تعاملاتها التجارية الخارجية، نظرا للسياسة العدوانية الأمريكية، والعقوبات التي أَقَرّتْها واشنطن ضدها، وهي السياسة التي اعتبرها الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” تقوض الثقة في الدولار كأداة مالية عالمية، وعملة احتياطيات رئيسية، واعتبر إن أمريكا تحفر قبرها بيديها…

ورد في تقرير المجلس العالمي للذهب (المذكور أعْلاه) إن الولايات المتحدة لا تزال تحتل صدارة الدول بشأن حوزتها للذهب، تليها ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، وتأتي روسيا في المركز الخامس عالميا بنحو 2113 طنا، وأورد التقرير إن المصارف المركزية اشترت، خلال العام 2018، أكبر كمية من الذهب منذ العام 1967، حيث ارتفعت مشترياتها من 375 طنا سنة 2017 إلى 651,5 طن، سنة 2018، بزيادة نسبتها 74% عن العام 2017، ليصل إجمالي الاحتياطيات إلى 3400 طن، في محاولة من الدول لتنويع احتياطياتها، بحثًا عن أُصُولٍ آمنة، ويعلل إقبال روسيا على شراء كميات كبيرة من الذهب، باستراتيجية الحد من الاعتماد على الدولار، مما أدّى بالمصرف المركزي الرُّوسي إلى بيع معظم استثماراته في سندات الخزانة الأمريكية وشراء نحو 274 طنا من الذّهب سنة 2018، كما عززت تركيا والهند والعراق وبولندا والمَجر، وكازاخستان ودول أخرى، وخاصة الصين (ثاني أكبر اقتصاد في العالم)، احتياطياتها من الذهب، لتقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي، لتصل احتياطيات المصرف المركزي الصيني من الذهب بنهاية شهر شباط/فبراير 2019، إلى إلى 1874 طنا من الذهب، بزيادة حوالي 32 طنا، خلال ثلاثة أشهر، لتحتل الصين المرتبة السادسة عالميا باحتياطيات الذهب، ويتوقع أن يتواصل الإقبال على الذهب سنة 2019، في ظل التهديدات والسياسات العُدْوانية الأمريكية، ومن ضمنها الحرب التجارية… عن وكالة شينخوا + موقع روسيا اليوم + موقع مجلةكاونتر بونش” + رويترز 19/03/2019 (بتصرف وإضافات)

 تقنية، اتصالاتمن خلفيات الحرب الأمريكية على شركةهواوي“: تُعَدّ شركة “هواوي”، العملاقة في مجال الاتصالات، واحدة من أكثر الشركات الصينية نجاحا، وإحدى أكبر الشركات العالمية في مجال التزويد بمعدات الاتصالات وخدماتها، وأصبحت تُنافس الشركات متعددة الجنسية، ذات المنْشَأ الأمريكي أو الأوروبي، أو الكوري الجنوبي، وغيرها، ولذلك اعتبرت حكومة الولايات المتحدة (التي تمثل مصالح الشركات الكبرى) نشاط هذه الشركة الصينية على مستوى العالم “تهديدا للأمن الوطني الأمريكي”، ومنعتها من التنافس للفوز بعقود حكومية أمريكية، وضغطت الحكومة الأمريكية على حلفائها لاستثناء “هواوي” من المشاركة في شبكات “الجيل الخامس” للإتصالات، في دول الحلف الأطلسي، وفي دول الحُلَفاء، وهدّدت أي دولة تستخدم التقنيات الصينية، بخفض مستوى تبادل المعلومات معها، واعتقلت حكومة كندا المديرة الماليّة لشركة “هواوي”، خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 2018، بناءً على طلب أمريكي، ومنعت حكومات عديدة حول العالم، من بينها كندا وأسترليا ونيوزيلاندا، وأوروبا، شركات اتصالات من استخدام خدمة شبكات الجيل الخامس التي تقدمها “هواوي”، مبررة ذلك بمخاوف أمنية، واعتبرت الولايات المتحدة (ومعها الحكومات التي ضغطت عليها) إن شركة “هواوي” تتمتع بعلاقات وطيدة مع الحكومة الصينية، وطموح الشركة (ومن ورائها الحكومة الصينية، وفق الدعاية الأمريكية) للهيمنة على سوق الجيل الخامس لتقنية الهواتف المحمولة، ومساعدة حكومة الصين على “جمع المعلومات الخاصة بالمواطنين الغربيين والمنظمات والحكومات الغربية”، وهو ما تنفيه الشركة الصينية، التي رفعت دعوى قضائية ضد الحكومة الأمريكية التي “فرضت حظْرًا غير مُبَرّر”، يفتقر إلى الأدلة، وفشل الكونغرس الأمريكي مرارا في تقديم أي دليل يدعم قيوده على منتجات “هواوي”، وذكّرت الشركة بعددٍ من حالات التجسّس الأمريكي على حكومات الأصدقاء والخصوم في العالم (من أستراليا واليابان إلى أوروبا وأمريكا الجنوبية)، وهي الحالات التي وقع اكتشافها، بالحجج الدّامغة التي لا يمكن إنكارها، وثَبَتَ من خلالها ضَغْط الحكومة الأمريكية على شركات مثل “أريكسون” و”سيسكو” و”سامسونغ” وغيرها من شركات الإتصالات الأخرى، للحصول على المعلومات الخاصة بالمُسْتخدمين، ومن بينهم رؤساء حكومات أوروبا (أعضاء حلف شمال الأطلسي)، وسرعان ما خمدت نيران التّبْن التي اشتعلت على إثر اكتشاف عمليات تجسس مخابرات وحكومة الولايات المتحدة على “الحلفاء والأصدقاء”، فضلاً عن الخصوم والمنافسين و”الأعداء”…

انطلقت الحَمْلة ضد شركة “هواوي”، ضمن سلسلة من الخصومات والنّزاعات الإقتصادية والسياسية، والتي أدّت إلى فَرْض رُسُوم مرتفعة على صادرات الصّلب واللوحات الشمسية وبعض السلع الصينية، منذ عدة سنوات، قبل إعلان “دونالد ترامب” الحرب التجارية، أما استهداف شركة “هواوي”، فيندرج ضمن محاولات استبعاد الصين من سوق التقنيات الحديثة والمتطورة (منذ 2010)، إذ تعد الصين “دَخيلاً” على هذا الميدان، ولكن شركة “هواوي” أصبحت واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في الصين، وثانية أكبر شركات انتاج أجهزة الهواتف المحمولة في العالم، بمبيعات فاقت مائتَيْ مليون هاتف محمول سنة 2018، في أنحاء العالم، وأصبحت بالتّالي مُنافِسًا جِدِّيًّا للشركات الأمريكية والأوروبية واليابانية وغيرها، في مجال التقنيات الدّقيقة، وسبق أن أصدرت  لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب الأمريكي (سنة 2012) تقريرا يُفِيد إن شركتي “هواوي”، و”زد تي إي” الصينيتَيْن “يمكنهما اعتراض الاتصالات في حال السماح لهما بالعمل في الولايات المتحدة، كما يمكنهما شن هجمات الكترونية على البنية التحتية الأمريكية كشبكة الكهرباء”، وأوْصَت اللجنة بعدم السّماح باستخدام منتجات وخدمات هاتَيْن الشركَتَيْن، وظَهَر فيما بَعْدُ إن المصدر الرئيسي لما ورد في هذا التقرير، هي وكالات الاستخبارات الرئيسية الأمريكية (منها وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الاتحادي)…

تتهم الولايات المتحدة الشركات الصينية بالتعاون مع الحكومة الصينية، بينما أقرت جميع دول حلف شمال الأطلسي وفي مقدمتها الولايات المتحدة، قوانين الطوارئ، بذريعة “مكافحة الإرهاب” (خصوصًا بعد 11/09/2001)، وهي قوانين تجبر المنظمات والمواطنين والمجموعات على الوشاية “لدعم ومساعدة الشرطة” وتُجبر هذه القوانين المواطنين على تنفيذ عمل استخباراتي، مَجَاني، بذريعة الوقاية من الإرهاب، فَضْلاً عن القوانين التي سمحت للحكومات وأجهزة المخابرات من التنصت على الأفراد والمجموعات والأُسَر والأحزاب والنقابات، باستخدام تطبيقات شركات التكنولوجيا، بذريعة “الأسباب الأمْنِيَّة”، وكانت أجهزة مخابرات الدول الرئيسية الناطقة بالانغليزية (الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وكندا ونيو زيلندا ) مُكلّفة رسميًّا بمراقبة الاتصالات في الاتحاد السوفيتي ودول “المنظومة الاشتراكية”، منذ أواخر الحرب العالمية الثانية (منذ ما قبل نهاية الحرب)، وتواصل تَجَسُّسُ هذه المنظمة، إلى حين انهيار الإتحاد السوفييتي، ليتوسّع بد ذلك إلى بقية بلدان العالم، بذريعة “محاربة الارهاب”، مع التركيز على الصين، وكانت هذه الدول (بالإضافة إلى ألمانيا وفرنسا) في مقدمة البلدان التي أرسلت جنودًا إلى أفغانستان والعراق (باستثناء فرنسا عند احتلال العراق سنة 2003) وليبيا وسوريا وغيرها، وهي نفس الدّول (ومعها دول أخرى) التي أعلنت أنها لن تسمح لشركة “هواوي” بالمشاركة في شبكات الجيل الخامس التي تنشئها…

لا يُمْكِن فَصْل الإجراءات الأمريكية، التي وَحّدَت نواب الحزْبَيْن الجمهوري والديمقراطي، ضد شركة “هواوي”، عن الحرب التجارية الأمريكية ضد الصّين، ومحاولة منع الصين من احتلال موقع الولايات المتحدة في الهيمنة على اقتصاد العالم، وتأخير امتلاكها التقنيات الدقيقة… عننيويورك تايمز” + رويترز + “وول ستريت جورنال” (بتصرف) 19/03/2019

 الصحة تجارة مربحةالنموذج الأمريكي: يُفْرِزُ جسْم الإنسان (البنكرياس) هرمون “الأنسولين” للتحكم في مستويات السكر في الدم، لأن زيادة مستويات السكر قد تتسبب في فقد البصر، وتراجع التركيز، والغثيان، وإصابات أخرى خطيرة تُؤَدِّي إلى فشل وظائف الجسم، في مراحل متقدمة، أما انخفاض مستويات السّكّر في الدّم فيؤدي إلى اضطراب وظائف القلب، وتقلب االمزاج، والإغماء… وبشكل عام، ينتج جسم الإنسان كميات الأنسولين التي يحتاج إليها، لكن جسم مرضى السّكّري، بشكل عام، لا ينتج ما يحتاجه، ويتميز إنتاج الأنسولين بالإضطراب، وعدم الإنتظام، ويحتاج المصابون ب”النّوع الأول” من السكري، جرعات الأنسولين، للبقاء على قيد الحياة، وترفض الشركات، توجيه البحوث نحو الشفاء النهائي من الأمراض المُزمنة، مثل السكري، وتشتري الإختراعات الجديدة، لتبقيها في الرفوف، وتُوجّه البحوث نحو أدوية تُحَسِّنُ صحة المريض، وتُطيل عُمره، لكنها تُبْقِي حياته رهينة انتظام تناول الأدوية، مما يُحقق أرباحًا طائلة للشركات، ويمثل “الأنسولين” مَصْدَرًا هامًّا لأرباح بعض الشركات التي تحتكر إنتاجه وتسْويقَه…

استطاع الدكتور الكَنَدِي “فريدريك غرانت بانتنغ” ( 1891 – 1941 ) وتلميذه “تشارلز بست”، عَزْلَ الأنسولين سنة 1922 بجامعة “تورنتو” (كندا) وحصل على جائزة “نوبل” عن هذا الإكتشاف سنة 1923، لأنه استطاع (بهذا الإكتشاف) كشف غُموض مرض السّكّري، الذي كان قاتلاً، وتمكن الباحث وتلميذه من إنتاج خلاصة من البنكرياس لها خصائص مضاده للسكري. وجَرّبا الدّواء على الكلاب، ثم على بعض التلاميذ، ونجحت التجارب التي مَوّلها أحد المُختبرات، مما أحدث ثورة في عالم الطب والصّيْدَلَة، وبدأ إنتاج الأنسولين سنة 1923، وكانت الجرعة الواحدة تُكلّف دولارا أمريكيا واحدًا، وبمرور الزمن، وتطوّر الرأسمالية، أصبحت ثلاثة علامات تجارية تُسَيْطِرُ على إنتاج وتسويق الأنسولين، فارتقع سعر الجرعة الواحدة من دولار واحد سنة 1923 إلى 300 دولار أمريكي، سنة 2018، وأصبح المرضى الأمريكيون، المَحْرُومون من التّأمين الصّحّي (بسبب عدم تحمل رب العمل تكلفة التأمين، أو بسبب فقدان الوظيفة، أو ارتفاع تكاليف التأمين…)، يموتون، بسبب عَجْزِهِم توفير ما يعادل ألف دولار شهريا، لشراء جرعات الأنسولين، التي ارتفع سعر الواحدة منها، خلال عقدَيْن في الولايات المتحدة، من 21 دولارا إلى 275 دولارا (سنة 2017)، ولا شيء يُبرّر هذا الإرتفاع سوى الإحتكار ورَفْع نسبة الأرباح إلى حَدّها الأقصى، في ظل غياب الشفافية حول طريقة احتساب السعر الذي يسدِّدُه المَرْضَى الذي يمْتَنِعُ العديد منهم عن إنجاب الأطفال، لأسباب مادية، وخوفًا على مستقبلهم…

نشرت الرابطة الأمريكية للسكّرِي بالشراكة مع مركز سياسات واقتصاد الصحة (جامعة جنوب كاليفورنيا) تقريرًا يُشير إلى احتكار ثلاث شركات للسوق الأمريكية (نوفو نورديسك، وإلي ليلي، وسانوفي)، أعلنت إن تكاليف إنتاج الأدوية، ومن بينها الأنسولين، ارتفعت بنسبة قاربَتْ 57% (وفق تصريحاتها) بين سنتَيْ 2007 و 2016، لكنها رفعت أسعار الأنسولين بنحو 252%، وأَنْتَجَتْ شركة “نوفو نارديسك” جرعةً أقْدَم وأقل فعالية، وتُسَبِّبُ حساسية لبعض المرضى، بسعر 25 دولار للجرعة، التي قد لا تُناسب بعض المَرْضى، وقد تُسَبِّبُ مضاعفات خطرة ومستديمة، مثل فقد البصر، وأمراض الكلى التي قد تصيب مريض السكري عند تباين مستويات السكر في الدم، ارتفاعا وانخفاضا، بشكل حاد…

يَضْطرُّ العديد من مرضى السّكّري للذاهب إلى كندا، أو إلى المكسيك، لشراء الأنسولين، حيث يُسَدّدُ المريض 100 دولارا (في المكسيك)، مقابل جرعات لفترة ستة أشهر، في حين يبلغ مُتوسّط التكلفة 1300 دولار في الولايات المتحدة، بحسب رابطة السكري الأمريكية، كما يوجد حوالي 27% من إجمالي أكثر من سبعة ملايين مريض في البلاد، تضرّروا في حياتهم اليومية، من جراء توفير نفقات الأنسولين، وهو، على عكس العقاقير الكيميائية، مادة طبيعية تنتجها بروتينات، تخضع لتمثيل عن طريق خلايا مميزة لكل تركيبة، ولكن لا يمكن تصنيع تركيبة موحدة بدون الوصول إلى البراءات وعمليات التصنيع التي تملكها الشركات الثلاثة التي تُسيْطر على السوق الأمريكية، وبعد ضغوطات من المجتمع المدني ومن جمعيات المرضى، منذ أكثر من ثلاث سنوات، أعلنت شركة “إلي ليلي” أنها ستقدم نسخة جديدة من عقار “هومالوغ” (الذي تنتجه) بنصف السعر، أو ما يعادل 137 دولارا للجرعة الواحدة، ولكن أصحاب النفوذ في الولايات المتحدة يرفضون مقترح “الرعاية الصحية للجميع” الذي تقدم به السيناتور “بيرني ساندرز” (مرشح سابق للرئاسة، داخل الحزب الديمقراطي)، والذي يهدف إلى توفير الرعاية الصحية للجميع عن طريق تمويل من الضرائب التي يدفعها الأثرياء… عن موقع بي بي سي + الرابطة الأمريكية للسّكّرِي 16/03/2019

 رأس المال مُضرٌّ بالصّحّة: تبيع شركة “مونسانتو” مبيد الأعشاب “راوند آب”، الذي يحتوي على مادة “غليفوسات”، منذ أكثر من أربعة عُقُود، في جميع أنحاء العالم، وادّعت الشركة في حملة إشهارية مكثّفة، دامت سنوات، إن منتجها آمن، “شرط استخدامه بشكل صحيح”، فيما أشارت بحوث ودراسات عديدة إن مادة “غلوفوسات”، مُسَبِّبَة لإصابة البشر (المُسْتخدمين وعمال الزراعة) بالسرطان، ولكن انحياز حكومات أمريكا الشمالية وأوروبا وغيرها، إلى رأس المال، جعلها تَدّعِي “إن نتائج هذه البحوث العلمية مثيرة للجدل”، وأعلنت وكالة حماية البيئة الأمريكية، وهيئات الإشراف والرقابة في الاتحاد الأوروبي: إن مادة “غليفوسات” لا تشكل خطراً على الإنسان ولا تتسبب بالإصابة بالسرطان، رغم تأكيد الوكالة الدولية لبحوث السرطان، وهي مؤسسة تابعة لمنظمة الصحة العالمية، منذ 2015 قوة احتمال أن تكون مادة غلوفوسات مُسرطنة، واعتبر عدد من الباحثين إن شركة “مونسانتو” حجبتْ، عَمْدًا، المخاطر الصحّية الناجمة عن استخدام مبيد الأعشاب “رونداب”…

كان السيد “إدوين هارديمان” يستخدم هذا المبيد للأعشاب لسنوات عديدة، ضمن عمله في البساتين، مما تسبب له بالإصابة بنوع خطير جدا من أنواع السرطان، ورفع قضية ضد الشركة، وبعد سنوات عديدة، اعتبرت هيئة محلفين (بالإجماع) في محكمة، في مدينة سان فرانسيسكو، بولاية كاليفورنيا أن مادة “غليفوسات”، التي يحتويها مبيد الأعشاب “راوند آب” تسببت في إصابة المشتكي بأنواع من السرطان، بعضها غير قابل للعلاج، وأدّى التصريح بالحكم إلى انخفاض سعر أسهم شركة “باير”، التي سددت 63 مليار دولارا، لشراء شركة “مونسانتو”، صانعة المبيد، في بداية سنة 2019، وخسرت أسهم “باير نسبة 10% من قيمتها، خلال يوم واحد (الإربعاء 20/03/2019)، في بورصة فرانكفورت (شركة “باير”، ألمانية المَنْشَأ)، ما أدى بدوره إلى تراجع مؤشر “داكس” الرئيسي للشركات الكبرى، وأصَرّت الشركة، في استخفاف بحياة البشر: “إن مادة غلوفوسات لا تسبب السرطان”، وتتخوف الشركة من سابقة قضائية قد يُسببها هذا الحُكم، لأنها تواجه مئات الدعاوي القضائية في أمريكا بعدما أعطى القضاء الأمريكي في وقت سابق الضوء الأخضر لقبول الدعاوي، وتعد هذه الهزيمة القانونية الثانية لشركة “مونسانتو” خلال عام واحد، ففي آب/أغسطس 2018، أقرت هيئة محلفين في سان فرانسيسكو تسديد “مونسانتو” تعويضاً للمُشتكي “ديوين جونسون”، الذي يعاني، مثله مثل “إدوين هارديمان”، من سرطان الغدد اللمفاوية، واستخدم كلاهما مبيد “راوند آب” لسنوات طويلة، وحصل “ديوين جونسون” على تعويض مالي بقيمة 289 مليون دولار، بيد أن هيئة قضائية أخرى رأَفَتْ بحال أصحاب الأسهم في “مونسانتو”، فخفضت المبلغ إلى 78,5 مليون دولارا، وسبق أن تعرضنا للقضية… عن رويترز (بتصرف) 21/03/2019

 احتكارات: تُحاول مجموعة الإعلام والترفيه الأمريكية العملاقة “ديزني” السيطرة على قطاع الترفيه في العالم، وفي هذا الإطار، استحوذت على القسم الترفيهي من مجموعة “فوكس نيوز”، المعروف تحت إسم شركة “توينتي فيرست سنشري فوكس”، وبلغت قيمة الصفقة 71,3 مليار دولار، وشملت الصفقة استوديوهات صناعة المسلسلات والأفلام الخاصة بـ”فوكس”، ومجموع ممتلكات الشركة التي سوف تستخدمها مجموعة “ديزني” للإطاحة بمنصة البث الترفيهي الخاصة ب”نتفليكس”…

تُؤَدِّي عملية الإستحواذ إلى ميلاد شركة عملاقة، قادرة على احتكار مجال الترفيه في العالم، والذي يشمل أضْخَمَ الأشرطة السينمائية والمسلسلات، وغيرها من البرامج الوسائل السمعية والبصرية، التي سوف تُسَيْطِرُ عليها “ديزني” بالكامل، مع السيطرة على كافة مراحل الإنجاز، من الإنتاج والتوزيع، إلى قنوات البث التلفزيوني، ومنصات البث ودور العرض، وأعلنت ناطق باسم “ديزني” عن إطلاق سلسلة من الأفلام الضخمة خلال سنة 2019، وإعادة تدوير إصدارات قديمة مثل “علاء الدين” و”دامبو” و”الأسد الملك” وغيرها من الإنتاج السمعي البصري الذي دَرَّ أرباحًا ضخمة، غير مسبوقة في تاريخ السينما… تدعي أجهزة الولايات المتحدة الرّقابية، إن عملية الإستحواذ “لا تُشكّل احتكارًا، وبالتالي فهي قانونية وشرعية”… عن رويترز 21/03/2019

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.