عادل سمارة:

(1) مصدية التمويل لكن، “سبق السيف العذلْ”

(2) صهينة المحتل 48 بالانتخابات خدمة لصفقةالقرن: لا تشارك، اي لا تصالح
(3) تركيا، لحظة الفرز السوري

(4) بيروت/بغداد بين النفط والسلاح والطائفية

(5) فلسطين وطن أم متاهة!

● ● ●

(1)

مصدية التمويل لكن، “سبق السيف العذلْ”

هي مصيدة المال، وخبث الممولين، وفي النهاية كانت صفقة القرن تتويجاً لوجوب الركوع، وسنقتتل من أجلها معها وضدها، يا للعار!

كان التمويل على شكلين:

الخبيث: تمويل (م.ت.ف) من الخليج سواء مباشرة من الحكام المعيَنين أو ما تسمى ضريبة على الفلسطينيين العاملين هناك، وكل ذي عقل يعلم أن حكام الخليج لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناسلون دون إذن بل أمر المركز الراسمالي وخاصة الأمريكي، فهل يُعقل أن يسمح هذا المركز بتمويل مقاومة تهدف تحرير فلسطين من الاستيطان الصهيوني وليد راس المال المعولم! لقد انتهى هذا المال ب (م.ت.ف) إلى كاتب وموظفين وإعلام ورحيل إلى تونس,وبعثرة المقاتلين من تونس إلى اليمن ليطلقوا من هناك صواريخا مجنحة ضد الكنيست! ولكن بقيت التصريحات النارية.

والثوري: أي تبرعات ثوريين عربا لبعض الفصائل أو خوف بعض التوابع ومن ثم الدفع سرا لبعض الفصائل.

تدهور الواقع وبقي التمويل الأول واتسع حتى قبل أوسلو. أذكر ان الملتقى الثقافي العربي كان مركز البداية حينما كان الراحل إبراهيم الدقاق مديره ولا زلت أذكر أول كراسة عن هذا صدرت بغلاف ورقي ابيض وكتبت نقدا لها كما اذكر 1075 او 1977 (راجع اوراق الملتقى) ، ولا اريد ذكر الكاتب!. كتبت ضد ذلك وخاصة حينما تمول الملتقى من المؤسسة الصهيونية الهولندية (نوفيب NOVIB). بعد ذلك تمكن “الشُطَّار” من معرفة آليات التموُّل فأزاحوا الدقاق وانطلقوا بحثا عن مال أتى دون شطارتهم/ن، وهكذا كانت الأنجزة. لكن الاتحاد الأوروبي لم ينسى الرجل فعينه مستشاراً.

كانت الانتفاضة الكبرى 1987 بوابة كل شيء: الثورة الشعبية، نضال الجماهير وليس نضال النخبة المسلحة وحدها، التنمية بالحماية الشعبية وأيضاً تخريب ذلك بالمال. وهكذا تدفقت الأموال باحثة عن من يفتح فمه دون شروط حيث كان المطلوب قنوات لتسهيل تدفق المال وحصل. وكتبنا ضد ذلك الكثير، ولكن من قال أن من يحب المال يمكنه سماع سمفونية التنمية والتحرير.

وكانت اوسلو، وتحديداً مصيدة التمويل ولكن هذه المرة على نطاق بقايا الوطن وليس نطاق مؤسسة أنجزة هنا أو هناك. وتدفق المال على السلطة، وكتبنا بان هذا المال هو “ريع مالي لتمرير مشروع سياسي هو اوسلو” وأن الأمر لا هو سلام الشجعان ولا مَنْ يحزنون. وبدل التنمية بالحماية الشعبية كان تحويل اكبر عدد ممكن من الناس إلى موظفين ومخابرات ومناديب وعساكر عند السلطة.

وكتبنا، سيأتي يوم يقول دافع المال: لا مال دون تنفيذ كذا.

هذا عن اليمين، أما اليسار فكانت الأنجزة مصدر التمويل، وتم اصطياد مناصلين ليصبحوا مدرءا، وكتبنا بأن هذا المال سيتوقف سواء لأزمة مالية في الغرب أو لشروط سياسية غربية، وسمعنا الشتائم ووصفنا بمحترف التخوين وبالمثقف الانتحاري.

وها هو الاتحاد الأوروبي يفرض شروطه. وليست الكارثة في من يقبل الشروط بل أيضا في كل من فتح يده لفلس.

وجرى تمويل قوى الدين السايسي وخاصة حماس سواء من قطر او لاحقا تركيا، وبقي هذا التمويل وكان من أثمانه انحياز مقاتلي حماس في دمشق صالح إرهاب قوى الدين الساسي المعولم. ومؤخراً تجلى في دور محمد العمادي نموذج “الأعور الدجال” الذي يقيم في غزة “جبل طبيخ وجبا ماء”!

اليوم، يخطب أبو مازن ويهاجم الأطباء المضربين لأنهم يطالبون بزيادة الرواتب. ويكتب مدراء الأنجزة يتهمون ناقديهم بالعمالة.

لا ايها الناس،  ما كان يجب قبول المال ولا كان يجب التورط في الاستدوال.

كان الاحتلال المباشر، وكانت المقاومة ولم يُطل اي مطبع برأسه لا محليا ولا عربياً إلا وكان قد قٌطع، بل حتى التعفف عن قطع الرأس. ألم يدُس كارلوس على عنق وزير النفط السعودي وتعفف عن جز عنقه المليء بالنفط؟  وما كان لأحد أن يجرؤ على الكتابة لصالح التطبيع أو شتم الشعب الفلسطيني  كما يفعل البعض وخاصة من أدوات حكام الخليج (أي عملاء لدى عملاء)، ومن تجرَّأ من الاقتصاديين على الكتابة ضد فك الارتباط اقتصاد العدو كنا نلجمه.

أما اليوم، فهي الفوضى والبكائيات، وهذه ناقلات لصفقة القرن.

ملاحظة: للاطلاع موجز أنظر عادل سماره: استلاب التموُّل واغتراب التنمية :قراءة نقدية لأدبيات في “تنمية” اقتصاد الأرض المحتلة 1967 (نسخة موسعة)
https://kanaanonline.org/ebulletin-ar/wp-content/uploads/2015/05/ADEL-SAMARA-CRITIQUE-OF-DEVELOPMENT-PALESTINE.pdf

مشكورا، دعاني د. صبيح صبيح للتحاور مع طلبته في برنامج الماجستير بجامعة بير زيت يوم 9 ايار 2015.  فيسرني أن أقدم هنا تقديمه للمحاورة هذه.

(2)

صهينة المحتل 48 بالانتخابات خدمة لصفقةالقرن
لا تشارك، اي لا تصالح

يشدُّك حقاً ذلك الشبق الداعي لفلسطيني المحتل 1948 للمشاركة في الانتخابات للكنيست الصهيوني. سباق بين خطباء ما تسمى “القائمة العربية المشتركة” بل القائمة العربية الصهيونية المشتركة وبين البث الفضائي لفضائية الميادين! أمر غريب!
مفهوم تماما صراغ أيمن عودة واحمد الطيبي ومخلفات عزمي بشارة /حزب التجمع والحركة الإسلامية! لأن هؤلاء متعيشين على الكنيست وقد تصهينوا رغم نطقهم بالعربية. وهنا اقول لمن يتذكر أن يعود إلى حماسة وخطابات إميل حبيبي شيخ المطبعين وعزمي بشارة للانتخابات. نفس الخطاب، خطاب حزب راكاح بفارق فقط في دعم مًنْ:
• صراخ بشارة لدعم إيهود باراك مقابل شارون
• وصراخ ايمن عودة لدعم جانس ضد نتنياهو.
حين تسمع ايمن عودة تشعر بأن الرجل يُهين الوعي الجمعي للفلسطيني في المحتل 1948، مع ان حقيقة الأمر هي تكريس الاعتراف بالكيان وبقائه إلى الأبد.
ولكن، اين موقف بقية الفلسطينيين؟ لماذا لا توجد حملة واسعة يومية من الفصائل والمثقفين/ات والنقابات ضد المشاركة في الكنيست؟ هل هو استدخال الهزيمة؟
هذه الانتخابات هي جزء من مشروع صهينة الشعب الفلسطيني، ذلك لأن:
• اليهودية لا تقبل من ليست أمه يهودية
• والأسرلة مجرد جنسية
• إذن الصهينة
صهينة العقل وصهينة السلوك الفلسطسيني . منذ الاحتلال 1948 وكثير من الفلسطينيين يشاركون في انتخابات الكنيست، فما هي النتيجة؟ غير تطبيع العقل والسلوك، بينما يواصل المحتل مصادرة الأراضي وخاصة في النقب والجليل. فهل منع أعضاء الكنيست من الفلسطينيين مصادرة شبر واحد؟
كيف نواجه الرأي الشعبي العالمي حين يشارك أهلنا في المحتل 1948 في برلمان الغاصب! بل كيف نواجه متخلفي الكتابة العرب الذين ينهشون شعبنا وقضيتنا كالكلاب المسعورة ويثرثرون بثغاء تافه بان ارض فلسطين للهيود؟
مااذ نقول لهؤلاء؟ رغم أنهم لا يستحقون اي قول ولا رد.
أخطر ما في هذه المشاركة هي أن الصراع محصور فقط على أجزاء من المحتل عام 1967 بينما المحتل 1948 هو للصهاينة بلا مواربة.
وهذه اليوم، تحديدا، افضل خدمة لصفقة القرن.
لكن ما لا يُفهم هو حماسة قناة الميادين لهذه الانتخابات بشكل شبق وطبعا دون ان تنسى جملة هنا واخرى هناك لبعض قياديي أبناء البلد رافضي الانتخابات!
ما السر وراء هذا الشبق المياديني:
• هل هو علاقة بسلطة الكيان؟
• هل هو علاقة بامريكا
• هل هو موقف ممولها الخبيث بأنه مع التحرير وجوهريا مع بقاء الكيان؟
ماذا كان سيحصل لو لم تتحدث الميادين عن هذه الانتخابات؟ لو لاذت بالصمت على الأقل؟
لهذه الأسباب وغيرها: لا مستقبل ولا تحرير دون نهوض عروبي.


شاهد حماسة عودة وكأنه يقود جحافلا تحرر حيفا:

(3)

تركيا، لحظة الفرز السوري

حين يقول رفاق وأنا منهم بأن قوى الدين الإسلامي السياسي أخطر من الكيان الصهيوني ترتعد مفاصل البعض، وحين نقول بان معسكر المقاومة فيه خروقات يستشيطون غيظاً أو يدَّعون ذلك.

ما قولهم اليوم والإخوان يعلنون جهارا نهارا أنهم أداة للعثماني ضد سوريا؟ والعثماني لا يخفي انه طامع في كركوك والموصل وحلب وطرابلس الغرب، أي باوسع من الصهيوني الذي يحلم من النيل إلى الفرات. أي فارق بينهما؟ لا فارق.
هذه اللحظات، والعثماني بعد هزيمة الإرهابيين يتورط في الحرب المباشرة ضد سوريا حصن العروبة الذي ابتناه الأمويون، هي المفصل بين عروبي وعثماني. والعثماني هو الصهيوني والأمريكي معاً.
وسوريا هي فلسطين وهي اليمن وهي موريتانيا وبغداد وكل شبر من هذا الوطن.
كي تعرف وباء الدين السياسي: إسأل العقل التجاري لأيٍ منهم: طالما تطالب بأن تحتل تركيا الوطن العربي، هل يمكنك أن تتنازل لأخيك عن شبر من أرض تملكها أو عن فلس في جيبك؟ كيف تعبدون الملكية الخاصة وتطالبون شعباً بالتخلي عن وطنه؟ ما الفارق بين اغتصاب الصهيوني لفلسطين واغتصاب التركي لسوريا؟

هامش: شدني اليوم هذا الفيديو طاقم طائرة جزائرية يتحدون هولندا لصالح فلسطين، وهولندا من اشد وألد أعداء العرب وأنصار الكيان الصهيوني ومنها بدأ الاستهداف الراسمالي التجاري للوطن العربي.
هذه الدبكة الجزائرية تصلح نشيدا قوميا لسوريا بل لكل الوطن العربي .تراث ثورة الجزئر لم يتوقف بل يمتد إلى الشام.

(4)

بيروت/بغداد بين النفط والسلاح والطائفية

إذا تابعت السياسة في لبنان والعراق قد يغنيك ذلك عن متابعة كامل السياسة في الوطن العربي ذلك لأن محوري الصراع على الوجود وضده في الوطن العربي هما: المقاومة والمساومة. تجد من يقاوموا بالسلاح وتجد من يقاوم المقاومة لصالح الكيان الصهيوني وأمريكا وكامل الغرب كعدو واضح حدود الوقاحة.

تجد السلاح النظيف ، وتجد من يحرض ضد السلاح النظيف ويطالب بحصر السلاح بيد الدولة/السلطة: اي مطالبات جعجع والحريري وجنبلاط. المهم هنا الحريري المتفاخر بطائفيته والذي لا يلبث أن يشد العصب الطائفي كلما أمره النظام السعودي.

وفي العراق يطالب عمار الحكيم (طائفي شيعي) بحصر السلاح بيد الدولة! اية دولة؟ هذا رغم أن السلطة بيد طائفيين شيعة! ترى ألا يرى السلاح الأمريكي في العراق والسلاح التركي وسلاح الكرصهاينة؟

هذا عن السلاح المعدني. فماذا ايضا عن السلاح السياسي المشبوه مثلاً: علاقة الصدر بالسعودية؟ ناهيك عن حكومات بريمر منذ 2003 وحتى اليوم وهي تعمل بموجب توازن الدورين الأمريكي والإيراني في العراق مما اضاع وطنية العراق، ناهيك عن عروبته.

ترى، بأي قلب يعلن الرئيس اللبناني بدء الحفر النفطي؟ هل يقوم بذلك بقوة تيار المستقبل  وسلاح بن سلمان، أم بميليشيا جعجع والكتائب وطائفيي جنبلاط؟

يزعمون ان الحكومة الجديدة هي حكومة حزب الله. يا ريت. لكن الأهم انها سوف تُنقب بسلاح حزب الله وهذا الأهم.

بعد الدور الدموي لصندوق النقد الدولي في أكثر من مئة دولة في العالم يجري الضغط على لبنان للامتثال لما تسمى “وصفات” هذا الصندوق، وهي في الحقيقة وصفات قاتلة ويجري إقناع اللبنانيين بعدم جدولة الديون من أجل استمرار التجريف المالي تجريف اموال الفقراء. هذا مع أن الفعل الحقيقي هو رفض دفع الديون، والذهاب إلى العلاقة التمويلية مع الصين.

في العراق المهمة اسهل، النفط يتدفق، وآليات النهب علنية، وتسريبات البرازاني إلى تركيا والخليج والكيان الصهيوني اصبحت “طبيعية”.

وماذا عن النساء؟ أليس جميلا أن تقوم حكومة بها نسبة عالية من النساء بالتنقيب عن النفط؟ أليس هناك من فارق هائل بين التنقيب وأهل فرض النقاب على النساء الذين ضجوا لمجرد احتواء الوزارة اللبنانية لعدد من النساء؟

أحد مجاهدي النكاح اتهم مؤيدي توزير النساء بانهم ليسوا رجالاً!

لا باسن المهم أن حكومة التنقيب عن النفط أعلى كعباً من حكومات فرض النقاب وتشريع جهاد النكاح.

(5)

فلسطين وطن أم متاهة!

في تصريح لرئيس وزراء تونس المكلف يعد بالانتصار للقضايا العادلة وعلى راسها القضية الفلسطينية.لغة ليست بالجديدة، فما من مسؤول سياسي عربي إلا قال القول نفسه بمعزل عن المفردات من جهة ولكن بمعزل عن المحتوى العملي من جهة ثانية وهي الأهم. ولكن بالمقابل، تُدير الثورة المضادة هجومها الشامل لابتلاع بقايا فلسطين وتمتد تطبيعياً إلى العديد من الأقطار العربية التي يتعهد حكامها بأولوية القضية الفلسطينية!

ولعل السؤال الذي يفرض نفسه: هل تقبض الجماهير العربية هذه الازدواجية؟ فمن حيث تفهُمها، نعم هو كذلك. ولكن من حيث الموقف، فهذا أمر يكشف عن واقع غريب جوهره غياب راس لهذه الجماهير. وبكلام آخر، فغياب راس للجماهير يعني تفرقها فرادى ليصبح عالم كل فرد هو ذاته.
لعل هذا فقط ما تم تمريره من ثقافة رأس المال في الجماهير العربية. اي مغادرة السرديات الجامعة الكبرى: القومية والاشتراكية والمقاومة والتحرير حيث يعيش الفرد متحوصلاً في ذاته.

هذا التفكك ذاته هو الذي يعطي هؤلاء الحكام فرصة ان يحقنوا الشارع بالكلام وهناك ينتهي الأمر فلا يصل إلى: وماذا فعلتم بعد!

وللدقة، ما الذي يمكن لرئيس وزراء تونس أن يفعله لفلسطين، إذا كان بحجم القول، بوجود برلمان تسيطر عليه قوى الدين السياسي/النهضة التي ترفض وضع نص في الدستور ضد التطبيع. وقياسا على هذا، نخشى أن اولوية فلسطين، هي أولوية تصفية هذه القضية.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.