دفع آل سعود حلفاءهما في الإمارات والبحرين إلى توقيع اتفاقيات انبطاح واستسلام مع الكيان الصهيوني، في انتظار الوقت المناسب لتلتحق السّعودية بصفوف المُطبِّعِين العلَنِيِّين. هل كان اختيار تاريخ حفل التطبيع في البيت الأبيض، منتصف شهر أيلول/سبتمبر 2020، بإشراف “دونالد ترامب” وصهره “جاريد كوشنر”، اعتباطيًّا؟
أعلن دونالد ترامب يوم 15 أيلول 2020، أن إعلان تطبيعٍ آل سعود حَتْمِي، وما اعتراف السعودية رسْميًّا بالكيان الصهيوني، سوى مسألة وقت، ولا يختلف موقف منافِسِهِ في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، “جو بايدن” ونائبته “كامالا هاريس”، عن موقف ترامب بشأن قضايا العرب، ودعم الكيان الصهيوني، وتوقع دونالد ترامب وصهره “جاريد كوشنر”، إعلان خطوات مماثلة لسبع أو ثماني دول عربية، واستندت وسائل الإعلام الأمريكية إلى مقال نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية الصادرة بلندن (21 آب/أغسطس 2020)، بتوقيع “تركي الفيصل”، مدير المخابرات السعودية سابقًا، والذي برّر التطبيع الإماراتي، ودعا إلى طرد الفلسطينيين العاملين بالخليج، الذين يُعارضون خطوات التّطبيع العلني، وينعتهم ب”الشاتِمِينَ والشامِتِينَ”، الناكرين للجميل، الذين يسترزقون من خيرات الإمارات، وينعمون برعايتها لهم، ثم يشتمونها…
إن قرار اعتراف الأنظمة العربية بالكيان الصهيوني لا يُساوي نقطة من دم شهيد فلسطيني أو عربي، فقد كانت الرجعية العربية، وخاصة أُسْرة آل سعود ومؤسس مملكة السعودية، ومتواطئة مع الإستعمار ومع الصهيونية، منذ ما قَبْل احتلال فلسطين، ومهما كان موقف الأنظمة العربية (وسُلطة أوسلو، في رام الله، جُزْءٌ منها)، لن يتغير موقف التقدّميين والشعوب العربية، ولن يكون الكيان الاستيطاني سوى مشروع استعماري، لتفتيت الوطن العربي، إلى أكثر مما ورد في الإتفاقية البريطانية الفرنسية المعروفة ب”اتفاقية سايكس – بيكو” (1916)، والمطلوب حملة من أجل مقاطعة السعودية، ورفض تمويل التطبيع عبر السياحة الدِّينِيّة، كالحج والعُمرة.
بهذه المناسبة، نَذْكُرُ أبطالنا وشُهداءنا، الذين حاصرهم الجيش الأردني، وبدأ هجومه ضد المخيمات ومُعسكرات التدريب الفلسطينية، وأحياء سكن الفلسطينيين في المُدُن الأردنية، يوم السابع عشر من أيلول/سبتمبر 1970، فيما عُرِفَ باسم مجازر “أيلول الأسْود”، وتواصلت عمليات الجيش الأردني حتى نهاية شهر تموز/يوليو 1971، لتُغادر المنظمات الفلسطينية الأردن، نحو لبنان، حيث ارتكبت المليشيات اليمينية المُسلّحة مجاز عديدة، أهمها في مخيّمَيْ “صبرا” و “شاتيلا” (بيروت)، بإشراف الجيش الصهيوني، من 16 إلى 18 أيلول/سبتمبر 1982، بعد أربع سنوات من توقيع النظام المصري اتفاقية الإستسلام (اتفاقية كمب ديفيد، قرب واشنطن) يوم السابع عشر من أيلول/سبتمبر 1978، بإشراف الولايات المتحدة…
في مثل هذا الشهر أيضًا، وفي الثالث عشر من أيلول/سبتمبر 1993، وقّع ياسر عرفات (باسم منظمة التحرير الفلسطينية) “إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الإنتقالي”، أو ما سُمّي “اتفاقيات أوسلو”، بإشراف الرئيس الأمريكي “بيل كلينتون”، وتلاه تنصيب سلطة “الحكم الذاتي الإداري” في رام الله…
في العالم، لا ننسى الإنقلاب العسكري الدّموي الذي اشرفت عليه الولايات المتحدة، في “تشيلي”، يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 1973، ضد الرئيس “سلفادور أليندي” الذي وقع انتخابه ديمقراطيا، واتخذ قرارات تأميم مناجم النّحاس والقطاعات الإستراتيجية التي كانت تحت هيمنة الشركات الأمريكية…
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.