اتفقت دول أوبك وروسيا على خفض إنتاج النفط بمقدار 10 ملايين برميل في اليوم، اعتبارًا من بدايى آذار/مايو 2020، ومع ذلك، فَقَدَ سعر برميل “برنت” نصف قيمته منذ نهاية 2019، وانخفض الطلب العالمي بنسبة 30% منذ تفشي وباء “كوفيد 19″، ويتوقع المحللون انخفاض سعر البرميل إلى 20 دولارًا، وهذا الإنخفاض الكبير ليس في مصلحة الشركات الأمريكية المُنْتِجة للنفط الصخري، الذي لن يكون مُربحًا عندما يُباع بقيمة 30 دولارًا للبرميل.
تُعتبر روسيا والسعودية أكبر مُصَدِّرَيْن للنفط الخام، ولكن الولايات المتحدة أصبحت أكبر منتج، قبل روسيا وقبل السعودية، ولا ترتبط الولايات المتحدة بأية اتفاقية مع منتجي النفط، لكن سيؤدي الانخفاض في إنتاج النفط الصخري (بسبب انخفاض سعر البرميل) إلى خفض الإنتاج الأمريكي تلقائيًا بحوالي ثلاثة أو حتى أربعة ملايين برميل يوميا، فيما يتهدد الإفلاس بعض الشركات الأمريكية، بعد ارتفاع قيمة دُيُونها وانخفاض قيمتها في سوق المال، وأنشأت المصارف المُقْرِضَة شركات لشراء الشركات المُفْلِسَة بأسعار منخفضة…
من ناحية أخرى ، منذ عام 1971 ، لم يعد الذهب مضمونًا بالذهب ، بل بالنفط (ومن هنا جاء مصطلح “البترودولار”)، وتعمل الولايات المتحدة، منذ عُقود طويلة، ومنذ اكتشاف النفط، على “حماية” آل سعود، مقابل نهب النفط، إلى أن أصبح الدولار سلاحا قويا، ويعيد السعوديون تدوير عائدات النفط واستثمارها في الاقتصاد الأمريكي وفي شراء أدوات الدين العام، وسمح البترودولار بإنعاش سوق المال “وول ستريت” لعدة عقود، وتمتص عقود شراء الأسلحة الأمريكية جزءًا كبيرًا من عائدات النفط السعودي، في عملية اندماج بين المجموعات المالية الكبرى، ومُجَمّع صناعة الأسلحة، وصناعة النّفط، والسياسيين، الذين تُشكّل عائلة “بوش” نموذجًا لهم.
استفادت هذه الشبكة من ظهور الصين كمستهلك رئيسي للمواد الخام ولِنَفْط آل سعود، وهم (آل سعود) من عُملاء أمريكا الرئيسيين، فيما أصبحت روسيا مُصدِّرا رئيسيا للهيدروكربونات ومنافسًا للمملكة للسعودية، التي تتقادم حقولها، ولم تكتشف الشركات حقولاً جديدة…
أنقذت المملكة العربية السعودية اقتصاد الولايات المتحدة خلال الأزمة المالية 2008/2009، عبر زيادة الإستثمار في الديون السيادية الأمريكية التي ارتفعت قيمتها، كما في أسهم الشركات الأمريكية، ويُمَوّل آل سعود القواعد الأمريكية التي تساهم في العدوان على بلدان المنطقة، وتوجد في مناطق غير بعيدة عن بعض محطات مناسك الحج والعُمرة…
انحازت العائلة المالكة إلى جانب الولايات المتحدة في أي عدوان، وشاركت بنشاط في العدوان على العراق، بعد إعلان صدام حسين التخلي عن الدولار في تجارة النفط، لكن الإمبريالية الأمريكية تحتقر عُملاءها، ولا تُراعي سوى مصالح شركاتها التي استثمرت في استغلال النفط الصخري، وضرب مصالح آل سعود، ما اعتبره حكام السعودية تخَلِّيًا عنهم، وتغييرًا في الإستراتيجية الأمريكية.
هدد آل سعود، سنة 2019، بالاستغناء عن الدولار في تجارة النفط، ولكن التهديد لن يتحول إلى واقع، ماداموا يحكمون الجزيرة العربية…
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.