حديث الحكم الجديد في الجزائر مؤخراً بوجوب التصريح للجيش الجزائري بالعمل خارج الحدود ونقد الدور الخطير لجامعة الدول العربية وخاصة إثر تسليم مقعد الجمهورية العربية السورية لصالح أدوات الثورة المضادة ، طبعاً بعد أن تخلت السلطة الفلسطينية عن رئاستها للدورة لصالح قطر التي لعبت تلكم اللعبة، وصمت الجميع تقريباً، وإن تبرَّم البعض ومنه الجزائر!! والطلب من مجلس الأمن احتلال ليبيا تشي بأن البلد تستشعر خطراً، وتحاول الهجوم الدفاعي وهذا، إن حصل، يضعها في مصاف محور المقاومة بمستوى أو آخر. وبالطبع حديثنا ليس معلومات كما يُدعِّم الكثير من المحليين اقوالهم.
ما يقلق الجزائر، ويقلقنا عليها، بانها حتى لو وقفت على الحياد، فهي مستهدَفة بالضروة ، كما كل الوطن العربي، ولكن أكثر، لأنها الجزائر، اي التي تعيش على تراث يجب محوه تماما ناهيك عن إمكانية أن تكون شريكة مع قطر/دولة/جمهورية مركزية عربية أخرى، حيث أُستهدفن جميعا، لإعادة تصليب المشروع العروبي.
لذا، لم يكن غريباً أن يقوم وزير خارجية قطر السابق بالتجرؤ وتهديد وزير خارجية الجزائر “دوركم قادم”. كان هذا والثورة المضادة في “صعود”. وبغض النظر عن التطاول والضرب بسيف الإمبريالية والصهيونية، فإن مثل هذا المشهد يفتح على محاولات تخريب البلد من داخله، ولا يخفى على أحد ابداً أن الجزائر لم تتعافى بعد من العشرية السوداء وهي الطبعة الأسبق ل “الربيع العربي”.
مختلف حدود الجزائر، وهي طويلة جدا متقاطعة مع أنظمة، منها المضاد ومنها المضروب من داخله، ليبيا قاعدة لتركيا وقوى الدين السياسي، والمغرب ذات نظام ولاؤه للثورة المضادة، وتونس مخروقة باقوى تنظيم دين سياسي بقيادة الغنوشي، ومالي في وضع مرتبك منذ اكثر من عشر سنوات، بل إن كامل الصحرء الإفريقية مجافية للجزائر تتحكم بها قوات أمريكا “الأفريكوم” ووحدات من الجيش الفرنسي وحتى الاتحاد الأوروبي.
من هنا، تجد الجزائر أن عليها الخروج إلى العدو قبل أن يدخل إليها لأنه لا بد يحاول الدخول، هذا إن لم يحصل فعلا.
ومن الملحوظ تزامن تصريح الحكم الجزائري مع تصريح رئيس برلمان ليبيا الذي يناشد مصر دوراً أنشط في ليبيا دفاعا عن ليبيا. ويبدو أن السيد عقيلة، هو الأقل تبعية بالمقارنة مع أداة تركيا فايز السراج وخليفة حفتر الذي عليه الكثير من علامات الاستفهام.
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما حدود التنسيق بين الجزائر ومصر، وهو ضروري بما هو تنسيق دفاعي ضد تركيا بدائة وحبذا لو ابعد.
في كافة الأحوال، فإن تحرك الجزائر ، وحديث عقيلة صالح يصبان في خدمة سوريا طالما هما ضد العدوان التركي.
إذا تحركت الجزائر، فقد يساعد مصر على قرار الحلول محل الإمارات وقطر اللتين تقومان بدور جيوبوليتيك لا يحتمله حجمهما ولو توفرت له الأموال فهو دور وظيفي للإمبريالية والصهيونية. ولكن المشكلة أن مصر لا تزال غارقة في ارتباطات لاعروبية وحتى لامصرية.
لا نريد أن نُقوِّل الطرفين بأنهما يعملان على خط محور المقاومة، ولكن أي دور لهما لا بد أن يصب في نفس المحور مما يمهد لتبلور أعمق للمشروع العروبي الذي تتهدده مخاطر عدة من عدة اتجاهات منها ما يأخذه باتجاه فصل المشرق عن المغرب، ومنها من يواصل محاولات محوه ومنها ما يأخذه باتجاه “أمة إسلامية مزعومة” ومنها ما يأخذه باتجاه كوزموبوليتي سواء باسم الماركسية أو ماركسية الإمبريالية اي التروتسكية.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.