خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 501
البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، حُرّاس رأس المال:
بمناسبة الذكرى الخامسة والسّبْعين لتأسيس صندوق النقد الدولي والبنك العالمي (1944)، نُظِّمَتْ بعض الفعاليات التي دُعيَ لها العديد من أصحاب النّفوذ السياسي والإقتصادي (المالي خصوصًا)،وصرّح المدير العام بالوكالة لصندوق النقد الدولي “ديفيد ليبتون” (الذي يُعَوّضُ المُديرة السابقة التي سوف ترْأَسُ المصرفَ المركزيَّ الأوروبيَّ)، يوم الثلاثاء 16 تموز/يوليو 2019، خلال إحدى هذه التّظاهُرات، في باريس، “إن الغضب المتصاعد حيال تزايد التفاوتات الاجتماعية المنسوبة إلى العولمة، يستدعي تغيير الوجهة”، لكنه حرص على توضيح معنى كلامه، فأضافَ “إن هذا لا يعني وُجُودَ ثغرة ملازمة للرأسمالية… (لأن) الرأسمالية تكافئ المخاطرة، وكانت المحرك للعديد من الإنجازات التي شهدتها الإنسانية…”، رغم إقرارِهِ “إن الرأسمالية نظام غير كامل، ولذا يتعين تصحيح مساره”…
تَكَرّرت مثل هذه التّصريحات التي تُقِرُّ بتعميق الفجوة بين الأثرياء والأغنياء، منذ حوالي أربعة عقود، وخصوصًا منذ انهيار الإتحاد السوفييتي، لأن البيانات العديدة والدراسات والبحوث، أظْهَرَتْ اتّساع الهُوّة بين أصحاب الثروات، والأُجراء (بمن في ذلك الفِئات الوُسْطى) والفُقراء، وارتفاع حصة رأس المال من الثروة التي يَخْلُقُها المنتجون، بالتوازي مع انخفاض حصة العَمل (أي حصة من يعيشون من عَملهم وليس من المُضاربة أو من استثمار الأموال التي تجلب فائدة لأصحابها، ولكن المُشرفين على صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، مَسْؤُولون بشكل مُباشر على ما يَحْصُل، وهو ليس حادثًا عرضِيًّا، بل أمر مخطط له، ونتيجة طبيعية لتكثيف الإستغلال الرأسمالي، وصرّح مدير الصندوق (بالوكالة)، “تراجعت نسبة الفقر في العالم بأسره منذ 1980…”، لكنه اضطر إلى إعلان إدراكِهِ وتَفَهُّمِه لأسباب الغضب السائد والعائد بصورة خاصة إلى “تزايد التفاوتات الاجتماعية الكبيرة لأن الـ10% الأكثر ثراء في العالم استفادوا من الاقتصاد أكثر من الـ50% الأكثر تواضعا”، مما أدّى إلى فقدان الثقة في النظام العالمي السائد، وأما “الحُلُول” التي يقترحها فتتمثل في “نُصْح” الحكومات “بزيادة إنفاقها لمكافحة الفوارق ومكافحة حركة الأموال غير القانونية مثل تبييض الأموال، والتصدي للتهرب الضريبي الذي تمارسه الشركات، وتوزيع ثمار الإدهار الإقتصادي، بشكل أَفْضَلَ…”، خلافًا لما يأمر به صندوق النقد الدولي والبنك العالمي من خَصْخَصَة، وخفض الإنفاق الحكومي، وخفض عدد الموظفين، ورواتبهم، وتأخير سن التقاعد، في ظل ارتفاع نِسَبِ البطالة، وأعلن نفس المسؤول “أعادت العولمة واتساع نطاق حركة التجارة، وانتشار التكنولوجيا، ترتيب الخارطة الاقتصادية وتظهر عواقب ذلك في أوروبا وفي الولايات المتحدة، مع غضب متصاعد واستقطاب سياسي وخطاب شعبوي…”، أما مئات الملايين من ضحايا العولمة الرأسمالية في الهند وبنغلادش وبقية بلدان آسيا وإفريقيا وجنوب القارة الأمريكية، فلا تُساوي حياتهم، وظروف عيشهم، شيئًا، وهم أول المتضرّرين من سياسات الصندوق والبنك العالمي اللَّذَيْنِ اشتَهَرا “بالتضحية بالسكان لصالح رأس المال”، أو ما يُسمِّيانِهِ “الإصلاحات”، كشروط لتقديم القُرُوض…
أعلن البنك العالمي “إن أكثر من سبعمائة مليون شخص في العالم يعيشون في فقر مدقع”، لكنه يَدّعي إنه ساهَمَ في “تحْسينِ حياةِ الناسِ بشكلٍ ملفتٍ، وجعْلِها أكثر ازدهارا”، كما ادّعى “تمكّنّا من إخراج مليار شخص من الفقر منذ 1990، وتوفير مياه الشرب والتعليم لملايين آخرين، بفضل تكاتف عدة جهات وتضافر مجموعة من العوامل…”
تُردّدُ وسائل إعلام الدول الفقيرة (ضحية سياسات الصندوق والبنك) وبَعضُ المثقفين، هذا الخطابَ (إلى جانبِ حكوماتِ الأنظمة العَمِيلة)، وهذه الإدّعاءات، ومن دَوْر التّقدُّمِيِّين إنتاج خطاب مُعارض ومُدعّم بحُجج وبيانات، وهو الجانب الدّعائي الضروري لأي عمل ثوري، يهدف تغيير طبيعة النظام… عن أ.ف.ب + رويترز (بتصرف) من 17 إلى 21/07/2019
الدُّيُون العالمية: بلغت قيمة الدّين العالمي العام، بنهاية الربع الأول من سنة 2019، نحو 243 تريليون دولار، ويُمثّل قرابة 317% من إجمالي الناتج العالمي، وبلغت قيمة الديون الأمريكية حوالي 326% من الناتج الإجمالي المحلّي الأمريكي، وفقًا لتقرير معهد التمويل الدولي (مصرف تابع لمجموعة “البنك العالمي”، يَضْغَطُ على الحكومات من أجل الإقتراض ل”توفير مناخ الأعمال” للقطاع الخاص)، بنهاية شهر آذار/مارس 2019، أو ما يُعادل ثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي العالمي (وللتذكير فإن الناتج المحلي لكل دولة يشكل قيمة مجموع المنتجات والخدمات في تلك الدولة، طيلة سنة كاملة)، وبلغت قيمة الدّين الأمريكي حوالي 22 تريليون دولارا، وتوقعت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيفات المالية، يوم 20 شباط/فبراير 2019، ارتفاع حجم اقتراض الحكومات في العالم، ليرتفع حجم الدُّيُون السيادية بنسبة 3,2% أو ما قدرُهُ 7,78 تريليونات دولار، ليصل إلى نحو خمسين تريليون دولارا سنة 2019، بزيادة (الحجم الإجمالي للدون) نسبة 6% عن سنة 2018، وأن يرتفع حجم إجمالي الدّيْن العام (سيادي، اقترضته الحكومات، بالإضافة إلى دُيُون الشركات) إلى حوالي 250 تريليون دولارا، بنهاية 2019، وسوف تُخَصّصُ الدول نحو 5,5 تريليونات دولارا، أو حوالي 70% من حجم الدُّيُون السِّياديّة، لإعادة تمويل دَيْن طويل الأجل يحلّ استحقاقه، “ما سينتج عنه صافي متطلبات اقتراض بنحو 2,3 تريليون دولار، أو 2,6% من الناتج المحلي الإجمالي للدول ذات التصنيفات”، بحسب وكالة “ستاندارد بورز” ووكالة “رويترز”، والديون السيادية هي الديون المترتبة على الحكومات ذات السيادة، ومعظمها في شكل سندات أصدرتهما الحكومات، إما بالعملة المحلّيّة (دَيْن سيادي داخلي)، لرأس المال المَحَلّي، أو سندات بالعملات الأجنبية، مُوجّهَة لرأس المال الأجنبي (دَيْن سيادي خارجي)، وتلْجَأُ معظم حكومات البلدان الفقيرة إلى الإقتراض، عبر إصدار السندات، ليس من أجل الإستثمار في مشاريع مُنْتِجَة، وتُشغِّلُ العاطلين، بل لِسداد الديون السابقة التي حل أجل سدادها، وارتفعت نسبة الدين الحكومي في “الأسواق الناشئة” (البلدان الفقيرة والواقعة تحت الهيمنة الإمبريالية) إلى مستوى قياسي، اقتَرَبَ من نصف الناتج الإجمالي لمجموع هذه البلدان، وأدّى ارتفاع مستويات الفائدة (وخدمة الدّيْن) على الدّيُون العمومية، في البلدان الفقيرة (خصوصًا في مصر ولبنان والبرازيل، وتونس، وقد تلتحق بها الأردن والأرجنتين)، إلى تضييق هامش مُخصّصات الإنفاق على البُنْيَة التحتية والمرافق التي يحتاجها السّكّان المحلّيّون، وهذا بالضّبط هدف إغراق البلدان بالدّيُون، لكي تبقى مُرتَبِطَة دائمًا بالمُؤسسات المالية الدّولية، ومن ورائها الدول الإمبريالية، والرأسمالية العريقة… رويترز 21/02 و 03/04 و 21/07/2019
الحرب الفاترة 1: أدّت الضّغوطات والمُمارسات العدوانية والإستفزازية الأمريكية إلى تَسْرِيع عملية التّقارب (أو التّحالف) بين النظامَيْن في روسيا والصين، رغم الخلافات العديدة، ولكن فرض عقوبات أمريكية وأوروبية على روسيا، ومطالبة أمريكا الصين بتقديم تنازلات تمس سيادتها، عَجّلت بإنجاز التنسيق السياسي والتعاون الإقتصادي، وكتبت الصحيفة الروسية “نيزافيسيمايا غازيتا”، عن ارتفاع وتزايد عدد الأصوات التي تدعو في البلدين (الصين وروسيا) إلى “إنشاء حلف عسكري، لمواجهة تهديدات الولايات المتحدة وحلفائها بقوات مشتركة”، وبمناسبة دورة 2019 من منتدى “سان بطرسبورغ” الإقتصادي (الأسبوع الأول من حزيران/يونيو 2019) تم توقيع ثلاثين اتفاقية تعاون بين شركات البلدين ومؤسساتهما، وتُعتَبَرُ الصينُ أكبرَ شريكٍ تجاريٍّ لروسيا، لكن الشركاتِ الصينيةَ تعتبرُ الإقتصادَ الروسيَّ صغير، ولا يستوعب سوى أقل من 2% من الصادرات الصينية للسلع والخدمات، ولذلك تعمل الحُكُومتان على تعزيز العلاقات في عدة مجالات، من بينها التعاون العسكري، وهو لا يزال ضعيفًا، رغم تهويل قائد القوات الأمريكية في المحيط الهادئ، وتعبيره عن “القلق من التعاون العسكري القائم بين الصين وروسيا”، بعد قيام روسيا بتجربة الطائرة الحربية “توبوليف إم إس 95 ” في رحلة من أقصى شرف روسيا، حتى حدود جزيرة “تايوان”، واعتبرا قدرات روسيا في الشرق الأقصى “تهديدا وجوديا” لأمريكا، التي تحتل كل المحيطات والقارات والفضاء، وعقدت الولايات المتحدة منتدى أمنيا، في مدينة “أسبن” (ولاية كولورادو)، ودرس المنتدى “التعاون العسكري المتزايد بين روسيا والصين”، وتطوير روسيا لقواتها البحرية، وتزويدها بغواصة ذَرِّيَّة، مزودة بصواريخ بالستية، وتتخوف الولايات المتحدة، رغم الإنفاق الحربي الذي يتجاوز 730 مليار دولارا، من فقدان تفوقها العسكري على الصين، بعد عقد أو عقدَيْن، والواقع إن روسيا والصين تَدْعُوَان إلى جعل المحيطات مناطق مفتوحة لحركة التجارة، ورفض الحصار والحَظْر، مما يُهدد “النظام العالمي” الذي فرضته الولايات المتحدة، وتُهَيْمِنُ عليه وتقودُهُ بقوّة السلاح وقُوّة الدّولار، والهيمنة على كل المؤسّسات الدولية التي انبثقت عن نهاية الحرب العالمية الثانية، وزادت الولايات المتحدة من غطرستها، بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، فَحوّلت أمريكا “الحرب الباردة” إلى “حرب ساخنة” في يوغسلافيا والعراق وسوريا وغيرها، وإلى “حرب فاترة” مع روسيا والصين… عن وكالة “إنترفاكس” (روسيا) + “واشنطن بوست” (أمريكا) + موقع صحيفة “إندبندنت” (بريطانيا) 08/06 و 19/07/2019
الحرب الفاترة 2 – فنزويلا، نموذج التّآمر الإمبريالي الأمريكي: نظمت الولايات المتحدة حركة الرِّدّة في أمريكا الوسطى والجنوبية، خلال السنوات العَشْر الماضية، لاستعادة الهيمنة الإمبريالية الأمريكية، ووضع حدّ لحكم اليسار (عبر الإنتخابات الديمقراطية) في جنوب القارة الأمريكية، عبر انقلابات، بدأت في هندوراس سنة 2009، ثم في بارغواي سنة 2012، وفي البرازيل سنة 2016، كما دعمت سياسيا وإعلاميا عددًا من مُرشّحي اليمين، كما في الأرجنتين (ماوريسيو ماكري)، وفي فنزويلا التي تضم أكبر احتياطي نفطي عالمي، نصّب رئيس البرلمان “خوان غوايدو” نفسه، يوم 23 كانون الثاني/يناير 2019، رئيسا مؤقتا لفنزويلا، بدعم أمريكي مباشر، وعَلَنِي، وحصل على تأييد واعتراف عدد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين والبرازيل وتشيلي وكولومبيا وكوستاريكا وغواتيمالا وهندوراس وبنما وباراغواي وبيرو وجورجيا والمغرب، فيما تتمسك معظم دول العالم، بشرعية “نيكولاس مادورو” الرئيس المُنْتَخب بأغلبية عريضة، وفي بداية شهر شباط/فبراير 2019، أكدت الولايات المتحدة، تجميد الأُصُول الفنزويلية، وتحويل إيرادات مبيعات النفط الفنزويلي، إلى صندوق مصرفي في أمريكا، لتمويل المُعارضة الموالية لها، للإطاحة بالرئيس الفنزويلي الشرعي للبلاد “نيكولاس مادورو”، وأكّدت الحكومة الفنزويلية، يوم السبت 23 آذار/مارس 2019، أنّ تجميد الأصول الفنزويلية في الولايات المتّحدة (بلغت 30 مليار دولارا، في بنهاية حزيران/يونيو 2019)، يهدف تمويل عمليات تجنيد مرتزقة أجانب (من سلفادور وغواتيمالا وهندوراس وغيرها)، تُدربهم المخابرات الأمريكية في كولومبيا، للقيام بأعمال إرهابية، وتنفيذ اغتيالات وتخريب المرافق العامة، في فنزويلا بالتنسيق مع المعارضة، وأنفقت الولايات المتحدة مليار دولارا، من هذه الأموال لتجنيد وتدريب المُرتزقة، بحسب تسريبات للمخابرات الأجنبية، كما حوّلت أموالا إلى “غوايدو” ورئيس مكتبه “روبرتو ماريرو”، عبر كولومبيا، وكانت الولايات المتحدة قد حَظَرت صادرات الخام الفنزويلي، ونشرت قائمة بمئات الأسماء التي يشملها الحَظْر الأمريكي، بالتوازي مع نشر الصحف الأمريكية مقتطفات من “وثيقة داخلية” للوكالة الأمريكية للتنمية الدّولية (يو إس آيد)، تُشِير إلى تحويل نحو 42 مليون دولار من برامج التنمية في غواتيمالا وهندوراس وسلفادور، إلى خطة لتسديد رواتب المُحَرّضين المحترفين من “موظفي الحكومة المؤقتة (المعارضة)، والتنقل والإعلام المستقل والمجتمع المدني، خدمةً للمصلحة القومية الأميركية”، وخصصت الحكومة الأمريكية مليونَيْ دولار، لتحسين إعلام المعارضة العميلة لها، ورفدَت وفد المعارضة الذي يقود المحادثات مع الحكومة بمستشارين، وخصصت لهم مبلغ مليونَيْ دولار، وأوردت صحيفة “لوس أنجلس تايمز” الأميركية، إن مبلغ 19,4 مليون دولارا، سوف يُخصّصُ لنفقات “الحكومة المؤقتة”…
نادِرًا ما يعصي الإتحاد الأوروبي، أو برلمانُهُ، للولايات المتحدة أمرًا، واعتمد البرلمان الأوروبي (بأغلبية ساحقة) قراراً يفرض عقوبات جديدة على الدولة والشعب في فنزويلا، ويَدْعَمُ المعارضة التي خَلَقَتْها الإمبريالية الأمريكية، ويُطالب البرلمان الأوروبي “بتجميد الأصول المالية، وإلغاء تأشيرات دخول أعضاء الحكومة والمسؤولين الرسميين الفنزويليين”، مع فتح باب الدّعم السياسي والمالي للمعارضة الإنقلابية المُوالية للولايات المتحدة، ودعم الإتحاد الأوروبي (والأغلبية الساحقة من أعضاء البرلمان الأوروبي) الخطوات العدوانية للولايات المتحدة، ومن بينها الاستيلاء على أصول شركة النفط الوطنية الفنزويلية، ومَنَعت بريطانيا (بتوجه من أمريكا) الحكومة الفنزويلية من التصرف في احتياطيها من الذهب البالغ قيمته 1,2 مليار دولار، بهدف حرمان الدولة من لحرمان البلاد من ثروتها، وزيادة حجم وحِدّة الصّعوبات الاقتصادية، مما يُيَسِّرُ تأجيج غضي المواطنين، وزعزعة الإستقرار الدّاخلي …
قدّرت الأمم المتحدة الخسائر المالية لحكومة فنزويلا، بسبب الحظْر لفترة 12 شهرًا، من آب/أغسطس 2017 إلى تموز/يوليو 2018 بنحو ستة مليارات دولارا، أو ما يعادل 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يوازي قيمة إنفاق الدولة على الرعاية الصّحية للمواطنين، بالإضافة إلى منع الحكومة الفنزويلية الشرعية من الحصول على عائدات مبيعات النفط (السابقة لقرار الحَظْر)، ومن استيراد الغذاء والدّواء…
انشأت الإمبريالية عددًا من مؤسسات التفكير والبحث والتخطيط، بهدف بسط الهيمنة على العالم، وإفْشال أي محاولة تَصِفُها أمريكا ب”الإشتراكية” (حقيقية أم مُتخَيّلة )، ومن بين هذه المؤسسات البَحْثِيّة للتخطيط “مجلس العلاقات الخارجية”، وخطط مُفكّرُوها لاستعادة الهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم، وأعدّوا مخططات تدمير الدولة في العراق وليبيا، منذ سنة 2000، وحَثُّوا الحكومة الأمريكية، منذ سنة 2018، على التّدخُّل العسكري المباشر لتغيير النّظام في فنزويلا، رغم شفافية الإنتخابات (بحسب المنظمات التي راقبتها)، ورغم حصول الرئيس “نيكولاس مادورو” على نسبة عالية من أصوات الناخبين، وابتكر مُفكّرو المجلس ذرائع إنسانية للتّدخّل العسكري، كما الحال في العراق وفي ليبيا وسوريا، وفي معظم البلدان التي خرّبت الولايات المتحدة مؤسسات الدولة فيها بالقوة، وأصْدَر مركز “غرينبرغ للدراسات الجغرافية الإقتصادية” التابع ل”مجلس العلاقات الخارجية” كتابًا بعنوان “الحرب بوسائل أُخْرى”، سنة 2016، للترويج للحرب الإقتصادية بواسطة “العقوبات” والحَظْر، والحصار (أي الحرب بوسائل غير عسكرية، في البداية)…
أشرف فريق من “مجلس العلاقات الخارجية” على خصخصة النفط في العراق، بعد احتلاله سنة 2003، وأعد نفس المجلس مشروعًا مُماثلاً في ليبيا، وفي فنزويلا، كما أعدّ المركز، منذ 2012 (خلال فترة حكم باراك أوباما) خططًا لخنق روسيا والصين اقتصاديًّا، ومواصلة حصار إيران وكوبا وكوريا الشمالية، واعدّ خطَطَ تشديد الخناق على سوريا، منذ بدأ الجيش النظامي استعادة الأراضي التي كانت تحتلها المجموعات الإرهابية، المدعومة أمريكيًّا…
أدّى تَطْوير تقنيات استخراج النّفط الصّخري، وخفض تكاليف إنتاجه، إلى استغناء الولايات المتحدة على نفط فنزويلا، مما يَسّرَ حَظْرَ تصْدِيره، وحرمان البلاد من موردها الرئيسي، وإلحاق الضرر بحكومة وشعب فنزويلا، دون أن يتضرّر الإقتصاد الأمريكي…
تُؤَدِّي إثارة مثل هذه المواضيع إلى إطلاق عدد من الإتهامات، وإطلاق عبارة “نظرية المؤامرة” على مثل هذه المواضيع، غير أن كافة المعلومات الواردة في هذه الفقرات منشورة عَلَنًا في كُتب ووثائق ومنشورات أمريكية. أما الدّعوة إلى التّصدّي للهيمنة الإمبريالية فأصبحت تندرج ضمن فصل “الإرهاب”، وأُدْرجت في قوانين معظم الدول، مما يُمكن أجهزة الأمن المُتضخّمة من قمع كافة أشكال الإحتجاجات، ومن بينها النضال النقابي والسياسي العَلَنِي… عن تقرير رسمي للأمم المتحدة (قدّمه “ألفريد دي زاياس“) آب/أغسطس 2018، بشأن تأثير العقوبات الأمريكية على فنزويلا + صحيفة “لوس أنجليس تايمز” + رويترز + أ.ف.ب (بتصرف) من 18 إلى 22/07/2019
مصر “أم الدنيا“، ونظامُها “رائد التّطبيع“: تكرّرت إعلانات الحكومة المصرية بشأن اكتشافات ضخمة للنفط والغاز فيس البر والبحر، ولكن الوقائع تُشير إلى تصدير مصر الغاز إلى الصهاينة، بأقل من سعر التكلفة، خلال سنوات، وبعد اكتشاف شركة أمريكية الغاز في عرض سواحل فلسطين المحتلة، أصبح الكيان الصهيوني يُصدّر الغاز إلى مصر (والأردن) بأسعار مرتفعة، وأعلنت شركة “بتروبل” المصرية، يوم 24/07/2019، اكتشاف حقل للغاز الطبيعي، منذ شهر أيار/مايو 2019، بمنطقة “دلتا النيل”، بما يصل إلى 20 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا، وبالتوازي مع التصريحات المصرية المتعددة عن اكتشاف كميات ضخمة من الغاز،أعلن رئيس حكومة العدو الصهيوني (يوم 11/07/2019، في حفل أُقيم في مقر إقامة السفير المصري بتل أبيب) إن الغاز المنهوب من سواحل فلسطين، يتدفّق إلى مصر، وستزداد وتيرة تدفّقه بعد 4 أشهر، في إطار مشروع تجريبي، وأعلن “إن المشروع ليس ثنائيا فقط، بل يشمل العديد من الاتجاهات والدول في المنطقة”، وسبق أن وقّعت شركة “ديليك” الصهيونية، التي تستغل الغاز الفلسطيني المسروق، في شباط/فبراير 2018، اتفاقا مع الشركة المصرية “دولفينوس” لتصدير 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لمصر لمدة عشر سنوات بقيمة 15 مليار دولار، وتعززت العلاقات الإقتنصادية بعد تولِّي الجنرال “عبد الفتاح السيسي” الحكم في مصر، والتقى المسؤولون عن الطاقة في قبرص واليونان ومصر والكيان الصهيوني، واتفقوا، مع دول أخرى مُطْلّة على البحر الأبيض المتوسط، على بناء خطوط أنابيب لتدفق الغاز، بالإضافة إلى خط أنابيب شركة “غاز شرق المتوسط”، الرابط بين فلسطين المحتلة ومصر، مما يَكرّس الكيان الصهيوني جُزْءًا أساسيا، أو عمادًا، للنسيج الإقتصادي الإقليمي، ومحور التكتلات العسكرية، ضد الجيران (إيران) وحتى ضد بلدان عربية، مثل سوريا، في انتظار اكتمال مشروع “صفقة القرن” لتصفية قضية اللاجئين وقضية فلسطين… عن “رويترز” (بتصرف) 24/07/2019
السعودية “باسم الإسلام والمُسْلِمِين“؟ وقّعت أُسْرة آل سعود، في نيسان/ابريل 2019، عقدًا لشراء أسلحة أمريكية (صواريخ “ثاد”) من شركة “لوكهيد مارتن”، بقيمة 2,4 مليار دولارا، وكانت السعودية قد سلّمت إلى المجموعات الإرهابية في سوريا، بعضًا من هذه الصواريخ، كما وقعت السعودية، في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، مع نفس الشركة، عقدًا لشراء 44 قاذفة صواريخ “ثاد”، وصواريخ ومعدات أخرى، دون ذكر تفاصيل قيمة الصّفْقَة، ثم أعلنت وزارة الحرب الأمريكية موافقتها، يوم الجمعة 19/07/2019، على عقد سعودي، مع نفس الشركة الأمريكية، لشراء منظومة ثاد للصواريخ الإعتراضية، بقيمة 1,48 مليار دولار، واعلنت وزارة الحرب وشركة تصنيع الأسلحة (لوكهيد مارتن) أن العقد الجديد تعديل لاتفاق سابق، ويرفع القيمة الإجمالية لصفقة صواريخ “ثاد” إلى 5,36 مليار دولار، لكن ماذا تفعل أسرة آل سعود بهذه الكميات الضخمة من الأسلحة، مادامت الولايات المتحدة “تحمي” الأُسَر المالكة لدُوَيْلات الخليج، وتحرص على استقرار السعودية؟ إنها (وكذلك الإمارات وقَطَر) تستخدمها لتخريب بلدان عربية، ذات حضارة عريقة، مثل العراق وسوريا واليمن…
أعلنت وزارة الحرب الأمريكية (بنتاغون) يوم الجمعة 19/07/2019 إرسال قوات وعتاد إلى قاعدة حربية جَوِّيّة أمريكية، تقع على بعد 150 كيلومترا من الرياض، عاصمة السعودية، “كجزء من قوة الرّدع الأمريكية في مواجهة التهديدات” (الإيرانية؟)، وأعلنت وكالة السعودية (واس) إن “خادم الحرَمَيْن وَافَق على استضافة قوات أمريكية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة”، وكانت أمريكا قد اتخذت القرار منذ أشهر، وتُعتبر “موافقة” الملك السعودي أمرًا شَكْلِيًّا، وعلّلت وسائل الإعلام الأمريكية إرسال مزيد من القوات والأسلحة الأمريكية إلى السعودية (والبحرين والإمارات وقَطر…) “بتصاعد التوترات بين واشنطن وطهران في الخليج مما أثر على أسواق النفط العالمية”، في إشارة إلى خبر احتجاز إيران ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز، ردًّا على احتجاز بريطانيا ناقلة نفط إيرانية في مثستعمرة “جبل طارق” البريطانية، أما حكومة آل سعود فقد عللت هذا الإحتلال في بلاد الحَرَمَيْن، قُبيْل موسم الحج، بضرورة “رفع مستوى العمل المشترك في الدفاع عن أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها”، وكانت وزارة الحرب الأمريكية قد قررت، منذ بداية العام 2019، وأعلنت القرار في شهر حزيران 2019، “زيادة عدد القوات الأمريكية في الخليج، وإرسال حوالي ألف جندي وضابط إضافي إلى السعودية، وتشمل المرحلة الأولى إرسال أكثر من خمسمائة جندي”، وتسبب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية دولية سُمِّيت “اتفاقية النَّوَوِي الإيراني”، التي أُبْرِمت سنة 2015، وتشديد الحصار الإقتصادي والسياسي على إيران، في تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، وكانت حكومة إيران قد وافقت (بموجب الإتفاق) على تقييد أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات، لكن الولايات المتحدة أعادت فرض العقوبات، بهدف إلحاق الضّرر بالإقتصاد الإيراني، أما حُكّام السعودية ومَشْيخات الخليج فيُنفِّذُون خُطط وبرامج الإمبريالية الأمريكية، وأصبحوا يُصرّحُون عَلنًا، إن الكيان الصهيوني حليف، ضد إيران التي أصبحت تُشكل العدو الرئيسي… واس + رويترز + أ.ف.ب 20/07/2019
قطَر، مَشْيَخَة برائحة الغاز: تضرّرت بعض المناطق الأمريكية من إعصار “كاترينا”، سنة 2005، ومن بينها مدينة “نيو أوليانز”، فأرسلت البلدان الرأسمالية، وأعضاء حلف شمال الأطلسي، تبرعات رمزية، لكن حاكم قَطَر (حمد، ولد تميم آنذاك) تَبَرّعَ بمائة مليون دولارا، ولم يكن رئيس البلدية ولا السّكّان يعرفون، في أي قارّة تقع “قَطَر” التي تبرعت بهذا المبلغ الضخم، لمدينة تنتمي إلى أكبر قوة امبريالية، أما هدف حاكم فكان شراء رضا الولايات المتحدة، مهما كان رئيسها…
أدّت خلافات (غير مبدئية) إلى أزمة في مجلس التعاون الخليجي (الكويت والسعودية والإمارات والبحرَيْن وقَطَر وعُمان)، فانقسمت الوهابية (قطر والسعودية) وفرضت السعودية، سنة 2017، حظْرًا على قَطَر، وانضمت الإمارات والبحرَيْن ومصر إلى صف السعودية التي كانت تتوقع الإيقاع بإمارة الغاز، خلال بضعة أشهر، لكن الولايات المتحدة تمكنت من ابتزاز الطّرَفَيْن، وإبقاء الوضع على حاله، طالما يَدْفَعُ لها الطرفان أموالاً، ويشتريان سلاحًا أمريكيا (لا يتوافق مع طبيعة الجيشيْن ولا مع طبيعة “المخاطر” المُحْتَمَلَة)، وطالما تتوسع القواعد العسكرية الأمريكية، وطالما يُطَبّع شُيُوخ النّفط مع الكيان الصهيوني، ولَخَّصَ الرئيس الأمريكي الوضع بجملة (بذيئة ولكنها واضحة وصريحة كالعادة): “كثير من المليارات في الإقتصاد الأمريكي، ومئات، بل آلاف الوظائف، وبناء قواعد عسكرية بأموال من يستضيفُها…”، ويتباهى الرئيس الأمريكي بالقَوْل: “لقد ولّى ذلك الزمن الذي كُنا نُسدّد ثمن أي شَيْءٍ…”
زار أمير قطَر الولايات المتحدة، في بداية شهر تموز/يوليو 2019، وأسفرت الزيارة عن مزيد من الإستثمارات القَطَرِية في الإقتصاد الأمريكي، وعقد صفقات لشراء بعض الرضا الأمريكي، وأسفرت عن إنقاذ الكيان الصهيوني وسلطة أوسلو من ورطتهما، بشكل مؤّقت، لتفادي انفجار شعبي ضد الإحتلال، وانهيار سلطة أوسلو، ويحاول أمير قَطَر استغلال غضب بعض النواب الأمريكيين ضد محمد بن سَلْمان، للتَّوَدُّد إلى واشنطن التي وافقت، قبل سنَتَيْن، على إطلاق حملة السعودية والإمارات ضد قَطَر، ويَبْدُو من خلال متابعة شبكة “الجزيرة” القَطَرِيّة، إن قَطَر طلبت دعم الكيان الصهيوني، وحصلت عليه، مقابل التطبيع وضخ بعض الأموال في غزة، لتفادي انفجار محتمل، ومحاولة إيقاف مسيرات العودة الأسبوعية.
من جهتها، أعلنت الولايات، منذ حزيران/يونيو 2018 توسيع قاعدة “العديد” (قَطَر)، بتكلفة تبلغ ثمانية مليارات دولارا، من أموال عائدات الغاز القَطَري، وأصبحت مدينة الدّوْحة (عاصمة قَطَر) مكانًا للمحادثات بين حركة “طالبان” وحكومة أفغانستان العميلة للإحتلال الأمريكي، في محاولة لإيجاد مخرج لأمريكا من مأزق أفغانستان…
أقام وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، مأدبة عشاء، لخدمة مصالح الولايات المتحدة، حضرها دونالد ترامب، وتميم بن حَمَد، وأربعون من كبار رجال الأعمال الأميركيين، ووقع الإتفاق على جدول المفاوضات بين أمريكا وحركة “طالبان”، في الدّوْحَة، والإتفاق على دعم “قطر” لقطاع غزة (بمصادقة أميركا والإحتلال الصهيوني)، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية و”هآرتس” الصهيونية، وينقسم هذا “الدّعم” إلى تسديد رواتب موظفي القطاع، وثمن الوقود الذي تبيعه شركات صهيونية إلى غزة، وتخصيص جزء من “المساعدة” القَطَرية لوكالة “أنروا”، واشترطت أمريكا الإشراف على السّجلاّت المالية لقَطَر، تحت عنوان “مكافحة تمويل الإرهاب”، والتعاون في مجالات الأمن، وفي قطاع المحروقات، حيث استفادت شركة “شيفرون فيليبس” الأمريكية من اتفاق مع “شركة قطر للنفط” بقيمة ثمانية مليارات دولار، لتطوير مجمع عالمي للبتروكيميائيات في جنوب الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الأموال القَطرية المُستثمَرَة والمُودَعَة في الولايات المتحدة، وصفقات الأسلحة، الضخمة للأسلحة…
وصف وزير الخارجية الأمريكي قاعدة “العديد” ب”مفتاح الأمن العسكري الأمريكي”، وكانت قطر قد اشترت، سنة 2016، مقاتلات من طراز “أف 15” بقيمة 21 مليار دولار، وطائرات من طراز “بوينغ” بقيمة 18 مليار دولاراً، وتستضيف قاعدة “العديد” مقرّ القيادة المركزية الأميركية التي تُدِير العدوان العسكري الأمريكي على بلدان عديدة، من بينها سوريا واليمن والعراق وأفغانستان، وهي مركز للعمليات الجوية الأميركية في الشرق الأوسط، وبها أكثر من عشرة آلاف جندي وضابط، ويتفق وزسر الخارجية مع الرئيس في اعتبار “قَطَر” مصدرًا للأموال التي تُشغل العمال الأمريكيين البيض الذين سوف يُعيدون انتخاب الرئيس “دونالد ترامب”، ووقعت قطر عقودًا ضخمة مع شركات أمريكية عديدة، في مجالات عديدة، ومن بينها شركات “شيفرون” و”جنرال إلكتريك” و”بوينغ” و”رايثيون” و”غلف ستريم”،وقُدِّرَت قيمة “الشراكة الاقتصادية” بين قطر وأمريكا بأكثر من 185 مليار دولار، ويعتزم أمير قَطَر مضاعفتها، مع استثمار 45 مليار دولار من صندوق الثروة السيادية بحلول سنة 2021…
استعانت مشيخة قَطَر، في تموز/يوليو 2017، بشركة “أفنيو ستراتيجي”، مقابل ستة ملايين دولارا، من أجل تحسين صورة قطر، وتبرئتها من تهمة “دعم الإرهاب”، في ظل الهجوم الإعلامي السعودي، والحصار، ومنحت (عبر شركة “أفنيو ستراتيجي”) مائة ألف دولارا، إلى “المنظمة الصهيونية الأميركية”، الداعمة للكيان الصهيوني، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، وأنفقت مشيخة قَطَر حوالي 8,5 ملايين دولار، سنَتَيْ 2015 و2016، بهدف تحسين صورتها في الولايات المتحدة، وأنفقت مبلغ 16,3 مليون دولار سنة 2017 (سنة الأزمة مع آل سعود)، وحوالي ثمانية ملايين دولارا سنة 2018، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، وكتبت وكالة “رويترز”، بمناسبة زيارة أمير قطر، أن كلاًّ من السعودية وقطر ضخّت حوالى 25 مليون دولار خلال العام 2017، عبر مكاتب الإستشارات وجماعات الضغط، وعمومًا، ضخّت مشيخة قَطر مبالغ كبيرة من المال، في “العلاقات العامة”، لتحسين صورتها، وإبراز موقعها الإستراتيجي، وقُدراتها الإعلامية، بفضل شبكة “الجزيرة” التي مَكّنَتْها من جَمْع معلومات كثيرة عن منظمات عديدة، مُعارضة للأنظمة العربية (وغير العربية)، وإظهار قُدراتها المالية الهائلة، واستثمرت في شركات الإستشارات (مجموعات الضغط) لتحسين العلاقات مع الحكومة الأمريكية، خصوصًا منذ الأزمة مع السعودية والإمارات ومصر (2017)، وقد تتوسّط قَطَر لإجراء مفاوضات غير رسمية بين الولايات المتحدة وإيران (على غرار المفاوضات مع حركة “طالبان”)، إذا رأت أمريكا إنها لن تتمكن من تَلْيِين موقف إيران، في القضايا الخلافية بيتهما، والتي تخص المنطقة، وتجارة المحروقات… عن مجلة “فورين أفيرز” – تموز/يوليو 2017 +”هآرتس” و”يسرائيل هايوم” 25/12/2018 + موقع “نيويورك تايمز” 20/07/2019
بورتو ريكو، التضحية برَمْز، لإنقاذ الطّبَقَة: تعد هذه المستعمرة الأمريكية حوالي ثلاثة ملايين نسمة، معظمهم من الأمريكيين الذين سكنوا الجزيرة الرئيسية، خلال العُقُود الأخيرة، ويزورها سنويا أكثر من مليون سائح أجنبي، وزادت شُهْرَتُها بعد أغنية “ديسباسيتو”، التى تم تصويرها على أرضها، وأصبحت الأغنية الأكثر استماعًا ومشاهدة فى التاريخ، ولكن، وبعيدًا عن الشواطئ التي خَصْخَصَتْها الفنادق ليسْتَأْثِرَ بها السائحون الأمريكيون، يعاني سُكّان البلاد من حاكم متسلّط، وبذيء (من نمط “دونالد ترامب”)، ومُرْتَشي وفاسد، ولما “بلغ السَّيْلُ الزّبَى”، تظاهر السكان بمئات الآلاف، يطالبون بإسقاط الحاكم “ريكاردو روسيلو”، بعد تسريبات “تشاتغيت” التى كشَفَتْ فضائح بالجملة، بالإضافة إلى عنصرية الحاكم، في رسائل مكتوبة، وتصريحات مُسجَّلَة، ضد السكان السود، والنساء والمثليين، وضد خصومه السياسيين، والفنانين والأُدباء، ورموز الثقافة، ولم تسْلَمْ من بذاءة الحاكم، جثث آلاف الموتى (ثلاثة آلاف)، ضحايا إعصار “ماريا”، الذي دمر الجزيرة في أيلول/سبتمبر 2017، بسبب تهاون الحكومة المَحَلِّيّة، في تعاملها مع الكارثة…
انطلقت مظاهرات عارمة، لم تشهد الجزيرة لها مثيلاً، منذ يوم السبت 13 تموز/يوليو 2019، ولفترة فاقت الأسبوعين، وطالب المُتَظَاهِرُون باستقالة الحاكم “ريكاردو روسيلو”، واستخدمت الشّرطة، منذ اليوم الأول، العنف الشديد، والرصاص والغازات المسيلة للدموع، واعترفت الشرطة بإصابة ما لا يقل عن 18 متظاهر، واعتقال عدد لم تُعلن عنه، خلال يوم واحد (الإثنين 22/07/2019)، وتحولت الإحتجاجات، في الأيام اللاحقة إلى إضراب عام، في جميع أنحاء الجزيرة الأمريكية، حتى الإستجابة لمطالب المُحْتَجِّين، ورَفَضَ الحاكم الإستقالة، وأعلن “سأستمر في العمل من أجل سكان بورتوريكو”، لكن وسائل الإعلام توقعت، منذ يوم الثلاثاء 23/07/2019، تنحى “ريكاردو روسيلو” عن منصبه، بعد مظاهرة ضخمة يوم الإثنين 22/07/2019، بمُشاركة المغني “ريكي مارتن”، وملكة جمال العالم “ماديسون أندرسون”، وغيرهما من المشاهير، وأغلق المُحْتجّون طريقا سريعا في العاصمة “سان خوان”، وأغلقت العديد من المحلات التجاريّة أبوابها، كما سمحت بعض الشركات لموظفيها بمغادرة العمل لبعض الوقت للمشاركة في الاحتجاجات، حسبما قالت صحيفة “أل نويفو” اليومية، لأن مطلب تَنَحِّي الحاكم، لا يُهدّدُ مصالح الأثرياء، بل يستهدف شخصًا واحدًا، يُمثل طبقة، لن تتضرّر بعد تَنَحِّي فردٍ منها، أصبَحَ مَنْبُوذًا، ووجب التّخلُّصُ منه (مثلما حصل في تونس ومصر واليمن)، قبل أن يَجُرَّ وراءه طبقة الأثرياء، ويُهدّد مصالحها…
بعد أكثر من أسبوعَيْن من المظاهرات الحاشدة (من 13 إلى 25/07/2019) أعلن حاكم “بورتو ريكو” “ريكاردو روسيلو”، يوم الخميس 25/07/2019 استقالته من منصب الحاكم “اعتبارًا من الجمعة 2 آب/أغسطس 2019″، بحسب تصريحه.
احتلت إسبانيا أرخبيل “بورتوريكو”، منذ بداية القرن السادس عشر، وحتى نهاية القرن التاسع عشر، وأعطتها إسم “بورتوريكو” (الميناء الغَنِيّ)، واستعبد الأوروبيون السكان الأصليين، وقضَوا على معظمهم بالقتل الجماعي والتهجير، واستعمرتها الولايات المتحدة، بداية من 1898، إثر هزيمة إسبانيا العسكرية، في المحيط الهادئ، والفلبين، وفي البحر الكاريبي… أ.ف.ب + وكالة “ريا نوفوستي” (روسيا) + رويترز من 18 إلى 25/07/2019
الصين، حادث عمل: أعلنت وسائل الإعلام الصينية الرسمية، يوم السبت 20 تموز/يوليو 2019، مقتل خمسة عشر شخصًا على الأقل، وإصابة عشرين آخرين، بجروح خطيرة، وعدد آخر لم يُحَدّده التلفزيون الحكومي الصيني، ممن كانت إصاباتهم أَقَلَّ خُطُورَةً، بسبب انفجار هائل وقع في مصنع للغاز، وسط البلاد، على بعد حوالي 900 كيلومتر، جنوب غرب العاصمة بكين، وأشارت إلى احتمال ارتفاع حصيلة الضّحايا، إذ تبحث فِرق الإنقاد على خمسة مفقودين، وربما أكثر من ذلك، ولم تنفجر خزّانات الغاز، بل حدث الإنفجار في وِحْدَةِ فَصْلِ الهواءِ، ما أدّى إلى تَوَقُّفِ المصنع عن العمل، وأدّى الانفجارُ إلى تحطم الزجاج والأبواب في مبان في دائرة شعاعها ثلاثة كيلومترات، وسقطت الأبواب داخل المباني، بفعل الانفجار، وارتفع الدخان الكثيف من النوافذ المُكَسَّرَة للمباني، وخَلَقَ الإنفجار حالة هَلع بين السّكّان، وأعلنت المُستشفيات حالة الطوارئ الصحية… تعدّدت مثل هذه الحوادث التي يذهب ضحيتها، في المقام الأول، عُمّال المناجم والمَصانع، ورغم تعتيم السلطات الصينية على عدد الضحايا، فإن ضحايا حوادث المناجم (دون غيرها) يفوق ثلاثة آلاف سنويا، في المُتوسّط، لِيُسَدّدَ العُمّال ثمنًا مُرتَفِعًا جدًّا لنمو الصين… عن شينخوا + رويترز 20/07/2019
بريطانيا: تولت “تيريزا ماي” رئاسة الوزراء سنة 2016، لتصبح ثاني امرأة من حزب المُحافظين، تتولى المنصب (بعد “مارغريت تاتشر” من 1979 إلى 1990)، وهي من بين أقل رؤساء الوزراء بقاء في منصبهم في تاريخ بريطانيا، بسبب نتائج التصويت على خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، وهو الإتجاه التي دافعت عنه مع أغلبية حزبها (حزب المحافظين)، لكن شروط الإنسحاب من الإتحاد الأوروبي، أدّت إلى نقاش مُعقّد في المجتمع، بعد فَوات الأوان، فاستقال عدد من الوزراء خلال فترة قصيرة، واضطرت “تيريزا ماي” إلى الإستقالة، وعين حزبها “بوريس جونسون”، (وزير الخارجية في حكومة تيريزا ماي من 2016 إلى 2018) لرئاسة الحزب، يوم الثلاثاء 23 تموز/يوليو 2019، وبالتالي لرئاسة الحكومة، وهو يحمل الجنسية الأمريكية ‘(بحكم مولده في الولايات المتحدة) والبريطانية… استفزازي ويضاهي في بذاءته “دونالد ترامب” (مِثالُهُ في ميدان السياسة وإدارة شؤون البلاد، وفي مجال السياسة الخارجية)، وتسبب في خساائر مالية كبيرة، عندما كان رئيس بلدية لندن (من 2008 إلى 2016)، بسبب مشاريع مكلفة وغير مدروسة بدقة، وغير مجدية، وكان من أكبر الدّاعين للخروج من الإتحاد الأوروبي، في استفتاء حزيران/يونيو سنة 2016…
بالنسبة لقضايانا كعرب، أعلن “بوريس جونسون” إنه “صهيوني حتى النّخاع”، وإنه مُعجَبٌ بالرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، وأدْلى بتصريحات مُعادية للمهاجرين وللمسلمين، وأكّد ذلك في مقالات مكتوبة، منذ 2005 (على الأقل)، وكان في كتاباته الصحفية يكذب ويختلق أحدثًا تاريخية لم تقع أصلاً، وينسب بعض الأقوال إلى أناس، إما غير موجودين، أو لم يكتبوا ما نسبه لهم، أو عاشوا في فترة غير الفترة التي يَذْكُرُها “جونسون” في مقالاته، وكتب سنة 1988 مقالاً في صحيفة “تايمز”، نسب فيها إلى الملك “إدوارد الثاني”، أحداثًا وقعت في سنة 1325، مع شخص أُعْدِمَ قبل 13 سنة (1312)، وأطردته صحيفة “تايمز” لأنه اختلق اقتباسًا، ونسبه إلى باحث جامعي…
وصفت “سافلي روبرتس”، عضوة البرلمان البريطاني عن حزب “بلايد كامري” الويلزي، زعيم حزب المحافظين الجديد بوريس جونسون بـ “المهرج الذي أصبح رئيسا للوزراء”، وأعلنت الوزيرة الأولى في اسكتلندا (حكم ذاتي داخل بريطانيا) وجود “بعض الإختلافات مع بوريس جونسون، وأعربت عن مخاوفها ومخاوف الاسكتلنديين من أرائه المتطرفة، وغير المتوازنة…
يتوقع أن يُكلف خروج بريطانيا حوالي أربعين مليار يورو… عن بي بي سي + رويترز 23/07/2019
أوروبا وأمريكا، صراع الكَواسِر: يقال إن السياسة لا تعترف بالأخلاق ولا بالصّداقة، ولا تعرف سوى المصالح، وهذا حال العلاقات بين الولايات المتحدة و”حلفائها” (باستثناء الكيان الصهيوني)، سواء الشُّرَكاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو في الحُرُوب العُدْوانية، ولا تستطيع الولايات المتحدة الإبقاء على هيمنتها دون إخْضاع “الحُلفاء” والشُّركاء، وفرضت الولايات المتحدة رُسومًا على سلع حلفائها، مثل كندا والإتحاد الأوروبي واليابان، وأعلنت الإدارة الأمريكية، في بداية شهر تموز/يوليو 2019، إنها تدرس فرض رُسوم جديدة (إضافية) “مُشَدَّدَة”، على إنتاج الاتحاد الأوروبي، وتستهدف تسعين منتجًا غذائيًّا أوروبيا، بقيمة أربعة مليارات دولارا، ردا على ما تعتبره “دعما غير منصف من الإتحاد الأوروبي لشركات صناعة الطيران”، وستضاف هذه السّلع الجديدة إلى قائمة سابقة أُعلن عنها في نيسان/أبريل 2019، وقيمتها 21 مليار دولار، وتعتبر الولايات المتحدة إن هذا الإجراء يهدف إلى “فرض احترام حقوق الولايات المتحدة في خلافها مع الاتحاد الأوروبي وبعض الدول، المطروح (الخلاف) أمام منظمة التجارة العالمية، بشأن الدعم الأوروبي لقطاع صناعة الطيران”، وتعني أمريكا بذلك مجموعة “إيرباص” المنافسة لشركة “بوينغ” الأمريكية، ويعود الخلاف وتبادل الإتهامات أمام منظمة التجارة العالمية، بتقديم “مُساعدات غير مُنْصِفَة”، إلى 14 عاما، وازداد الصّراع حِدّةً، لمّا بدأت الشركة الأمريكية “بوينغ” تواجه أزمة نتيجة مشكلات تعاني منها طائرتها من طراز “737 ماكس” وتسببت بتحطم طائرتين، الأولى تابعة لشركة “لايون إير” الإندونيسية في 29/10/2018، مما أدّى إلى مقتل 189 شخصا، والثانية تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية تَحطمت في آذار/مارس 2019، وراح ضحيتها 157 قتيلا…
أما توقيت إعلان الرئيس الأمريكي، إعادة إشعال نار الحرب التجارية مع الإتحاد الأوروبي، فجاء بعد يومين على توصل واشنطن وبكين إلى هدنة (والهُدْنَة بطبيعتها مُؤَقَّتَة) في الحرب التجارية الجارية بينهما، عقب لقاء بين ترامب ونظيره الصيني “شي جين بينغ”، على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة “أوساكا” باليابان…
في قطاع السّيارات، أكّدت الأخبار، الواردة من الصين (وزارة التجارة الصينية)، في الأسبوع الأخير من شهر أيلول/سبتمبر 2018، تَقَدُّمَ ألمانيا على الولايات المتحدة في قائمة مُصَدِّرِي السيارات للصين، بسبب الحرب التجارية التي جعلت الشركات الأمريكية تخسر مواقع في السوق الصينية، التي تُعدُّ الأكبر في العالم، ومن يفوز بالمرتبة الأولى فيها، يتقدّم على المُنافِسِين، لأن السوق الصينية استوعبت 24 مليون سيارة بيعَتْ سنة 2017، وكانت رُدُود الفعل الأمريكية سلبية (كالعادة)، ولكن وزير التجارة الصيني أعلن صراحة “إننا مُضْطَرّون الصيني للرد على الولايات المتحدة في نزاعهما التجاري، مما يخلق فُرَصًا للدول الأخرى، في مجالات عديدة، من بينها قطاع المواصلات والمحروقات (الغاز الطبيعي) والسلع الغذائية وغيرها…”، واضطرّت الإدارة الأمريكية إلى إعلان “هُدْنَة”، بسبب التأثير السلبي للحرب التجارية ورفع الرسوم الجمركية، مما يُؤَثِّرُ سلبًا على النمو الاقتصادي العالمي، واشترطت حكومة الصين “محادثات قائمة على المساواة والإحترام المُتبادل”، لاستئناف مفاوضات التجارة مع واشنطن، وأعلن ممثل وزارة التجارة الدولية الصيني: “إن الولايات المتحدة هب الرابح الأول من المبادلات التجارية بين البَلَدَيْن”، وبينما تحقق الصين فائضا في التجارة مع الولايات المتحدة، تحقق الولايات المتحدة فائض أرباح مع الصين…
في أوروبا، وارتباطًا بصناعة السيارات، أعلنت مفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي “سيسيليا مالمستروم” إنه لم يحصل أي تقدّم في محاولات التّوصّل إلى اتفاق تجاري، بين الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، واتهمت الولايات المتحدة بعرقلة المُحادثات، لأن الولايات المتحدة تَدْعَم المُزارعين، وتتهم أوروبا واليابان والهند والصين بدَعْم المُزارعين، وأعْرَبَتْ عن “استعداد الاتحاد لزيادة الرسوم الجمركية على سلع أمريكية بقيمة 35 مليار يورو ( حوالي 39 مليار دولارا) في حال فرضت واشنطن رسوما على السيارات الأوروبية، وتعتبر الولايات المتحدة إن قطاع الغيار والسيارات الأوروبية “تشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي”… عن موقع “ستاتيستِكا” + “شينخوا” + د.ب.أ + أ.ف.ب، بين أيلول/سبتمبر 2018 و 24/07/2019 (بتصرف)
احتكارات: ارتفعت إيرادات مجموعة “مايكروسوفت” الأمريكية العملاقة للتقنية، التي تحتكر برامج تشغيل الحواسيب، خلال الربع الثاني من سنة 2019، وبلغت (خلال ثلاثة أشهر، من نيسان/ابريل إلى حزيران 2030) 33,72 مليار دولارا، وارتفعت بنسبة 12% بالمقارنة مع إيرادات الشركة عن نفس الفترة (الربع الثاني) من العام 2018، وبلغت قيمة أرباحها، 13,19 مليار دولارا، خلال الربع الثاني من سنة 2019، بفضل ارتفاع قيمة مبيعات خدمات “أنشطة الحَوْسَبَة السَّحابِية، ولِنْكد إن و أوفيس”، بنسبة 19%، فارتفعت بالتالي قيمة أَسْهُمِها في البورصة، لتتجاوز قيمة الشركة في الأسواق (القيمة “السُّوقِيّة”) تريليون دولارا (1,05 تريليون دولارا)، وبذلك عززت مجموعة “مايكروسوفت” مكانتها كأغْلى شركة في العالم، من حيث “القيمة السُّوقية”، وسجل سهمها ارتفاعاً في قيمته بنسبة فاقت 3% في تداولات يوم الجمعة 19 تموز 2019، وارتفعت قيمة السّهم بنسبة 38% منذ مطلع العام وحتى 19/07/2019… أصبحت مجموعة “مايكروسوفت”، الشركة الوحيدة في العالم التي تتجاوز قيمتها السوقية تريليون دولار، وكانت شركة “آبل” قد حققت هذا الرقم خلال سنة 2018، وكانت أول شركة تُحقِّقُ هذا “الإنْجاز”، في تاريخ الرأسمالية…
القيمة السّوقية، هي قيمة إجمالي الأسهم المتداولة في أسواق المال، لِشَرِكَةٍ ما، في لحظةٍ مَا، وتتغير هذه القيمة، بسرعة أَحْيَانًا، لأن أسعار الأسهم قابلة للإرتفاع وللإنخفاض، وفق البيانات والأخبار المتداولة، التي يستغلُّها المُضارِبُون لشراء أو بيع أسهم شركة مُعيّنَة، أو مجموعة شركات…
في قطاع المصارف، وفي الولايات المتحدة، تجاوزت أُصُول ستة مصارف أمريكية ( جي بي مورغان، و بنك أوف أمريكا، وسيتي غروب، و ويلس فارغو و غولدمان ساكس و مورغان ستانلي ) 10,2 تريليونات دولارا، وهي المصارف المسؤولة عن المثضاربات العقارية التي أدّت إلى أزمة 2008، وضخ المصرف المركزي الأمريكي (الإحتياطي الإتحادي) أموالاً طائلة، تكفي للقضاء على الجوع والمرض والأمّية في العالم، وزيادة، وأعلنت مجموعة “غولدمان ساكس” (وهو مصرف استثمار)، يوم 17/07/2019، عن انخفاض بنسبة 6% في الأرباح الفصلية الصافية (الربع الثاني من سنة 2019) لأصحاب الأسهم “العادية”، من 2,35 مليار دولارا خلال الربع الثاني من سنة 2018 إلى إلى 2,20 مليار دولار في الربع المنتهي في 30 حزيران/يونيو 2019، مما خفض سعر ورِبْحَ السّهم، وتراجعت الإيرادات الصافية للأسْهُم، بنسبة 2%، إلى 9,46 مليارات دولار… أما مصرف “جيه.بي مورغان تشيس آند كو”، فقد ارتفعت إيراداته الصافية بنسبة 4%، إلى 29,57 مليار دولارا، وارتفعت أرباحه الفصلية الصافية، بنسبة 16%، من 8,32 مليارات دولارا، بنهاية الرّبع الثاني لسنة 2018، إلى 9,65 مليارات دولار، بنهاية الربع الثاني لسنة 2019…
أعلن مصرف “دويتشه بنك” أكبر مَصارف ألمانيا، يوم 08/07/2019، إلغاء 18 ألف وظيفة، أي نحو 20% من قوته العاملة لينْخَفِضَ عدد موظفيه إلى نحو 74 ألف موظف، في العالم، بحلول العام 2022، ضمن عملية “إعادة الهيكلة”، لتدارك ضُعْف الأداء، وبسبب غرامات أمريكية، لأنه حاول، خلال الأزمة المالية، غزو السّوق الأمريكية، ومنافسة مصارفها العملاقة (راجع الفقرة السابقة)، وتأمل إدارة المصرف، خفض التكاليف السّنوية (بعد تسريح الموظفين) بقيمة ستة مليارات يورو (6,7 مليارات دولار)، وأعربَ وزير المالية الألماني عن “تفاؤلِهِ بخطة إعادة الهيكلة” (أي إن الوزير لا يهتم بمصير الموظفين ال18 ألف، ولا يهتم سوى بأرباح المصرف، وأرباح مالكي الأسهم)، وكان المصرف قد نَقَلَ جزءًا من نشاطه سنة 2018، من لندن إلى فرانكفورت، وسرّح المُوظّفين، ثم فشلت محاولات اندماج “دويتشه بنك” و”كوميرزبنك”، أكبر مصرفين في ألمانيا، أواخر نيسان/أبريل 2019 …
في قطاع الطّيران، أعلنت مجموعة الصناعات الجوية “بوينغ”، يوم الخميس 18/07/2019 تخصيص 4,9 مليارات دولار لتغطية النفقات المترتبة عن حادِثَيْنِ للطائرة “737 ماكس” أسفرا عن سقوط 346 قتيلا، مما أدّى إلى حظْرِ تَحْلِيق هذا النموذج من الطائرات في العالم، منذ شهر آذار/مارس 2019 (هل كانت الشركة تأمل أن تحصل على ميدالية الرحلات الآمنة، بعد قتل هذا العدد من المُسافرين؟)، وأعلنت أن المشاكل التي تواجهها طائرتها من طراز “737 ماكس” ستؤدي إلى تراجع إيراداتها، وأرباحها قبل، في الفصل الثاني من العام بمقدار 5,6 مليارات دولار، وتضغط الشركة لكي تستأنف هذه الطائرة رحلاتها في الربع الأخير من العام 2019، بعد تعهّد الشركة بتسديد مبلغ مليون دولار لأسرة كل ضحية من ضحايا حادثي الطائرتين التابعتين لشركة الطيران الاثيوبية (157 قتيلا) ولشركة “لاين اير” (189 قتيلا)، وكلفت محاميا أمريكيا بإدارة صندوق خاص، لتعويض أُسَر الضّحايا، رأسماله خمسون مليون دولار…
ملاحظة: أوْرَدْنا عَمْدًا بعض التّفاصيل، بشأن المَصارف، بهدف إظهار دور رأس المال المالي (المَصْرِفِي) في نهب ثروات الشعوب وعَرق العُمال، فالإيرادات الفصلية (لربع سنة) تتجاوز قيمة الميزانية السنوية لدولة غير نفطية، متوسطة، ووجب التّنبيه إلى ضخامة الأرباح الصافية، ويكن القيام بعملية حسابية بسيطة لتقريب قيمة “تريليون دولار” إلى أذهاننا (وهي قيمة أُصُول ست مصارف أمريكية)، نُشير إن راتب عُمّال الشركات الكُبرى الأمريكية لا يصل إلى 7,5 دولارا في الساعة (كأجر متوسط)، أي أقل من 1200 دولارا شهريا لعامل بدوام كامل… ولتحصيل تريليون دولارا، وجب على بضعة عشرات الملايين من العمال، العمل المتواصل لبضعة قُرُون، دون إنفاق سنْتٍ واحدٍ، لتحصيل هذا المبلغ… عن وكالة “د. ب. أ” (ألمانيا) + موقع “بزنس إنسايدر” (بريطانيا) + وكالة “بلومبرغ” (أمريكا) 20/07/2019
منظمات “غير حكومية“
انتشرت المنظمات “غير الحكومية”، في الدول الفقيرة، وفي البلدان الواقعة تحت الإحتلال، والهيمنة الإمبريالية، وهي مؤسسات “اجتماعية” جديدة، تقوم بنفس الدور الذي كانت تُؤَدّيه الجمعيات الدّينية والمؤسسات الخيرية التي أسّسها الرأسماليون في المناطق الصناعية، والمناجم، وغيرها خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين في أوروبا، بهدف السيطرة على الفئات الشعبية والعُمّال والفُقراء…
قَدَّر الباحث “جيمس بتْراس” ( من جامعة “بيغهامتون” بنيويورك، فسم علم الإجتماع)، سنة 1999، عدد المنظمات “غير الحكومية” التي تُمولها الولايات المتحدة وأوروبا (عندما كانت تُسمّى “المجموعة الأوروبية”، وبها 12 دولة عضو) واليابان، بأكثر من خمسين ألف منظمة، تعمل في البلدان الفقيرة والواقعة تحت الإحتلال، أو ما يُسمّى “العالم الثالث”، وتحصل على تمويلات تفوق قيمتها عشرة مليارات دولارا، من “مؤسسات مالية دولية، ومن الوكالات الحكومية (مثل “يو إس آيد”) ومن ما أصبح يعرف بالأتحاد الأوروبي، ومن اليابان، وهي منظمات لا تُقدّم أي كشوف سوى للمُموِّلِين، ولا يُشارك الفُقراء (الجُمْهور المُستهدَف، بلغة هذه المنظمات، ولغة البنك العالمي) في اختيار المشاريع ولا في طريقة الإنجاز، ولا في تَقْوِيم المشاريع، ويتمتع مُديرو المُنظمات الكُبْرى بامتيازات، تُضاهي أحيانًا امتيازات ورواتب مُدِيري الشركات، اعترافًا من المُمَوِّلِين بدَوْرِهِم في السيطرة على الغضب الشعبي، وإخماد أي شرارة قد تُؤدي إلى ثورة ملايين الناس، من الفقراء، وخاصة من النساء ومن العاملين في القطاع المُوازي (غير الرسمي)…
اجتذبت المنظمات غير الحكومية أكاديميين وباحثين ومناضلين سابقين في صفوف اليسار والحركة النقابية، ووَظّفت قُدُراتهم النضالية والمَعْرِفِيّة، ومهاراتهم التنظيمية، والبلاغية الخطابية الشعبية التي تُميِّزُهُم، والقُدْرَة على الإقناع، في تنفيذ مُهمات، وتحرير تقارير وخطابات، تتجنب التحليل الطبقي، وتتجنب الحديث عن الإستغلال وعن الشّركات متعددة الجنسية التي تسببت في إفلاس الفلاحين وفي الإستغلال الفاحش للطبقة العاملة العالمية والمَحَلِّيّة، وتتجنب التّطرُّق إلى الإمبريالية والإحتلال (في فلسطين والعراق وأفغانستان وهايتي وغيرها)، وتدعو بالخصوص إلى التفاوض من أجل التوصّل إلى “الحلول الحضارية” أي السلمية، وتَجْرِيم العنف الثوري لمواجهة عنف الدولة وعنف رأس المال والإمبريالية، حتى في فلسطين المحتلة، ويُمْكن اعتبار قادة المنظمات “غير الحكومية”، الكبيرة، والمُتَمَوِّلَة من الولايات المتحدة وكندا والإتحاد الأوروبي واليابان، فئة من الكومبرادوريين الجدد، الذين جاء أغلبهم من “اليسار” الذي لا يُوفِّرُ فُرَصَ الإرتقاء الطّبَقِي، ولا ينتج قادةُ المنظمات “غير الحكومية” أي سلعة، بل يُنْتِجون خطابًا وخدمات وممارسات مُفيدَة للدول “المانحة”، ويتاجرون بالبؤس المحلي، من أجل الحصول على امتيازات شخصية، ويمَجّدُ بعض اليساريين والنقابيين في المغرب وتونس ومصر والأردن وفلسطين بعض المنظمات “غير الحكومية” (ومنها المنظمات الألمانية، ومنظمات أوروبا الشمالية)، التي تُشْرِف على برامج تدريب النقابيين، على احترام القوانين وعلى النضال السلمي وعلى “المُرونة”، ومُراعاة المُحيط الإقتصادي، عند تقديم المطالب النقابية، كما يُمجّدُون بعض منظمات حقوق الإنسان التي تُقدّم من حين لآخر نَقْدًا للأنظمة التي تقمع كل المواطنين، ولكن تقارير هذه المنظمات لا تُركّز سوى على بعض الفئات، بهدف تقسيم الشعوب الفقيرة (فقط) إلى مجموعة من “الأقليات”…
إن قادة المنظمات “غير الحكومية” هم فِئة جديدة من البرجوازية الصغيرة، ارتقى أفرادُها، طَبَقِيًّا، بضع درجات، في السُّلّم الإجتماعي (الطّبَقِي)، دون الإعتماد على الملكية الخاصة، أو وراثة الثّرْوة، بل على التّمويل الأجنبي (الإمبريالي)، مُقابل تقديم التّقارير عن الوضع في بلادهم، ومقابل قدرتهم على حَرْفِ السخط الشعبي، وتوجِيهِهِ نحو “المشاريع الصغيرة” المُخَصّصَة للفُقراء، والقروض بشروط أكثر إجحافًا من شروط صندوق النّقد الدّولي، ليُصبح الفقير مُستغلاًّ لنفسه، بدل توجيه الغضب الشعبي نحو الشركات والمصارف العابرة للقارات، ومن يُمثل مصالحها في البلدان الفقيرة…
إن عَدُوَّنا الرئيسي، كعرب، وكشعوب مُضْطَهَدَة، وكطبقات مُسْتَغَلّة، يبقى الإمبريالية (كمرحلة عليا للرأسمالية)، ومن يُمثِّل مصالحها عالميا (الشركات العابرة للقارات، وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية…)، وأنتجَت الإمبريالية حركات استعمارية وعنصرية، مثل الصهيونية، التي لا تستهدف فلسطين لوحدها، وإنما كافة الشعوب العربية، وتعاملت الصهيونية مع نظام جنوب إفريقيا، والأنظمة الدكتاتورية العسكرية في أمريكا الجنوبية، وتتعاون حاليا مع اليمين المتطرف الأوروبي… لكن لا يجب إهمال الأدوات الجديدة للإمبريالية، مثل الدين السياسي، أو ما أطلقت عليه الولايات المتحدة “الإسلام السياسي المُعتدل” (حركة الإخوان المسلمين، والوهابية…)، وكذلك المنظمات “غير الحكومية” المُمَوّلَة أجنبيا، من الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي واليابان، لأن هذه المنظمات تعمل على التّخفيف من حدة غضب العمال والفُقراء والفلاحين، ومحاولة طَمْس الأضرار التي لحقت بهؤلاء جراء تطبيق برامج “الإصلاح الهيكلي”، والخصخصة وسياسات التقشف، والكوارث التي خلفتها هذه السياسات في الأرياف، كما في المناطق الحَضَرِيّة، في أسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، ولا تملك المنظمات غير الحكومية برامج خاصة بها، بل أنشأتها ومَوَّلَتْها حُكومات الدّول الإمبريالية لتُنفِّذَ برامج وخطط تخدم مصالح هذه الدول الرأسمالية، والرأسمالي لا يعرف سوى لُغة “الإستثمار” من أجل قطف الثمار (الأرباح)، فهو يُمول المنظمات “غير الحكومية” لِغَرْسِ ثقافة الإستجداء، ولتفتيت وتدمير الحركات المناهضة للرأسمالية، وللإستغلال الطبقي وللإضطهاد القَوْمِي، وللإحتلال، عبر تجزئة الشعوب إلى فئات لا يربطها وطن واحد بل تختصم فيما بينها لأسباب دينية أو أثنية أو غيرها، واستخدمت “يساريين” سابقين لتمرير مثل هذه المشاريع التّخريبية، تحت عناوين بَرّاقة، مثل “التخفيف من حدة الفوارق الإجتماعية” أو “محاربة الفَقر” و”الحَوْكَمَة” و “الشّفافية”، وتدّعي الدّعاية الرّسمية لبعض المنظمات “غير الحكومية” إنها تُقاوم، من خلال بناء أُسُس النموذج البديل ل”الأنظمة المتسلطة” ول”العولمة المتوحشة”، ولا تتجرأ هذه المنظمات على الخروج من العُمُوميات إلى التفاصيل، لأن الشركات متعددة الجنسية والمصارف والدول الإمبريالية تُمَوِّلُها، من أجل صَرْفِ نظر المُسْتَغَلِّين والمُضْطَهَدِين عن الأستغلال الطبقي، والصراع الطبقي، ولا تخرج مشاريع هذه المنظمات عن المنطق الرأسمالي، إذ يُؤدّي الحصول على القُروض الصغيرة إلى مراقبة مُسْتَمِرّة لسَيْر المشاريع، تحت غطاء “إسْداء المَشُورة”، وهي قُروض قصيرة المدى وبفائدة مُرْتفعة، وتربط الفُقراء بمنظومة الإستغلال، وبالسوق، مُساهمةً من المنظمات “غير الحُكُومية” في تكميل عَمل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، وإدماج المناطق الريفية، والأحياء الفقيرة، في الدورة الإقتصادية الرأسمالية، عبر المشاريع الخاصّة، وإبعاد سُكّانها عن الأحزاب والمنظمات المناهضة للرأسمالية، خصوصًا في الهند وأمريكا الجنوبية، و”إطفاء الحرائق”، ثم تَقْويض مقاومة الفئات الشعبية للإستغلال وللإضطهاد وللإحتلال (في هايتي وفي فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها)، وعملت المنظمات الكبرى الموصوفة “غير حكومية”، في مناطق عديدة من العالم، على رَبْط الشركات متعددة الجنسية بالمنتجين الصغار، وأحيانًا بالمُبْتَكِرِين المَغْمُورين في أرياف أو ضواحي مُدُن آسيا أو إفريقيا…
هذه الفقرات مُستوحاة من مقال نَشَرَهُ “جيمس بتراس”، قبل عشرين سنة (سنة 1999)، بعنوان “المنظمات غير الحكومية: في خدمة الإمبريالية” ( NGO : In The Service of Imperialism )، ونُشِرَ في العدد الفَصْلي الرابع من “مجلة آسيا المُعاصرة” ( Journal of Contemporary Asia ) الرُّبع الأخير من سنة 1999، كما نشرتْهُ مواقع تَقَدّمية أخرى، وللكاتب موقع على الشبكة، يحتوي على مؤلفاته وبعض المقالات التحليلية باللغتيْن الإنغليزية والإسبانية
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.