محاورات مع تارنتا بابو، عادل سمارة

ما سبب القول التالي ل روزا لكسمبورغ عن المسلمين؟ حيث كتبت في نهاية دفاعها عن نظريتها عن تراكم راس المال باضطرار بل وجوب التوسع الرأسمالي كتطور حتمي للراسمالية كي تبقى، لذا أيدت التوسع الرأسمالي الأوروبي وتحديدا الغربي في حينه اي التحول إلى رأسمالية/إمبريالية باختراق البلدان التي تعيش في تشكيلات ما قبل راسمالية وخاصة في جدالها مع أوتو باور ونيقولا بوخارين وغيرهما، مع أنني لا اتفق مع أطروحتها طبعا. كتبت تقول:

“…ولكن الماركسية ليست مجرد دزينة من الناس الذين ينسبون  الحق  “لخبير المعرفة”  والذي يتحتم الركوع أمامه كما يركع جمهور المسلمين المؤمنين  بثقة عمياء”.

خبير المعرفة، نسميه في فلسطين “أبو العُرِّيف” أي الذي يزعم المعرفة في كل شيء.

والسؤال هو: لماذا لم تقل المسيحيين المؤمنين أو اليهود المؤمنين، علماً بأنها كانت  وبقيت شيوعية/غير متدينة ولا متعصبة لأي دين/ حتى تم اعتقالها وقتلها على يد البرجوازية الألمانية. وهذا التوضيح مني فقط كي لا يزعم البعض أنها “مركزانية اورروبية”  أو متديِّنة أو شوفينية.

 اختارت المسلمين، لأن المجتمعات الأوروبية في مرحلة ما اسموها عصر القوميات في منتصف القرن التاسع عشر حيث تُنسب الشعوب أو الأمم لقومياتها وليس لدينها بما هو جزء من العامل الثقافي. كانت أوروبا تعيش آنذاك فترة الثورة الصناعية اي التصنيع وبالتالي يصبح الإيمان مسألة شخصية ولذا عومل الدين كمعتقد شخصي على مستوى الفرد وعومل في العلاقات الاجتماعية على اعتباره طقوساً.

في تلك الفترة كان الاستعمار العثماني هو “ممثل” العالم الإسلامي وهو كما أشرنا في غير موضع استعمار حربوي –من حرب- يسميه البعض وأنا منهم الإقطاع العسكري، حيث قاومت تلك الدولة التحول الرأسمالي مستخدمة الدين “وامتطاء الخلافة” كمبرر وغطاء لاستغلال مختلف الأمم التي اخضعتها، لا سيما وأن سلخ الفائض في مجتمعات ما قبل الرأسمالية كان يتم على أسس إيديولوجية وقضائية ودينية وليس على اسس اقتصاية. وعبر هذا الإخضاع وسلخ الفائض من هذه البلدان بقيت التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية فيها ما-قبل راسمالية أو كما هو دارج في التحليلات التنموية Pre-Capitalist Socities   وبالتالي كان لرجل الدين دور المعلم الذي لا يُجادَل ويتم الاستماع له بلا تردد أو نقاش. وهذا ما قصدته لوكسمبورغ ، اي انها لم تكن تقصد الإسلام كدين بل آلية العلاقة بين المسلم البسيط ورجل الدين.

هذا إضافة إلى أن المقصود أن التطور الراسمالي يفصل/يحرر  المرء من الإيمان الأعمى ويصبح التدين شخصي والذهاب إلى مكان العبادة مجرد طقوس. أي تحل العلاقات الطبقية محل علاقات القرابة والإيديولوجيا. لقد  تمكنت الراسمالية من تحويل المؤسسة الدينية لخدمة الراسمالي ورجل الدين إلى مثقف عضوي لراس المال، أي احتلال الدين برأس المال،  وهذا باق حتى اليوم. بينما في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، مع بعض الاستشناءات وبعض المحاولات للتنمةي-مصر تاصر مثلا-  لم تتم رسملة حقيقية ولا اشتراكية حقيقية، وبالتالي إحتل الدين السياسي مقروناً بالريْع المساحة الثقافية والإيمانية والعلاقات الإقتصادية وهو ما اتضح في العقد الأخير /الربيع العربي  والذي اسميه الاستشراق الإرهابي  Terrorist Orientalism   كحروب أهلية/مركَّبة من محلي وإمبريالي معاً،  أي قوى الدين السياسي التي لحيتها إسلامية وعقلها يحركه الغرب  بل ويشاركها الإرهاب أيضاً.

عودة إلى روزا، احد الذين ركزوا على هذا الموضوع باكرا، بوب ستكليف في كتابه المشترك مع روجر اوين  “دراسات في نظرية الامبريالية“،  عنوان دراسته هو  الامبريالية وتصنيع العالم الثالث ، حيث يرى ان  التبعية يفترض ان تكون  غالبا  كنتيجة  لبنية صناعية غير متعددة  المجالات تتصف خاصة  بتطور محدود  في التصنيع الصناعي  الصناعة/أي انتاج سلع الانتاج/الماكينات “

Owen , R., and Sutcliffe,  Studies in the Theory of Imperialism, London , Longman, 1972

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.