من  بلقيس وسليمان إلى ترامب … وحدهم التوابع لا يبصرون، عادل سمارة

ليس هذا لاستخدام وجود سليمان في اليمن وقصته مع ملكتها بلقيس، اي نفي رواية وجود دولة عبرية في فلسطين، بل الهدف هو أخذ ضوء التاريخ لإنارة اليوم.  

تقول الرواية أن سليمان مات وهو جالس على كرسيه وبقي متكئاً على العصا وبأن من حوله لم يلاحظوا ذلك حتى نخر السوس العصا فسقط، وكان القول : “سليمان مات”. (طبعاً لا نريد قراءة علمية للأمر لأن جسم الإنسان يتعفن في ايام كما أثبتت اسطورة جلجامش عن تعفن جثمان إنكيدو وخروج الدود من أنفه. ولا نقد الطائفيين الذين ينقدون عدم ديمقراطية صلاح الدين أو طوشة علي ومعاوية ولا ينقدون هذه الخرافة الصهيونية…مثلا). طوبى للعميان.

واليوم يتكرر المشهد. فالولايات المتحدة تتعفن حقيقة أمام كل ذي بصيرة، والماساة أن مختلف حكام العالم يلاحظون ذلك ويرسمون سياساتهم اليومية والمستقبلية على اساس ما بعد امريكا وليس قرن أمريكا.

رغم أن اوروبا هي الساحة الأكثر ارتباطا بامريكا، اي تابعة بأعمق من امريكا الجنوبية المسماة الساحة الخلفية لأمريكا، إلا أن اوروبا تقوم بالإفلات من التبعية لأمريكا عبر التمسك، ولو بخبث، بالاتفاق النووي مع إيران. وللحفاظ على استقلالية ما عن أمريكا خرجت باتفاق  “أنستكس” وهي باختصار مسرب مالي/تجاري جديد لا يمر عبر أنبوب الدولار الذي كان “أنبوب إكسير الحياة” أي طريقة تبادل بغير الدولار هي أقرب إلى المقايضة، فانستاكس  تعمل خارج نظام سويفت  الذي يسيطر عليه الدولار  وتحكمه امريكا بحكم الواقع.

. والحكمة هنا في أمرين:

  • الأول ان قيادات أوروبا ، وأقصد خاصة قيادات الدول الشريكة في الاتفاق النووي، رغم عدم كارزميتها، إلا انها تلتقط بأن السوس يأكل العصا الأمريكية

  • والثاني، انها ليست خائنة لشعوبها.

أما الصين وروسيا فهما تسرعان في التبادل فيما بينهما بعملتيهما من جهة، والذهاب إلى عملة أخرى غير الدولار على صعيد التبادل عالمياً من جهة ثانية، أو الوصول إلى سلة عملات عالمية غير الدولار أو هو ضمنها ولكن ليس بمفرده،  مما يقوِّض موقع الدولار وصندوق النقد الدولي.

بدوره، فالكيان الصهيوني يذهب أبعد من الجميع أي ان مواقفه أكثر قوة من كل هؤلاء.

فالكيان بعد الحرب الإمبريالية العالمية الثانية لاحظ تفوق امريكا فزاد تبعيته لها دون فك تبعيته لأوروبا وخاصة بريطانيا. واليوم يقوم الكيان بتعميق علاقاته بروسيا والصين وحتى الهند لأنه يلاحظ بأن أمريكا تتآكل وخاصة من حيث الحرب التجارية واستخدام الدولار كعملة عالمية على الأقل لتسعير النفط والدفع به.

وفي الوقت نفسه فالكيان يدفع أمريكا للغوص في حروب تجارية وحتى عسكرية وخاصة مع إيران، بمعنى أنه الأكثر كسباً والأكثر “تضحية” بسيدته التي يراها مثل عاهرة تخلى عنها جمالها.

وحدهم التوابع العرب هم الذين لا يجرؤون على مجرد التفكير بما يؤول إليه وضع امريكا رغم انه أمام اعينهم. لا يرون هذا التهالك، وعلى الأقل التراخي، لذا يرمون بكل ما نهبوه من الأمة لصالح هذا العدو المباشر ضد نفس الأمة.

وسواء اخترع الأمريكي البعبع الإيراني،  أو اخترعوه هم، فإن هذه الأنظمة تتوكأ على هذه الفزاعة لترمي نفسها تحت حماية من لم يعد بتلك القوة التي كان عليها أو كانت تتخيلها.

ولذا، بدل أن تقوم هي بابتزاز الوحش المتراخي، فهي تقوي أنيابه ليوغل في لحمها!

وهكذا، فالطابور السادس الثقافي وأنظمة الدين السياسي كتابعة وغيرها من التوابع لا يلتقطون التراخي، وحتى لو رأوه عياناً لا يجرؤون على التصديق.

ويبقى القول، لا بد من حريق النفط وسارقيه. هل هذا ممكن؟ ليس المهم الجواب، بل الوجوب.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.