بيانات الفصائل والجملة الأخيرة، عادل سمارة

أصارحكم وأصدقكم القول بأن سياسة البيانات في أغلب الأحوال مناورة الفاشل أو المهزوم أو من حوامله من قش. حتى اليوم ترن في أذني عبارة الرئيس عبد الناصر للملك حسين في الأردن بعد هزيمة 1967 “إحنا بنطلَّع بيان وانتم بتطلَّعوا بيان”!!

هذا ما اعتادت عليه فصائل م.ت.ف كلما قلبت لها قيادة المنظمة والسلطة ظهر المِجن. وهذا ما يتم في الأيام الثلاثة الأخيرة، بيانات بين فاترة وساخنة، وبين مقارنة حديث هذا الفتحاوي الذي يعلن طلاق حماس وذاك الذي يؤكد بقاء العلاقة، طبعا ناهيك عن فتحاويين يتحدثون بأعلى من نبرة شيخ المقاومة ذي العمامة السوداء.

اللافت في مختلف هذه البيانات أنها تفقد انفاسها في نهاية السباق اي عند الفقرة الأخيرة التي يجب ان تكون حاسمة. فهي مثل أحد زملائي في فترة الثانوي في سباق الضاحية كان رائعا طوال الطريق ولكن في آخر مئتي متر يقول (ألبي ألبي اي قلبي ) ويتراجع.

في الجملة الأخيرة تتشابه مواقف حماس والصاعقة والشعبية وشعبية القيادة العامة في الدوران حول المطلوب دون تنفيذه. هكذا كتب عن هذه المواقف المرحوم لينين “كالقط الذي يدور حول صحن من المرق الساخن”.

طبقاً لصراخ اكثر من خمسين سنة عن دمقرطة م.ت.ف وطبقاً لكون قيادة هذه المنظمة ذات “ذان من طين وذان من عجين” فإن على الفصائل الأخرى أن تعلن الطلاق مع هذه المنظمة. وأي فصيل لا يستطيع العيش بدون فلوس السلطة والمنظمة فليحل نفسه. هذا لن يفعله هؤلاء.

لو سألت روح الشعب، وبعيدا عن “تخوُّث” كثير من المتحدثين عن الشعب لعرفت ان الناس هنا تقول: “إنتهى، إلّي بدو يقاتل يروح على المقاومة”.

لذا لا تأخذ أحدا المفاجأة بأن هذا الترهل هو الذي وضع منظمات الأنجزة فوق منظمات “التحرير” وهو الذي فتح الباب لبيانات دُعاة الدولة الواحدة ودولة مع المستوطنين اي اسوأ من التطبيع وآخرها بيان 200 “مثقف وأكاديمي” اي 200 عبقري يعلم الله اين كانت طاقاتهم التاريخية مخفية وها قد ظهروا على شكل “سكت دهراً ونطق كفراً”.

تكتب بعض قيادات هذه الفصائل “إن المجلس المركزي والمجلس الوطني واللجنة التنفيذية لا قيمة لقراراتها عند سلطة رام الله”. صحيح يا استاذ، لكن لماذا بقيتم فيها؟ ما لزوم مجلس وطني من 700 قابض راتب ولا يفعل شيئا ولا حتى يُسال! ناهيك عن البقية، لأن الهدف من هذه التشكيلات توفير ديكور للتسوية واليوم للتصفية.

كل هذه المؤسسات الثلاثة :

1- لا لزوم لها

2-إن وُجدت يجب ان تكون خارج سيطرة الكيان.

بغير هذا يكون كل الحديث كتابة على الشاشات اي تعيش اقل من الكتابة على الرمل (قولة فيروز :بتكتب إسمي يا حبيبي عا رمل الطريق).

ماذا تحتاج القضية اليوم، وهذه جملة مقترحة لتكملة حقيقية لبيانات الفصائل:

أولا: اي فصيل لا يقول نحن خرجنا من الأرض المحتل كقيادة طبعا، فمن الأكثر حرصا وصونا لكرامته أن لا يصدر بيانا.

ثانياً: إن بقاء اللجنة التنفيذية والوطني والمركزي في الأرض المحتلة هو تأكيد لمقولة وسياسة الليكود بان الضفة والقطاع أقاليم من الدولة اليهودية، وهذه حقيقة لا يخفيها جعجعة هذا أو ذاك، الناس تفهم ترى وتسمع.

ثالثا: ما تحتاجه القضية في الخارج فقط مكتب من بضعة اشخاص يمثلون م.ت.ف يؤمنون بالتحرير ويتحالفون مع محور المقاومة وحسب وهذا بوسع عامل بناء دفع أجرته.

رابعاً: لتبقى سلطة الحكم الذاتي تدبر امرها مع الكيان كما ترى

خامسا: جاهزية الناس للمقاومة لا تحتاج لا مجلس وطني ولا مجلس مركزي أبدا.

سادسا: جاهزية الناس للمقاومة لا تحتاج لجنة تنفيذية هنا بل في الخارج ومن الفصائل غير التطبيعية ومن قطاعات الشعب الأخرى وقد لا تزيد عن عشرة.

سابعا: اي نضال حقيقي إن لم يكن سريا، لن يفلح.

حاشية: حول غرفة مكتب، اذكر عام 1965 حينما كان مكتب لمنظمة التحرير في القدس في فندق شبرد، وكنت مع من أقاموا فرعا لاتحاد طلبة فلسطين حينها، قلت للراحل أحمد صدقي الدجاني مدير مكتب المنظمة ودائرة التنظيم الشعبي: “هذا الأثاث الفخم لا يمكن ان يوصل إلى تحرير، لم تكن هكذا جبهة التحرير الوطني الجزائرية” غضب الرجل وحاول وقف انتخابات الاتحاد حيث اكتشف انني عضو في حركة القوميين العرب ولكن حصلت الانتخابات وفزنا بكل أعضاء المؤتمر و 8 من 9 للهيئة الإدارية.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.