في رحيل سعيد فرماوي:
إنه سعيد فرماوي … مصر
بقلم عادل سمارة
رفيقي رياض أبو عواد،
ما كنت اتوقع كل هذا، لكن ما أصابنا يشي بأكثر مرارة. قبل ايام كنت اتحدث لأصدقاء عن سعيد فرماوي المبتسم دائما، والساخر أبدا حتى في أكثر الأمور الجدية، وكأنه كان يقول لنا: لستم في مستوى ما تحملون من مهام!جمعتنا صحيفة العرب في منتصف ثمانينات القرن المنصرم للراحل أحمد الهوني التي ضمت عربا من كل قطر، من الصومال حتى العراق.
كان سعيد فرماوي ظهرنا وظهيرنا في كل ما نكتب يرفع إلى الحياة لغتنا الصماءربما الخشبية كما قال ويقول عنا المطبعون بل مستدخلو الهزيمة. كان يُحييها بما رسم فترى النور وتضيء ايضاً.
حينما نصبت مرجريت تاشر شباكاً لقيادة م.ت.ف زاعمة أنها ستعترف بهذه المنظمة سارعت المنظمة تلك بإرسال إثنين من لجنتها التنفيذية مسرعين إلى لندن، لكن “السيدة الحديدية” عاملتهما بالفولاذ ولم تلتقيهما.
كتبت مقالة قصيرة كان عنوانها: “اللهم شماتة يا فلان و فلان” . قلت لسعيد ما رايك؟
قال، كعادة المصريين: يا ابن الإيه!!!
بعد دقائق كانت لوحة فرماوي بصورة تاتشر ترفع يدها اليمنى وتشير بإصبعها الوسطى أو بعبارة نجيب محفوظ “ولعَّبت لهم الوسطى” . هذا ما قدمته تاتشر لمنودبَيْ م.ت.ف بدل أن تلقاهما، بل لم ترسل للقائهما اي شخص ليعودا حتى دون “خُفَّيْ حُنين”. الطريف حتى السخرية أن المندوبّيْن كانا “مسيحي ومسلم” في تساوق إيديولوجي مع تراث الاستشراق الاستعماري بأن الصراع ديني! يا لبؤس هذا العقل الذي لم يرى راس المال!
تخيَّل رفيقي رياض بأن هذا العالم الواسع المتقطع بالجدران وبالأمن والعسس والحدود، ورغم ما به من وسائل الاتصال، يحول بين لقاء الشرفاء وحاملي الروح الإنسانية فما بالك بالثورية، ولا نلتقي إلا حين يختطف العدم أحدنا.
هذا الألم العميق هو الذي دفع أبانا في الرفض جلجامش للبحث عن الخلود، فهلك دونه.
قد لا يكون الموقف للحديث عن ناجي العلي، لكن أنَّى لي أن لا اقول على الأقل اليوم وناجي كان أول من استهدفه التطبيع. إنه الشهيد الذي كان يعلم أنه سيقتل. هذا ما قاله لي بلسانه صباح الإثنين 20 تموز 1987 في بيته حيث أعد قهوة مُرَّة لم ينساها نساني. كان ذلك قبل يوم واحد من اغتياله، وها هو يُغتال يومياً حتى اليوم في واقع وطننا.
وكيف لا اذكر مصر، وهي التي إن نهضت نهضنا وإن وقعت وقعنا. وأنالست غِرَّاً ولا ناعما، ولكنني على يقين بانه إن وقعت مصر، لن يكون نهوضنا سهلاً. يا رياض، دعك من عنتريات كثير من العرب بدون مصر. لا احب العنتريات بل الواقع.
ولكي أصدقك الشعور، ليس أجمل للروح من الصداقة بفنانين كبيرين مثل ناجي وفرماوي حيث خربشات الرصاص تشرح ببساطة الوطن العربي والديالكتيك والبحث عن الخلود.
شكرا، رياض، وإن كان ما اتيت به نعياً. ألم يقل سيدنا أبو الطيب المتنبي:
نُعدُّ المشرفية والعوالي … وتقتلنا المَنون بلاقتالِ
هل تذكر ستة أشهر قضيناها في “جنة” معتقل الإحتلال عام 1979 ؟ رغم كل شيء ، كانت جميلة. نعم هذا هو ديالكتيك الحياة، معتقل وفيه جماله بالرفاق.
بقي أن أعزي الزميلة السابقة السيدة منى غباشي أرملة الراحل سعيد فرماوي.
■■■
صفحة الفيس بوك
رياض أبو عواد
سعيد الفرماوي الضحكة الساكنة في القلوب الابتسامة الثابتة في ليلة حزينة لروحك السلام يا اغرب صداقة جمعتني بانسان عرفته عشر سنوات اصدقاء عبر الهاتف هو مقيم في لندن الى جانب اصدقاء مشتركين قاموا بتعريفنا على بعض وهم المناضل ورسام الكاريكاتور ناجي العلي والمفكر الفلسطيني عادل سمارة وانتظرت عشر سنوات لنلتقي في القاهرة في الحلقة التي كان يقيمها الناقد الراحل فاروق عبد القادر في مقهى سوق الحميدية في منتصف التسعينات لتستمر بعدها صداقة كشفت عوالم كثيرة لفلسطيني يتعرف على القاهرة ومصر من خلال عيون اجمل ابنائها وداعا ايها الفنان الشامل رسام ورسام كاريكاتور وعازف ناي وممثل وشاعر والاهم ابن ابتسامة لا تنتهي