لا يقلق من المقاومة سوى من تقع مصالحه
خارج وطنه، هذا حال المتخارجين مصلحيا
ومن ثم فكريا وثقافيا ونفسياً، مصالحهم ضد مصالح الطبقات الشعبية. ويكون هؤلاء أشد ضررا وإيذاء كلما
تلفعوا بالدين السياسي، والمرجعيات العراقية
وإلى حد ما اللبنانية نموذجا أما في حقول النفط فترعى العجول. ولا
يقل خطراً تلقي الثقافة السياسية من فضائيات التفريغ وفشة الخلق حيث
تحوُّل كل أسرة إلى مجتمع نووي يأكل ويشرب ويشاهد
الشاشات، يغتبط ويغضب ثم
ياكل ويشرب ويتناسل وينام ليكرر ذلك في الغد.
ويقف ضد المقاومة كل نظام حكم تم تنصيبه من الثورة
المضادة، لذا، كان موقف
الرئيس العراقي ضد الرد الإيراني، وبالتأكيد ضد الرد العراقي، ولن
يختلف فعليا موقف بقية حكومة العراق عن موقف الرئيس. أما
حكومة كرد العراق
فتشجب المقاومة بالمطلق وتكرر موقف حكومة ميقاتي في لبنان “النأي
بالنفس” الذي هو جوهرياً الوقوف مع العدو الأمريكي
وتوابعه، هكذا ميقاتي ضد
سوريا، وناجرمان ضد العراق.
في حقبة العولمة والموجة القومية الثالثة التي تُفرِّخ
كيانات عميلة لا بد
من اجتراح
مقاومة مختلفة أساسها المقاومة/حرب الغُوار والتنمية
بالحماية الشعبية حيث لا تنتظر الحكومات الرسمية ولا
أحزابها ولا تتقيد بنموذجها
الاقتصادي التابع. فالصراع استراتيجي وكذا يجب ان تكون
المقاومة.
والمقاومة على هذه الأسس لا تنحصر قُطرياً، وإن بدأت في
قطر، فبالطبيعة والضرورة
يجب الشغل على تشكيل جبهة مقاومة عروبية شاملة تعمل كل منها في
بلدها طبقا للمتطلبات ومنطق حماية البلد ولكن بشرط أن
تكون قياداتها خارج القيد
الرسمي والطائفي والتابع.
مرَّتان استدعى الشبق الطائفي للسلطة الفحل الأمريكي فجاء
بكل الغرب من بُغاثه
إلى ضواريه وأرسى سياسة جديدة هي اقتلاع التنمية وحتى النمو
العراقيين واحتجاز التنمية بمضمونيها الشعبي والاقتصادي
متحالفاً مع السلطة
المشتركة بين قيادات الطوائف والمرجعيات في مشروع فساد تام على
أرضية اقتصاد التساقط Trickle-Down Economy بحيث أن
حصة الأسد للعدو وحصة
الهر للمحليين. وقد يكون من قبيل المفارقة المفجعة أن ما
تم التصريح عنه من
حجم سرقات القيادات العراقية/نسل بريمر 450 مليار دولار هو نفس حجم
محاولة رئيس وزرائه عبد المهدي في التعاون مع الصين!
وبالطبع، لا أحد بوسع
حاسوبه حساب كم نهبت امريكا وكم ألقت بفتات إلى جميع دول الغرب التي
تذيَّلت لها في العراق.
لن يكون للمقاومة/التنمية بالحماية الشعبية اليوم اي تقدم
ما لم تخرج تماماً
على حالة تبادل مضاجعة الفحل المحتل لقيادات الطائفتين في العراق
تبادلياً بين سلطة وصحوات، بين بغداد وأربيل.
لا أحد يدري إن كانت شقة الصراع
الأمريكي الإيراني ستتسع لا سيما وهما يراوحان
بين التهديد والتهدئة تبادلياً، ونحن طبعا مع إيران في المواجهة
وليس في المساومة، وضد إيران إن حاولت التحكم بالمقاومة
الشعبية العراقية أو
غير العراقية.
هنا يجدر الحذر من تصريحات امريكيين بأنهم يحاولون تقييد
صلاحيات ترامب/و في
المستوى العسكري، وهذا أمر خطير جدا لأنه حقنة تخدير للمقاومة العربية
بأن تقبل ببقاء الوضع على حاله، وليس افضل لأمريكا من هذا.
تقييد صلاحيات ترامبو العسكرية، إن حصلت، يجب
ان لا تعني توقف المقاومة، لأن
هذا احد اهدافها.إيران تربط ردها برد امريكا، لأن ارضها غير محتلة
وهي تحت حرب اقتصادية، نحن لا.
فنحن لدينا طابوران:
· الطابور الخامس وهو نفسه
السلطة ومؤسسات الدين السياسي.
· والطابور السادس الثقافي
على تنوعاته من لبراليين ودين سياسي وما
بعد حداثيين…الخ. وقد لاحظنا في الأيام القلية الماضية كيف أعلن
جميع هؤلاء دعمهم للعدو الأمريكي وهجومهم الطائفي
ضد إيران وضد العلمانيين ومن غبائهم إتهموا موقف المثقفين
الثوريين المشتبكين
بالماسونية، فأي قطيع حمير هذا!
من جانب آخر، فإن التصريح بحصر المواجهة ضد
امريكا في العسكر هو تصريح قاصر
وخطير، وهو أمر دولاني أكثر مما هو شعبي. إنه رِضى ببقاء التبعيات
الاقتصادية والسياسية والثقافية والنفسية.
إنه هروب من التصدي المباشر ومن
المستقبلي:
· هروب من التوجه الاقتصادي
شرقاً، أي الإبقاء على الارتباط
الاقتصادي بالسوق العالمية التي تسيطر عليها قوى الغرب.
وهذا محبب للثورة
المضادة. صحيح ان روسيا والصين ضمن الراسمالية، ولكن
تناقضهما مع الغرب
الراسمالي يقدم هامشاً لنا على أن يكون قرار التوجه شرقا،
إن حصل، قرار
حقيقي ودائم لا مناورة. وهذا الفارق بين المقاومة الشعبية
والنظام الرسمي
الذي صدق فيه قول العميل القطري حمد بن جاسم: النعاج.
· وهروب او رفض الـتأسيس
للحماية الشعبية والاشتراكية.
ذلك لأن مصير العالم لا يحميه سوى سقوط راس المال ومبتدأ
هذا هو وصول الطبقات
الشعبية إلى وجوب الطلاق بين الشعبي والرسمي ومن ثم الصراع
بينهما.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.