“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، 7 ديسمبر 2019 ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 510

رأس المالأزمة طارئة أم هيكلية، دَوْرِيّة: تعتمد المصارف الخاصة اعتمادا كليا على دعم الدولة التي تسمح بضخ مبالغ خيالية من السيولة في المصارف، بسعر فائدة منخفض للغاية، أدْنى من نسبة التّضخّم، ويقترب من الصفر…

ضخ الإحتياطي الإتحادي الأمريكي (المصرف المركزي)، يوم الثلاثاء 17 /أيلول/سبتمبر 2019، مبلغ 53,2 مليار دولار في المصارف الأمريكية، التي تفتقد إلى السّيولة، ولم تجد أموالا في سوق “ما بين المصارف” وفي أسواق المال، ولم تتجاوز فائدة المبالغ التي ضخها الإحتياطي الإتحادي 2,25%، في حدِّها الأقصى، بدلاً من نسبة 10% المتعامَل بها بين المصارف، في ذلك اليوم، وخفض المصرف الإتحادي نسبة الفائدة من الغذ (18 أيلول/سبتمبر 2019) إلى ما بين 2% و 1,75%، وهي عملية شبيهة بما حَصَل في بشهر أيلول/سبتمبر 2008 عندما توقفت المصارف الكبرى عن إقراض بعضها البعض، وإفلاس مصرف “ليمان براذرز” العريق، نتيجة لما يُسمّى في لغة المال “أزمة الإئتمان”، وواصَلَ آنذاك الإحتياطي الإتحادي الأمريكي ضخ الدّولارات في مصارف الولايات المتحدة وأوروبا، بفائدة رَمْزِيّة، حتى شهر كانون الأول/ديسمبر سنة 2013، بهدف إنقاذ المنظومة المصرفية العالمية، التي تهيمن عليها أمريكا، من الإنهيار، ما قد يتسبب في كارثة للنظام الرأسمالي العالمي، وحثَّ “دونالد ترامب”، صديق الرأسماليين الكبار، المصرف المركزي على خفض سعر الفائدة إلى صفر بالمائة، لإنقاذ المصارف، بأموال الشعب الأمريكي، والشعوب التي تنهبها الإمبريالية وشركاتها، في مقابل ذلك كانت صناديق الإستثمار أو صناديق المال (شركات مالية خاصّة) تُقرض المصارف على مدى قصير جدًّا، بفائدة مرتفعة، مما رفع مدّخراتها من 800 مليار دولارا، سنة الأزمة (2008) إلى 3,4 تريليون دولارا، سنة 2019…

تُشير هذه الحادثة إلى حالة الإقتصاد الرأسمالي العالمي، وانخفاض نسبة النمو في الدول الصناعية الكبرى، سواء في الولايات المتحدة أو ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، وانخفاض مبيعات السيارات في الصين والهند وألمانيا، ولا يزال الاقتصاد الرأسمالي العالمي يعتمد على الدّيون وعلى السيولة التي تضخّها المصارف المركزية، وعلى زيادة الأرباح التي تُوزّعها الشركات على أصحاب الأسهم، مقابل فرض التقشف على العمال والفُقراء، وابتلعتْ المصارف الكبرى، المصارف المتوسطة والصغيرة، منذ 2008، بدعم من سلطات الرّقابة المالية، وبدعم من المصارف المركزية، والسلطات السياسية للدّول، التي مكّنتها من أموال الشعوب بنسبة فائدة منخفضة أو “صِفْرِيّة”، مع خفض الضرائب إلى الحد الأدنى، وواصلت المصارف الخاصة المضاربة والإقتصار على النشاط الذي تجني منه أقصى حد من العائدات، وشددت، في المقابل، شروط القروض الموجّهة للإقتصاد الحقيقي ويبلغ متوسط الفائدة لهذه القروض نسبة 5% في دول أوروبا (الأسر والشركات غير المالية ، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة)، وهي القطاعات التي يمكنها تعزيز الطلب الخاص ودعم النمو، فيما انخفض الإنفاق الحكومي في المحافظة على البيئة ، وأشغال المباني المدرسية والصحية، والنفقات الإجتماعية والصحة والتعليم والخدمات العمومية، بل خفضت مبالغ المعاشات التقاعدية وبعض المساعدات الإجتماعية…

أدت السياسة التي طبقتها المصارف المركزية والحكومات، منذ أزمة 2008، إلى إنقاذ المصارف والشركات الخاصة، وكذلك إلى زيادة كبيرة في الدَّيْن العام، وارتفاع نسبة البطالة (الكُلِّيّة أو المُقَنّعَة) والفقر، وانخفاض الرواتب، وارتفاع إيجار السّكن، وتعميق الفجوة الطبقية، إثر إلغاء العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للسكان ، وغياب العدالة الإجتماعية… عن اللجنة من أجل إلغاء الدّيون الكريهة + فايننشال تايمز 20/09/2019

المغرب، فقررَبَّانِي“؟ أصْدَرَ القصر الملكي (الحاكم الفِعْلِي للمغرب) بيانًا عن اختيار الملك محمد السادس سفيرًا سابقًا في باريس، قبل أن يُصبح وزيرًا للداخلية في حكومة سابقة، لتعيينه رئيسا للجنة لمعالجة التفاوت الاجتماعي والفقر، وهي اللجنة التي أعلن الملكُ إنشاءَهَا في تموز/يوليو 2019، بهدف “اقتراح نموذج تنمية جديد لإصلاح قطاعات مثل التعليم والصحة والزراعة والاستثمار والضرائب”، مُتجاهلاً حكومة الإخوان المسلمين، التي تستمد سُلْطَتَها من “أمير المؤمنين”، الملك محمد السادس، ومُتناسِيا أن الإتفاق مع البنك العالمي وصندوق النقد الدّولي يُقر صراحة وبدون أي لُبْس خَفْضَ الإنفاق الإجتماعي، وخصخصة هذه القطاعات بالذّات، وتجميد الرواتب، وعدم تعويض الموظفين المتقاعدين، وغير ذلك من الشروط التي أدّت إلى شَنّ نقابات الأُجَراء العديد من الإضرابات، بالإضافة إلى احتجاجات المواطنين، وأهمها منطقة “الريف” (شمال البلاد) ومنطقة “جرادة” (شرق البلاد، قريبًا من الحدود مع الجزائر)، وأدّت إلى ارتفاع نسبة الفقر، أما البُنية التحتية، التي تفتخر بإنجازها الحكومة والملك، فإنها لا تخدم سوى مصالح الشركات الأجنبية العابرة للقارات، وأهمها الشركات الفرنسية، في مجال السكك الحديدية والإنشاء والطرقات والموانئ، وغيرها من القطاعات غير المنتجة، والتي لا تُفيد الفُقراء، وخصوصًا في المناطق الرّيفية التي تنقصها جميع المرافق، والطرقات ومراكز الرعاية الصحية والمدارس والمشاريع المنتجة، وذكر تقرير للبنك العالمي (تشرين الأول/اكتوبر 2019) أن عدد الفقراء بالمغرب أو من يواجهون خطر الفقر يبلغ نحو تسعة ملايين نسمة أو ما يُعادل 24% من عدد السكان ، كما لا تدعم الدولة قطاع الزراعة الذي يُعيل سكان الأرياف، ما جعل قطاع الفلاحة رهين الأمطار،  ليتراجع الإنتاج الزراعي، خلال سنوات الجفاف، مثل سنة 2019، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي تراجع نمو الاقتصاد المغربي من 3% سنة 2018 إلى نحو 2,8% سنة 2019، بسبب تراجع في الإنتاج الزراعي، وهي نسبة غير كافية لاستيعاب العاطلين عن العمل، لأنها لا تكفي لتوفير فرص عمل في مجتمع يعاني نحو 25% من شبابه من البطالة، ويحتل المغرب المرتبة 123 في قائمة الأمم المتحدة للتنمية البشرية، حيث تعاني المناطق الريفية من نقص البنية التحتية والطرقات الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة…

عَمد القصر الملكي، منذ نهاية الإستعمار المُباشر (1956) إلى توريط حزب الإستقلال، ثم معظم أحزاب المُعارضة، في مخططات يُعدّها مستشارو الملك، وكذلك عبر تعيين رئيس حكومة من قيادات الأحزاب التي لم تكن مُعتَبَرة من “أحْزاب القَصْر”، وآخرها حزب العدالة والتنمية (الإخوان المسلمون) منذ 2011، ليتحمّل الإخوان المسلمون وحلفاؤهم تبعات سياسة التّبَعِيّة التي أدّت إلى ارتفاع نِسب الفَقْر والبطالة، وارتفاع الأسعار، وما نتج عنها من احتجاجات شعبية، ومن قَمع، وقتل واعتقالات وأحكام قضائية قاسية… عن رويترز 19/11/2019

فلسطين، احتلال واضطهاد واستغلال: ارتفع عدد العاملين الفلسطينيين من الضفة الغربية في المُستوطنات المُقامة على أراضيهم المُصادرة بنسبة 59% خلال سنة واحدة، وارتفع عدد العاملين بتصريح صهيوني، داخل الأراضي المحتلة سنة 1948 من 121 ألف عامل، بنهاية 2017 إلى 131 ألفاً بنهاية سنة 2018، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من العاملين بدون تصريح الذين ينامون لأسابيع ولأشهر في ورشات البناء، داخل الأراضي المحتلة سنة 1948، وحصل جل، أو كل العُمال والعاملات على تصاريح، بعد تسديد رشوة للسماسرةٍ فلسطينيّين، وللمقاولين الصّهاينة، ليعملوا في ورشاتِ البناء والمصانع، كما تقتطع مؤسسات التقاعد والتأمين على المرض والخدمات الإجتماعية، مبالغ من رواتب العمال الفلسطينيين، الذين تُقْصِيهم قوانين الإحتلال من الإستفادة منها، كما يُسدّدُ العمال الفلسطينيون (إجباريًّا) قيمة الاشتراك في “الهستدروت”، أي الاتّحاد العام لنقابات العمَّال الصهيونية، الذي رفع شعار “العمل لليهود فقط”، ومارس الإرهاب، منذ حوالي قرن ضد أرباب العمل اليهود الذين يُشغّلون “العرب”، ولا يطالب هذا “الإتحاد العُمّالي” بالمساواة بين العُمال، وتجدر الإشارة إلى علاقاته المُميّزة مع نقابات أوروبية، تُعتبر تقدمية، بل وقريبة من الأحزاب “الشيوعية”، مثل “سي جي تي” الفرنسية، ورفضت “الهستدروت” مجرّد البحث في 68 حادث عمل قاتل لعمال البناء الفلسطينيين، سنة 2018،  ويقدّر الاتحاد العام لنقابات عمَّال فلسطين، أنَّ مجموع ما يدفعه العمَّال للسماسرة شهريّاً يصل إلى 150 مليون شيكل (أكثر من 43 مليون دولار)، سنة 2016، أو ما يزيد عن 516 مليون دولارا، سنة 2016، عندما كان عدد العمل الفلسطينيين آنذاك 93 ألف عامل…

يَسْحب أرباب العمل التصريح من أي عامل يحتج على الإهانات وانتهاكات حقوق العمل، وتستخدم سلطات الإحتلال هذه التصاريح للضغط على الفلسطينيين، فتسحب تصاريح العمل من سكان أي قرية أو حي أو عائلة (موسعة) يقوم أحد أفرادها بعملٍ مُقَاوِمٍ للإحتلال، وعلى سبيل المثال فقد سحبت قوات الإحتلال أَلْفَ تصريح عمل من سكان “يطا” (الخليل) إثر تنفيذ أحد سكانها عملية طعن ضد مُستوطن… عن موقعمتراس23/11/2019   

لبنان: قُدِّرَ عدد الأطفال العمال في لبنان بأكثر من مائة ألف طفل، دون سن الثامنة عشر، في مخالفة واضحة للقانون اللبناني، من بينهم 35 ألف طفل لبناني، في قطاعات مختلفة، أهمّها الصناعة والزراعة، وتُنْذِرُ الأزمة بارتفاع هذا العدد (وهو تقدير وليس عدد رسمي) خصوصًا في المتاجر والمخابز ومحلات النجارة والحدادة وميكانيك السيارات، وغيرها، حيث يعمل الأطفال طيلة الأسبوع، بدون انقطاع، ولساعات طويلة وبرواتب منخفضة جدًّا، بحسب وزارة العمل، وترتكز التوقعات المتشائمة، بزيادة هذا العدد، على تدهور الوضع الإقتصادي والمالي في لبنان، حيث تقدّر تقارير مجلس النواب نسبة المواطنين الذين يقعون تحت خط الفقر بنحو 28% من اللبنانيين، من بينهم 8% منهم يعيشون في فقر مدقع، وكلما ارتفعت نسبة الفقر، ارتفع التّسَرُّب المَدْرَسِي وعمل الأطفال، فيما تغض الدّولة الطرف، عبر غياب عمليات الرقابة والتّفتيش، وعبر عدم محاسبة مُستغِلِّي الأطفال، وعبر غياب مؤسسات رعاية الأطفال…

كان القطاع المصرفي اللبناني قويّا، رغم الحرب الأهلية والأزمات، وآخرها العدوان على سوريا المُجاورة، ولكن بدأ القطاع المصرفي اللبناني يشكو ضعفًا قد يُؤَدّي إلى إعادة النظر في هيكلة الإقتصاد، في ظل هيمنة أمريكية وسعودية على كافة القرارات، التي تُؤثِّرُ في معظم جوانب حياة اللبنانيين، وعلى ذكر الأزمة المالية، أنْكَرَ حاكم مصرف لبنان (المصرف المركزي)، يوم الإثنين 23 أيلول 2019، وجود أزمة، وشح في الدولار، منذ عدة أسابيع، وأعلن أن احتياطي المصرف المركزي من الدولارات يتجاوز 38,5 مليار دولارا، ويتدخل المصرف المركزي في السّوق، كلما اقتصت الحاجة، ولا حاجة إلى إجراءات استثنائية… ولكنه تراجَعَ، بعد 24 ساعة، لِيَعْتَرِفَ بوجود أزمة، تُوجِبُ تَنْظِيمَ تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي، وأعلن رئيس مجلس النواب إن العقوبات الأمريكية تسببت بأزمة، وتدّعي الولايات المتحدة، عبر مساعد وزير الخزانة (وهو ضابط رفيع المستوى في الجيش الأمريكي، الذي زار لبنان واجتمع مع أعضاء الحكومة والأحزاب، إن العقوبات تستهدف “حزب الله” – وهو حزب لبناني عَلَنِي وقانوني، وله نواب في البرلمان ويُشارك في إدارة الدولة، عبر أجهزتها المُختلفة – ولكن هذه العقوبات أدت إلى امتناع المُودعين عن وضع أموالهم في المصارف اللبنانية، ورَدَعت المُغتربين عن تحويل الأموال من الخارج، إلى ذويهم، وقد يُؤَدِّي هذا الوضع إلى إنعاش تجارة الدّولار في السّوق المُوازية…

“نَصَح” مساعد وزير الخزانة الأمريكي والسفارة الأمريكية ببيْرُوت (وهو ماريشال في الجيش الأمريكي)، باستغلال شح الدولار، لشن حملة ضد “السوريين الذين يُهربون العملة من لبنان إلى سوريا، وتحويل دخلهم من الليرة اللبنانية إلى الدّولار، في السّوق المُوازية…”، مع الإشارة أن السلطات الأمريكية تَمْنَعُ السلطات اللبنانية والأردنية من تنظيم عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وتريد أمريكا استخدامهم كورقة ضغط ضدّ النّظام السّوري، وتَشُن السفارة الأمريكية من جهتها حملات تشويه ضد اللبنانيين الذين يدعون الدولة للتدقيق بهدف محاسبة المُتّهَمِين بالسّرقة وبغسيل الأموال والتهرب الضريبي ومخالفات القوانين المالية، بدل تطبيق عقوبات أمريكية ضد أفراد لبنانيين أو مؤسّسات لبنانية، مما يزيد من تفاقم أزمة ميزان المدفوعات والميزان التجاري…

من جهتها، قررت الولايات المتحدة رفع ميزانية بناء سفارتها الجديدة في بيروت من مليار دولار إلى 1,5 مليار دولار، لتضم السفارة، داخلها، قاعدة عسكرية “غير رسمية”، ورفع عدد عناصر المخابرات والأمن، بالتوازي مع رفع عدد المستشارين العسكريين لدى الجيش اللبناني، وطلبت من مصارف وصناديق وشركات أمريكية ( جنرال إلكتريك”)، بالإستثمار في مشاريع البنية التحتية والطاقة والأدوية في لبنان، بالإضافة إلى الإستثمارات المشتركة مع شركات أخرى (مثل “توتال” النفطية)…

هذا “الإهتمام” الأمريكي بلبنان واقتصادها لم يحل مشكلة نقص الدولار في الأسواق، بل بدأت المصارف تُقَيِّدُ عمليات تأمين الدولارات لتوريد السّلع، وحدّدت مبالغ السّحب اليومي، وتحويل قيمتها من الدولار إلى الليرة اللبنانية، حتى لو كان حساب الزبائن مفتوحًا بالدّولار، بهدف إبقاء كمية الدّولارات داخل النظام المصرفي، تحت ضغط أزمة تراجع التدفّقات المالية إلى لبنان، وارتفاع حجم الالتزامات المترتبة بالعملة الأجنبية لتمويل الاستيراد، ولتسديد فوائد القروض والودائع غير المقيمة وتحويل رواتب العمّال الأجانب في لبنان…

تُفنّد هذه الإجراءات العَمَلِيّة والملموسة (دون الإعلان عنها بشكل مُكثّف)، تأكيدات حاكم مصرف لبنان، التي ذكرناها في بداية هذه الفَقرات عن الإقتصاد اللبناني، حيث أكّد يوم الإثنين 23/09/2019 “لا ضرورة لأي إجراءات خاصّة، لأن السيولة بالدولار متوافرة، ويمكن لمصرف لبنان تأمينَها للمصارف”، واضطر نفس الشخص للإعلان عن تنظيم  عمليات تمويل استيراد القمح والدواء والمحروقات، مع ترْكِ هامش لهروب كبار المودعين خارج لبنان… عن جمعيةنضال من أجل الإنسان” + صحيفةالأخبار25 و 26/09/2019

سوريا: أعلن الرئيس الأمريكي أن الجيش الأمريكي سوف يبقى في سوريا “لحماية آبار النفط”، ولذلك يَقوم الجيش الأمريكي بتسيير دوريات في منطقة شمال شرقي سوريا، ما بين القامشلي والمالكية، حيث  حقول النفط والغاز، بهدف تكريس هيمنة القوات الأميركية في جزء من سوريا، وعزز الجيش الأمريكي صفوفه في المناطق المُحيطة بالحقول النفطية في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، ونشرت وسائل إعلام أمريكية أنباء عن احتمال بناء قاعدة عسكرية في بلدة الصور شمال دير الزور…

تزامنت اجتماعات “اللجنة الدستورية” في جنيف مع تصريحات “دونالد ترامب”، ووزيره للحرب، بشأن نفط سوريا، وضرورة “تأمين وحماية حقول النفط” السوري، من قِبَل الجيش الأمريكي، ولم يتردد وزير وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” في وصف خطة واشنطن بانتهاك “القانون الدّولي” وباحتلال أراضي الغير، بشكل غير قانوني، وحذّرت وزارة الحرب الأمريكية (البنتاغون) كل من يحاول تحدّي قراراتها أو عصيان أوامرها، بوابل من النيران، كردّ وحيد…

تستهدف هذه التصريحات، وترجمتها في الواقع، باحتلال منابع النفط والغاز والأراضي الخصبة في سوريا، توجيه رسالة تحذير “نارِيّة” لكل من يُحاول عَرْقَلَةَ استحواذ الإمبريالية الأمريكية، بالقوة، وعبر الإحتلال العسكري، على الموارد الطبيعية لأي بلد في بلد في جميع أنحاء “الجنوب”، أو الدول الفقيرة… إن عبارة “تأمين” أو “حماية” النفط السوري مرادف بكل بساطة لـ “نهب” ثروة واحتلال الأراضي السورية.

يعرقل جيش الإحتلال الأمريكي انتشار الجيش السوري (وحدات حرس الحدود) في أراضي سوريا، خصوصًا في شمال شرقي البلاد، وخصوصًا في المناطق ذات الأهمية الإقتصادية والإستراتيجية، والمواقع الغنية بالنفط، ومحافظة “الحسكة”، ومجمل المناطق التي تحتلها القوات الأمريكية ومليشيات العشائر الكُردية، ونشرت الولايات المتحدة تسريبات عن “قرب إخلاء نقاط عسكرية غربي مدينة الحسكة، وتوجيه ألف جندي باتجاه آبار النفط والغاز في مدينة الشدادي جنوبيّ الحسكة”، لمَنْع الجيش السّوري من استعادتها، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في وزارة الحرب الأمريكية…

يندَرجُ هذا النشاط الدبلوماسي والعسكري الأمريكي في إطار برنامج “الشرق الأوسط الكبير” الذي يستهدف مواقع الثروة والمواد الأولية، وحقول النفط ، وكذلك الطرق والمَمَرّات التجارية والاستراتيجية، مثل البحر الأحمر والخليج والبحر الأبيض المتوسط، وبحر الصين الجنوبي، وغيرها…

تسعى الصين، من جانبها، بهدوء إلى عدم مواجهة الولايات المتحدة، وإلى تعزيز موقعها للاستثمار في إعادة إعمار سوريا، بعد انتهاء الحرب، و”تطبيع” الوضع، بفضل جهود روسيا. تركز جهود الحكومة الصينية على ما سوف تجنيه من فوائد من موقع سوريا الاستراتيجي في شرق البحر المتوسط، كمحطة في مشروع “الطريق والحزام”، أو ما عُرِفَ ب “طريق الحرير الجديدة” … عن رويترز + أ.ف.ب + روسيا اليوم (بتصرف) 05 و 06/11/2019

سوريا، بعيدًا التّبْسيط الإعلامي وادعاء أنها معركةالخيرالأمريكي ضدالشّرّالسوري الإيراني: تَضاربت التّصريحات الأمريكية الرسمية بشأن الإنسحاب المزعوم للجيش الأمريكي المتواجد كجيش احتلال شمال سوريا، وأكد قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال “كينيث ماكنزي”، يوم 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، الإبقاء على أكثر من خمسمائة جندي أمريكي شرق سوريا، فيما أعلن نائب الرئيس الأمريكي، “مايك بنس”، أثناء زيارة غير معلنة لقاعدة “عين الأسد” (العراق)، أن بلاده لن تتخلى عن التزاماتها إلى حين القضاء على داعش وأي تنظيمات إرهابية أخرى، وتُشير كافة الوقائع أن النفط يُشكل أحد أهداف الإحتلال الأمريكي، فالنفط (والغاز) يُمكّن مليشيات الأكراد (حُلفاء أمريكا) من الحصول على موارد مالية هامة، بالإضافة إلى حرمان الدّولة السورية من استغلال ثرواتها، وحرمانها من الطاقة، ومن العملة الأجنبية، التي كانت تحصل عليها، من تَصْدير حوالي 140 ألف برميل يوميا، بنهاية سنة 2010، قبل العدوان العسكري الأجنبي (الأطلسي والإرهابي)، وكتبت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الدبلوماسي الأمريكي “ويليام روباك”، المبعوث الأمريكي الخاص “للتحالف العالمي” ضد داعش، يُساعد مليشيات الأكراد، منذ سنوات عديدة، ويُشرف على إنشاء قوات كُردية مسلحة، وعلى إنشاء مؤسسات الحكم الذاتي الكُرْدِي، شمال سوريا، وتُجري الولايات المتحدة مفاوضات مع تركيا، من أجل الوصول إلى حل يضمن مصالح الولايات المتحدة وتركيا ومليشيات الأكراد، والجميع ضد مصلحة الدولة السورية، والشعب السوري…

من جهته، عبر الرئيس الملياردير، ورجل الأعمال، دونالد ترامب،  إن الولايات المتحدة مهتمة حصرياً بالنفط في سوريا وفي العراق، ولذلك كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” أن القوات الأمريكية لن تنسحب، بل أن وجودها ضروري، لدعم المليشيات الكُردية، وللإستيلاء على حقول النفط السورية والسيطرة عليها، وإدامة حالة التّبعية الكردية تجاه الولايات المتحدة، ماليا وعسكريا وسياسيا، مع احتمال استخدام الولايات المتحدة، هذه التشكيلات الكردية لتنفيذ المخططات الأمريكية، ولزعزعة الوضع السياسي العام في المنطقة والضغط على خصومها ( سوريا وإيران وروسيا)، وتحجيم دور تركيا، وربما العراق، في حال وجود حكومة تحاول الخروج عن بيت الطاعة الأمريكي، وقد تعمل الولايات المتحدة على إعادة إحياء المشروع القديم، الذي طُرِحَ قبل 2010، لبناء خط أنابيب نفط يربط بين حقول “دير الزور”، في الشمال الشرقي لسوريا، وميناء مدينة “حيفا”، في فلسطين المُحتلّة، وكان المشروع يتضمن، قبل أكثر من عشر سنوات، تصدير حوالي خمسة ملايين برميل من النفط يوميا، عبر هذا الأنبوب، كمرحلة أولى من مشروع أضْخَمَ لنقل النفط العراقي من حقول “كركوك”، والنفط السوري من “دير الزور”، إلى فلسطين المحتلة، على البحر الأبيض المتوسط، وتصديره إلى أوروبا، وجميع أنحاء العالم، وعاد الحديث مؤخَّرًا عن إحياء هذا المشروع، وتبرير احتفاظ أمريكا بالسيطرة على حقول النفط السورية، وكذلك على الحدود السورية العراقية… عن رويترز + روسيا اليوم 24/11/2019

العراق: يتّسم وضع العراق الرسمي اليوم، خلال السنة السّابعة عشر، منذ الإحتلال الأمريكي، بالمحاصصة الطائفية وتقاسم مراكز وثروات ومؤسسات الدولة بين فئات لا يجمعها وطن، بل ولاء للإحتلال الأمريكي، ورغم ارتفاع إنتاج النفط، يشتكي المواطنون من زيادة حجم البطالة والفَقْر، ومن انقطاع الكهرباء وتلوث المياه والمحيط في مناطق إنتاج النفط، وخاصة في محافظة البصرة، جنوب العراق، حيث مات نخيل الواحات، وفي الشمال يتصرف آل البرازاني ومليشياتهم كدولة مُستقلة ومُعادية للعراق وللعروبة، و”صديقة”، أو قاعدة، للإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني وتركيا، ويحتل رُموز هذه المليشيات العشائرية مناصب سيادية في الدولة العراقية، ومن بينها منصب وزارة الخارجية ورئاسة “جمهورية المُحاصصة”، وألقى رئيس العراق (برهم صالح) في الأمم المتحدة كلمة باسم العراق، وتجاهل القصف الصهيوني لأراضي العراق، الذي اعترف به الكيان المُحتل، والذي خلّف ضحايا عراقيين، كما تجاهل قضية فلسطين، والعدوان في سوريا المجاورة…

من جهتها تعمل الولايات المتحدة على إدماج العراق في مشروع “صفقة القرن” (مع السعودية وحُكام الخليج) الهادف لنَسْفِ القضية الفلسطينية، وتوطين اللاجئين الفلسطينيين، والإعتراف ب”شرعية” الإحتلال، وضغطت الولايات المتحدة على حكومة وأحزاب ومؤسسات العراق، عبر إحياء مجموعات عملاء “الصحوات”، وهي مجموعات عميلة مُسلّحَة، تستهدف اغتيال المقاومين، وتشويه كافة أشكال المقاومة، وارتكاب مجازر، تنسبها الولايات المتحدة للمقاومة، وتتعلل أمريكا ب”مخاطر انبعاث تنظيم داعش”، لتبرير إحياء “الصّحوات” في المحافظات الغربية، وعلى الحدود السورية…

أنتج تقاسم السّلطة بين عُملاء أمريكا، مواقف متناقضة أحيانًا، إذْ يميل جزء من مكوناتها إلى التعامل مع إيران، البلد الحُدُودي، وهو ما لا ترضاه الولايات المتحدة القادرة على إعطاء إشارة العُدوان للكيان الصهيوني أو للمجموعات الإرهابية، على بعض المناطق والمجموعات العراقية، ومن بين هذا المواقف المتناقضة، تَوَجُّهُ رئيس الحكومة (عادل عبد المهدي) نحو الصين، في مُحاوَلَةٍ “لتنويع علاقات الشراكة”، وتوقيع اتفاقيات عسكرية واقتصادية، وتأسيس صندوق الائتمان المشترك من الواردات النفطية، مقابل الإعمار من قِبَل الجانب الصيني، وتُعدّ الصّين أكبر شريك تجاري للعراق، والعراق ثاني أكبر مُصَدِّر للنفط نحو الصين، بحوالي مليون برميل يوميا، وبلغ حجم التبادل بين البَلَدَيْن نحو 30 مليار دولار سنوياً، ووقّع رئيس الحكومة العراقية، مع حكومة الصين اتفاقيات شملت مجالات التجارة والإتصالات والأمن، والمجالات المالية والثقافة والتعليم، ولا تُهَدِّدُ مجمل هذه الإتفاقيات (في صيغتها الحالية) الهيمنة والنّفُوذ الأمريكيّيْن، رغم إعلان حكومة العراق الإنضمام لمبادرة “الحزام والطّريق”، لكنها قد تشكّل خطوة صغيرة نحو التخفيف من القيود الأميركية، وسبق أن أعلنت الحكومة العراقية التزام “الحِياد” بين أمريكا وإيران، ولم تعلن اصطفافها وراء أمريكا ضد إيران، كما فضّلت التعامل مع شركة “سيمنس” الألمانية، لتطوير القطاع الكهربائي، بدل الشركة الأمريكية “جنرال إلكتريك”، ولكن حكومة العراق تراجعت عن فتح المعابر البَرِّيّة، على الحُدُود بين سوريا والعراق، بعد قصف الكيان الصهيوني مناطق حُدُودِيّة، من الجانب السُّورِي…

أَدْرَجت الصحف الموالية للحكومة زيارة “عادل عبد المهدي” للسعودية، ولقاء الملك سلمان وابنه ووليّ عهده محمد بن سلمان، ضمن “تنويع العلاقات، طبقًا لمصلحة البلاد”، في ظل تشديد الحصار والعدوان على شعب اليمن، وفي ظل التحالف الخليجي (بزعامة آل سعود) مع الكيان الصهيوني ضد إيران وضد الشعوب العربية، وفي مقدّمتها الشعب الفلسطيني، ثم الشعب السوري والعراقي…

عَرّج رئيس الحكومة العراقية على الهند، خلال عودته من الصين، وأعلن تفعيل عمل اللجنة المشتركة بين الدولَتَيْن، والتي لم تجتمع منذ سنة 2013، وتعزيز العلاقات التجارية والسياسية والثقافية بين الدولَتَيْن…

من جهته، زار مستشار الأمن الوطني العراقي، روسيا، مطلع أيلول/ سبتمبر 2019، وهو في نفس الوقت رئيس هيئة “الحشد الشعبي” ، والتقى مسؤولين روسيِّين في مجالات التعاون العسكري والتقني، وسبق أن انطلقت نقاشات لشراء العراق منظومات دفاع جوي روسية متطورة، خصوصًا بعد استهداف الطائرات الصهيونية والأمريكية مَقَرّات ومخازن “الحشد الشعبي”، بالتوازي مع بناء أمريكا قاعدَتَيْن عسكريّتَيْن في أرض العراق على جانبَيْ الطريق الدولية التي تصل العراق بسوريا وبالأردن، وبدأت القوات العسكرية للإحتلال الأمريكي، منذ شهر أيلول/سبتمبر 2018، نقل تجهيزات عسكرية ثقيلة (بعضُها نُقِل من الأردن) إلى القواعد الأمريكية في غرب العراق، عمومًا، وإلى محافظة “الأنبار”، تخصيصًا، وعلى الصعيد السياسي، أنشأت أمريكا، منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018، “جبهة الإنقاذ والتنمية”، التي يقودها بعض العُملاء المعروفين، مع بعض زعماء العشائر، الذين تدعمهم السعودية (إلى جانب الولايات المتحدة)، بهدف “ضرب مصالح إيران في العراق”… عنواشنطن بوست” + رويترز + وكالةشينخوا” + موقعروسيا اليوم” بين أيار/مايو و أيلول/سبتمبر 2019

العراق: أصبحت عائدات النفط، من أهم موارد الدولة، منذ منتصف القرن العشرين، واستخدم النّظام الجمهوري، بداية من رئاسة عبد الكريم قاسم، سنة 1958، عائدات النفط للإنفاق على برامج إنمائية، فانخفض معدل وفيات الأطفال الرُّضَّع من 71 لكل 1000 سنة 1965 إلى 29 في الألف سنة 1989 (بعد ثماني سنوات من الحرب مع إيران)، وارتفعت نسبة مشاركة المرأة في قوة العمل، وبدأت الدولة تنويع الإستثمار، بهدف خفض درجة الإعتماد على النفط، فخصّصت نسبة من عائدات النفط للإستثمار في قطاعات الفلاحة والصناعة، وبعد نهاية الحرب مع إيران، وقبل العدوان الأمريكي الأطلسي سنة 1991، كان النظام الصحي يشمل نحو 97% من سكان الحَضَر و حوالي 80% من سكان الأرياف وكان نحو 90% من السكان يحصلون على المياه الصالحة للشرب…

بعد العدوان الأمريكي انخفض متوسط دخل الفرد، بسبب الحَظْر والعُقوبات والخراب الذي أصاب البلاد، جراء القصف الهمجي، من أكثر من سبعة آلاف دولار سنويا (سنة 1991) إلى أقل من أربعة آلاف دولارا سنويا للفرد، سنة 2003، ولم يتجاوز خمسة آلاف دولارا، سنة 2018، في ظل الحكومات التي نصبها الإحتلال الأمريكي، منذ سنة 2003، وأدّى تدهور الوضع الإقتصادي، رغم ارتفاع أسعار النفط، خلال أكثر من عقد (من 2002 إلى 2014) إلى احتجاجات تُحركها المطالب الإقتصادية والإجتماعية، في ظل ارتفاع نسبة البطالة والفقر (الذي يعاني منه حوالي 23% من سكان البلاد)، خصوصًا في أوساط الشباب الذين يُقدّر عددهم بنحو عشرين مليون شاب وشابة دون سن الخامسة والعشرين، من إجمالي حوالي أربعين مليون نسمة، بنهاية سنة 2018، ويندد المتظاهرون بالفساد (يحتل العراق المرتبة 161، من إجمالي 168 دولة)، وبالمحاصصة التي أرساها الإحتلال الأمريكي، بالإضافة إلى القضاء على صناعات الإسمنت والكيمياء (مشتقات النفط) وبعض الصناعات التحويلية، وبددت الولايات المتحدة والحُكومات التي نصّبتها، عائدات النفط، رغم ارتفاع الإنتاج، ليصبح العراق، رابع منتج عالمي…

استخدمت الحكومة أجهزة القمع في مواجهة احتجاجات المواطنين، بينما يُوصي صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، بخصخصة ما أبقاه الإحتلال الأمريكي من مؤسسات الدولة، وتسريح ما لا يقل عن خمسين ألف موظف، وضخ الدولة جزءًا من عائدات النفط “تطوير القطاع الخاص”، تحت عنوان “تحسين مناخات الإستثمار”…

رغم ارتفاع إنتاج النفط، اقترضت الدولة 5,3 مليارات دولارا من صندوق النقد الدولي، سنة 2016، لتغطية عجز الميزانية، الذي ارتفع من نسبة 12,8% من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2015 إلى قرابة 14% بنهاية سنة 2016، واشترط صندوق النقد الدولي (كالعادة) تخصيص عائدات النفط لتسديد الدّيون، كأوْلَوِيّة، وتطبيق إجراءات التقشف و”تحرير” الاقتصاد.، فانخفضت قيمة الإنفاق في الميزانية، خلال أربع سنوات (2016 – 2019) بنسبة 6%  وانخفضت نسبة الإنفاق، خلال نفس الفترة، من 43,4% إلى 32% من الناتج المحلي الإجمالي، ولم ترتفع الرواتب سوى بنسبة 3,5% بينما ارتفع معدل الأسعار (المُعترَف به حكوميا) بما لا يقل عن 5,5%، فانخفض متوسط دخل الفرد، بنسبة 15%، وانخفضت الإستثمارات الحكومية بنسبة 57%، واتجهت معظم الإستثمارات نحو قطاع النفط، وتُقدر قيمة إعادة إعمار البلاد، بعد احتلال داعش ثُلُثَ البلاد، وبعد قصف الجيش التركي والجيش الصهيوني عدد من مواقع شمال وغرب البلاد، بقرابة 88 مليار دولار للبنية التحتية وحدها، وأدت هذه الأزمات المتتالية إلى نزوح نحو خمسة ملايين مواطن من مناطقهم الأصلية، والتحق معظمهم بصفوف الفُقراء… جميع البيانات من البنك العالمي ومن منظمة الأمم المتحدة (أونكتاد) أيلول 2019

عرب النفطاقتصاد الرّيع: تُشير الأرقام إن السعودية، عضو منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك”، تمتلك 18% من الإحتياطي العالمي للنفط، وهي أكبر دولة مُصدرة للنفط الخام، وأُدْمِجَتْ في “مجموعة العشرين”، ورغم الصّخب الإعلامي، خاصة منذ 2016، بشأن “الإصلاحات الإقتصادية”، وخفض الاعتماد على النفط، ضمن ما سُمِّي “رؤية 2030″، لم تظهر بوادر استثمار في قطاعات مُنتجة (كالزراعة والصناعة والبحث العلمي والتكنولوجيا وصناعة العقاقير…)، بل أقرّت أسرة آل سعود التوقف عن زراعة الحبوب “لأن تكاليف إنتاجها أعلى من تكاليف استيرادها”، وكثيرًا ما استخدم البنك العالمي مثل هذا “التّعْلِيل”، أما على الجبهة الإجتماعية والسياسية فقد انخفض الدّخل الحقيقي للمواطنين (الرّعايا) بفعل إلغاء بعض الحوافز، وإقرار ضريبة القيمة المُضافة، وزيادة أسعار الوقود والكهرباء والخدمات، وبقيت ميزانية السعودية تعاني العجز، وتتوقّعُ وزارة المالية الوصول إلى التوازن المالي سنة 2023، عبر خفض الإنفاق وزيادة إيرادات الحكومة، وليس بفضل إيرادات مشاريع جديدة، خارج قطاع النفط، باستثناء إيردات السياحة الدّينية (الحج والعُمْرة)، التي تدمجها السعودية ضمن قطاع الخدمات، وتستهدف السعودية رفع عدد الحجاج والمعتمرين من 19 مليون سائح سنة 2017 إلى 30 مليون سنة 2030، في المقابل، ارتفع الإنفاق العسكري، على شراء أسلحة أمريكية وأوروبية متطورة، لا تُناسب قُدُرات ومؤهلات جُيُوش السعودية والإمارات، التي أرهقتها مقاومة فُقراء اليمن…

تدعم الولايات المتحدة الجيش السعودي والإماراتي في اليمن، تقنيا ولوجيستيًّا واستخباراتِيًّا، ونشرت الولايات المتحدة مزيدًا من القوات العسكرية في السعودية، بعد قصف المقاومة اليمنية مواقع النفط، لكن الرئيس الأمريكي عبر عن عدم الإستعداد لخوض الحرب مكان الأُسَر الحاكمة في الخليج، وطالَبَ بزيادة حجم “الأتاوات” مقابل حماية هذه الأُسَر، خصوصًا بعد انخفاض أهمية نفط الخليج، وانخفاض واردات الولايات المتحدة بشكل متواصل، منذ 2005، بل أصبحت الولايات المتحدة تُصدِّرُ النفط والغاز إلى أوروبا وآسيا، لِتُنافسَ السعودية وروسيا…

تأسست “شركة النفط العربية الأمريكية” (أرامكو) سنة 1933، ووقع تأميمها (شكليا) سنة 1988، حيث لا تزال فعليا تحت الهيمنة والإشراف الأمريكيين، وتنتج حوالي 12,5% من النفط العالمي، بواقع نحو 10,5 ملايين برميل يوميا، في المتوسط (أرقام سنة 2017)، وتُشغّل حوالي 65 ألف شخص، ولمّا تأزّمَ الإقتصاد السعودي بفعل اعتماده المُفْرِط على إيرادات النفط، التي انخفضت بانهيار أسعار برميل النفط الخام، منذ منتصف شهر حزيران/يونيو 2014، أقرّت أُسْرة آل سعود خصخصة قرابة 5% من قيمة الشركة، وتأمل أن تبلغ قيمة البيع 100 مليار دولارا، لكن الضبابية التي تلف القيمة الحقيقية للشركة، وغياب البيانات الواضحة، جعل عملية طرح أرامكو للاكتتاب العام تتأجّل عدة مرّات…

تزامنت أزمة انهيار أسعار النفط، مع زيادة تورّط السعودية (والإمارات) في العدوان على اليمن وعلى ليبيا والعراق، وطرحت الإمارات، كما السعودية خفض عدد العمال المهاجرين، لتشغيل الشباب المَحلِّي الذي يعاني من ارتفاع نسبة البطالة، في عملية سُمِّيَت “توطين الوظائف”، خصوصًا في القطاع الخاص، لكنها تُعاني من عقبات عديدة (رغم الدّعم الحكومي)، ومن بينها ضعف الرواتب والتّأخير في تسديدها، وغياب المكافآت والحوافز، رغم طبيعة العمل المرهقة، وارتفاع عدد ساعات العمل إلى عشر ساعات يوميّا، لمدة ستة أيام أسبوعيا، في ظل ارتفاع الأسعار، وغياب أو قِصَر مدة الإجازات، وغياب قوانين تُقرّ حدًّا أدنى للرواتب، وحقوقًا نقابية واجتماعية، وعقود عمل جماعية، وغير ذلك من الحقوق الإقتصادية والإجتماعية، وفي الإمارات، يقترح بعض أصحاب الشركات الخاصة أن يرتفع الراتب، وأن ترتفع مدة الإجازة الأسبوعية، من يوم واحد إلى يومَيْن، وإقرار إجازات سنوية، وغير ذلك، على أن تتحمل الحكومة الإتحادية التكاليف والنفقات المترتبة على اختلاف الرواتب والتّرقّيِ في دَرَجات سُلّم الوظيفة، والعطلة السنوية (غير موجودة في القطاع الخاص) والتقاعد والتأمين الإجتماعي والصحي، والحوافز والإمتيازات بين القطاعين الخاص والحكومي، شرط احتفاظ القطاع الخاص بالأرباح المرتفعة التي يحققها من الإستغلال الفاحش للعمال المُهاجرين… عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية + صحيفةالخليج” (الإمارات) + رويترز 21 و 22/09/2019

السعودية وموقعها في سوق الطاقة: دشّنت الولايات المتحدة، منذ عدة سنوات (حوالي العقد)، مرحلة جديدة في سياساتها الخارجية، تمثّل أحَدُ بُنودها في انخفاض أهمية ما تسميه “الشرق الأوسط” في سُلّم أولوياتها، مع تراجع أهمية نفط الخليج، وارتفاع الإنتاج الأمريكي، ومع توجه الولايات المتحدة، خلال فترة رئاسة “باراك أوباما”  نحو الشرق ومحاصرة الصين في آسيا وروسيا في أوروبا والمنطقة الواقعة بين قارّتَيْ آسيا وأوروبا (أو “أوراسيا”)، ونكتفي في هذه الفقرة بالحديث عن النفط، وقبل قَصف مواقع النفط السعودية (14/09/2019)، أعلنت وكالة الطاقة الدولية، يوم الخميس 12/09/2019، إن السعودية تُعَدُّ أكبر منتج للخام في منظمة “أوبك”، بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 9,8 ملايين برميل، وأكبر مُصدر بمتوسط 7 ملايين برميل يوميا، لكن الولايات المتحدة الأميركية (وهي من غير الأعضاء في أوبك، بل ضد وُجُودِها من الأساس) تفوقت على السعودية وتقدمت عليها في الإنتاج، لفترة وجيزة، خلال شهر حزيران/يونيو 2019، وأصبحت أكبر مُصَدّر للنفط في العالم، وبعد أسابيع، أعلن نائب وزير الطاقة الأميركي، إن الولايات المتحدة تستهدف تحقيق الهيمنة على قطاع الطاقة، دون الإهتمام بسعر البرميل، وأعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إن إنتاج أمريكا من النفط يبلغ في المتوسط، أكثر من 13 مليون برميل يوميا سنة 2019، ونستهدف بلوغ 13,5 مليون برميل يوميا سنة 2020، وتوقّعت وكالة الطاقة الدولية (11/09/2019) نمو الطلب على النفط بواقع 1,1 مليون برميل يوميا سنة 2019، وبنحو 1,3 مليون برميل يوميا سنة 2020، لكن ضعف نمو الإقتصاد العالمي أدّى إلى ضُعف الطلب على النفط، رغم انخفاض أسعاره بنسبة 20% (على أساس سنوي) خلال النصف الثاني من سنة 2019، وأشارت الوكالة في تقريرها الشهري إلى ارتفاع إنتاج النفط من خارج مجموعة البلدان المُصدّرة للنفط (أوبك)، منذ انتهاء العمل باتفاق خفض إنتاج النفط بمقدار 1,2 مليون برميل يوميا، بين مجموعة أوبك وبلدان أخرى، بقيادة روسيا، منذ مطلع 2019 وحتى نهاية آذار/ مارس 2020، وتُشير بيانات الحكومة، إن السعودية تضخ نحو عشرة ملايين برميل يوميّا، في المتوسّط، أو ما يُعادل حوالي 10% من الطلب العالمي، منها 7 ملايين برميل يوميًا للتصدير…

يتوقع صندوق النقد الدولي في تقرير نشرَهُ يوم التاسع من شهر أيلول/سبتمبر 2019 (أي قبل أيام من قصف المقاومة اليمينية لمواقع النفط السعودية) أن يرتفع عجز الموازنة السعودية من 5,9 سنة 2018 إلى 6,5%، وأن تتراجع نسبة النمو من 2,4% سنة 2018 إلى 1,9%، بنهاية سنة 2019، وكانت ميزانية السعودية قد تَضَرّرت جراء انهيار أسعار النفط، منذ منتصف شهر حزيران/يونيو 2019، وتوقعت الحكومة السعودية عجزا بنحو 34 مليار دولار في موازنة 2019، لكن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يرتفع العجز، بسبب زيادة الإنفاق عن السقف المدرج في الموازنة بما يفوق الزيادة في الإيرادات غير النفطية، وبسبب مواصلة الإنفاق الإجتماعي، لتخفيف حدة غضب بعض الفئات، ومن بينهم العاطلين عن العمل، الذين بلغت نسبهم 12,5% من قُوة العمل، بنهاية الربع الأول من سنة 2019…

بعد قصف المقاومة اليَمَنِيّة لمواقع النفط في عمق السعودية، ارتفعت أسعار النفط بنسبة فاقت 10%  يوم الإثنين 16/09/2019، بعد أن ارتفعت يوم السبت، لتصل نسبة الإرتفاع الإجمالية إلى أكثر من 20% خلال 72 ساعة، بسبب خفض الإنتاج السعودي إلى النّصف، كما تأثرت الأسهم الأوروبية، وانخفضت بنحو 5%، وانخفضت أسهم قطاع الطيران، بأكثر من 4%، متأثرة بخفض إمدادات النفط العالمية، وتراجع إقبال المستثمرين على المخاطرة، وبالبيانات الضعيفة لاقتصاد الصين، وكانت الحكومة السعودية قد لجأت إلى المخزون الإستراتيجي لشركة “أرامكو”، لتلبية طلب الزبائن، ورغم الإعلان السعودي الأوّلي أن إصلاح ما تضرّر جراء استهداف المنشأتين النفطيّتين سيستغرق “أيّامًا”، أوردت وكالة “رويترز”، يوم الإثنين 16 أيلول/سبتمبر 2019، نقلاً عمّن وصفتهم بالمُخْتَصِّين، إن عودة شركة “أرامكو” إلى إنتاج النفط بكميات طبيعية ربما تستغرق أشهرا، إذ رغم شحن الحملات للزبائن، ما زال الوضع سيئًا، ويتعين على “أرامكو” خفض الصادرات في وقت لاحق إذا استمر التوقف في الإنتاج لفترة طويلة، فيما كتبت وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس” أن الشركة تمكنت من استعادة ضخ ثُلُث الإنتاج المتعطّل، في حقل “خريص” ومصفاة “بقيق”، حيث تراجع الإنتاج بنحو 50% يوميْ السبت 14 والأحد 15 أيلول 2019، مما أحدث اضطرابًا في الأسواق وزيادة في الأسعار، وزيادة المخاوف من تهديدات أمنية في الخليج، وفي مضيق “هرمز”، بعد التهديدات الأمريكية لإيران… عن رويترز + أ.ف.ب + “إنرجي إنتيلجنس” (نشرة معلومات الطاقة) من 14 إلى 16/09/2019

إيران وروسيا، تجارة بغير الدّولار: تتعرض إيران وروسيا والصّين (إضافةً إلى كوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا…) إلى حرب اقتصادية ودبلوماسية وتجارية تشنُّها الولايات المتحدة، ما دَفَع حكومات هذه الدول للبحث عن سُبلِ الإلتفاف والتّعامل فيما بينها، لتخفيف آثار هذه الحَرْب العدوانية، واجتمع الرئيسان الإيراني والرّوسي في العاصمة التركية، مع الرئيس التركي في محاولة للتوصل لاتفاق بينهم بشأن سوريا (المُغَيَّبَة عن الإجتماع)، واستغلا الفُرصة للبحث في مواضيع أخرى، ومن بينها، “استحداث نظام مالي، بين إيران وروسيا، يكون مستقلاًّ، بل بديلا لنظام “سويفت” العالمي، الذي تُسيْطر عليه الولايات المتحدة (وإن كان مقره في بلجيكا، مقر الحلف الأطلسي والإتحاد الأوروبي)، ويأمل الرئيس الإيراني والرّوسي أن يُساهم هذا النظام في “تنمية العلاقات التجارية بين البلدين، ومواجهة الدولار الأميركي، والمساهمة في تقويض هيمنة واشنطن على الأسواق المالية، والأنظمة المصرفية حول العالم”، وأشار بلاغ مجلس الوزراء الإيراني إلى “استغلال الضغط الأميركي لإجراء تغييرات في بنية الاقتصاد الإيراني، وتُحرّره تدريجياً من التبعية للدولار الأميركي” (يدوم الحصار منذ أربعة عُقُود).

لا تتجاوز قيمة المعاملات التجارية بين روسيا وإيران، نحو 1,8 مليار دولارا، سنويًّا، منها 533 مليون دولارا من الصادرات الإيرانية (من إجمالي 282 مليار دولارا من إجمالي الواردات الروسية، سنويا)، وتأمل غرفة التجارة الإيرانية مضاعفة قيمة الصادرات، خلال السنة الأولى من التعامل بالعملات المحلية، فيما تأمل حكومة إيران، من خلال هذه الإتفاقية، الدخول في النظام المصرفي الأوراسي، الذي يجمع بلدان أوراسيا، على الحدود بين أوروبا وآسيا، بعد توقيع إيران اتفاقات للتجارة الحرة مع بعض دول أوراسيا…

طورت إيران العلاقات التجارية مع البلدان المُجاورة، مما يُخفّفُ وَقْع الحَظْر الأمريكي، وتستحوذ صادرات إيران على 37% من السوق العراقية، وعلى 25% من سوق الإمارات، وعلى 12,3% من السوق الأفغانية، وعلى 5,2% من السوق الباكستانية، وعلى 9,9% من السوق التركية، وعلى 3% من السوق العمانية، ولها معاملات تتراوح بين 0,5% و 1,7% مع كازاخستان وأذربيجان ومع قَطَر والكويت وتركمانستان، فيما قطعت السعودية علاقاتها مع إيران منذ سنة 2016، ويدعو آل سعود للتحالف مع الكيان الصهيوني لشن عدوان على إيران…

انخفضت حصة الدولار في احتياطيّات 146 مَصْرفاً مركزياً من 73% سنة 2000 إلى 64% من مجموع احتياطي العملات لنفس تلك المصارف، بنهاية سنة 2018، ويعود انخفاض هيمنة الدّولار إلى لجوء العديد من الدول لتخفيف حصة الدولار، عبر إقامة مؤسسات مالية إقليمية ودولية، واللجوء إلى بدائل أخرى، تخفف، وقد تُنْهِي مُستقبَلاً نظام الهيمنة الأمريكية، وبناء نظام نقدي دولي جديد لا يُشكل الدولار محوَرَهُ، بل واحدًا من مكوناته… عن رويترز + موقعالعالم” (حكومي) 26/09/2019

تشاد: هي مستعمرة فرنسية سابقة ولا تزال فرنسا تمتلك قواعد عسكرية وتتحكم بمصير البلاد وتُعيّن وتعزل الرّؤساء، وتقع البلاد على حدود بلدان عديدة تعيش حُرُوبًا وعدم استقرار (نيجيريا وليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى…)، وكان مئات الآلاف من مواطنيها يعملون في ليبيا، قبل العدوان الأمريكي الأوروبي والأطلسي، سنة 2011، واضطروا لمغادرتها، ليبحثوا عن مصدر رزق في تشاد، أو في البلدان المجاورة (كمرتزقة)، واضطر العديد إلى العمل في المناجم غير المُرخّصَة، والتي لا تتوفر فيها معايير السلامة، وأعلن مصدر حكومي عن انهيار منجم ذهب، شمال البلاد، قريبًا من الحدود مع ليبيا، يوم الثلاثاء 24 أيلول/سبتمبر 2019، تسبب في مقتل ما لا يقل عن 52 شخصًا، وإصابة 37 آخرين، كانوا يعملون بداخله، وفُقِدَ العشرات، في هذا المنجم الواقع في مقاطعة “تيبستي”، الخاضعة لحالة حصار وللحكم العسكري، منذ شهر آذار/مارس 2019، ولحالة الطوارئ، منذ منتصف شهر آب/أغسطس 2019، بذريعة وجود “متمردين ضد الحكومة المركزية”، ينتقلون بين تشاد وليبيا (لأن مجموعة تيبستي، موجودة في البلدَيْن، ولا تخضع للحدود التي أَقرّها الإستعمار) والسودان والنيجر…

أثار اكتشاف رواسب الذهب، سنة 2012، في مقاطعة “تيبستي” مطامع التّجّار والمُهرّبين، وأصبح الإقليم يجتذب آلاف العمال، وكذلك عناصر المليشيات المُسلّحة، من تشاد ومن السودان (تدعم حكومة تشاد، ومن ورائها فرنسا مليشيات “دارفور” في السودان)…

من جهة أخرى، دمر الجفاف المحاصيل الزراعية، بسبب انخفاض معدّل تساقط الأمطار في البلاد، بنسبة 50%، خلال حوالي أربعين سنة، وارتفاع درجات الحرارة، ما يهدد بحدوث انعدام للأمن الغذائي، في بلد يعيش حوالي 80% من سكانه على زراعة الكَفاف، وانخفضت مساحة “بحيرة تشاد” من 25 ألف كلم2 سنة 1963 إلى 2500 كلم2، سنة 2017، وانخفضت مدة موسم الأمطار، من خمسة أشهر (من حزيران/يونيو إلى تشرين الأول/اكتوبر) إلى ثلاثة أشهر (من يوليو/تموز إلى أيلول/سبتمبر)، مما خفض منسوب الأنهار، أو جفافها، بحسب لجنة حوض بحيرة تشاد، والمكتب الوطني للرصد الجوي، وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود ، أن أكثر من 150 ألف طفل، دون سن الخامسة، يعانون من سوء التغذية الحاد، خلال النصف الأول من سنة 2019، بزيادة قدرها 23% مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2018، بسبب انخفاض دخل الأُسَر، وامتدادا فترات العجاف، وأدى الجفاف إلى هجرة أهل الشمال إلى جنوب البلاد، ما خلق مشاكل بين رعاة الماشية، والمُزارعين، وقُتِلَ ما لا يقل عن 84 شخصًا في نزاعات بين المزارعين والرعاة بين شهر كانون الثاني/يناير وآب/أغسطس 2018، بحسب تقرير أصدرته اللجنة التشادية للدفاع عن حقوق الإنسان… عن أ.ف.ب + رويترز + مجموعة الأزمات الدّولية 27 و28/09/2019

كولومبيا، دولة العصابات المُسلّحة: نشرت وسائل الإعلام دفعة جديدة من الصور التي تُظْهِر الإنقلابي الفنزويلي “خوان غوايدو” بابتسمات عريضة مع زعماء المنظمات شبه العسكرية، ومليشيات “لوس راستروخوس” التي يُشرف عليها زعماء مافيات المخدرات والجريمة المُنَظّمة في كولومبيا، وبصحبة المسؤولين عن عمليات اختطاف وابتزاز وقتل وتهريب البنزين في منطقة “بوكا دي غريتا” الحدودية، بين “فنزويلا” و”كولومبيا، وسرّبت بعض المصادر الأمنية في “كولومبيا” بعض هذه الأخبار والصُّوَر، لأنها تُعارض المقترح الأمريكي بشن حرب عدوانية ضد شعب فنزويلا الشقيق والجار، وتندّد بمتانة الروابط بين نظام الحكم وعصابات المخدرات شبه العسكرية الكولومبية، من جهة، والمعارضة الفنزويلية اليمينية، التي يُمثلها “خوان غوايدو”، عميل الولايات المتحدة، وأحد وكلائها في جنوب القارة الأمريكية…

تُهيمن الولايات المتحدة على الوضع في “كولومبيا”، وتمتلك قواعد عسكرية، تحمي نظام الحُكْم والمنظمات الإجرامية التي قتلت خلال الحملة الإنتخابية للإنتخاب المحلّيّة، 21 مرشّحًا وجرحت 178 آخرين، ونشرت صحف أمريكية وعالمية، منذ بداية 2019، وثائق وصور تُظْهِرُ وتُؤكِّدُ العلاقات الوثيقة بين المنظمات الإجرامية المسؤولة عن عمليات الخطف والقتل وتنظيم بيع وتهريب المخدرات وتهريب البنزين، في المناطق الحدودية، والمعارضة اليمينية الفنزويلية، واعتقلت سلطات فنزويلا مسؤولَيْن مُقَرّبَيْن من “غوايدو”، في آذار/مارس 2019، بناءً على هذه التسجيلات المُصورة والمسموعة، ووجه القضاء تُهمًا لبعض المُقرّبين، بناءً أخبار تطابقت وتأكّدت مع تحليل البيانات المتوفرة في هواتفهم وحواسيبهم، وكانت العصابات الكولومبية المُسلّحة قد قتلت عددًا من الشهود، لمنعهم من تقديم إثبابات أخرى عن العلاقة المتينة بين المُعارَضَة الفنزويلية اليمينية، وعصابات الجريمة المنظمة الكولومبية…

تشير الأرقام الرسمية إلى تسجيل أعغمال عُنْف بين 27 تشرين الأول/أكتوبر 2018 و 27 آب/أغسطس 2019، ضد 364 من القادة السياسيين والحُقُوقيِّين وأعضاء “المجتمع المَدَني”، وقُتِلَ 91 شخص خلال الحملة الإنتخابية، من بينهم 21 من المترشحين للإنتخابات المحلية، وتعرَّضَ ما لا يقل عن 53 آخرين للتعنيف، و40 للتهديد، وسبعة للخطف، مما يجعل التعبير عن الرأي والمشاركة في الحياة السياسية، خارج دوائر النّظام الحاكم، نشاطًا خطيرًا، قد يؤدّي إلى فقدان الحياة، وسَجّل “مكتب المَظالِم” في انتخابات مُماثِلَة سنة 2015 (كانت الأقل عُنْفًا في تاريخ كولومبيا الحديث)، وجود أشخاص مسلحين (من غير قوى الأمن)، أي من عصابات المخدرات والجريمة، في 402 بلديّة، وهدّدت المليشيات المسلحة، التي تدعمها الحكومة، القادة السياسيين والمترشحين المُعارضين، والفلاحين والسّكان الأصليين، وتُشير بعض المنظمات الحقوقية الأجنبية إلى دعم الحكومة للجماعات الإجرامية التي تقف وراء عمليات القتل والتهديدات للمرشحين و”الناشطين الاجتماعيين”، وقَتَلت القوات المسلحة الحكومية 160 مقاتلا سابقا في المجموعات الثورية، منذ اتفاقات السلام في كانون الأول/ديسمبر 2016، وحتى 27 آب/أغسطس 2019، وتسربت قائمة بها 68 إسم، اعتُبِرَوا في حالة خطر، بسبب التهديد بقتلهم، وخلال حملة احتجاج وإضرابات نفذها الإتحاد النقابي للمُدرّسين، سجلت المنظمات الحقوقية والنقابية يوم 12 أيلول/سبتمبر 2019 أكثر من 720 تهديد بالعنف وبالخطف والقتل، من قِبَل “فِرَق الموت” المُسلّحة…

أشار مركز موارد تحليل النزاعات (CERAC) إلى ارتفاع ما وصفه ب”العنف السّياسي” لانتخابات سنة 2019، بنسبة 50% مقارنة بنفس الإنتخابات المحلية لسنة 2015… عن موقع منظمةموارد تحليل النزاعات” (CERAC) + موقعغلوبل ريزرش25/09/2019

فنزويلا، فسادصُنِعَ في الولايات المتحدة” (مَيْد إينْ أمريكا): انتشرت أخبار عديدة، ومن مصادر متنوعة، بشأن فساد زعماء المعارضة اليمينية الإنقلابية، التي تدعمها الولايات المتحدة والحكومات اليمينية في البرازيل وكولومبيا، وغيرها، ونشرت بعض المواقع الإخبارية أسماء بعض الزعماء ونواب البرلمان، المُقربين من “خوان غوايدو”، صديق وشريك قيادات الجريمة المنظّمة وشريك بعض الرأسماليين الفاسدين المتهمين بالتّهريب وبغسيل الأموال، في كولومبيا المجاورة، بحسب موقع “أرماندو إنفو”، وساعد تسعة نُوّاب برلمانيون من المعارضة اليمينية الفنزويلية، رجال أعمال كولومبيين على التّلاعب والإستفادة بدون موجب، من الدّعم الذي تُخصّصُه حكومة فنزويلا لبيْع المواد الغذائية بأسعار منخفضة جدًّا للفئات المحتاجة للدعم، وتحويل وجهته، لتستفيد منه فئات أخرى، وشركات خاصة…

يترأس خوان غوايدو البرلمان المنتهية صلاحياته، ومع ذلك نَصَّبَ نفسه رئيسًا مؤقتا، وقاد انقلابًا فاشلاً (أشرفت عليه الولايات المتحدة)، واعترفت به بعض الأنظمة الفاسدة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وشركاؤها، وادّعى أن الحكومة الشرعية فاسدة وزيفت نتائج الإنتخابات، لكن وثائق عديدة أظهرت بالصوت والصورة فساد “غوايدو” وعلاقاته الوطيدة بالتهريب والفساد والجريمة المنظّمة، وبعد فشل انقلابه، اتهمه أصدقاؤه وأنصاره في كولومبيا بالإستحواذ لمصلحته الخاصة على أموال، وردت من الخارج، كانت مُخصَّصَة لإنجاح الإنقلاب، وأدّى الكشف عن الفضائح المعددة إلى ابتعاد بعض حلفاء الزعيم الإنقلابي، وبدأ الحديث عن فتح حوار مع الحكومة الشرعية، والبحث عن صيغة وفاق بين الحكومة والمُعارضة…  عن أ ف ب + صحيفةلوموند02/12/2019

البرازيل: يُعدّ الإستغلال المُكثّف لغابات “آمازون”، أكبر غابة استوائية (مطيرة) في العالم، من أهم أسباب الحرائق التي انطلقت، خلال صائفة 2019، ويخفي هذا الإستغلال المُتَمَثّل في قطع الأشجار بشكل غير قانوني، مصالح اقتصادية كبيرة، كزيادة مساحات الرعي لتربية الماشية، ومساحات زراعة فول الصُّويَا، ليس بهدف تلبية الطلب المحلي من اللحوم ومشتقات الحليب والمنتجات الزراعية، وإنما من أجل زيادة الصادرات، وزيادة حجم التجارة غير المشروعة في الأخشاب، وأوردت وزارة الزراعة البرازيلية (سنة 2018) بيانات عن تدمير نحو 20% من غابات “أمازون”، خلال أربعين سنة، بالتوازي مع ارتفاع قطيع الماشية من 47 مليون حيوان سنة 2000 إلى حوالي 85 مليون سنة 2018، في منطقة “آمازون” من إجمالي 215 مليون رأس في البلاد، وسبقت حرائق 2019، قرارات حكومة “جاير بولسونارو” كالحد من عمليات التفتيش البيئي ، وتخفيضات ميزانية وزارة البيئة، وإغلاق “صندوق المحافظة على غابات أمازون”، واستفادت مجموعات اقتصادية كبرى من هذه القرارات، مثل مجموعات تصدير اللحوم (جي بي إس)، ومجموعات الصناعات الغذائية، مثل مجموعة “أغْرُو إس بي”، التابعة لأحد أكبر المصارف البرازيلية، وتمول هذه الشركات عملية إزالة الغابات، وسبق تغريمها وإدانتها بسبب الإستيلاء غير المشروع على الأراضي، وإنتاج وتصدير إنتاج مشبوه من الحبوب واللحوم والأخشاب وغير ذلك، لكنها عادت إلى النشاط المشبوه بعد انتخاب الرئيس “بولسونارو”، الذي مَوّلت نفس هذه الشركات حملته الإنتخابية، وحملة نواب وحُكّام الولايات المُوالين له… عن معهد دراسات التغيير البيئي في جامعة أكسفورد + مدونةريبورتر برازيل” + صحيفةغارديان” من 27/08 إلى  25/09/2019

تشيلي: اضطرت الحكومة اليمينية، والرّئيس “سيباستيان بينييرا” إلى تقديم تنازلات وإقرار إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، إثر الإحتجاجات التي انطلقت يوم 18/10/2019، وفي ذكرى مرور شهر على بداية الاحتجاجات الغاضبة وشبه اليومية التي هزّت البلاد، احتشد نحو ثلاثة آلاف محتج في إحدى ساحات العاصمة “سانتياغو”، هاتفين “تشيلي استيقظت”، ويُصِرُّ المُتَظاهرون على مواصلة الحركة الإحتجاجية، وأعلن أحد الناطقين باسم المتظاهرين: “لا نثق بالبرنامج الاجتماعي الذي أعلنته الحكومة والاتفاق البرلماني حول دستور جديد”، وكانت الإحتجاجات قد بدأت في عدد من مُدُن تشيلي، احتجاجا على رفع أسعار النقل الحَضَرِي (قطار الأنفاق والحافلات)، إذ يستخدم قطار أنفاق العاصمة “سنتياغو” شبكة طولها 140 كيلومترا، ويَنْقُلُ نحو ثلاثة ملايين راكب يوميا، ورغم تراجُعِ الرئيس ” سيباستيان بينييرا” في اليوم الثاني للاحتجاجات عن قرار زيادة أسعار المواصلات، لم تهدأ الاحتجاجات، بل طَالَبَ المتظاهرون بتغيير دستور البلاد الذي يعود إلى فترة الدّكتاتورية العسكرية (دستور 1980)، وإقرار الدّولة بمسؤوليتها في توفير التعليم والخدمات الصحية والخَدَمات والمرافق الضرورية، وبدأت الدّولة، خلال فترة حكم الجنرال “أوغوستو بينوشيه” (1973 – 1990) خصخصة كافة القطاعات، بدعم من الولايات المتحدة ومن صندوق النقد الدّولي الذي كانت تقاريره تكيل المديح للدكتاتورية العسكرية، وتواصلت هذه السياسات بعد سنة 1990، وأدّى تطبيق البَرامِج الإقتصادية الليبرالية المُفرطة إلى تعميق الفجوة بين الطبقات، ولذلك شملت مطالب المُتظاهرين قضايا النموذج الإقتصادي، والتفاوت، ومطالب أخرى مثل مجانية التعليم والعلاج…

جابهت الحكومة الاحتجاجات، بالعنف والخطاب المُتعالي الذي يحتقر الفُقراء والفئات الشعبية وحتى المتوسّطة، وأعلن الرئيس ” سيباستيان بنييرا” أن البلاد  في حالة حرب، وأعلن حالة الطوارئ، ونشْر الآلاف  من الجنود والشرطة، في مَشْهَد شبيهٍ بفترة الديكتاتورية العسكرية…

قدمت حكومة “تشيلي” قائمة بالخسائر التي نَجَمت عن المظاهرات، وقدّرت قيمتها بنحو مليار دولار، فيما نشر المعهد الوطني لحقوق الإنسان في تشيلي، منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019، تقريراً إحصائياً عن الاحتجاجات، وَصَف تعامُلَ قوات الأمن والشرطة مع المتظاهرين بالقوة، واستخدام القنابل الصوتية، وقنابل الغاز المسيّلة للدموع، وخراطيم المياه، والرصاص المطاطي
ما أدّى إلى مقتل 24 مواطناً، وأعلنت الشرطة اعتقال ما لا يقل عن 15 ألف شخص، بين 18 تشرين الأول/اكتوبر و 17 تشرين الثاني 2019، وأحصت منظمات حقوق الإنسان وجود 759 قاصرًا، بقوا رَهْن الإعتقال، وإصابة 2381، نصفهم بعيارات نارية، وقدّم المتضررون والمتضررات (أو من يمثلهم) ما لا يقل عن 412 قضية بشأن جرائم القتل والتعذيب وحالات العُنف الجنسي، ويعتزم المركز التشيلي لحقوق الإنسان (هيئة مستقلة) تقديم شكاوى ضد رجال شرطة شاركوا في عمليات “القتل العمد”، وانتهاك حقوق الإنسان، فيما أرسلت الأمم المتحدة بعثة تقوم بالتحقيق في هذه الجرائم… عن رويترز + المعهد الوطني لحقوق الإنسان + صحيفةإنفوباي” (الأرجنتين) من 15 إلى 20/11/2019  

أوروبا، هجرة، نهب الموارد ونهب العقول:شهدت أوروبا تحولات كبيرة، خلال العقدَيْن الأخيرَيْن من القرن العشرين، ظَهَرَ جلِيًّا في بريطانيا، خلال فترة حكم حزب “المحافظين” بقيادة “مارغريت تاتشر”، ثم حزب “العُمّال” فيما بعد، وقادت هذه التحولات أحزاب “الديمقراطية الإجتماعية” في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وأوروبا الشمالية، وشملت هذه التحولات القضاء على القطاعات المنجمية وبعض الصناعات الثقيلة والملوثة والتي تتطلب وفرة عدد العُمال، وأُرْسِلت هذه القطاعات إلى بلدان آسيا، حيث تفاقمت مشاكل التّلوُّث، مع سوء ظروف العمل وضُعْف قيمة الرواتب، وحصل هذا التحول في أوروبا بالتزامن مع انهيار الإتحاد السوفييتي وإدماج دول أوروبا الشرقية في حلف شمال الأطلسي (الذي كان يُفْتَرَضُ إنهاء وجوده سنة 1991)، قبل إدماجها في الإتحاد الأوروبي، وهجرة ذوي الكفاءات والخبرات من أوروبا الشرقية نحو أوروبا الغربية، حيث زادت هيمنة قطاع التكنولوجيا المتطورة، والخدمات والقطاع المالي، والمضاربات العقارية وفي أسواق المال، ورافق هذا التّحوّل خصخصة المرافق والخدمات، وشح السكن، وارتفاع نسبة الفقر وبطالة العُمال في أوروبا الغربية، وبدل توجيه الغضب ضد الرأسمالية، ارتفعت أَسْهُم اليمين المتطرف الذي نجح في تحويل وجهة غضب ملايين الفُقراء وتوجيهه ضد فُقراء آخرين، ضحايا النظام الرأسمالي العالمي، وشاءت الظروف أن يولدوا (أو يولد أباؤهم) خارج أوروبا، وأن يكون لون جلدتهم مختلفًا، وكذلك عقيدتهم الدينية المُفترَضة، فارتفعت مظاهر العِداء والعنصرية ضد الفُقراء العرب والإفريقيين، وتوسّعت القاعدة الإنتخابية، لأحزاب اليمين الإستعماري والعنصري المُتَطَرّف في أوروبا الشمالية، وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا، وسويسرا والنمسا، وإيطاليا حيث يشارك هذا اليمين المتطرف في السلطة في عدد من البلدان، في أوروبا الغربية والشّرقية، وكان زعماء تيارات “الديمقراطية الإجتماعية”، يُركزون في دعاياتهم السياسية على عنصرية اليمين المتطرف ضد اليهود، ويُهملون تمامًا الوجه الطبقي والخَلْفِيّة الإستعمارية للعنصرية، وأظْهرت الأحداث التّحالف الوثيق بين أحزاب اليميين المتطرف، وتيارات المحافظين (والمسيحية الصهيونية في أمريكا) والكيان الصهيوني، لأن الصهيونية تُجسّدُ النظريات والممارسات الإستعمارية، في نُسْخَتِها الإستيطانية، وإنكارها “للآخر”، وما “الآخر” سوى صاحب الأرض المُسْتعمَرَة، التي استوطَنَها الأغراب القادمين من أوروبا وأمريكا…

ارتفعت وتيرة النهب الإمبريالي، وتغيرت أساليب الهيمنة، وتغيرت معها نَوْعِية المهاجرين، وأصبحت الشركات الأوروبية تُفوّضُ وُكلاء في البلدان الفقيرة (في المغرب العربي وغرب إفريقيا ) لانتقاء الكفاءات العلمية والمهندسين والأطباء، الذين أنفقت شعوبهم على تعليمهم وتأهيلهم، ليلتحقوا بشركات أوروبا ومُستشفياتها، ترتبط شروط إقامتهم في أوروبا بالعمل لفترة مُحدّدة مع هذه الشركات، بعقود مؤقتة وهشّة، وبرواتب أقل من نظرائهم الأوروبيين، وبذلك يُضاف إلى النهب المادي للثروات، نهب العقول والثروة البشرية والعلمية للبلدان الواقعة تحت الهيمَنَة…

اقتصاد عالمي، بين التّنْظير والواقع: يستخدم معظم “الخُبراء” الإقتصاديين أدوات تحليل وقياس تقتصر على بيانات الشركات والبورصة وأسعار المواد الأولية وغير ذلك من المقاييس التي تتجاهل التأثير السّلْبي للإقتصاد الرأسمالي الليبرالي على فئات الكادحين والفُقراء، وعلى النّسيج الإجتماعي عُمومًا، ولذلك فإن “خبْرَتَهُم” تجعلهم غير مؤهّلِين، أو غير أكفاء للحديث عن “الأزمة الاجتماعية”، ونادرًا ما يتطرّق هؤلاء “الخُبراء” إلى تعميق الفجوة الطبقية، وزيادة عدم المُساواة، وضرورة إعادة توزيع الثروة، عبر الضرائب، رغم البيانات الإحصائية التي تُظْهر ارتفاع نسبة الفقر، وازدياد عدد العاطلين (كُلِّيًّا أو جُزْئِيًّا) وفاقدي المأوى، وارتفاع تكالبف إيجار المسكن، وتكاليف النقل والإتصالات، كما تُظْهِرُ نفس البيانات الإحصائية ارتفاعَ حصةِ نسبة 10% من الأكثر ثراءً في المجتمع، من إجمالي الثروات، سواء على مستوى البلد الواحد، أو على مستوى العالم، وازداد  التّفاوت منذ أزمة 2008، بين العشرين بالمائة من الأكثر ثراء والعشرين بالمائة من السكان الفُقراء، مع انتشار البطالة والعُقود الهشّة والعمل الوقتي وبدوام جُزْئي وبرواتب مُنْخَفِضَة، في كافة دول العالم، بالتزامن مع خفض الإنفاق الحكومي، وخفض الإنفاق على الدّعم الإجتماعي، وخفض الضرائب على الثروات والدّخل المرتفع، لتُصبح السياسة الجبائية، أهم عامل لتعميق الفوارق الطّبقية، وعدم المساواة، عبر “الحوافز” و”الإعفاء الضريبي” للأثرياء، مما يُشجع الأثرياء على المضاربة، بدل الإستثمار في الإنتاج وتشغيل العاطلين عن العمل، وقُدّرت قيمة استثمارات “مصارف الظل” (التمويل الموازي لصناديق الإستثمار) بأكثر من خمسين تريليون دولارا، أو ما يعادل 15% من الأُصُول المالية العالمية، وتستغل “مصارف الظّل” سياسة “البلطجة” الأمريكية، وفَرْضَ العُقُوبات، لتحقق ثروات إضافية، عبر خلق شبكات تمويل تتعامل مع روسيا وإيران والدول التي تفرض عليها الولايات المتحدة حَظْرًا وحِصارًا ماليا واقتصاديا…

تكمن بداية الحل (من منطلق رأسمالي) في عودة الإستثمار في الإقتصاد الحقيقي المُنْتِج، وليس في المضاربة العقارية أو المالية… عن موقع صحيفةلاتيريبيون” (بتصرف) 25/09/2019

الحرب التجارية: أظْهَرت البيانات الرّسْمِيّة الصينية نمو الإنتاج الصناعي، خلال شهر آب/أغسطس 2019، بأقلِّ وتيرة منذ شهر شباط/فبراير 2002، كما انخفَضَت القيمة المُضافة للإنتاج الصناعي في الصّين، بحسب مكتب الإحصاء الصيني، ويتوقّعُ رئيس الدولة الصيني صعوبة الحفاظ على معدل نمو الاقتصاد الصيني فوق 6% سنوياً، في ظل حالة الظروف الإقتصادية العالمية الحالية، ويُؤثِّرُ ضعف النمو الصيني، سَلْبًا، في نمو الإقتصاد العالمي، في سياق الحرب التجارية التي أطْلَقَتْها الولايات المتحدة الأميركية ضد الصين، وضد الحُلَفاء، واتفقت بيانات الشركات متعددة الجنسية ومصارف الإستثمار وبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشأن “خطورة استمرار الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية على النمو العالمي”، وذكر تقرير حديث لمنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية أن الحرب التجارية دفعت النمو العالمي إلى أدنى مستوياته في عشر سنوات، ليتباطأ النمو من 3,6% سنة 2018 إلى 2,9% سنة 2019، فيما انخفض نمو الإستثمار من 4% سنة 2017 إلى 1% سنة 2019، كما توقع التقرير أن يضعف نمو التجارة هذا العام 2019 إلى أضعف معدل منذ عشر سنوات… عن منظمة التعاون الإقتصادي والتنميةرويترز 20/09/2019

الصحة تجارة مربحة: بعد سنوات من الإنتظار والمُماطلة، ومن ارتفاع عدد ضحايا عُقار “ميدياتور”، الذي تصنعه شركة “سرفييه” الفرنسية، إلى أكثر من أَلْفَيْ قتيل وقع إحصاؤهم، بدأت محكمة باريس، يوم 23 أيلول/سبتمبر 2019، النظر في شكوى ذوي الضحايا، ومن المقرر أن تدوم جلسات المحكمة ستة أشهر، وتخص القضية شركة الأدوية “سرفييه”، وأيضًا خبراء الصحة الذين أذنوا بتسويق الدواء “ميدياتور” الذي يسبب أمراض خطيرة في القلب والرئة…

بين عامي 1976 و 2009، وصف الأطباء الفرنسيون هذا العقار لحوالي خمسة ملايين شخص، من الذين يشتكون من زيادة الوزن، ومن مرضى السّكّري، ويقدر العدد الإجمالي لوفيات مستهلكي هذا الدواء بحوالي 2000 حالة وفاة، واستنتج عدد من الأطباء وخبراء الصحة، من خلال تركيبة هذا الدواء، إنه يحتوي سُمومًا عديدة، لا يحتملها العديد من الأشخاص، بل وقد تؤدّي إلى الموت، وأثبتوا ذلك علميًّا، بين سنَتَي 2003 و 2007، لأنه يدمر شرايين القلب ويسبب ضررا كبيرا للرئتين، وكان نفس المُخْتَبَر (سيرفييه) قد صنع المختبر، في العقد الأخير من القرن العشرين، أدوية أخرى، تحتوي مواد سامّة، وتسبب الكثير من الضرر، وتم حظر طَرْحها في الأسواق، بعد بضعة سنوات…

تم تسويق “ميدياتور” في بداية كعلاج لكَبْح شهية الأشخاص الذين يعانون من السمنة وزيادة الوزن، ثم وقع تقديمه، من قِبَلِ مختبر “سيرفييه” كدواء جيد لعلاج أنواع معينة من مرض السكري، ولكن أُصيبت نسبة هامة ممن تناولوه بأمراض القلب والرئة، وتسبب مباشرة في وفاة عدة مئات من مرضى السكري، بينما بلغت عائدات الشركة نحو مليار يورو، من بَيْع هذا العقّار، خلال ثلاثين سنة، بحسب الأخبار التي تمكّن من جمعها بعض الأطباء الذين وجدوا صعوبات كبيرة في تقييم جَدْواه وفي إحصاء عدد من تناولوه، واكتشف هؤلاء الأطباء أن بعض الخبراء في الوكالة الحكومية التي سمحت ببيع هذا الدواء كانوا، في الوقت نفسه، مستشارين، مقابل مِنَحٍ “سَخِيّة” في مختبرات شركة “سيفرييه”، بشكل غير رسمي، ولم تأذن الوكالات الأجنبية (في بلجيكا وسويسرا وإسبانيا، وغيرها…) ببيع هذا الدواء، منذ طرحه في الأسواق، بسبب مخاطره المُحْتَمَلَة…  عن أ.ف.ب (بتصرف) 23/09/2019

صحة: أصدرت منظمة الصحة العالمية سنة 2016 تقريرًا عن مخاطر السجائر الإلكترونية، التي تحولت من وسيلة للإنقطاع عن التدخين، إلى بوابة للإدمان ولإلحاق الضرر بالصحة، ويدعُو تقرير جديد، بنهاية شهر تموز/يوليو 2019، إلى تنظيم ومراقبة مكونات السجائر الإلكترونية، ويُحذِّرُ من مخاطر استهلاكها، بعد مرور أكثر من عقدٍ على بداية ترويجها على نطاق واسع، وقد أصبح يستهلكها حوالي 20% من المُدخّنين في الولايات المتحدة، سنة 2018، وفي فرنسا تحول نحو 700 ألف مُدّخن، من استهلاك السجائر “العادِيّة” إلى السجائر الإلكترونية، سنتيْ 2016 و 2017، ويأمل معظمهم أن تكون السجائر الإلكترونية مرحلة تُساعد على الإقلاع عن التّدخين، لكن بعض التقارير العلمية تشير إلى ضَرَرِها، منذ سنة 2010، وأشارت إلى عدد من المخاطر التي لم يتم تقديرها، أو لم يتم الإعلان عنها، في بداية ترويجها، وأعلنت السلطات الصحية الأمريكية يوم الخميس26 أيلول/سبتمبر 2019، عن زيادة في عدد الأشخاص المصابين بأمراض الرئة، المرتبطة بالبخار الصادر عن السجائر الإلكترونية، وتوفي 12 شخصًا في عشر ولايات أمريكية، جراء ذلك، فيما أحصَتْ نفس السّلطات الصحّيّة، نحو 805 حالة لمرضى يعانون من نفس الأعراض لأمراض الرئة، ومن صعوبة التّنفّس، في 46 ولاية أمريكية، بسبب استهلاك السجائر الإلكترونية…

أدّى نشر التّقارير المتتالية لمنظمة الصحة العالمية، وانتشار حالات صعوبات التّنفّس، وأمراض الرئة، إلى حَظْر عدد من الولايات الأمريكية بَيْعِ السجائر الإلكترونية، وأقرّت فرنسا (رغم العراقيل التي خلقها لوبي السجائر) نظام إبْلاغ عن حالات الإصابة بأمراض متعلقة باستهلاك السجائر الإلكترونية، بعد إعلان الأطباء (منذ شهر آب/أغسطس 2019) وجود حالات مماثلة لحالات الإصابة في الولايات المتحدة، وأعلنت الهند وكندا تشديد شروط بيعها… عن مجلةنيو إنغلندالطبيةأ.ف.ب + وكالةبلومبرغ28/09/2019

هل بلغ الإقتصاد الأمريكي والإقتصاد الرأسمالي العالمي درجة الإنهيار؟

هل انتهت أزمة 2008؟ انطلقت، يوم 16 أيلول/سبتمبر 2019، أزمة سُيُولة في المصارف الأمريكية، وأعلن الإحتياطي الأمريكي (المصرف المركزي) يوم الجمعة 20 أيلول/سبتمبر 2019، ضخ نحو 75 مليار دولارا في التداول اليومي لسوق المال، لتجنّب نقص السّيُولة، ومنْع انهيار أكبر اقتصاد رأسمالي عالمي، وأعلن ناطق باسم الإحتياطي الإتحادي ضخ نحو 92 مليار دولارا يوم الإربعاء 25/09/2019، ونحو 100 مليار دولارا، يوم الخميس 26 أيلول 2019، لتجنب أزمة السيولة، ولتجنب ارتفاع أسعار الإقتراض للمصارف والشركات، بينما تتراوح أسعار الفائدة لقروض الإحتياطي الفيدرالي بين 1,75% و 2%، وأظْهرت التجربة أن المصارف والشركات الكبرى تستأثر بهذه الأموال، ولا تستثمرها في القطاعات والنشاطات المُنتجة والتي تُمكّن من تشغيل العاطلين والفُقراء… أشار خُبراء الإقتصاد الرأسمالي إلى هشاشة الأسواق، ليُبرِّرُوا تبديد المال العام، وإهدائه إلى المصارف والشركات الخاصّة، بسعر فائدة منخفض للغاية، أقل بكثير من الفائض على قُروض المواطنين الخواص والأُسَر، وتعول هذه الشركات والمصارف على المال العام والمصارف المركزية، لتجنب الأزمات، والكوارث التي تُساهم (بل تُبادر ) في خلْقِها، ومنذ 2008، فرضت حكومات العالم التقَشُّف وتجميد أو خفْض الرواتب، وخفض الإنفاق العام، مقابل مَنْح الشركات حوافز وتخفيضات ضريبية وامتيازات عديدة، لكن الأزمة متواصلة، منذ 2008، بدليل ما حدث في الولايات المتحدة، منذ منتصف أيلول 2019، والتدخّل المُكثّف للإحتياطي الأمريكي…

تطرح الحكومات سندات للبيع قصيرة الأجل (ثلاثة أشهر، على سبيل المثال) وسندات طويلة الأجل (عشر سنوات أو أكثر)، من أجل جَمْع أموال لاستثمارها أو إنفاقها، أو لتسديد ديون أخرى (كما في حالة عدد من الدول العربية)، ويُقبل المُستثمرون على شراء هذه السّندات الحكومية (وتطرح الشركات أيضًا عروضًا مشابهة) لأنها مضمونة من الدولة، ولأنها تَدُرُّ عائدًا مرتفعا، باستثناء حالات قليلة، عند إفلاس الدولة، وإعلان توقفها عن السّداد، وهي حالات نادرة جدّا، والمستثمرون في هذه الأُصُول المالية والسندات هم عادة من صناديق الإستثمار والمصارف، وغيرها، ولديهم مُحلِّلُون للأسواق، لكن قد يتخوف المستثمرون من حصول ركود في الأسواق، فَتصبح عوائد السّندات قصيرة الأجل، أعلى من عوائد السّندات طويلة الأجل، أو ما يُسمّى “انقلاب منحى العائد”، بسبب رغبة حاملي الأسهم في التّخلّص منها وبَيْعِها، لأنها لم تعُدْ آمنة…

اعتبر مُحلِّلُو المصرف الأمريكي “جي بي مورغان” ووكالة “بلومبرغ” إن مؤشرات ضُعْف النمو في أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان، والركود في بعض الإقتصادات المُسماة “ناشئة”، وركود قطاع التّصنيع في معظم الدول،وانخفاض ادّخار الأُسَر وإنفاقها، نذير بركود عالمي محتمل، خلال فترة معدّلها 12 شهرًا، بينما تحاول حكومات دول العالم تفادي مخاطر الركود، عبر إقراض الأُسَر بمعدّلات فائدة ضعيفة، لدَفْعِها نحو الإسْتهْلاك، وعبر خَفْض معدّلات الفائدة على السّندات أيضًا، لأن الركود قد يُسبِّبُ انهيار أسواق الأسهم العالمية، ولتفادي هذا الإنهيار، تعمد الحكومات أيضًا إلى ضخّ المزيد من المال في النظام المالي، وإقراض المصارف والشركات الكُبْرى، بفائدة منخفضة أو حتى سَلْبِيّة…

أظهرت تجربة أزمة 2008 أن هذه السياسة (ضخ المال العام في صناديق المصارف والشركات الكبرى)، وشراء المصارف المركزية سندات وأسهم الشركات لضخ مزيد من السيولة (أو ما يُسمى “التّيْسِير النّقْدِي) لم تُؤَدِّ إلى استثمار هذه الأموال (العمومية) في التجهيزات الصناعية والآلات، وفي خلق فُرَص عمل، بل ركدت الرواتب، ولم يحصل النّمو الإقتصادي الموعود، وبقيت حصة الإستثمار من الناتج المحلي ضعيفة في كافة البلدان، طيلة عشر سنوات، وربما تطول المدة، ووقع استثمار المال العام في أسواق الأسهم والسندات (رأس المال الوَهْمِي، وفق كارل ماركس)، بدل استثمارها في خلق وظائف وزيادة قيمة الرواتب، وهو ما يعني المواطن مباشرة…

كان المواطن يُنْفِقُ على قَدْرِ دَخلِهِ، فعمدت السلطات المالية إلى إجبار المواطنين على الإرتهان للنظام المصرفي، واستخدام بطاقات الإئتمان، وإنفاق مبالغ تفوق دَخل المواطن، أي الإستدانة كل شهر، بفوائد مرتفعة قد تَصل (مُركّبَة) إلى قرابة 18% سنويًّا، (بدل زيادة الرواتب، لكي تُعادل قيمتها متطلبات الحياة) ليرتفع دَيْن الأفراد والأُسَر في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية، خصوصًا خلال العشرية 2008 – 2018، بين ديون الإستهلاك والدّيون العقارية (9,25 تريليون دولارا) ودُيُون الطُّلاّب (1,5 تريليون دولارا)، وديون استخدام بطاقات الإئتمان (أكثر من تريليون دولارا)، أما الدولة الأمريكية (الولايات المتحدة) فهي تبيع سندات الخزانة، والمُقَوّمَة بالدولار، للصين واليابان وألمانيا وبريطانيا وغيرها، ترتفع ديونها السيادية، إلى نحو 22 تريليون دولارا، ولكن ما دامت هذه الدّيون مُقَوّمة بالدّولار الذي تتحكم به (وبالنظام المصرفي العالمي) الولايات المتحدة، كما تتحكم بنظام التبادل العالمي عبر المصارف (نظام “سويفت”)، فإن الولايات المتحدة لا تكترث كثيرًا لمسألة ارتفاع الدّيُون، خصوصًا في ظل بدائيّة وضُعْف المبادرات التي تُحاول تجاوز التعامل بالدولار، وعبر المصارف الأمريكية، بل لا تزال الولايات المتحدة تمارس القَرْصَنَة، عبر فرض الحصار والعُقوبات والحَظْر، وغير ذلك من أساليب قراصنة القرون الماضية، وتعتبر الولايات المتحدة التعامل بغير الدولار، بمثابة التهديد المباشر للإقتصاد الأمريكي، وبمثابة إعلان حرب على أكبر قوة عسكرية في العالم…

تُقدّر قيمة الكُتْلَة النّقدية المُتداولة داخل الولايات المتحدة بنحو 3,3 تريليونات دولارا، وفق الإحتياطي الأمريكي (المصرف المركزي)، فيما تُقدّرُ حجم الدّيْن الأمريكي بأكثر من 22 تريليون دولارا، ويُقدّر حجم التجارة العالمية بحوالي 26 تريليون دولارا، معظمها مُقَوّمٌ بالدّولار الأمريكي، أي ما يفوق قيمة إجمالي الدّيون الأمريكية، وتبلغ الدّيُون العالمية المُقَوّمَة بالدّولار، نحو 247 تريليون دولارا، خلال الربع الأول من سنة 2019، بحسب صندوق النقد الدّولي… لهذه الأسباب فإن الإنهيار الأمريكي، إذا حَصَلَ، سوف يتطلّب سنوات، وربما عُقود، من الإحْتضار، لكن الإنهيار، أو هزيمة الإمبريالية لا تتم تلقائيّا، بل من خلال النضال ضدّها، والعمل على خلق البديل، ولا تُمثل أنظمة الصين أو روسيا الحالية، بديلاً للنظام الرأسمالي، لأنها تعمل من داخل المنظومة الرأسمالية… عن مصرفجي بي مورغان” + وكالةبلومبرغ” + موقعأكسيوس” + مدونةمايكل روبرتسبين حزيران وأيلول 2019 + 23/09/2019 + وكالة رويترز + “سبوتنيك” 24 و 26/09/2019

أَسْفار وسياحةإعلان إفلاس: تأسّست المجموعة البريطانية العملاقة “توماس كوك” للسّفر والسّياحة، سنة 1841، في ذروة الحقبة الإستعمارية، وتوسّع الإمبراطورية البريطانية، وارتبط ازدهارها بقُوّة الإمبريالية البريطانية، ولكنها بدأت تُواجه صعوبات مالية بسبب المنافسة الشرسة، وفق قوانين الرأسمالية التي تُبقِي على الأقوى، وتقتل الأضْعَف، وبسبب تأثيرات “بريكسيت”، وأصْبَحت المجموعة مهدّدة بالإفلاس، ولم تتمكّن من جَمْعِ 250 مليون دولارًا من المستثمرين، لتجنُّب إعلان الإفلاس، ولكنها انهارت وأعلنت إفلاسها بعد 178 عامًا من تاريخ تأسيسها، وبدأت يوم 23/09/2019 عملية إعادة حوالي 600 ألف سائح، من بينهم 150 ألف بريطاني، بقوا عالقين في تركيا واليونان وقبرص وبلغاريا وكوبا والولايات المتحدة وغيرها، لبلدانهم، وكانت الشركة قد نقلتهم إلى وجهاتهم المختلفة في أنحاء العالم، قبل إعلان إفلاسها…

بلغت الإيرادات السنوية لمجموعة “توماس كوك” نحو عشرة مليارات جنيه استرليني سنة 2018، ونقلت حوالي عشرين مليون مسافر، ولكن الصعوبات المالية بدأت تَظْهَرُ إثر اقتراضها أموالاً، لإنجاز صفقة اندماج مع شركة “مايترافل”، منذ سنة 2007، وبدأت قيمتها تنخفض في بورصة لندن، منذ 2010، ويأتي إفلاس مجموعة “توماس كوك”، بعد نحو سَنَتَيْن من انهيار شركة الطيران “مونارك”، وترْك نحو 110 ألف مسافر، في أنحاء العالم، واستأجرت الحكومة البريطانية آنذاك طائرات بقيمة ستين مليون جنيه استرليني لإعادتهم إلى وجهتهم الأصلية، وسوف يترتب على إفلاس مجموعة “توماس كوك”، تسريح 22 ألف موظف…

أفلست سَبْعُ شركات طيران بين سنة 2015 وحتى الربع الأول من سنة 2019، وجاء إعلان إفلاس مجموعة “توماس كوك”، بعد نحو أسبُوعَيْن من إعلان الخسائر الفادحة وإفلاس شركات الطيران الفرنسية “إيغل أزور” إفلاسها بعدما تكبدت خسائر فادحة، وهي شركة صغيرة، مقارنة ب”توماس كوك”، وتشغل 1200 شخص، وتركت قرابة عشرين ألف مسافر من الركاب الذين حجزوا تذاكر للسفر عالقين، ويتوجه معظمهم إلى الجزائر أو يعود منها، إضافة إلى قرابة 600 رحلة من وإلى “مالِي”، وتُشكل الرحلات من وإلى الجزائر نصف نشاط الشركة التي نقلت قرابة مليونَيْ راكب، سنة 2018،  وبعد إعلان إفلاس الشركة تجمّع العشرات من مُضَيِّفي وطَيّارِي “إيغل أزور”، أمام مقر وزارة النقل الفرنسية، مطالبين بحل يضمن لهم المحافظة على وظائفهم… عن أ.ف.ب + رويترز 24/09/2019

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.