الذكرى الثامنة والثلاثون لمجزرة “صبرا” و “شاتيلا”، وانطلاقة “جمول”، الطاهر المعز

في مثل هذا اليوم نَذْكُرُ شُهداءنا في مُخَيَّمَيْ “صبرا” و “شاتيلا”، الذين قُتِلُوا بأيادي لبنانية عميلة، تحت حماية جيش الإحتلال الصهيوني، ونلعن الجزارين، ومنهم من تمتع بعَفْو لا يستحقه، بعد أن كان محكومًا بالإعدام، لكن رفيق الحريري، ممثل آل سعود (وآل سعود خدم الأمريكان) مَتّعَ المُجرم “سمير جعجع” بهذا العفو، لصبح السّفاح الإنعزالي، اليميني المتطرف، يظهر ويَبُثُّ سُمومَهُ يوميًّا على شاشات التلفزيون، ويُمَجّدُ دَور المليشيات والأحزاب الفاشية المُمثّلَة في “الجبهة اللبنانية” (“الكتائب” و “الأحرار”…) ويكاد يُسَمّى “الحاج سمير جعجع”، من فرط محبّة آل سعود له، بسبب عِدائه لأي فكر تقدّمي، ولأي فعل مُقاوم للصهيونية.

نذكُرُ شُهداءنا، بينما يعرض أبناء النفط (في واشنطن) عَرْضًا رديئًا للزحْف على البُطُون، أمام عَدُوّنا (وعَدُو أُمّتنا وعدو الشُّعوب والإنسانية) الصهيوني والأمريكي، احتفالا بالتّطبيع الرّسمي والعَلَني، وابتهاجًا بإنفاق أموال النفط في تمويل الحُرُوب العدوانية الأمريكية، مقابل حماية الجيش الأمريكية لعُرُوش عيال زايد وعيال سعود وما ملكت أيديهم في البحرين وغيرها، ليس من عُدوان خارجي، بل من شُعُوبها التي لا تمثل سوى 10% من العدد الإجمالي للسكان، في قَطَر والإمارات، وسوف يستفيد الكيان الصهيوني من الإعلان الرّسمي للتطبيع، لتسويق تجارة القتل والتّجسّس ومراقبة السّكّان، وغير ذلك، عبر موانئ الإمارات التي تخصّصت في السّمْسَرَة وإعادة تصدير إنتاج الغَيْر، بما أن الإمارات وأخواتها لا تُنْتِجُ سوى النّفط الذي جادَتْ به الطّبيعة…

نُكَرِّمُ، في هذه الذّكرى، شهداء الحركة الوطنية اللبنانية، التي أسَّسَتْها القوى الوطنية التقدمية، خلال الحرب الأهلية، وبعد الإحتلال الصهيوني (حزيران/يونيو 1982)، وحصار مدينة “بيروت”، أطلقت القوى التقدمية “جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية” (جمول) في 16 أيلول/سبتمبر 1982، بالتزامن مع مجزرة المُخَيَّمَيْن الفلسطينِيّيْن “صبرا” و “شاتيلا”، بِبَيْرُوت (كان يسكنهما أيضًا فُقراء لبنان وسوريا)، ومع دخول الجيش الصهيوني إلى بيروت، وإثر اغتيال بشير الجميل، الذي فَرَضَهُ الصهاينة ليصبح رئيساً للجمهورية، واضطرّ الصهاينة للإنسحاب، بفعل المُقاومة المُسلّحة التي كانت تستهدفهم، وانسحبوا بعد نهب الوثائق الفلسطينية وعمليات الإعتقال والقتل التي تعرّضَ لها المُقاومون والمواطنون اللبنانيون والفلسطينيون، والعرب الذين كانوا متواجدين بلبنان…

أظْهرت تجربة “جمول”، ثم مُقاومة “حزب الله”، في لبنان، أن الكفاح المُسَلّح يُمثّل إحدى أنجع الوسائل لمقاومة أي احتلال، ولحماية جماهير الفُقراء من الشعوب الواقعة تحت الإحتلال أو الهيمنة، على أن يكون النّضال (بكافة أشكاله) جماعيًّا ومُنظَّمًا، وواضح الهدف، لكي يحظى بدوره بحماية الشّعب، مثلما حَصَل في الإنتفاضة الفلسطينية، سنة 1987، قبل أن تُخَرِّبَها قيادات منظمة التحرير، التي هالها خُرُوج الشّعب الواقع تحت الإحتلال عن صُفُوفها، وإفراز قيادات مَحَلِّيّة، لم يُفسِدْها مال نفط صهاينة الخليج…

في مثل هذا اليوم، نَذْكُرُ شُهداءنا وجرْحانا، ومُعتقلينا، ونَلْعَنُ العُملاء والخَوَنَة، ولتكُن مثل هذه الذّكريات حافزًا لمزيد من النضال والمقاومة، حتى التّحرير…     

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.