الأرض والانتماء الإفتراضي، عادل سمارة

لفتت الصورة ادناه نظر أصدقاء وصديقات ، انشرها ثانية ليس بهدف مسح الصورة الرومانسية التي تم السرور بها، ولكن كي أخدم فكرة كانت في ذهني منذ زمن، والآن لحظة نشرها وذلك كشفاً للكذب الوطني. والكذب الوطني هو سياسيا وعسكريا طابور خامس وثقافيا طابور سادس. 
في الصورة خلفنا عين ماء، نبع ماء اسمه جريوت تقع غربي بلدة بيتونيا ب 4 كم وغربي رام الله ب 6 كم. ماؤها متدفق طوال العام حتى في اعوام المطر الشحيح. كانت هذه قبيل الاحتلال الثاني أي 1967 تروي اشجار الرمان والسفرجل والخضار طبعا ولمسافة تصل حوالي كيلو متر.كنا نذهب هناك كشباب لنستعرض عضلاتنا بحمل براميل ماء ثقيلة وسميكة الجدران بيد او بكلتي اليدين…الخ امام الفتيات الفلاحات اللواتي كن يملأن الجرار ويضعنها على الدواب او يسقين حقولهن. وطبعا كان رعاة الغنم يوردون أغنامهم هناك ونأخذ الحليب ونصنع منه ما تسمى “جبنة التين” اي بضعة نقاط من سائل ابيض من التين يسمى “الشرى” في سطل حليب ليتحول إلى جُبن.نضع الحليب طبعا في سطل او حوض حجري وحينما يتجمد نضعه في كيس قماش ونعلقه على شجرة كي ينز الماء الأصفر منه نسميه “ميص” وهو منه تصنع اليوم جبنة أخرى. 
منذ زمن وهذه النبعة أو العين مهملة لولا قيام بعض الأشخاص ورعاة الأغنام باستغلال بعض مائها الذي يذهب هدراً
منذ سنوات تحدثت شخصيا مع بلدية بيتونيا ومع منظمات أنجزة تسمي نفسها تنموية ومع شباب يساريين يزعمون أنهم مع الحماية الشعبية والتعاونيات . ولهم وضعت كتابي الأخير عن التعاونيات بالمجان طبعاً، ولكن لم يحصل شيئا.
أما سبب الكتابة الآن فهو: إذا قام الاحتلال بمصادرتها أو إغلاق المنطقة بمعزل عن مزاعمه، حينها سوف تنتقل الأرض والنبع إلى المجال الافتراضي وتُنظم البكائيات في عشق الأرض والشكاوى إلى الأمم المتحدة والأمم المتفرقة والأمم البائدة والأمم المسيطرة.
هذا الحال هو ما أسميه “الانتماء الافتراضي” فهو شكلاني ثرثار شكَّاء بكَّاء يتبخر مع مجرد سطوع أشعة الشمس على المكان. 
لست ممن يناموا ويصحوا على شتم التنظيمات السياسية المنشغلة في الإعلام كنضال افتراضي، لكن هذا يمكن ان يقوم به المواطن العادي (هو-هي) الذي يغرق أكثر في حياة تقتات من ريع ما: ريع عضوية في تنظيم، أو انجزة، أو موظف في خدمة سفارة ما، أو عضو مخابرات، أو مندوب مخابرات، أو عامل في الكيان الصهيوني، أو مخبر لدولة عربية أو أجنبية، أو كسول يربأ بنفسه عن عمل يعلق غباره وعرقه على قميصه الأبيض أو تي شيرت عليه صورة جيفارا أو غسان كنفاني أو السيد حسن…الخ. 
استغلال الأرض نضال واقتصاد وصحة معا، هذه هي التنمية بالحماية الشعبية.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.