عرب – تَبَعِيّة لأمريكا: اتفقت الولايات المتحدة وقطر، في كانون الثاني/يناير 2019، خلال أعمال الجولة الثانية من “مؤتمر الحوار الاستراتيجي” بين الحكومَتَيْن، أن تتكفّل مشْيَخَة “قَطَر” بتوسيع قاعدة “العديد”، أكبر قاعدة أمريكية، خارج الولايات المتحدة، والتي تحتضن حاليا نحو 11 ألف عسكري أمريكي، وقيادة الجيش الأمريكي “سنتكوم”، وهي قادرة على استقبال مائة طائرة حربية، وتجدر الإشارة إن حاكم قَطَر هو الذي تَقَدَّمَ بهذه “المبادرة”، وبعد نحو ستة أشهر، زار تميم بن حَمَد، حاكم قَطَر، الولايات المتحدة، واعرَبَ الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، خلال مأدبة عشاء أقامها أقام وزير المالية الأمريكي، على شرف أمير قطر، مساء الاثنين 08 تموز/يوليو 2019، عن شكره لأمير قطر، الذي تَكفَّل بالإنفاق على توسيع قاعدة “العديد” الجوية العسكرية الأمريكية، لكي تستضيف مزيدا من العتاد والعسكريين الأمريكيين، وخاطبَهُ قائلاً: “أنت حليف عظيم، وساعدْتَنَا بمنشأة عسكرية رائعة (قاعدة العديد) ومطار عسكري لم ير الناس مثيلا له منذ وقت طويل، بإنفاق ثمانية مليارات دولارا، كُلّها من أموالكُم، وليست من أموالنا”…
تعتبر “العِدِيد” أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في ما تُسميه “الشرق الأوسط”، وتحتل القواعد الأمريكية نصف مساحة قطر، وتمثل “العديد” مركزا أساسيا لانطلاق عمليات العدوان التي يُنَفِّذُها جيش الجو الأمريكي في المنطقة، وتسعى الأُسْرة المالكة لقَطَر إلى ضمان “العلاقات الوثيقة” مع الولايات المتحدة، من خلال “استضافة” القواعد الضّخمة، مثل “السِّيليّة” والعِدِيد”، وإلى تعزيزها (عبر مزيد من توزيع مال عائدات الغاز) في ظل الأزمة الخليجية وخلافاتها مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر…
وقّع حاكم قَطَر خلال زيارته عددًا من الاتفاقات، أبرزها في مجال الدفاع والطيران، مما جعل الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” يُصَرّحُ “إن قطر صديق حميم للولايات المتحدة، وتستضيف أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في العالم…”، وأصدر البيت الأبيض، في ختام الزيارة، بيانًا عَدّدَ الإتفاقيات التي وقّعها “تميم بن حمد”، وأهمها شراء خمْس طائرات شحن من طراز “بوينغ 777″، واتفاقية مع شركة النفط الأمريكية “شيفرون فيليبس” للكيميائيات، لتطوير مجمع عالمي للبتروكيميائيات في قطر، وشراء قطر منظومة دفاع جوي، واتفاقيات تجارية أخرى مع شركات “جنرال إلكتريك”، وغيرها…
تَتّصِفُ علاقات معظم الأنظمة العربية بالتّبَعِية الإقتصادية والسياسية للإمبريالية، وعلى رأسها الإمبريالية الأمريكية، وتأتي السعودية (أكبر اقتصاد عربي، من حيث الناتج المحلي الإجمالي)، في صدارة ترتيب العُملاء العَرب، وأظهرت بيانات اقتصادية أمريكية أن السعودية تُشكّل أكبر سوق عربية للصادرات الأمريكية، سنة 2018، وبلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدَيْن 37 مليار دولار (لا تتضمن تجارة السلاح)، تليها الإمارات، بنحو 24 مليار دولار (منها 19 مليار دولارا من الصادرات الأمريكية، لا تتضمن الأسلحة)، ثم قَطَر بنحو ستة مليارات دولارا، منها 4,4 مليار دولار صادرات الولايات المتحدة إلى قطر (سنة 2018)، وأشارت البيانات إن التبادل التجاري بين الولايات المتحدة ومصر بلغ 7,6 مليارات دولار، و 4,5 مليارات دولارا، مع المغرب، ويميل الميزان التجاري لصالح الولايات المتحدة، باستثناء السعودية (دون احتساب قيمة مبيعات السلاح الأمريكي)… عن موقع “آي تي سي تْريْد” – وكالة “بلومبرغ” 10/07/2019
مصر، نموذج الحكومة “المُطيعة” لصندوق النقد الدّولي1: دَعَتِ المديرةُ التنفيذيةُ لصندوقِ النقد الدولي الحكومةَ المصريّةَ، في خطاب لها، في شرم الشيخ سنة 2015، إلى الاقتراض من الصندوق، و”إنهاء الفساد، وتطبيق نموذج النموّ القائم على تحقيق المساواة، وخلق الوظائف…”، ويتناقض هذا الخطاب المُنافق مع شروط القرض (12 مليار دولارا، سنة 2016، على أقساط، مُدّتُها ثلاث سنوات)، ويتناقض مع تدخّلات الصندوق في خطط وبرامج الحكومة المصرية (وحكومة أي دولة تقترض من الصندوق)، وتتناقض شروط الصندوق و “توصياته” (وهي أَوامر) مع ما تدّعيه رئيسته، التي غيّرتْ شكلَ خطابِ الصندوقِ، وأصبح صندوق النقد الدّولي يُنْتِجُ خِطابَيْن، أحَدُهُما مُوجّه للجمهور، من قبيل “إن الأثرياء يستفيدون من الدّعم، ولذلك وجب توجيه الدّعم لمُسْتحقِّيه”، وخطاب آخر موجّه للحكومات، من نوع: “وجب خفض الإنفاق الحكومي، وخفض عدد الوظائف وإلغاء الدّعم، وخفض عجز الميزانية، وخَفْض قيمة العُملة المحلِّية…”، وَسَبَقَ أن امتنع صندوق النقد الدّولي عن تسليم قسط من القرض لحكومات تونس ومصر، أو غيرها، لأن الحكومة (التي لا رأي لها خارج رأي الصندوق) أَجَّلت تطبيق بعض الشّروط، بسبب الغضب الشّعْبِي، فالصّندوق يشترط جَدْوَلاً زمَنِيًّا دقيقًا لتطبيق شُرُوطِهِ…
أدّى “تحرير” أو “تعويم” الجنيه إلى انخفاض قيمته بنحو النّصْف، فارتفعت جميع الأسعار، وخصوصًا أسعار السلع المُسْتَوْرَدَة (بالعملات الأجنبية)، ومنها القمح والحبوب، والتحق خمسة ملايين مواطن بصفوف الفُقراء، بحسب تقديرات الخُبراء المصريين، أما الحكومة المصرية فلا تنشر بيانات الدخل والإنفاق، مما يُعسِّرُ مهمة الباحثين لمتابعة البيانات المتعلقة بالفقر، ولم يخلق الإقتصاد المصري وظائف، بل جمدت الحكومة التوظيف في القطاع العام، وارتفع حجم الإقتصاد الموازي، حيث يعمل المواطنون كالعبيد، وأصبح يُمثل حوالي 50% من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ولم يستفد الشباب من “النّمو” المُفْتَرض، الذي وَعَدَ به صندوق النقد الدّولي، وبلغت نسبة بطالة الشباب (15- 29 سنة ) نحو 23%، وفق البيانات الرسمية…
يدّعِي خطاب صندوق النقد الدّولي، الموجّه للعموم: “إن خفض الإنفاق الحكومي، يؤدّي إلى انخفاض الدَّيْن العام”، ولكن وبعد سنتَيْن من التقشف، ارتفعت قيمة الدّيْن العام المصري (الداخلي والخارجي) إلى أكثر من 5,5 تريليونات جنيه، أو ما يعادل 102% من الناتج المحلي الإجمالي (كانون الأول/ديسمبر 2018)، وباعت الحكومةُ ممتلكات الدّولة (أي ممتلكات الشعب)، في شكل طرح أُذُون وسندات خزانة، خلال أقل من أربع سنوات، أربعة أضعاف ما باعته الحكومات الأولى التي تلتْ إبْعاد حسني مبارك (2011 – 2012)، وكثفت الحكومة من الإقتراض قَصِير الأجل (18 شهرا في المتوسط)، ورغم شح احتياطي الدولارات، زادت الحكومة من اعتمادها على القُرُوض الخارجية المُقَوَّمَة بالدّولار…
اعتمدت الحكومة التّضْلِيل بشأن نسبة النّمو، فهي متأتية من استثمارات الشركات الأجنبية في استغلال النفط والغاز، ويسمح قانون البلاد (وشُرُوط الدائنين، وعلى رأسهم، صندوق النقد الدّولي) لهذه الشركات الأجنبية بتحويل أرباحها خارج البلاد، مما زاد من نزيف الإحتياطي من الدولارات، وتحويل الأرباح إلى خارج البلاد، في النصف الأول من السنة المالية 2018/2019، وفق بيانات المصرف المركزي المصري…
أدّت وَصْفَةُ صندوق النقد الدّولي، خلال العقد الأخير من القرن العشرين، إلى إفلاس عدة دول مثل روسيا ودول جنوب آسيا، ودول شرق أوروبا، ودول أميركا الجنوبية، وأهمها الأرجنتين، ثاني أكبر اقتصاد أمريكا الجنوبية (بعد البرازيل)، وأدّت إلى زيادة نسبة البطالة، وإلى تفاقم الفقر، وإلى تعميق الفَجْوَة الطّبَقِية، أي إن ارتفاع ثروات الأثرياء والمصارف، يُقابله فقر وبطالة في الأوساط الشعبية، وتوسع الفارق، بفضل تطبيق وَصَفات صندوق النقد الدّولي…
أقرّت الحكومة موجة جديدة من الغلاء والتضخم، مقابل الحصول على القسط الخامس بقيمة مليارَيْ دولار، من القرض الذي وافقَ عليه صندوق النقد الدولي، بقيمة 12 مليار دولار، سنة 2016، على ثلاث سنوات، وبلغ ارتفاع الأسعار، في الخامس من تموز/يوليو 2019، نسبة تصل إلى 50%، وخاصة في وسائل النقل، بعد زيادة سعر الوَقُود، بفعل خفض الدعم، قبل إلغائه نهائيًّا، وأعلنت الحكومة عدم زيادة أسعار الخبز (مؤقتا)، لكن ارتفعت أسعار معظم السلع الغذائية، ومعظم أسعار السلع الإستهلاكية، والخدمات، للمرة الخامسة منذ 2014 (منذ بداية رئاسة الجنرال عبد الفتاح السيسي)، وروّجت الحكومة، في التلفزيون، أخبارًا زائفة، وادعت إن هذه الزيادة في أسعار المواد النّفطيّة، ستكون الأخيرة لكن الإتفاق مع صندوق النّقد الدّولي، يقتضي تطبيق “آلية التسعير التلقائي للنفط ومشتقاته”، وهي إجراء “ربط سعر البيع المحلي بمتوسط السعر العالمي، وسعر الصرف والتكاليف الأخرى”، بحسب ما ورد في جميع الإتفاقيات التي يفرضها صندوق النقد الدولي على البلدان المُقْتَرِضَة، ويُتوقع أن يؤدّي هذا الإجراء (في مصر) إلى زيادة أسعار المحروقات بنسبة 40% على مدار العام، عبر زيادة 10% كل ربع سنة، في حال استقرار سعر الجنيْه وعدم انخفاضه مجدّدًا…
تهدف سياسة صندوق النقد الدولي، والحكومات، إلى حرمان الفقراء من دعم السلع الأساسية، رغم ارتفاع نِسَبِ الفقر والبطالة، وتحميلهم عبء أسعار الكهرباء والعلاج والنقل والخدمات (الرديئة)، مع زيادة الضرائب على الرواتب والضرائب غير المباشرة على الخدمات والسلع الإستهلاكية، وخفضها على أرباح الشركات وعلى عوائد الأثرياء، لجمع مبالغ تُسَدّدُ بها الحكومة عجز الميزانية الذي يتعمق مع زيادة حجم القُرُوض، لأن الحكومة تُخَصِّصُ نحو ثُلُثِ موازنة العام المالي (2019 – 2020) لسداد خِدْمَة الدَّيْن… عن وكالة أ.ش.أ + رويترز + موقع “بي بي سي” 08/07/2019 (بتصرف)
مصر2: ارتفعت أسعار الكهرباء، مرة أخرى، بداية من أول تموز/يوليو، ما يمثل عبئا على الأُسر، وبلغ متوسط الزيادات 15%، لكنها اقتربت من 40% على الشريحة الاستهلاكية ما بين صفر إلى 200 كيلو وات، وهي الأكثر استخداما بين الأسر المصرية، وتأتي هذه الزيادات ضمن “خطة الإصلاح الاقتصادي” التي اشترطها صندوق النقد الدولي، سنة 2016، مقابل قرض بقيمة 12 مليار دولارا، وتتضمن خفض الدعم على أسعار الوقود والطاقة، وصولا إلى “تحريرها” تماما، أي إلغاء الدّعم، خلال سنتَيْن، وأدّى ارتفاع أسعار الكهرباء خمس مرات (منذ سنة 2014) إلى خفض الإستهلاك بنسبة 42%، حيث اضطر الفُقراء للتقشف في الضروريات، كما ارتفعت أسعار الوقود، يوم الخامس من تموز 2019، بنسب تتراوح بين 16% و30%، وكانت آخر زيادة في أسعار الوقود قبل نحو عام، بنسب متفاوتة، وتجاوزت 50% في بنزين 80 أوكتين، وكذلك السولار (الديزل)، وهما الأكثر استخداما في مصر، وترتفع أسعار الكثير من السلع الغذائية، ووسائل النقل والمواصلات، إثر كل زيادة في أسعار الوقود، كما تضمن قرار الزيادة الأخير، أكبر زيادة في سعر اسطوانات غاز الطهي، إذ زاد سعر الاسطوانة للاستهلاك المنزلي وكذلك اسطوانة الإستهلاك التجاري، بنسبة 30%، وتزامنت هذه الزيادات مع استلام حكومة مصر القسط الأخير من قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 12 مليار دولار، وأدى تطبيق بنود الاتفاق مع صندوق النقد، إلى إلحاق الضرر بقطاعات عريضة من الشعب المصري، وشملت شروط الصندوق تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وخفض قيمة العملة، ورفع الدعم الحكومي للطاقة، وتعتزم الحكومة تطبيق آلية التسعير التلقائي للمنتجات النفطية بهدف ربطها بالأسعار العالمية بداية من الربع الأخير من العام المالي ( من 1 تموز/يوليو 2019 إلى 30 حزيران/يونيو 2020)…
أدّى ارتفاع سعر الوقود إلى زيادة في التسعيرة الرسمية للمواصلات بنسبة 15% وهي زيادة لا يُطَبِّقُها أصحاب سيارات الأجرة، إذ تراوحت الزيادة في أسعار الوقود بين 16% و30%…
تزامن توقيت موجة ارتفاع الأسعار (بداية من يوم الجمعة 05/07/2019) مع ذكرى مظاهرات 30 حزيران/يونيو 2013 ضد السياسة الإقتصادية لحكومة الإخوان المسلمين، وتزامن مع استضافة مصر فعاليات الأدوار النهائية لبطولة بلدان افريقيا لكرة القدم، ورَكّز الإعلام المصري على كرة القدم، لعل مفعول “أَفْيُون” كرة القدم يُنْسِي هذا الشعب المقهور، بعض معاناته اليومية، ولو مُؤقّتًا، وعوّل النظام المصري على نتائج إيجابية مُحتمَلة في كرة القدم، لتحويل الأنظار نحو عن الأسعار المرتفعة للوقود والنقل والغذاء، لكن جَرت رياحُ النّتائج الرياضية بما لا تَشْتَهِي سُفُنُ النِّظام (على رأي “أبو الطّيب المتنبّي”)، إذ انهزم الفريق الرياضي المصري مُبَكِّرًا (الدّور السادس عشر)، رغم ارتفاع راتب المدير الفنّي إلى أكثر من 125 ألف دولارا شهريا، أو ما يُعادل الراتب السنوي لأكثر من 1700 موظف حكومي، في حين رَوّجت الحكومة والإعلام وهْمَ بلوغ الدّور النّهائي، وربما الفوز بالبطولة، ولكن هذه الهزيمة المُبَكِّرَة أثارت غضبًا جماهريًّا، وأعادت المُخَدَّرِين بأفيون كرة القدم إلى واقع الأسعار المرتفعة والرواتب الضعيفة، والبطالة والفَقْر، وغير ذلك من المشاكل اليومية، الحقيقية، ولذلك تَجَنّدَت الحكومة وإعلامها، لامتصاص الغضب، مثلما فعلت سنة 2018، إثر الخروج المُبَكّر والمُهين (بدون نقاط) من بطولة العالم لكرة القدم، وضغط الجنرال عبد الفتاح السِّيسِي وَوُزَراؤُهُ على طاقم اتحاد الكرة لكي يستقيل (وهو أمر مخالف لقوانين الإتحاد الدولي لكرة القدم)، بذريعة الفساد، وبذلك يكون دَور الإعلام المأجُور مُكَمِّلاً لدور أجهزة الدّولة الأخرى، كالمخابرات العامة والقضاء، للتحقيق مع طاقم اتحاد الكرة، بتهمة الفساد، أما اللاعبون فلا أحد (من أجهزة النظام) يتّهِمُهُم بالفساد ولا بالتّقاعس، رغم الرواتب الخيالية، بل إن “محمد صلاح” (أغلى لاعب في إفريقيا) يتجاوز دوره كلاعب، ويتخذ القرارات لإبقاء زميله (عُمر ورْدَة) المتهم بالتّحرّش ضمن الفريق، رغم قرار الطاقم الفني استبعادَهُ، ويدْعَمُ الإعلام ووزارة الرياضة (أي الحكومة) مثل هذه التصرفات، مما جعل التّسيّب وعدم الإنضباط يَسُودُ المجموعة…
تفرض الدّولة التّقشّف على الشعب، عبر خفض الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم وعلى دعم المواد الأساسية (الوقود والغذاء والدواء…)، ولكنها تُنفق ملايين الجُنَيْهات على تنظيم بطولة إفريقيا، وعلى الطاقم الفَنِّي والمُدرّب الأجنبي (بالعملة الأجنبية، الشحيحة) وعلى اللاعبين المُدَلَّلِين، وبعد خروج الفريق المصري، ونظَرًا لارتفاع ثمن التذاكر، وشُوفِينِيّة جمهور كرة القدم، بقيت الملاعب فارغة، ووَزّع اتحاد الكرة أعدادًا كبيرة من التذاكر (حوالي نصف سعة الملعب) على الشركات والجهات الراعية… عن رويترز + أ.ف.ب + موقع “المصريون” من 06 إلى 10/07/2019
سوريا، حصار اقتصادي أمريكي: أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” احتمال سحب بعض القوات الأمريكية من سوريا (لَمْ تُعْلِن أمريكا سابقًا عن دُخولها غير الشرعي للأراضي السورية)، ولكن الوقائع تُشير إلى تعزيز الوجود العسكري الأمريكي، في الشمال الشرقي لسوريا، وفي العراق، عبر بناء قاعِدَتَيْن عسكريّتَيْن جديدَتَيْن، في العراق، على جانبيْ الطريق الدولية نحو سوريا والأردن، بالإضافة إلى سيطرة الولايات المتحدة مباشرة، أو عبر حلفائها والمليشيات التي تدعمها، على المنافذ الحدودية لسوريا، مع الأردن والعراق، وكذلك في شمال شرق سوريا (شرق الفرات)، وهي منطقة غنية بالنفط والغاز، ومنطقة زراعية، تغطي احتياجات البلاد من القمح…
من جهة أخرى، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها حصارًا بحريّا على سوريا، وفرضت “عُقوبات” على الدول والشركات التي تُزود سوريا بالنفط، وساهمت حكومة مصر في هذا الحصار بشكل فعّال (كما حاصرت مصر قطاع غزة أيضًا) حيث تمنع شحنات النفط من الوصول إلى سوريا، عبر قناة السويس، وعمدت حكومة بريطانيا (التي تحتل “جبل طارق”) إلى حجز سفينة إيرانية محمّلة بالنفط، كانت تعبر مضيق “جبل طارق”، بذريعة إنها متجهة إلى سوريا…
مَنَعت أمريكا الدول المجاورة من التّعامل الإقتصادي والتجاري مع سوريا، فتضرر التّجار والمزارعون والشركات المحلية في العراق والأردن ولبنان، من حصار سوريا، وبعد إعلان حكومة الأردن الإستعداد لإعادة حركة التجارة بين البلَدَيْن، عبر معبر “نصيب”، تراجعت (بِأَمْرٍ أمريكي)، ووزعت الحكومة قائمات المواد والسلع التي يُمْنَعُ تصديرها (إلى) واستيرادها من سوريا، ومن بينها مائتَيْ منتج زراعي، ونحو ألفي سلعة، تتضمن المواد الأولية ومواد البناء بشكل خاص، لعرقلة عملية إعادة الإعمار…
بلغ عدد الشاحنات المحمّلة بالبضائع، من سوريا إلى الأردن ومصر ودويلات الخليج، قبل العدوان، نحو 800 شاحنة، يوميّا، وتصل 150 شاحنة من لبنان و200 شاحنة تركية، يوميا، إلى معبر نصيب، وبعد افتتاح المعبر دخلت عبره أكثر من 1500 سيارة أردنية خاصة، خلال الأيام العشرة الأولى، وتعود إلى الأردن محملة بنحو خمسين كيلوغرام من السلع، في المتوسّط، قبل أن تضغط الولايات المتحدة، ليبْقى المَعْبَرُ شبه خالي، ولا يعبر معبر “نصيب” سوى 47 شاحنة يوميا، أو نحو 8500 شاحنة، خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2019، ثم انخفض العدد إلى نحو عشرين شاحنة يوميًّا، بحسب بيانات رسمية أردنية، نتيجة القيود الأمريكية التي تُطبّقها الحكومة الأردنية “بأمانة”، وتضررت معظم اقتصادات المنطقة (لبنان ومصر والأردن والعراق والخليج وتركيا…) من قرار اتخذته الولايات المتحدة، ويَسْهر المُلْحَقُون التِّجارِيّون الأمريكيّون على تطبيقه، ولا تُفكّر الحكومات التّابِعة في معارضَتَهِ، بينما كانت الحكومة الأمريكية تُشجّع على التجارة عبر معبر “نصيب”، عندما كانت تُسيْطر عليه المجموعات الإرهابية، المدعومة أمريكيًّا، ووَرَدَ في تصريح لمسؤولة في “حزب الشعب الديمقراطي الأردني” (حشد) إن الإدارة الأمريكية أَصْدَرتْ تهديدات واضحة ضد كل من يتعامل تجارياً مع سوريا، ومن يُصدّر نحوها مصادر الطاقة، كالكهرباء والنّفط، مما يُشكّل “تدخلا أميركيا مُعْلَنًا في السياسات الداخلية الأردنية، وانتهاكاً لحق أي دولة في صياغة علاقاتها وسياساتها، وتدميرًا لمُقومات السيادة الوطنية”…
أما على الحدود العراقية السورية، فتتهيّأُ الولايات المتحدة إلى عرقلة افتتاح معبر “بوكمال” (من الجهة السورية) – “القائم” (من الجهة العراقية)، عبر إخضاع المعبر لمراقبة جوية أميركية مشددة، انطلاقا من القواعد العسكرية القريبة، التي أنشأها الجيش الأمريكي مُؤَخّرًا في أراضي العراق، فيما يُسيْطر الجيش الأمريكي على معبر “التنف” (في سوريا)، عبر القاعدة العسكرية التي تنطلق منها معظم الهجمات الإرهابية في المنطقة، برعاية عسكرية أمريكية، وفي لبنان، يشتكي رئيس “نقابة مصدّري ومستوردي الفاكهة والخضار” من عرقلة حركة التجارة البرية بين لبنان ودول الجوار (وخاصة من قِبَل الجمارك الأردنية)، وبقاء الشاحنات المُحملة بالسلع الغذائية اللبنانية خمسة أو ستة أيام، على الحدود السورية الأردنية (من جهة الأردن)، قبل عبورها إلى العراق وإلى الخليج، فتتضرّر البضائع وتتلف قبل وُصُولها، بسبب الحرارة المرتفعة، وبسبب القرار الأمريكي بفرض الحصار على سوريا… عن “اتحاد شركات الشحن الدولي للبضائع” + “المرصد العمالي للدراسات والأبحاث” + الأخبار13/07/2019
السعودية: أعلنت مجموعة المُقاومة اليمينية “أنصار الله” (الحوثيون)، يوم السبت 14/09/2019، تنفيذ عملية، بواسطة طائرات آلية مُسَيَّرَة (درونز) استهدفت مُنْشَأَتيْن لشركة النفط السعودية “أرامكو”، إحداهما أكبر معمل لتكرير النفط في العالم، وتزيد الطاقة التكريرية للمصفاة عن سبعة ملايين برميل من النفط الخام يوميا، وتقع المُنْشَأَتَان في “بقيق” و”هجرة خريص”، داخل الأراضي السعودية، جنوب مدينة “الدّمام”، في المنطقة الشرقية، مما أدّى إلى حرائق ضخمة، وسُحُب كثيفة من الدّخان، ردًّا على العدوان السعودي على الشعب اليَمَنِي، وأكّدت وزارة الداخلية السعودية الخَبَر، عبر “وكالة الأنباء السعودية” (واس)، وأعلنت السيطرة على الحَرِيقَيْن، بعد بضعة ساعات، ونقلت وكالة “رويترز” عن ثلاثة مصادر سعودية، خبر تَوَقُّف نصف الإنتاج النفطي السعودي تقريبًا، أو ما يعادل خمسة ملايين برميل، من إجمالي عشرة ملايين برميل يوميا، وتعطيل صادرات النفط السعودي… عن رويترز + واس14/09/2019
السعودية وموقعها في سوق الطاقة: دشّنت الولايات المتحدة، منذ عدة سنوات (حوالي العقد)، مرحلة جديدة في سياساتها الخارجية، تمثّل أحَدُ بُنودها في انخفاض أهمية ما تسميه “الشرق الأوسط” في سُلّم أولوياتها، مع تراجع أهمية نفط الخليج، وارتفاع الإنتاج الأمريكي، ومع توجه الولايات المتحدة، خلال فترة رئاسة “باراك أوباما” نحو الشرق ومحاصرة الصين في آسيا وروسيا في أوروبا والمنطقة الواقعة بين قارّتَيْ آسيا وأوروبا (أو “أوراسيا”)، ونكتفي في هذه الفقرة بالحديث عن النفط، وقبل قَصف مواقع النفط السعودية (14/09/2019)، أعلنت وكالة الطاقة الدولية، يوم الخميس 12/09/2019، إن السعودية تُعَدُّ أكبر منتج للخام في منظمة “أوبك”، بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 9,8 ملايين برميل، وأكبر مُصدر بمتوسط 7 ملايين برميل يوميا، لكن الولايات المتحدة الأميركية (وهي من غير الأعضاء في أوبك، بل ضد وُجُودِها من الأساس) تفوقت على السعودية وتقدمت عليها في الإنتاج، لفترة وجيزة، خلال شهر حزيران/يونيو 2019، وأصبحت أكبر مُصَدّر للنفط في العالم، وبعد أسابيع، أعلن نائب وزير الطاقة الأميركي، إن الولايات المتحدة تستهدف تحقيق الهيمنة على قطاع الطاقة، دون الإهتمام بسعر البرميل، وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إن إنتاج أمريكا من النفط يبلغ في المتوسط، أكثر من 13 مليون برميل يوميا سنة 2019، ونستهدف بلوغ 13,5 مليون برميل يوميا سنة 2020، وتوقّعت وكالة الطاقة الدولية (11/09/2019) نمو الطلب على النفط بواقع 1,1 مليون برميل يوميا سنة 2019، وبنحو 1,3 مليون برميل يوميا سنة 2020، لكن ضعف نمو الإقتصاد العالمي أدّى إلى ضُعف الطلب على النفط، رغم انخفاض أسعاره بنسبة 20% (على أساس سنوي) خلال النصف الثاني من سنة 2019، وأشارت الوكالة في تقريرها الشهري إلى ارتفاع إنتاج النفط من خارج مجموعة البلدان المُصدّرة للنفط (أوبك)، منذ انتهاء العمل باتفاق خفض إنتاج النفط بمقدار 1,2 مليون برميل يوميا، بين مجموعة أوبك وبلدان أخرى، بقيادة روسيا، منذ مطلع 2019 وحتى نهاية آذار/ مارس 2020، وتُشير بيانات الحكومة، إن السعودية تضخ نحو عشرة ملايين برميل يوميّا، في المتوسّط، أو ما يُعادل حوالي 10% من الطلب العالمي، منها 7 ملايين برميل يوميًا للتصدير…
يتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير نشرَهُ يوم التاسع من شهر أيلول/سبتمبر 2019 (أي قبل أيام من قصف المقاومة اليمينية لمواقع النفط السعودية) أن يرتفع عجز الموازنة السعودية من 5,9 سنة 2018 إلى 6,5%، وأن تتراجع نسبة النمو من 2,4% سنة 2018 إلى 1,9%، بنهاية سنة 2019، وكانت ميزانية السعودية قد تَضَرّرت جراء انهيار أسعار النفط، منذ منتصف شهر حزيران/يونيو 2019، وتوقعت الحكومة السعودية عجزا بنحو 34 مليار دولار في موازنة 2019، لكن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يرتفع العجز، بسبب زيادة الإنفاق عن السقف المدرج في الموازنة بما يفوق الزيادة في الإيرادات غير النفطية، وبسبب مواصلة الإنفاق الإجتماعي، لتخفيف حدة غضب بعض الفئات، ومن بينهم العاطلين عن العمل، الذين بلغت نسبهم 12,5% من قُوة العمل، بنهاية الربع الأول من سنة 2019…
بعد قصف المقاومة اليَمَنِيّة لمواقع النفط في عمق السعودية، ارتفعت أسعار النفط بنسبة فاقت 10% يوم الإثنين 16/09/2019، بعد أن ارتفعت يوم السبت، لتصل نسبة الإرتفاع الإجمالية إلى أكثر من 20% خلال 72 ساعة، بسبب خفض الإنتاج السعودي إلى النّصف، كما تأثرت الأسهم الأوروبية، وانخفضت بنحو 5%، وانخفضت أسهم قطاع الطيران، بأكثر من 4%، متأثرة بخفض إمدادات النفط العالمية، وتراجع إقبال المستثمرين على المخاطرة، وبالبيانات الضعيفة لاقتصاد الصين، وكانت الحكومة السعودية قد لجأت إلى المخزون الإستراتيجي لشركة “أرامكو”، لتلبية طلب الزبائن، ورغم الإعلان السعودي الأوّلي أن إصلاح ما تضرّر جراء استهداف المنشأتين النفطيّتين سيستغرق “أيّامًا”، أوردت وكالة “رويترز”، يوم الإثنين 16 أيلول/سبتمبر 2019، نقلاً عمّن وصفتهم بالمُخْتَصِّين، إن عودة شركة “أرامكو” إلى إنتاج النفط بكميات طبيعية ربما تستغرق أشهرا، إذ رغم شحن الحملات للزبائن، ما زال الوضع سيئًا، ويتعين على “أرامكو” خفض الصادرات في وقت لاحق إذا استمر التوقف في الإنتاج لفترة طويلة، فيما كتبت وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس” أن الشركة تمكنت من استعادة ضخ ثُلُث الإنتاج المتعطّل، في حقل “خريص” ومصفاة “بقيق”، حيث تراجع الإنتاج بنحو 50% يوميْ السبت 14 والأحد 15 أيلول 2019، مما أحدث اضطرابًا في الأسواق وزيادة في الأسعار، وزيادة المخاوف من تهديدات أمنية في الخليج، وفي مضيق “هرمز”، بعد التهديدات الأمريكية لإيران… عن رويترز + أ.ف.ب + “إنرجي إنتيلجنس” (نشرة معلومات الطاقة) من 14 إلى 16/09/2019
إفريقيا: قدّر تقرير مجموعة من المنظمات الدّولية (آفاق اقتصاد افريقيا) عدد سكان القارة سنة 2018 بنحو 1,2 مليار نسمة، ويقدر البنك العالمي عدد من يسميهم “الطبقات الوسطى” بنحو 350 مليون نسمة، لكن قيمة الإستثمار الأجنبي المباشر لم تتجاوز 57 مليار دولارًا سنة 2017، ومعظمها في قطاع المعادن والمحروقات، في بلغت تحويلات العمال الإفريقيين في الخارج نحو أُسَرهم في إفريقيا 66 مليار دولارا، خلال نفس السنة، ويُهرب الأثرياء والشركات، نحو خمسين مليار دولارا سنويًّا، من إفريقيا إلى الخارج، وبلغ معدل النمو للقارة 3,4% سنة 2017 و 4,3% سنة 2018، لكن هذا المعدّل (المتوسط) يخفي فوارق كبيرة، بين افريقيا الغربية (0,4% ) ومنطقة وسط إفريقيا (0,8% ) ومنطقة شرق افريقيا ( 5% )، ويؤكد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية إن اقتصاد افريقيا يحمل بذور الهشاشة، ووجب تحقيق معدل نمو سنوي بنسبة 7% خلال فترة عشر سنوات، للقضاء على الفقر والبطالة، وهي فرَضِيّة غير سليمة، لأن القضاء على الفقر والبطالة يتطلب وجود إرادة سياسية وإرساء برامج تطمح لتحقيق العدالة الإجتماعية، عبر زيادة الضرائب على الثروات، وخفضها على الرواتب الدنيا والمتوسّطة، وتحسين ظروف عيش الفقراء وتوفير الوظائف والدّخل اللائق وزيادة الإنفاق الحكومي على التعليم والمسكن والصحة وخدمات الكهرباء والصرف الصحي وغيرها، بنسبة تفوق 10% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة…
قدر المصرف الإفريقي للتنمية عدد فقراء القارة بأكثر من خمسمائة مليون شخص يعيشون على أقل من دولارَيْن في اليوم، ويعيش 60% من “الطبقة الوسطى” في القارة (أو ما يُعادل 200 مليون من إجمالي 350 مليون نسمة) بمبلغ يتراوح بين 2,2 دولارا و أربعة دولارات في اليوم، أي إنهم غير بعيدين عن حافة الفقر…
يُقدّر متوسط دخْل الأسرة في بلد مثل النِّيجر (الغني باليورانيوم) بحوالي ألف دولارا سنويّا، فيما يقدر متوسط دخل الأُسَر في النّرويج بقرابة 68 ألف دولارا، سنة 2018، ويقل متوسط “الأمل في الحياة” لمواطن من النيجر، عند الولادة، بنحو 22 سنة عن المواطن في النرويج، أما الفوارق بين مواطني الدول الإفريقية، فهي كبيرة أيضًا، وعلى سبيل المثال فإن ثُلُثَيْ المواطنات الشابات (بين 15 و 24 سنة) في “تشاد” أُمِّيّات…
تشهد منطقة غرب إفريقيا أعلى معدلات عدم المساواة في القارة، حيث تتمتع مجموعة صغيرة من المواطنين بثروات ونفوذ كبيرَيْن، ويكسب 1% من أغنى سكان غرب إفريقيا أكثر من باقي السكان، في حين تفتقر الغالبية العظمى من السكان إلى الأساسيات، وخاصة “التعليم الجيد والرعاية الصحية والوظائف اللائقة، وفي نيجيريا، أكبر دولة إفريقيا من حيث عدد السكان ومن حيث الناتج الإجمالي المحلي، يعيش 60% من السكان على أقل من 1,25 دولار في اليوم، بينما تبلغ ثروات أغنى خمسة رجال في البلاد 30 مليار دولار، أي أكثر من ميزانية الدولة لسنة 2017…
تُعزز 16 دولة في غرب إفريقيا عدم المساواة، من خلال ضُعف التغطية الصحية، التي لا تتجاوز 38%، مقابل 47,2% في شرق إفريقيا، و حوالي 50,2% في البلدان الواقعة جنوب القارة، وفق تقديرات منطمة الصحة العالمية لسنة 2018، كما تُعمق هذه الدول عدم المساواة، من خلال قِلّة الإستثمار في المرافق والخدمات العمومية، مثل الصحة والتعليم، وعدم التصدي للتهرب الضريبي والفساد، وهما من أهم عوامل زيادة عدم المساواة، فهذه الحكومات تُقدّم منحًا وحوافز وتخفيضات ضريبية (مجانية) للشركات متعددة الجنسية بنحو عشرة مليارات دولارا سنويًّا، أو ما يُعادل تكلفة بناء مائة مستشفى مُجَهّز بالمعدات الحديثة، وتعد نيجيريا في مقدّمة البلدان التي ترتفع فيها مظاهر الفساد وعدم المساواة… عن المصرف الإفريقي للتنمية + برنامج الأمم المتحدة للتنمية + منظمة “أوكسفام” + رويترز + أ.ف.ب 09/07/2019
غانا: اقترضت الحكومة الغانية 200 مليون دولارًا، من الهند، لبناء مقر جديد للبرلمان، لكن العديد من المواطنين أطلقوا حركة احتجاج، لأن البلاد في رأيهم، تواجه مشاكل أكثر إلحاحًا، وأن هذا المشروع غير ذي فائدة، لأن المستشفيات تفتقر إلى التجهيزات والأدوية وإلى الإطار الطبي والصّحّي، وهناك العديد من المدارس المتداعية في جميع أنحاء البلاد، وأعلن المعارضون “لتبذير المال العام” مظاهرة ضد المشروع ليوم 13 تموز/يوليو 2019، ولكن الحكومة التي قَدّرت قُوّة القوى المُعارضة للمشروع، أعلنت، يوم الثامن من تموز/يوليو، التّخلِّي عن تنفيذ مشروع البناية الجديدة للبرلمان التي سوف تستوعب ما يصل إلى 450 نائباً ( بدل 275 نائبًا، سنة 2019)، والتي كان مُقرّرًا أن تَضُمّ كنيسة ومسجدًا، ومطعمًا وومتحفًا…
ينص الدستور الغاني على زيادة في عدد الدوائر الانتخابية وبالتالي في عدد النواب، كل عشر سنوات، للتّكيّف مع التغيرات الديموغرافية، وادّعت الحكومة أن مبنى البرلمان الحالي صغيرٌ جدًا ولا يسمح للبرلمانيين بالعمل في ظروف جيدة، لكن “المجتمع المدني” نشط للغاية في غانا، التي اشتهرت بالإستقرار في ظل نظام برلماني ديمقراطي، وتُصنّف غانا “كنموذج جيد للديمقراطية والحكم الرشيد في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى”، غير إن فضائح الفساد المالي انتشرت، خلال السنوات الفارطة، وتجنّد “المجتمع المَدَني” وحشد الآلاف في تظاهرات، أدّت إلى إسقاط الرئيس السابق “جون ماهاما”، في الإنتخابات، بسبب تورّطه في قضايا الفساد…
اضطرّت الحكومة الحالية إلى إلغاء مشروع مَبْنَى البرلمان الجديد، بعد تصاعد غضب المواطنين، وقبل خمسة أيام من تاريخ المظاهرة، لكن أعلن معارضو المشروع إنهم يتمسّكون بتنظيم المظاهرة، وسوف تتواصل الحملة المُعارضة لهذا التّبْذِير، إلى أن يُصْدِرَ البرلمانُ قرارًا رسميًا بالتخلي نهائيًّا عن المشروع…
يَعيش أكثر من 20% من سُكّان البلاد في فَقْرٍ مُدْقع (ماذا تعني الديمقراطية لهؤلاء؟)، وترتفع النسبة في الأرياف، وتتميز البلاد بعدم المُساواة، وعُمْق الفجوة بين الأثرياء والفُقراء، وبسوء حال البُنية التحتية وتجميد الإنفاق في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات، رغم زيادتها خلال السنوات القليلة الماضية، وتُطبّق الحكومة شروط صندوق النقد الدولي الذي أقرضَها 918 مليون دولارا، مما جعل الفقراء لا يستفيدون من نسبة النمو المُرْتَفِعة، وهو مُؤشّر لعدم المساواة واستئثار أقلية بثمرة النّمو… عن أ.ف.ب + رويترز 09/07/2019
أمريكا الوسطى ومنطقة بحر الكاريبي: في فنزويلا، لم تعد أخبار فنزويلا (المُزوّرة والمُنحازة، وغير الموضوعية) تتصدّر نشرات وسائل الإعلام الأمريكية، وتوابعها، وفشلت جولة أمريكية جديدة من المؤامرات والإنقلابات، وبَلَغَ الأمر بالإدارة الأمريكية حدَّ التلويح ببعض “المكاسب” الوهمية لكوبا (بعد تشديد “العُقُوبات”)، إذا قبلت التّخلِّي عن دعم حكومة “فنزويلا”، وبعد فشل الإنقلاب الذي أشرفت الحكومة الأمريكية على إعداده وتنفيذه، عمَدَت إلى تشديد الحصار الاقتصادي، وقَرْصَنَة شبكات توزيع المياه وإنتاج الكهرباء، ومحاولة اغتيال الرئيس مادورو، الذي انتخبه الشعب الفنزويلي، وأعاد انتخابَهُ، رغم الأزمات التي أرادات من ورائها الإدارة الأمريكية، تأليب الشعب الفنزويلي على الحكومة، ونشرت وسائل الإعلام، في بداية شهر تموز/يوليو 2019، أنباء مُوثَّقَة عن فشل محاولات أمريكية لاغتيال الرئيس “نيكولاس مادورو”، بدعم ومشاركة من حكومات “كولومبيا” و “تشيلي”، وربما “البرازيل”، ورغم التهديد والتّرغيب، رفضت حكومات “المكسيك” و”أوروغواي”، ودول “المجموعة الكاريبية” (كاريكوم)، حضور ممثل عن قائد الإنقلاب الفاشل (خوان غوايدو)، صنيعة أمريكا الشمالية، خلال أعمال “الجمعية العامة لمنظمة الدول الأميركية”، ( في كولومبيا، أواخر حزيران 2019 )، وانسحب وزير خارجية أوروغواي من الاجتماع الختامي للمنظمة، احتجاجًا على محاولات فرض حضور ممثل عن قائد الإنقلاب…
في هندوراس، رفض بعض ضُبّاط الشرطة تنفيذ أوامر إطلاق النار على المواطنين المُتظاهرين، بمناسبة الذكرى العاشرة لانقلاب 2009، وأمر الرئيس “خوان أورلاندو هيرنانديز” (المُتّهم بتزييف نتائج الإنتخابات الأخيرة، سنة 2017) بإنزال الجيش إلى الشارع لقمع المتظاهرين المُطالبين بإسقاط الرئيس الفاسد، والذين ارتفع عددهم، على مَر الأيام، رغم القمع الشديد الذي أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى…
أشرفت الولايات المتحدة، في الثامن والعشرين من حزيران/يونيو 2009، على تنفيذ الضّبّاط اليمينيين في جيش “هندوراس” انقلاباً أطاح آنذاك بالرئيس الشرعي للبلاد “مانويل زلايا” (غير المَحْسُوب على اليسار)، الذي خَطفته المخابرات الأمريكية، وأرسلته مَنْفِيًّا، ليلة الإنقلاب، إلى “كوستاريكا”، على متن طائرة عسكرية، ولم يكن الرئيس “زلايا” مُتّهَمًا بالإشتراكية أو الشيوعية، ولكنه – بناءً على مصلحة بلاده- ابتعد عن توصيات صندوق النقد الدولي، وتقارَبَ مع نظام الحُكْم في “فنزويلا”، خلال فترة رئاسة “هوغو تشافيز”، بدعم من أغلبية شعب “هندوراس”، وانطلقت مظاهرات ضخمة، احتجاجًا على الإنقلاب، واستمرت عدة أسابيع، وسرعان ما غَيَّرَت الحكومة اليمينية، المُنْبَثِقَة عن الإنقلاب، ثم المنبثقة عن الإنتخابات المُزورة (وآخرها جرت سنة 2017، سياسة البلاد نحو وِجْهَةٍ يمينِيّة (ليبرالية)، واتفقت مع صندوق النقد الدّولي على تنفيذ سياسات تقشف صارمة، وخصخصة، أدّت إلى مشاركة عدة فئات من المجتمع في احتجاجات متتالية، جابهتْها السلطة بالقمع واستخدام الرّصاص الحي، والذخيرة الحربية، وخطف المناضلين، واغتيالهم، وارتفعت وتيرة الإحتجاجات، وزادت أعْدادُ المُتظاهرين، إلى مستوى غير مسبوق، عشية الذكرى العاشرة للإنقلاب، وشملت مختلف مناطق البلاد، خصوصًا منذ اتهام الرئيس بعد تجاهل السلطة الإحتجاجات، وقررت التّمادي في خفض الإنفاق الحكومي على قطاعَيْ الصحة والتّعليم، بنسبة 50% مقارنة بفترة حكم “زلايا”، أي قبل الإنقلاب، في بلد يُعْتَبَرُ ثلاثة أرباعه فُقراء، بحسب آخر تصنيف للبنك العالمي، وقام المتظاهرون بمحاولة اقتحام مقر سفارة الولايات المتحدة التي تدعم الرئيس “خوان أورلاندو هيرنانديز”، فتدخّلت قُوات الجيش باستخدام الرصاص الحي، وأحْرق المتظاهرون بوابة السفارة…
تبحث الولايات المتحدة عن بديل للرئيس اليميني (جِدًّا) “خوان أورلاندو هيرنانديز”، بعد توسّع رقعة انتشار الإحتجاجات، وتحاول تمديد عمر النظام الحالي، بوسائل “ليّنَة”، مثلما فعلت في تونس ومصر، خوفًا من أن يُؤَدِّي الوضع الثّوْرِي إلى وُجُود نظام مُعارض لسياسات الولايات المتحدة، التي بدأت تُسرِّبُ وثائق “سِرِّيّة” بشأن تورط الرئيس “هيرنانديز” شخصيا، في أعمال تهريب المخدرات، وهي معلومات معروفة منذ أكثر من ست سنوات، لكن المخابرات الأمريكية أعادتها الآن على السّطح، لكي لا تخسر أمريكا “هندوراس”، التي استخدمتها (منذ 2009) كمختبر للإطاحة بالرؤساء الذين لا يدعمون سياسات الولايات المتحدة، لتتعمّمَ التجربة، بأشكال مختلفة، في البرازيل وفي الأرجنتين وفي باراغواي، وفي فنزويلا، وغيرها من الحكومات التي قد تُواجِهُ النّفُوذ الأمريكي في أمريكا الجنوبية…
للولايات المتحدة تجربة سلبية في “هندوراس”، حيث تمكنت الطبقة العاملة، سنة 1954، من تنفيذ إضرابات ناجحة ضد الشركة الأمريكية للفواكه “يونايتد فروتس”، التي كانت تهيمن على البلاد بالكامل، وتمكّن اليسار، في ذلك الوقت، من إنشاء لِجان مَحَلِّيّة، قاومت نُفُوذ الشركة الأمريكية العملاقة، التي تُشكّل أداة هيمنة للإمبريالية الأمريكية، تُعادل في أهميتها نُفُوذ شركات النفط، ونجحت النقابات وقوى اليسار، خلال عقد الخمسينيات، في تحقيق بعض النّجاحات، وفي تحقيق معظم مطالب العمال المضربين، وفي إطلاق موجة من التغيير في البلاد، التي عادت إليها أمريكا، عبر رؤساء دعمتهم، ومن بينهم الرئيس “خوان أورلاندو هيرنانديز”، الذي يجابه عمليات الكشف عن فضائح العشرية التي حكم خلالها اليمين، حيث تَضاعَفَتْ قيمة الدَّيْن العام، بعد إطلاق سياسات الخصخصة وبيع القطاع العام، التي أَذِن بها صندوق النقد الدّولي، والتي تمثلت في تقليص الإنفاق الإجتماعي، مما وسّع دائرة الفقر المدقع، لمصلحة الأقلية الثرية، بينما وعَدَ هذا الصنف من اليمين (المدعوم أمريكيًّا)، عندما كان في المعارضة، (خلال حكم الرئيس “مانويل زلايا”) بالقضاء على الفقر، مثلما تفعل الآن المعارضة اليمينية في فنزويلا، وكان الرئيس الأميركي السابق، “باراك أوباما”، قد نَفَى علناً أية علاقة للولايات المتحدة بانقلاب سنة 2009، لكن وزيرة خارجيته، “هيلاري كلينتون”، اعترفت لاحقاً في مذكراتها بلإشراف على الإنقلاب، وبدعم الانقلابيين وتوجيههم…
يختلف الوضع الحالي في “هندوراس”، عن وضع عقد الخمسينات من القرن العشرين، فالمعارَضة العُمّالية واليسارية التي تُشارك في حركة الإحتجاجات الشعبية، ليست موحّدة، ولا يتجاوز القاسم المُشترك بينها، شعار الإطاحة بالرئيس “هيرنانديز”، وتختلف في الموقف من طبقة الأثرياء التي تدعمه، وفي البدائل، وتتكون المُعارضة من ثلاث تكتلات، ترتبط كل منها بأحد الرموز السياسية، منها كتلة المؤيّدين ل”سلفادور نصر الله”، مرشّح الرئاسة الذي خسر الإنتخابات بالتزوير سنة 2017، وكتلة تدعم الرئيس السابق “مانويل زلايا”، الذي أزاحته الولايات المتحدة عن السلطة، خلال انقلاب سنة 2009، وتتكون الكتلة الثالثة من مجموعات اليسار الطّلابي والجامعي، التي تتفق على تشخيص العدو الرئيسي (الولايات المتحدة، وممثلها، الرئيس “هيرنانديز”)، لكنها لا تتفق على البديل، ويُشكّل النقابيون من العاملين في قطاعات التعليم والصحة كتلة مهمة، أطْلَقت الإحتجاجات، بعد انخفاض مستوى عيشة أفرادها، وفقدان عدد من منتسبيها وظائفهم، بعد تطبيق برامج الخصخصة، لكنها قد لا تتجاوز المطالب النقابية إلى مطالب سياسية متوسطة وبعيدة المَدَى…
تُشير بعض الدّراسات، لمراكز البحوث الأمريكية (وهي الواجهة “الأكاديمية” للإمبريالية) إلى غياب حركة تضامن في بلدان أمريكا الجنوبية، مع الحركة الإحتجاجية الحالية في “هندوراس”، وتستنتج “إن الولايات المتحدة قادرة على تجاوز هذه المرحلة الصعبة، وقد تضطر إلى التضحية ببعض الفاسدين، ومن بينهم الرئيس هيرنانديز، وقَطْع الطريق على تحول الإحتجاجات إلى حركة مماثلة لحركة سنة 1954″… للتّاَمُّل، واستخلاص العِبَر !!! عن أ.ف.ب + رويترز (بتصرف) 03 و 05/07/2019
الصين: احتلت بريطانيا منطقة “هونغ كونغ” الصينية، من سنة 1841 إلى سنة 1997، وخرجت منها باتفاق مع الصين، التي مكنت هذه الجزيرة من وضع خاص، يمكنها من مواصلها دورها كمركز مالي وسوق هامة للأسهم، ولكن بريطانيا، وبعد أكثر من عقدَيْن من نهاية وضع “هونغ كونغ” كمستعمرة، لا تزال تعتبرها تحت وصايتها، وصعّدت اللهجة وافتعلت خلافًا دبلوماسيا مع الصين، بمناسبة احتجاجات “هونغ كونغ” (حزيران وتموز 2019)، التي تميزت بالعنف، واقتحام مقر البرلمان، وتخريب وحرق محتوياته، فتدخّلت الشرطة وأخرجت المعتصمين بالقوة، ونُذَكِّرُ إن الشرطة في فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة تُغلق محطات قطار الأنفاق، والشوارع المؤدّية إلى مكان الإعتصامات ىوالمظاهرات، وتعمد إلى تَشْوِيه مطالبها في وسائل الإعلام، ولم يبلغ قمع الشرطة الصينية درجة العُنف التي تستخدمها شرطة هذه الدّول “الديمقراطية” جدّا…
حذّرت بريطانيا من “العواقب الوخيمة بشأن معاملة المحتجين في هونغ كونغ”، وفق تصريح ناطق باسم وزارة خارجية بريطانيا، رغم تأكيده “عَدَمَ دَعْمِ عنف المتظاهرين”، وطالب الصين ب”سحب مشروع قانون لتسليم مطلوبين إلى الصين”، وهو المشروع الذي أثار إطلاق شرارة الاحتجاجات، أي إن المحتجين (ومعهم بريطانيا) يعتبرون “هونغ كونغ” دولة مستقلة، ينقُصُها عَلَمٌ ونشيد رسمي ومقعد في الأمم المتحدة، فيما أكدت حكومة بريطانيا “مواصلة الضغط على بكين بشأن هونغ كونغ”، وتقدمت حكومة الصّين باحتجاج رسمي إلى لندن، التي “تحن إلى المجد البائد للاستعمار البريطاني، والتحدّث بفوقية عن شؤون دول أخرى”، وفق الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية…
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالا بعنوان “لماذا لم تعد الصين بحاجة إلى هونغ كونغ”، لباحث اقتصادي، من جامعة “كورنيل” الأمريكية، ومُلخّصُهُ إن هونغ كونغ شكلت (بوضعها الخاص) جسرًا عبرتْهُ الصّين للإنتماء إلى منظمة التجارة العالمية (من سنة 1997 إلى سنة 2001)، وقناة للتجارة، مَكَّنَت البضائع الصينية من العبور إلى العالم، عبر موانئ “هونغ كونغ”، كصادرات من هونغ كونغ، إلى أي بلدٍ في العالم، وتجنّبت بذلك القيود التجارية التي تفرضها الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، على الدول من غير الأعضاء، وفقَدَت “هونغ كونغ” أهميتها، بانتماء الصين إلى منظمة التجارة العالمية سنة 2001، فانخفض حجم صادرات السلع الصينية التي كانت تمر عبر موانئها، من حوالى 50% من تجارة بكين الخارجية، سنة 1997، إلى أقل من 12% سنة 2018، وكان اقتصاد “هونغ كونغ” يُشكل نحو 20% من اقتصاد الصين سنة 1997، وانخفض إلى أقل من 3,5%، وكان دخل الفرد في هونغ كونغ سنة 1997 أعْلَى ب 35 مرة من دخل الفرد في الصين، وأصبح أعلى بخمس مرات، سنة 2018، مع فوارق عديدة تجعل “هونغ كونغ” أقل جاذبية، فالرواتب مرتفعة، لكن الإيجار والأسعار مرتفعة جدًّا، مما يجعل آلاف الصينيين يعملون في هونغ كونغ، ويعودون يوميا إلى “البر الرئيسي”، وانخفض اعتماد الصين على “هونغ كونغ” كواجهة انفتاح على العالم، وارتفع حجم الأسواق الصينية، وأصبحت المصارف الأربعة الكبرى في الصين هي الأكبر في العالم من حيث أصولها، بينما كان حجم الأسواق الصينية، سنة 1997، يُعادل نصف حجم أسواق الأسهم في “هونغ كونغ”، وارتفعت القيمة السوقية لأسواق الأوراق المالية في الصين، لتَبْلُغَ حوالى 8 تريليونات دولار (من بين أكبر أسواق الأوراق المالية في العالم)، وتخطط الصين لتُصبح عُملتُها عملة دولية مهمة، لتُصبحَ “هونغ كونغ” مجرد مركز من بين العديد من المراكز المالية التي يسمح فيها بالتداول بهذه العملة، وعملت الصين، منذ سنوات عديدة، لتحويل مدينة “شنغهاي” إلى مركز مالي عالمي، وبذلك، فقدت “هونغ كونغ” مكانتها، لدى الحكومة المركزية للصين، التي لم تعد بحاجة لها، كما في سنة 1997… عن رويترز + بي بي سي + معهد “بروكنغز“ الأمريكي من 04 إلى 08/07/2019
آسيا – حرب تجارية؟ أصدرت محكمة في كوريا الجنوبية حُكمًا يقضي بإلزام الشركات اليابانية دفع تعويضات لعمال من كوريا، أُجْبِرُوا على العمل القَسْرِي، خلال فترة الحكم الاستعماري الياباني بين سنَتَي 1905 و1945 في كوريا (التي كانت مُوَحَّدَة)، ونشير إن الإحتلال الياباني بدأ فعليًّا سنة 1894، بالإضافة إلى “الغزوات” والإحتلال، في فترات متقطعة، منذ القرن السادس عشر… أثار هذا القرار غضب الحكومة اليابانية التي ردّت الفِعْل، بوضع قُيُودٍ على تجارتها مع كوريا الجنوبية، وتقْيِيد تصدير مُكونات وسلع يابانية، تُعَدُّ حيوية لقطاع التكنولوجيا في كوريا الجنوبية، ووقف تصدير شحنات عاجلة من المواد الكيماوية التي تستخدمها الشركات الكورية الجنوبية في صناعة الشرائح الإلكترونية والهواتف “الذكية”، وأعلنت حكومة اليابان إنه وقع الإتفاق على حل القضايا المتعلقة بالفترة الاستعماريّة، والتي تثير مشاعر قوية وذكريات مُؤلِمَة بين الكورِيِّين، أثناء توقيع معاهدة سنة 1965، وإقامة علاقات دبلوماسية بين كوريا الجنوبية واليابان…
اشتكى وزير خارجية كوريا الجنوبية إلى الحكومة الأمريكية التي تحاول المحافظة على استقرار العلاقات بين “الحليفيْن”، حيث تملك الولايات المتحدة قواعد عسكرية ضخمة في البلَدَيْن (حوالي 75 ألف جندي في البَلَدَيْن سنة 2017)، وعتادًا وأسلحة استراتيجية، وأعرب وزير الخارجية الأميركيّ، “مايك بومبيو”، يوم الخميس 11 تموز/يوليو 2019، عن أمله “بتعاون أفضل بين اليابان وكوريا الجنوبية”، وهما تنتميان إلى منظمة “آسيان”، وَشَدَّدَ في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، على “أهمية التعاون الثلاثي بين أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية”، واستغل وزير الخارجية الأمريكي، هذه الفُرْصَة، إلى “تكثيف المساعي لنزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية”…
صرح وزير خارجية كوريا الجنوبية: “إن القيود التجارية اليابانية تلحق الضّرَرَ بالشركات الكورية الجنوبية، لكنها تضر، أيضًا، بنظام الإمداد العالمي، وهذا من غير المرغوب به في ضوء علاقات الصداقة والتعاون بين كوريا الجنوبية واليابان، والتعاون الثلاثي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان”، وتنتج شركتا “سامسونغ إلكترونيكس” و”أس كاي هاينكس” الكوريتان الجنوبيتان ثلثي الشرائح الإلكترونية في العالم، وتتخوف الأطراف الثلاثة من استغلال شركة “هواوي” الصينية هذا الخلاف، وقَضْمِ حصة من الأسواق العالمية للهواتف المُسمّاة “ذكية”… عن وكالة “يونهاب” (كوريا الجنوبية) + أ.ف.ب 11/07/2019
أمريكا – تُركيا، عسْكَرَة السياسة الخارجية: أقر مجلس النواب قانون الإنفاق العسكري (يوم 12/07/2019) للسنة المالية المُقبلة (2019/2020)، بِرَفْعِهِ إلى 733 مليار دولار، رغم تقليص مخصصات الجيش بنحو 17 مليار دولار، كما أقر مجلس النواب إجراءً يحدّ من صلاحية الرئيس، في شن العدوان على إيران، قبل الموافقة المُسبقة من المجلس، لكن يُمكن للرئيس أن يتذَرّعَ ب”الرّد على هجوم إيراني”، لشن العدوان، ويُحاول النّوّاب، عبر هذا التّصْوِيت، استعادة السلطة التي سُحبت من السلطة التشريعية منذ سنة 2001 في شأن مسائل الحرب والسلام، بذريعة “مُحاربَة الإرهاب”، كما يُحاول النّواب السيطرة على الإنفاق الحربي، لكن، وفي كل الحالات، تُواصل الإمبريالية الأمريكية هيمنتها العسكرية على المشرق العربي، عبر احتلال العراق وأجزاء من سوريا، والدعم السياسي والعسكري المُطْلَق للكيان الصّهيوني، وعبر القواعد العسكرية الأمريكية الضخمة والعديدة في الخليج، وقواعد حلف شمال الأطلسي، وأهمها في تركيا، التي عبّرت عن اختلاف مصالحها القومية، مع الإستراتيجية الأمريكية، في بعض جوانبها، خصوصًا بعد العقود التي وقّعتها تركيا مع روسيا، وبعد اكتشاف كميات هامة من الغاز الطبيعي، شرقي البحر الأبيض المتوسّط، وفي سواحل قبرص (التي تحتل تركيا نصفها الشمالي، منذ 1974)، وقبرص حليف استراتيجي لأميركا التي تملك في شرقي البحر الأبيض المتوسط عشرة سفن حربية و130 طائرة مقاتلة، ولها قوات عسكرية ضخمة ضمن الأسطول السادس، وضمن قيادتها المركزية في قاعدة “البَحْرَيْن”، وتضُمُّ قُبْرص أيضًا قاعدتين بريطانيتين، وأصبحت منذ أكثر من عقد، في تحالف “أمني” مع الكيان الصهيوني، وعزَّزَ اكتشاف الغاز في البحر، بين سواحل فلسطين المحتلة وقبرص، التحالف بينهما، فيما بدأت تركيا تُنقِّبُ عن الغاز في سواحل قُبْرص…
رغم التّوتّر الذي حصل بعد إسقاط القوات التركية طائرة عسكرية روسية في المجال الجوي السّوري، تعززت العلاقات الإقتصادية، وتُغَطِّي روسيا نحو 60% من احتياجات تركيا من الغاز، ويزور تركيا نحو ستة ملايين سائح روسي، سنوياً، وتُشيد روسيا مفاعلاً نووياً في “مرسين” بتركيا، بقيمة تُعادل عشرين مليار دولارا، واتفقت تركيا مع روسيا على توريد منظومة الدفاع “إس 400” الروسية، بعد مماطلة الولايات المتحدة بشأن بيع تركيا (عضو الحلف الأطلسي، منذ بداياته) منظومة صواريخ “باتريوت”، مما سَبّبَ توتُّرًا في العلاقات الأمريكية التّركية (إضافة إلى اختلاف مصالحهما في سوريا) وعقدت حكومتا روسيا وتركيا اتفاق شراكة، لمدّ خط “السيل التركي” للنفط والغاز الطبيعي من تحت البحر الأسود نحو تركيا فأوروبا، لتتخلّص روسيا من ارتباطها بأوكرانيا، التي يعبر الغاز الروسي أراضيها، نحو أوروبا الغربية، وردّت وزارة الحرب الأمريكية، على شراء تركيا منظومة “إس 400” بإعلان تجميد الاتفاقيات المتعلقة بتسليم طائرات “أف 35″، والإشراف على تدريب الجيش التركي على استخدامها، وهي صفقة ضخمة تتضمن شراء جيش تركيا 100 طائرة حربية من طراز “أف 35” بقيمة تسعة مليارات دولار… عن صحيفة “نيويورك تايمز” + وكالة “بلومبرغ” + وكالة “تاس” (روسيا) 12 و 13/07/2019
تقنية، اتصالات – شركة “هواوي“: استهدفت الولايات المتحدة شركة “هواوي” كرمز للتطور التكنولوجي الصيني، لتسلط عليها عقوبات تهدف القضاء عليها أو تأخير تطورها، بذريعة استخدام الحكومة الصينية معدات “هواوي” للتجسس على الدول الأخرى، مما يُشكّل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، ورفضت شركة “هواوي” هذه المزاعم، لكن الإدارة الأمريكية أدرَجَتْها على القائمة السوداء، ومنعت المُصدّرين الأمريكيين من مَدّها بالمكونات، دون ترخيص (حرية الأسواق والتجارة؟)، ورغم العقوبات أعلنت الشركة الصينية إنها باعت مائة مليون جهاز هاتف، خلال خمسة أشهر (حتى نهاية أيار/مايو 2019)، وباعت عشرة ملايين جهاز من هاتف “هواوي بي 30” خلال أقل من ثلاثة أشهر من إطلاقه، وفاز بجائزة أفضل هاتف “ذكي” للعام 2019، من الرابطة الأوروبية لتقييم ومراجعة الأجهزة الإلكترونية، وكان دونالد ترامب قد أعلن، على هامش قمة العشرين، في أوساكا، باليابان، “إن السماح للمعاملات بين الشركات الأمريكية وهواوي لن يمثل مشكلة طوارئ وطنية كبرى”، لكن أحد المستشارين الاقتصاديين الرئيسين للرئيس الأمريكي أعلن بعد ذلك “إن الحظر الأمريكي على استخدام تكنولوجيا شركة هواوي، لم يتغير بشأن الجيل الخامس لشبكات الاتصالات”، لكنه أعلن “السماح ببيع كمية صغيرة من الرقائق الأمريكية إلى شركة هواوي بناء على طلب الجانب الصيني تخفيف الحظر الأمريكي المفروض على الشركة”، ولكن هذا التخفيف لن يؤثر في اعتبارات الأمن القومي الأمريكي…
تُعَدُّ شركة “هواوي” الصينية أحد أهم عمالقة صناعة التكنولوجيا في العالم، وهذا ما يُثِير غضب الرئيس الأمريكي، ممثل رأس المال في بلاده وفي العالم، وتعدُّ “هواوي” أكبر مُزَوِّدٍ لمعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية في العالم، وهي رائدة في تقنيات الجيل الخامس، وتجاوزت شركة آبل، سنة 2018، لتصبح ثاني أكبر بائع هواتف “ذكية” في العالم، وتُشغّل “هواوي” نحو 180 ألف موظف حول العالم، ولكن (ولهذه الأسباب) تأثرت بالعقوبات، بحسب إدارتها (رويترز 12/06/2019)، التي أعلن ناطق باسمها، إن الشركة أجّلت مشروعها لتصبح أكبر مصنّع لأجهزة الهواتف “الذكية” في العالم، لأن “هذه العملية قد تستغرق وقتا أطول”، رغم مبيعات طرازات متطورة من هواتف هواوي “الذكية”، مثل “هواوي بي 30 برو”، وأعلن مؤسّس مجموعة “هواوي”، إن مبيعات المجموعة من الهواتف الذكية في الخارج تراجعت بنسبة 40% نتيجة الحظر…
تتمثل العقبة الرئيسية، لتطور الشركة، بفعل العقوبات، في منع الشركات الأمريكية من ممارسة الأعمال التجارية مع هواوي، وبذلك، سوف تواجه هواتفها “الذكية” صعوبات في تلقي التحديثات المطلوبة من نظام التشغيل “أندرويد” الذي طورته شركة “غوغل”، وكذلك عدم قدرتها على الوصول إلى منتجات وتطبيقات “غوغل” الأخرى، وسيعرقل ذلك تطور قطاع صناعة الهواتف الذكية في هواوي، إلتي تُعتبر من بين أكبر المزودين عالميا لشبكة الجيل الخامس…
تواصل بعض شركات التكنولوجيا الأمريكية بيع مكونات إلى المجموعة الصينية “هواوي”، رغم الحَظْر الذي فَرَضَهُ الرئيس دونالد ترامب، ووجدت هذه الشركات طُرُقًا للإلتفاف على العقوبات، ببيع سلع مصنعة خارج الولايات المتحدة، والتي تعتبر معفية من الحظر ويمكن أن تسمح لهواوي بيع منتجات مثل الهواتف “الذكية” والخوادم، وفق ناطق باسم “جمعية صناعة شبه الموصلات” (الأمريكية)…
أعلن الرئيس الأمريكي، على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين في “أوساكا” باليابان، وبعد نحو ستة أسابيع من إدراج الحكومة الأمريكية شركة “هواوي” على القائمة السوداء: “يمكن للشركات الأمريكية بيع معداتها إلى هواوي، طالما أن المعاملات التجارية لا تتسبب بمشكلات وطنية كبيرة وطارئة”، لكن لا تزال مجموعة “هواوي” تشكل جزءًا من المحادثات التجارية بين واشنطن وبكين، لكن المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض صرّح إن هذا الإعلان “لا يعني عفوًا عن الشركة الصينية، وستبحث وزارة التجارة الأمريكية طريقة “منح بعض التراخيص المؤقتة” للشركات الأميركية لاستئناف عملها مع شركة هواوي، التي تعتمد على المعالجات المستوردة من شركات أمريكية مثل “مايكرون” و”إنتل”، بينما تزودها “غوغل” بنظام التشغيل “أندرويد”، وتعتَبِرُ شركة “مايكرون” الأميركية إن شركة هواوي الصينية واحدة من أكبر زبائنها، وإنها أصبحت تواجه انخفاضا حادا في العائدات، بعد قرار الحظر الأمريكي، ولكن “مايكرون” و”إنتل” تمكنت من استئناف بعض الشحنات المصنوعة خارج الولايات المتحدة، إلى هواوي…
إن الحظر المفروض على شراء السلع من الشركات الأمريكية ليس العقبة الوحيدة التي تواجهها “هواوي” في الولايات المتحدة، إذ يمنع أمر ترامب التنفيذي الشركات الأميركية من شراء أو استخدام معدات اتصالات هواوي، بذريعة احتمال “خطر التجسس على شبكات البنية التحتية في الدول الغربية”… من جهتها أعلنت شركة “هواوي”، منتصف شهر حزيران 2019، تطوير نظام تشغيلها “هونغمنغ” وطلبت تسجيله في الصين، منذ شهر آب/أغسطس 2018، وفقا موقع إدارة حقوق الملكية الفكرية الصينية، كما طلبت تسجيله فيما لا يقل عن تسع دول، كخطة احتياطية في ظل تهديد العقوبات الأمريكية، بحسب بيانات جهاز للأمم المتحدة الذي يُتابع طلبات تسجيل العلامات التجارية في العالم (المنظمة العالمية للملكية الفكرية – “ويبو”)، وتُظهر طلبات تسجيل العلامة التجارية أن “هواوي” تريد استخدام “هونغمنغ” في أجهزة شتى، من الهواتف “الذكية” إلى الحواسيب المحمولة والروبوت وتلفزيون السيارة، وغيرها، ويُشكّل تطوير برامج التشغيل موضوع منافسة كبيرة بين الشركات الكبرى للتكنولوجيا والإتصالات في العالم… عن “نيويورك تايمز” + رويترز + أ.ف.ب من 26/06 إلى 05/07/2019
الرياضة في مجتمع رأسمالي – قراءة في كتابات “توني كولينز” و “ستانلي باران“: أشْرَفَ “والتر كامب”، في بدايات القرن العشرين، على تنظيم رياضة كرة القدم الأمريكية (وهي لُعبَة شبيهة ب”الرغبي”، وليست مثل كرة القدم الأوروبية)، واشتهر بوضوح الرؤية، بشأن الترابط بين الرياضة ورأس المال، وبيع “سلعة” الرياضة، ومن أقواله: ” إن تكتيك كرة قدم، من تكتيك الأعمال… تُشَكّلُ كرةُ القدمِ المدرسةُ الأفضلُ لِغَرْسِ قواعد ومتطلبات وأهداف رأس المال، وعالم الأعمال، في عقول الصّبْيان والشباب اليافع” (هذا في بداية القرن العشرين)…
في أوروبا، تطورت الرأسمالية في بريطانيا، وازدادت معها هيمنة النظام الرأسمالي على كافة جوانب الحياة (رغم المقاومة) ومن بينها كرة القدم، واستغلّت شركة “مانشستر للخمور”، سنة 1902، الضائقة المالية لنادي “نيوتن هيث”، فاشتَرَتْهُ، ليصبح إسمُهُ نادي “مانشستر يونايتد”، وليُصْبِحَ أيضًا (وبالخُصُوص) الواجهة الإعلامية للشركة، واشترت شركة “شيستر للخمور”، نادي “مانشستر سيتي”، وتحكمت في كافة قرارات النادي، وألْغَت قرار مجلس إدارة النادي بالانتقال إلى ملعب آخر، لأن الملعب الجديد، لا يخدم مصلحة الشركة، وفي إيطاليا، أصبحت شركة “فيات” لصناعة السيارات، ممولاً لكرة القدم، وكذلك شركة “فليبس” في هولندا، واضطرّت الأندية، للبحث عن مُمَوّل، لتَتَمَكّنَ من البقاء في “السُّوق”، مما أعاد هيكَلَةَ وتنظيمَ النوادي، إستجابةً لمُتطلّبات السُّوق الرأسمالية، وأصبحت الملاعب مِساحة لإعلانات الشركات (قبل ظهور التلفزيون)، واستطاعت نوادي كرة القدم “خلق بُنْيَةَ أعمال مستدامة، يمكنها أن تتوسع في السوق الجماهيري الجديد في نهاية القرن التاسع عشر، ممّا قادها إلى تخطي الرياضات المنافسة لها في الشعبية”، واستطاع مُمَوّلو كرة القدم، في أوروبا، استغلال توسع مساحات المدن، وتوسع “الإستهلاك”، وأصبحت المدارس مُختبرات لتأهيل لاعبين محترفين في رياضات مختلفة، من بينها كرة السلة في الولايات المتحدة، وكرة القدم في أوروبا…
في الإتحاد السوفييتي، كانت الإيديولوجيا السائدة تفرض المساواة بين المرأة والرّجل، وبين الأعْراق والأجناس، وتؤمن الدّولة (في كافة دول أوروبا الشرقية) مجانية ممارسة الرياضة لجميع المواطنين، المنشآت الرياضية بالمجان لجميع مواطنيه، خلافًا للدول الأوروبية واليابان والولايات المتحدة، والدول الرأسمالية عُمُومًا، وأصبح الإتحاد السوفييتي، ودول أوروبا الشرْقية، عمالقة في الألعاب الرياضية الجماعية والفردية، وأصْبَحت المناسبات، كالألعاب الأولمبية، ميدان صراع بين عَقِيدَتَيْن وبين نَمَطَيْن من المجتمعات، وبين الرأسمالية والإشتراكية…
من التأثيرات الجانبية لهذا الصراع الإيديولوجي، أن عَبّر بعض مشاهير الرياضة عن مناهضتهم للحرب في فيتنام (محمد علي) وعن تضامنهم مع إخوانهم المناضلين السود في الولايات المتحدة، وخلال الألعاب الأولمبية “مكسيكو” 1968، رفع الأبطال (سباق 200 متر) الأمريكيّان “تومي سميث” و”جون كارلوس” قبضاتهم، المُغلّقة بالقُفّاز الأسود، عند عزف النشيد الرسمي الأمريكي، وتضامنَ معهم البطل الأسترالي بيتر نورمان (توفي بسكتة قلبية سنة 2006)، وعانى ثلاثتهم الأمَرّيْن، بقية حياتهم، ومن الغد عبر الأبطال الأمريكيون السود في بطولة 400 متر، عن تضامنهم مع مجموعة “الفُهُود السود”،عبر وضع القُبّعات السوداء على رؤوسهم، كما طالبت لاعبة التنس “بيلي جين كينغ”، بالتنظيم النقابي بدلاً من سيطرة الشركات، وعبر لاعب البيسبول “كورت فلود”، عن رفضه الهيمنة التجارية، وقام بمقاضاة اتحاد الكرة، ومن جهته، أسّسَ “بيوجين ليا” المنظمة الوطنية لِلاَعِبي كرة القدم، وهي منظمة نقابية مناهضة للسيطرة الرأسماليةن ولكن هؤلاء الرياضيين بقوا قِلّة، وانتقَم منهم رأس المال، واستخم ضدهم أبشع أساليب التنكيل، وحرمهم من العيش، وقضى بطل العلم للملاكمة “محمد علي” خمس سنوات في السجن، لرفضه التجنيد والذهاب لمحاربة الفيتناميين “الذين لم يشتموني ولم يمارسوا ضدي العنصرية”، وفق تصريحه، وتمكّن بعد خروجه من السجن من استعادة لقب البطولة، ولم تتمكن ىلة القمع من كَسْر إرادَتِهِ…
استغل رأس المال وسائل الإتصال، كالراديو والتلفزيون والشبكة الإلكترونية، والبث الفضائي، من أجل توسيع سُوق الرياضات الفردية والجماعية، وأصبح البث التلفزيوني مصدر ثروة لمشاهير الرياضيين وللنوادي الكبيرة والشركات المُعلِنَة و”الرّاعية”، وشبكات التلفزيون، بفضل الإعلانات، وارتفعت إيرادات الرياضة من الإعلانات ومن حقوق البث الإذاعي والتلفزيوني 150 ضِعفًا، بين 1960 و 2000، وفَرَضَت الرأسمالية، عبر شركاتها، سنة 1996، تَسْلِيع الرياضة (جعلها سلعة) من خلال فَرْضِ مشاركة المُحترفين في الألعاب الأولمبية، التي كانت مُخَصَّصَة للهُواة…
تُشَكّل البرازيل نموذجا للعب المُمْتِع والنّاجع، في مجال كرة القدم، وهي نموذج لهَوَسِ جماهير الفُقراء برياضة كرة القدم، ونظمت البلاد دورة الأولمبياد و بطولة العالم لكرة القدم سنة 2016، وشهدت البلاد مظاهرات احتجاج ضد ارتفاع الاسعار والبطالة والفساد، وغير ذلك من الإحتجاجات المطلبية، لكن إنشاء البُنَى التّحتية، الضرورية لإقامة التّظاهُرَتَيْن الرياضِيّتَيْن، أدّى إلى تهجير نحو 1,5 مليون مواطن فقير من أحياء الصّفيح، وعدم تقديم بدائل لهم…
طَوّعت الرأسمالية القطاع الرياضي لتصبح الرياضة، والرياضيون، سلعةً، والجمهور مُسْتَهْلِكًا (وليس فاعلاً أو مُمارسًا للرياضة)، واستغلت الرأسمالية اللاعبين الشّبّان، الذين يجدون متعةً في ممارسة الرياضة، لتُحوّلَهُم إلى سلعة تجلب لها الرّبْح، ويَعْسُرُ إصلاح القطاع الرياضي، دون مواجهة بُنْيَة النظام الرأسمالي برُمّتِهِ، لتكون الرياضة جُزْءًا من البديل، كما الزراعة أو الثقافة أو التّعليم والصحة والنقل العُمومي… عن توني كولينز: “الرياضة في مجتمع رأسمالي” + ستانلي باران: “التلفزيون والرياضة” + صحيفة “بروفنس” (كندا) 08/10/2008 + صحيفة “غارديان” 26/04/2011 + روسيا اليوم22/10/2018
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.