أحقاً أن دون القاع قاع! عادل سماره

نعم…دفاعا عن محمود درويش

تذكرت من مآثر الحكيم قولته بحماية الجبهة الثقافية والانتصار فيها بما هي بعض ما تبقى، وقد حاول حتى ارتحل.

وتذكرت النقد العالي الذي كتبه الراحل أحمد حسين إلى محمود درويش في حياة الإثنين،

وتذكرت قولة ناجي العلي لمحمود درويش: يا محمود أنا انتقدك لأني أحبك.

ما أكثر اختلافاتنا مع محمود وحتى مع أنفسنا، ولكن للخلاف أخلاقياته.

في الحياة، وفي مختلف التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية هناك :

·      العام، وفي حالتنا هو الوطن والوطن وحده،

·      والخاص، مثلاً ما يملكه وما يعمل به الناس وهو حال متشارك متداخل وحتى متواشج بين الناس

·      وهناك الشخصي أي ما لا يحق لأحد دخول شخصي الآخر حتى ولو  هوامشه.

هذا يفتح على قاعدة :الطعن في الشخصي هو اعتداء على العام، على الوطن حيث ، في هذه الحالة يتداخلا.

ومتى؟ اليوم…! اي مع صفقة القرن وبدء ابتلاع بقية الوطن، وتكالب الثورة المضادة من صهاينة العرب وصهاينة الغرب والصهيونية الأم معاً. لينضم لها صهاينة من إخوتنا الكرد!

ما كتبه سليم بركات عن أمر شخصي بالمطلق للراحل محمود درويش، عن رجل غيبه الموت هو أمر في منتهى الاشتباه. فالشخصي سر ذاتي تماما، ولو كان صاحب السر معني بنشره لفعل، وإن لم يفعل فمن الجريمة الاعتداء عليه  حتى بحضوره دون دليل غير الثرثرة الهامشية على سطح زمان زَلِقْ. ونبش القبور بطريقة قوى الدين السياسي /داعش خاصة.

والكتابة عن إبنة غير شرعية لمحمود درويش إضافة إلى شخصنته، فإن ما يؤكد كونه كذباً أن ذلك تم في مناخين:

·      الأول: بعد رحيل الرجل

·      والثاني بالتوازي مع محاولات تكفين الوطن.

فلا يمكنك قراءة ذلك بعيدا عن هذين المناخين. ففي الأول هناك غياب المُدعى عليه غيابا مطلقا مما يؤكد الكذب والتزوير. وفي الثاني هناك مشاركة وضيعة في الهجوم المعولم على الوطن الفلسطيني العربي وهو هجوم واستهداف منذ أربعة قرون عثمانيا وثلاثة قرون غربيا، فماذا يضيف سليم بركات على هذا غير وزن خردلة؟

أي مستوى هذا في  المناخ الأول، واي هدف هذا في المناخ الثاني؟

ولا يخرج عن هذا خِسَّة بل يفوقه ما كتبه وفعله نجم والي بأن محمود كان “مثلياَ”! وهل يعرف عن المثليين، بكل سرية ذلك غير مثليِّ منهم؟

أم أن والي كان يضرب بالحصى؟ نعم هي حصى التجنيد للموساد  بل والله اسوا. إسألوا الأسرى الفلسطينيين كيف كان ينحني الجلاد العدو للصامدين. فهل هذا ما يقدمه عراقي لفلسطين؟ فيزور الكيان وهو يعلم أن قسطأ ضخماً من “فن” التعذيب والقتل والاغتصاب الأمريكي للجنسين في العراق هو من تعاليم التلمود الصهيوني المتجدد. من لم يقدم للعراق لن يقدم لفلسطين.

وعليه، حين يكون الهجوم على الوطن، نتماسك لأننا نحن الوطن ولا بد من تنخيل الزوان.

الكلمة أمانة، والكلمة موقف لمن يقلها. والكلمة مستوى وعي ومستوى افتراض، وكلما تدنى مستوى الافتراض لا يتوقف حتى يخدش الشخصي جدا. ومن يتلطى وراء كلامه الوضيع ليعلو ثقافيا فهو واهم. هل سيكتب التاريخ أن فلانا أنجز قولة تشكيكية في أخلاق آخر!

حتى في هوامش التاريخ لا تجد هذا، فقط تجده في هرطقات قوى الدين السياسي من طراز أن خالد بن الوليد قتل مالك بن نويره ليرث زوجه!

لم يكن درويش فلسطينيا مغمورا، كانت له معارفه العديدة وكانت تتزاحم النساء كما الرجال على توقيع اسمه لهم/ن، فهل كان عليه أن يفعل ما يزعمه هذا! تعرف محمود درويش أسرٍ عديدة، ألا يعني هذا أن تتلمس كثير من الأُسر صفائها! أليس مقصد هذا خلخلة عدة اسر، هل هذا ما بقي من زوايا الوطن لم يتم طعنها لتفكيك البنية المجتمعية بعد النضالية والثقافية.

في الثقافة،  وحتى في السياسة، على قبحها وفي كثير من الحالات أو معظمها،  هناك معايير وحدود ردع ذاتي بها تتمايز النخبة عن القشرة. أما ما وصل إليه سليم بركات ونجم والي  فهو مستوىً لا تفعله غير المخابرات التي لا قواعد أخلاقية لها.وهذا يطرح السؤال: هل كان الرجل مندساً على فلسطين؟  وإلا ما معنى اختيار الشخصي واللحظة معاً؟

وإذا كان بركات ووالي على هذا القدر من النهش، فما بال جريدة القدس العربي لتكن مخلَّعة الضوابط؟ ولعلها تشبه في فوضى النشر إلى حد كبير موقع “الحوار المتمدن” ل رزكار عكاري، وهو من الإخوة الكرد مثل بركات، لكنهما ليسا من الإخاء بموقع.

هل حاولت القدس العربي أن تتبيَّن صحة الطعن؟ وكيف لها ودرويش في ذمة التاريخ؟

نفس الجريدة نشرت عام 2015 إدعاءات للبعض هو/هي بانهم فجروا الانتفاضة الثالثة ونشرت بيان رقم (1) لهم/ن تحت اسم “الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية” في موضع آخر مع صورة إحداهن، وكل ذلك كذباً حيث بان بأن هؤلاء ينادون بدولة مع المستوطنين! فهل هذه علمية إن لم نقل أخلاقية الصحافة؟

“…وجاء في منشيت القدس العربي:
الإعلان لأول مرة عن تأسيس “ الجبهةالوطنية الموحدة في فلسطين التاريخية ” و”القدس العربي” تنشر البيان الأول للإنتفاضة “الثالثة”
هذا رابط ما نشرته القدس العربي في 16 أكتوبر 2015

وكانت القدس العربي قد نشرت البيان الأول لكيان نضالي فلسطيني أطلق على نفسه إسم” الجبهة الوطنية الميدانية الموحدة في فلسطين التاريخية”. والأسماء الثلاثة لنفس الطرف الغامض والمدعي والذي بعد البيان الأول…تبخر!!!
رايط البيان ونداء رقم (1) اليتيم:

هل تقل لنا القدس العربي أين هذه الجبهة وهل سألت من أوصلها الكذب؟ هل اعتذرت للوعي الجمعي؟

 تخيلوا لو تُرجم ما كتبه بركات أو  والي عن درويش إلى اللغات الأجنبية، ماذا سيُقال؟ عن مستوى الكتابة وحتى نمط التفكير. دعك من متاجرة الكيان بأتفه من قولهما هذا.

على اية حال، هذا عمل صحفي وليس من باب الأدب في شيىء، ولعل أسوأ ألوان الأدب هو الهجاء الشخصي بين الأحياء، وهذا حتى ليس هنا.

تذكرت قيام غادة السمان بنشر رسائل الشهيد غسان كنفاني إليها بعد رحيله ودون استئذان أحد. ولم يكن هذا سوى من قبيل مرض الظهور حين تخلو جعبة المرء من سهام. فهي لم تنشر رسالة واحدة منها إلى غسان. وهل يُعقل أن مناضلا وكاتبا وعبقريا وذائبا في النضال أن يواصل كتابة رسائل لامرأة لا ترد! هذا مع العلم أنها كتبت عن فترة كان المتمسحون بالمقاومة  عديد الحصى.

نعم، المرأة ضحيتنا الكبرى، وخاصة في هذا الشرق الموصد عن الغدْ. فمنذ هزيمتها التاريخية الأولى، اي سيطرة الذكر على الملكية الخاصة، وحتى اليوم وهي مادة الاستغلال بأنواعه. ما فعله بركات أن جسَّد ذلك على حساب مطلق إمرأة.

ويبقى السؤال: لماذا يصمت من كانوا أقرب من بركات إلى درويش؟ بل من اتكأوا على درويش كي يبقوا أحياء في بعض الأدب؟.

حاشية: لو كتب بركات ووالي هذا في عصر عبد الناصر، لأُقيمت عليهم دعوى من إتحاد الكتاب العرب ولو في لندن، وهذا اضعف الأدب.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.