هوامش من الصحف ووكالات الأخبار، الطاهر المعز

(1) هل الإمبريالية “نمر من ورق”؟

(2) تركيا – ديمقراطية على طريقة (أو “مَذْهَب”) الإخوان المسلمين

● ● ●

1

هل الإمبريالية “نمر من ورق”؟

يُنْتِجُ النظام الرأسمالي تقدماً تكنولوجياً وعلمياً، ولكنه يُشعل الحروب العدوانية، ويسبب الأزمات الدّورية التي تَضُرُّ بالعاملين والمُنْتِجِين، ويُسبّبُ تدمير للبيئة وتهميش للبشر وتبذير المال العام، ولذلك بدأ رُوّاد الفكر الإشتراكي نقْد النظام الرأسمالي، منذ بداية القرن التاسع عشر، قبل كارل ماركس وفريدريك إنغلس، وقبل أن ينشر لينين نُصُوصَهُ بشأن تطور الرأسمالية إلى مرحلة الإمبريالية التي تتوسع بالقوة المُسلحة لغزو الأسواق الخارجية، وللسيطرة على المواد الأولية والمَعادن والمحروقات، بعد السيطرة على الأسواق المحلية، وبذلك تحولت الرأسمالية، في بلدان “المركز” (أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان…) إلى قوة رجعية تَحْصُر الثروة لدى قلة قليلة من الأثرياء، وتُعرقل تطور القوى المنتجة، وتعرقل تطور البلدان الواقعة تحت الهيمنة، بلدان “الأطراف”، أو “المُحيط”…

تنشر وسائل الإعلام ومراكز البحث معطيات ولوائح أغنياء العالم، وتركّز الثروة والدخل بأيدي مجموعة صغيرة لا تتجاوز نسبتها الـ10% من سكان العالم، بينما يعيش أكثر من مليار إنسان بأقل من ثلاثة دولارات في اليوم، وهم يسكنون عادة بلدانًا نهبتْ ثرواتها الدول الإمبريالية وشركاتها العابرة للقارات، وأَمّنت حكومات الدّول الرأسمالية الربح الوفير للأثرياء، عبر مَنْحِهِم المال العام، بدون فائض، ولم تهتم الدولة أبدًا بتأمين صحة البشر، وتلبية حاجتهم من الغذاء والسكن والمحيط السّليم، وأظْهر الإنتشار السّريع لوباء “كوفيد 19” عدم اهتمام الحكومات بتأمين صحة البشر عبر تمويل البحث العلمي (في القطاع العام) والإنفاق على التوظيف واكتشاف وتصنيع اللقاحات والعقاقير وتوفير المعدّات في المستشفيات العمومية، وهي مجالات لا تجتذب استثمارات الشركات الخاصة والأثرياء (مالكي الأسْهُم) الذين يعتبرون الصّحّة سلعة يجب أن تَضْمَنَ لهم فُرْصَةَ الإحتكار، وتُوَفِّرَ أقصى قَدْرٍ من الرّبْح…

على النقيض من ذلك، تعيش كوبا وشعبها تحت الحصار المستمر منذ ستة عقود، ومع ذلك تمكنت من احتواء الفيضانات وتقليص الدّمار الذي تُحدثه العواصف الموسمية، مرتين على الأقل سنويا، بينما تُحدث هذه الكوارث الطبيعية خسائر هامة في الولايات المتحدة، على بُعد مائتَيْ كيلومتر، وتُرْسل كوبا أطباء ومختصين في العمل الإجتماعي والتربوي والتدريب الرياضي، إلى عديد الدّول، وبعد تفشي وباء “كوفيد 19″، أرسلت كوبا الفقيرة أطباء ومعدات طبية إلى قارات أوروبا وإفريقيا وإلى أمريكا الجنوبية، في بلدان يقع بعضها ضمن دائرة الهيمنة الأمريكية، وتمكن نظام كوبا، رغم قلة الموارد المالية، من تأمين التعليم والصحة، وبعض الترفيه، والرياضة والثقافة، للمواطنين  

2

تركيا – ديمقراطية على طريقة (أو “مَذْهَب”) الإخوان المسلمين

لقي ضابط مخابرات تركي وضابط آخر كان برفقته، حتفهما في ليبيا، أثناء أداء مهمة تدريب مليشيات الإخوان المسلمين الموالية لحكومة “الوفاق” (طرابلس)، ونشر صحافيون من تركيا الخبر، مع تعليقات تُفيد أن ضابط المخابرات عمل في سوريا لسنوات عديدة، ويتحدث العربية بطلاقة، واعتقلت السلطات (في آذار/مارس 2020) أربعة من الصحافيين الذين نشروا الخبر، مع تعليقات عن توَرُّط المُخابرات التّركية في سوريا والعراق وليبيا، وغيرها، بتهمة الإرهاب، وهي التهمة التي أصبحت تُوجّه لأي مُعارض لسياسة حزب الإخوان المسلمين، وللرئيس “رجب طيب أردوغان”، من الصحافيين والسياسيين والمحامين والمثقفين في السجون، خصوصًا بعد سيطرته على 95% من وسائل الإعلام، وعلى الجهاز القضائي، وعلى الجيش والمخابرات والأمن، منذ نيسان/ابريل 2017، إثر تغيير النظام البرلماني إلى رئاسي.

بلغ عدد القضايا التي قَدّمها الرؤساء في تركيا، 158 شكوى في عهد الرئيس الأسبق “أحمد نجدت سازار” ونحو 340 شكوى، رفعها “كنعان إيفرين”، قائد انقلاب 1980، والذي حكم البلاد حتى 1989، ورفضت المحاكم الكثير منها، و848 شكوى قدمها الرئيس الإخواني السابق عبد الله غول، وارتفع العدد إلى 19122، حتى نهاية شهر آذار/مارس 2020، منذ أصبح أردوغان رئيسًا، قبل ثلاث سنوات، وحكمت المحاكم في معظمها لصالحه (بسبب تغيير القُضاة وسجنهم وسيطرة الإخوان المسلمين على جهاز القضاء)، وهو ما يعني أحكاماً بالسجن تتراوح بين سنة و3 سنوات، وأصدر القُضاة الموالون للرئيس وحزبه ما لا يقل عن ثلاثين ألف حُكْم بالسّجن لفترات طويلة، على الضباط والقضاة والمحامين والصحافيين والباحثين والمُدرّسين الجامعيين والنقابيين ورجال الأعمال، والنواب المُنْتَخَبين في البرلمان أو في المؤسسات والهيئات المَحلية، كرؤساء البلديات، بتهمة “الإساءة إلى الرئيس” أو “الإرهاب”، و”العلاقة بحزب العمال الكردستاني أو التنظيمات اليسارية أو الداعية فتح الله غولن”، وكان أردوغان قد اتهمه بتدبير محاولة الانقلاب المَشْبُوهة والفاشلة، منتصف تموز/يوليو 2016، ولم يَسْلَمْ من المحاكمات والسّجن مناضلون من جمعيات حقوق الإنسان، انتقدوا ظروف الإعتقال والمحاكمات…  

 _________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.