الأمين: شيخ الطابور السادس مثقف هزيل لا عضوي، د. عادل سمارة

لا يقتصر وجود المثقف العضوي على مثقف الطبقات الشعبية، ولا البرجوازية من جهة ثانية، كما لا ينحصر وجوده في فئة عمرية أو حتى مستوى تعليمي من جهة ثانية. لا بل إن دور المثقف العضوي موجود تاريخيا في مختلف التشكيلات الاجتماعية وخاصة منذ أن تبلور الاتجاهين التاريخيين النقيضين المادي والمثالي, وبالطبع لا يقتصر المثقف العضوي على دين دون دين آخر بمعنى ان رجل الدين يمكن أن يكون المثقف العضوي للسلطة عبر المؤسسة الدينية ويمكن أن يكون خارج موقفها وحتى ضده كما هو حال لاهوت التحرير، إلى حد ما بالطبع.
ولعل مركز فهم المثقف العضوي هو في دوره وموقفه أكثر مما هو في خطابه النصّي.
شاهدت بالصدفة حديثا للسيد علي الأمين على فضائية الجديد تحت عنوان “مؤتمر صحفي” عن مبررات مشاركته في مؤتمر البحرين. كان الحديث له فقط دون دور للصحفيين.
وفي الحقيقة، فإن ما قاله كان من الوضوح بمكان بحيث لا يحتاج إلى أسئلة وربما قرر هو نفسه عدم الرد على اي سؤال.
طبعا، كان انطباعي المباشر بل تساؤلي: ترى: أيليق بالعمائم الهروب حتى لو بشيخ لا يسعفه العمر والسمنة كي يجيد الركض؟ بل أيليق بالعمر مثل هذا السقوط حتى لو بأموال قارون وأهراء روما؟ وإن كان لا بد من الخيانة فهي بالعمر الغض أجدر!
منذ أن سمعت عن مشاركة الرجل في مؤتمر في البحرين، لم يعد يعوزني أي تفصيل. فتلك الأماكن ،اقصد حضن السلطات الحاكمة التابعة التي نقلها ريع النفط من البعير إلى وول ستريت فكانت الدهشة بباعث النفط واستبدال لله به. هي أنظمة بالمطلق لا إنسانية ، اي حتى بعيدا عن الدين والعروبة والمقاومة. وحتى قبل أن تعلن هذه الأنظمة عن علاقاتها القديمة الحميمة بالصهيونية، فهي بلاطات من المهانة البشرية الذهاب إليها. فكل نظام هناك هو مجزرة ضد اي عقل متنور وقاعدة للإمبريالية التي تعتدي على كامل الكرة الأرضية وتخطط لاغتصاب الفضاء ايضا.
ولا أكون مغالياً إذا قلت بأن اي مثقف عربي، مهما كان اتجاهه، إذا زار تلكم البلاطات يكون قد وقف ضد العروبة ولصالح اعدائها ولو ضمناً، أما الأداء فما اكثرهم. وبهذا أقصد كثيرا من المثقفين التقدميين والقوميين واليساريين الذين وافقوا على دعوات زيارة بلاطات النفط وبرروا ذلك تحت ذرائع عدة وحتى من لم تُكشف زياراتهم/ن. وهنا يحضرني الدور الذي قام به عزمي بشارة حيث خرج من الكيان بزعم النفي الذي لم يحصل، واصبح هناك عراب التطبيع ومؤدلج العدوان ضد الجمهوريات العربية وقوى المقاومة وخاصة سوريا وبالطبع إيران.
يدل حديث الشيخ على أن ما قام به ليس وليد لحظة ولا صدفة ولا تناقضا مع موقف. بل يدل على تاريخ ضليع في خدمة الثورة المضادة ولكن بمهارة التقية، هذا وإن غلفه أو بدأه بالحديث ضد ولاية الفقيه. وهو أمر لا يتعلق بمن يؤمن به بل بقدر ما يتعلق بتوظيفه للاجتهاد. وحتى وإن كنت لا أتفق مع أهل هذا الموقف، فهو بالمناسبة لا يقتصر على رجال الدين، فالقوى الماركسية تعج بتمجيد القادة.
لقد وظف الرجل مسألة ولاية الفقيه ليس من مدخل فلسفي او حتى سياسي بل من مدخل طعن المقاومة . وبهذا اصطف الرجل ضد الوطن في محاولة لشق جزء من الطائفة الشيعية لتتحول ضد الوطن. وربما لهذا قدم تصريحا وليس مؤتمرا صحافياً.
فالهجوم على المقاومة لا يحتاج إلى تفسير أو اكثر من راي، فهو خيانة وطنية بلا مواربة. فلا يقف ضد المقاومة سوى الثورة المضادة بدءا من الكيان فالإمبريالية وصولا إلى انظمة النفط التي شارك في مؤتمرها.
وجوده هناك لا يختلف عن شيخ “شيعي” أُُتي به للتطبيع في المسجد الأقصى.
كان طرحه على درجة من الغباء والكذب حين نسب إلى المقاومة تعرضها للحراك في لبنان. فحتى عُتاة الفاشية والفساد لم يتهموا المقاومة هكذا ولا حتى مجموعات الأنجزة.
حديثه عن حصر السلاح بيد الدولة مثير لعدم الاحترام. فمن باب حماية الوطن لا توجد في لبنان دولة إذا اردنا قول الحقيقة. ولا شك أن كل الناس عرفت بأن قائد جيش لبنان أخفى عن الشعب اختراق سفينة صهيونية لمياه لبنان /حقول النفط لسبع ساعات.
أما والأمر على هذا النحو، فإن من ينادي بتجريد المقاومة من سلاحها إنما هو لا وطني مهما أثقل جلده بالعباءات وغطى استدارة رأسه المصاب بالدوران بالعمامة.
كان لإيران نصيباً من حديث الرجل في الوقت الذي تتعرض فيه إيران لحرب اقتصادية من امريكا وبدرجة خبيثة من الاتحاد الأوروبي المترنح. وهذا من ناحية دينية أشبه بالتولي يوم الزحف.
أما حديثه ضد العمل الثوري والعروبي لحزب الله في الدفاع عن لبنان ضمن الدفاع عن سوريا فهو حديث يتقاطع مع ما كتبه منذ عقود كل من بن غوريون وجابوتنسكي وغيرهما من الصهاينة الذين اعتبروا بقاء الكيان بتدمير سوريا اولا قبل العراق.
ودون أن اقول ما هو أصعب لقد كان الشيخ صغيرا. كما لم استغرب على فضائية الجديد تقديم صفحتها لموقف من هذا القبيل جرياً على موقفها المضاد للوطن والمقاومة.
ليست المقاومة ومحورها بلا أخطاء، لكن الشيخ بحث عن إيجابياتها وطعنها كي يكرس نفسه في خانة خيانة وحتى من مستوى وضيع على الأقل من حيث درجة حاكم البحرين وعنصريته وطائفيته والأهم تبعيته؟
يبدو ان هناك يدا خفية في الحياة تأبى إلا أن يكشف البعض عن وضاعته حتى في خريف العمر.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.