حدث وحديث، الطاهر المعز  

(1)

الخامس من حزيران: الذكرى الثانية والخمسون لهزيمة الأنظمة العربية سنة 1967

​​من هزيمة عسكرية سنة 1967 إلى هزيمة “أخلاقية” وفكرية، عبر “صفقة القرن” سنة 2019 ، مرورًا بِشَطْب برنامج التحرر الوطني، بين 1974 (برنامج النقاط العشْر) و1993، توقيع ما سُمِّيَ “اتفاقيات أوسلو”، التي كافأت الحُكّام الخونة، مثل محمد أنور السادات والملك حسين بن طلال…

فلسطين عربية، من البحر إلى النهر، رغم استسلام الحكام العرب، وقيادات فصائل فلسطينية، والكيان الصهيوني كيان مُصْطَنَع، لا يمكنه البقاء، لكن تحرير فلسطين وعودة اللاجئين، لن يكون تلقائيا، أو تنفيذًا لأَمْرٍ من نوع “كُنْ فَيَكُون”، بل بالمقاومة، ولئن كانت الأنظمة العربية (ومن بينها سلطة الحكم الذاتي الإداري في رام الله)، مهزومة، فنحن لسنا مهزومين، ما دُمْنا نُقاوم، بالأشكال وبالوسائل المُتاحة، وبالوسائل التي سوف نَخْلُقُها…

لا نَتراجع ولا نُصالحْ ولا ننْسى ولا نغفر…

(2)

السادس من حزيران 1982: ذكرى اجتياح لبنان

في السادس من حزيران 1982، (في ذكرى نكبة 1967) اجتاح الجيش الصهيوني لبنان، بدعم من اليمين البرجوازي الطائفي اللبناني، ومن رموزه سمير جعجع، الذي حُكِمَ عليه بالإعدام، بسبب ارتكابه مجازر صبرا وشاتيلا وغيرها، ولكن متعه رفيق الحريري بالعفو، وأسرة آل الجمَيِّل (الكتائب) وآل شمعون (كميل شمعون الذي دعمه جيش المارينز الأمريكي، لما كان رئيسًا سنة 1958) وغيرهم…

حاصر الجيش الصهيوني العاصمة بيروت، وقصفها، قبل أن يدخلها، دون أن يتمكّن من احتلالها…

نهب الجيش الصهيوني الوثائق المكتوبة والسمعية والبصرية الفلسطينية، وخرّب مقرات المنظمات الفلسطينية، ومقر منظمة التحرير، وخصوصا مراكز البحوث والدّراسات الفلسطينية، ومقرات اتحاد الكتاب ومؤسسة السينما وغيرها…

هُزمت قيادة منظمة التحرير، وكَتَبَ عرفات اعترافًا بالكيان الصهيوني، ولكن بيروت كانت تُقاوم، واضطر الجنود الصهاينة لمغادرتها، رافعين الأعلام البيضاء (المُلطّخَة بدماء الفلسطينيين واللبنانيين والعرب وغيرهم في لبنان، وفي غيرها)، واستخدموا مكبرات الصوت، والمناشير، ليطلبوا من المقاومة الوطنية اللبنانية: “لا تُطلقوا النّار، نحن مُغادِرُون”، وذلك قبل تأسيس “حزب الله”، وقبل تغيير إسم المقاومة من “جبهة المقاومة الوطنية” إلى “المقاومة الإسلامية”…

كتب مهدي عامل (واسمه الحقيقي “حسن حَمْدان” 1936 – 1987 )  يوم  26 أيلول/سبتمبر 1982:

“قالوا: وتكون الحرب في لبنان خاطفة. أيامٌ معدودات، ويركع من لم يركع بعد، ومن لا يفهم إلا لغة القهر.
وقالوا: لا سلام سوى شالوم. و“اسرائيل” روما العصر.
لملوك “اسرائيل”، لأسيادهم الإمبرياليين و أسياد حثالة أمتنا في أنظمة الزفت العربية، لصغار الفاشست نقول:
يطيب لنا أن نبصق في أوجهكم.
سنقاتلكم حتى بأظافرنا.
قبضتنا بوصلة التاريخ، وطلقة حريتنا تخترق جدار القلب النابض منكم بالموت الرابض في أضلعكم.
ونقول: سنبني وطناً ينهض حجراً حجراً فوق قبور تتسخ بكم.
أنتم مزبلة التاريخ.
و بيروت مدينة أحرار قطعوا عهداً: سنقاومكم” (من أرشيف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية)

اغتال مجهولون “مهدي عامل” يوم 19 أيار/مايو 1987 ضمن حملة اغتيالات لمفكرين وقادة شيوعيين في لبنان، من بينهم شيُوخ (المُفكر “حسين مروة”) ومُقْعَدِين (الفنان “نور طوقان”)، ومهدي عامل هو صاحب مقولة

“لَسْتَ مَهْزُومًا ما دُمْتَ تُقاوِمْ” 

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.