عادل سمارة:

(1) غبار على الأفكار

(2) الوحدة العربية … والوقائع على الأرض

● ● ●

(1)

غبار على الأفكار

صار لا بد من الاعتراف أن الفيس بوك وزميلاته يخدمن غبار الكتابة أكثر من الفكر المعمق. وصار عليك حين تكتب أن تتوقع الغبار. لا باس فهو يتطاير حتى دون أن يدور محرك القاطرة.

إذا استندنا إلى قطعة نظرية لشخص من غير قومنا، يقول الغباريون” انتم تعيشون على النقل ولا تنتجون”، وحينما لا نكتب يقول هؤلاء: “هذا الوطن صحراء فكرياً …اين المثقفين” وحينما نكتب يقول هؤلاء : ” شبعنا نظريات” أو يفترضون أننا خارج الواقع بينما هم في حالة وقوع عقلي دائم.

إن الحد الأدنى لأخلاق الكتابة هو الرد على الفكرة بالفكرة أو تطويرها ، وليس النفي اللغوي الأجوف دون تقديم اية فكرة نقيضة او للتعديل على الأقل.

إن أخطر العقول هي التي تقول للحاكم أو القائد: “أنت عين الحق وعميق الفكر أنت تفكر عنَّا جميعاً، وما علينا سوى ان نقرأ ما تقول ولا شرط أن نحفظه بل أن نردده كي نحول دون تقديم أحد لا نقدا ولا فكرة أخرى”.

أذكر في سجن نابلس 1968 وفي نقاش مع زميل قال لي: “قائد التنظيم قادر على حل اية مشكلة فكرية” ! عجيب! أمثال هذا حتى لو خان القائد فهو يحمي ظهره او يمشي أمامه لتنفجر الأاغام فيه حماية للقائد. فلماذا لا يبرطع القائد إذن؟

من الذي لا يمكنه أن يقول لك:”كتاباتك وأفكارك غلط، بل بوسعه أن يدعو لاعتقالك، كيف لا وهو يعتقل الفكر، فمن السهولة بمكان اعتقال الجسم وحتى الجسد”

الذين يعتبرون أية فكرة غلط هم عناوين الجهل والتجهيل ما لم يمحصونها ويكتبوا أفضل منها.

حينما كتب ماركس عن اضطهاد العمال واغتصاب جهدهم استند على خصمه الرئيسي آدم سميث ثم تجاوزه بنقد وتطوير. لم يقل مثلا: “شو هاد آدم سميث كلام فاضي”.

بعض التواضع ايها الغبار شكرا للطبيعة التي ترش بعض الماء على الغبار فينزل إلى الأرض لتمتص النباتات شيئاً ما. نعم الغبار بحد ذاته مادة لا تُفيد إذا لم يلقحها المر ء بمادة أخرى، فالغابر مادة ميتة بذاتها. ومع ذلك ، فالغبار يعطي فرصة عمل وربح لشركات دهان الأحذية.

(2)

الوحدة العربية … والوقائع على الأرض

ربما يسهل التشكيك في وجوب الوحدة العربية من حيث التنظير  ومن حيث تقطعات الزمن التاريخي نظراً للعدوان منذ التتار وحتى الغرب والترك اليوم، وتعمق تدمير الحيز الجغرافي العربي…الخ. ولكن ماذا عن الوقائع على الأرض؟ مثلاً: ما ضرورة دولة لبنانية تأمرها السفيرة الأمريكية بأن لا تستفيد من إيران وبأن لا تتبادل مع سوريا؟ ما ضرورة دولة في الأردن يأمرها السفير الأميركي فتتوقف عن الشراء الرخيص والمربح من سوريا؟ ما ضرورة دولة كالإمارات حاولت فتح سفارتها في دمشق فأمرها الأمريكي فتوقفت. وهذه امثلة من كثير. في عالم اليوم على الأقل بالكاد الوحدات الجغرافية والبشرية المتوسطة الحجم أن تصمد من الابتلاع، فكيف يبرر البعض وجود دويلات السمك الصغير؟ لقد تم تصعيد سايكس-بيكو إلى دويلات  أو مشاريع دويلات ضمن “موجة القومية الثالثة” التي صنًّعتها الإمبريالية الأميريكة لصالح قيادات من شرائح الكمبرادور سواء قيادات الكرد السوريين أو الأمازيغ أو تفكيك يوغسلافيا أو السودان أو الاتحاد السوفييتي السابق. المفارقة أن هذا يحصل علانية وبوضوح ومع ذلك نرى التجزيئيين والإقليميين والقُطريين يُمعنون في أطروحات هشة ومع ذلك أيضا هناك من يسمعهم! لذا، أعتقد أن الوحدة أمر مفتوح لكافة الأساليب من البسماركية إلى الانتخابات إلى الاستفتاء الحر.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.