تحرير المرأة من التأنيث: أين تتفق سيداو والخليل، د. عادل سمارة (حلقة 1 من 2)

التأنيث مخالف للطبيعة البشرية لأن المرأة ولدت كالرجل والاختلاف بينهما بيولوجي وليس اجتماعي، أي أن الأمر تكويني. لهذا فالموقف لصالح تحرير المرأة هو موقف حقيقي لأنها حقاً “عبدة” بغض النظر عن درجة العبودية ومرحلتها التاريخية.
لكن الحديث عن تحرير المرأة، يجب ان يبدأ إذن من مرتكزات ثلاثة، وأعتقد أن من يتجاوز عنها يكون له جهل ما او هوىً ما والهوى في العربية هنا بمعنى مصلحة:
الأول: الفارق البيولوجي لا يقلل من شأن المرأة بل هو ضرورة استمرار الحياة لمختلف الكائنات الحية وعلى راسها الجنس البشري.(وهذا بالمناسبة ينقض المدرسة النسوية المسماة بالجذرية مثالا جوديث بتلر التي دعت الى مَشارِك نسائية بحتة رفضا للزواج والمثلية الجنسية والاستمناء رفضا للاندماج” (انظر كتابنا تأنيث المرأة ص 139
https://kanaanonline.org/…/%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b5-%d8%a7…/
بل ودعت بعض النسويات إلى لغة خاصة للنساء.
والثاني: أن هزيمة المرأة بدأت مع انتصار الرجل في السيطرة مع بدء الانتقال من المشاعية إلى الملكية الخاصة.
والثالث: قاعدة الحق والتحرر هو تحرير الوطن، وبالتالي في وطن محتل، من يتشاغل بزعم تمثيل الله هو في الحقيقة منشغل بمصالحه الذكورية من الجنس حتى المال.
لذلك، فالحديث عن مسألة المساواة وتحرير المرأة والتمكين…الخ إن لم تبدأ من المبدئين أعلاه لا تستقيم مع حق المرأة، ومن الطرافة والغرابة بمكان أن تلتقي سيداو مع عُتاة الدين السياسي وخاصة اهل العمائم والكوفيات والمدثرين بالعباءاة.
ناقشتني صديقة مشاكسة امس في التغريدة التي كتبتها “سؤال حامض 1967” بزعمها أنني ضد سيداو وبأن سيداو ليست منظمة أنجزة، وعلي ان أقرأها.
وكما أذكر كنت اطلعت عليها سابقا، وعدت إليها اليوم.
لا مجال هنا لتفنيد عشر صفحات. ولكن أود الإشارة لما يلي:
إن سيداو مثل مختلف منظمات الأمم المتحدة هي غير حكومية لكنها منظمة الحكومات الرأسمالية الغربية التي تسيطر على ما تسمى الأمم المتحدة UN والتي اقترح تسميتها UNfZ United Nations for Zionism- الأمم المتحدة لصالح الصهيونية.

لماذا؟

أولاً: لأن سيداو لم تنطلق من إلغاء الملكية الخاصة بما هي أساس السيطرة على المرأة وسحقها وبما أن اي تحرر للمرأة والرجل لا يمكن ان يتم دون الاشتراكية. أي أن الأمم المتحدة تم تجليسها/تقعيدها على قاعدة الفكر الرأسمالي وخاصة الغربي الذي ولد الاستعمار والإمبريالية والعولمة وما قامت وتقوم به من حروب مصلحية أكثر ضحاياها نساء. والصهيونية هي المؤدلج الأساس لراس المال، هي المسيطرة على المصارف قبل الربا وحتى راسمالية الدولة الاحتكارية. فالمصارف والشركات الكبرى تحكمان الدولة والعالم والصهيونية ليست شريك فقط بل الأساس انها إيديولوجيا السوق وراس المال الذي هو علاقة اجتماعية. وليس النقاش هنا أن الصهيونية تملك أكثر في رأس المال. وطالما الأمم هذه وسيداو لا تُقر بوجوب الاشتراكية، فهي تقدم خطابا انزلاقيا عن كثير من الأذهان. وهنا يلتقي ويخدم أكثر الإسلاميين رجعية في موقفه المغرق في الرجعية من المرأة مع الصهيونية وراس المال تماماً. ولا غرابة أن الأشد ضد المرأة هو الأكثر ثراء!

ثانياً: تحدثت سيداو عن حق المرأة في عديد المجالات، وهذا جميل ولكن غير كاف، وجميعها حقوق حقيقية وضرورية، لكنها لم تتحدث عن أن هذه الحقوق مفيد تطبيقها بشكل خاص لمن يملكون، رغم مظهرها الذي لا يصل التحرر بل ينحصر في “المساواة” بمعنى أن اكثر النساء استفادة منها هن اللواتي لدى اسرهن ثروة أعلى، وهذا يعني أن الأكثر فقرا لا يصلهن من هذه الحقوق شيئا، وهذا يفتح على البعد الطبقي بمعنى أن فوائد سيداو تفقد معناها طالما لا تدفع باتجاه الاشتراكية. وهذا يبين بأن جوهر فلسفة سيداو هو “خيري صدقاتي، إحساني Charitable” لا أكثر وخاصة لأن لا أحد يمكنه محاسبة من يرفض طرحها او يخرقه، وعلى رأسهم من أسسوها، بينما ما يؤثر هو النضال الواعي سياسيا وطبقيا على الأرض في البلد الواحدوالعالم وهذا لم تعني به سيداو، بل لم يعتني به من خلقوا ويسيطرون عليها.


ثالثاً: حين تقرأ النصوص الإنسانية في سيداو تضطر للتساؤل: لماذا تحصر سيداو معظم طرحها في حقوق الأفراد وليس الطبقات؟ وليس حتى الأمم! فالأمم المسيطرة على ما تسمى “الأمم المتحدة” هي التي تنهب ثروات العالم وتحمي أكثر الأنظمة ذكورية وتوحشا وخاصة في السعودية وبقية الخليج والوطن العربي بمعظمه وإلى درجة مشابهة المحيط وايضا الطبقات الحاكمة المالكة في الغرب.
إن نصوص سيداو، إذا حاولنا دفعها إلى مداها الضروري والطبيعي ستقود إلى:
1- رفض عضوية اي اغتصاب لأرض اي شعب وهذا يعني رفض عضوية الكيان الصهيوني
2- رفض النهب من
a. أية دولة لأخرى
b. أية طبقة لأخرى
c. اي فرد لآخر، وهذا اساسا لصالح المراة وطبعا ضد راس المال.
3- رفض اي شكل من الاستعمار وهذا يعني رفض عضوية الغرب الراسمالي الإستعماري (ههههه هل هذا ممكنا؟).

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.