مؤتمر المنامة “صفقة القرن” وأداء الفلسطينيين في كوبا!! نورالدين عواد
مراسل كنعان ومنسق الحملة العالمية للعودة الى فلسطين في كوبا
منذ عام 1897 وتحديد الحركة الصهيونية العالمية “مكان” اقامة “دولة يهودية” في فلسطين العربية وليومنا هذا، لم تتوقف المؤتمرات ولا المؤامرات ولا الحروب ولا المجازر بحق الشعب العربي الفلسطيني، وبحقِّ والوطن (المكان الحيز الجغرافي التاريخي) لشعبنا واسلافه منذ الاف السنين. كانت النظرية الصهيونية تنطلق من مقولة “ارض بلا شعب لشعب بلا ارض”! مائة عام وعقدين ونيِّف، كانت ولا زالت شاهدة على عبث وفساد الفكرة: فالشعب العربي الفلسطيني حقيقة تاريخية مادية ملموسة، بينما “الشعب اليهودي” شطحة من الواقع الافتراضي، ولا ولم ولن يوجد شعب يهودي ولا اي شعب يولد من دين او فكر او ايديولوجيا، فالعامل القومي لا زال سيد الموقف على كافة الاديان والمعتقدات، من باكستان مرورا بايران وافغانستان وووووالكيان!
فقط القوة الغاشمة قادرة على فرض امر واقع في مكان ما من الجغرافيا وفي لحظة ما من التاريخ! وتلاشي تلك القوة او انحدارها كفيل بتدمير الواقع القسري، كما هو حال الكيان الصهيوني. و لا زالت القوى الامبريالية الصهيونية واذيالها من الانظمة الرجعية العربية والاقليمية جاهدة، من اجل الحفاظ على الكيان، قويا ومقتدرا ومتفوقا عسكريا، على امل الاستمرار في ادائه الوظيفة التي اختُلِقَ من اجلها، مستندين الى انحراف و واعتراف وتطبيع ومهادنة وخيانة شرائح طبقية فلسطينية، وانتقالها عمليا الى خندق نقيض القضية الفلسطينية، والحقوق الوطنية والتاريخية المشروعة.
هناك امران لا بد من ابداء راي حيالهما: الاول، مؤتمر المنامة نجح في قضية اشهار وترسيم خيانة وتطبيع انظمة عربية مع الكيان الصهيوني!وربما كان هذا هو الهدف الاول من المؤتمر! على الرغم من الضربة الصدمة النفسية التي لحقت بالجماهير العربية، الا ان الحدث افضى الى فرز علني دون مواربة: مَن هُم اعداء الوطن والامة والقضية؟ والثاني، على الرغم من تَمَنُّع سلطة اوسلو ورفضها حضور المؤتمر، وهي “التفاتة” ايجابية، ظاهريا على الاقل! غير ان الحقيقة المرَّة تقول بان السلطة ضالعة حتى النخاع في الاعتراف والتطبيع والتنسيق الامني والارتهان التابع والخانع للامبريالية الصهيونية، ولا توجد امكانية حقيقية للتعويل على انقلابها على ذاتها، والعودة الى الخندق الوطني! وبالتالي حضورها او غيابها عن المنامة، لن يغير من واقع الحال وميزان القوى ! فقط جاءت تلك “الالتفاتة الاضطرارية” وبامر من اسيادها من اجل تجنب انفجار في الضفة، واعادة خلط الاوراق وافشال عملية الفرز القائم على الساحة الفلسطينية! امل من كل كياني ان اكون مخطئا في تقديري هذا!
صفقة القرن عنوان كبير وبالخط العريض لمحطة جديدة، من مسلسل المخططات والمؤامرت الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية، ولا تتوقف على مؤتمر بحدّ ذاته. ربما لم يبق بلد فيه تواجد فلسطيي او عروبي او اممي، ملتزم بالقضية الفلسطينية، الا ونهض وفضح وادان المخطط الجهنمي عبر وسائل الاعلام الجماهيري، والاتصال الاجتماعي، وشارك في تعبئة الراي العام المحلي والدولي…الخ ضد المؤامرة القذرة.
هنا في جمهورية كوبا، بلد دولة وشعب وحزب وثورة ومؤسسات جميعهم اصدقاء ومناصرون للقضية الفلسطينية. ولعلم من لا يعلم: الحكومة الثورية كانت اول دولة تقطع العلاقات الدبلوماسية مع “اسرائيل” اكراما لعيون فلسطين منذ عام 1973 وحتى الان! وهي اول دولة حملت امانة الدفاع عن القضية في كافة المحافل الدولية وتتفوق على ممثلي “دولة اوسلوستان” في هذا الاداء!
كيف كان اداء الفلسطينيين هنا؟ سفارة وفصائل عمل وطني (5 فصائل) بالاضافة الى الطلبة الجامعيين؟
فقط عقد لقاء طلابي في جامعة الطب حضره حوالي 50 طالبا فلسطينيا واجنبيا وبعض اعضاء السفارة وغياب ممثلين يساريين اثنين من ممثلي الفصائل! ولم يحضر اللقاء او يسمع به احد من الجالية او ممثلي حركات التحرر المعتمدة والمتواجدة على الساحة الكوبية، ناهيك عن اي حضور رسمي او مؤسساتي كوبي، اللهم الا بعض الاساتذة من الجامعة! غياب مطلق لاصحاب الشان الفلسطيني عن وسائل الاعلام الكوبية! عقد اللقاء رسميا وطلابيا (ولا الوم الطلبة فكلهم او اكثريتهم الساحقة ياتمرون بتعليمات الفصائل التي تعطيهم المنح الدراسية واحيانا يخضعون للابتزاز والتهديد والترغيب) كما لو كان عملا مخزيا او تكتميا او ..الخ
اصدر الطلبة واصدرت الفصائل الخمسة بيانين منفصلين بالمناسبة، وباللغة الاسبانية! ما فائدة مليون بيان ان لم يتم نشره وتعميمه عل الملا؟؟ بيان الفصائل، افضِّل ان لا اعلق عليه كي لا أسيء الى مناضلين وفصائل ابتليت ببلاء نوح! والسؤال الخارق حارق يطرح نفسه: لماذا كل هذا؟؟ هذا السلوك والاداء لا ينسجم ولا يتوافق مع المواقف المعلنة للجميع بما فيها السلطة الاوسلوية! الا يوجد لكوبا علينا حقّ بالخصوص؟ ما هي الصورة التي أُعطِيت عن كوبا؟ هلى تمنع كوبا النضال من اجل فلسطين على اراضيها وفي وسائل اعلامها؟ العيب كل العيب فينا نحن الفلسطينيين المسؤولين هنا فصائل وسفارة. لا داعي لالقاء اللائمة الان على هذا او ذاك الفصيل او الممثل فيما بينهم. الكل مدان بالتقصير على اقل تقدير.
النضال في سبيل الوطن السليب والمحتل واجب فطري انساني واخلاقي قبل كل شيء! وكما قال البطل القومي الكوبي خوسيه مارتي (الذي استشهد على ارض المعركة في سبيل تحرير وطنه من الاستعمار الاسباني يوم 19 مايو ايار 1895): ” على الذين لا يجرأون على التضحية بانفسهم ان يتحلَّوا بفضيلة السكوت”!!.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.