مشكلة التكامل الحضاري العربي: ضِديَّة القرار السياسي، د. عادل سمارة
ملاحظة
بطلب من الإسكوا جرى إعداد هذه الورقة للمشاركة في دراسة عن التكامل الاقتصادي العربي، صدرت عام 2014، حيث شارك في ذلك عدد من الكتاب. لكن الغريب أن أياً من الأوراق لم تُنشر.
ما كنت اعتقد أن الكتاب سيأتي مجلدا بالأوراق كما هي، ويقوم الفريق الرئيسي بوضع مقدمة تحليلة مطولة عن كل من: 1) الأوراق
و 2) الراي في الأوراق و
3) رؤية الفريق تجاه موضوع الكتاب. كل هذا لم يحصل، بل صدر مجلدا أشرف على إعداده ما أسموه “الفريق الرئيسي المكون من: أبو يعرب المرزوقي، ،عبد الله الدردري، نادر فرجاني، (المحرر الرئيسي) وهيفاء زنغنة”. للمرء أن يشعر بالصدمة حينن يضم هذا الفريق عبد الله الدردري الذي دمر الاقتصاد السوري وهو كلبرالي او نيولبرالي بالضرورة ضد التكامل الاقتصادي العربي، ناهيك عن السيد نادر فرجاني والمرزوقي باتجاهاتهم الأقرب لقوى وإيديولوجيا الدين السياسي، أي لا علاقة فكرية لهم بالتكامل الاقتصداي العربي خاصة. وعليه، صدر المجلد بالعربية والإنجليزية.
يمكن للمرء وصفه ب:
1) خليط مولينكس، لم يتم الاستفادة ، كما يتضح، من جهد اي كاتب، سوى بعض الإشارات. 2) بينما يعج المجلد بمقتطفات بعضها طويل وبعضها بيت من الشعر، من أقوال ساسة وشعراء، لا علاقة لهم بمسائل الاقتصاد والتنمية وخاصة موضوع الكتاب أي “التكامل الاقتصادي العربي” .
مؤسف هدر الوقت والمال من منظمة ك الإسكوا ، ومؤسف وأد الجهد الذي بذله الكتاب بهذه الطريق.
عادل سمارة
■ ■ ■
مشكلة التكامل الحضاري العربي: ضِديَّةالقرار السياسي
د. عادل سمارة
رام الله المحتلة
نأمل بجدلٍ اقل من غير العروبيين في وجود حضاري عربي متواصل وموحد رغم التقطعات الطويلة للكيانية السياسية الموحدة التي حالت بوعي دون التكامل الحضاري الأمر الذي سمح منذ قرن للعامل السياسي السلطوي باحتجاز ضغط العوامل الثقافية والتاريخية وحتى العامل الاقتصادي كمصلحة مادية للأكثرية الشعبية العربية[1] في تكامل او وحدة أو إتحاد. يتمظهر هذا الاحتجاز في الوضع المتراجع للعلاقات الاقتصادية العربية. والمسألة هنا أن الاقتصاد هو حامل البنية التحتية أو هو البنية المادية التحتية التي حينما تأخذ حرية التطور والتعالُق تتحول إلى قوة ضغط وحدوية لأن الاقتصاد ليس مجرد تبادل تجاري بل إعادة تكوين بنيوي[2]. يشي هذا الاحتجاز بواقع أن الوطن العربي منقسم على أرضية صراع بل حرب أهلية مخفية بين النخبة السياسية/التجارية وبين الأكثرية الإنتاجية والمرشحة للعمل والإنتاج اي الطبقات الشعبية (القومية الحاكمة والقومية الكامنة)[3]. هذا لا ينفي دور العوامل الخارجية التي هي سلسلة حروب واختراقات متعددة المستويات ومتواصلة لا تندرج في نطاق اللغة الأكاديمية البحتة في كتابة التاريخ الدبلوماسي. وتكفي الإشارة هنا أن الوطن العربي هو الوحيد الذي تتدخل في تفاصيله مختلف الدول من صغيراتها النرويج والدنمارك إلى كبرياتها الولايات المتحدة والاتحاد اأوروبي. وهذا يطرح التحدي للمستوى السياسي وما يسمى الاستقلال!
العوامل الخارجية
صحيح القول أن التاريخ “سجلاً للصراعات الطبقية”، ولكن التاريخ مليء بتأجيلات للصراعات الطبقية يكاد يكون التأجيل هو قاعدته لا استثناؤه حيث تُخفى وتُغطى بالصراعات/العدوانات القومية التي تخلقها وتقودها وتستفيد منها الطبقات البرجوازية في المركز الراسمالي في عسيه لمزيد من التراكم. هذا ما يؤكده تاريخ الأمم القديمة/الممتدة حتى الراهن ومنها الأمة العربية التي تتفرَّد بالتعرُّض لاستهداف دائم من: اليونان، الرومان الفرنجة التتار العثمانيون الغرب الرأسمالي (الاستعماريي/الإمبريالي/المعولم ) والصهاينة وفي اللحظة هجمة الثورة المضادة كهجمة معولمة. ليس هذا متسعاً لقراءة تاريخية لتجلي دور هذه العوامل الخارجية في إبطاء وتعطيل وكبح فرص التكامل الحضاري العربي.
تناوُل هذا الموضوع يشترط البدء من النظام العالمي في ثنائيته (مركز-محيط) وفي الجوهر منه غزو المركز للمحيط لاقتناص الفائض وتحقيق التراكم اللامحدود مما يشترط بالضرورة احتجاز تطور المحيط بالقوة وتكريس علاقات التبادل اللامتكافىء بأحد سلاحين: سلاح النار و/أو سلاح تخليق قوى اجتماعية طبقية في المحيط تكرس احتجاز تطور بلدانها[4]في ظل شبه استقلال، وهذا الأخطر، وهو ما اسميه في الوطن العربي “تطوير اللاتكافؤ[5]“. وهذا ما يؤيد زعمنا بضرورة توسيع عبارة: “لا يابان بعد البابان” إلى لا أوروبا بعد اوروبا، بل لا مركز بعد المركز، إلا بخطاب وأدوات مختلفة تجد تعبيرها الأولي في التنمية بالحماية الشعبية أي بابعد من فك الارتباط الذي هو دولاني في التحليل الأخير وتجد مآلها الأخير في الاشتراكية.
بغض النظر عن الجوهر الاجتماعي الاقتصادي للراسمالية عموماً وتجلياتها داخل كل بلد، فإن الراسمالية الغربية منذ الحقبة التجارية وصولاً إلى الاستعمار فالإمبريالية فالعولمة كتمظهرات لأهداف الغرب الراسمالي في العالم، قد واصلت عدوانها على الوطن العربي محفوزة جوهرياً بموقعه وثرواته الأمر الذي تؤكده أطروحات واتفاقات ورؤى استعمارية تندرج في خطة وليس مجرد مؤامرة وهذا ما يفسره الاستهداف الدائم للوطن العربي ربما بخلاف، او بدرجة أعلى، مما هي ضد كثير من أقاليم المحيط وهذا يبدو تجاوزاً من المركز على : “لا يابان بعد اليابان- و/أو لا أوروبا بعد أوروبا”. فرغم هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى إلا أنها لم تتعرض للتهديد بل أُكتفي باغتصاب ما كانت تغتصبه، بل لاحقاً أُعطيت لواء الإسكندرون وكيليكيا السوريتين، والأهم أنه لم يتم كبح إعادة بناء تركيا صناعياً ولا حتى فرض شروط قاسية عليها شأن ألمانيا مثلاً، بل أُكتُفي بخلع أثوابها الخارجية مستعمراتها! قد نقرأ تصنيع تركيا من منظور استغلال تراخي قبضة الإمبريالية وفي هذا درجة من الصحة، ولكن كان بوسع المركز كبح تطورها ولم يفعل. كما سمح المركز بتطور صناعي لإيران في حكم الشاه. وليس شرطاً أن سبب ذلك تحالف إيران حينها مع المركز، فمعظم الأنظمة العربية كانت كذلك وأكثر ولا تزال. وبالمقابل، كان هدف عدوان 1967 تقويض التجربة التنموية الناصرية. ورغم اختلاف تجربة دول النمور الآسيوية (التصنيع الموجه للتصدير) إلا أنها أفضل بكثير من تجربة اللاإنتاج في الحالة العربية ناهيك عن الاحتلالات المباشرة سواءالاستيطان الصهيوني او احتلال العراق ومن ثم ليبيا. إن ما يميز الحالة العربية هو استراتيجية إبقائه تابعاً، اي اقل من “تطور تابع”.
العوامل الداخلية
شهد الوطن العربي بعد الاستعمار العثماني تبديله بالاستعمار الغربي مستخدماً سلاحي: القوة العسكرية وخطاب الحداثة وصولاً إلى ضمان نهب الفائض وتحصيل التراكم. وقد ورث الاستعمار الغربي وطناً يعاني من التجزئة العثمانية للأقطار كمقاطعات ومن تخلف في قطاعات الإنتاج، إلى جانب وجود قوى سياسية اجتماعية ذات أفق إيديولوجي ما دون قومي اي لديها جاهزية الحصول على استقلالات شكلية سواء في السياسة أو الاقتصاد وعلى اية مساحة ممكنة. ولا سيما منها القوى التي تحالفت مع الغربيين ضد العثمانيين.
من هذه النقطة تحديداً يمكننا رؤية خلق وتكريس علاقات التبعية التي يمكن قرائتها على ارضية الاعتماد الوجودي المتبادل مصلحياً بالطبع وهو اعتماد عموده الفقري بقاء السيطرة الاستعمارية التي واصلت السياسة التجزيئية العثمانية ورفعتها إلى دول ودويلات بينها إشكالات عدة منها الصراع العائلي وخلافات الحدود التي تتفجر بين الحين والآخر.
يمكننا الزعم أن القرن الذي بدأ بالاستعمار الغربي وامتد حتى اليوم قد شهد في الوطن العربي منحيين للتطور:
منحى القطريات التي تكونت فيها تشكيلات اجتماعية اقتصادية تعيش على موهوبية ثرواتية مما حفز قدرتها الإنتاجية وخاصة في الزراعة وخلق بدايات تصنيعية وهي مصر والعراق وسوريا وإلى حد ما الجزائر. ونظراً لواقعها هذا، فقد كانت مواطن ظهور الحركات القومية والتي أفرزت أنظمة ذات توجه قومي إنتاجي. ولكن رغم وصول هذه الأنظمة السلطة بطرق عدة من انقلاب إلى ثورة انقلابية إلى حرب الغُوار، إلا أنها جميعاً عجزت عن:
تأصيل تراث النضال في ذاكرة الأجيال الجديدة والفشل في نقل تضحيات العمل الثوري إلى هذه الأجيال،
العجز عن الحفاظ على زخم المد الشعبي الثوري الذي احتضنها وساهمت به
العجز عن الدمقرطية وفك الارتباط بالمركز الراسمالي العالمي رغم تلويناتها بالاشتراكية.
والعجز عن التحول إلى ثورة ذات بعد قومي وحدوي.
ثم منحى القطريات غير الموهوبة ثراوتياً (خصب التربة وجودة المناخ) كالجزيرة العربية وليبيا والأردن بشكل خاص، وهذه أخذ تطورها منحىً “معتدلاً” في علاقته بالمركز الراسمالي وتُوجت فيها انظمة عائلية ليست ذات توجهات قومية وترتكز على مذاهب دينية سلفية (باستثناء الأردن).
أما بقية القطريات العربية فتتوزع على المنحيين تشابهاً واختلاقاً. ويمكننا القول أن القرن الماضي كان قرن التنافس وحتى الصراع بين المنحيين في التطور. وفي حين كانت الدول ذات الأنظمة القومية هي التي تتصدر القيادة والتأثير حتى سبعينات القرن الماضي، تغيرت الموازين بسبب عاملين متوازيين:
هزيمة انظمة المشروع القومي ممثلة في النظام الناصري في مصر وذلك على يد المركز الإمبريالي والكيان الصهيوني الأمر الذي أخرج القوى القومية واليسارية من اللعبة وحتى الدور السياسي العربي فتهمشت مع تهميش الطبقات الشعبية، وربما كان لعدم قدرتها على تمثيل هذه الطبقات دوره في تهميشهما معاً.
وحصول الطفرة النفطية التي بعد سقوط النظام الناصري رفعت الدول النفطية لتتصدر قيادة الوطن العربي.
وعليه، فإن كلا المنحيين لم يخرجا عن نطاق العلاقة بالمركز الراسمالي اقتصادياً، ولم يقطعا مع الخطاب اللبرالي الغربي سياسيا ولا مع راسمالية السوق العالمي اقتصادياً، الأمر الذي أدخل الوطن العربي في قرن كامل من المرحلة الانتقالية فلا تحولت اقتصاداته إلى اقتصادات رأسمالية ناهضة ولا خطت باتجاه الاشتراكية. ورغم سلسلة الاتفاقات الاقتصادية سواء السوق العربية المشتركة التي اقترحت في نفس فترة السوق الأوروبية المشتركة أو غيرها، فإن أعلى تعاون بين هذه القطريات كان في نطاق قيام دول الفائض بتغطية عجز دول العجز، ولفترة محدودة، بعيداً عن اي إطار تنموي أو إقامة تعاون اقتصادي حقيقي بينها. وهذا يعزز اعتقادنا بعدم منطقية الحديث عن سوء توزبع الثروة العربية طالما الوافع الاجتماعي الاقتصادي الإنتاجي قائما على ومحكوماً بالتجزئة. هذا ناهيك عن حقيقة تزايد الدخل وليس نمو الإنتاج.
من هذا نخلص إلى أن تخلف الوطن العربي بدأ بمسبب خارجي وكان ضامن استمرار تخلفه داخلي أو شراكة بين العاملين.
المعيقات الداخلية تطبيقياً
الخطاب و الإيديولوجيا
لم تَقُصر الأنظمة القطرية حماية نفسها في اعتمادها على المركز، بل قرنت بذلك خلق آليات تقوض المشترك القومي العربي لصالح الفردانية القطرية وحتى الكيانية. فرغم أن بدايات الوعي القومي العربي (نهايات القرن التاسع عشر) رافقت نهايات الاستعمار التركي وهي النهايات التي ترافقت مع انتقال المركز إلى المرحلة الإمبريالية، وتبلور هذا الوعي لاحقاً في حركات وأحزاب سياسية وحتى أنظمة حاكمة، إلا أن هذا الخطاب والذي اعتمد كثيراً على المسار الحضاري العربي لم يتمكن من تحقيق لا الوحدة ولا التنمية ولا تحرير فلسطين أو أي جزء محتل من الوطن الكبير. وفي دفاعه عن مشروعه وإنجازاته وإخفاقاته ومواقعه في السلطة تحول إلى قوة قمعية غير ديمقراطية. وقاد فشله في التنمية تحديداً وعدم تبني مشروع تنموي جذري إلى تغلب الطبقات الكمبردورية والطفيلية وتسلمها السلطة مباشرة أو لا مباشرة. وهذا دفع بالخطاب القومي إلى الوراء بما هو ظل عاطفياً ولم يحقق في مشروعه الدولاني طموحات الطبقات الشعبية العربية. لكن هذا الفريق ،وإن فشل في إنجاز المشروع القومي الوحدوي، إلا أنه حافظ على مسائل هامة ثلاث: عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني ورفض التبعية ولو نسبياً للراسمالية الغربية، وعدم الكفر بوجوب إنجاز المشروع النهضوي القومي.
قاد انهيار الدولة الناصرية، بما هي الدولة العربية المركزية، إلى فلتان إيديولوجي في مجمل الوطن العربي، الأمر الذي تجلى في ظهور الخطاب الطائفي والمذهبي والقطري والذي ناقض الخطاب القومي وضرب المشترك القومي إلى درجة طرح قومية لكل قطر على حدة. وحين يتراجع المعتقد القومي عبر تجذير خطاب مضاد، يتراجع النضال ومن ثم الانتماء القومي بالضرورة.
كان ولا يزال على الخطاب القومي ان يواجه خطابات (تأخذ شكلاً إيديولوجيا كذلك) ثلاثة مضادة تتركز جميعها، رغم تباين جوهرها، ضد القومية العربية وحتى ضد وجود أمة عربية ومن ثم نفي حضارة عربية.
الأعنف من بينها جميعاً هو الخطاب الراسمالي الغربي الذي ينكر وجود أمة عربية ويُغري باعتماد قراءة هذه الأمة على المكونات الدينية والطائفية. ولتنفيذ رؤيته هذه كان لا بد له من ممارسة العدوان الاستعماري المتواصل وبأدوات متجددة. وهو الخطاب الذي تبلور في تجزئة الوطن العربي وفرض أنظمة حكم قطرية بمعزل عن مواقف وقناعات الشعب العربي في كل من هذه الأقطار. هذا إلى جانب زرع الكيان الصهيوني الإشكنازي في فلسطين كاستثمار استراتيجي عائده ليس في ما يحققه من فائض قائم على إنتاج من مواقع الاقتصاد الحقيقي بل في تكريس التبعية العربية بما يحفظ استمرار تدفق الثروات العربية إلى الغرب وانفتاح الأسواق العربية لمنتجاته. فالكيان هو هو مشروع إجهاض لأي تطور عربي خاصة ما دام باتجاه الوحدة. وبهذا، فهو عامل اساسي في حصول الغرب على ريع لدور الكيان في إجهاض الثورة العربية مساهمة كبرى في ضمانه.
والخطاب الثاني هو خطاب الدين الإسلامي السياسي والذي لا يعتبر أن العرب امة ولا أمماً، بل يعتبر الأمة الوحيدة هي امة الإسلام. وعليه، فقد ناصب القومية العربية العداء بما فيها الأنظمة العربية قومية الاتجاه، وتحالف مع الأنظمة القطرية المعتدلة ذات الارتباط الوثيق بالقوى الاستعمارية. في حين أن هذا الخطاب المبلور في تنظيمات سياسية لم يُعادي القوميات الأخرى للشعوب المسلمة، كما لم تقم تيارات الدين السياسي المشابهة له بمعاداة قوميات بلدانها على نفس النحو[6] ! وكما هو بادٍ في هذه الفترة، فإن هذا التيار يتحالف مع دول المركز الراسمالي ومع دول الاعتدال (وخاصة مجلس التعاون الخليجي) في تصفية الأنظمة العربية ذات التوجه القومي في محاولة منه لتجسيد خطابه في مشروع تجزيئي لكل قطر عربي مما يستوجب قراءة معمقة لهذا التطور الخطر أي قيام قطريات عربية بتفتيت أخريات متحالفة مع المركز الراسمالي العالمي!
والخطاب الثالث هو خطاب الحركة الشيوعية الكلاسيكية بشقيها السوفييتي/الستاليني والتروتسكي اللذين ينكران وجود أمة عربية ويتعاطيان مع القطريات العربية كل على حدة، كما لا يختلف موقف معظم اليسار الأوروبي عن هذا الموقف. ففي حين رأى التيار الستاليني أن الأمة العربية : “أمة في طور التكوين” يقف التيار التروتسكي موقف النافي والمعادي للمسالة القومية العربية خاصة.، بينما اعترف التياران بالكيان الصهيوني الإشكنازي في فلسطين رغم تناقض وجود ودوره مع الإشتراكية بما هو قاعدة للرأسمالية العالمية!
إلى جانب القوى التي تكمن وراء هذه الخطابات، سواء الخارجية أو المحلية المنتسبة إلى هذا أو ذاك، برزت، خاصة بعد هزيمة الناصرية، تيارات إقليمية وطائفية ومذهبية متعددة في الوطن العربي، وهي جميعاً تُجمع ضد الأمة العربية وتدعو لانفصالات وانقسامات واستقلالات[7]. وبالطبع أفرزت أو التحق بكل من هذه القوى مثقفوها العضويون والذين يمكن رؤيتهم اليوم ليس في الفكر النظري والإيديولوجيا وحسب، بل حتى في ماكينة الإعلام الهائلة.
العامل الاقتصادي/الطبقي
لعل مسرح تجلي اثر العوامل الخارجية والداخلية في شل التطور والتكامل الحضاري العربي هو ميدان الاقتصاد. لذا، ما ان كانت تُعقد اتفاقات تجارية عربية حتى تتقكك، بل تم تفكيك حتى الأشكال السياسية الوحدوية (الجمهورية العربية المتحدة[8]، الاتحاد الهاشمي ). لقد شهدت نهاية السبعينات وعقد الثمانينات قيام دول الفائض بتقديم مساعدات مسهلة وقروض ميسرة لدول العجز، وبالطبع لا الأولى اشترطت توظيفها تنمويا ولا فعلت الثانية ذلك. ولكن عقد التسعينات اتسم بدخول أميركي واسع على الخط في ترويج للنيولربالية حيث بدأ الحديث عن ضرورة توسيع الأنظمة العربية لقاعدة الحكم السياسي وخاصة بإشراك القطاع الخاص في السلطة، وتصفية القطاع العام…الخ. وللمقارنة فقط، فإن منطقة التجارة العربية الحرة 1997 لم تر النور، بينما مشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأميركي الذي أعلن بداية في الدار البيضاء 1994 أدى فيما أدى إليه: إلى تسهيل اعتراف الأردن بالكيان وتفكيك المقاطعة العربية للكيان (أعلنت السعودية 2005 وقف العمل بالمادة الثالثة من المقاطعة العربية للكيان) وافتتحت قطر مكتباً تجارياً دائماً للكيان في الدوحة .
ولوقارنا الأمس باليوم لرأينا الصورة بشكل اوضح.
“حتى حصول الحرب الراسمالية العالمية الأولى كان ما لا يقل عن 45% من تجارة سوريا يذهب إلى باقي اجزاء الآمبراطورية العثمانية وكان نصف ذلك يذهب الى مصر. وحتى 1910 فإن 20 بالمئة من واردات مصر كانت تأتي من بلدان عربية، باستثناء السودان. وبحلول عام 1939، اي خلال حقبة الاستعمار الراسمالي الأوروبي، تناقصت هذه النسبة إلى 3 بالمئة” [9].
“…فما ان حل عام 1938 حتى كانت حصة مصر من صادرات سوريا 5 بالمئة، بينما كانت 17 بالمئة علم 1928 ، وحصة سوريا من صادرات مصر تقلصت الى نصف ما كانت عليه قبل عشر سنوات”[10]
أما اليوم، فالصورة كما يلي:
“منطقة التجارة العربية الحرة …لم تحرز ما كان متوقعا منها من تكامل اقتصادي، إذ لم يتجاوز مؤشر التكامل 5 بالمئة عام 2009 مقارنة ب 4,8 بالمئة عام 2009، ويعزو التقرير ذلك إلى ضعف القاعدة الإنتاجية العربية، وعدم اكتمال البنية الأساسية لمنطقة التجارة الحرة وعدم التخلص من الإجراءات والممارسات المقيدة للتجارة في إطار المنطقة الحرة حتى الآن.[11].
وهذا يثير السؤال المركزي والبديهي في الاقتصاد: كيف يمكن تنشيط تجارة دون قاعدة إنتاجية في أحد طرفي التبادل على الأقل؟ وإذا لم تتواجد دولة ذات قدرة إنتاجية عالية تحتاج بدورها إلى السوق الملاصق وتحتاج الدول الأخرى لمنتجاتها، وتقرر استيرادها، كيف يمكن تنشيط التجارة بين هذه الدول؟
لذا: ” لا تتجاوز حصة الصادرات البينية العربية في اجمالي الصادرات العربية خلال الفترة 2005-2009 ال 9 بالمئة…ان معدل حصة الواردات البينية العربية في اجمالي الواردات العربية خلال الفترة نفسها تتمحور حول 12 بالمئة “[12]
بينما كان التبادل بين دول المجموعة الأوروبية في اوائل التسعينات 56-60% من مجمل الصادرات وبين دول نافتا حديثة العهد 14 بالمئة وبين دول الآسيان 18 بالمئة. بكلمة، فإن التبادل بين مختلف الكتل، باستثناء العربية، هو إلى الأعلى.
وللتدليل على تشوه الاقتصادات العربية، فإنه”…في الفترة ما بين 1980-2000 بلغ النمو الاقتصادي العربي 1,2 بالمئة بينما وصل النمو السكاني الى 3,4 بالمئة” (ص 56) . وبالطبع فإن هذه الأرقام لا تعطي الحقيقة لأنه لا الاقتصاد العربي موحداً ولا المجتمعات كذلك، وعليه، فإن الدول التي نمت عائداتها بشكل عال جداً هي فقيرة من حيث البنية السكانية بينما الدول الأخرى بالعكس في المستويين! وعليه، فإن النظر إلى هذه الأرقام دون تحليلها يغطي على النمو الهائل للثروة في بلدان عربية وعلى عدم استثمارها إنتاجياً.
لكن هذه البلدان التي تعاني من نمو اقتصادي ضعيف تعاني نزفاً لفوائضها إلى الخارج فقد بلغ الصافي التراكمي للأصول الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي حتى العام 2007 ما جملته 1795 مليار دولار.وكان التوزيع الجغرافي لهذه الأصول هو 56.6 بالمئة في الولايات المتحدة، و 18.9 بالمئة في الاتحاد الأوروبي بينما في كل البلدان العربية 11.3 بالمئة فقط…إن كل مليار دولار يدخل الولايات المتحدة يخلق 20 الف وظيفة”[13]. وهذا يعني ان هذه الفوائض قادرة على تشغيل جميع العمال العرب العاطلين عن العمل[14] إذا ماتساوت كلفة خلق فرصة العمل. هذا دون أن ندري ما هي مقادير أموال العرب الخاصة المرصودة في المصارف الأجنبية جراء الفساد؟ ومع ذلك، فإن ” معظم الأرصدة الخليجية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مستثمرة في أدوات مالية عائدها منخفض ومخاطرها متزايدة وخصوصا في ظل الأزمة المالية الراهنة”[15].
منذ الطفرة النفطية الأولى خلال حرب اكتوبر 1973 بدأت دول مجلس التعاون الخليجي في إقامة مصانع البتروكيماويات بإرشاد شركات غربية. وحينما بدا إنتاج هذه الصناعات في الثمانينات حاربت اوروبا هذه المنتجات بشكل شرس[16]. كما استثمرت هذه الدول في صناعات الألمنيوم والإسمنت لتنتج ما يفوق حاجة اسواقها لتقع في منافسة بينية بدل التعاون. لذا، أزعم أن استنتاجي لمسألة التكامل العربي هو عكسه، اي تطوير اللاتكافؤ بمعنى أن هناك سياسات عربية رسمية تصمم عمل ومن ثم نمو اقتصاداتها بحيث لا تتكامل مع بعضها البعض. هل يمكن التصور بأن السيولة المالية المتوفرة في الخليج عاجزة، لولا غياب القرار السياسي القومي، عن إقامة مدينة صناعية عربية تستقطب الخبرات وتشكل مركزاً لإنتاج السلع الراسمالية الكلاسيكية على الأقل؟
يدل على ذلك التوجه البراني في التجارة العربية الذي ليس المؤشر الوحيد بالطبع. والسؤال هو: هل يمكن لمنطقة التجارة الحرة أن تتغلب على سياسة تطوير اللاتكافؤ؟ وتؤكد هذا طبيعة التجارة العربية مع الخارج. وسواء في التجارة العربية البينية أو التجارة مع مختلف بلدان العالم، فإن الصادرات العربية يغلب عليها النفط بينما تغلب على الوارداالمعدات ووسائل النقل. لذا فإن انتاجية كل الدول العربية اقل من انتاجية دولة اوروبية متوسطة مثل اسبانيا؟
لا يمكن فكاك المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافيةعن بعضها البعض وعليه، فإن التخلف التصنيعي يقود ‘لى التهميش للأكثرية الشعبية ولا سيما إذا كان البلد معتمدا على الريع حيث يمكن “رشوة” قطاعات واسعة من البلد كي تتقبل التهميش السياسي. أما غير الريعية فتمارس التهميش عبر توسيع الأجهزة البيروقراطية للسلطة. وحدهم المنتجون هم الذين يحفزهم دورهم في الإنتاج على المطالبة بالديمقراطية. وفي هذه الحالة يُصبح الحفاظ على خط الإنتاج من التقطُع بالإضرابات ضاغطاً على الطبقة الراسمالية لتقديم مرونات ديمقراطية.أما في حالة الوطن العربي، فقد تحاشت أنظمة العجز والفائض الوقوع في “شرك” الإنتاجية هذا مما سهل عليها تأخير الحراك الشعبي لأبعد فترة ممكنة. ولا متسعاُ هنا للحديث عن الذكورة والسلفية وراس المال في الإبقاء على المرأة خشبة المسرح لإجراء كافة اشكال القمع والتمييز ضدها بما فيه تحالف انظمة الذكورة المحلية مع الاستعمار بتجدُّداته
لقد مارست الأنظمة العربية عملية تجويف الوعي السياسي والطبقي والقومي كذلك عبر آليتين على الأقل:
خصي البنية الإنتاجية
وسحق القوى السياسية وحتى قوى التنوير
ولم يكن التجويف لمجرد القمع ولكنه كان تمهيداً لطريق تجريف الثروة من جهة وعدم الاستثمار الإنتاجي من جهة ثانية.
بين شل التصنيع وممارسة التجويف والتجريف، يفتقد المواطن مختلف مستويات الأمان وخاصة المواطنة وهو ما قاد في الوطن العربي إلى تناسل الهويات على حساب السرديات الكبرى وفتح الطريق إلى القطرية والمذهبية والطائفية والإثنية وجعل من إيجابية التنوع لعنة خطرة. وإلا كيف كان التنوع المُستحدث في الولايات المتحدة عاملاًإيجابياً بينما غدا التنوع التاريخي في الوطن العربي مشكلة؟ هل يمكن إنكار دور الديمقراطية والاقتصاد في هذا؟ ألم يتفكك الاتحاد السوفييتي خلال أزمته الاقتصادية أكثر مما هو بسبب غياب الديمقراطية فكيف إذا اجتمعا؟ إن غياب المواطنة هو عامل اساسي في تحول الوطن في نظر المواطن إلى مجرد مكان، وهو ما كان اوضح تجليه في استدعاء حركات سياسية ومسلحة كثيرة في هذا الوطن للاستعمار ممثلا في الناتو في حالة ليبيا!
في اكتمال الترابط بين التجويف والتجريف وعدم التصنيع تتأكد الأزمة الاقتصادية وتنتهي إلى أزمة اجتماعية تؤكد وتغذي الاتجاهات السلفية التي ترمي حل المشكلة على الله وتوكل نفسها ممثلاً له وهذا ما نراه اليوم في ما يحدث في الوطن العربي، وهو أمر يلتقي بشكل محبب مع الرؤية الراسمالية الغربية للوطن العربي بقيادة الولايات المتحدة.
إنفاق تسليحي على حروب بينية:
نقصد هنا دول مجلس التعاون الخليجي تحديداً. فالكثير من الدول العربية الأخرى تنفق على التسلُّح دول الطوق على سبيل المثال. لكن إنفاق دول مجلس التعاون على السلاح هو هائل من جهة، ومتوازي مع وجود قواعدوقوات اجنبية من جهة ثانية مما يطرح التساؤل عن جدوى الإنفاق الهائل على التسلح طالما الاعتماد في حمايتها على الأجنبي! توجد في دول مجلس التعاون الخليجي 19 قاعدة عسكرية غربية معظمها اميركية. ومع ذلك بلغ الإنفاق التسليحي التراكمي لخمس دول خليجية باستثناء قطر من 1998-2007 ما جملته 315.610 مليار دولار، مع العلم أن الإنفاق في دولة قطر والإمارات العربية المتحدة لم يُسجل في عداد الإنفاق التسليحي العام للعامين 2006 و 2007[17].
لعل أشد التطورات خطورة هو مشاركة دول خليجية في عدوان الناتو على ليبيا، مما يعيد التساؤل: هل هو دور قطر والإمارات المشاركة في عدوان على ليبيا؟ وإذا كان بوسع هذه الدول وصول ليبيا، لماذا ليس بوسعها حماية نفسها دون قواعد اميركية وغربية.
الدرس المستفاد من مسألة العلاقات العسكرية العربية البينية، أن السلاح يتم استخدامه في الصراع بين هذه الدول من جهة وضمن غزوات أجنبية لقطر عربي أو آخر بمشاركة اسلحة عربية من جهة ثانية. وخطورة هذا، إلى جانب إهدار الفوائض وعدم تحويلها إلى تراكم للاستثمار، هو في تركيزه للقُطرية وطعن الانتماء القومي العربي في الصميم الأمر الذي يتم استخدامه إيديولوجياً من قبل من ينكرون وجود أمة أو قومية عربية.
المستوى النضالي:
ولكن، إذا كان ما عرضناه هو موقف وسلوك وسياسات البُنى الرسمية في الوطن العربي، فماذا عن القوى الشعبية؟ ونقصد هنا القوى ذات التوجه الشعبي الوحدوي؟ هذا ليس نطاق معالجة هذه المسألة لكنني أكتفي بالإشارة إلى أن السياسات الرسمية العربية كانت مثابة حرب أهلية دائمة على الطبقات الشعبية مما كان يصفي قوى المعارضة بتنوعاتها أولا بأول من جهة ويفتح السبيل امام القوى الانفصالية والطائفية والإثنية من جهة ثانية.
يجدر التفريق بين مراحل الاستعمار الأولى في الاستيلاء على الموارد في الوطن العربي وبين سياسات تطوير اللاتكافؤ التي ، كما اشرنا أعلاه كرَّست الاستيلاء على الموارد سواء بالشكل المباشر أو عبر الشراكة التعاقدية مع الشركات الأجنبية مثل بيختل وغيرها. هذا ناهيك عن رصد الفوائض في المصارف الغربية بدل استثمارها في انشطة اقتصادية زراعية وصناعية في الوطن العربي. وقد يجوز لنا القول أنه لو تمت استثمارات حقيقية في الزراعة في السودان لما كان لدى الانفصاليين فرصة لإقناع السكان هناك بالانفصال.
صحيح ان حماية الموارد هو مشروع تنموي وطني/قومي بلا مواربة. ولكن لكل شيء ثمناً[18].
في فترة تراخي قبضة المركز الراسمالي على المحيط مثلا فترة ما بين الحربين العالميتين تمكنت عدة أمم من الانتقال من محيط تابع إلى دول أكثر نمواً مثل المكسيك والأرجنتين، والبعض تابع في ظل أنظمة وطنية سيادية كالصين والهند لتصبح ضمن الدول الصاعدة التي تشكل مع روسيا مناخا لقطبية عالمية أخرى. وحتى روسيا التي انهار اقتصادها في فترة يلتسين، تمكنت من إعادة بناء اقتصادها مستعيدة دورها القطبي[19]. لكن الأنظمة العربية وخاصة ذات الفوائض النفطية لم تستثمر فترة تراخي قبضة المركز منذ عام 2008 لتعمل على البدء بمشروع تنموي عربي، بل بالعكس تورطت في تمويل حروب بينية عربية وفي تحويل معظم فوائضها إلى الخارج. مما يؤكد أن هذا قراراً سياسياً معاكساً لتطوير أي مشترك عربي. مثلاً، لم تسمح العلاقات السياسية بين الدول بالاتفاق على مشروع مدينة تكنولوجية موحدة مقارنة مع إيران هذا رغم تبني الطرفين للدولة الدينية أو الدين السياسي مما يؤكد أن ما يسحم هو القرار السياسي مرتكزاً على الانتماء القومي، وجوده أو غيابه. تقودنا القراءة أعلاه إلى الاستنتاج بأن السبب المركزي للوضع العربي الحالي هو غياب القرار السياسي القومي واندحاره لصالح قرارات التبعية والقطرية ببنيتيها الإيديولوجية والطبقية وبتحالفاتها وارتباطاتها الخارجية.
ثانياً: فلسطين المحتلة والكيان الصهيوني الإشكنازي
برادايم “السلم الإقتصادي” كتكريس للإحتلال.
لا يستقيم أخذ بردايم السلم الاقتصادي على علاته فلا بد من وضعه في إطاره السياسي والإيديولوجي معاً. فلم يكن إصرار الكيان على السلم الاقتصادي لدوافع محض اقتصادية بقدر ما هو إصرار على اعتبار كامل فلسطين المحتلة أرضا يهودية حيث حسم أمره تجاه المحتل 1948 وأن 1967 على الطريق، لذا لا يفاوض عليها سياسياً بل يقوم بترتيب علاقته معها اقتصادياً كخطوة على طريق انتزاعها تماما، مما يقلل من إمكانية وصف العلاقة بأنها كلياً إما استعمار داخلي أو مركز/محيط أو تبادل لا متكافىء. هذا إضافة للإيديولوجيا الصهيونية التي تزعم العلمانية، ولكنها تاخذ من الرواية التوراية اللاتاريخية مسألة أرض الميعاد. بكلمة، فالمشروع الصهيوني لم يتخل عن اسسه الاستراتيجية في ما يسميه إسرائيل الكبرى، كما لا يستطيع التخلي عن دوره المُسند إليه من المركز حتى مع امتلاكه السلاح النووي لأنه بنية تابعة يُبرَّر وجودها بكونها استثمار استراتيجي للمركز في الوطن العربي مقابل مساعدات متنوعة من المركز لهذه البنية التي تفتقد لمقومات البقاء الذاتي.
وعليه، فإن تعاطي الفلسطينيين مع السلم الاقتصادي يعني التسليم “المخفي” بالموقفين السياسي والإيديولوجي للكيان ، وهو التعاطي الذي جسده اتفاق أوسلو الذي لم ينص على “دولة” وجسده بروتوكول باريس الاقتصادي وطبقه على الأرض دخول معظم القوى الفلسطينية انتخابات الحكم الذاتي. مما حول السلام الاقتصادي إلى سلام راس المال.
هنا يتضح الهدف من التمويل الأجنبي والعربي لسلطة الحكم الذاتي كتقوية cementing لسلام راس المال عبر توفير ريع مالي[20] لتحقيق وتثبيت الأهداف السياسية للتسوية. وهنا نلتقط تشابهاً بين سلطة الحكم الذاتي وأنظمة النفط العربية التي تعيش على ريع النفط ولا تتحكم به، أما سلطة الحكم الذاتي فتعيش على ريع الموقف السياسي المتماهي مع سلام راس المال، هذا علاوة على عدم استثمار المال إنتاجياً بل في تشكيل أجهزة بيروقراطية أضخم بكثير من الحاجة المحلية!
وراء برادايم السلام الاقتصادي سياسة التبادل الاقتصادي على سطح الأرض بمعنى أن ملكيتها للاحتلال. هذا من جهة ومن جهة ثانية وراء هذا البرادايم سياسة الاحتلال في استخدام الاقتصاد كوسيلة للاندماج المهيمن على الضفة والقطاع باقتصاده وتحويلهما إلى ناقلة لفيروس التطبيع الاقتصادي (وما يلحق به) مع الوطن العربي بمعنى أن تكون الضفة والقطاع حلقة وصل تجارية بينه وبين الوطن العربي وتحوُّل الكومبرادور الفلسطينية إلى مسوِّق للمنتجات الصهيونية في الوطن العربي وإلى جسر لإدخال راس المال الخليجي إلى الكيان كما حصل في مؤتمر بيت لحم للاستثمار عام 2008 ليصبح الفلسطيني ناقلة للتطبيع العربي!. لذا فرض الاحتلال سلسلة أوامر عسكرية منذ الشهر الأول لاحتلال 1967 والتي بلغت 2000 امراً نصفها للاقتصاد. كما أبقى الاحتلال على ربط البنية التحتية للضفة والقطاع ببنيته، أي شبكات الماء والكهرباء والاتصالات والمواصلات وبالطبع ربط الضفة والقطاع باقتصاده عبر بروتوكول باريس الذي لم يغير جوهرياً ما كان عليه الحال قبل اتفاق أوسلو. وهذا يفترض الاستنتاج أن الاحتلال منذ ان احتل مناطق 1967 قد قرر البقاء فيها إن لم يكن قرر قبل ذلك!
بدأت سياسة الاحتلال عبر نقاش حاد بين وزير الحرب 1967 موشيه دايان الذي طرح تشغيل الفلسطينيين في الكيان كآلية لشل بنيتهم الإنتاجية[21] وإبعادهم عن المقاومة، بينما طرح وزير المالية بنحاس سابير سياسة الفصل مع بقاء التبادل الاقتصادي بين طرفين بشكل مفتوح وبقاء السيطرة العسكرية. وبالطبع جرى تبني سياسة دايان. وعليه بدأ فورا عملية الإلحاق الاقتصادي[22] والتي تمثلت ب:
فرض أوامر عسكرية تطال كافة مناحي الحياة كما لو كانت قانوناً دستورياً لدولة على شعبها[23].
فتح باب تشغيل قوة العمل الفلسطينية في مواقع اقتصاد الاحتلال كعمل اسود مطلوباً آنذاك (بمعزل عن مناقشة معدومية الحقوق العمالية)
إرغام التجار على استيراد السلع من سوق الاحتلال إثر الأوامر العسكرية التي قطعت كافة الصلات التجاربة مع الخارج
اضطرار اصحاب الأعمال لاستيراد الآلات والمواد الخام من الاحتلال
إغراق أسواق الضفة والقطاع بمنتجات الاحتلال مما شل الزراعة المحلية وحولها لتتناسب/تتكيف مع متطلبات اقتصاد الاحتلال واتفاقاته الخارجية.
تبني سياسة الجسور المفتوحة مع الأردن لتكون لاحقاً (كما شاهدنا بعد اتفاق أوسلو ومؤتمر بيت لحم للاستثمار) جسور تطبيع.
خلُصت هذه السياسة إلى ربط مختلف الطبقات الاجتماعية في الضفة والقطاع بالاقتصاد الصهيوني مما أكد أن الرد ليس سوى بالقطع الكلي مع وجود الاحتلال وهو ما قامت اتفاقات أوسلو وباريس على عكسه.
أما الخطوة الأكثر عدوانية في الاتجاه الاقتصادي فكانت في إقامة صناعات في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية بحيث تستفيد من العمالة الفلسطينية من جهة وتنتج لأسواق هذه المناطق ايضاً وهذا زاد من خنق الصناعات المحلية وحول الكثير منها إلى مجرد أماكن لتغيير الدمغة label العبرية بالعربية[24]. هذا ربط مختلف الطبقات الاجتماعية عبر الضرورة والحصار .
لإقامة المستوطنات بعده الاستراتيجي والاقتصادي معاً. والأخطر فيها هو إقامة مدن استيطانية على حدود [25]1967 (اريئيل، مودعيم، جيلو، معالية أدوميم) اي بهدف مسح هذه الحدود. ومن اللافت أن المصرف الدولي وحتى قبيل توقيع اتفاق أوسلو قد طرح إقامة مناطق صناعية على نفس الحدود وفي الأراضي التابعة للضفة الغربية وهي على شاكلة منطقة إيرز الصناعية في غزة التي اقيمت عام 1968، ومن أهداف إقامة هذه المناطق هو الإبقاء على تتبيع اقتصاد المناطق المحتلة لاقتصادالاحتلال عبر بنية تحتية وواقع اقتصادي تشغيلي ومعيشي.
لكن سياسة الاحتلال ليست اقتصادية عادية بالمفهوم الراسمالي المألوف، بل هي الإلحاق وصولا إلى /تقويض البنية الإنتاجية بالإغراق/الحصار. وهذه جميعاً للوصول إلى المستوى الثاني من تفريغ الأرض من شعبها اي الانتقال من الطرد المباشر 1948 إلى سياسة الإزاحة ومن ثم قيام الفلسطينيين بالانزياح الذاتي اي الرحيل.
تقاطعات مع سياسة البرادايم الاقتصادي للكيان
لا تنحصر خطورة سلام راس المال في سياسات الكيان الصهيوني، بل إن ما يُكسبها قوة خطورة هو تماهي/تقاطع/توافق فلسطينيين معها! هناك شراكة اقتصادية تتم عبر استحلاب الفائض من المناطق المحتلة بهدف زيادة التراكم لدى طرفين من الفلسطينيين والصهاينة حيث يتكون كل طرف من مبنى اجتماعي للتراكم هو الذي يضع يده على التراكم ويعمل على ضمان تزايده، وهذا يحمل بالطبع مضمونا طبقياً بلا مواربة يتجاوز المستوى القومي ويضحي به في الحالة الفلسطينية خاصة.
إن شريحة الكمبرادور التي نمت مع الاحتلال والتي استُبدلت سواء كليا او بتطعيم الأولى بعناصر من الثانية هي مستفيد اساسي من استحلاب الفائض من فلسطينيي 1967 عبر دورها الوسيطي لتوفير المستهلكات وتعميق ثقافة الاستهلاك وليس الإنتاج سواء فكريا ثقافيا او بتقويض مواقع الإنتاج المحلي. وهي شريحة تتشارك مع شريحة المتعاقدين من الباطن التي أدخلت باكراً راس المال الصهيوني إلى الأراضي المحتلة سواء بصالات مشاغل الألبسة أو بشراكات مبهمة في رأسمال وابنية وآلات معامل داخل هذه المناطق. وهذه شراكات تشكل خطورة تتجلى في امتلاك صهاينة داخل أراضي الضفة والقطاع، اي اننا نتحدث عن شكل أو درجة ما من الاستيطان المشرعن[26]. ولعل ما ساهم في تسهيل هذه العلاقات هو إلى جانب سياسات الاحتلال، غياب سياسة اقتصادية بالعموم ولا نقول تنموية لمنظمة التتحرير[27] في الأرض المحتلة 1967 حتى توقيع اتفاق أوسلو مما ترك الأمور لكلٍ حسب “اجتهاده”.
ورغم أن الانتفاضة الأولى قد وفرت مناخا شعبياً مناسباً لتطوير اقتصاد يعتمد الحماية الشعبية سواء بمقاطعة العمل في مشاريع الاحتلال أو بمقاطعة منتجاته، إلا أنه لا قيادة المنظمة في الخارج التقطت هذا الأمر ولا القطاع الخاص المحلي. فقد اتضح هدف قيادة منظمة التحرير منذ الأسابيع الأولى للانتفاضة أن هدفها استحلاب مكسب سياسي من الانتفاضة آملة بتحقيق دولة من خلال ذلك، ولذا لم تهتم لا بانتفاضة اقتصادية/تنموية ولا ثقافية. وكانت النتيجة حصول اتفاق اوسلو الذي ابقى على التبعية الاقتصادية للكيان والمتجلي في بروتوكول باريس الاقتصادي. هنا كان القرار السياسي السلبي ذو اليد العليا، ولذا ألغت سلطة اوسلو كل من المقاطعة والانتفاضة وأكدت التطبيع على اعتبار أن المرحلة مرحلة سلام.
قاد تشكيل سلطة الحكم الذاتي إلى ابتلاعها لمنظمة التحرير ليس كبنية فقط بل كموقف وتراث. ولكن ما تبقى من منظمة التحرير كان سالباً مثل متابعة ثقافة وسياسة التمول والعيش على ريع تبرئة الذمة من قبل الأنظمة العربية تجاه فلسطين والكثير من هذه التبرئة كان بقصد تعميق الفساد المالي في المنظمة. وعليه، فقد جلبت المنظمة معها ثقافة طلب وتلقي الأموال من حيث أتى. وهو الأمر الذي امتد إلى طلب وتلقي أموال المانحين التي هي ريع نقدي مقابل تمرير التسوية السياسية.
إلى جانب هذا كله انتقلت نفس الثقافة السياسية بل الإيديولوجيا اللبرالية لمنظمة التحرير التي كانت تحلم بتايوان وسنغافورة[28] إلى سلطة الحكم الذاتي التي قتلت المنظمة كما فعل اوديب بأبيه، وتفاقمت هذه السياسة بمجيىء حكومة سلام فياض التي تبنت سياسة النيولبرالية. فإذا كانت مرحلة ما قبل فياض هي التمول ورشوة المواطنين كي يتم تمرير اوسلو، فإن سياسة حكومة فياض هي محاولة الإجهاز على نقد التبعية والتمول عبر الشعار الخطير الذي يقول: طالما لا تريدون المال الأجنبي فادفعوا ضرائباً! لكن حكومات الحكم الذاتي لن تشجع وتدعم القاعدة الإنتاجية بل وضعت اسس تقويضها! وعليه، فإن سياسة التقشف محقة إذا ما سبقتها سياسة دعم مواقع الإنتاج وإقامة قطاع عام وتقليص الواردات والحماية الاقتصادية…الخ.
قادت سياسات التطبيع وإنهاء المقاطعة وعدم اعتماد سياسة اقتصادية حمائية،إلى تشجيع القطاع الخاص الفلسطيني إلى تعميق اندماجه بسلام راس المال إلى درجة الاستثمار داخل الكيان نفسه، الأمر الذي يشكل نزيفاً للفائض وإلى اقتصاد العدو. والمثير للدهشة أن اعتراضاً على التعاقد من الباطن لم يحصل كما لم يحصل اعتراض حقيقي على الاستثمار داخل الكيان[29]! بل تشكل مجلس أعمال إسرائيلي-فلسطيني كانت اوضح تبريراته أقوال أعضائه بأنهم :” لن ينتظروا السياسيين للتوصل إلى حلول، ولذا فهم سائرون في طريق العمل المشترك”! وبهذا فإن سلام راس المال سيكون مكتملاً.
ماذا نتعلم من كل هذا؟ لا مجال لربط هذه الورقة بالتطورات في الوطن العربي والجدل هل هي ثورات أم لا؟ وقد نغامر بالزعم أن ما يحصل هو صراع بين الثورة المضادة والثورة التي ما تزال في طور الإرهاصات. على أن الدرس المستفاد هو أن لا فرصة لتطور وتنمية بمعزل عن شكل من اشكال الوحدة العربية. وبأن الثورات القُطرية قد كرست القطرية حين خلت من أفق قومي. وتبقى الحياة في فلسطين هي الحياة مقاومة لا مفاوضات، وبان الحل في فلسطين شديد الارتباط بتفكيك مفاصل الدولة القطرية العربية باتجاه الوحدة والتي هي طريق تحرير فلسطين، وحين تكون هناك وحدة عربية تنفح خيارات عدة لتحرير فلسطين ومختلف الأجزاء المحتلة من الوطن العربي، وقد لا تكون تحريراً بالسلاح وحده.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
[1] أرجو أن يُفهم هنا أن الأكثرية الشعبية تعني غير العرب من أهل الوطن كما تعني العرب باستثناء طبعاً الكيان الصهيوني الإشكنازي.
[2] حينما قررت جامعة الدول العربية مقاطعة سوريا أتى الاعتراض الأساسي من المزارعين الأردنيين.
[3] نقصد بالقومية الحاكمة ذلك الخطاب السياسي البحت من قبل الأنظمة الحاكمة التي تزعم انتمائها القومي بينما إيجادها واستمرارها وسياساتها قُطرية بوعي وقرار واعٍ، اي هي ضد الوحدة العربية، بينما القومية الكامنة هي الانتماء القومي للطبقات الشعبية التي لها مصلحة مادية كراماتية في الوحدة، ولذا هي قومية بالفطرة واشتراكية بمتطلبات المصير.
[4] من بين الاقتصاديين الماركسيين كان بول باران الذي بدأ أطروحة تجاوز ماركس فيما يتعلق بكل من دور المركز في جر المحيط إلى التطور وفي إرساء مفهوم اوسع هو مفهوم الفائض بمعنى ان الفائض الاقتصادي هو الفرق بين ما ينتجه المجتمع وكلفة الإنتاج.
[5] أنظر، عادل سمارة، دفاعاً عن دولة الوحدة إفلاس الدولة القُطرية: رد على محمد جابر الأنصاري، منشورات دار الكنوز الأدبية بيروت، ومؤسسة فلسطين للأبحاث الولايات المتحدة 2003 .
[6] حضرت مؤتمر إسلامي في لندن 1985، ولاحظت أن مختلف الأوراق المقدمة قد أجمعت على مهاجمة القومية العربية في حين أن مقدميها من غير العرب لم ينقدوا قوميات بلدانهم!
[7] نقصد بالقومية الثالثة أن هناك ثلاث موجات للقومية في التاريخ الحديث، الأولى هي في القرن التاسع عشر في أوروبا، والتي تزعم المركزانية الأوروبية سحبها على كل العالم فتسمي ذلك العصر عصر القوميات، ثم الموجة الثانية وهي في منتصف القرن العشرين حيث حركات التحرر الوطني والتي بدأت استقلالية وانكفأ معظمها بعد سيطرت الكمبرادور، وأرى أن الموجة الثالثة اتت مع العولمة وهي قوميات في معظمها تصنيعاً من المركز وأدوات حيث انتقل المركز من “فرق-تسد” إلى تفكيك وتذرير المحيط (الاتحاد السوفييتي، العراق، السودان، يوغسلافيا) وتركيز المركز في كتل كبيرة.
[8] حينما أُعلنت الجمهورية العربية التحدة 1958 أرسل إمام اليمن برقية إلى عبد الناصر تقول: “ضمونا إليكم قبل أن تنفضو”، فجرى انضمام اليمن على اساس فدرالي، وحينما حصل الانفصال 1961، كتب الإمام قصيدة هجاء لعبد الناصر وفك الوحدة!
[9] أنظر جلال أحمد أمين، المشرق العربي والغرب: بحث في دور المؤثرات الخارجية في تطور النظام الاقتصادي العربي والعلاقات الاقتصادية العربية، ط (بيروت مركز دراسات الوحدة العربية، 1983ص 23. و : مقالة في “تطوير” اللاتكافؤ في الوطن العربي:المواجهة مستمرة بين القومية الحاكمة والقومية الكامنة، في المستقبل العربي، 197، العدد 7/1995 ص ص 16-27. و عادل سمارة، دفاعا عن دولة الوحدة 3003 ص 55
[11] جامعة الدول العربية، الأمانة العامة (وآخرون) التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2010 (القاهرة الأمانة العامة، 2010) ص 165، 166.ماخوذ عن ملف إحصائي إعداد كابي الخوري في المستقبل العربي العدد 393 نوفمبر 2011 ص ص 196-207
[12] جامعة الدول العربية، الأمانة العامة (وآخرون) التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2010 (القاهرة المانة العامة، 2010) ص 165، 166.ماخوذ عن ملف إحصائي إعداد كابي الخوري في المستقبل العربي العدد 393 نوفمبر 2011 ص 197
[13] انظر دراسة محمد مراد مواقع الراسمال الأميركي والأوروبي في الخليج العربي (صراع اليورو والدولار) في موقع الجيش اللبناني /مجلة الدفاع الوطني http://www.lebarmy.lb/article.asp?In=ar&id=25474 منشورة في مجلة كنعان، العدد 148 شتاء 2011 ص ص 51-80.
[14] ” في عام 2001 كان العاطلين عن العمل في الوطن العربي 13 مليون شخص، 52 بالمئة منهم إناثاً وهي تساوي 14 بالمئة من إجمالي الأيدي العاملة العربية وهي نسبة غير دقيقة” (القدس 14-2-2001)
[15] انظر دراسة محمد مراد مواقع الراسمال الأميركي والأوروبي في الخليج العربي (صراع اليورو والدولار) في موقع الجيش اللبناني /مجلة الدفاع الوطني http://www.lebarmy.lb/article.asp?In=ar&id=25474 منشورة في مجلة كنعان، العدد 148 شتاء 2011 ص ص 51-80.
[16] ورد في جريدة جروزالم بوست الإسرائيلية 4 اكتوبر 1984 خبرا على لسان ناطق باسم الاتحاد الأوروبي، إن وصول طن واحد من بتروكيماويات الخليج إلى اساقنا كم يٌدق مسمار في رأسنا.
[17] انظر دراسة محمد مراد مواقع الراسمال الأميركي والأوروبي في الخليج العربي (صراع اليورو والدولار) في موقع الجيش اللبناني /مجلة الدفاع الوطني http://www.lebarmy.lb/article.asp?In=ar&id=25474 منشورة في مجلة كنعان، العدد 148 شتاء 2011 ص ص 51-80.
[18] لقد كلف تأميم قناة السويس مصر عدوانا ثلاثيا عام 1956،
[19] مما جعل نهوض ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى وجود قاعدة صناعية متقدمة، والأمر نفسه في حالة روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. إن الصداقة الروسية العربية اليوم هامة، ولكن لا بد من العمل على مشروع نهضوي تنموي عربي كي لا نكون من الضعف بما يُغري روسيا بالتحول غلى حالة “إستعمارية”.
[20] بلغت مقادير تمويل سلطة الحكم الذاتي اكثر من 24 مليار دولار.
[21] أوضح سياسة لتقويض البنية الإنتاجية تمثلت في تقنين يقارب منع إصدار الرخص من قبل الاحتلال لإقامة معامل ومصانع فلسطينية وهي سياسة بقيت حتى 1989 حينما جادل الاقتصاديان عزرا سادان وسيمحا باهيري أن بنية اقتصاد المناطق المحتلة هي تابعة ولذا حتى لو أقيمت فيها صناعات طالما لا يوجد استقلالاً، فستكون هذه الصناعات مكملة لبنية الصناعات الصهيونية. وقد يكون هذا المناخ هو الذي مهد لفلسطينيين للاستثمار في الكيان.
[22] انظر ، اقتصاد المناطق المحتلة التخلف يعمق الألحاق، عادل سمارة، منشورات صلاح الدين القدس 1975.
[23] Adel Samara, the Political Economy of the West Bank: From Peripherilization to Development, Khamsin Publications. London 1988
[24] ـنظر عادل سمارة Industrialization in the West Bank a Marxist Socio/Economic Analysis, Almashriq/AlApAmil for Culturlal and Development Studiesm Jerusalem 1990. تجدر الإشارة إلى أن الفئة التي قامت بهذا الدور هي الفئة الكمبرادورية الثالثة اي التي خلقها الاحتلال، أما الأولى فكانت في فترة الحكم الأردني، والثالثة هي التي أفرتها سلطة الحكم الذاتي.
[25] لقد كتبت عن هذا الأمر عام 1981 في مجلة العهد التي اغلقها الاحتلال لاحقاً.
[26] بدا الاحتلال بتأسيس مشارع التعاقد من الباطن منذ عام 1968، بهدف ربط الاقتصاد المحلي باقتصاده (أنظر عادل سمارة، اقتصاد المناطق المحتلة:التخلف يعمق الإلحاق، منشورات صلاح الدين، القدس 1975 ص ص 30،31، 109، 110، ، 144) ولعل هذا ما اسس لاحقاً للاستثمار المحلي في الكيان نفسه. التعاقد من الباطن ماذا كتبت
[27] أنظر بهذا الصدد عادل سمارة إستلاب التموُّل واغتراب أدبيات التنمية، مجلة كنعان العدد 149 ربيع 2012
[28] من اللافت أن اقتصاديي منظمة التحرير وحتى اقتصاديي السلطة لم يدركوا أن المركز لن يقيم تايوان بعد تايوان الأولى في المنطقة اي الكيان الصهيوني! هذا علاوة على ان تايوان ليست النموذج المطلوب اساساً
[29] في أطروحة ماجستير قدمها عيسى سميرات (غير منشورة) في جامعة القدس كشف بأن 16,000 فلسطيني استثمروا عام 2010 ما قيمته 5.5 مليار دولار في الكيان والمستوطنات. والسؤال هو: هل كل هذه الموال فلسطينية أم اساساً نفطية؟