طالما ان فلوس المقاصة هي لشعبنا، وطالما أن العدو يأخذ حصة منها فما هو التفسير السياسي والاقتصادي للتوقف عن أخذها؟ التبرير بأن العدو يقتطع منها ما يتعلق بالأسرى ليس مقنعا لأن المفروض أن نأخذ ما يمكننا وأن نطالب بكل الحق لا أن نتوقف كلياً لأن حقوقنا لدى العدو لا تبدأ بالمقاصة وحصة الأسرى بل بكل تراب الوطن.
قاد التخلف عن أخذ المقاصة إلى خلل في السوق المحلية المتهالكة اصلاً. فهي سوق معتمدة على الرواتب أكثر مما هي معتمدة على فائض الإنتاج المحلي. ولذا توقف جزء كبير من الرواتب قاد إلى خلل في السوق وإلى هزات نفسية للناس.
وعليه، فالتوقف هو جزء من “اقتصاد المصيدة” الذي وضعتنا فيه أتفاقيات أوسلو وبروتوكول باريس. فمنذ أوسلو أصبح قطاع واسع من قوة العمل موظفاً على جهاز بيروقراطي أكبر من حجم وحاجة البلد وأصبح هؤلاء جميعا معتمدين على الرواتب والتي حين تتوقف يصبح شغل هؤلاء وقلقهم عليها وحسب.
ليس خافيا أن الدول المانحة للسلطة جميعها معادية بدرجات وألوان عربا وغير عرب، ولذا حين يتوقفوا عن الدفع تبلغ القلوب الحناجر وخاصة بعد تعويد المجتمع على استهلاكية عالية بأكبر من طاقاته الإنتاجية.
كلنا نتذكر حينما فازت حماس في الإنتخابات السابقة توقف دفع المال المسموم فتأزمت الناس وأدركت أنها في مصيدة وأن عليها أن تقايض موقفها الوطني بحاجتها المالية.كانت موجة أو حملة الانتخابات الأولى لإغراق فتح وحلفائها في ديمقراطية تحت الاحتلال والعيش بالمال المسموم. وأتت الانتخابات الثانية لتضيف إلى السابقين حماس والشعبية ليصبح الجميع تحت مظلة أوسلو وكل طرف ضمن المصيدة بمقدار حجم موظفيه وجُعالته التنظيمية. ثم جاءت حرب الانقسام لتهب قطر لتمويل حماس في خطة مقصودة لبقاء الانقسام ولكنها خطة مغلفة بخبث الدين السياسي وكأن قطر حامية حمى الإسلام. ترافق مع ذلك حتى اليوم وترافق كذب ومناورات وعنتريات تركيا التي هي العدو اللصيق ضد وبالوطن العربي.
منذ أوسلو تدفقت أموال للأنجزة ومشاريع سفارات دول الغرب التي ركَّعت القابضين بالتوقيع على ما هو أسوأ من أوسلو اي ما يسمى “نبذ الإرهاب” ودار جدل بين من بصم وبين من نصف بصم وبين من بصم سرا…الخ وبالطبع شح التمويل فبلغت قلوبهم الحناجر ايضا. ووصل الأمر بهذه المصادر حد معاقبة مدرسة لأن اسمها على اسم شهيد منذ ثورة 1936! نعم هكذا يفكر الغرب ويعمل بحسبان حتى نيابة عن الكيان!!!
من هنا اسمينا أوسلو وملحقاتها باقتصادات المصيدة. وهذا ما اتضح مؤخرا في التعفف عن أموال المقاصة مع انها أموال الناس. والمثير أن جباية الضرائب لم تُخفف بالتوازي مع التوقف عن أخذ أموال المقاصة.
أما التذرُّع بأن التعفف جاء من أجل حماية حقوق الأسرى، فإن السلطة نفسها هي التي حولت الأسرى إلى معتقلين ماديا مرتبطين بمخصصاتهم الضئيلة ومنعت ايا منهم من خلق مصدر دخل آخر له! وهذا عجيب. فالقطاع الخاص مطلق الحرية في خلق مصادر دخل حتى لو بالفساد. وبهذا كانت مصيدة الأسرى هي الأضيق وكانها زنازين مالية!.
ولذا، فإن توقف مخصاتهم سيضعهم في هلاك هم واسرهم مما يعني أنهم قيد العقاب حتى خارج السجن. وأعتقد ان صمتهم قد ساعد على هذا.
فهل حقا كان هذا ضروريا أم أنه “علقة” أخرى للشعب.
حاشية: لقد دفعت 8000 شيكل للضريبة على مصدر دخل لي خارج مخصصات الأسر وطبعا، تم إنهائه!
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.