منذ انتصار الثورة الكوبية في الاول من يناير 1959، حرصت القيادة الثورية على التعاون مع بلدان وشعوب العالم الثالث تحديدا، وتقاسم امكانياتها معها وتقديم مساعدات عينية وانسانية للبلدان الفقيرة، انطلاقا من المبدا العقائدي الذي دشنه قائد الثورة الراحل فيديل كاسترو (1926 ـ 2016)، القائل: ” امميتنا هي سداد ديننا تجاه البشرية”! وانسجاما مع المبدا الذي اجترحه البطل القومي الكوبي خوسيه مارتي (1853 ـ 1895) القائل “الوطن هو البشرية”! و ” أُريد ان يكون القانون الاول في جمهوريتنا هو تقديس الكوبيين لادمية البشر”!
ولحسن حظنا ـ نحن الشعوب العربية ـ فقد كانت باكورة اعمال التضامن الفعلي الكوبي مع الشعب الجزائري الشقيق وثورته المظفرة (1961) عندما تم ارسال قوات عسكرية للدفاع عن الوطن الجزائري امام محاولات زعزعة الثورة والانقضاض عليها. تلا ذلك اول بعثة طبية كوبية الى الخارج عام 1963.
ومنذ ذلك الحين وحتى الان قام ما يزيد على 400 الف مهني كوبي من مجال الصحة العامة بتادية مهمات اممية في 164 دولة، قدموا الرعاية الطبية خلالها لبليون و923 مليون و712 الف و550 انسان!! حاليا يوجد 29 الف متعاون كوبي في 65 دولة.
وبما ان الاشتراكية وثورتها في كوبا نقيض تاريخي للراسمالية وامبرياليتها، الامريكية تحديدا، فقد ركزت الثانية هجماتها في الاونة الاخيرة على هذا الانجاز الهائل الذي حققه شعب حر وذو سيادة وكرامة في ظل ثورته وقيادته الطليعية، في محاولة لنسف هذه الركيزة الاساسية للثورة والاشتراكية ونظامها السياسي.
ابرز محطات الحملة الصليبية الامريكية ضد البعثات الطبية الكوبية في الخارج:
مايو 2019: الامين العام لمنظمة الدول الامريكية (مماثل لنظيره في نظيرة منظمته اي جامعة الدول العربية) عقد مؤتمرا في مقرها حول ما يزعم انها جرائم بحق البشرية ترتكبها كوبا في مجال التعاون الطبي الكوبي في الخارج!
يونيو 2019: اصدرت وزارة الخارجية الامريكية تقريرها حول تجارة البشر لعام 2019، حيث شهّرت بالتعاون الطبي الكوبي الدولي، وبعد شهر من ذلك، وضعت قيودا على التاشيرات التي تمنح لموظفين كوبيين على صلة بالبعثات الطبية.
اغسطس 2019: الوكالة الامريكية للتنمية الدولية (يو أس إيد) المعنية بتقديم الاموال لبرامج انقلابية ضد الحكومة الكوبية، خصصت مبلغ 3 ملايين دولار لمشاريع تستهدف الاطقم الطبية الكوبية في الخارج.
سبتمبر 2019: الرئيس البرازيلي جائر بولسونارو، خلال خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة، وفي حركة سخيفة، عن جهل او عن سوء نية، اكد انه لدى كوبا في فنزويلا 60 الف عسكري، اي ثلاثة اضعاف ما تقوله امريكا زورا وبهتانا، في اشارة الى المتعاونين الطبيين الكوبيين هناك.
نوفمبر 2019: تم ايقاف وتعطيل برامج التعاون الطبي الكوبي في الاكوادور وبوليفيا، بتحفيز وتشجيع من الولايات المتحدة الامريكية، التي أكرهتهما على وقف تلك البرامج تماما كما فعلت في البرازيل قبل ذلك بعام (نوفمبر 2018). ولا زال المسؤولون الامريكيون يطلقون تصريحات افترائية بحق التعاون الطبي الكوبي من خلال تاكيداتهم على ان الاطقم الطبية ليست الا قوات عسكرية.
غني عن القول ان الخدمات والرعاية الطبية داخل كوبا وفي السواد الاعظم من البلدان التي تحتضن اطقم طبية كوبية، هي خدمات مجانية، ولا يوجد اي شرط على من يتلقاها اللهم الا ان يكون مريضا بحاجة الى رعاية! لا يُسأل المريض عن ماله وحسبه ونسبه ولونه ودينه وثقافته وموقفه السياسي! فالثورة في خدمة جميع المواطنين الكوبيين والمنكوبين في الخارج، من تشيلي الى هيمالايا باكستان على قدم المساواة، امتثالا واعيا لقول قائد الثورة الراحل فيديل كاسترو ” نحن متضامنون مع الانسان الذي يتألَّم”!
القيادة الكوبية الجديدة، وهي استمرارية للقيادة التاريخية اذ انها تربت وترعرعت في ظلها وتحت ناظريها، تعي معنى الثورة والاشتراكية بالنسبة للوطن والانسان والسيادة.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.