مائة عام من العمالة وسفاحُ قربى يتمخض عنه كيانات مشوهة خلقياً، سحرعبد الرحمن

حمص، سوريا

بتفنيد لغوي وآخر سياسي، ومع تعدد مستويات التطبيع ،اقتصادي ، سياسي، ثقافي، عسكري وحتى نفسي، تعددت تعريفات التطبيع، انما ودون الدخول في متاهات سفسطائية تعريفية يبقى في العموم هو جعل مالا يجب أن يكون طبيعياً طبيعي لكن بالتأكيد لابد وأن تشمل مناهضته المجالات المذكورة جميعاً.

مع الأخذ بعين الإعتبار المستويات “الجغرا-سية” ـإن صحت تسميتهاـ  جميعها بداية بالمستوى الاول وهو رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني ثم المستوى الثاني رفض التطبيع بدائرة اوسع مع الأنظمة العربية التي تورطت في التطبيع بتبعيتها لنصل الى رفض التطبيع مع الدول الغير عربية والتي دعمت وتدعم الكيان الغاصب …

في هذا المقال سأتناول التطبيع من مدخل التقديم أعلاه لا من منطلق حدث سياسي بحت يمر في شريط أنباء…

ففي الصراع ضد العدو منذ اغتصاب فلسطين اتخذت البلاد العربية على عاتقها مقاطعة الشركات التي تتعامل مع الكيان وبالضرورة مقاطعة الكيان نفسه، وكان مقر مكتبها دمشق .

مع ذلك لابد ان نقول إن انزلاقة القدم التطبيعية الكبرى بدأت من عدم الأخذ بهذه المحددات الجغراسية مع احتفاظ الأنظمة العربية بعلاقات عادية مع تركيا، ثم مع النظام المصري بعد اعترافه بالكيان المغتصب كما لحق ذلك اعتراف “م.ت.ف” العار منظمة التحرير الفلسطينية وصولا الى علنيته لدى الكيان الأردني  أو الجدار الإستنادي لبنيان الكيان المغتصب كما أحب ان أسميه ..

لكن وبالنظر الى مناخ توليد التجزئة العربية سنمسك بأطراف خيوط التطبيع العربي مع الكيان وقد حمل مشروع التجزئة نفسه خلق الكيان حتما  …

حيث كان لأصحاب النفوذ في هذه الأقطار التابعة مطامعهم الشخصية فكانوا كعملاء اليوم عملاء وأدوات آنذاك، لهذا وجدنا مخطوطة بيد عبد العزيز بن سعود –برقيته المعروفة- والتي تعود لعام 1918 بأن مملكته لا تمانع في إعطاء فلسطين ل”المساكين اليهود ” ، آملاً أن تدعمه بريطانيا ضد خصومه الهاشميين في “الحجاز”.

كما نجد موافقة الهاشمي فيصل بن الحسين بن علي في مؤتمر الامبرياليات في سان ريمو 1920 طمعاً في سماح بريطانيا وفرنسا له أن يكون ملكا على سوريا .

ثُّم لم تنقطع صلات السعوديين وممالك الهاشميين بالغرب الذي خلَّقَ الكيان وهذا ما كتب عنه موثقا الكاتب الصهيوني آفي شلايم  وسبقه الكاتب الفلسطيني سليمان بشير في “جذور الوصاية الأردنية” مؤكدين أن هذه الأنظمة معترفة بالكيان منذ تهيئة فلسطين للاغتصاب قبل 1948 المشؤوم بزمن …

لذاااااا وبالفم الملآن نقول أن التطبيع ولد بالتوازي مع وعد بلفور وليدا مشوها من سفاح العمالة بين هذه الأنظمة والاستعمار كيانات وأدوات مشابهة للكيان الصهيوني الغاصب ماقطعت يوما رحم علاقاتها السياسية او الاقتصادية او العاطفية مع الغرب المستعمر الناهب لبلادنا نحن الشعوب المستضعفة والمقاومة .

لكن تبقى النقلة الأخطر بعد عام 1948حيث سمحت الحكومات العربية بقصر نظر أو بأمر من الاستعمار، تسريب اليهود العرب إلى ارض فلسطين، وهذا اعتراف حقيقي بالكيان الصهيوني .

وبهذا يكون الحكام العرب قد ساهموا في بناء الكيان بالاعتراف به ثم رفده بالمستوطنين أي قوة عاملة ومقاتلة…

ونحن في الحديث عن وحدة أرض ل”المساكين اليهود” لنذكر إسلامياً موقف حملة راية المسلمين ولنعود في الزمان الى عهد العثماني السلطان عبد الحميد الثاني وقبوله المتواطئ في شراء اليهود وبشكل ممنهج لأراضٍ فلسطينية ، ثم لاحقا ومتابعةً للموقف التركي وصولا إلى اليوم سنجد أن تركيا أول بلد “إسلامي” اعترف بالكيان وطبع معه علاقاته المعلنة، والتي تتوارى ، لنمر في السياق على مواقف الأنظمة العربية من هذا البلد الإسلامي لنجدها تطبيعية بل ممجدة للعثمانية الجديدة والتي في اعادة احيائها على شكلها اليوم لا يعدو كونه اداة امبريالية وتبريرا في خلق وطن لليهود امام وطن للإسلام السني ، ووطن للشيعة بما يليق مع صراعات وتناقضات هذه المنطقة.

لابد يشي هذا بالتطبيع العربي النفسي مع الكيان والتطبيع الضمني بالعلاقات الديبلوماسية والثقافية والاقتصادية وصولا الى كيانات ممسوخة تعلن عن تشوهها الخلقي في التطبيع مع الكيان الغاصب .

فعلا لا غرابة في ذلك فقط شبه لنا سفاح القربى بصلة الرحم بين هذه الاقطار والغرب الامبريالي، واي غرابة إذ كانت هذه الكيانات والانظمة ذهبت ضد الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية التي دارت في فلكه ضد الاستعمار الامبريالي، والذي نجده متورطا فيما بعد بالاعتراف بالكيان الصهيوني ولهذا بحثٌ آخر ربما نتحدث به لاحقا.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.