إكتمل الاستهداف وانتهت المساكنة … من التلطي إلى التخطي، عادل سمارة

هل ستحتفلوا غداً!

لتسهيل الطرح، نقصد بالاستهداف هو استهداف الغرب الرأسمالي للوطن العربي منذ الحقبة التجارية للرأسمالية الأوروبية وهي أسبق من الثورة الصناعية وهو استهداف متواصل حتى الغد.

قررت الجامعة العربية تقديم اجتماعها ليكن يوم 9 أيلول 2020  بشأن عدوان الإمارات ضد فلسطين  ليكون قبل موعد ولادة اتفاقات أوسلو 13 أيلول 1993 وأمر ترامب حاكم البحرين بالمشاركة في العدوان أيضا قبل 13  أيلول. فهل سيحتفل احد غداً ب 13 أيلول كما جرى منذ 27 عاماً؟

لم يكن تهالك الاعترافات بالكيان وفي التوقيت صدفة أبداً بل كان ليقول للأمة العربية قف وانتبه لما يلي:

·      لقد تم خلق الكيانات القطرية والكيان الصهيوني بين 1916 و 1917 وارتبطت هذه الأنظمة القطرية مع الكيان بحبل سُرِّي بقي بين السر والعلن وها  قد أُعلن تماماً.

·      وقبيل إعلان الكيان جرى تصنيع الجامعة العربية على يد بريطانيا ليكون الرد على الكيان رسمياً لا شعبياً، أي لا ردا حقيقياً بل تمثيليات  وهو الرد الذي لو تقرأه جديا لوجدت أن هذه الأنظمة ساهمت في بناء الكيان الصهيوني. فهي بالحد الأدنى كان يجب أن تمنع اليهود العرب من الخروج للاستيطان في فلسطين.  لقد قامت هذه الجامعة بدورها في احتجاز الوحدة العربية واستدعاء احتلال العراق ثم سوريا وليبيا وها قد أنهت عهدتها بتسليم فلسطين عبر أتفه كيانات العرب ومن ثم لتنام نومتها الأخيرة مستريحة بإنجاز رسالتها الخبيثة.

ولكن، من هي الجامعة العربية؟ إنها  كل نظام عربي عضو فيها.

وطالما الحديث عن فلسطين، فالجامعة العربية هي كل نظام عربي توقف عن الإعلان صراحة بأن مشروعه هو تحرير كامل فلسطين وليس: إزالة آثار عدوان 1967، أو المبادرة العربية، أو دولة في المحتل 1967. وهنا لا أستثني أحداً قط.

ولأن الأنظمة التي قاتلت عام 1967 لتحرير فلسطين وفشلت، توقفت عن موقف التحرير، فقد كان طبيعيا أن تحتل المنصة أنظمة النفط التي لا تفهم التاريخ والتي تعتبر التاريخ هو يوم خلقها على يد الاستعمار وحياتها مع اكتشاف النفط.

بين هزيمة 1967 والنصر الجزئي عام 1973 خرجت معظم الأنظمة الرسمية العربية ، قومية الاتجاه، من الصراع مع العدو  الصهيوني وتعمق دور انظمة النفط التي تنفست الصعداء بهزيمة المعسكر القومي عدوها الوحيد.

وحتى النصر الجزئي عام 1973 تم توظيفه للانتقال من التقاعد عن النضال لتحرير فلسطين إلى تحويله لمبتدأ الاعتراف بالكيان، اي العدوان التدريجي من الأنظمة على فلسطين بدءاً من النظام المصري،  ثم م.ت.ف فالأردن وها هي الأنظمة تتسابق على تصفية القضية أرضا ولاحقاً شعباً.

المساكنات الخطيرة:

إلى جانب مسيرة الصراع هذه بل التصاقا بها حصلت نقيضتها أي مسيرة مساكنات خطيرة كانت نتائجها هي التي نراها اليوم:

·      المساكنة بين الأنظمة العربية والغرب الاستعماري الراسمالي الغربي. وهي مساكنة تورط فيها التيار العروبي والتيار الضد عروبي. ذلك لأن الاستعمار الذي لو خرج شكليا من الوطن العربي فقد زرع كيانا عدوانيا في قلب الوطن العربي وواصل تسليحه ودعمه بكل معنى  مما يشترط قطيعة  مع الاستعمار بل وعداء انتقامياً. كل هذا لم يحصل من المحور العروبي من الأنظمة العربية، أما المحور الضد عروبي فهو خارج معادلة الصراع، بل في دائرة الخيانة المكتومة  إلى أن وجد فرصته اليوم.

·      وحصلت المساكنة بين الأنظمة القومية او الجمهورية وبين الأنظمة الضد عروبية رغم أن المفروض هو الصراع التناحري بينهما. ولأن الأنظمة الجمهورية ساومت حينما اقتدرت، فها هي أنظمة الضد عروبة تذبح الجمهوريات واحدة واحدة.

·      وفي السياق نفسه حصلت المساكنة بين م.ت.ف والأنظمة العربية بشقيها وحتى مع كثير من الأنظمة غير العربية العدوة بلا مواربة.

·      أما الأخطر فكان حصول المساكنة بين الطبقات الشعبية العربية وأنظمتها ومن ضمن ذلك المساكنة بين م.ت.ف والشعب الفلسطيني.

أمَّا وقد وصلنا اليوم إلى تصفية القضية بأيدي الأنظمة الرسمية فقد اصبح المطلوب إنهاء المساكنات جميعا وخاصة مساكنة الطبقات الشعبية مع الأنظمة الرسمية، اي طلاق الشعبي للرسمي والعودة بنظرة أعمق لوجوب تقويض هذه الأنظمة بمشروع عروبي وحدوي واشتراكي وهذا يؤكد مجددا أن وصول حيفا يجب ان يمر بمختلف العواصم العربية.

إن ما يحصل اليوم هو ما حذرنا منه منذ ثلاثين سنة وهو “إندماج الكيان الصهيوني في الوطن العربي اندماجا مهيمنا”.

وهنا علينا التوضيح بأن العجز عن مواجهة الثورة المضادة لا يبرر ابدا الاعتراف بالكيان.

إن اي متابعة للشارع العربي رغم تهالكه يؤكد أن الشعب يرفض الكيان، وإن صمت عن الثورة بعد. ولذا من هنا علينا أن نبدأ.

أمام هذا العدوان الموصوف والعلني، صار لا بد لمحور المقاومة أن يتجاوز على نصف المساكنة ليعلن صراحة بأن مشروعه هو تحرير فلسطين.

وفي هذه الحالة يصبح وجوب الطلاق بين م.ت.ف وسلطة الحكم الذاتي لتخرج المنظمة إلى محور المقاومة.

صحيح أن اللحظة عمادها عدد محدود من جيوب المقاومة، ولكن كل جديد هكذا يبدأ للانتقال من التلطي إلى التخطي.

ملاحظة: نعم، إننا نحمل في الوطن العربي واجب ثورة الأحياء ولكن أيضا يُثقلنا تراث الموتى/الماضي وعراقيله. وهنا يصح قول ماركس:

”  “في جميع المجالات الأخرى، نحن، مثل بقية أوروبا الغربية القارية، نعاني ليس فقط من تطور الإنتاج الرأسمالي، ولكن أيضًا من عدم اكتمال ذلك التطور. إلى جانب الشرور الحديثة، تضطهدنا سلسلة كاملة من الشرور الموروثة، الناشئة عن البقاء السلبي لأنماط الإنتاج البالية، مع قطارها الحتمي من المفارقات التاريخية الاجتماعية والسياسية لا نعاني من الاحياء فقط بل من الاموات”. كارل ماركس ، رأس المال ، المجلد. 1 ، مقدمة للطبعة الألمانية الأولى (1867)

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.