أمّا والنقاش يدور في غير موقع عن الوحدة العربية وبالطبع القومية العربية، وهو جدل متواصل على اية حال منذ أكثر من قرن، وكما ذكرت أمس، لن أدخل في المنطق النظري لحق العرب في قوميتهم كسائر أمم العالم، ولكن سأذكر جزءً صغيراً مثيراً من واقعة طويلة سأفصلها ربما في رواية.
دُعيت من مركز دراسات كندي لورشة عن فلسطين، ولأنني ممنوع من السفر من مطارات المحتل 1948 أخذتنا يوم 7-12-1997 سيارة للسفارة الكندية أنا وساجي خليل والمرحوم ناجح جرار إلى الجسر مع الأردن، ولكن تم منعي من الدخول.
وحوالي الثالثة عصرا، جاء ضابط شرطة اردني وأخذني وحقيبتي وأعادني إلى الجسر. ولكن كان ذلك يوم جمعة اي ان الكيان قد دخل يوم السبت الذي يبدا من ظهر الجمعة حتى ظهر السبت.
قال الضابط الأردني لليهودي: هذا ممنوع من دخول الأردن.فقال اليهودي، ممنوع الدخول ما في تيرمنال فاتح. كرر الأردني، لكنه ممنوع من دخول الأردن، فقال اليهودي: “لو يخباطلي_ لا يهمني”.
أعادني الضابط الأردني إلى مركز الحدود، فجاء شابان بلباس مدني وأخذاني إلى مكتب آخر، وأخذا ما لدي من وثائق وكانت بطاقة شخصية ورخصة سياقة أمريكية وأعطوني ورقة بنصف مساحة الكف تقول:”عليك مراجعة المخابرات العسكرية حين عودتك” وطبعا ليست هي المخابرات العامة!!!، ومن هناك كانت رحلة مثيرة وتفاصيلها طويلة.
أخبرت د. عاطف قبرصي وهو بروفيسور في جامعة ماك ماستر ومشارك في المؤتمر وقريب من القومي السوري وأريته ورقة المخابرات العسكرية فقال سأرغم كندا على إيصالك آمناً.
طلب لي د. عاطف قبرصي حماية من الخارجية الكندية، فرفضت. كان عاطف رئيس الجالية العربية هناك، فكتب للخارجية الكندية :”أنتم دعوتموه، وهو بوسعه البقاء في امريكا لأن زوجته تحمل الجنسية الأمريكية (لم أكن قد طلبت تلك الجنسية بعد حيث طلبتها لاحقا كضمان فيما لو تم إبعادي بعد أوسلو وأيضا كي اتجول في الوطن العربي) ، لكنني اكتشفت أن الكيان لا يعتبر حامل الجنسية الأمريكية من حاملي بطاقة هوية محلية كأمريكي بل كمحلي تماماً، ولذا لم يتغير وضعي من حيث سهولة السفر . وأوضح لهم د. عاطف، أن سماره بهذه الورقة بوسعه أخذ لجوء سياسي لكنه يريد العودة إلى وطنه، وإن لم توفروا حمايته فإنني سأطلب من الجالية العربية التصويت لانفصال كيبك عن كندا.
ركع الكنديون وأرسلوا حماية من السفارة تلتقيني في مطار عمان .وحين وصلت المطار كان رجل وإمرأة من السفارة الكندية بانتظاري، وكان ايضا الرفيق عبد الله حمودة يريد استضافتي، لكن طبعا ذهبت مع الكنديين إلى دائرة المخابرات العامة، وبالطبع كانت المعاملة، هذه المرة، باحترام، يا دكتور…الخ.
الأهم من كل هذا بعد خروجي قال لي الكنديان إن السفير يريد الحديث معك.
والمفاجأة، لمدة ساعة كاملة كان كل نقاش السفير الكندي معي: هل هناك أمة عربية وهل هناك قومية عربية؟
فتخيلوا، هذه المسألة تؤرق كندا الرسمية، وهي لم تستعمرنا مباشرة، وليست دولة عظمى لكنها بالطبع تقف مع الكيان بالمطلق وهي مسؤولة ملف اللاجئين الفلسطينيين في الأمم المتحدة. لكنها لا تؤرق عربا كثيرين، بل لا يرونها ويقفون ضدها ويقاتلوننا لإعادة الاستعمار العثماني أو لإقامة كيانات بحجم قُرى!
حاشية: كتب أحد عملاء قطر ، والمغطى بالزعم القومي، حيما كان في الأردن أن عادل سمارة أخذ جنسية أمريكية بشكل غامض!وروجت لذلك إحدى ادوات الدعاية لدولة مع المستوطنين.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.