(1) حول دور قوى الدين السياسي ضد سوريا، (2) ورسالة الإخوان المسلمين إلى رئيس الوزراء “الإسرائيلي”
حول دور قوى الدين السياسي ضد سوريا
د. عادل سمارة
أُرفق أدناه نقلا عن الرفيق بهجت سليمان ما نشره نزار نيوف عن قوى الدين السياسي ضد سوريا.
ملاحظاتي لن اكتبها جميعها، ومنها:
1- لماذا قوى الدين السياسي العربية ترفع الإيديولوجيا فوق الوطن مما يغريها بالتعاون مع عديد الأعداء؟
2- هذا لم تفعله هذه القوى لا في إيران ولا تركيا ولا امريكا ولا الهند ولا البرازيل ولا طبعا بريطانيا وأكثر من طبعا في الكيان.
3 – لفت نظري تفكير و دور عزمي بشارة منذ 1987 إثر عودتي من الدراسة في لندن، حيث التقيته عند الصديق المرحوم حنا حوشان (من قرى حمص اصلا) وبدأت أنقد بشارة منذ 1994، ولم يسمعني لا حزب الله ولا سوريا. ولاحقاً ، وحتى بعد خيانته العلنية لسوريا، قرأت آراء في بشارة تمتدحه ومنها للسيد محمد حسنين هيكل، و د. كمال خلف الطويل، وبعض الصدقاء لم يعلقوا على كتابي عنه بأية كلمة! ونشرت بأنه سيلعب دور تطبيعي على نطاق الوطن العربي، ولذا اسميته “فتى الموساد”. وتأكدت من قناعتي بعد اللقاء مع احد معارفه (انظر مقالتي المرفقة).
■ ■ ■
أُضيف هنا ان بشارة كان قد سخر بعض غلمانه ضدي، لا يستحقون ذكر اسمائهم هنا، وأربأ أن أشتكي عليهم رغم دقة ما لدي. بعضهم قبل ان يكتب كان يقول عادل سمارة مثلي الأعلى .أما من قال لهم فقد وعدوني بتكذيبه لكنهم خافوا كما يبدو. كما جائني صديق جريء من الخليل واخبرني بالكثير مما عرفه من اوساط بشارة في قطر عن تدبيرات بشارة ضدي، وبعدها كانت المحكمة التي جلستها رقم 17 يوم 22 أيلول 2019.
■ ■ ■
بمناسبة قيام عزمي بشارة بخديعة الطلب من منظمات الأنجزة في الضفة الغربية تمويل أغنية مسمومة لأحمد قعبور مطرب الناتو والحريري، أعيد نشر مقالتي التالية: “سأحاكم التطبيع 5: الحلقة المفقودة في كتابي عن بشارة”، كنعان النشرة الإلكترونية العدد 4216 بتاريخ 29 تمّوز (يوليو) 2016. طيب معقول عزمي أفلس وهو يشتري دوائر في جامعات (آسف مدارس) الضفة الغربية بطلبتها ومعلميها وخاصة طلبة ومعلمي (اليسار الماركسي-اللينيني…الذي كاااااان)
■ ■ ■
سأحاكم التطبيع 5
الحلقة المفقودة في كتابي عن بشارة
د. عادل سمارة
أثار كتابي ” تحت خط 48: عزمي بشارة وتخريب النخبة الثقافية”، ضجة ووجهات نظر مختلفة.
استقبل كثيرون هذا الكتاب برغبة في القراءة وتقاطع مع المعطيات والتحليل
البعض الاخر مثقفو النميمة لا النقد، وهم قلة طبعاً، رأوا في الكتاب موقف شخصي ضد بشارة
وأقل منهم شأنا رأى أن الموقف هو حسد شخصي
والبعض تحمس في البداية وقرر حتى الكتابة عن الكتاب (حيث تحمس وأخبرني)، ولكنه وجد نفسه في تقاطع مع كثير من مواقف بشارة فتراجع.
دعنا نقول بان الكتاب هو الآن في ذمة الناس، ولهم حرية الاستنتاج.
قبل ايام، اتصل بي رجل من المحتل 1948، قائلاً: أود اللقاء معك لإضافة شيء هام يكمل حلقة مفقودة من كتابك عن عزمي بشارة”
جاء الرجل مع صديق وجلسنا معاً .
مما قاله الرجل:
“… أنا اعرف عزمي بشارة حينما كنا ندرس في ألمانيا الشرقية في بداية الثمانينات. كان عزمي سكرتير منظمة الحزب الشيوعي الإسرائيلي- راكاح في المانيا.
مما لفت نظري أن عزمي كان على خلاف دائم مع البعثيين السوريين في المانيا. كان يناصيهم العداء حتى في الأمور التي نتطابق معهم فيها.
وفي حين كانت بيننا وبينهم كطلبة علاقات إنسانية حميمة في الحياة هناك، كان عزمي خارج هذه العلاقات.
كنا نتزاور ونقيم نشاطات مشتركة في الأمور المشتركة طبعا.
في تلك الفترة كان من يريد زيارة المانيا الغربية لا يحتاج سوى إلى تسجيل اسمه لدى الدائرة المسؤولة ويحصل على إذن الزيارة. طبعا لم يكن من الضروري القيام بهذه الزيارات ربما اكثر من مرة في السنة وخاصة ان كلفة الحياة في المانيا الشرقية كانت رخيصة جدا وبتحديد أكثر مقارنة مع المانيا الغربية.
إلا أن عزمي بشارة كان يسافر مرات عديدة لا أقل من مرتين في الشهر.
كان ذلك لافتا لنا، ولكننا لم نصل إلى الشك. ولا أدري لماذا.
كما ان السلطات الألمانية لم تتعرض له ولم تسائله.
ماذا كان يعمل ومع من يلتقي؟
خلال الفترةة نفسها، كان يسافر إلى امريكا مرات عديدة. ومعروف بالطبع كم هي مكلفة الرحلات إلى امريكا إضافة إلى نفقات المعيشة.
كان يتذرع بأن شقيقته هناك. لا بأس ولكن حتى لو كانت ثرية، ما هو مبرر هذه الرحلات لطالب جامعي؟
بعد انتهاء الدراسة، عاد عزمي بشارة إلى الأرض المحتلة 1948، وبدا تحولاته حيث:
أخذ يطرح نفسه قوميا، ويروج لأفكار هيجل…الخ.
لعل ما فاجئني:
أولاً: هل تحوله إلى القومية هو قناعة فكرية أم مستلزمات مشروع ودور ما؟
وثانياً: كيف تحول عزمي بشارة فجأة من شيوعي معادي للبعث السوري خاصة إلى صديق لسوريا بشكل جعله من أهل البيت؟ كيف لم يتنبه السوريين لكل هذا، ولا شك أن الطلبة السوريين (البعثيين كحزبيين على الأقل) يخبرون دولتهم عن الطلبة العرب المضادين لسوريا؟”
ويختم الصديق الضيف بالقول:
“… هذا ما رغبت إضافته إلى كتابك لأنه يقدم تفسيرا بان الرجل كان على علاقة ما بأطراف ضد سوريا، وكان يتم إعداده لدور معين وهام حيث دخل سوريا وحزب الله وعرف كما يبدو الكثير.
وحينما كان لا بد من كشف دوره وموقفه، انقلب ضد سوريا بعد 2011 ليصبح عدوها الأول، بعد أن كان يعتبر النظام السوري مقاوما وثوريا وعروبيا وعلمانياً…الخ”
إلى هنا إنتهى حديث الضيف.
من جانبي، لست أدري إن كان بشارة قد كتب عن أسباب خروجه من الحزب الشيوعي . ربما لم يكتب لأنه من طراز من لا يعتذر ولا يعيد تقييم تجربته كما هو حاله في الادعاء العروبي اليوم دون الاعتذار عن عضوية الكنيست. وهو في هذا شبيه تماما بكثير ممن شاركوا في مؤتمرَي دعم المقاومة في الشام 18-3-2016 و 15-7-2016 وفي نفس الوقت دعوا واستقبلوا فريق “صرخة من الأعماق ط التي تنادي بدولة في فلسطين مع المستوطنين الصهاينة!.
لا شك أن بشارة يود طمس فترة عضويته في الحزب الشيوعي وهو في المانيا الشرقية من حياته لأنها لا تستقيم مع :
مرحلة “صداقته” لسوريا البعث وحزب الله الإسلامي وحتى ، ولو من بعيد، مع إيران القومية/الإسلامية.
كما لا تستقيم طبعا مع دوره ومهمته ووجوده في قطر بما هي قاعدة مزدوجة سواء للدين السياسي او للإمبريالية الأمريكية.
ففي أعقااب عودته من ألمانيا تحول من شيوعي إلى هيجلي ثم إلى “قومي عربي ناصري…الخ” أي انه انتقل سياسيا للبحث عن أو بناء علاقات أخرى مختلفة عن شيوعيته ووجوده في بلد اشتراكي وعضوية حزب شيوعي.
ما ردده كثيراً، بأنه غضب من الراحل إميل حبيبي الذي وصفه ب “حمار”.
طبعاً، لا أعتقد ان شتيمة كهذه تُخرج شخصا من حزب. كما أن نرجسية بشارة ، وهي منتفخة جدا، لكنها لا توجب الكفر بالمبدأ والنظرية والحياة الحزبية وما قدمته له بلد اشتراكي…الخ، بل يمكن ان يرد بمساجلة مع إميل حبيبي. والمساجلة في الكيان ممكنة، فهو ليس السعودية أو قطر أو الإمارات أو البحرين اللائي يحتضن بشارة اليوم.
لذا، الأرجح أن الرجل كان يبحث عن أمر يتكىء عليه للقطع مع ماضيه لأجل جديد إما انبهر به أو كان على ارتباط به، وحان موعد الطلاق مع القديم والانتقال إلى حضن العشق السري بدءاً بدخول عضوية الكنيست ومن ثم مهارة لعب البيضة والحجر عبر رفع عقيرته قوميا/ناصريا بالتحديد إلى جانب عضوية الكنيست!! إلى أن أكمل الدور بالخروج إلى قطر والاستقالة من الكنيست دون نقد التجربة البرلمانية الصهيونية على الأقل!
هذا إلى أن انتهى الرجل إلى إيديولوج/اراجوز ل ديمقراطية قطر وإنسانية النصرة!
■ ■ ■
رسالة المراقب العام السابق للأخوان المسلمين”علي صدر الدين البيانوني“ إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي ”نتنياهو“ في تشرين الأول 2011
(صورة حصرية طبق الأصل عن الرسالة من أرشيف وزارتَيْ الخارجية التركية والبريطانية)
◄كانت مقابلتي مع القناة الإسرائيلية الثانية “رسالة طمأنة” لإسرائيل، وكذلك قبولنا دعوة معاون وزير الدفاع الإسرائيلي “ألكسندر غولدفارب” و “برنار هنري ليفي” لحضور مؤتمر “أنقذوا سوريا” في باريس.
◄ طلب منا الفرنسيون ـ عن طريق برهان غليون ـ أن نسيطر على الحدود مع الجولان، وكانت هذه رغبة الولايات المتحدة وإسرائيل أيضا.
◄ سننشىء “المجلس العسكري للقنيطرة والجولان” من أجل ضبط الأمن على الحدود مع إسرائيل فور أن يجري تأمين انشقاق العميد “عبد الإله النعيمي” الموثوق به من قبلنا والمعروف جيدا من الجهات الأمنية الإسرائيلية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نـزار نيــوف ـ لندن
في “بوست” صغير نشرته في 11 تموز الماضي، أشرت إلى أني حصلت مؤخرا على صورة طبق الأصل عن رسالة المراقب العام السابق للأخوان المسلمين في سوريا، ورئيس مجلس شورى الجماعة حاليا، علي صدر الدين البيانوني، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتنياهو” أواخر العام 2011، عبر السفير التركي (غير المقيم) في تل أبيب آنذاك “كريم أوراس”. وأشرت إلى أني سأنشرها حالما أتأكد من صحتها ومن توقيع صاحبها. وخلال الأسابيع الماضية كنت أعمل على التثبت من صحة الرسالة من خلال التثبت من أن التوقيع يعود فعلا للبيانوني. ومن أجل ذلك، “اقتطعت” التوقيع من الرسالة وأرسلته إلى خمسة أشخاص في بريطانيا وتركيا والأردن ممن يعرفونه عن قرب، وبعضهم من كوادر الأخوان المسلمين الذين كان لي تواصل معهم خلال فترة وجودي في باريس، يوم ذهب البيانوني ـ شخصيا ـ لزيارتي في المشفى بعد خروجي من السجن ومجيئي للعلاج، وبعد أن كان أرسل لي ممثل “الجماعة” في فرنسا( أستاذ الرياضيات “أبو العز الشامي”) مع باقة ورد يوم وصولي. وأنا ـ على كل حال، ومهما كان من أمر ـ مدين له بذلك، بالمعنى الشخصي والإنساني. ولكن حين يتعلق الأمر بالخطوط الحمر والمحرّمات الكبرى، لا أعرف حتى أبي أو أمي، ولا أقيم أي اعتبار لأحد كائنا من كان!
ثلاثة ممن راسلتهم وأرسلت لهم صورة عن التوقيع، بهدف التثبت من صحته ، دون أن يعرف أي منهم حتى هذه اللحظة سبب استفساري عن الأمر، ينتمون إلى جماعة الأخوان المسلمين في سوريا، بينما ينتمي الرابع إلى”جبهة العمل الإسلامي” الأردنية
(أخوان الأردن). وقد تمكنت من التواصل مع هذا الأخير بفضل سيدة أردنية معروفة كانت زوجة أحد قيادييهم الكبار قبل أن تطلّقه بسبب انحرافاته الأخلاقية وتعنيفه الجسدي لها! وقد جاءت الإجابات الأربعة لتؤكد أن التوقيع هو للبيانوني قطعاً. وأحدهم أرسل لي ـ مشكورا ـ صورة عن الغلاف الداخلي لكتاب كان أهداه إياه البيانوني قبل بضع سنوات، وحمل توقيعه في ذيل الإهداء، من أجل المقارنة والتوثيق! وكان لا بد من عملية التثبت الصارمة هذه، ليس فقط لأني أرفض نشر أو تبني أي شيء قبل توثيقه، ولكن أيضا لأن القضية هي على درجة من الخطورة بحيث لا يمكن أن نرجم فاعلها ـ أيا كان ـ دون التثبت منها، رغم أنها تحمل توقيع وخاتم وكيل وزارة الخارجية التركية “فريدون سنيرلي أوغلو”، ورغم أني حصلت عليها من موظف “سابق” في وزارة الخارجية البريطانية كان على رأس عمله يوم وصلت نسخة منها إلى وزارته.
كنت، كما أشرت أيضا في “البوست” المنشور قبل نحو شهرين، علمت بأمر هذه الرسالة منذ سبع سنوات. ولكني فشلت طوال تلك الفترة في الحصول على صورة عنها رغم الجهود المضنية التي بذلتها والاتصالات التي أجريتها، ولم أوفق في ذلك إلا مؤخرا. فقبل شهرين، وخلال لقائي بموظف “سابق” في الخارجية البريطانية استقال من عمله ليتابع دراسته العليا في “كلية الدراسات الشرقية والأفريقيةSOAS” بجامعة لندن، حيث أقوم بمساعدته في بعض المراجع والمعلومات البحثية ذات الصلة بالحركات الإسلامية، وفي مساعدته على فهم نصوص عربية ـ إسلامية قديمة، أخبرته بأمر الرسالة حين تطرقنا إلى جماعة الأخوان المسلمين
وموقفهم من إسرائيل، مع تأكيدي له بأني لا أستطيع إثبات الأمر لأني لم أستطع الحصول عليها. وكانت المفاجأة حين أكد لي أنه اطلع عليها حين كان لم يزل موظفا في الخارجية، وأن لديه نسخة منها، فرجوته أن يرسل لي صورة عنها بالفاكس. وهذا ما حصل، ولكن بعد أن طلب عدم ذكر اسمه أو عنوانه، لأن الوثيقة تعتبر “ملكا عاما” لوظيفته التي كان يشغلها، وليس من حقه الاحتفاظ بها أو تسريبها، إذ سُيلاحق قضائيا على ذلك لو فعل.
حكاية الرسالة وخلفيتها
مطلع تشرين الأول 2011، وبعد سبعة أشهر من الانتفاضة الشعبية السورية التي كانت تحولت منذ شهر حزيران على الأقل ـ بفضل السلطة وخصومها على السواء ـ إلى ثورة وهابية / تلمودية مسلحة، وثورة جواسيس و مرتزقة ونباشي قبور، كان تشكل ”المجلس الوطني السوري“ بدفع من المخابرات الفرنسية والقطرية و الـ CIA ، إذ كان هناك شعور وإجماع في خندقي المواجهة على أن أيام النظام أصبحت معدودة، كما عبر الكثيرون من قادة تلك الأطراف، بمن فيهم وزير الحرب الإسرائيلي “إيهود باراك”. وربما كنت أنا صوت النشاذ الوحيد، أو النادر جدا، حين قلت في مقابلة تلفزيونية شهيرة في أيار 2011 ، لا تزال موجودة على الإنترنت ، إنه “لا تستطيع قوة على وجه الأرض إسقاط النظام، رغم أمنيتي بسقوطه، وإننا ذاهبون حتما إلى حرب أهلية أو ما يشبهها”. ولأن الأخوان المسلمين في المشرق العربي ومصر كانوا ـ بفضل واشنطن وتعويلها عليهم منذ اللقاءات السرية التي عقدها ضباط الـCIA مع قادتهم في إحدى مدن الجنوب التركي صيف العام 2007 ـ ركبوا الانتفاضة منذ أيامها الأولى، لاسيما في درعا، فقد كانوا أكثر من يمنّي النفس بوراثة النظام على رأس
السلطة ويستعد لذلك اليوم الذي ظنوا أنه سيكون قريبا ومشهوداً. وعلى هذا الأساس بدأوا يتصرفون ميدانيا وسياسيا ، وحتى ديبلوماسيا في مراسلاتهم مع مختلف القوى الإقليمية والدولية بهدف طمأنة هذه الأطراف لجهة ما سيقومون به فور سقوط النظام. ولأن إسرائيل هي الطرف الأول المعني بالأمر، أقلّه على المستوى الأمني، أرسل البيانوني، الذي كان أطيح به من زعامة الجماعة في العام 2010 في إطار الصراع التاريخي بين “المجموعة الحلبية” و”المجموعة الحموية” في قيادتها، وجرت مراضاته بمنحه منصب ” رئيس مجلس الشورى” ، رسالة ً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. والمفارقة اللافتة ،وهي ليست دون مغزى عميق، أن الرسالة حملها السفير التركي لدى تل أبيب، كريم أوراس، الذي كان سفيرا غير مقيم في تل أبيب، بالنظر للخلاف التركي ـ الإسرائيلي على خلفية قضية “سفينة مرمرة” التي دفعت أردوغان ـ في حركة شعبوية مسرحية ـ إلى سحب سفيره لدى إسرائيل. واللافت في الأمر أن البيانوني كان على درجة من الثقة بالأتراك بحيث أنه إئتمنهم على سر خطير من هذا النوع دون أن يرف له جفن، وأن الأتراك قبلوا القيام بدور “البوسطجي” بين الأخوان وإسرائيل رغم خلافهم مع هذه الأخيرة، الذي كان لا يزال ساخناً جدا وكان محورَ الخطاب الديماغوجي الدجال لأردوغان وحاشيته، حتى ظن العرب ـ غالبا بفضل نماذج من المشعوذين والطبّالين أمثال عبد الباري عطوان و”الجزيرة” ثم “الميادين” لاحقا ـ أن أردوغان على وشك أن يحشد جيشه لتحرير القدس والصلاة في “الأقصى”، قبل أن يفكر بالصلاة في “الجامع الأموي” بدمشق! والمفارقة اللافتة الأخرى، التي لا تقل أهمية، هي أن وكيل وزارة الخارجية التركية آنذاك ” فريدون سنيرلي أوغلو” عمد إلى إرسال نسخة منها إلى نظيره البريطاني “سايمون فريزر” بتاريخ 24 تشرين الثاني.
أي أنه لم يستطع الاحتفاظ بالسر إلا لأقل من شهرين! ولا يمكن فهم هذا التصرف إلا في ضوء “الوصاية التاريخية” السياسية والمخابراتية لبريطانيا على جماعة الأخوان المسلمين، وشعور الأخوان الأتراك بأن البريطانيين هم “الأب الشرعي التاريخي” لحركتهم كلها، وبالتالي الأَوْلى بأن يكونوا أول العارفين بأسرارهم! هذا فضلا عن المضمون “التسويقي” Marketing الذي تتضمنه رسالة المسؤول التركي لنظيره البريطاني. فهو يلفت انتباهه إلى ما يسميه “الأفكار الواعدة والمثيرة (في رسالة البيانوني) بشأن المستقبل الذي تتطلع إليه جماعة الأخوان المسلمين لجهة ما يتصل بالصراع العربي ـ الإسرائيلي، والتي ـ أي الأفكار ـ تعكس مدى النضوج الذي بلغه تفكيرهم السياسي”، على حد تعبيره الحرفي!!
حول محتوى الرسالة:
تكشف الرسالة ليس فقط عن الرؤية”الجديدة” للأخوان المسلمين بشأن طبيعة الصراع العربي ـ الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، ولا عن طبيعة وسبب الصراع السوري ـ الإسرائيلي وحسب، بل أيضا الكثير من الوقائع التي كان يحضّر لها الأخوان المسلمون سراً بالتنسيق مع الفرنسيين والأميركيين، والتي حصلت لاحقا دون أن يفهم الكثيرون خلفياتها وحقيقتها حين حصولها.
على المستوى الأول، وبعد أن يهنئه ويهنىء “الشعب اليهودي” بمناسبة اقتراب”عيد المظلة / سوكوت ” ، يحرص البيانوني على شكر نتنياهو بسبب التوجيهات التي أعطاها لأعضاء حكومته آنذاك بعدم التطرق إعلاميا للأزمة السورية، ويعتبر الأمر ” أفضل خدمة يمكن أن تقدمها (إسرائيل) للثورة السورية في هذه المرحلة”، خصوصا وأن “النظام السوري الذي يعيش أيامه الأخيرة، لم يتردد في اعتبار الثورة مؤامرة دولية وصهيونية على سوريا”. كما ويحرص على أن يطمئن إسرائيل بأن “الثورة” تعرف حساسية الموضوع الأمني في الجولان بالنسبة لها. ولهذا ـ كما يكشف ـ تعمل جماعة الأخوان المسلمين، بعد أن تحولت “الثورة” إلى ثورة مسلحة، على أن لا يجري تشكيل أي مجموعة مسلحة في درعا والقنيطرة إلا تحت رقابة “الجماعة”، أي أن تكون مأمونة لجهة عدم تحرشها بقوات الاحتلال الإسرائيلي، وأن تضبط الأمن على الجبهة وتمنع وقوع المنطقة في أيدي “مجموعات غير منضبطة”، كما يقول. كما ويكشف أن “الأخوان” بصدد تشكيل “مجلس عسكري للقنيطرة والجولان” يأخذ على عاتقه هذه المهمة من خلال السيطرة على كامل “المنطقة الحدودية”( كما يسميها، دون أن يقول الجولان المحتل!). لكن الأمر منوط بتأمين “انشقاق” ضابط كبير يدعى “عبد الإله البشير النعيمي”. وهو ضابط ” من أبناء القنيطرة وموثوق من قبلنا ومن قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية والإسرائيلية”، كما يقول. ومن المعلوم أن “المجلس” الذي يتحدث عنه البيانوني تشكل فعلا بعد ذلك ببضعة أشهر، بعد أن فرّ العميد المذكور من عمله في كلية القيادة والأركان. ومن المعلوم أيضا أن “النعيمي” غاب عن الأضواء بضعة أشهر بعد فراره ليتبين لاحقا أنه كان يخضع لتدريبات خاصة داخل فلسطين المحتلة (إسرائيل) وفي الأردن على أيدي ضباط الموساد والمخابرات العسكرية الإسرائيلية تهميدا لتسليمه منصب “رئيس أركان الجيش الحر”، وهو ما حصل فعلا اعتبارا من شباط 2014. وكان طوال سيطرته مع مسلحيه على المنطقة المحاذية للجولان المحتل يتلقى المساعدات العسكرية والتمويل من قبل “الفرقة العاشرة” الإسرائيلية التي تحتل الجولان، ومن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، كما فعلت المجموعات المسلحة كلها دون استثناء في المنطقة الجنوبية، وكما كشفت وثائق لاحقة نشرتها قوات الأمم المتحدة ” اليوندوف” في تقرير خاص رفعته إلى مجلس الأمن ، فضلا عن عشرات التقارير في الصحف الغربية.
لكن أكثر ما يلفت الانتباه في هذا المقطع من رسالة البيانوني، هو أن جميع هذه التدابير التي كانت جماعته تقوم بها في المنطقة المحاذية للجولان المحتل، إنما كانت بناء على طلب فرنسي نقله لها “برهان غليون”، الذي كان أصبح رئيسا لـ “المجلس الوطني السوري” قبل أربعة أيام وحسب على تاريخ كتابة الرسالة. ويكشف البيانوني أن الطلب الفرنسي من الأخوان المسلمين “كان بناء على رغبة الولايات المتحدة وإسرائيل” أيضا. ولعل هذا الأمر، من بين أمور أخرى، يظهر الطبيعة الخاصة لعلاقة غليون بالأخوان المسلمين، وكيف أن هؤلاء هم من وضعه على رأس “المجلس”، كما اعترف البيانوني لاحقا في شريط مسرب لا يزال موجودا على الإنترنت. ومن المعلوم لكثيرين أن علاقة غليون بالأخوان عمرها عشرات السنين. فقد أخبرني البيانوني شخصيا، يوم زارني في باريس، أن غليون كان يكتب في الصحف الفرنسية تحت اسم مستعار، مطلع الثمانينيات، دفاعا عن “الطليعة الإسلامية المقاتلة”( الجناح العسكري للأخوان)، بطلب من ياسر عرفات ومقابل مخصصات مالية تدفع له بانتظام من مكتب “أبو عمار”، وأنه كان يصف هذا التنظيم الإرهابي الوحشي، الذي أصبح الكثير من قادته لاحقا من كوادر تنظيم “القاعدة”، بأنه “أنبل ظاهرة سياسية في تاريخ سوريا الحديث”. وقد تحققتُ من صحة رواية البيانوني بنفسي، كما أشرت قبل سنوات على هذه الصفحة. ورغم أني نشرت وقائع حديث البيانوني لي منذ سنوات، هنا وفي أمكنة أخرى، فإن أيا منهما لم ينفِ الأمر. بل، وبخبث مني كما ينبغي الاعتراف، ومن أجل مزيد من التوثيق، كتبت للبيانوني رسالة بعد لقائنا ذاك في باريس أسأله عن الأمر مرة أخرى، لا لشيء إلا لكي يضطر إلى أن يرد على رسالتي، فيصبح الأمر موثقا كتابيا. وهو ما حصل فعلا!
بعد حديثه عن الجانب “الأمني”، ينتقل البيانوني في رسالته إلى الحديث عن الجانب السياسي و الطائفي، ويتحدث عن الوجود الإيراني في سوريا، فيعتبر أن من أهداف “الثورة” السورية هو تنظيف سوريا من الإيرانيين، وأن هذا الأمر يشكل “هدفا مشتركا للثورة السورية وإسرائيل”. ويدلل على ذلك بالهتافات التي رفعها المتظاهرون السوريون ضد إيران وحزب الله، خصوصا في درعا ( تبين لاحقا أن المخابرات الأردنية التي كانت مع مليكها “عبد الله الثاني بن جدعون” أول من رفع شعار “خطر الهلال الشيعي” في العام 2007، هي من وقفت وراء هذه الشعارات في درعا ربيع العام 2011 ، رغم أنه لم يكن يوجد عسكري واحد من إيران أو حزب الله في سوريا كلها، باستثناء بضع عشرات من الخبراء والمهندسين الإيرانيين الذين يعملون في مؤسسة معامل الدفاع منذ الثمانينيات).
وفي صيغة أشبه بوشاية أمنية ـ تجسسية لإسرائيل ، وبعد حفلة ردح طائفي ومذهبي، يخبر البيانوني “صديقه” نتنياهو بأن الإيرانيين عمدوا إلى إنشاء مصانع للصواريخ في قلب مؤسسة معامل الدفاع السورية لصالح حزب الله الشيعي اللبناني بهدف تمكينه من السيطرة على لبنان. هذا بالإضافة إلى وضع المطارات السورية، وحتى الطائرات المدنية، بتصرف الحزب المذكور من أجل تزويده بالسلاح ونقل الآلاف من مؤيديه لتدريبهم في معسكرات الحرس الثوري الإيراني، كما لو أنه يحرّضه على اختطاف أو استهداف طائرات الركاب العائدة لشركة الطيران العربية السورية! وقبل أن يختم رسالته بتكرار التهنئته لنتنياهو ولـ”الشعب اليهودي” بعيد المظلة،والتأكيد على أن “الثورة السورية لا تهدد المصالح الأمنية الاستراتيجية لإسرائيل، ولن تفعل ذلك أبدا في المستقبل”، يرجو من نتنياهو أن يعتبر هذه الرسالة بمثابة “طمأنة” ، مشيرا إلى أنه سبق له أن أرسل رسالتين مماثلتين
لإسرائيل، الأولى حين قبل إجراء مقابلة مع “القناة الثانية” الإسرائيلية عبر مراسلها في “بروكسل”، هنريك سيمرمان في حزيران 2011، والثانية حين لبّتْ “الجماعة” دعوة مساعد وزير الدفاع الإسرائيلي للشؤون الأمنية وشؤون التصنيع العسكري، “ألكسندر غولدفارب”، للمشاركة في مؤتمر “انقذوا سوريا”، الذي نظمه “غولدفارب” بالشراكة مع “برنار هنري ـ ليفي” في باريس في 4 تموز 2011، والذي شارك فيه عضو مجلس شورى الأخوان المسلمين “ملهم الدروبي”( حبيب قناة “الميادين” وشراميطها) مندوبا عن البيانوني وأخوانه! وبخصوص هذه النقطة الأخيرة، عدت إلى إرشيفي فوجدت أنني كنت نشرت تقريرا عن القضية في ذلك الحين في موقعنا “الحقيقة”، مع صورة لـ”بروشور” المؤتمر الذي وزعه “غولد فارب” و “هنري ـ ليفي” على وسائل الإعلام، والذي يظهر فيه “ملهم الدروبي” فعلا كمشارك رئيسي في المؤتمر، فضلا عن عدد آخر من منايك “المعارضة” وجواسيسها!( منشور جانبا/ أعلاه).
الترجمة الحرفية لرسالة وكيل وزارة الخارجية التركية إلى نظيره البريطاني:
وزارة الشؤون الخارجية التركية
أنقرة : 24 تشرين الثاني 2011
سري
إلى :السير سايمون فريزر/ الوكيل الدائم لوزارة الشؤون الخارجية / المملكة المتحدة/ لندن
عزيزي السير فريزر،
الوثيقة المرفقة هي نسخة من الرسالة التي أرسلها المراقب العام السابق لجماعة الأخوان المسلمين السوريين في سوريا، علي صدر الدين البيانوني إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتاريخ 6 تشرين الأول 2011 . الرسالة، التي كانت أرسلت عبر سفيرنا غير المقيم في تل أبيب، كريم أوراس، تتضمن أفكارا واعدة ومثيرة حول المستقبل الذي تتطلع إليه الجماعة فيما يخص سوريا والصراع العربي الإسرائيلي، وتعكس مدى النضوج الذي بلغه تفكيرها السياسي.
في الواقع لا أعرف ما إذا كانت الرسالة تعكس الموقف الرسمي للجماعة؛ لكن ، بحسب معرفتي وخبرتي، لم يكن السيد البيانوني ليرسل هكذا رسالة حساسة عبر سفيرنا، لولا أنه تشاور مع زملائه في أعلى هرم الجماعة.
إلى : صاحب السعادة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل
بوساطة : سعادة السفير كريم أوراس / سفير الجمهورية التركية غير المقيم ـ تل أبيب
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام على من اتبع سيدنا موسى كليم الله وإخوته الأنبياء الصديقين، عليهم سلام الله أجمعين
صاحب السعادة رئيس الوزراء بنيامين نتياهو
أود في البداية أن أغتنم هذه الفرصة لأتقدم إليكم وللشعب اليهودي بالتهاني لمناسبة اقتراب “عيد المظلة/ سوكوت ” في 12 من الشهر الجاري ، وأن أشكركم على التوجيهات التي أصدرتموها لأعضاء حكومتكم بأن يتجنبوا الإدلاء بأية تصريحات علنية حول ما يجري في سوريا. وهذه أفضل خدمة يمكن تقديمها للثورة السورية في هذه المرحلة ، خصوصا وأن النظام السوري الذي يعيش أيامه الأخيرة لم يتردد في اعتبار الثورة “مؤامرة دولية وصهيونية على سوريا”.
نعرف أنكم تراقبون ما يجري في سوريا وكلكم أمل بأن يساهم ذلك في شق الطريق نحو السلام في المنطقة بعد رحيل النظام الذي يتاجر بالقضية الفلسطينية ؛ كما نعرف أن معظم الدوائر السياسية والأمنية في إسرائيل تخشى انفلات الأمور على الحدود المشتركة وانتشار الفوضى و سيطرة مجموعات متطرفة على المنطقة الحدودية. وهذان الموضوعان هما الدافع الأساسي لكتابة رسالتي هذه لسعادتكم. وبهذا المعنى أرجو أن تعتبر رسالتي رسالة طمأنة لجيراننا.
بالنظر لأن الموضوع الأمني هو الأكثر إلحاحا الآن ، أود أن أبدأ به لأؤكد على أننا حرصنا ، منذ اللحظات الأولى لانتشار السلاح وتحول الثورة السورية إلى ثورة مسلحة ، على أن لا تقع منطقة الحدود السورية ـ الإسرائيلية تحت سيطرة مجموعات متطرفة غير منضبطة. ولهذا، وبناء على نصيحة أصدقائنا الفرنسيين التي نقلها لنا الدكتور برهان غليون، والذين أبلغونا بأنها رغبة حكومتي إسرائيل والولايات المتحدة أيضا، عملنا منذ اللحظات الأولى لانتشار السلاح في محافظتي درعا والقنيطرة على أن لا يجري تشكيل أي مجموعة مسلحة في تلك المنطقة بعيدا عن أنظارنا أو رقابتنا. ومن أجل ضمان ذلك في المستقبل وعدم وقوع المنطقة الحدودية بأيدي مجموعات غير منضبطة، نعمل الآن على تأسيس “المجلس العسكري في محافظة القنيطرة والجولان”، الذي سيأخذ على عاتقه السيطرة على كامل المنطقة الحدودية فور تشكيله. وسيجري الإعلان عن الأمر حالما يجري تأمين انشقاق أحد الضباط الكبار في جيش النظام ( العميد عبد الإله البشير النعيمي) قريبا، وهو ضابط من أبناء القنيطرة وموثوق من قبلنا ومن قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية التي تعرفه جيدا.
أما فيما يتعلق بالنقطة الأولى، فقد كان رأي الجماعة دوما، وإن لم يجر التعبير عنه بشكل رسمي واضح، هو أن إسرائيل أصبحت أمرا واقعا وجزءا عضويا من المنطقة لا سبيل لنا سوى التعامل معه والبحث معا عن مستقبلنا المشترك فيها. ولهذا كنت حريصا منذ الأسابيع الأولى للثورة على أن أرسل رسالة طمأنة إلى الشعب الإسرائيلي مباشرة حين قبلت إجراء مقابلة في حزيران الماضي مع مراسل القناة الإسرائيلية الثانية، السيد هنريك سيمرمان، في بروكسل، وأن نقوم بإيفاد أخينا “ملهم الدروبي” للمشاركة في مؤتمر “انقذوا سوريا” الذي عقد في باريس في تموز الماضي حالما تلقينا دعوة من منظمَيْ المؤتمر، السيد برنار هنري ـ ليفي والسيد ألكسندر غولد فارب، مساعد وزير الدفاع الإسرائيلي لشؤون الصناعات الأمنية والعسكرية. ولهذا أعتقد أن مبادراتنا تلك، فضلا عن هذه الرسالة بالذات ، يمكن أن تشكل دليلا كافيا على طبيعة المستقبل المشترك الذي ننشده لشعبي بلدينا ، والذي يتطلع إليه الأخوان المسلمون في سوريا، وعلى طبيعة المراجعات الجدية التي أجروها بشأن الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وأعتقد ، يا صاحب السعادة، أنك شاهدت المقابلة التي أكدتُ فيها على أن خلافاتنا تنحصر في قضية الجولان وضرورة حلها استنادا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهو ما ظل يرفضه النظام السوري دوما لأنه لا يستطيع مواصلة تسلطه على الشعب السوري إلا من خلال استمرار تحريض هذا الشعب على إسرائيل وتلقين السوريين تعاليم الكراهية نحو اليهود، واستمرار متاجرته بالقضية الفلسطينية التي قرر الشعب الفلسطيني نفسه، وهو صاحب القضية، المضي في عملية السلام مع إسرائيل منذ العام 1993، ونحن لا نستطيع أن نكون ملكيين أكثر من الملك.
هذا يقودني إلى إثارة قضية الوجود الإيراني في سوريا، بالنظر لأن الشعب السوري وثورته من جهة، و دولة إسرائيل من جهة أخرى، يتقاسمان رؤية مشتركة بشأن هذا التواجد، وهو ما عبـّرتْ عنه الشعارات العفوية التي أطلقها المتظاهرون السوريون في معظم الشوارع السورية، خصوصا في المناطق الجنوبية، حيث ينشط الإيرانيون و وكيلهم حزب الله منذ سنوات لتوريط سوريا في صراعات مع بلادكم لا مصلحة لبلادنا وشعبنا فيها.
مستغلين القضية الفلسطينية وزعْم الدفاع عنها،عمل الإيرانيون منذ مطلع الثمانينيات على تحويل سوريا إلى جبهة أمامية لمشاريعهم التوسعية الطائفية، و نشر التشيع وعقيدته الهرطوقية بالضد من مصالح شعبنا الذي لم يحترموا مشاعره باعتباره ينتمي في أغلبيته الساحقة إلى الطائفة السنية. ومن أجل ذلك، عملوا ـ كما تعرفون سيادتكم ـ على تعزيز سيطرة الطائفة العلوية على مؤسسات الدولة، الأمنية والعسكرية، وإقصاء المسلمين السنة عن مراكزها الحساسة، وعمدوا إلى إنشاء مصانع للصواريخ في قلب مؤسسة معامل الدفاع السورية لصالح حزب الله الشيعي اللبناني بهدف تمكينه من السيطرة على لبنان. هذا بالإضافة إلى وضع المطارات السورية، وحتى الطائرات المدنية، بتصرف الحزب المذكور من أجل تزويده بالسلاح ونقل الآلاف من مؤيديه لتدريبهم في معسكرات الحرس الثوري الإيراني. وهذا كله ينتهك سيادة الدولة السورية على أراضيها ومرافقها. وبعد اندلاع الثورة السورية، عمد النظام العلوي إلى جلب الآلاف من مقاتلي الحزب ، فضلا عن الآلاف من إرهابيي الحرس الثوري، من أجل ممارسة الإرهاب بحق الشعب السوري وقمع ثواره. وهذا كله يندرج في إطار المشروع الطائفي الإيراني لإنشاء قوس شيعي يمتد من أفغانستان إلى البحر الأبيض المتوسط.
لهذه الأسباب، يرى الأخوان المسلمون السوريون أن ثورة الشعب السوري قامت ليس فقط من أجل إسقاط نظام الديكتاتورية الطائفية، بل أيضا من أجل إنهاء السيطرة الشيعية الإيرانية على بلادنا، وهو ما رآه العالم كله من خلال الشعارات التي رفعها المتظاهرون ضد إيران وحزب الله منذ اللحظات الأولى للثورة، ومن أجل تحقيق السلام في المنطقة بعد حوالي سبعة عقود من الحروب التي لم يكن له فيها أي مصلحة، والتي ورطته فيها الحكومات الديكتاتورية، خصوصا منها البعثية، رغم إرادته. ولهذه الأسباب أيضا، يتطلع الأخوان المسلمون السوريون إلى أن تنظر الحكومة الإسرائيلية إلى ما يجري من خلال هذا المنظار، وأن الثورة السورية لا تهدد مصالحها الأمنية الاستراتيجية، ولن تفعل ذلك أبدا.
أكرر تهنئتي للشعب الإسرائيلي ولليهود في كل مكان بـ “عيد المظلة”، آملا أن يحل العيد القادم وقد تحققت الديمقراطية لسوريا، والسلام لشعبها والشعب الإسرائيلي.
ـ وثائق سورية وألمانية شرقية تنشر للمرة الأولى عن عمالة المافيوزي وتاجر السلاح قدري جميل للمخابرات العسكرية والجوية السورية ، وصورة عن تقرير علي دوبا إلى حافظ الأسد عن تهريبه السلاح بوساطة طائرات الركاب السورية بالتعاون مع ضباط المخابرات الجوية( وبينهم علي مملوك).
ـ أربع وثائق ( وربما أكثر، فلا يزال البحث جاريا) من إرشيف مخابرات ألمانيا الشرقية سابقا(شتازي) تنشر للمرة الأولى أيضا عن اشتباه ”شتازي“ بعلاقة ”عزمي بشارة“ مع الموساد، والتحقيق الذي أجرته معه على هذه الخلفية في العام 1985 بشأن دوافع بحثه عن عنوان الشقة السرية التي كان يستخدمها ”جورج حبش“ في درسدن خلال زياراته الخاصة إلى ألمانيا الشرقية، و محاولته الحصول على الملف الطبي السري للقائد الشهيد ”وديع حداد“ من مشفى ”شاريتي“ في برلين الشرقية، ولقاءاته السرية مع مسؤول الموساد في ”بون“ ( أفيف شير ـ أون)، وكيف كذب على ضباط ”شتازي“ وبرر العلاقات التي كان يحاول إقامتها مع طبيبات المشفى!
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.