صَمت المُطَبِّعِين من الإخوان المسلمين وآل سعود، في ذكرى حريق المسجد الأقصى، الطاهر المعز

يتشدّق الكثير، من المُهَرّجين والعُمَلاء الذين يَدّعُون تمثيل المُسلمين، ويتحدّثُون باسم الإسلام، في السعودية وباكستان وكذلك في مصر أو المغرب، وغيرها، بالدّفاع عن الإسلام والمسلمين.

هل يذكُرُ هؤلاء، وخاصة “الإخوان المسلمون” وتَفْرِيعاتهم (من أتباع القاعدة والنصرة وغيرها من المنظمات الإرهابية) جريمة حرق أحد المستوطنين الصهاينة المسجد الأقصى، بحماية الجيش والمُؤسسات الصهيونية؟ وإن ذَكرُوا ذلك، ما هُمْ فاعلون؟ هل وَجَّهُوا إرهابَهم نحو قَوْمٍ غير المُسلمين؟ هل قاوموا الكيان الصهيوني والمُستوطنين الذين أحرقوا المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، أو قاوموا حلفاء الصهاينة من الهندوس الذين هدموا المَساجد التاريخية في الهند، أو الإمبرياليين الأمريكيين الذين اعتدوا على بغداد ودمشق، عاصمتَيْ الدّولة الإسلامية؟

نحن (التّقَدّميون والإشتراكيون والقَوْمِيُّون العرب) نذْكُرُ شُهداءنا ونَذْكُرُ أصدقاءنا وأعداءنا، من مُنطلق وَطَنِي وقَوْمِي وأُمَمِي، ونَذْكُرُ، ونُذَكِّرُ الأجيال القادمة بصنائع الإستعمار والإمبريالية والإحتلال الصهيوني، ومن بينها الإعتداء على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وعلى رُموز حضارتنا وثقافتنا، ومنها إقدام أحد المُستوطنين الصّهاينة، قدِمَ من أستراليا، على إحراق المسجد الأقصى، في مثل هذا اليوم الواحد والعشرين من آب/أغسطس 1969، ودَمَّرَ الحريق الجزء الجنوبي والجنوبي الشرقي من المسجد، بعد أقل من سنتَيْن من إقدام الجيش الصهيوني، في الحادي عشر من كانون الأول/ديسمبر 1967، على تدمير الوقف الإسلامي، المحاذي للمسجد، والمُسمَّى “حي المغاربة”، لتسهيل تجمع اليهود الزائرين ل”حائط المَبْكَى”، وهو الحائط الغربي للمسجد الأقصى…

استغلّت السعودية، وبعض الأنظمة الأخرى، الحادثة لتأسيس “منظمة المؤتمر الإسلامي”، لامتصاص الغضب الجماهيري، الذي لم يتجاوزْ ردّة الفِعْل، والتهديد بالجهاد الذي لم يتجاوز الكلام، أما “منظمة المؤتمر الإسلامي”، فهي على شاكلة الأنظمة المُؤَسِّسَة لها، تُكَرِّسُ الخُنُوع والتَّبَعِيّة للإمبريالية…

لا تُدافع المنظمات، التي وصفت نفسها بالإسلامية، لا عن تاريخ وحضارة وتراث وثقافة المُسْلِمِين، ولا تهتم، حاضِرًا، بالوضع المَعيشي للعاملين وللفُقراء والمُعَطّلِين عن العمل، وبفك الإرتباط بالإمبريالية، ولا بوضع حدّ للتّبَعِيّة، ولكن شُيُوخ هذه المنظمات يبالغون في الإهتمام بجسد المرأة وباضطهادها، واعتبار شرفها في شَعْرِها، أو في طول ملابسها، لكي تُساعد عمال البلديات في كَنْسِ الشوارع (إن سَمَحَ لها الرّجل بالخُرُوج)، أو في لون هذه الملابس التي يَفْرِضُ آل سعود أن تكون سوداء من أعلى الرأس إلى أخْمَصِ القَدَمَيْن، أما من ناقَشَ أو عارض هذه التّعليمات، فمصيره المُحاكمة والحبس، أو حتى القتل، كما حصل للطاهر الحدّاد في تونس ( حُوكِمَ وفُصِل من الدراسة ومن العمل، بعد نشْر كتاب “امرأتنا في الشريعة والمُجتمع”، سنة 1929 )، وعلي عبد الرازق وفَرَج فودة، في مصر، ومحمود محمد طه، في السّودان، وغيرهم…

تقول الوقائع والبيانات المُوَثَّقَة والأرقام أن حُكْم الإخوان المسلمين، في المغرب وتونس، على سبيل المثال، أدّى إلى تضاعف حجم الدَّيْن العام، خلال بضعة سنوات وإلى ارتفاع نِسَب الفَقْر والبطالة، وانخفاض قيمة العُملة المَحَلِّيّة، وإلى زيادة تغلغل الإمبريالية والصّهيونية في بلاد العرب…      

أليْست هذه المواضيع جديرة بالإهتمام، أم أنها تُعْتَبَرُ ثانوية، قياسًا بطول فُستان المرأة أو بلون غطاء رأسها؟ الرجاء أن تبحثوا عن حُلُول لمشاكلنا ومشاغلنا في “الحياة الدُّنْيا”، أو فلْتَخْرَسُوا، فالله لم يُفَوّضْكُم، ولم يُفَوِّضْ أحدًا لتمثيله، أو للحديث باسمه، وما أنتم سوى تُجّار، باسم الدّين. 

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.