يبدو أن الست كورونا رفعت في وجه الدكتور صائب عريقات لاءاءت الخرطوم الثلاثة ، غير آبهة بنهجه الذي جسده في مسيرته منذ مؤتمر ( مدريد ) ١٩٩١ ودونه في كتابه ذي العنوان اللافت ” الحياة مفاوضات ” ، ويبدو أن الفايروس وقع ، في مشفى هداسا ، تحت تأثير الدعاية الصهيونية ، فقرر التخلص من أحد أبرز مؤيدي الرئيس الراحل ياسر عرفات في ذكراه ١١ / ١١ .
اليوم وأنا في شوارع نابلس رأيت ثلاثة رجال يرفعون العلم الفلسطيني وعلم حركة فتح على عمود كهرباء ، فسألتهم عن المناسبة ، وأجابوا :
– ذكرى رحيل الرئيس ” أبو عمار ” .
وكنت قبل ساعتين من سؤالهم أجلس في مقهى رصيف في شارع حطين ، وعرفت أن الدكتور صائب عريقات انتقل إلى رحمته تعالى ، ولم أطل الحديث مع رجلين من كفر قاسم جلسا قريبا مني ، وتذكرت ما جرى في العام ١٩٥٦ وقرش ( شدمي ) ، و ( شدمي ) هو الضابط الإسرائيلي الذي أعطى الأوامر في ١٩٥٦ بإطلاق النار على المزارعين الفلسطينيين وتم قتل ٤٩ منهم ، وخرج من السجن بعد أن دفع غرامة مقدارها قرش واحد .
لا أعرف المبلغ الذي دفعته عائلة المرحوم صائب عريقات مقابل تداويه في مشفى ( هداسا ) الإسرائيلي ، وأغلب الظن أنه سيكون بعشرات الآلاف من الدولارات .
في المساء كان ثمة من ينعى شهيدا فلسطينيا ويعلن عن مسيرة صامتة على دوار المدينة الذي تغيرت أسماؤه بتغير الدول والحكام والأوضاع : دوار الملك حسين في العهد الأردني ، والدوار في بداية الاحتلال وهزيمة حزيران ٦٧ ، ودوار تل الزعتر إثر سقوط مخيم تل الزعتر في ١٩٧٦ ، ودوار الشهداء في الانتفاضة ، ولا يعرف الجيل الجديد أن الدوار أقيم في ١٩٤٩ على أنقاض دير للرهبان .
في الحافلة أصغيت إلى رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية ينعى فقيد الوطن ويعلن عن تنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام ، وأعلامنا – والحمد لله – دائما ترفرف منكسة .
شخصيا إذا اقتربت منيتي وأصبت بمرض لعين ، فإنني أوصي أهلي ألا يرسلوني إلى أي مشفى إسرائيلي وأن يتبرعوا بمبلغ من المال لجمعية رعاية اليتيم .
في الخامسة والستين نحن مثل سيارات عتيقة خربة .
رحم الله الدكتور صائب عريقات ، وعليه الليلة أن يستعد لمفاوضات من نوع آخر ، ولا أعرف إن كان قرأ مقطع الشاعر وليد سيف :
” يا عبد الله ابن صفية
إذا جاءك الملاكان يسألانك عن الهوية
فقل لهما :
– إني فلسطيني ابن فلسطينية”
هل سيسأل الملاكان السؤال الآتي :
– ولماذا إذن تعالجت في مشفى هداسا الإسرائيلي ؟
مساء الخير
خربشات
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.