بمناسبة اليوم العالمي للصحة، تظاهر، في اليونان، مئات من الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية يوم الثلاثاء 7 نيسان/أبريل 2020، أمام المستشفيات للتنديد بنقص عدد العاملين، وبظروف العمل السيئة ونقص المعدات في قطاع الصحة العمومية، خاصة خلال الأزمة الصحية التي يسببها وباء “كوفيد 19″، بعد تدمير القطاع العام، ورفع المتظاهرون أمام أكبر مستشفى في وسط أثينا، لافتات تدعو إلى التوظيف (يحتاج القطاع العام إلى حوالي ثلاثين ألف طبيب إضافي) وتكثيف الاختبارات وتوفير المعدات، في قطاع الصحة العمومية، وحاولت الشرطة تفريق المتظاهرين في العاصمة أثينا وفي “ثيسالونيك”، و”لاريسا” وغيرها من مُدُن اليونان، ولم تفلح، بسبب تضامن المواطنين مع المتظاهرين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، وتجدر الإشارة أن حكومة اليونان منحت ثلاثين مليون يورو للعيادات الخاصة لاستقبال المُشتبه بإصابتهم ب”كورونا”، وتجدر الإشارة أن العيادات الخاصة تطلب 300 يورو لإجراء الاختبارات، بينما تبلغ قيمة الحد الأدنى للرواتب 758 يورو…
تظاهر أيضًا، بمناسبة اليوم العالمي للصحة، أطباء باكستانيون يعملون بمستشفيين في مدينة كويتا جنوب غرب البلاد، وبدأوا إضرابًا، احتجاجًا على استخدام الشرطة العُنْف، قبل يوم واحد، لتفريق واعتقال أطباء وطواقم طبية كانوا يتظاهرون احتجاجا على نقص معدات الحماية من فيروس “كورونا”، واعتقلت شرطة مكافحة الشغب ما لا يقل عن ثلاثين طبيبا، بذريعة عدم احترام قرار “حظر التجمعات العامة”، بحسب وكالة “رويترز” (07/04/2020)، كما أعلن ناطق باسم الأطباء “نحن مُضربون عن العمل من أجل حماية طواقم الأطباء والمسعفين”، ويواصِلُ الأطباء المُضربون تقديم الخدمات الضرورية، وتأمين الحد الأدنى للإسعافات، وحالات الطوارئ، وفي أقسام القلب وأمراض النساء، وامتد الإضراب خلال نفس اليوم إلى مناطق أخرى، وفاق عدد حالات الإصابة بفيروس “كورونا” في إقليم “بلوشستان” لوحده (حيث انطلق الإضراب)، 200 إصابة، من بينهم 14 طبيبا وعشرة آخرين من العاملين في المجال الطبي بالإقليم، بحسب هيئة إدارة الكوارث…
البطالة، بسبب الوباء:
أشار تقرير منظمة العمل الدولية (التابعة للأمم المتحدة)، أن قُوة العمل تُقدّر في العالم بنحو 3,3 مليارات عامل، ويُشير إلى وجود نحو 190 مليون عاطل عن العمل، بنهاية سنة 2019، ويتوقع تقرير المنظمة الجديد، الذي نشرته نُشِرَ يوم الثلاثاء 07 نيسان/ابريل 2020، أن يؤدي انتشار وباء “كوفيد 19” إلى فقدان نحو 25 مليون عامل وظائفهم، وخسارة نحو 6,7% من إجمالي عدد ساعات العمل في العالم، خلال الربع الثاني من سنة 2020، أو ما يُعادل عمل 195 مليون عامل بدوام كامل، خاصة في قطاعات الخدمات وتجارة التجزئة والإعاشة والغذاء والصناعات التحويلية والسياحة والنقل والفنادق والمطاعم، وأشارت المنظمة أن حوالي 81% من العاملين في العالم، أو من “قُوّة العمل” العالمية، يعيشون في أماكن تضررت من إغلاق كُلِّي أو جُزْئِي لأماكن العمل، ويتوقع نفس التقرير أن تأثيرات انتشار الوباء على الوظائف وعلى انخفاض دَخْل العاملين، وعلى الحياة الصحية والإجتماعية للعاملين سوف تكون أكبر بكثير من آثار الأزمة المالية في 2008-2009.
في الدول العربية، يتوقع أن ينخفض حجم ساعات العمل بنسبة تفوق المتوسط، بنحو 8,1% أو ما يعادل عمَل خمسة ملايين عامل بدوام كامل، وبنسبة 7,8% في أوروبا أو ما يعادل عمل 12 مليون عامل بدوام كامل، وبمعدل 2,7% في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، أو ما يعادل عمَلَ 125 مليون عامل بدوام كامل (48 ساعة أسبوعيا)، ولئن عُدَّتْ آسيا المنطقة الأكثر تضررا، فإن التأثيرات السلبية ستكون كثيرة في أمريكا الشمالية، حيث سُجل عشرة ملايين عاطل جديد في الولايات المتحدة و 2,13 مليون عاطل جديد في كندا، خلال أُسبوعَيْن، ولم تصدر أرقام رسمية عن عدد العاطلين الجدد في أوروبا، لكن تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن أن تكون التأثيرات السلبية لوباء “كوفيد 19” في قارة أوروبا أشد من أزمة 2008/2009 وأن يتجاوز عدد العاطلين الجدد عشرين مليون عامل، مقابل 24 مليون في الولايات المتحدة و 125 مليون في قارة آسيا، وقُدِّرَ عدد الوظائف المفقودة في قارة إفريقيا حتى نهاية شهر آذار/مارس 2020، جراء انتشار الوباء بنحو عشرين مليون وظيفة، وخلافًا لأوروبا وأمريكا الشمالية، لا يحصل العاطلون في البلدان الفقيرة على إعانة بطالة، ويُحرم معظمهم من الإستفادة من الرعاية الصحية، وهي سيئة أصلاً…
وتشير منظمة العمل الدولية أن 1,25 مليار عامل في قطاعات السياحة والنقل وخدمات الفنادق والمطاعم والصناعة التحويلية وتجارة التجزئة (ويشغلون وظائف منخفضة الرواتب والمهارات) مُعرّضُون لعمليات التسريح من العمل وخسارة الوظائف والدّخْل، بنهاية السنة الحالية، وانخفاض دخل مجموع هؤلاء بما يعادل 3,4 تريليونات دولار، إذا لم تتم السيطرة بسرعة على الوباء، للحد من التأثير الاقتصادي والاجتماعي، مع دعم البلدان الفقيرة التي لا تملك الموارد الكافية لمجابهة الأزمة الصحية والإقتصادية، وبشكل عام، أصبح العمال في مقدّمة ضحايا وباء الفيروس التاجي (كوفيد 19)، وخاصة العمال غير المُثَبّتِين في القطاعات الهشة، وعمال الإقتصاد الموازي وغيرهم…
تُمثل معظم حكومات العالم مصالح الرأسماليين والأثرياء وأرباب العمل، وتُدافع منظمات عالمية عديدة على مصالح الأثرياء، لكن لا توجد منظمات قوية تُمثّل العاملين وتُدافع عن مصالحهم، سواء على مستوى البلدان أو على مستوى القارات أو العالم، رغم العدد الكبير للعاملين، والعدد الضّئِيل للأثرياء…
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.