بين
تقييم ما يحدث في العراق ولبنان بأنه “حدث، إنتفاضة، حراك، ثورة،
فوضى…”
ليس
من السهولة بمكان تحديد ما يجري حتى لمن هو في الميدان “السياسي أو
الحراكي” فكيف لمن هو خارج الساحة اصلاً.
في
بداية الحراك في العراق، كان هناك من اعتبره حراكا طبقياً وكنت ضمن هذا الاجتهاد
على اعتبار أن:
• السلطة
الحاكمة هي من تمفصلات التعيين الاحتلالي الأمريكي
• وهي
سلطة فاسدة نهبت البلد علانية
• سلطة
تمت تغطيتها بالمرجعية التي هي “مؤسسة دين سياسي وطائفي ايضا”.
وبالمقابل،
• من
انتفضوا هم من جيل الشباب
• وهم
يعانون من البطالة والافتقار للماء النظيف والكهرباء.
• وهم
ليسوا من طائفة واحدة بل بدايتهم وأكثريتهم من الطائفة الحاكمة نفسها.
• أي
ان هؤلاء خرجوا على القيد الطائفي المدعوم من مرجعية ذات هيبة عالية، لذا تحاول
المرجعية تدجينهم وإعادتهم لبيت الطاعة كالخراف الضالة عبر زعمها أنها طلبت
التعامل غير العنيف مع الحراك!.
بهذا
المعنى، افترضنا أن هذا الحرك هو طبقي لا سيما وأن العراق ليس مجرد قبيلة في أواسط
إفريقيا لم تتجاوز في التطور الاجتماعي وضعية المشاعية، وهي القبائل التي كانت
ميدان قراءات علماء الإنسان/الأنثربولوجيين الفرنسيين.
بالمقابل،
جادل البعض بأن هذا الحراك هو جوهريا قبَلياً، مطلقين عليه أو أن ما يجمعه هو
علاقات “قرابية”.
وفي
حدود ما توفر من مقالات عن العراق، يمكننا القول بأن المقالة أدناه هي الأقرب
لتحليلنا، وربما الأقرب إلى الصواب في وصف ما يجري في العراق.
كان
لا بد من أخذ المقتطف الطويل التالي من هذه المقالة:
“…عن
شعارات الحراك الشعبي ومطالبه في العراق، كاظم الموسوي*كاتب عراقي
https://www.al-akhbar.com/Opinion/280593
أُعلن
اندلاع الحراك الشبابي الغاضب في العاصمة بغداد، في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر،
وبعدها انتشر في محافظات الوسط والجنوب، بالتتالي والتوازي. وكانت القطاعات التي نزلت إلى «ساحة
التحرير» في بغداد والميادين الأخرى، من جيل الشباب ومن الجنسَين، والغالبية بينهم
من العاطلين عن العمل، من الخرّيجين أو الشغيلة من الفقراء اجتماعياً، أي من أبناء
الطبقات العاملة والفلاحين، والطبقة البرجوازية الصغيرة، والمتوسطة. أمّا الغالب
سياسياً، فمن خارج الأحزاب المتنفّذة والمشتركة في العملية السياسية، التي نشطت
بعد الغزو والاحتلال أي بعد عام 2003. وبعد الأيام الأولى والتضحيات الجسيمة وسيل
الدماء في الشوارع، توسّع الحراك أفقياً وجغرافياً، وأصرّ المشاركون فيه على
الاحتجاج بشتى السبل وتطويره إلى اعتصامات في «ساحة التحرير» في بغداد وبناية
المطعم التركي، كما انتقل إلى الميادين الأخرى، وتوضّح من خلال انضمام قطاعات
اجتماعية ومهنية كبيرة له، من نقابات مختلفة وطلاب الجامعات والثانويات. وكانت
الشعارات الرئيسية ملخّصة في شعارين رئيسيين: «نازل آخذ حقي» و«أريد
وطن»….فقد أجمعنا على توحيد مطالبنا لما فيه خير لبلدنا وعزة عراقنا ومستقبل
أبناء شعبنا المجاهد الصابر». شملت المطالب كما ورد في البيان: «تشكيل لجنة وطنية
لتعديل الدستور، بعيداً عن الكتل والأحزاب التي شاركت في إدارة البلد منذ عام
2003، والإعلان عن انتخابات برلمانية مبكرة، يحظر فيها مشاركة الشخصيات من الأحزاب
السياسية التي شاركت في حكم العراق من النظام الصدامي القمعي إلى نظام الكتل
المتحاصصة، ليُتاح للمستقلين المخلصين من انتشال العراق من وضعه السياسي
والاقتصادي والثقافي المتدهور”
نكتفي
بوصف الكاتب للطبيعة الطبقية/الاجتماعية للحراك، ومن يرفض ذلك فله اجتهاده. لكن ما
هو لافت وغريب أن الحراك، إن صح أن قول الكاتب عن الطبيعة الا[تماعية
الطبقية الواسعة للحراك، يطالب باجتثاث المجتَث ومن أجتثه!.
وهكذا،
يبدو أن جريمة الاجتثاث اصبحت ثقافة سائدة في العراق بمعنى:
• أن
السلطة الحاكمة/المحكومة أي أن ثلاثي السلطة الطائفية الحاكمة والمحتل الأمريكي
وإيران جميعاً مارسوا اجتثاث البعث.
• والحراك
يستمرفي تأييد اجتثاث البعث ويطالب بمستوى من الاجتثاث لمختلف الأحزاب التي مارست
السلطة
وهذا
يبين أن “الديمقراطية” الاحتلالية في العراق هي أكذوبة بمختلف المعاني.
ذلك لأن الديمقراطية لا تمنع أحدا من ممارسة السياسة أو الترشح لانتخابات على
اعتبار أن الصندوق الأسود الذي يُحشر الشعب فيه لمدة أربع سنوات ليعود وينتخب من
يتحكم به لأربع سنوات أخرى حيث يقضي هذه السنوات الأربع داخل الصندوق بانتظار فرصة
ثانية للانتخاب.
فما
هي الديمقراطية التي يؤمن بها هذا الحراك؟
هناك
تفسير آخر لقرار الحراك هذا، إذا كان الحراك حقا باجمعه على موقف
واحد موحد، وهذا التفسير هو أن الحراك له موقف طبقي واعي ضد البرجوازية التابعة
الكمبرادورية الفاسدة والناهبة، وبأنه يناضل من أجل نظام آخر غير رأسمالي. وهذا
كما يبدو ليس متوفرا حتى كتوجه فكري ثقافي.
لعل
دليلنا على ما نقول بأن الحراك يطالب الإصلاح ضمن الدستور إياه، أي بتعديل نفس
الدستور الذي فرضه العدو الأمريكي!
أي،
كيف يمكن اعتماد دستور العدو، وفي نفس الوقت رفض الأحزاب المحلية التي عملت بموجب
نفس الدستور!.
هل
ما يحكم الحراك سياسيا إذن هو: الافتقار إلى رؤية ومن ثم إلى برنامج بمعنى أنه فيض
الفقراء إلى الشارع تحت شعار: “يا قاتل يا مقتول”!
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.