لوحظ في الأيام الأخيرة جدل حول حديث أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بأن هزيمة الكيان ممكنة بلا حرب. وأغلب الجدل كان من مواقع الضد أكثر مما هو من موقع النقاش والحوار وتقييم الطرح.
طبعا، دعك من حوار المنتمين المخلصين في جدالهم بأن هزيمة الكيان هي فقط بالسلاح، مع أن هذا حقيقة حتى الأن والحقيقة الأقوى واقعياً وخاصة مع تغوُّل العدو الأمريكي والصهيوني عبر صفقة القرن.
من بين ما قيل:
1) طالما ان هزيمة الكيان ممكنة دون سلاح فما لزوم سلاح حزب الله، وهذا بالطبع طرح الصهيونية اللبنانية خاصة والعربية عامة لأن هذا الاتجاه معني ببقاء الكيان وتوسعه ويعلم بان سلاح المقاومة ، بل موقف المقاومة هو الرادع للكيان. وفي هذا السياق يمكن إدراج فريق “كلُّن يعني كلن” كفريق جديد مغطى بالمدنية واليسار والأنجزة والفرانكفونية والفينيقية والدين السياسي وخاصة حملة شربل نحاس ضد حزب الله.
2) وهناك تحليل إعفاء الذات: أي من جادل بأن حديث السيد هو مقدمة لنفض اليدمن تحرير فلسطين. وهذا موقف تشكيكي مقصود وتحميل للتحليل بما لا يتعلق بالتحليل نفسه. هذا ناهيك عن خطورة هذه العقليات الذات/إعفائية بمعنى أن هذه مهمة حزب الله وحده او محور المقاومة وحده، وبالتالي طالما
“نفض الحزب يده” فعلى الأمور السلام، “رُفعت الأقلام وجفت الصحف” .
3) وهناك موقف الضد من محور المقاومة، وهو الاتجاه الذي يعادي محور المقاومة ويرى أنه أداة إيرانية للتوسع الإيراني، وهذا اتجاه أو فريق أنظمة التطبيع والطابور السادس الثقافي. وغالباً ما يرتكز هذا التيار على
سؤال: ولماذا لا يقوم المحور بتحرير فلسطين؟ وبالطبع فهذا التيار أولا إعفاء للذات وتوريطي ايضا، بمعنى أنه يود لو تحصل حرب دون تأكد هذا المحور أنها محسومة له. وهذا يذكرنا بما كان يجادل به اتجاه التوريط ضد عبد الناصر عشية عدوان 1967.
4) مختلف هذه المجادلات تقع بين من لا يعلم أن الحرب والصراع ليس فقط مع الكيان الصهيوني بل مع الثورة المضادة بعمومها بدءا من الغرب الرأسمالي في مرحلة الإمبريالية فالعولمة وطبعا مع الصهيونية وايضا مع كثير من الأنظمة العربية وطبقة الكمبرادور، وبين من يعرف جيداً وهذا الأخطر.
نعم يمكن هزيمة الكيان دون حرب، ولكن في شروط مختلفة وظروف مختلفة ودون أن يتم تغييب السلاح، لأن السلاح حتى لو لم يتم استخدامه فهو الرادع الذي يُمكنه إيصال الصراع إلى هزيمة الكيان. فتوازن الردع حاليا هو الذي أنهى “رياضة” العدوان الصهيوني ضد العرب . وهزيمة الكيان نقصد بها تحرير
فلسطين وليس مساومة قيادة الكيان حين هزيمتها كي تبقى أو “تعتدل”.
في نهاية كتابي “التطبيع يسري في دمك” قبل عشر سنوات (رابط الكتاب أدناه) جادلت بأن واقعاً عربياً وحدوياً وثورياً يمكنه إرغام داعمي الكيان طبقا لمصالحهم على وقف دعمهم للكيان مما يقود إلى سقوطه وهزيمته من الداخل، ولكن بشرط أن يكون العرب دولة واحدة أو موحدة وأن تستخدم النفط (في حينه) كسلاح حجزه عن الثورة المضادة، وإغلاق السوق العربي ذي أل 400 مليون مستهلك أمام داعمي الكيان.
ولذا، ولعدم تحقيق اي شكل من الوحدة يتم تخليق وتحريك موجة القومية الثالثة التي تستنهض أدوات/قيادات كمبرادورية إثنية وشوفينية مرتبطة بالإمبريالية والصهيونية مباشرة ليس فقط ضد الوحدة العربية بل ضد كل قطر عربي من داخله. وفي حال توليد هكذا كيانات مسخة ستكون محتربة بينيا
ومرتبطة فرادى بالإمبريالية أي فرديا ومباشرة. إنه خلق سلسلة هالكة تابعة عدوة لجمهورها بل والأشد ضعفا من مستخرجات تجزيئية سايكس-بيكو.
قد يجادل البعض اليوم، بأن النفط يفقد موقعه بل إن منتجي النفط يرشون من يشتري. وهذاصحيح في اللحظة من حيث:
· عدم وجود واقع عربي موحد ومن ضمنه تشكيل احتكار نفطي عربي و/أو
متحالف مع إيران وروسيا وفنزويلا.
· وحصول أزمة نفطية طارئة وليست دائمة
· ودور انظمة نفطية عربية في هذا التدهور وخاصة السعودية.
أما السوق فهو العائد الأضخم على الغرب الراسمالي. وهنا من المهم أن نعلم بأن معظم مبادلات (وارد صادر) البلدان العربية هي مع الغرب. وحتى الجمهوريات التي دمرها الغرب الراسمالي مبادلاتها أو تجارتها الخارجية معظمها مع الغرب ناهيك عن أن التجارة البينية العربية لا ترقى عن 10% من متاجرة الأنظمة العربية البينية/الخارجية. ولا تخرج إيران ، حتى اليوم، عن هذا الوضع.
لا يمكن لمن يعرف الحد الأدنى من مفاهيم وواقع السوق أن يتجاهل بان راس المال مهموم دائما بالتراكم وهذا يعني بالنسبة لراس المال بقاء الأسواق مفتوحة لمنتجاته هذا ما يجعل مقاطعته فاعلة.
بكلام محدد، فإن المدخل هو:
· استمرار السلاح والتسلح وكأن الحرب قائمة مع الكيان الصهيوني
وكامل الثورة المضادة وهي قائمة حقا.
· حصول تغير ثوري وحدوي في الوطن العربي وهذا ما تم تصميم حرب
الإرهاب الذاتي البيني في الوطن العربي لاحتجازه، إلى الأبد إن أمكن.
· التوجه العربي البيني ذاتيا
· التوجه شرقا بعيدا عن الغرب سواء في الاستيراد او التصدير اي
تقوية كتلة عالمية مضادة ومنافسة للغرب.
ربما يجوز لنا القول بأن الصراع العربي الصهيوني رقعة شطرنج مختلفة عن بقية العالم بمعنى: صحيح أن الصراع هو بين طرفين في رقعة الشطرنج بمعنى أنك تحسب وتخطط وكذلك العدو. لكن هذه الرقعة هنا وفي الوطن العربي خاصة حيث يوجد إلى جانب اللاعب العربي المقاوم أو محور المقاومة محور مضاد
للثورة ويعمل لصالح العدو وفي هذه الفترة علانية، أي طابور وطوابير.
فالتطبيع بموجتيه :مصر ، م.ت.ف والأردن ثم الخليج وكذلك المغرب وغيرها من تحت إبط الوطن، هو إجهاض لمختلف آليات المواجهة. إن المطبعين هم اساسا من يقدموا خشبة النجاة للكيان ويقوون دوره ليتطاول على اغتصاب كل الوطن.
من هنا، وفي هذه الصورة القاتمة يمكن للبعض أن يقول بأن طرح هزيمة الكيان بلا حرب ليس طرحا موفقا. ولا أعتقد أنه ليس موفقاً، لأن طرح هذا التحليل يكشف الكثير من العيوب ويدفع باتجاه مواجهة أدوات الثورة المضادة
الموجودة بيننا تحت تسميات:
· حق اليهود في فلسطين
· فلسطين ليست قضيتي
· دولة مع المستوطين
· السلام خيار استراتيجي …الخ
إن طرح هذه الأمور هو كشف للعورات، وهذه مساهمة ثورية لا نكوصا.
* * *
اسم الكتاب: التطبيع يسري في دمك
المؤلف: عادل سمارة
سنة النشر: 2010
إقرأ النص الكامل للكتاب:
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.