في الرد والنقد على فصل الوطني عن الاجتماعي ومساكنة الاستتباع، سيد البدري

“إن وقف نزح القيمة المنقولة من التخوم إلى المراكز هو جوهر الثورة ضد الإمبريالية، وجزء من الثورة الإشتراكية العالمية.

بدايةً أرجو أن نخلص من هذا النقاش إلى تحديدِ نقاطِ الخلاف ووضعها أمام القراء بغرض البحث والاقتراب من الحقيقة، وبلورة رؤوس أقلام عنها، بدلاً من خلط الاوراق الذي يساوي الماركسية العربية الكلاسيكية المأزومة، بالماركسية الثورية المتجاوزة للأورو- مركزية. والحقيقة أنه طالما حملتا كلتيهما”صفة” الماركسية دون النظر لفحوى الخلاف الحاد بين التناولَين، أو محاولة فهم خصائصهما.

تأسيس:  

1فى نقد نفي وحدة وصراع المتناقضات

 لا يمكنك القول بالأخذ بالمادية التاريخية وهي التي تنطلق من مفهومٍ مفاده أن صراع الطبقات المحرك الرئيسي للتاريخ، وفي الوقت ذاته تنفي تناقض وصراع الطبقات فى واقعك، بدعوى اختلاف نوع/شكل ومستوى ومضمون التشكيلة الاجتماعية التي يجري فيها هذا الصراع. كذلك لا يمكنك التسليم بقانون التراكم العالمي دون أن تأخذ بمحركه الرئيسي وهو قانون فائض القيمة المعولم. 

إن هذه الذهنية في التعامل مع واقعنا وواقع العالم تحمل تناقضها الفاضح، وتقود إلى نفي الهيمنة الإمبريالية طالما اعتبرت وحدة التناقضات عبثاً فلسفياً، فهى تقول بالخارج دون داخل أو الهيمنة الخارجية دون ركائز داخلية، أليست التبعية هي وحدة التابع والمتبوع ؟ أليس التابع ركيزة المتبوع فى الداخل؟

 2-فى نقد النظرة الاستاتيكية

ما زال واقعنا العربى يعانى من سيطرة الرؤية التي تتعامل مع الظواهر ليس بصفتها جزراً منعزلة فحسب، بل كذلك بفصلها عن جدل تطورها، وتنتشر هذه الذهنية فى أوساط التيارات القومية وقطاع كبير من التيار الماركسي العربي، فهي لا ترى تطور جدل المعرفة تقدماً /انتكاساً.وهؤلاء حالهم حال نقاد نيوتن الاستاتيكيين إذ اعتبروا قوانينه حالة “منبتّة الصلة” عن قوانين أينشتاين، وليس باعتبارها حالة خاصة من النظرية النسبية ومؤسسة لها، كما تراها النظرية الماركسية فى المعرفة.وكذلك يعكس تصنيف ماركس أورو-مركزياً تامّاًلانطلاقه من التشكيلات الاجتماعية الأوروبية قصوراً فى فهم تطور المعرفة (((مما يغمطه حقه وإبداعه  بل ابتكاره إذ  انطلق من واقع قائم لا علاقة له هو نفسه لا بتأسيس هذا الواقع ولا بدوره الرأسمالي/الاستعماري العدواني)). فالحقيقة أن ماركس قدم للبشرية اطروحتَين رئيسيتين، الأولى النظرة المادية التاريخية، والثانية استخدام الأولى فى فهم آليات الرأسمالية في عصر المنافسة الحرة (مبلورة في الاقتصاد السياسي))، لذلك فإن انتزاع ماركس من سياق تطور المعرفة البشرية واستحضار روحه لمحاسبتها بمقياس تطور واقعنا المعاش هو محض تلفيق وعجز يحول بين هؤلاء وبين فهم النظرية الماركسيةالتي لم تأتِ سردية جاهزة، تاريخية أو فكرية اجتماعية، ولا “عقيدة” أحادية في فهم العالم، بل نظرية في فهمه طبيعةً واجتماعاً. 

أخذ الكاتبان محل النقد ببعضٍ من لينين وبعضٍ من ماو وقصاصاتٍ من نظرية الأنظمة العالمية الماركسية، ما يجعل هذا المنحى يقع فى تناقضاتٍ لا يستطيع حلها فيهرب لمقولات وينسى بنية توليدها، الأمر نفسه نجده عند الماركسيين العرب الذين اقتبسوا رؤية واقع أوروبا، وشرعوا فى البحث عنه فى بيئتهم فلم يجدوه، لأنهم اعتبروا رؤية ماركس تامّة واعتبروا الماركسية صنما فحولوها إلى أيديولوجيا، ونسوا أنها نظرية متطورة أي نقيض للأيديولوجيا، فعاشوا في وهم عن الواقع. أما فى حالة الكاتبين -وهما من مروّجى الماركسية الأوروبية سابقا – فقد رفضوا الماركسية ذاتها بعد أن توهما أن نسختهما السابقة هي الماركسية، وهي حالة أخرى لمجافاة الواقع، إحداهماتتوهّمه والأخرىترفضه.

 كيف تخدم الإمبريالية بنفي وجودها

 تناول الأستاذ روبير بعض المفاهيم منها

١- نفي وحدة التناقضات  

 بدايةً قدّم الكاتب مفهوماً أدبياً للمسألة الوطنية، واعتبر أن كلاً من القضيتين الاجتماعية والوطنية مسألتان منفصلتان تُحلّ كل منهما بمعزل عن الأخرى، وافترض تراتبية ميكانيكية تبدأ بالوطني شرط أن يكف الاجتماعي عن الحركة (تمويت للتناقض الطبقي) على أن نعود لإيقاظه بعد حل المسألة الوطنية، وحقيقة الأمر أن الافتراض الكوميدى بتثبيت متغير (قتله) إلى حين حل المتغيرات الأخرى محلّه فقط فى  التجارب المعملية، ويُلجأ إليه لمعرفة خصائص كل متغير بصورة منفردة، فلا يمكنك القول بتعارض القضية الوطنية والاجتماعية إلا فى حالة تزييف المسألة الوطنية وتقديمها بصورة تخالف تعريفها الحقيقي، بأنها السيطرة على السوق الوطني والأرض والحدود، ومنع نزح الفائض بواسطة: ركائز الإمبريالية فى الداخل، أو الاستعمار المباشر، أو الهيمنة على مقدّرات الطبقات التى تتناقض مصالحها مع المهيمن والمستعمر. وهنا نكتشف الحقيقة والتى لا يعلنها الكاتب خاصة عن لبنان، وهى غض الطرف عن الشرائح الكمبرادورية داخل مجتمعاتنا مع أنها ليست هامشية بل حاكمة، فضلاً عن التسامح مع مرتكزات النزح والنهب وتسهيلهما داخل الطوائف،ما يجعل الكتائب والقوات والمستقبل وكل ركائز الإمبريالية مرشّحين محتملين للدخول في حلف مقاومة – على الأرجح لتفجيره-فهل هذا يعتبر شيئاً آخر غير دعم الإمبريالية بمساكنة ركائزها فى الداخل؟ وهل القياس على نموذج لبنان (حيث ينفي الكاتب نزح قيمة وفائض منها) يمنّطق تعميم خصوصيتها على دول الأطراف عربية أو غيرها وصولاً لوضع قاعدة أو قانون دقيق؟ وهل سكتت ركائز المستعمر فى لبنان بمساكنتها؟ إن خير رد على تهافت منطق الكاتب النموذج اللبنانى ذاته والذي يتخذ منه محوراً لتحليل كل  الوضع العربي.

في كل مرة يدخل نمط الانتاج الرأسمالي في علاقة مع أنماط الإنتاج ما قبل الرأسمالية التى يُخضِعها لسيطرته، في المرحلة التي جوهرها تمفصل/صراع Articulation/Contradiction  تظهر تحوّلات إستتباعيةفى قيم الأنماط الاخيرة نحو النمط الأول. هذه الآليات إذن لا تقع فقط فى المرحلة التاريخية السابقة على الرأسمالية بل كذلك معاصرة لها.وهذه الصيغ من التراكم الأوّلي، والتى تجرى لصالح المركز بوصفها صيغا متجددة- ومحددة بشكل ثابت – هي التي تشكّل “حقل النظرية للتراكم على الصعيد العالمى”.

 إن رؤية سمير أمين  في كتابه” التطور اللامتكافىء” التي نقدت وأكملت مساهمة إرجيري عمانوئيل فى شرح قيمة قوة العمل بين المراكز والأطراف والتى تختزلها الرأسمالية واقتصاديوها في الأجور، أي الدينامية المقارنة فى حقل التقدم التقني،بالاضافة لتطوير باران وسويزي لرؤية لينين حول تحولات النظام في المراكز وقانون ارتفاع الفائض، قد أسست بدايةً لنظرية التبادل غير المتكافئ وأولية التراكم على الصعيد العالمي. والحقيقة أن من يقول بمقولة النهب ويرفض في ذات الوقت مفهوم التبادل اللامتكافئ يكون من حيث لا يدري ريكاردوي بامتياز.

 يقول أمين فى معرض نقده لكوكس في الجزء الأول من كتاب التراكم على الصعيد العالمي: “هنا يقف كوكس بوضوح ظاهر إلى جانب روزا لكسمبورج ضد ماركس ولينين، ونحن لانلتقى معه فى ذلك البرهان، لأن البرهان على أن القيمة الزائدة لا يمكن تحقيقها بدون المجال الخارجي اللارأسمالي برهان خاطئ ” . 

وهذا ما فهمه لينين من زاوية دراسة الظاهرة الاحتكارية والتمركز، فاستطاع أن يصيغ قانون أضعف حلقات الإمبريالية وصيغة الثورة الوطنية العالمية، بعد أن أصبحت الاحتكارات (إلى جانب الاستعمار) تحتجز نمو الاطراف. وغدا تدفق رأس المال لخارج المراكز يقتصر فقط على المراكز الجديدة المحتملة ((وخاصة منها المستوطنات الراسمالية البيضاء))، وتضطر له الرأسمالية اضطراراً بسبب أزماتها الهيكلية المتعاقبة، فهذا التدفق يصبح سبباً ونتيجةً في آن واحد لأزمة دورية إنلم يجذّر لزيادة الأزمة الهيكلية ذاتها.

وعليه فإنه جنباً إلى جنب ومع إخضاع الأطراف لنمط الإنتاج الرأسمالي الامبريالي، وعلاقاته التبادلية، اللامتكافئة – ظاهرة اعادة هيكلة الأطراف- يصبح النزح (فى صورة معدل الربح المرتفع في الأطراف) جزءاً لا يتجزأ من فائض القيمة المعولم، وهنا تكمن تحديدا إشكالية أستاذ روبير ومجموعته فى الخلط أحياناً، والفصل أحياناً أخرى والإنكار دائما، لجدلية و عيانيّة كل من

١- قانون التناقض الرئيسي بين الإمبريالية والشعوب المستعمرة والتابعة (الطرفية)، والذي يشترط ويطبع بطابعه التناقض الثانوى.

٢- أن هذا التناقض الذي يتم وفق علاقات انتاج رأسمالية حاكمة للعالم يطبع بطابعه بقايا العلاقات ما قبل الراسمالية فى الأطراف، ويحدد فى ذات الوقت خصائص الرأسمالية وما قبل الرأسمالية المحلية، التي هي وسيلته السياسية لنزح القيمة.  

أما الإشكالية الاخرى فهي اعتبار النزح خال من القيمة المستقطعة طرفياً، ولو افترضنا أن هذا النزح لمواد أولية فقط، وهذا غير صحيح، أليست هناك قيمة مستقطعة لاستخراجها وإعدادها؟

إن مسألة إنكار الصراع الطبقي سواء ما قبل الرأسمالي أو الرأسمالي قضية تجاوزها البحث المادي والتاريخي والعلمي، أما الفصل بين واقعنا العربي، رغم خصوصية تكوينه وتكوين بعض بقاعه، لا تنفي اندماجه فى السوق العالمي وتحول كل خراج /غلّة العلاقات ما قبل الرأسمالية إلى صورة فائض قيمة تدخل كمكون اساسي فى فائض القيمة المعولم. 

إن فهم القانون الرئيسي فقط باعتباره خارجاً مستقلاً عن داخلنا ” اللاطبقي” ملهاة فكرية حقيقية. واستبدال العشيرة بالطبقة كما ذهب سلامة كيلة ويذهب أستاذ روبير،في ظل شيوع العلاقات السلعية عوضاً عن العلاقات المعيشية ما قبل الرأسمالية، ونمو الرأسمالية التجارية الكمبرادورية، هو تناقض فى حد ذاته، فكيف نسلم بالتراكم على الصعيد العالمي وننكر توليد القيمة واستقطاعها على الصعيد المحلي؟ هل يجوز فصل القيمة واستقطاعها عن التراكم في جغرافيا نعم وفي جغرافيا لا ؟ ماذا يتبقى إذن من الإثنين، هل يجيب  الأستاذ روبير ؟

وهذا ما يفسر رفض هذا الاتجاه لفك روابط الاستتباع واعتماد التنمية المعتمدة على الذات  

إن الفكاك من الهيمنة الامبريالية والاستعمار لن يتم الا عبر ثورة وطنية ديمقراطية شعبية بحلفها الخالي من البرجوازية التى لم تعد تجد لمشروعها أفقاً خارج الاستتباع. 

أما ما أورده الكاتب الثاني كارلوس شهاب بخصوص كون الصين مركزاً رأسمالياً، أودّ أن أؤكد على الحقيقة الآتية

إن تصدير رأس المال بغرض تعظيم النزح للمراكمة فى المراكز يعدّ واحداً من السمات الأربعة الأساسية، التى نستطيع الحكم من خلالها على بلد ما من حيث وقوعه فى المدارات الثلاثة المحددة لموضعه فى منظومة العولمة الرأسمالية (إمبريالية عصرنا)، وليس تصدير البضائع والسلع الاستهلاكية كما فى عصر الإمبريالية القديمة. احتفظت المراكز بإنتاج وتصدير سلعة “رئيسية”محددة تصدّرها وفقاً لما تقرره خريطة توزيع وتصدير رأس المال وهي أدوات الانتاج (أي صناعة أدوات الإنتاج)، وما تشملها من صناعات الجيل الرابع من التكنولوجيا. وهذه السلعة توزَع انتقائياً وفقاً لدرجة التطور التكنولوجي لها مع احتفاظ المراكز باحتكار انتاجها في مستوى أل Know-How في تقسيم عالمي جديد للعمل وتوزيعه ما يجعل بلدان المدارات الأخرى، باستثناء مدار المراكز، أسيرة ومحتجَز تطورها داخل مداراتها طالما لم تقطع علائق البقاءفى منظومة الرأسمالية المعولمة، ومن هنا فالهيمنة على وسائل الانتاج، لا الموارد فقط، واحتكارها إحدى سمات المراكز الرأسمالية، وهو غير متوافر للصين، فضلاً عن غياب سمات أخرىلوضعية “المركز الرأسمالي العالمي” في واقعها وتموضعها العالمي. لذلك فمن التغييب المطبق اعتبار الصين مركزاً رأسمالياً كما ذهب الكاتب وهو يفند رؤية الماركسية وطرح سمير أمين.

 قد يعكس اعتبار الصين مركزاً رأسمالياً جديداً ( امبريالية ) عدم إلمام الكاتب بمحددات المراكز الرأسمالية والتي يمكن إجمالها في النقاط التالية:

١- تصدير رأس المال بغرض نزح الفائض تبعاً لقانون القيمة المعولم من أطراف النظام .

٢- الاستحواذ على الثروات الطبيعية من مواد خام ووقود.

٣- المشاركة من خلال صيغة الإمبريالية المشتركة فى تحديد نمط الانتاج، وطبيعة التكنولوجيا وامتلاكها واحتكارها.

٤- التحكم فى آليات العولمة من منظمات تشمل البنك والصندوق الدوليين، فضلاً عن منظمات تحديد الجودة والمعايير والحمائية، وفرض العقوبات على من يخل بتوزيع العمل الدولي .

وبغض النظر عن الاجتراء الذى بلغ حداً عالياً بتوهّم نقد نظرية كنظرية المراكز والتخوم فى بضعة أسطر، وهو ما يمكن أن نمرره حال تقديم الناقد براهين يعتد بها، وليس ما كُتب من تخبط يعتبر الصين مركزا رأسمالياًعالمياً جديداً، ويقدَم كدليل على فشل ضرورة القطع مع اقتصاد السوق، فإذا افترضنا جدلاً عدم إمكانية الفكاك من البنية التي صنعتها الهيمنة -وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق-، وإذا تجاوزنا تهافت وابتسار رؤية الكاتبين، فلماذا يدعيان إلى التحرر؟ إذا كان الفكاك والقطع مع السوق المعولم مستحيلاً .

من ناحية أخرى يقدم كارلوس شهاب فهماً مغلوطاً – وهو الذى يتهمنا بالتقوّل على أمين- لنظرية فائض القيمة المعولم، ويصفه بأنه تطبيق للتمرحل الأوروبي على أطراف النظام! ولأن هذا المستوى من الفهم لايستلزم عناء مناقشته، واحتراما  للقارئ الجاد ووقته، سأحاول فى هذا الموضع تقديم وصفاً شديد التركيز لرؤية مدرسة الأنظمة العالمية ((النظام-ا لعالمي))، والتى شكّل رؤيتها إسهامات كل من سمير أمين، وإيمانويل والرشتاين، وجيوفاني أريجي، وأندريه جوندر فرانك، وكذلك مفهوم فائض القيمة المعولم الذى يعتبر أهم إنجازات أمين على وجه التحديد .

تقسم مدرسة النظام – العالمي إلى ثلاثة نطاقات أساسية هي: المركز، المحيط، شبه المحيط ((تحديدا طرح وولرشتين)). والمركز عندهم هو المكان الذي يتراكم فيه رأس المال. ودول المحيط أو التخوم هي البلدان المصدّرة للمواد الخام التي تشكل في ذات الوقت أسواقاً للفائض السلعي من المركز، أو من بعض أطرافه المختارة من المركز لتصنيع وتجميع السلع بمستوى أجيال تكنولوجية أقل. وشبه المحيط يتشكل من الدول الواقعة في منزلة وسيطة بين الدول الفقيرة والدول المتطورة، وتحمل اقتصاداتها ومجتمعاتها ملامح من بلدان كلا النطاقين، مثل الصينوروسياوجنوب إفريقيا والبرازيل . 

تقدم نظرية فائض القيمة المعولم فهماً جديدا لاستقطاع القيمة مجاله دول المحيط وشبه المحيط، وليس تطبيقاًللتمرحل الأوروبي كما ادّعى الكاتب، ويبرهن أمين وجود قانونين، أحدهما لنزح الفائض من الأطراف، وهو أكثر تعقيداً من قانون فائض القيمة الكلاسيكي لماركس الذي يصلح لتحليل استقطاع القيمة داخل المراكز.إذاً نحن بصدد شكلين لقانون القيمة، أحدهما معولم /نازح ( ثروة + فائض قيمة استخراج الثروات الطبيعية  + فائض قيمة بنية الانتاج التابع )، وآخر كلاسيكي (فائض قيمة مستقطع من قيمة قوة العمل). ويبرز تعقيد قانون فائض القيمة المعولم بأنه يعمل ضمن بنى وتشكيلات اجتماعية تجمع بين علاقات الإنتاج ما قبل الراسمالية، وعلاقات الإنتاج الرأسمالية ذات الطابع الكمبرادوروإصرار المركز على حماية هذه البنى في المحيط بهدف حتجاز تطور المحيط نفسه .

ختاماً. المفارقة التى يتفرّد بها اتجاه رفض الصراع الطبقي الداخلي تكمن فى أن هذا الاتجاه يكرّس، من حيث لا يدري، لحماية الإمبريالية وركائزها التي تشكل واسطة النزح، وكذلك نفي النزح ذاته. وهنا لن ينفع هؤلاء الصياح ليل نهار عن الإمبريالية وهم يكرّسون جهدهم لبقائها، ولن ينفع أيضا استخدام أساليب تتجاوز اللياقة فى الممارسة السياسية والصراع النظرى وهذه مداخلة أخيرة مع أصحاب هذه الرؤية. 

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.