فلسطين المحتلة: هل “وقف التعامل بالإتفاقات مع إسرائيل” خطوة عظيمة؟ محمود فنون

لا شك أنها كلام جريء وكبير وفاقع اللون ولا أقول فقاعة .

فهي ومع انها كلام كبير إلا انها لا يمكن أن تشمل كل مما يلي :

أولا : لا يمكن أبدا أن يشمل حل السلطة وتراكيبها العلي ووظائفها الأساسية . مع أن هذه التراكيب عي نتاج هذه الإتفاقات ولا يمكن أبدا أن يكون وقف التعامل بالإتفاقات شاملا لوجود السلطة السياسية للحكم الذاتي بعينها .

ثانيا لا يمكن ان تشمل التنسيق بأشكاله

أ – لا تشمل التنسيق الأمني .لأن هذا يعطل عمل الأجهزة الأمنية في الداخل والخارج وكل مصادرها من المندوبين والمخلصين والمتطوعين بما يعطل مهمات التنسيق مع حوالي 82 دولة في العالم أغلبه يمر التنسيق معه من خلال الأمن الإسرائيلي . والمهم أن التنسيق الأمني هو سيد كل أشكال التنسيق والأداة الأهم من أدواتها.وكل شيء يمر عبر التنسيق الأمني.

ب –لا يمكن أن يشمل أشكال التنسيق الأخرى ” المدني” التي لا تتم إلا بالتنسيق الأمني سواء كانت تتعلق بالجمهور أو المؤسسات أو الإقتصاد .فمكاتب التنسيق  المدني منتشرة في كل المحافظات وفيها طواقم ليست قليلة من الموظفين وهي التي تتواصل مع إدارة الحكم العسكري في مختلف الشؤون بما فيها تصاريح الدخول إلى إسرائيل لمختلف الغايات .

فوقف التنسيق يعطل حركة المسؤولين في داخل البلاد ويعطل حركة سفرهم تعطيلا كاملا ويشل الحراك الداخلي للسلطة شللا تاما. فالرئيس لا يخرج من قصره إلى مكتبه دون تنسيق ولا يسافر أو يلتقي زوارا دون تنسيق ولا يستطيع أن يعقد اجتماعات في مقره للهيئات الصغيرة والكبيرة دون تنسيق ولا يستطيع الوزراء والسفراء وكبار المسؤولين مغادرة البلاد والعودة اليها دون هذا التنسيق .

ثالثا :وقف التعامل بالإتفاقات  لا يمكن أن يشمل  اتفاقيات باريس وحركة الإستيراد والتصدير لأن هذا سيشل نشاط الكومبرادور نهائيا . ويفرغ السوق من البضائع المستوردة من إسرائيل أو عبرها من الدول الأخرى سواء عن طريق الموانيء أو الجسور أو حركة الطيران ، وكذلك يمنع التصدير .

رابعا : لا يمكن أن يشمل التداولات النقدية ابتداء من إدخال الأموال ومن ثم إيداعها في البنوك وأوامر صرفها فكل هذا مشمول بالإتفاقات مع إسرائيل ويتم بموافقتها ، بل إن كل خطوة في حراك أموال السلطة تحتاج إلى موافقات خاصة بها . وهي التي تقبل بحصول السلطة على أي دفعات مالية عربية وأجنبية ثم هي التي تقبل بإدخالها ثم هي التي تقبل إيداعها في البنوك وهي التي تقبل صرفها . وهي وفقا لهذه الإتفاقات تقرر دفع المقاصات والضرائب وما شابه وهذا سيتعطل كذلك.

خامسا : لا يمكن أن تشمل تصاريح VIB  . هناك البعض من كبار رجالات السلطة دفع ثمنا سياسيا وشخصيا باهظا من أجل الحصول على هذه الميزة  ولا يمكن أن يغامر اليوم بخسرانها تحت عنوان التضحيات من أجل الوطن .

سادسا  :لا يشمل البث من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة  فهو محكوم بهذه الإتفاقات ووقف التعامل بها قد يدفع إسرائيل إلى وقف ترددات البث وتصبح السلطة بلا إعلام محلي ” لا سمح الله “.

ونكتفي بهذه النماذج المستحيل وقفها وتعطيلها مهما كان ظاهر القرارات .

ماذا يتبقى ؟

على القاريء أن يبحث عن شيء تستطيع السلطة عمله بمعزل هذه الإتفاقات .

إن وقف العمل بهذه الإتفاقات يجب أن يبدأ برحيل السلطة وأدواتها الكبيرة فهي من صنع هذه الإتفاقات ومن اتفاقية تشكيل السلطة تنبثق وظائفها المختلفة .

هل القيادة المتنفذة تستهدف الدخول في مقاطعة مع إسرائيل ؟

هل هذه مقدمة عصيان سياسي وعصيان مدني كبيرين ؟

الجواب لا كبيرة .

إن السلطة تعاني مع اختناق وقهر عظيمين ولكن إخلاصها لمهماتها ولوجودها والإمتيازات الكبيرة لها ولرموزها ، هذا الإخلاص يتغلب على كل قهر وإذلال ويعمق من ولاءها دون انتقاص .

إذن نحن لسنا أمام حالة كفاحية. فالكفاح لا تقوم به أدوات مؤممة للسلطة وهي في خدمة العدو . الحالة الكفاحية تقوم بها حالة جماهيرية منظمة تتجاوز منذ البداية وجود السلطة وأهدافها وترفع الشعارات ضد وجودها وممارساتها.

فلا أحد ينتظر الدبس!!!

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.