خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 507
من دواعي الثورة: ارتفعت قيمة ثروات العالم خلال سنة 2018، بنحو 360 مليار دولارا، أو ما نسبته 2,6% لتصل قيمتها الإجمالية إلى 70,85 تريليون دولارا، منها 3,8 تريليونات دولارا في الولايات المتحدة و1,9 تريليون دولارا في الصين و1,1 تريليون دولارا في بلدان الإتحاد الأوروبي، وارتفعت قيمة الثروة العالمية، بفضل زيادة الإنتاج، وكذلك بسبب زيادة عوائد السندات والأسهم والمُضاربات، ولم يُنتج الأثرياء بضاعة أو خدمات تُبَرِّرُ هذه الزيادة، بل أنتج العُمال والفلاحون والحِرفِيُّون غذاءً وملابس وتجهيزات وآلات وغير ذلك من السّلع والخدمات، لكن من لا يُنتج يستحوذ على جُهْد وثمرة إنتاج الآخرين، مما يخلق عدم توازن وفوارق هامة، إذ تستحوذ نسبة 1% من الأثرياء على نسبة 45% من الثّروات الفَرْدِيّة في العالم، ويملك 10% من الأثرياء نحو 82% من الثروات الفردية في العالم، فيما لا يملك 50% من سُكّان العالم سوى أقل من 1% من الثروات الشخصية (الفردية والأُسَرِية) في العالم، بنهاية حزيران 2019، بحسب التقرير نصف السنوي لمصرف “كريدي سويس”، وتُبين هذه الأرقام، دون الدخول في التفاصيل، عدم المساواة في الدخل، وعدم استفادة أغلبية سُكّان العالم من ارتفاع قيمة الثروات، بل حصل العكس، إذ انخفض مؤشر الرَّفَاه العام، وتعمقت الفجوة الطبقية داخل كل بلد، وبين الدول، وبين مختلف مناطق العالم، وتعمقت الهُوّة بين متوسط دخل مواطني البلدان الفقيرة ( حوالي سبعة آلاف دولارا سنويا) ومتوسط دخل الفئات العليا في البلدان الثرية، الذي بلغ نحو 936,5 ألف دولارا سنويا، ولكن قد تكون هذه الأرقام مُضلِّلَة، لأن الفوارق الطبقية اتسعت داخل البلدان الغنية (الإمبريالية) وارتفع عدد السكان الذين يعيشون في حالة فقر، في أمريكا الشمالية وأوروبا، وارتفعت قيمة دُيُون فئة الشباب البالغين، ما رَفَعَ نسبة من اعتُبِرَتْ “ثروتهم الصافية سَلْبِيّة”، فالثروة الصافية من الأصول المالية (الأسهم والسندات والنقد) والعقارات، بعد خَصْم قيمة الدّيون من هذه الثروة… (وَردت هذه الأرقام ضمن التقرير السنوي لمصرف “كريدي سويس“ 2018 والتقرير نصف السنوي للنصف الأول من سنة 2019 )
ديمقراطية رأس المال:
يدّعي مُرَوّجو الإيديولوجيا التي انبثق عنها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي “إن السوق تحقق الديمقراطية الاقتصادية، وتتيح فرص التّربّح والإثراء الشخصي، وإن السوق تُحدّد ملامح المجتمع…”، وترويج فكرة الثراء الشخصي والرفاه الفردي، مع معارضة شديدة للحقوق الاقتصادية الجماعية، ما يعني أن مظاهر الديمقراطية السياسية، من نقاش وانتخاب واستفتاء، مجرّد مُكمّل “للديمقراطية الإقتصادية” المزعومة، أو تعلّة للتخفيف من وطأة “قانون السوق” على الفُقراء، وأداة لإلهائهم، وإيهامهم بأنهم يتحكمون بمصريهم، عبر “التمثيلية النيابية”، بينما يتحكم السوق (وليس الشعب، أو مؤسسات الدولة) بمصير البلاد والعباد…
فَرض رأس المال، بِزَعَامَةِ الولايات المتحدة، بعد الحرب العالمية الثانية، خلال أقل من 15 سنة، عددًا من الحكومات الدكتاتورية (العسكرية والمدنية) من أجل ترسيخ هيمنة السوق والشركات متعددة الجنسية على ثروات البلدان والشعوب، ومن بينها، على سبيل الذّكر، لا الحَصْر، الانقلاب على رئيس وزراء إيران محمد مصدق، سنة 1953، لأنه أراد تأميم النفط، والإنقلاب ضد رئيس غواتيمالا “خاكوبو آربنس”، سنة 1954، وضد رئيس الوزراء الأردني سليمان النابلسي سنة 1957(وهي الحكومة التي انبثقت عن انتخابات ديمقراطية)، واغتيال رئيس حكومة الكونغو “باتريس لومومبا” سنة 1961، والإنقلاب ضد الرئيس “جواو غولارت” في البرازيل، سنة 1964 والرئيس أحمد سوكارنو في إندونيسيا، سنة 1965، والرئيس “كوامي نكروما” في غانا، سنة 1966…
كان هدف هذه الإنقلابات، ترسيخ سلطة رأس المال (السوق) ضد إرادة الشعب، وضد الحكومات التي قد تُعرقل انتصار السوق، عبر توفير التعليم المجاني والرعاية الصحية والكهرباء والخدمات للفقراء، أما الحكومات التي عملت على التخفيف من حدة الفوارق الطبقية وإنجاز برامج إصلاح زراعي وتوزيع الأراضي على الفلاحين الفُقراء، وزيادة ميزانية الإنفاق الإجتماعي والإستثمار في القطاعات المنتجة، فقد اتهمتها الولايات المتحدة وإعلامُها النّافذ ب”الشيوعية”، وهو ما يُبرِّرُ في نظرها التشهير بها، بذريعة “عدم احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان”، وتبرير إزاحتها عبر الإنقلابات العسكرية وعبر تمويل ما يُسمّى “المجتمع المدني” والمنظمات المُسمّاة “غير حكومية”…
من الضروري إعادة توجيه النقاش حول قضايا الديمقراطية الاقتصادية، والحق في التعليم المجاني والرعاية الصحية والمسكن والخدمات والنقل العمومي، واعتبار الماء النّقي الصالح للشرب والكهرباء والثقافة، وغيرها من الخدمات، جزءًا أساسيا من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية، ولا تُشكّل هذه المطالب والقضايا سوى برنامج وطني (وليس اشتراكي، كما يدّعي البعض)، يهدف تخفيف (وليس القضاء على) من حدة التفاوت الطبقي، الذي فرضته سياسات “الليبرالية الإقتصادية”، خلال العقود الأربعة الماضية، في معظم البلدان في إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، والتي أدّت إلى انتشار رُقعة الفساد، وتركيز ثروات المجتمع بين أيدي زُمْرة من اللصوص والفاسدين.
السودان: بلغت ديون الحكومة السودانية نحو خمسة وخمسين مليار دولارا، وتأخرت حُكومة الجيش وقوى الدّين السياسي، الحاكمة منذ 1989، في تسديد أقساط قُروض الدائنين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، وشكلت فوائد الديون المتأخرة، حوالي 25 مليار دولارا، من القيمة الإجمالية لهذه الدّيون، مما أدّى إلى رفضَ الصندوق الموافَقَة على قُرُوض جديدة، سواء قبلَ أو بَعْدَ عَزْل عمر البشير، أو أثناء الإحتجاجات التي انطلقت بنهاية سنة 2018، إثر إلغاء دعم الوقود والنّقل والغذاء، و”تحرير” سعر صرف الجُنَيْه، الذي انهار إثر “تَحْرِيره” (كما في كل دولة أقدمت على هذا الإجراء الذي يَفْرِضُهُ صندوق النقد الدولي) وجدّد الصندوق رَفْضَهُ بنهاية شهر نيسان/ابريل 2019، عندما أعلن أحد مسؤوليه: “نُواصِلُ تقديم الدعم الفني والسياسي للسودان، لكنه لا نستطيع تقديم تمويل إضافي بسبب المتأخرات”، وتزامَنَ هذا التّصريح مع بدْءِ المحادثات بين وفد المعارضة و”المجلس العسكري الإنتقالي” الذي استحوَذَ على الحُكْم، بعْدَ عَزْل الجنرال عمر البشير، ونظّمَ البشير بدوره انقلابا سنة 1989 واستحوذ على الحكم طيلة ثلاثة عُقُود، بدعم من الإخوان المُسلمين، لكن الأوضاع الإقتصادية ساءت، بعد انفصال الجنوب، سنة 2011، وخسارة البلاد نحو 75% من إنتاج النّفط، لأن الحُقُول موجودة في الجنوب، فارتفعت نسبة البطالة، وانخفضت قيمة الجُنَيْه السوداني، فارتفعت الأسعار، مما زاد من نسبة التّضخّم، وشكّل الغلاء، وسوء ظروف المعيشة والبطالة، أهم أسباب الإحتجاجات التي انطلقت أواخر سنة 2018 (ولو لم تكن الأولى من نوعها)، وتواصلت رغم القَمْع، وتطورت المطالب لتصبح اقتصادية وسياسية، تستهدف الإطاحة بالنّظام…
أدّت الإحتجاجات، بعد أشهُرٍ من المُظاهرات التي عَمّت البلاد، إلى فتح محادثات بين قيادات الجيش التي استولتْ على الحُكم، وجزء من المُعارضة، واتفق الطرفان على تشكيل حكومة مختلطة بين الجيش وبعض القوى السياسية اليمينية، لكن البلاد تعيش حالة انهيار اقتصادي، أدّت إلى تراجع حجم الناتج المحلِّي الإجمالي، وارتفاعًا قياسيا في مستوى التّضخّم، والبطالة، وأعلن رئيس الوزراء المُعيّن “عبد الله حمدوك”، وهو موظف سامي في المؤسسات المالية الدّولية، في أول تصريحاته، يوم 24/08/2019، بعد تعيينه يوم 21/08/2019، إن حُكومته (التي لم يستكمل تشكيلها أثناء التّصريح) تحتاج، إلى ملياري دولارا بشكل عاجل، في غضون ثلاثة أشهر، وإلى “مساعدات” أجنبية بقيمة لا تقل عن ثمانية مليارات من الدّولارات، خلال سنَتَيْن، لإصلاح البنية التحتية، و”لإعادة بناء البلاد” (وهي عبارة فَضْفاضة)، وللإنفاق على الواردات (كالحبوب والوَقُود)، كما أعلن أن حكومته بدأت محادثات مع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، لمناقشة إعادة هيكلة الديون…
تميّز الوضع الإقتصادي، طيلة مُدّة الإنتفاضة، بانخفاض قيمة العُملة المحلّيّة إلى سبعين جنيْها مقابل الدولار، في بداية العام 2019، وشَحّت السيولة من المصارف، وارتفعت نسبة التّضخّم بسبب انخفاض قيمة الجُنَيْه، وارتفاع الأسعار، وتعطلت بعض مواقع الإنتاج، مما تسبب في فقدان بعض السّلع من الأسواق، وغرق الإقتصاد في حالة من الرّكُود، ما يُؤشّر إلى تراجع جديد لقيمة الناتج الإجمالي المحلّي، بنهاية العام 2019، وأشار تقرير حديث لصندوق النقد الدولي، إلى انكماش الإقتصاد السوداني بنسبة 2,1% خلال سنة 2018، وقد ينكمش بنسبة 2,3% بنهاية سنة 2019، ويتوقع التقرير انخفاضًا نسبيًّا للتضخم من 64,3% سنة 2018، إلى نحو 49,6% مُتَوَقَّعَة بنهاية سنة 2019، وقد يُؤَدِّي تشكيل حكومة ائتلاف إلى عودة حركة التجارة والتّعاون الإقليمي، بين السودان وجيرانها، وخصوصًا دولة جنوب السودان والحبشة وإريتريا، حيث توقّفَ تنفيذ بعض المشاريع المشتركة، منذ انطلاق الإحتجاجات…
تُلخّص بعض الصّحف السودانية أولَوِيّات الحكومة الجديدة في مكافحة الفساد، واستقرار قيمة العُملة، للحد من ارتفاع الأسعار، وللسيطرة على التّضخّم، وتوفير السّلع والخدمات الضّرُورِيّة التي يحتاجُها المُواطنون، مع توجيه الإستثمارات نحو القطاعات المُنتِجَة كالتّعدين(523 ألف طن من احتياطي الذهب)، والزراعة، التي تُوَفِّرُ طبيعة ومناخ البلاد، أُسُسَ تنميتها وزيادة المحاصيل، مثل الأراضي الخصبة والمياه، لكن الحكومة تفتقد إلى الموارد، وفي حال اقترضت أموالاً من الخارج، يشترط الدّائنون خفض العجز وإلغاء الدّعم، وخصخصة المؤسسات العُمومية والمرافق، وتحرير سعر صرف العملة المحلّية، وتوجيه جُزء من القُروض نحو القطاع الخاص، وغيرها من الإجراءات التي أدت إلى إطلاق احتجاجات المغرب وتونس ومصر والسودان والأردن واليمن، وغيرها من بلاد العالم…
من جهة أخرى تعيش البلاد حالةَ انهيار اقتصادي، مع عجز تجاري مُرتفع، وديون مُرتفعة، وانخفاض قياسي في احتياطي العملة الأجنبية بالمصرف المركزي، وأدّى سوء حال البُنْيَة التّحْتِيّة إلى بقاء آلاف الأُسَر بدون مأوى، إثر الفيضانات والسيول التي اجتاحت أجزاءً واسعة من البلاد، بنهاية شهر آب/أغسطس 2019، وارتفاع قياسي لمنسوب نهر النيل، بالتزامن مع أحداث “فتنة” بين بعض الفئات من السّكّان بسبب المياه والمَراعي وغيرها من المشاكل التي وجب وضع آليات للوقاية من حُدُوثِها، وأدّى انهيار الإقتصاد إلى اتّساع حجم الإقتصاد المُوازي، وإلى ارتفاع نِسَب البطالة والفَقْر، واستغلت الأُسَر الحاكمة في السعودية والإمارات البطالة والفقر، في ظل خفض أو إلغاء الدعم الحكومي للخبز والوقود والكهرباء والدواء، وفي ظل استهتار النظام بحياة وكرامة المُواطنين، لتُجَنِّدَ آلاف الشّبّان والجُنُود السودانيين للمشاركة في العُدْوان على شعب اليمن، (وقد تطلب الإمارات والسعودية مزيدًا من الشبان والجنود، لدعم “خليفة حفتر” في ليبيا، ضد الإخوان المسلمين)، مُقابل “ودائع” (أي قُروض)، لدَعْم احتياطي المَصْرف المركزي، بفائدة تُعادل 3% سنويّا، بعد مرور سَنَتَيْن، إضافة إلى “تسهيلات ائتمانية” (أي قُروض على ذمة الحكومة السودانية) لتسديد سعر شحنات النّفط السّعودي والإماراتي، وتعهّدت السعودية والإمارات، إثر الإطاحة بالرئيس الجنرال عمر البشير، بتقديم ثلاثة مليارات دولار “كمساعدات” للسودان ، والواقع أن جزءًا من هذا المبلغ سوف يكون في شكل “وديعة” لدعم احتياطي المصرف المركزي، والبقية قروضًا مشروطة، لتمويل توريد الوقود (من السعودية والإمارات) وتوريد القمح الأمريكي، والأدوية، من شركات مُحَدَّدَة… عن موقع “النِّيلَيْن” – موقع صحيفة “السوداني” – بوابة “أخبار السودان” – وكالة “رويترز” – وكالة فرنس برس (أ.ف.ب) – من 29 نيسان إلى 28 آب/أغسطس 2019
الأردن، تحت الهيمنة الأمريكية – نموذج مدينة “الرّمْثا“: كان معبر الرمثا- درعا الحُدُودي هو المعبر الرئيس الوحيد للنقل الدولي للمسافرين وللبضائع، قبل افتتاح معبر “جابر” (من الجهة الأردنية) – “نصيب” (من الجهة السّورية)، سنة 1995، فأصبحت الطّريق أَطْوَلَ قليلاً، لكن ازدهرت تجارة وأسواق مدينة “الرّمْثا”، قبل سنة 2011، بفضل التجارة مع سوريا، بحكم قرب المدينة الأردنية من مدينة “درعا” السورية، وكانت الأُسَر الأردنية تُسافر صباحًا إلى درعا في سوريا، وتعود مساءًا، مُحمّلة بالدّخان والبنزين والبضائع السّورية (المُدعّمة من الحكومة السورية)، وأصبحت المدينة سُوقًا وطنية، يأتيها التّجّار من كافة مناطق الأردن، لشراء البضائع السورية، وأدّت الحرب إلى توقف حركة التجارة بين البلَدَيْن، وتدفّق الآلاف من اللاجئين السوريين، ليرتفع عدد المدينة الأردنية ومنطقتها، من 130 ألفًا قبل سنة 2010 إلى حوالي 257 ألفًا بنهاية سنة 2018…
بعد استعادة الدّولة السّورية سلطتها على الجنوب، اتفقت الحكومتان على فتح الحدود، في تشرين الأول/اكتوبر 2018، وطالت أفواج المصطفين الأردنيين، على معبَر “جابر – نصيب”، من الزائرين والتّجار، وممن يحاولون تحقيق إيرادات إضافية تُساعدهم على تحمل غلاء الأسعار في الأردن، ولم تَتواصلْ وتيرة تدفّق الراغبين في زيارة سوريا، بسبب الضّغط الأمريكي الذي تُرْجَمَ في البداية بتحديد أيام العمل بخمسة أيام، وتحديد ساعات العمل، وبالتّضْيِيق على المُسافرين والتّجّار، من الجانب الأردني، خصوصًا بعد الإعلان الصريح والعَلَني للولايات المتحدة، برَفْضِ إعادة العلاقات التجارية بين الأردن وسوريا، وتَدخّل المُلحق السياسي لسفارة الولايات المتحدة، لدى الحكومة الأردنية، فيما عقد الملحق التجاري في السفارة الأمريكية اجتماعًا مُباشِرًا مع جمعية رجال الأعمال الأردنية، وهَدّدَ التّجّارَ ورجالَ الأعمال المتعاملين (مهنيًّا) مع سوريا، بتطبيق ما سُمِّيَ “قانون قيصر” الأمريكي، ومعاقبة من لا يمتثل لقرارات الدّولة الأمريكية (في أي مكان من العالم)، وتجميد حساباته المصرفية، ثم عقد وفدٌ من سفارات أمريكا وبريطانيا وفرنسا لقاءًا مع نقابة تُجّار مدينة “الرّمثا” الأردنية، لردْعِهم عن التجارة مع سوريا، ونَفّذَ التّجّار والسّائقون والمواطنون الأردنيون عددًا من الإحتجاجات، بسبب زيادة التّضْيِيقات الحكومية، وحجز البضائع بدون سبب معروف، وارتفاع الرسوم ومدة الإنتظار، مما يُسبب تَلَفَ البضائع، بعد حَظْرِ الحكومة الأردنية استيراد مئات أنواع البضائع من سوريا، وأصدرت الحكومة قائمة تضم حوالي ستمائة مواطن من السّفر إلى سوريا، وبعد ثلاثة أيام من المواجهات بين المواطنين وقوات الدّرك، أفرجت السلطات على بعض المعتقلين (خلال الإحتجاجات) ولكنها أبقت على 16 شخصا في مراكز الإعتقال، وبقيت قوات الدّرك المُسلّحة مُرابطة في المدينة بعد قمع الإحتجاجات…
اعتبر سُكّان مدينة “الرّمثا” قرارات الحكومة، الناتجة عن الضغوطات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، كارثة اقتصادية، وعَبَّر السكان ونواب المنطقة ورئيس البلدية ورئيس غرفة التجارة عن دعمِهِم للمُحتجّين، خلال اجتماعات عامة، عُقِدت في المدينة، وفسرت بعض الصحف والمواقع الإعلامية موقف الحكومة الأردنية، واللجوء إلى القمع، بخضوعها للموقف الأمريكي الذي يشَدِّدُ الحصار على سوريا، ويزيد من دعم الكيان الصهيوني، فيما لا تعبأ الحكومة الأمريكية بمصالح الأردن، من خلال تقديم “صفقة القرن”…
تزامن الضغط على الأردن مع ضغوطات عديدة على حكومة لبنان، واتخاذ الولايات المتحدة عددًا من القرارات المُعادية للدولة اللبنانية أغلبية الشعب اللبناني، وآخرها قرار وزارة الخزانة الأمريكية (بتعاون مع حاكم المصرف المركزي اللبناني وجناح من الحكومة اللبنانية)، إدْراج مجموعة “جمال ترست بنك” وثلاثة شركات لبنانية أخرى، ضمن ما يُسمى لائحة “أوفاك”، بتهمة “توفير خدمات مالية ومصرفية لمؤسسات تابعة لحزب الله”، وهو ثاني مصرف لبناني يتعرض لمثل هذا الإجراء، دون اتهامه ب”غسيل الأموال” أو غير ذلك من المخالفات، لكن لمجرد فتح حسابات مصرفية، لمعاملات عادية جدًّا، لا يمكن لأي مصرف في العالم العمل بدونها… عن موقع “حِبْر” (بتصرف) 31/08/2019
الخليج، فلوس النّفط: يقدّر إنفاق السائحين في العالم بنحو 1,3 تريليون دولارا، تستفيد منها دول مثل فرنسا وأميركا وإسبانيا والصين وتركيا، ولا تستفيد الدول العربية، التي تُطنب في الحديث عن “صناعة” السياحة (المغرب وتونس ومصر والأردن) سوى بفُتات لا يُسمن ولا يُغْني من جوع، باستثناء الإمارات (خصوصًا “دبي”) التي أصبحت محطة للأثرياء.
ارتفع إنفاق السائحين الصينيين (ككُتْلَة) من سبعين مليار دولارا سنة 2011، إلى 102 مليار دولارا سنة 2018، بزيادةٍ قاربت نسبتها 40%، ويقدّر المتوسط العالمي لإنفاق السائح الواحد (من كافة الجنسيات وفي كافة أرجاء العالم) بنحو 2390 دولارا للسائح، سنة 2018، لكن الخليجيين يمتلكون الرقم القياسي للإنفاق السياحي الفردي، وعلى رأسهم السعوديون الذين ينفق الواحد منهم مبلغًا قدره 6666 دولارا في المتوسّط، ليُنفق السعوديون أموال النفط، وكذلك أموال مسلمي العالم، وإيرادات السياحة الدّينية (العمرة والحج) في أوروبا وتركيا وغيرها، ويفوق إنفاق السائحين الخليجيين ثلاثين مليار مليار دولارا، تستفيد منها الدول الأوروبية ومنها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، ويُنفق السعوديون حوالي 13 مليار دولارا سنويا، والكويتيون والإماراتيون نحو 6,5 مليارات دولارا لكل منهما، يليهم القَطَريون بنحو 500 مليون دولارا، والعُمانيون بحوالي 400 مليون دولارا، والبحرينيون بنحو 300 مليون دولارا…
تُعتَبَرُ بريطانيا الوجهة المفضلة للسائحين الخليجيين، بنحو 530 ألف سائح خليجي، سنة 2018، وأنفقوا نحو ملياري دولارا، بمعدل 3416 دولارا للسائح الخليجي الواحد، وهو أربعة أضعاف معدل إنفاق السائح غير الخليجي، بحسب وكالة السياحة البريطانية، التي أعلنت أن الإنفاق الإجمالي للسائحين بلغ 28,8 مليار دولارا سنة 2018، وتُخطّط بريطانيا لرفع عدد السائحين الخليجيين (وإنفاقِهم “السّخي”)، بنسبة 30%، بنهاية سنة 2020…
في ألمانيا، أشار تقرير رسمي أن السائح الخليجي أنفق بمعدل سبعة أضعاف ما أنفقه غير الخليجي، سنة 2018، وبلغ معدل إنفاق السائح الخليجي الواحد في ألمانيا 4990 دولارا، في حين لا يتجاوز إنفاق السائح غير الخليجي في ألمانيا معدل 700 دولار، وتصدر السعوديون والإماراتيون والكويتيون الجنسيات الأكثر إنفاقاً في ألمانيا من دول مجلس التعاون.
تُعد فرنسا أول وجهة سياحية عالمية (والثالثة من حيث الإيرادات بعد الولايات المتحدة وإسبانيا)، بأكثر من 83 مليون سائح، ويزورها نحو مليون سائح من “الشرق الأوسط” (؟ )، وأكثر من 700 ألف خليجي، وخصوصًا من الإمارات والسعودية والكويت، ولا يشغلون سوى 2,5% في مجمل الليالي الفندقية في فرنسا، إلا أنهم يُغَطُّونَ نسبة 30% في الليالي الفندقية في الفنادق والمنتجعات الفاخرة ويُنْفِقُ أكثر من 50% من السياح الخليجيين نحو 6490 دولار في اليوم الواحد، بمعدل 11 يوما لإقامة السائح الخليجي الواحد…
بالإضافة إلى الدول الأوروبية المذكورة، استقبلت دُبَي نحو 1,1 مليون سائحًا سعوديًّا من إجمالي مِليُونَيْ سائح خليجي، خلال سنة 2018، وأنفق السائحون السعوديون في دُبي نحو 430 مليون دولارا بواسطة بطاقات “فيزا” فقط، في المحلات التجارية والمطاعم… عن منظمة السياحة العالمية (الأمم المتحدة) + تقرير شركة “فيزا” لبطاقات الإئتمان – نيسان/ابريل 2019
تشيلي: ارتفع سعر تذكرة مترو “سنتياغو”، عاصمة تشيلي أكثر من عشرين ضعفًا، بين 2007 و 2019، ويستخدمه حوالي ثلاثة ملايين مسافر يوميا، ورفعت حكومة تشيلي سعر تذكرة المترو مجدّدًا، مما جعل الطلبة من أبناء الفئات متوسطة الدّخل يحتجون، منذ الرابع عشر من تشرين الأول/اكتوبر 2019، ثم توسعت الإحتجاجات إلى الفئات الشعبية، ضد الفساد والبطالة وغلاء الأسعار، في ظل اقتصاد ريعي، يعتمد على صادرات النحاس، التي تباطأت فتباطأ معها الإقتصاد، لينخفض معدل النمو من 6% سنة 1992، بعد إزاحة الدكتاتورية العسكرية بقيادة الجنرال الإنقلابي “أوغستو بينوشيه” (المدعوم من صندوق النقد الدّولي والولايات المتحدة) إلى نمو سلبي بنسبة – 1,5%، بالتوازي مع ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، واتساع الفجوة الطبقية، إذْ تفوق ثروة 10% من سكان البلاد 26 ضعف ما يملكه نسبة 10% الأشد فقرًا في البلاد، وساهم النظام الضريبي في تعميق الفجوة الطبقية، بالإضافة إلى الفساد “القانوني”، وتهريب الثروات إلى الخارج…
تميزت “تشيلي” بعدم القطع مع الدكتاتورية العسكرية، حيث اتفقت “النُّخب”، على إزاحة “بينوشيه” والحكم العسكري “بسَلاسَة”، ولم تحصل عمليات مُحاسَبَة ولا تطهير في الإدارة وفي الدّولة، والرئيس الحالي “سيباستيان بينيرا” من أثرياء البلاد، الذين واصلوا تنمية ثرواتهم بعد انقلاب 11 أيلول 1973، وكان أخوه (عضو مجلس الشيوخ حاليا) من الداعمين للإنقلاب العسكري)، ولا تزال قوانين الطوارئ وحظر التجوال التي أقرّها الحكم العسكري، سارية المفعول، واستخدمها الرئيس “بينيرا” ووزيره للداخلية “أندريس تشادويك”، الذي دافع باستماتة وبقناعة عن نظام الدكتاتورية العسكرية، ولم تقع محاسبته أو استبعاده من حكم البلاد، بل كافأه الرئيس الحالي (وطبقة الأثرياء التي يُمثلها) بتعيينه وزيرًا للداخلية، في حكومة أعلنت حالة الطوارئ وحظر التجوال، وكلفت الجيش بقمع المتظاهرين، لِتُعيد لذاكرة الشعب أيامَ الإنقلاب العسكري، وكان ذلك من عوامل تكثيف الإحتجاجات وتَجْذِير الشعارات، رغم ارتفاع عدد المعتَقَلِين، والضحايا من القتلى والجرحى، واضطرت الحكومة إلى التّخلّي عن لُغة العَجْرَفَة والتّعالي، وإلغاء زيادة أسعار النّقل العمومي، لكن الغضب توسّع ليشمَل فئات جديدة، ولتتسع الشعارات والمطالب، ضد الفساد والفقر والبطالة… متابعة وكالة رويترز + موقع صحيفة “إندبندنت” طيلة شهر تشرين الأول/اكتوبر 2019
الأرجنتين: طلبت حكومة الأرجنتين، يوم الأربعاء 28 آب/أغسطس 2019، من صندوق النقد الدولي إعادة جدولة ديونها البالغة 57 مليار دولار، في مقابل تدابير التقشف المالي، بسبب احتمال قوي للتخلف عن السّداد، مثلما حصل في بداية الألفية الثالثة، مما أثّرَ سَلْبًا على العُملة المحلية وعلى الأسعار والإستثمار وغير ذلك من علامات الأزمة، ما جعل وزير المالية (الجديد) يُلن، بعد أسبوعٍ من تعيينه، إن أولوية الحكومة تتمثل في الحفاظ على استقرار سعر صرف العملة المحلية (البيزو)، لاحتواء التّضخّم، ولطَمْأَنَةِ الرأسماليين والمواطنين (النّاخِبِين)، لأن انخفاض سعر البيزو بنسبة 20% وتراجع قيمة الأسهم بنسبة 30%، خلال أسبوع واحد، أدَّيَا إلى إقالة سَلَفِهِ، يوم 17/08/2019، وسَبَقَ أن انخفضت قيمة “البيزو” سنة 2018، بنسبة 50%، ما جعل الحكومة تستنجد بصندوق النقد الدولي الذي أقرَضَها 57 مليار دولارا، بِشُرُوط، ويجب على الدّولة تسديد الدفعة الأولى من القرض سنة 2021، وأصبح صندوق النقد الدولي يُشْرِفُ على برنامج الحكومة الإقتصادي، ويتدخّلُ (تَبَعًا لذلك) في القرارات السياسية السّيادية، وأقامت بعثة “فَنِّيّة” (وفق تسمية الصندوق) لصندوق النقد الدولي في العاصمة “بوينس آيرس”، مباشرةً بعد إعلان النتائج السّيّئَة لليمين، الذي ينتمي له الرئيس وحكومته، في الإنتخابات التّمهيدية (11/08/2019)، قبل الانتخابات الرئاسية في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019، ويَدْعَمُ صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة الرئيس الحالي (الملياردير) وحكومته اليمينية، لكي لا يعود التيار “البيروني” (وهو ليس يَسَارًا، مثلما يعتقد الكثير)، الذي قرّر مُمثله “نيستور كيرشنر” قطع العلاقة مع الصّندوق، وتسديد ما تبقّى من الدّيون بشكل مُبكّر، سنة 2006، وكان الرئيس “كيرشنر” يُعول على ارتفاع إيرادات صادرات الإنتاج الزراعي، وأصبح “نيستور كيرشنر” رئيسًا بعد أزمة 2001، حيث تخلّفت الدّولة عن سداد الدّيون، مع إغلاق المصانع وارتفاع نسبة البطالة والفَقْر، وأدّى تطبيق البرنامج “الكينزي” ل”كيرشنر” الزوج، ثم زوجته بعد وفاته (وهي سَبِقَتْهُ في مجال السياسة)، إلى الخروج من الأزمة، رغم العراقيل التي نصبتها الولايات المتحدة وصندوق النقد الدّولي…
لم تَحُل الديون مشاكل اقتصاد البلاد، بل أصبح على حافة الإنهيار، وبلغت نسبة التضخم، خلال 12 شهرًا، من بداية آب/أغسطس 2018 إلى 31 تموز/يوليو 2019، نحو 54,4%، وهي من أعلى معدلات التضخم في العالم، وأدّى ذلك إلى انخفاض الاستهلاك، وإغلاق الشركات، وزيادة نسبة الفقر التي بلغت نحو 33%، من إجمالي عدد السّكّان البالغ عددهم نحو 45 مليون نسمة، ونسبة البطالة التي تجاوزت 10%، وبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي حوالي 500 مليار دولارا، بنهاية 2018، لكن بلغت قيمة الدُّيُون 325 مليار دولار حتى نهاية الرّبع الأول (آذار/مارس) من سنة 2019، وتعد الأرجنتين ثاني أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، بعد البرازيل، لكن كلا البلَدَيْن يعيشان أزمة حادّة، تمَظْهَرت في خفض الإنفاق الحُكُومي (عدا الإنفاق على أجهزة القمع والجيش) الذي يُؤثِّرُ سَلْبًا في حياة الفُقراء والأُجَراء، وحتى الفئات متوسطة الدّخْل، وخفضت وكالتا “فيتش” و”ستاندرد آند بورز” (وهما وكالتان خاصّتان أمريكيتان، في خدمة وإرْشاد المُستثمرين) تصنيفهما للدين السيادي الأرجنتيني، يوم الجمعة 23/08/2019، مما أثار شبح تخلف البلاد عن سداد ديونها مع اقتراب انتخابات يمو 27 تشرين الأول/اكتوبر 2019، وعَلّل تقرير وكالة “فيتش” هذا القرار بتوقع خُبرائها انكماش اقتصاد الأرجنتين بنسبة 2,5%، وارتفاع الدّيْن الحكومي بنحو 95% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية سنة 2019، وإحجام رؤوس الأموال عن الإستثمار في اقتصاد الأرجنتين، خصوصًا بعد إعلان شركة “هوندا موتور” اليابانية، التّوقف عن إنتاج السيارات في الأرجنتين، سنة 2020… عن صحيفة “بوينس آيرس تايمز” + “رويترز” + أ.ف.ب من 19 إلى 29/08/2019
شبه القارة الهندية– كشْمير: انقسم إقليم “كشمير” إلى شطْرَيْن، إثر انفصال باكستان عن الهند سنة 1947، وأصبح الإقليم، الذي يتمتع بحكم ذاتي، بُؤْرَة نزاع مُستمر، ومنطقة مدجّجة بالسّلاح على حدود الدولتيْن الجارَتَيْن، وأقدمت حكومة اليمين المتطرف التي يقودها حزب “باهارتيا جاناتا”، بزعامة “نانيندرا مودي”، يوم السادس من آب/أغسطس 2019، على إعلان عملية انقلاب دستوري، وإلغاء الحكم الذاتي لمُقاطَعَتَي “جامو” و “كشمير”، وإدارتِهما مُباشرة من قِبَل الحكومة الإتحادية في “نيو دلهي”، التي حَرمت حوالي مليونَيْ مواطن من الجنسية الهندية، في إشارة إلى الجيش والمجموعات الهندية المتطرفة والمُسلّحة لقتلهم، دون أية متابعة أو عقاب، وقطعت الهند خطوط الإتصال بالمنطقة، وكثفت وجود الجيش الذي ألقى القبض على عدد من المواطنين والقياديين السياسيين والنقابيين، في خطوة “استباقية” (وقائية)، ووضع العديد منهم تحت الحجز، أو الإقامة الجبرية، وكَثّف الجيش من إطلاق النار، على المتظاهرين، وفي المتاجر وفي البيوت وفي الشوارع، وجرَحَ عدد لم يقع إحصاؤه، بحكم عزل المنطقة عن بقية العالم، وتطويق الجيش وإغلاق كافة المنافذ، ومع ذلك تسرّبت العديد من الأخبار والصّور عن حضور ومشاركة مُستشارين وخُبراء قَمع صهاينة إلى جانب الجيش الهندي في كشمير، وسبق أن كتب عدد من الصحافيين التقدّميين، منذ نحو عشر سنوات، عن “البصمة الصهيونية” في مشروع تقسيم منطقة “كشمير” إلى ثلاثة أقاليم منفصلة، أو “بنتوستانات”، وتغيير التركيبة الديموغرافية لسكّان المنطقة، بإدماج مُستوطنين من داخل الهند، ومنحِهم امتيازات تجعلهم يستقرون هناك، ويوالون الحكومة الإتحادية الهندية، ضد مصالح السّكّان الأصلِيِّين… يعود الإحتلال العسكري الهندي، من الطراز الإستعماري، لكشمير، إلى العقدَيْن الأخيرَيْن من القرن العشرين، أي خلال حُكم حزب المُؤتمر، وقبل وصول حزب “بهارتيا جاناتا” إلى الحكم، بسنوات عديدة، وأرسَت الحكومة الهندية “نظامًا” إداريّا وسياسيا وعسكريًّا، يتسم بانتشار الرشوة والتهديدات وإرهاب الدولة والخطف والاختفاء القسْرِي للكشميريين، وتظاهرت النّساء، سنة 2004 ضد عمليات الإغتصاب التي يُمارسها الجنود الهنود، والإعدامات بعد الإغتصاب، في ما لا يقل عن إثنتي عشر حالة معروفة ومُوثّقَة، وإعدام كل من يتجرّأ على فضْح الإنتهاكات الخطيرة (التعذيب والإغتصاب والإعدام…) للجيش الهندي وللمليشيات التي أنشأها وسلّحها ودعمها، وكشف المواطنون، سنة 2009، مقبرة جماعية، وبها ما لا يقل عن 2700 قبر لأشخاص “مجهولين”، وهو رقم قريب من عدد حالات الإختفاء القَسْرِي في ثلاث مُقاطعات، والبالغ حوالي ثلاثة آلاف اختفاء، خلال ما يُقارب أربعة عقود، ويتمتع الجنود بحصانة مُطْلَقَة، في كشمير، وفق الباحثة الهندية “أنغانا شاترجي”، التي نفذت بحثًا ميدانيا في منطقة “كشمير”، بين سنتَيْ 2006 و 2011، ونشر الدِّراسَة “معهد كاليفورنيا للدراسات المتكاملة”…
استخدمت حكومات باكستان المتعاقبة، منذ ثمانيات القرن العشرين، مجموعات إرهابية “إسلامية”، حاربت السوفييت في أفغانستان، في كشمير، بدعم ضمني أو مكشوف، في ذلك الوقت، من حكومات بريطانيا (مارغريت تاتشر) والولايات المتحدة (رونالند ريغن)، وأدّى تسريب الإرهابيين إلى القضاء على السكان الأصليين، من المُسلمين “العاديين”، وأتباع الطُّرُق الصُّوفِيّة، وتدمير النّسيج الإجتماعي المَحَلِّي، ما أدى إلى فرار العديد من منطقتهم الأصلية، ثم دعمت المخابرات الباكستانية مجموعات مُسلّحة، سحقها الجيش الهندي، بوحشية منقطعة النّظير، ثم أنشأت الهند بدورها مجموعات مسلحة، سمّتها “قوات الشرطة الإحتياطية”، اكتشفها أهالي كشمير سنة 2010، استخدمت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي ضد المتظاهرين، في الشارع، وفي مؤسسات التعليم والمتاجر والأسواق، ولم يسلم منها حتى الأطفال الذين أطلق عليهم عناصرها الرصاص، وقتلوا بعضهم، وتتجاهل الصّحف الهندية بكافة اتجاهاتها، عمليات القتل والتعذيب والإغتصاب، كما تجاهلت أحداثًا أخرى، من بينها تحدِّي عشرات الآلاف من الكشميريين قرار حظر التجوال، بعد قتل الجيش الهندي، أكثر من مائة الطلاب الشباب والعاطلين عن العمل الذين تظاهروا، ونظم المواطنون جنازتهم، خلال فترة حظر التجوال، بمشاركة عشرات الآلاف من المُشاركين، في عملية تحدّي للجيش الهندي المُحتل، ودعمت الولايات المتحدة تجاوزات الحكومات الهندية المتعاقبة، منذ فترة حُكم “بيل كلينتون” (الديمقراطي) و “جورج بوش” (الجمهوري)، قبل أن تصبح الهند حليفًا استراتيجيّا للولايات المتحدة، وللكيان الصهيوني، كما تجاهلت وسال الإعلام التي تُموّلها السعودية والإمارات “إرهاب الدّولة” الهندية في “كشمير”، بل دعمت حكومة الهند التي أشرف زٌعماؤُها على مذابح المسلمين، ونَظّموا مجازر طائفية، أودت بحياة أكثر من مليون شخص، وفرار أعداد هائلة من المواطنين الهنود، الذي أصبحوا نازحين داخل البلاد، أو لاجئين خارجها، خلال أقل من عقدَيْن… عن “ذا نيويورك رفيو أوف بوكس” (مجلة نيويورك للكُتُب ) آب/أغسطس 2019
بريطانيا، “ديمقراطية” رأس المال: تدّعي الإيديولوجيا السائدة في فرنسا إنها “بلد حقوق الإنسان”، والواقع إنها بلد “إعلان حقوق الإنسان”، ولا يعني ذلك مُطلَقًا احترام هذا الإعلان، أو الميثاق، وتدعي الأساطير الحديثة إن بريطانيا هي “أم الدّيمقراطيات”، متجاهلة إن للدّيمقراطية أشكال عديدة، وأحدثها التمثيل البرلماني، أي اتخاذ القرارات نيابة عن الشعب، وباسمه، وهو ليس النوع الوحيد أو الأفْضَل للحكم “باسم الشعب”، وأظهرت الأحداث إن هذا الشكل من الديمقراطية خدعة، وآخر الأدِلّة على ذلك، تعليق رئيس الوزراء البريطاني (اليميني جدًّا جدًّا، والصهيوني الذي عاش فترة مع أخته في مستوطنة صهيونية على أرض مسروقة) للبرلمان لأسابيع، بموافقة الملكة “إليزابيث الثانية”، بهدف تمرير عدد من القرارات، دون نقاش، ومن بينها تنفيذ الخروج من الإتحاد الأوروبي (بريكسيت) دون اتفاق مع الإتحاد الأوروبي، ودون نقاش داخلي، ما اعتبره البعض “انقلاباً على النظام الديمقراطي”، وتغليب السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، بدل العمل على توازن السلطات، وكانت وسائل الإعلام والأحزاب اليمينية البريطانية والأوروبية والأمريكية تُنَدّد بما تعتبره “عدم احترام أسُس الديمقراطية” في كوبا وفنزويلا وروسيا والصين، وغيرها من الأنظمة التي تختلف معها، أو تنافسها في الأسواق، ولم يُثِرْ قرار تعطيل عمل البرلمان استنكارًا كبيرًا، يتناسب مع أهمّيّة “الحَدَث”، سواء في الخارج، أو في الدّاخل، حيث تظاهر عدد قليل من المُحتجّين في لندن وفي “إدنبرة” (اسكتلندا)، ويُتوقّع أن تتضرَرَ الفئات الوسطى والطبقة العاملة من تطبيق البرنامج “اليميني المُحتفظ” لحكومة “بوريس جونسون”، الذي يتضمّن خفض الضرائب على ثروة الأثرياء، وعلى رأس المال وأرباح المُضاربة، وتشديد سياسات التقشف، وخفض الإنفاق على البرامج الإجتماعية، مع رفع سن التقاعد إلى 75 عاماً، وخصخصة التعليم العام، وبيع “هيئة الاستشفاء الوطنية” لرأس المال الأميركي، وإلغاء مجانية الصحة للفُقراء، وإتمام نَسْف المكاسب التي لم تتمكن حكومات مارغريت تاتشر وتوني بلير من تقويضها، وللتذكير فإن آخر مرّة وقع تعليق البرلمان كانت في القرن السابع عشر، سنة 1640، وتسبّب القرار في انطلاق حرب أهلية، أُعْدِم خلالها الملك “تشارلز الأول”، لكن الظّرْف يختلف، بعد حصول رئيس الوزراء على “مُبارَكَة” انقلابه، من قِبَلِ الملكة والكنيسة الرّسمية، ليتمكّن “بوريس جونسون” من تنفيذ خطة الخروج من الإتحاد الأوروبي، بدون اتفاق، تتنفيذ برنامج يميني جددًّا على المستويات الإقتصادية والإجتماعية، برنامج لا يخدم سوى أثرى الأثرياء، وعلى صعيد العلاقات الخارجية، عبر تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، والكيان الصهيوني (يصف جونسون نفسه بالصهيوني المتحمّس والمُقتنع إيديولجيا)، ومع الهند ومع مشيخات النفط في الخليج، في محاولة لتعويض بعض ما تخسره بريطانيا بعد خروجها من الإتحاد الأوروبي… عن بي بي سي – رويترز (بتصرف) 29/08/2019
أمريكا، هل يحفر “ترامب” قَبْرَهُ بيديْه؟ نشر مكتب الميزانية بالكونغرس الأمريكي تقريرًا يوم الإربعاء 21 آب/أغسطس 2019، وَوَرَدَ في التقرير “إن سياسات الرئيس دونالد ترامب التجارية، والتعريفات الجمركية التي فَرَضَها، والخلافات التجارية التي لا تنتهي مع العديد من دول العالم، قد أضرت بالمستهلك والعائلات في الولايات المتحدة الأميركية، مثلما أضرّت بالمزارعين وبالاقتصاد الأميركي وبالإقتصاد العالمي، وسو تتسبّبُ بانخفاض دخل الأُسْرَة الأميركية العادية بـ580 دولارا بحلول سنة 2020…”، وتُظْهِر وثائق الكونغرس الأمريكي، وصندوق النّقد الدّولي، تَوَقُّعات بارتفاع العجز في ميزانية الولايات المتحدة، إلى نحو 960 مليار دولارا، خلال السنة المالية 2018/2019، وإلى نحو تريليون دولار، في السنة المالية 2019/2020، مع احتمال ظهور تأثيرات سَلْبِية أخرى بسبب الحرب التجارية مع الصين، ومع بقية دُوَل العالم.
من جهة أخرى، أثار نواب الكونغرس النتائج السلبية للتخفيضات الضريبية الهامة التي مَنَتها الإدارة للشركات الكبرى ولأثْرى الأثرياء، بدون شُرُوط، منذ 2017، مما خفض إيرادات الخزينة الأمريكية، ليرتفع عجز الميزانية إلى مستويات قياسية، بزيادة تريليون دولارًا، خلال السنوات العشْر القادمة، وأسفرت مفاوضات الإدارة (الحكومة) مع الكونغرس، بشأن الميزانية، إلى زيادة عجز الميزانية بنحو 1,7 تريليون دولارا، خلال السنوات العشر المقبلة، فيما انتقد بعض النواب زيادة الإنفاق على بعض الإجراءات، ومن بينها إنْشاء سور على حُدُودِ المكسيك، بقيمة لا تقل عن 6,5 مليارات دولار، وتُمَوّلُ الحكومة الأمريكية العجْزَ بالإقتراض، في ظل انخفاض إيرادات الضرائب على أرباح المُضاربين وعلى أرباح الشركات، ويتوقّعُ مكتب الموازنة بالكونغرس أن يرتفع عجز الحكومة الإتحادية، وأن يصل الدَّيْن العمومي إلى “مُسْتوياتٍ غيرِ مسبوقةٍ منذُ نهايَةِ الحربِ العالميةِ الثانيةِ”.
من جهته، أصدر صندوق النقد الدولي توقعاته الدّورية، ويتوقّعُ خبراء الصندوق أن لا تؤدّي سياسة فرض الرسوم الجمركية الإضافية على السلع والخدمات الصينية، وإجراءات مثل إضعاف سعر صرف الدولار (عبر خفض معدلات الفائدة)، وغيرِها، إلى “خفض العجز التجاري”، أو إلى تحفيز الإقتصاد، بل قد تكون النتائج عكسية، وقد تُؤَدِّي إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وكتبت وكالة “شينخوا” الرسْمية الصينية، إن التغيرات في السياسات التجارية الأميركية منذ يناير/كانون الثاني 2018 سوف تتسبب، بحلول 2020، في خفض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للولايات المتحدة بنحو 0,3%، وستسهم التعريفات الجمركية التي فرضت كجزء من هذه السياسات التجارية في خفض الدخل الحقيقي للعائلة الأميركية العادية بنحو 0,4%، ويتقاطع تحليل الوكالة الصينية مع تقرير الكونغرس الأمريكي، حيث اتفق الطرفان، دون مُشاورات (بين وكالة شيخوا ومكتب الميزانية بالكونغرس)، على النتائج السلبية لزيادة الرُّسُوم الجمركية بنسبة 10% على ما قيمته 300 مليار دولار من السلع الصينية، (كانت مقررة لبداية أيلول/سبتمبر 2019، قبل أن يُؤجلها دونالد ترامب إلى كانون الأول/ديسمبر 2019)، ستقلل الصادرات الحقيقية من الولايات المتحدة بنسبة 1,7% بحلول 2020، وسوف تؤدي لحدوث انخفاض في واردات الولايات المتحدة بنسبة 2,6%، وسوف يُصبح المُستهلك (أي المواطن) الأمريكي) أكبَر متضرّر من الحرب التجارية، بحسب دراسة أجراها خبراء اقتصاد في الاحتياطي الفدرالي الأميركي (المصرف المركزي) بالتنسيق مع جامعتيْ “برينستون” و”كولومبيا”، وكلّفت الرسوم الجمركية الإضافية، حتى نهاية 2018، “المستهلكين والشركات الأميركية المستوردة ثلاثة مليارات دولار شهريا، ومبلغا إضافيا قدره 1,4 مليار شهريا، نتيجة الخسائر الاقتصادية المرتبطة بها”، بحسب نفس الدّراسة… عن وكالة “بلومبرغ” + رويترز 22/08/2019
صحة: يُعتبر مرض “الحصْبَة” مرضًا مُعْدِيًا يُصيب الأطفال، عند انتشار “الفيروس” المتسبب بهذا المرض، وقد تُؤَدِّي الإصابة إلى الوفاة، أو الإعاقة، لكن يمكن الوقاية منه بالتطعيمات، وأشرنا في عدد سابق على ارتفاع عدد حالات الإصابة في العالم، ونشرت منظمة الصحة العالمية، يوم الخميس 29/08/2019، تقريرًا جديدا، يُؤَكّد ارتفاع عدد حالات الإصابة في معظم مناطق العالم باستثناء منطقة الأمريكتين، التي عرفت تراجُعًا طفيفًا، وتعزي المنظمة هذا الإرتفاع إلى ضعف أنظمة الصحة، وإلى المعلومات المغلوطة عن التطعيمات، وأعلنت المنظمة عن ارتفاع حالات الإبلاغ عن الإصابات، خلال الفترة من كانون الثاني/يناير إلى تموز/يوليو 2019، بأكثر من ثلاث مرات، بالمُقارنة مع نفس الفترة من سنة 2018، وتسببت الحصبة في نحو 109 آلاف حالة وفاة سنة 2017، وارتفع عدد حالات الإصابة في العالم خلال الأشهر السبع الأولى من سنة 2019 إلى نحو 365 ألف حالة إصابة، وهو أعلى عدد مسجل منذ سنة 2006، وقد يبلغ العدد الحقيقي لحالات الإشتباه بالإصابة نحو 6,7 ملايين حالة، وبلغ عدد الحالات المُؤَكّدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية 155460 حالة، تليها مدغشقر بنحو 12454 ثم أوكرانيا بنحو 54246 حالة، وانتشر الفيروس المسبب للمرض، في الولايات المتحدة، بين الأطفال في سن التعليم المدرسي الذين رفض أولياء أمورهم إعطاءهم اللقاح الواقي من المرض، بسبب المعتقدات الإيديولوجية والدّينية (والدّين هو إيديولوجيا)، بحسب خبراء الصحة في الولايات المتحدة… عن منظمة الصحة العالمية 29/08/2019
رأس المال العالمي المُضارب، بُؤسُ العاملين وازدهار المُضاربين: تطرقنا مرات عديدة في الأعداد السابقة من نشرة الإقتصاد السياسي إلى ارتفاع حصة رأس المال وانخفاض حصة العَمَل (بأنواعه)، بسبب سطْوة رأس المال المالي، والمُضاربَة، وأعلن مرصد شركة “يانوس هندرسون” للإستشارات والتّصرف، ارتفاع الأرباح التي حصل عليها أصحاب أسهم أكبر 1200 شركة مُدْرَجَة في أسواق المال العالمية، بنسبة 1,1% خلال الربع الثاني من سنة 2019، وهو معدل يفوق بكثير نسبة النمو أو نسبة التضخم، أو نسبة الزيادة في الرواتب، في الدول الرأسمالية المتطورة، وسدّدت هذه الشركات حوالي 513,8 مليار دولار، كأرباح للمساهمين، حيث تسدد معظم الشركات أرباح السنة الماضية، خلال هذه الفترة، وهو رقم قياسي تاريخي، في حين يقف العالم على أبواب أزمة حادّة، ويُتوقع أن يحصل المساهمون على أكثر من 1,430 تريليون دولارا، قبل نهاية السنة 2019، وبينما يتذمّر الأُجراء من انخفاض القيمة الحقيقية للرواتب والدّخل، بشكل عام، اعتبر المُضاربون في البورصة “إن النتائج المالية كانت ممتازة سنة 2018″، رغم تَذَمّر أصحاب الشركات من “تباطؤ الاقتصاد العالمي “، وارتفعت أرباح الأسهم خلال الربع الثاني من سنة 2018، بنسبة 14,3%، رغم الأزمة، وخاصة في منطقة اليورو، داخل الإتحاد الأوروبي، حيث بلغت أرباح أصحاب الأسهم في أكبر الشركات نحو 51 مليار دولارا، خلال الربع الثاني من سنة 2019، وهو مستوى تاريخي، رغم ركود اقتصاد عدد من الدّول، ورغم النمو الضعيف لكافة دول الإتحاد الأوروبي، وأشار المتظاهرون ضد قمة “مجموعة السّبع” في “بياريتز” (فرنسا) إلى استنزاف أصحاب الأسهم لأرباح الشركات التي ترفض تثبيت العمال أو زيادة رواتبهم… عن أ.ف.ب + رويترز 21/08/2019
فوارق طبقية، وحديث عن “اللامُساواة” – على هامش قمة مجموعة السّبْع: تنعقد قمّة مجموعة الدول البع الأكثر تصنيعًا في العالم (بعد إقصاء روسيا سنة 2014) مرة كل سنتَيْن، وانعقدت قمة 2017 في إيطاليا، وفي منتجع “يباريتز” (فرنسا)، من 23 إلى 26 آب/ أغسطس 2019، تحت شعار “مكافحة اللامُساواة”، والحد من التّفاوت الطبقي، ولكن الشعار لم يُترجم إلى خطة عَمَلِيّة، ولا إلى التزامات…
نشرت منظمة “أوكسفام” قبل هذه القمة تقريرًا أشار أن 20% من المواطنين الأكثر فقراً في دول مجموعة السبع، لا يحصلون سوى على 5% من مجموع الثروات، بينما يحصل 20% من الأكثر ثراءً على نحو 45% من إجمالي ثروة هذه البلدان، وارتفع دخل الأثرياء، سنة 2018، بنسبة 12% أو ما يُعادل 2,5 مليار دولار في اليوم الواحد، انخفض دخلُ 3,8 مليارات شخص (نصف سكان العالم تقريبًا) بنسبة 11%، في المتوسط، وكان الباحث السويسري “جان زيغلر” قد أعلن (بعد مغادرة منصبه كمبعوث للأمم المتحدة): “أن البشرية لم تنتج في تاريخها هذا القدر من الثراء، ولكن عدم التفاوت حطم الأرقام القياسية أيضًا”، كما نَشَر الباحثان الفرنسيان “آلان بيهر” و “رولان فيفيكورن” كتابًا تحت عنوان “منظومة اللامساواة” (ويمكن ترجمته أيضًا “نظام اللامساواة”)، ويتضمن دراساتٍ مُوَثَّقَةً عن العلاقة بين تفاوت الدّخل وهامش الحُرّية، للأفراد والمجموعات، حيث يُؤَثِّرُ تفاوت الدخل على مستوى الإنفاق والإستهلاك، وعلى اختيار مكان السّكن، والإنفاق على الصحة، ويُؤَثِّرُ الوضع الطّبقي للفرد وللأُسَر في مستوى وطريقة العيش، وبالتالي يقع تهميش الفُقراء، وتغييبهم من المشهد الإجتماعي، مع زيادة هيمنة رأس المال، المالي والمُضارِب، على وسائل الإعلام، وعلى الأحزاب وما يُدْعى “المُجْتمع المَدَنِي”…
نشر صندوق النقد الدولي، سنة 2015، دراسة (لا تزال صالحة) نَشَرَها بعنوان “أسباب وتداعيات اللامُساواة”، أظْهرت بالأرقام، وبوضوح لا لُبس فيه، العلاقة السبَبِيّة بين ما سَمّاهُ “انتشار اللامساواة، وعدم الاستقرار الاجتماعي”، وبطء النمو، أن ارتفاعَ دَخْلَ 20% من الأكثر ثراءً بنسبة 1%، يُؤَدِّي إلى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي، خلال الأعوام الخمسة التالية، ويمكننا استنتاج (من خلال بيانات صندوق النقد الدّولي) لذا إن ثراء الأثرياء، مُضرٌّ بالفُقراء، وما أُسْطورة “إن خفض الضرائب على الثروات يخلق ثروة يستفيد منها الجميع”، سوى خُرافة، وتَضْلِيل، يهدف حَرْفَ الفُقراء عن مَسار الثورة على الوضع، وأظهرت نفس الدّراسة إن ارتفاع دخل 20% من السكان الأكثر فقراً، يُؤَدِّي إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي، ويبقى السؤال المطروح “كيف تُوَزّعُ ثمرة النّمُوّ؟”، وما نَصِيبُ كل فئة من ذلك النّمُوّ؟… عن جمعية “تنسيق الجنوب” + منظمة “أوكسفام” + أ.ف.ب 30/08/2019
أستراليا، طاقة: تُصدِّرُ أستراليا كميات كبيرة من الفحم (حوالي 88% من إنتاجها، و29% من الصادرات العالمية) والنفط ( 79% من الإنتاج) والغاز الطبيعي (69% من الإنتاج)، وتحقق منها إيرادات بعشرات المليارات من الدولارات سنويا، وأصبحت ثالث أكبر مصدر للوقود الكربوني التقليدي “الأحفوري” في العالم بحصة نسبتها 6,9% بعد روسيا 12% والسعودية 9%، وفقا لبيانات رسمية، صدرت عن “معهد أستراليا” يوم الإثنين 26 آب/أغسطس 2019، وأكّدت مجلة “فوربس” الأمريكية خسارة “قطر” مرتبة أكبر مُصدّر عالمي للغاز الطبيعي المُسال، لصالح أستراليا التي استجابت لزيادة الطلب الآسيوي، عبر تكثيف شركة “روايال داتش – شل” الإنتاج في غرب أستراليا، فيما تُهدّدُ الولايات المتحدة جميع المُنْتِجِين الكبار للغاز، بفضل استمرار ارتفاع صادراتها إلى ستة مليارات قدم مكعبة يوميا، خلال شهر حزيران/يونيو 2019، وقدرت إدارة الطاقة الأمريكية أن المنشآت الجديدة للغاز في أستراليا رفعت قدرتها التصديرية الإجمالية من 2,6 مليار قدم مكعبة يومياً سنة 2011 إلى 11,4 مليار قدم مكعبة يومياً سنة 2019، بزيادة نحو 500%، خلال ثماني سنوات، ما جعلها تتجاوز “قَطَر”، منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018، قبل تطبيق خطط زيادة الإنتاج المُعَدّ للتصدير، وكانت مشيَخَة “قَطَر” قد انسحبت من منظمة الدول المُصدّرة للنفط (أوبك) بنهاية سنة 2018، لتتفرغ لتنمية مشاريع الغاز، بعد ارتفاع إنتاج وتصدير الغاز الأسترالي…
استفادت أستراليا من خطط الصين لاستبدال الفحم بالغاز الطبيعي، ومن قُرب استراليا من الصين، ما يُخفض تكاليف الشّحن، واستوردت الصين نحو 7,5 ملايين طن من الغاز القَطَري و 17,4 مليون طن من الغاز الأسترالي، سنة 2017، ويتوقع ارتفاع حجم واردات الصين من الغاز الأسترالي طيلة السنوات الخمس القادمة… عن مجلة “فوربس” + رويترز 18 و26 و 29/08/2019
أمريكا، طاقة – خطة هيمنة: يمثل النفط نحو 40% من الإستهلاك العالمي للطاقة، وتحاول الولايات المتحدة السيطرة على مناطق إنتاج النفط والغاز، ليس بالضرورة من أجل تغطية احتياجاتها، فهي تُنتج الكثير منه وتستورد من أمريكا الشمالية والجنوبية، الجُزء الأكبر من حاجتها، بل لأهداف استراتيجية، ضمن السيطرة على العالم، وعلى مصادر الطاقة، وعلى المَمَرّات الإستراتيجية الحَيَويّة للتجارة العالمية، وخاصة المَمَرّات البحرية، مثل الخليج ومضيق هرمز والبحر الأحمر والقرن الإفريقي، وكافة الممرات المائية في جنوب وشرق آسيا، وفي المحيطَيْن الهادئ والأطلسي، والبحر الأبيض المتوسّط، حيث تجوب أساطيلها كافة مناطق العالم، وأقامت الولايات المتحدة مئات القواعد العسكرية في المناطق والمواقع الإستراتيجية، من غربي إفريقيا إلى حدود روسيا والصّين، ومنذ 1994، بدأت الولايات المتحدة تنفّذُ مُخطّطًا وردت تفاصيله في وثيقة بعنوان “استرالتيجية الأمن القومي للإرتباط والتّوسُّع”، ويتمثل المخطط في السيطرة على منابع النفط والغاز في آسيا الوسطى، والجمهوريات السوفييتية السابقة، وأهمها الدول المحيطة ببحر “قزوين” وأذربيجان وتركمانستان وكازاخستان، عبر إقامة قواعد عسكرية، ومحاصرة روسيا، والصين، كما تستخدم الولايات المتحدة نفط وغاز هذه المنطقة لتنويع مصادر الطاقة وخفض درجة الإعتماد على نفط الخليج، وأقامت قواعد عسكرية “لحماية مصادر الطاقة”، وانتشرت هذه القواعد في معظم بلدان آسيا الوسطى، وحتى جمهوريات “جورجيا” و”أوكرانيا”، ودُوَيْلات بحر البطيق، وهي على حدود روسيا، لكنها لا تُنتج نفطًا…
أما الدول العربية فإنها خسرت النّفط الذي وقع استخراج كميات كبيرة منه، وسوف تنضب منابعه، خلال بضعة عُقُود (جيل أو جِيلَيْن) ولم تستفد من عائداته لتنمية الزراعة والصناعة والصحة والبحث العلمي، وغير ذلك من وسائل التنمية المُسْتدامة، في حين تُخصّص الدول الرأسمالية المُستوردة للنفط ميزانيات كبيرة لتطوير البحث العلمي، وترشيد استخدام الطاقة، والإعتماد على الطاقة النووية وعلى طاقة الطبيعة (الشمس والمياه والرياح…).
يقَدّرُ سكان الولايات المتحدة بنحو 4,5 % من سكان العالم، لكن البلاد تستهلك حوالي 25% من الإنتاج العالمي للطاقة، ويُغطي إنتاج النفط الأمريكي نحو 60 %من الإستهلاك الداخلي، وتستورد الولايات المتّحدة نحو 40% من احتياجاتها النّفْطِية من الخارج، بحسب بيانات سنة 2018، ولا يُشكل النفط العربي سوى حوالي 16% من الواردات الأمريكية للنفط، حيث تستورد حوالي 1500 مليون برميل من النفط، سنويًّا، من كندا، وحوالي 350 مليون برميل من السعودية، وكان الكونغرس الأمريكي قد رفع قرار حَظْر تصدير النفط والغاز الأمريكيين، بعد ارتفاع إنتاج النفط والغاز الصّخْرِيّيْن، وانخفاض تكاليف إنتاجهما، بفضل الدعم الحكومي الأمريكي، لتطوير تقنيات الإستخراج، وأصبحت نفط وغاز الولايات المتحدة يُنافس نفط وغاز الخليج وروسيا في أوروبا وآسيا، وتوقعت وكالة الطاقة الدولية، منتصف شهر تموز/يوليو 2019، أن ينمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بنحو 4% سنويا حتى 2024، ليرتفع حجم الصادرات، من حوالي 58 مليار متر مكعب سنة 2019، إلى حوالي 80 مليار متر مكعب من الصادرات سنويا، وتتوقع شركات المحروقات إنتاج ما يزيد على 120 مليار متر مكعب، من بينها نحو 30 مليار متر مكعب في الولايات المتحدة، كما توقعت الوكالة أن تصبح الولايات المتحدة أكبر بلد مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وأن تُصبح الصين أكبر مستورد له في غضون 5 سنوات، ومن المتوقع أن تزيد صادرات الولايات المتحدة من الغاز الطبيعي المسال (الغاز الصخري) عن 100 مليار متر مكعب سنة 2024، لتطيح بكل من أستراليا وقطر المتصدرتين للسوق حاليا، وهو ما يعادل حجم واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال التي يُتوقع أن تتجاوز 100 مليار متر مكعب سنة 2024، لتتفوق بذلك على اليابان التي تتصدر قائمة المستوردين العالميين حاليا، لكن عودة اليابان لاستغلال المحطات النووية، منذ سنة 2014، خَفض وارداتها، لكن ارتفع الطلب العالمي على الغاز المسال، وبلغ 432 مليار متر مكعب سنة 2018، وارتفع بنحو 10% سنويا، بسبب النمو السريع في الصين، بنسبة 18% سنة 2018، رغم تباطؤ الإقتصاد، لأن الدولة الصينية تحاول تطبيق مخطط لحماية البيئة، يستهدف تحويل معظم الاستهلاك الصناعي والمنزلي من الفحم إلى الغاز، للحد من تلوث المُحيط…
تتوقع وكالة الطاقة، أن يرتفع الغاز في الولايات المتحدة إلى أكثر من تريليون متر مكعب سنة 2024، لتصل حصتها إلى نحو 23% من الإنتاج العالمي، كما يُتوقع أن ترتفع حصة الولايات المتحدة إلى حوالي 61% من إجمالي الإنتاج العالمي الجديد، من النفط و12% من الإنتاج العالمي الجديد للغاز، خلال العقد القادم، بحسب تقرير أعدّته منظمة “غلوبال وينتس للبحوث والإستشارات العالمية”، وهو نفط أو غاز صخري، يُدمِّرُ البيئة بسبب الكميات الكبيرة من الماء ومن المواد الكيماوية التي يتطلبها استخراج النفط والغاز الصخرِيّيْن، عبر عملية التكسير الهيدروليكي، كما يتوقع، على الصعيد العالمي، ارتفاع تمويل مشاريع جديدة لاستخراج النفط من الحقول البحرية، من 69 مليار دولارا، سنة 2018 إلى 123 مليار دولارا، سنة 2019، ونيل الولايات المتحدة حصة الأسد بنحو 28% من مجمل الإنتاج العالمي الجديد، خلال الفترة 2020 – 2029…
ارتكزت استراتيجية الولايات المتحدة على فَرْضِ عقوبات على روسيا، أكبر منتج عالمي للغاز، والضغط على الإتحاد الأوروبي، الذي يستورد ث2لُثَ حاجته من الغاز من روسيا، لكي تَسْتَحْوِذَ الولايات المتحدة على سوق الغاز في أوروبا، معتمدةً على الضغط الدبلوماسي، والضغط العسكري، بحكم انتشار قواعد ضخمة للجيش الأمريكي (أو لحلف شمال الأطلسي) في أوروبا، وبحكم الأساطيل الضخمة التي تجوب البحار والبراري والأجواء، من البرتغال غَرْبًا إلى بولندا وبحر البلطيق وأوكرانيا شرقًا، ومن إيطاليا واليونان، جنوبًا إلى الدُويلات الإسكندينافية شمالاً، وتمكنت الولايات المتحدة من إجهاض مشروع خط أنابيب الغاز “ساوث ستريم”، من روسيا إلى اليونان وجنوب إيطاليا، وحاولت إجهاض إنجاز خط “نورث ستريم 2” الذي يوصل الغاز الروسي إلى ألمانيا، وشمال أوروبا، وتسبب الضغط الأمريكي في خسارة شركة “غازبروم” الروسية مليارات الدولارات، ولا تزال الولايات المتحدة تمارس الضغوط على حكومات تابعة، مثل بولندا وأوكرانيا، لكي تستثمر هذه الحكومات من ميزانياتها في توسيع البُنْيَة التحتية للغاز الطبيعي، بهدف ربط خطوط البلدين، وقطع العلاقات التجارية مع روسيا، وشراء الغاز الصخري الأمريكي، وتحاول الولايات المتحدة أن تجعل من “بولندا” مركزًا لتخزين الغاز الأمريكي وإعادة تصديره في الدول التي تستورد حاليًّا الغاز الرّوسي… عن الوكالة الدولية للطاقة + وكالة “رويترز” (بتصرف) 01/09/2019
هل بدأ العدّ التّنازلي للإمبريالية الأمريكية؟ يعتقد البعض إن الدّول الإمبريالية الرئيسية (الولايات المتحدة وأوروبا)، أو ما يُسمّى “الغرب”، في حالة تقهْقُر، وأعلن الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، أمام سُفراء فرنسا، بنهاية شهر آب/أغسطس 2019، ما يمكن ترجمته “يعيش العالم نهاية مرحلة الهيمنة الغربية، وبداية مرحلة أخرى، مع محاولة بعض الدّول، مثل روسيا، تغيير قواعد النّظام العالمي”، وتُعتَبَرُ فرنسا وبريطانيا، من أعرَقِ الإمبرياليات، التي احتلّت كثيرًا من دول إفريقيا وآسيا، قبل أن تُهيمِنَ الإمبريالية الأمريكية على العالم، بعد الحرب العالمية الثانية، وانهيار أوروبا وهزيمة اليابان، وعبَّرَ الرئيس الفرنسي بوضوح عن الصّورة التي تتراءى له: “ظهرت قوى اقتصادية جديدة، ومن بينها الصين والهند وروسيا، تطمح تغْيِير خارطة العالم، وتغيير النّظام الإقتصادي العالمي، السّائد منذ القرن الثامن عشر، والذي تعتبره ذا قطب وَحيد، وغير متوازن…”
يتغاضى الرئيس الفرنسي وغيره من زُعماء الإمبريالية عن تبرير المجازر والإبادة ضد الشعوب، عبر استخدام الإيديولوجيات الرجعية والعنصرية التي تَدّعي تَفَوّقَ الأوروبيين على غيرهم، وتبرير استخدام القوة العسكرية لنهْب ثروات البلدان المُسْتَعْمَرَة، لفائدة شركات الدّول الإمبريالية، باسم “الحضارة” أو “العَقْلانِيّة” أو تحويل وجهة “فلسفة عصر الأنوار” لتبرير للإستعمار والهيمنة، ونهب الثّرَوات، ولا يزال العالم منقسمًا جراء هذه الهيمنة الإمبريالية إلى ما يُعبّر عنه ب”الشمال”، أو “الغَرْب” (وهي تسميات غير دقيقة بالمَرّة)، وما يُعبَّرُ عنه بالجنوب الفقير، الواقع تحت هيمنة هذا “الغرب” الإمبريالي…
أدّت الأزمات الدّورية أو الهَيْكَلِيّة لرأس المال في العالم، إلى بُرُوز عددٍ من الظّواهر، ومن بينها بعض التّغْيِيرات الدّاخلية، واستبدال حكم اليمين المُحافظ بتيار الديمقراطية الإجتماعية، أو باليمين المتطرف، بحسب الظّروف والمناخ الإقتصادي والإجتماعي، ويُروّج اليمين الحاكم في الولايات المتحدة، أو الذي يُشارك في الحُكم (أو يتأهّب للحُكم) في أوروبا واليابان وأستراليا، لما يُسمِّيه “غَزو المُهاجرين (الفُقراء) للبلدان المُتحضٍّرَة، وتهديدهم لنقاوة العرق والحضارة والدّين…” وغير ذلك من أساليب تحويل اهتمام فُقراء أوروبا وأمريكا، عن الأسباب الحقيقية للفوارق الطّبَقِيّة، وللتفاوت في الثّروات، وإلهائهم بمحاربة فُقراء مثلهم، خَرّبت أسلحة وطائرات وبوارج الإمبريالية بلدانهم، ونهبت الشركات متعددة الجنسية ثرواتهم، ويُروّج هذا الصّنف من “اليمين المُحافظ” (أي المُتطرّف) أسطورة “معارضة العولمة”، لِيَسْتبدلها بالشُّوفينية التي تَدعُو العُمال والمُزارِعين المُسْتَغَلِّين إلى الإصطفاف في خندق الشركات والمَصارف التي تَسْتَغِلُّهُم، ضد فُقراء آخرين، وُلِدُوا، بمحض صُدَف الجغرافيا والتاريخ، في دول “الجنوب” الغني بالثروات أحيانًا، لكن هذه الثروات تُهَرّبُ خارج البلاد، بالتعاون مع حُكّام محلِّيِّين عُملاء…
استخدم الرئيس الأمريكي (الملياردير اليميني) مثل هذا الخطاب المُضَلِّل، لِيُعْلِن أنه يُريد عودة أمريكا القَوِيّة، ولذلك يَشُن حربًا تجارية ضد الصين، وضد كل منافس للشركات الأمريكية، بالتوازي مع التهديد العسكري المُستمر، ومع ترويج الإيديولوجيات العُنْصُرية ضد فُقراء الدّاخل والخارج، بالتّحالف مع المُجَمّع الصناعي العسكري، ومع أكثر الفئات رجعِيّةً في المجتمع الأمريكي…
تَدْعُو الصين وروسيا وبعض البلدان الأخرى من مجموعة “بريكس”، التي تفككت بحكم وجود اليمين المتطرف في السلطة في الهند والبرازيل، إلى وضع حدٍّ لهيمنة القُطْب الواحد، واستبداله بعالم متعدّد الأقطاب، أي أن ترتفع حصة الصين وروسيا من حصيلة النّهب الإمبريالي، وأن تسمح الإمبرياليات التقليدية لهاتيْن الدّولَتَيْن بالإندماج في منظومة الدّول المهيمنة، اقتصاديًّا وسياسيا، وأن تتغير القوانين المُتحكِّمة والمُسَيِّرَة للعالم، في مجالات التّجارة والإقتصاد والسياسة، وهي قوانين تُراعي مصالح من سَنَّها ومن أَقَرَّها، أي الولايات المتحدة، بدرجة أولى، وأوروبا واليابان وكندا، بدرجة ثانية…
لا يمكن للعالم أن يتغير من تلقاء نفسه، أو بفعل الإهتراء الذّاتي، بل بتغيير موازين القوى، وذلك أمرٌ عسير، لكنه مُمْكِنٌ، شرط عدم النظر إلى العالم عبر منظار اقتصادي فقط، بل عبر “فلسفة” وقوة مادّية تدعو إلى، وتعمل على، تحقيق توازن عالمي في مجالات الإنتاج والتصنيع والتّسويق، وبلوغ دول إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية درجة التّحكم في، والسيطرة على ثرواتها، وتصنيعها بحسب حاجتها، وتصدير سلع مُصنّعة، بدل تصدير المواد الخام (الإنتاج الزراعي والمعادن) بدون إضافة قيمة زائدة لها، ويتطلب ذلك تطوير قُوى العَمل، فالإنتاج والتصنيع يتطلب تدريب العمال والحرفيين والمزارعين الصغار على استخدام التقنيات، وعلى تسيير وسائل الإنتاج، والمشاركة في تحديد أهداف الإنتاج، وغيرها من وسائل “تحرير” أو “تطوير قُوى العمل”، وزيادة حصة العمل، مع خَفْضِ حصة رأس المال، وتحجيم رأس المال المُضارب (أو “الكَسُول”)…
لا يُمكن الحديث عن “نظام اقتصادي عالمي جديد”، مع المحافظة على نمط الإنتاج الرأسمالي، وعلى تقسيم العالم إلى دول مُهَيْمِنَة، وأخرى واقِعَة تحت الهيمنة، ولا يُمكن لهذا “النظام العالمي الجديد” أن يرى النور، إذا لم يتم وَضْعُ حدّ لهيمنة العسكرية الأمريكية والأطلسية، التي تهدد “الأمن العالمي”، أو بشكل أَدَقَّ، تُهدّدُ أمْنَ الشعوب المُضْطَهَدَة، وهذا لن يتم بشكل تلقائي أو سِلْمِي، فالإمبريالية شَرِسَة، وكدّست السّلاح، وطوّرت البحث العلمي، لاستخدامه كوسيلة هيمنة وتطوير الأسلحة الفتّاكَة، والإعتداء على الشعوب، واستدامة الإستعمار والإستعمار الإستيطاني في فلسطين، بدعم من عُملاء “عَرب”، أو عرب أمريكا، الفاقدين لأي سيطرة على الثروات المحلية، أو على القرار السياسي… عن موقع “غلوبل ريزرش” + موقع “مدارات عربية” (بتصرف وإضافات) 30 و 31/08/2019
“ديمقراطية” رأس المال تُنْتِجُ عالمًا غير متوازن: أنهت الولايات المتحدة وبريطانيا حقبة تخطيط الدولة للإنفاق على الإستثمار الصناعي، وعلى الرعاية الإجتماعية، والنقل والصحة والتعليم، قبل حوالي أربعين سنة، خلال حكم “مارغريت تاتشر” في بريطانيا (1979 – 1990)، و”رونالد ريغن” (1981 – 1989)، في الولايات المتحدة ، وخَفضت إنفاق الدّولة، عبر خفض الضرائب على الثّروات وعلى الشّركات، وخصخصة القطاع العام، مما جعل منهما نموذجًا لمُمثِّلي الرأسمالية الإحتكارية ومجمعات الصناعات العسكرية، ثم أصبح هذا النموذج سائدًا في كافة الدول الرأسمالية المتطورة…
في الولايات المتحدة، يعتَبِرُ “دونالد ترامب” نفسه وَرِيثًا شرعِيًّا للسياسات العدوانية والمُتعجْرِفة (داخليا وخارجيا) التي طبعت فترة حُكْم “رونالد ريغن”، وفي الجانب الإقتصادي، أقرّ “ترامب”، بنهاية سنة 2017، نخفيضات ضريبية إضافية على أرباح الشركات، مما خفض إيرادات الدولة من هذه الضرائب، بنسبة 31% سنة 2018، وتمكنت الشركات، بفعل هذه الإعفاءات والتخفيضات الضريبية، وبفعل انتشار العُقُود الهشة للعمال، من تحقيق مستويات قياسية من الأرباح، وتوزيع مزيد من العوائد على مالِكِي الأسْهم، دون اهتمام بتدْمير البيئة، وبِبُؤس بعض الشّرائح من الطبقة العاملة، ونُذَكِّرُ بالرواتب المنخفضة جدًّا لعمال الشركات الكُبرى في الولايات المتحدة، مثل “كوكاكولا”، و “ماكدونادز”، و “وول مارت”، وشركات الفنادق والمطاعم وتجارة التجزئة، وغيرها، وهم يُطالبون منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر برفع الأجر الأدنى لساعة عمل، من 7,25 دولارا إلى 15 دولارا، وتُفنّد أوضاع الطبقة العاملة في الولايات المتحدة الدّعاية التي دَأَبَ رأس المال على ترويجها، ومفادها “إن الرأسمالية تُحقق الرفاهية للجميع”…
عَمّقت الرأسمالية الليبرالية الفَجْوَة الطبقية، وحَصَرتْ الثّروة بين مجموعة صغيرة من الرأسماليين، ففي الولايات المتحدة، رصدت دراسة أجراها مصرف “باركليز”، بالتعاون مع “نايت فاونديشن”، تطور مِلْكِيّة الشركات، بين 1987 و 2017، واستنتجت إقْصاء النّساء و”المُلَوّنِين”، وبعد ثلاثة عُقُود، ارتفع حجم شركات الاستثمار إلى نحو 69 تريليون دولارا، ويُسَيْطِر الرجال البيض (من أصل أوروبي) على 98% من حجم قطاع المال والإستثمار، وتُدِيرُ النّساء أو رجال من غير البيض (أوروبيِّي الأُصُول) صندوق تَحَوُّط واحد فقط، من بين كل ثمانية صناديق، ويمثل مجموع قيمة تلك الصناديق أقل من 5% من الأصول في صناديق التحوط، وكذلك السأن في قطاعات أخرى، مثل إدارة الأسهم، والعقارات، مما ينفي صحة الأساطير المُؤَسِّسَة للرأسمالية وللولايات المتحدة، مثل “تكافؤ الفُرص” و “باب الثراء مفتوح، بفضل العمل والمُثابرة والجَدارة”، أما حقيقة وجوهر رأس المال فتكمن في الإقصاء الطّبقي والإجتماعي، وانحياز المُؤسّسات والدّولة لصف الأثرياء (أي طبقة البرجوازية)…
كانت منظمة “أوكسفام” قد نشرت تقريرًا سنة 2018، يُظْهر حصول 10% من سُكّان العالم على نحو 82% من الثروة العالمية، وارتفاع ثروات أصحاب المليارات بنسبة 12%، أي ما يعادل 2,5 مليار دولار يومياً (سنة 2018) في حين انخفضت “ثروات” 3,8 مليار من النّاس الأكثر فقرًا، أي نصف سكان العالم، بنسبة 11%، خلال نفس السنة (2018)، وأصدرت نفس المنظمة، بمناسبة انعقاد قمة العشرين (الدول الأكثر ثراءً) في مدينة “أوساكا”، باليابان (28 و 29 حزيران/يونيو 2019) بيانًا يُشير إلى امتلاك 1% من السكان، نصف ثروات العالم، ودعا المتحدث باسم المنظمة، الدول الصناعية الكبرى إلى “اتخاذ مزيد من الإجراءات للتصدي لعدم المساواة الاجتماعية في العالم”، وهو طلب “عَبَثِي”، لأن قادة هذه الدّول يمثلون الشرائح الأكثر ثراءً، وأقَرُّوا، عن عَمْدٍ، تشريعات تزيد من حدة الإستغلال والإضطهاد، لتزيد ثروات الأغنياء، وليزداد الفُقراء فَقْرًا، وما عدم المُساواة سِوَى نتيجة منطقية للسياسة التي تدعم رأس المال ضد العُمّال والمُنْتِجِين، والأُجَراء والفُقراء، وتمثل دول مجموعة العشرين ثُلُثَيْ سكان العالم، وحوالي 85% من إجْمالِي الناتج العالمي، ونحو 75% من حجم التجارة العالمية، ويرى المسؤولون عن “أوكسفام” مسألة انعدام المُساواة، من زاوية “أَخْلاقية”، بينما يعتبرها البنك العالمي مسألة اجتماعية، تُشكّلُ تهديدًا للنظام الإقتصادي والإجتماعي، لأن “عدم المساواة يُشكّل أرضًا خصبةً للعنف وللثورة”، وتتعمّق الفَجْوة الطّبَقِية بإقرار نظام ضَرِيبِي غير عادل، يسمح للأثرياء والشركات العابرة للقارات، بالتهرب من تسديد الضرائب، بالإضافة إلى الإعفاء من الضريبة، والتّحْفِيز المالي، بتعلّة “إن الأثرياء وأصحاب الشركات يستثمرون ويخلقون وظائف”، وهو افتراء، لأن الأثرياء يستثمرون في شراء الأسهم، وفي العقارات والقطاعات غير المنتجة، بشكل عام، وثَبَتَ منذ الحرب العالمية الثانية إن خفض الضرائب والرسوم على الثروات لا يخلق وظائف، بل يزيد من تعميق الفجوة الطّبَقِيّة، كما ثَبَتَ أن الأثرياء يستفيدون من البُنى التحتية، ومن المرافق، دون أن يُساهموا في الإنفاق عليها، إذ انخفضت قيمة الضرائب التي تُسدّدُها الشركات، خلال الفترة 2008 – 2018، وأصبحت الشركات الكُبْرى تجني 40% من أرباحها الخارجية في ملاذات ضريبية، ورغم المطالب العديدة، لم توافق حكومات الدول الغنية على إقرار حدّ أدْنى ضريبي عالمي، لمَنْعِ الشركات من تجنب تسديد الضرائب، بمجرّد نقل شَكْلِي (صُورِي) لعنوانها الإداري… عن “فاينانشال تايمز” + منظمة “أوكسفام” + رويترز من 25 إلى 27/06/2019
صحة: يعيش نحو 55% من سكان العالم بمناطق حَضَرِيّة، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 68% بحلول سنة 2050، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، وتصف منظمة الصحة العالمية مستويات التلوث بالمدن بأنها باتت تشكل “حالة طوارئ صحية عامة” لأن 91% من سكّانها يعيشون في مناطق يتجاوز تلوث الهواء فيها الحد المسموح به من قبل المنظمة، واستنتجت دراسة علمية حديثة أن تأثير تلوث الهواء على الشخص المقيم في المدن يعادل تدخين علبة سجائر كل يوم لمدة 29 عاما، وأشارت الدراسة إلى أن تلوث الهواء لا يؤثر على الرئة فقط، لكنه يؤثر على باقي أعضاء الجسم أيضا، وفي مقدمتها الشرايين والقلب، ورصدت الدراسة مدى تعرض سبعة آلاف شخص بالغ، يعيشون بمدن مختلفة بالولايات المتحدة، لغاز “الأوزون” على مستوى الأرض، واستخلصت إن سكان المدن يتعرضون لما يتراوح بين 10 و25 جزءا من المليار من الأوزون، مع العلم بأن التعرض لثلاثة أجزاء في المليار من الأوزون يعادل تدخين علبة سجائر إضافية يوميا، ولذلك، فإن الانتقال من منطقة تعاني من تلوث الهواء إلى مدينة أقل تلوثا، لا يُبْعد الخطر، على المدى القصير، ويبقى الشخص مُعَرّضًا للإصابة بأمراض تنفسية مثل انتفاخ الرئة، وهو المرض الذي يرتبط عادة بالتدخين، كما أن مشاكل التلوث تُؤَثِّرُ على أعداد مُتزايدة من سكان المُدُن، في العالم، بسبب التّبعات الخطيرة على الصحة البدنية والنفسية، التي يسبِّبُها العيش في الوسَط الحَضَرِي، وترتكز هذه الإستنتاجات (المُتَشائِمَة) على النتائج الواردة من تحليل مجمع لعشرين بحثا على مدار الأعوام الخمسة والثلاثين الماضية، وتُفيد بأن الاضطرابات النفسية أكثر انتشارا بكثير بين سكان الحضر، الذين تعاني نسبة كبيرة منهم من اضطرابات المزاج والقلق بمعدل أعلى بكثير من سكان الأرياف، أو المناطق الهادئة، والتي ينخفض فيها التّلوث، أو التي تقع قريبًا من مجاري المياه (البحار أو الأنهار)، والتي يمكن أن تُخَفِّض درجة التّوتّر النّفسي بِنِسَبٍ تتراوح بين 10% و30%، وتتغير النسبة، بحَسَبِ حجم مساحة المياه، وزرقة السماء، التي يراها الإنسان…
سبق أن ذكرنا في عدد سابق من نشرة الإقتصاد السياسي، أن التلوث يُؤَثِّرُ سَلْبًا على الصحة الذهنية للأطفال، وعلى درجة ذكائهم، منذ الصغر، وأكدت الدراسات اللاحقة أن العيش في المدن، في مُحيط مُلَوَّث، قد يجعل المرء أقل ذكاء، وأن الطلاب يحققون نتائج أحسن من المتوسط، في الامتحانات التي تجرى في الأيام التي تنخفض فيها معدلات التلوث، ويتسبب التلوث كذلك في إصابة الرئة، لمرضى السّكّري، ما يدفع الجسم لإفراز هرمونات تقلل فعالية الإنسولين بالشكل الذي يؤدي إلى رفع مستويات السكر في الدم، ويُغير التلوث طريقة استيعاب الحسم للغذاء، ما يُؤدّي إلى السّمنة، وخلصت دراسة كَنَدِيّة، شارك فيها 62 ألف مواطن، إلى أن احتمال الإصابة بالسكري يرتفع بنسبة 11% لكل عشرة ميكروغرامات من الجزيئات الدقيقة (التلوث) في المتر المكعب من الهواء…
تُشير جميع هذه الدراسات التي ذَكرْنا بعضَها، إلى وجوب إنقاذ سُكّان المناطق الحَضَرِيّة، بإضافة مساحات خضراء داخل المدن، وخصوصًا في الأحياء التي يسكُنها الفُقراء، لأنهم أكثر عُرضَةً للتلوث، ولنتائجه السيئة على الصحة، وتصميم المُدُن بشكل يُخفِّفُ من تعرض أبناء الطبقات المحرومة (اقتصاديا واجتماعيا) للتلوث وللضّوْضاء… عن منظمة الصحة العالمية – رويترز 29/08/2019
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.