جادل البعض قولنا بأن الديمقراطية تقزَّمت في موطنها الراسمالي الغربي. ربما يساعد ما يلي على فك قيود الوعي لدى هؤلاء. كان ماركس قد توصل في تكثيف عمله التاريخي “راس المال” بأن العالم عبر سيطرة نمط الإنتاج الرأسمالي قد انقسم إلى من يملك ولا يعمل ويعمل ولا يملك، ولذا اصبح أمام العمال حيث لا يملكون أحد طريقين:
إما بيع قوة عملهم للمالكين الذين امتلكوا عبر استغلال جهد العمال
أو أن يفكوا أو يكسروا قيودهم حيث لا يملكون غيرها.
هذه القاعدة لم تتغير بل تتسع لتشمل كافة الكادحين وليس العمال الصناعيين فقط وتزداد وضوحاً اليوم بمعنى:
إما أن تتمتع بعبوديتك
أو تثور.
لذا قال ماو” الحقيقة الوحيدة هي أن تثور”.
يتمتع ذوو العقول المقيدة بان هذه المرحلة – مرحلة الرأسمالية المعولمة حيث العالم مثابة قطاع عام راسمالي معولم لصالح طبقة من اللصوص التي تقشط الأكثرية الشعبية عبر الملكية الخاصة والأمن والمخابرات وحين اللزوم الجيش – يتمتع هؤلاء بشعورهم ان التغيير مُحال. ولا ينظرون إلى جولة 1917 وما بعدها التي تؤكد أن التغيير عالي الإمكانية ولكن ليس بهم/ن.
(2)
الإجابة في الاحتلال الذاتي
أحد الأسئلة المثيرة اليوم: لماذا لا تقوم امريكا بحرب جديدة سواء ضد فنزويلا او إيران أو كوريا؟ تتعدد الإجابات مثل العجز الاقتصادي، الكلفة المالية الهائلة، وأخيرا -برأي قيادة امريكا- الكلفة البشرية. وكل هذه صحيحة، ولكن ربما تكمن الإجابة، وخاصة في الحالة العربية الرسمية في: الأمر الأول: إن الوطن العربي محتل ذاتياً من قبل الأنظمة الحاكمة وخاصة التي تعيش مرتبطة بالحبل السري بالإمبريالية بمعنى أن مصيرها مرتبط ببقاء تبعيتها للإمبريالية. أي ان حربا أهلية دائمة داخل الوطن العربي. والأمر الثاني: إن هذه الأنظمة التابعة قد أفرزت جيش امريكا الثالث “أي الإرهابيين من قوى الدين السياسي واللبراليين والإقليميين واليسار المرتبط بالإمبريالية-التروتسك خاصة…الخ” وهؤلاء يقاتلون نيابة عن الجيش الأمريكي الأول وجيشها الثاني جيش الكيان. هي الأنظمة هي التي ضربت العروبة في مقتل منذ عام 1991 حينما باركت وشاركت العدوان ضد العراق من أجل إمارة الكويت. هذا بغض النظر عن توقيت صدام الخاطىء في استعادة الكويت. أما الذين يرون ان حرب 1991 هي التي أعادت امريكا لاحتلال المنطقة فهو لم يقرأ بأن امريكا تحت جلد هذا الوطن. والأمر الثالث: وجو دفوقات من التنظير للتبعية وضد العروبة ولصالح الدين السياسي ممثلة في كتابات الطابور الثقافي السادس الذي يلعب دور التكفير بالتاريخ والحاصر العربي ويروج للتبعية والتطبيع مع الكيان الصهيوني. إن الاحتلال الذاتي عربيا هو السبب الرئيس الذي يُغني الإمبريالية عن خوض حرب عدوانية كالتي ضد العراق وأفغانستان.
(3)
أمريكا كخليج اليوم
منذ ثلاثينات القرن العشرين وخاصة بعد تمكُّن النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي في عهد ستالين خاصة، فرضت السلطة الراسمالية في الولايات المتحدة قوانين منع أي انتماء للقوى التقدمية “…كما تطلب من قادة النقابات تقديم شهادات خطية مما يشير إلى أنهم لم يكونوا أعضاء في الحزب الشيوعي ولا لديهم أي صلة بما تم اعتباره منظمات منظمات تخريبية ، وبالتالي استبعاد بعض من القادة الأكثر تشددا”.
ما الفارق إذن؟ نعم هناك فارق، في امريكا راسمالية شديدة التطور ليست خائنة طبعاً وفي السعودية ومعظم الوطن العربي كمبرادور متخلف يعيش على الريع وتأجير الوطن، اي تجويف الوعي وتجريف الثروة.
لذا فإن اي نظام لا ينتهج التنمية بالحماية الشعبية وفك الارتباط مشكوك في جذرية تصديه للإمبريالية، ومن المؤكد أن مصالح الطبقة الحاكمة تلجم هذا التحول.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.