نصف هزيمتك في عدم التقاطك مأزق العدو/ترامب، عادل سمارة
كسب ترامبو كثيرا من اصوات العمال البيض حيث وعد في برنامجه الانتخابي باسترجاع الشركات الأمريكية المهاجرة إلى المحيط، وخاصة إلى الصين من هناك إلى الولايات المتحدة على أن يعطيها تسهيلات ضريبية، طبعا فوق التي نالتها منه ومن سابقيه. كان ذلك وعداً اسال لُعاب الكثير من الطبقة العاملة الأمريكية البيضاء خاصة والتي منحته اصواتها. كان هذا إلى جانب هجومه الفاشي ضد العمال غير المسجلين رسميا حيث دخلوا هناك بشكل خاص وبطرقهم الخاصة، كان عدد من ليست لهم إقامة هناك عام 2000 قرابة عشرة ملايين شخص. لذا اتخذ خطوة تضخيم الجدار الفاصل مع المكسيك، ومنع دخول العمال سواء بالاعتقال او القتل أو الانتظار ليموتوا في الصحراء أو يغرقوا في نهر…الخ. لم تتمكن إدارة ترامبو من تحقيق نجاح حقيقي فيما يخص استرجاع الشركات الأمريكية إلى بلدها. فالشركات في وضع مريح تماما حيث تنهب من المحيط المليارات وتخزنها في ملاذات آمنة، غسيل الأموال، أي لا تستثمرها في الداخل لأن الأجور عالية بلا مجال للمقارنة مع الأجور في المحيط. بقول آخر، فالشركات تعمل لنفسها وليس لوطنها. أنظر ما يلي: “فإذا تم تجميع جهاز iPad في الولايات المتحدة ، فلن تكون تكلفة اجور من ينتجونه 45 دولارًا كما هي في الصين ولكن 442 دولارًا. وإذا تعمقنا خطوة واحدة في هيكل إنتاج iPad ، إلى المكونات الفرعية ومدخلات المواد الخام ، فإننا نعلم أن معظم هذه المدخلات المادية يتم إنتاجها أيضًا في الجنوب بتكلفة تقريبية للأجور تبلغ 35 دولارًا لكل iPad. إذا حدث هذا الإنتاج أيضًا في الولايات المتحدة ، فستكون تكلفة الأجر حوالي 210 دولارات.” لذا، لجأ ترامبو إلى خيارين آخرين، واحد حلو والاخر مر: الخيار الحلو هو إذلال حكام الخليج علانية على الفضاء بأن يدفعوا لأمريكا بديل حمايتهم . لذا لم يتورع عن تصوير مشهد مضحك وهو يعرض على بن سلمان ما يجب شرائه من امريكا او حتى دفع أتاوات لأمريكا، وكذلك لم يتورع أن يقول ل سلمان” إدفع…لديك مالاً…إدفع يا ملك”! والخيار المر هو إعلان حرب تجارية معولمة في مستويين: حرب تجارية ضد إيران وفنزويلا ومواصلة الحرب على سوريا عسكريا وإرهابيا واقتصاديا وحرب تجارية بالمناوشة مع الصين والاتحاد الأوروبي والتي تأخذ شكل كر وفر. حرب غوار التجارة اقرب إلى “اضرب واهرب”. وهي حرب يحاول جر العالم وخاصة اوروبا إليها عبر تشكيل ما اسماه (الحارس Guardian) بحجة حماية الملاحة النفطية خاصة في الخليج العربي. بيت القصيد، أن وعود ترامب بإعادة الشركات غير قابلة للتحقيق، كما أن بلاده غير قادرة على عدوان سهل سواء على إيران أو على فنزويلا. لذا يتواصل العدوان ضد سوريا. ويبقى الاستخلاص بأن هذا العدو الأمريكي ليس بالقوة التي يتخيلها بيادق الخليج، ولا ضعيفو الأعصاب ، أو رافضوي الحماية الشعبية وفك الارتباط.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.