“كنعان” تتابع نشر كتاب: “التعاونيات/الحماية الشعبية: إصلاح أم تقويض للرأسمالية”، تأليف د. عادل سمارة، (الحلقة 8)

الفصل الرابع

تجارب تعاونية إشتراكية ورأسمالية

بما هي عمل وعلاقات إنسانية في موقع العمل، فإن معيار نجاح التعاونيات هو في الأداء نفسه بغض النظر عن التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية التي تعمل في ظلها. بكلام آخر، فإن المسألة النظرية على أهميتها في التوعية تغدو تحت الإختبار،  فالمعيار هو الأداء على الأرض. الأداء نفسه هو الذي يكشف حدود تعمق الوعي وتمثُّل الأعضاء للقيم والفكر التعاوني وخاصة في علاقاتهم ببعضهم وعلاقة كل منهم بالتعاونية نفسها.

التعاونيات، بغض النظر عن جذريتها هي بدايات الاشتراكية. ونظراً لقدمها ، ولو بالأداء والمفهوم البسيط والعفوي، فهي الضد أو النقيض للملكية الخاصة، حيث يؤكد وجودها تواصل التناقض بين المادي والمثالي. أي ان التعاون ليس فكرة طارئة وحديثة على الحياة الإنسانية.

وعليه، فإن التعاونيات غير الجذرية أي التي تتوائم مع النظام الاقتصادي المسيطر هي حالة من التناقض/التوافق مع هذا النظام بما يمثله من مصالح طبقة مالكة حاكمة ومقونِنة. هذا بغض النظر عن درجة الوعي والأداء التعاوني في هذه التشكيلة او تلك. وبكلمة، فالتعاون من حيث المبدأ، بغض النظر عن مساوى الأداء، هو نقيض النظام الاقتصادي الرأسمالي ومن هنا، فالدراسات التي تناولت التعاون كما لو كان جزءا من هذا النظام، إنما هي إيديولوجيا لصالح النظام، ويتم تمريرها لأن المتعاونين هم في حالة أقل وعياً ثقافيا حيث تأخذهم وضعية الدفاع عن مصالحهم المحدودة والمهددة من سلطة النظام القائم فيكون سلوكهم إتقائياً رغم انهم في بطن السوق.

 وهذا يعني ان الثقافة والوعي ومن ثم القيم التعاونية من حيث تمثُّلها هي معيار صمود وتطور التعاونية. وإذا جاز لنا القياس، فإن الوعي وتمثل القيم النظرية هنَّ ايضا معيار الموقف الاشتراكي بل والشيوعي عموما من التعاون. ومثالاً على ذلك، فبعد هزيمة الكتلة الاشتراكية انكشف مدى التمسك بالاشتراكية أو بالماركسية إن شئت، سواء على مستوى الأحزاب أو الأشخاص بمعنى ان الذين حافظوا على توازنهم الاشتراكي هم الأعمق وعياً وبالتالي التزاما، ومن هنا اهميتهم لأنهم صمدوا بوعيهم حين أزمة الهزيمة. بينما سارع المترددون إلى المساجد والكنائس أو التبرؤ من ماضيهم/ن وغيرت أحزاب حتى اسمها. ثم أكملوا تواطئهم بالمقلوب، أي حينما غرق مركز وتبعه محيط النظام الراسمالي في أزمة 2008،  أخذوا يعودون للغط ورطانة ماركسيتين.

من حيث التجارب، فليس هذا البحث مسحاً للتجارب التعاونية بقدر ما هو دراسة أهمية التعاون، وإن أخذ بعض التجارب فذلك للتوضيح وليس للمسح الإحصائي الأكاديمي. إنه بقدر ما  تعاطٍ مع المتوفر ومن أجل الإضاءة والمقارنة.

تجدر الإشارة إلى أن التجارب الواردة في هذا البحث هي اولا حسب المتوفر، وقد حاولنا معالجتها بمفهومنا دون التقيد بمفاهيم كاتبيها وأهلها وحافظنا على رؤاهم ولكن حددنا موقفاً منها، وهذا صلب البحث. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، لن يكون هناك توازناً بين التركيز او التفصيل في تجربة مع اخرى أو الأخريات وذلك بسبب ندرة المتوفر من المواد أو أهمية التجربة مما جعل التجارب دروساً في المسألة التعاونية، وليست مقارنة التجارب بعضها ببعض وإنما قراءة التجارب على ضوء مفهومنا للتعاون بما هو مدخل  للإشتراكية ونقض  للراسمالية وصراع مع السوق.

الاتحاد السوفييتي

إن أول تجربة عمل تعاوني اشتراكي منظم وعلى نطااق وطني وبمبادرة السلطة هي تجربة الكولخوز في الاتحاد السوفييتي السابق. وهي كما حال مجمل التجربة السوفييتية تعرضت لنقد وتشويه متواصل، ولم يتوقف حتى الآن.وليس هذا بالأمر الغريب لأنه في عين الصراع بل التناقض التناحري بين المادي والمثالي بين الإشتراكية والراسمالية بين الخطة الاقتصادية والسوق.

التجربة متوفرة لمن يرغب في الدخول في تفاصيلها والتخصص بها، لكن ما يهمنا هنا هو هدف التجربة، واتجاهها بناء على أهل التجربة. فالكولخوز بمفهوم الحزب البشفي الذي بادر بالتجربة هو مزارع جماعية جرى تاسيسها من أجل الإنتاج. وهذا ما يميزها عن التعاونيات الاستهلاكية والخدماتية.فإقامتها مباشرة من اجل الانتاج يعني انها جزء اساسي من واقع النظام الاقتصادي في البلد وليست مجرد نشاط لتحسين وضع ما بشكل محدود لفئة من الناس أو لإصلاح وضع اقتصادي ما.

واهتمامنا هو بالمستوى الإنتاجي للتعاونيات  لأن هدف هذا البحث هو التعاون من أجل إقامة مشاريع إنتاجية تعاونية أي عدم الانحصار في المستوى الخدماتي والاستهلاكي، ليس رفضا لهذه المستويات، ولكن لأن الإنتاج هو الرافعة الاقتصادية، هو الأساس.

لذا صيغ قانون في الاتحاد السوفييتي في ثلاثينات القرن الماضي اشتمل على مبادىء العمل التعاوني مجسدا في الكولخوزات باعتبارها تتكون من تعاونيات فلاحية إنتاجية يتحدون فيها بشكل طوعي بهدف إنتاج زراعي جماعياً قائم على عمل جماعي. ويُدار الكولخوز بمبادىء الإدارة الذاتية، ديمقراطياً، وبانفتاح، ومشاركة فعالة من الأعضاء  في القرارات المتعلقة بمختلف مستويات الحياة داخل الكولخوز.

صحيح أن روسيا عشية الثورة البلشفية كانت قد دخلت طور التطور الرأسمالي، ولكن القطاع الصناعي لم يكن هو القطاع الإنتاجي الأساسي كانت بنية المجتمع فلاحية. ولكي يتم تصنيع البلاد كان لا بد أن يتم الارتكاز على الفائض الزراعي لتمويل التصنيع وتغذية سكان المدن ولا سيما امام الحرب والحصار الرأسمالي الغربي ضد الاتحاد السوفييتي كدولة اشتراكية ناشئة.

ذلك لأن الزراعة البدائية التي تعتمد على أدوات إنتاج متخلفة والمحراث الخشبي  على الدواب  لا يمكنها بزل فائض يخدم الخطة الطموحة للتصنيع.وهذا ما ارغم السلطة الشيوعية على مرونة ما تجاه البرجوازية الصغيرة إلى أن تتمكن الدولة من تطوير قطاع زراعي تعاوني يغنيها عن الاعتماد على البرجوازية الصغيرة/الكولاك.

الفقرات التالية عن كميونة كوبان  في الاتحاد السوفييتي السابق عام 1928، وهي تصوير لمواقف الفلاحين مقابل او في مواجهة ملاك الأرض الكولاك لا سيما وأن الكولاك كانوا ضد الكميونات بشكل واضح وقاموا بممارسات إرهاب وتخريب:

“… لذا كان الكولاك يكرهون الكميونة، ويعملون كل ما يمكن أن يلحق الضرر بها. كانوا يطلقون قطعانهم لترعى المحاصيل، ويحرقون القش، ويهددون بشكل متواصل بقتل اعضاء الكميونة ويطالبون ال “موزنيكس”  الفلاحين  بإخلاء ارض الكوزاك[1].

وهذا ما يقوله السجل الارشيف:

“… قام اللصوص بقتل الفلاحين بوحشية، قتلوا  ولدا عمره اثني عشر عاما امام امه، وقدموا اعترافا امام الكاهن للغفران عن قتل رجل امام زوجته. وفي تلك الحادثة تم قتل اربع وعشرين من اعضاء الكميونة. ص 13.

من المهم جدا أن نلاحظ أن تلك الفترة كانت هي السنوات الأولى لانتصار ثورة أكتوبر الشيوعية وبداية إقامة التعاونيات الزراعية وخاصة لأن الحرب الإمبريالية ضد الاتحاد السوفييتي أهلكت الاقتصاد وكان مقصد الإمبريالية إما إسقاط النظام الاشتراكي أو تدمير البلد، وهو بالمناسبة ما يحصل في سوريا اليوم اي ضد سوريا. ناهيك أن الاتحاد السوفييتي ورث البلد عن حكم القياصرة المهزوم في الحرب الإمبريالية الأولى والمنهار إقتصاديا. لقد تحالف الكولاك وبقايا القيصرية والبرجوازية هناك مع الإمبريالية لإسقاط النظام الجديد.

“…لقد رغب الفلاحون بان يديروا الجماعيات  والعمل في مزارعهم الصغيرة بانفسهم وسمحت لهم الحكومة السوفييتية بذلك، ولكن لافتفارهم للدواب اضطروا لتأجير ارضهم   لأغنياء الكوزاك بل وأجروا انفسهم لهم كعمال أجراء. ص 13

“… في استطلاع عن التعاونية، تعاونية كوبان Kuban ولماذا انضم لها الفلاحون كانت نتيجة الاستطلاع كما يلي عام 1928 ، ستة وعشرون بالمئة قالوا بانهم انضموا لأنهم لا يملكون احصنة للحراثة،  ولا قطع اراضي كافية للاستغلال أي يكفيهم استغلالها، وعشرون بالمئة قالوا بانه كان من الصعوبة بمكان استغلال قطعا صغيرة  واعتقدوا ان العمل الجماعي  سيكون اسهل، و سبع عشرة بالمئة قالوا انهم اقنعوا انفسهم بفوائد  الجماعية من تجربتهم في الجيش الأحمر، و تسعة بالمئة قالوا بانهم ارادوا تجربة العمل الجماعي، وخمس عشرة بالمئة قالوا انهم ذوي خبرة اساسا في اشكال العمل الجماعي  واحبوها، و خمسة بالمئة قالوا بأنهم سئموا العمل مع الكولاك والباقي اعطوا آراء مختلفة” ص 15.

“… كانت قواعد وأسس قبول العضوية ان يكون الشخص قد بلغ  السابعة عشرة من عمره، ولا فرق بين الجنسين،  وان يكون قد عمل في الزراعة او ساهم في دعمها  ويقدم الشخص طلبا ويبت فيه بشكل سري من مجلس الجُماعية  وحين القبول يدفع حصته ويتحمل  شراكة في مسؤولية الخسارة ويحسب الربح الصافي في نهاية العام ويوزع في اجتماع عام”. ص 14.

حول الأثر الهام والمميز للتعاونيات دفع مكسيم جوركي للكتابة عن ما لاحظه في جماعية جريجوريوليساكايا ستاتيستا  في صيف 1929. حيث وصف في إحدى قصصه الانطباع الهائل الذي خلفته الماكينات على الفلاحين الأفراد الذين عايشوا العمل الزراعي ضمن ضوء جديد ص 17

تسببت الحرب الثانية في تراجع التعاونيات وانتاجها ورحيل قسم من اعضائها الى المدينة. 


كان في الحزب الشيوعي البلشفي اتجاه
ان فيما يتعلق بتطوير الانتاج الزراعي الى مستويات يمكن معها تحقيق المجتمع الاشتراكي. كان احد الاتجاهين يبتغي جعل المزارع الفلاحية الصغيرة مزارع كبيرة عن طريق تحويل هذه المزارع الى سوفخوزات اي مزارع حكومية يكون شأنها شأن المصانع والمعامل التي استولت عليها الدولة من الراسماليين. وفعلا جرى تحويل بعض الاراضي الى سوفخوزات على نطاق ضيق بدون ان تدعو الحاجة الى مصادرة الاراضي التي منحت للفلاحين. ولكن انشاء السوفخوزات على نطاق القطر كان يستلزم مصادرة الارض من الفلاحين مما كان سيحول الفلاحين من قوة مؤيدة للنظام السوفييتي الى قوة معادية له.


كيف يمكن تحويل هذه الملكيات الخاصة الى ملكية اجتماعية؟
كان رأي جوزيف ستالين ان هذا يمكن ان يتحقق عن طريق الاقناع والتثقيف. ان الدولة الاشتراكية دولة دائمة التطور يزداد انتاجها الصناعي بسرعة.

نلاحظ ان هذا الحديث ل ستالين يناقض الضخ الغربي البرجوازي الهائل ضد الرجل وخاصة فيما يخص الفلاحين والمسألة الزراعية.

حيث يُنسب للرجل إهلاك الفلاحين ورفضهم التعاون والإنتاج وحتى قتل دواب الحراثة. ولكن، لو صح ان كان الفلاحون إلى هذا الحد ضد السياسة الزراعية للاتحاد السوفييتي فكيف تمكن من إطعام المدن، وتغذية الصناعة بفائض الزراعة؟ بل وفي مدى زمني قصير حيث تمكن الاتحاد السوفييتي من موازاة التطور في المركز الرأسمالي[2] .

بعد تفكك الاتحاد السوفييتي تم تفكيك كامل البنية الاشتراكية للاتحاد السوفييتي وتفككت بنيته الدولانية السياسية حيث انفصلت كثير من الجمهوريات التي كانت اجزاء منه. وضمن ذلك تراجعت وتفككت كثير من الكولخوزات، وتحولت إلى شركات اشكال شركاتية، ولكن كما رأى البعض بقيت تعمل بمفهوم  الكولخوز.

  1.  

التعاونيات في  الولايات المتحدة:

تجدر الإشارة إلى ان النشاط التعاوني موجود  حتى في بلدان المركز الرأسمالي الأشد توحشاً. لكن هيمنة  انظمة المركز توحي وكأنها لم تشهد قط هذا النشاط سواء كمقاومة للراسمالية  أو كتساوق معها واتقاء لشرها.

“… ظهرت التعاونيات على مستوى الجذور لأول مرة في الولايات المتحدة في وقت سابق بكثير ، خلال

صعود فرسان العمل في الجزء الأخير من القرن التاسع عشر.

تم تأسيس التعاونيات ، على الرغم من أنها أثبتت أنها غير قابلة للاستمرار. كما شهدت سنوات الصفقة الجديدة The New Dealطفرة أخرى في التنمية التعاونية ، برعاية إلى حد كبير من قبل الحكومة الفيدرالية ، وحشد تعاونيات المزارعين ، والتي بدورها حفزت الاهتمام في المدن ، حيث بدأت تتشكل تعاونيات تجارة التجزئة والأغذية والاسكان. ثم ، بالطبع  تكاثرت مختلف   أنواع المشاريع الجماعية والحرفية في الستينات. لكن للتعاونيات أيضا تاريخ أكثر حداثة ، يعتمد على إرث العمال. فقد تمرد في مطلع القرن العشرين في المنطقة الإقليمية الأولى اتحاد التعاونيات العمالية في الولايات المتحدة ، وشبكة منطقة الخليج  للتعاونيات تحت عنوان “لا رئيس” حيث نظمت في سان فرانسيسكو  بالتعاون مع عمال الصناعة في العالم. وهي تذهب لما هو ابعد من مجرد الملكية الجماعية للمؤسسات الفردية ، حيث  تهدف المجموعة صراحة لخلق حركة وطنية للعمال بالسيطرة على قطاعات كبيرة من الاقتصاد.

هذه الاستراتيجية تتناقض بشكل حاد مع المسيرة الحدثية  كجهود مستحدثة، والتي تسعى إلى توسيع قاعدة اقتصاديات  السوق بدلاً من تحديها.  وقد تصاعدت مع نمو الحركة العمالية طوال القرن التاسع عشرولكنها تراجعت فقط كحركة مع ظهور قيادة عمالية إصلاحية تخلت عن جذورها الراديكالية.”

إن العلاقة بين التعاونيات والحركة العمالية مسألة اساسية في سبيل تقوية وحتى انتصار الطريق التعاوني. لذا كان لا بد للنظام الراسمالي من الحيلولة دون علاقة متماسكة وتحالف بين الحركتين. وربما يجوز لنا القول بأن الحركة العمالية مستهدفة أكثر من الحركة التعاونية لأنها تمثل الطبقة العاملة، أو هكذا يُفترض ، لما لهذه الطبقة من ثقل واحتمال ثوري فكان لا بد من اختراقها وبقرطتها وشراء البيروقراط القيادي فيها، وهو ما حصل حقيقة منذ الثورة الصناعية وحتى اليوم. فالقيادات النقابية العمالية إذن قابلة للاختراق اكثر من الحركة التعاونية ربما كذلك لأن الحركة  التعاونية هي في موقع الإنتاج وليست في موقع مكتبي، وهي أكثر جذرية وديمقراطية داخلية لأن الكل يشارك في بناء التعاونية مما يجعل إفساده أمر أشد صعوية. وفي حال فساده هو طبعا سيغادر التعاونية.

يقول بيرنارد مرسيزالك في مقالته “اقوى معاً”  وهي مراجعة لثلاثة كتب في التعاونيات [3]:

“… كان  بيتر رانيس ممن تابعوا أسس تحركات تعاونيات العمال من أجل التغيير الاجتماعي الذي كان مفقودًا وخاصة  الحركات الأخيرة مثل احتلال المصانع في الولايات المتحدة والاحتجاجات ضد التقشف في أوروبا.

بدوره يركز بينكلر على ضرورة حل التوترات بين الأعضاء في التعاونية ، ولكن على نفس القدر من الأهمية التحديات التي تواجه قيم الأعضاء التي يطرحها السوق الرأسمالي نفسه. إن التعاونيات الأكثر نجاحًا تخلق بيئة ملائمة في اقتصاد محلي ، مثل مخبز Cheeseboard في بيركلي ، وفي بعض الحالات النادرة على المستوى القومي ، مثل محطّة قهوة إكوال إكستشينج كوفيستير ، التي تتخذ من بوسطن مقرًا لها. ولكن عندما تكافح التعاونيات للتنافس مع الشركات التقليدية ، فإن أعضائها يواجهون مخاطر عالية من “الاستغلال الذاتي” – يعملون لساعات طويلة مقابل أجور متدنية ، في ظروف تشبه نفس مكان العمل الرأسمالي الذي يسعون إلى الفرار منه. وبالفعل ، فإن هذا الاتجاه ربما يمثل النقد الأوضح لجدوى التعاونيات بوجه عام. لذا يحتاج أعضاء جمعية تعاونية إلى عامل لتحقيق التوازن بين الرؤية  الجذرية والبراغماتية – إن لم يكن كل يوم ، بل في كثير من الأحيان. من المرجح أن تحدد كيفية الحفاظ على توازنهم العاطفي بين كل من نوعية حياتهم العملية واستدامة مؤسستهم”.

كان للأزمة المالية الاقتصادية المستحكمة في الولايات المتحدة تأثيرها لصالح تنشيط الفكر التعاوني حيث مثلت تحدياً عجزت البرجوازية عن حله رغم الضخ الإعلامي الهائل بإمكانية تجاوزه. ما يلي بعضا مما ورد في مؤتمر بالتيمور للديمقراطية الاقتصادية

Report on Baltimore Economic Democracy Conference: Building Our New Economy Together

By the It’s Our Economy team

“…إن بذور اقتصاد مدمقرط متجذرة عميقاً في الولايات المتحدة. إ أكثر من 130 مليون من الشكان هم أعضاء في نوع ما من التعاونيات بما فيها اتحادات الاعتماد. تُطور كليفلاند سلسلة من تعاونيات العمال التي حازت على إطراء ملموس عبر كل البلاد –تعاونيات الإخضرار الدائم- كما ان مدنا أخرى بدأت ببناء موديلات مشابهة. ففي مدينة نيويورك تضامنية  مدينة نيويورك، تدعم التعاونيات القائمة ومختلف البنى الاقتصادية المدمقرطة وتحث في الوقت نفسه النمو  والترابط الداخلي لأخريات… لقد قاد النقاش إلى فترة اختراق حيث اصبح بوسع المشاركين حضور الورش التي يتم فيها مناقشة قضايا متعددة من ضمنها تجديد الطاقة، الأمن الغذائي، التعاونيات التي يملكها العمال، موديلات ملكية بيوت بعيداً عن المضاربات وإباداع طرق لدمقرطة النقود والتمويل عبر مقاومة الديون. إن سياسة الغذاء والإنتاج مرتبطة بعمق بالببيئة وإذا ما كان لنا الحق ببيئة صحية فإننا بحاجة إلى مساكن توفر ذلك وإلى سياسة  طاقةنظيفة ودائمة[4].

 إسبانيا

“… توجد في شركة موندراغون كوربوريشن في إسبانيا ، أكبر اتحاد للتعاونيات في العالم ، تخصص دائرة  كاملة من البنك الداخلي للشركة لتمويل وتطوير التعاونيات الجديدة. وكثيراً ما تنفصل هذه المشاريع الجديدة عن التعاونيات القائمة من جانب مجموعة أساسية من العمال ، بمساعدة موظفي التنمية. يشترط البنك أن تكون هذه المجموعات قد عملت معًا في السابق ووصلت إلى مستوى من الرفاقية الحميمة قبل أن تدرس أو ترعى خططها.

 تشير هذه السياسة الى الفوائد المحتملة كعامل سلبي  في كثير من الأحيان  عندما يتمتع أعضاء سابقون في جمعية تعاونية بعلاقات وروابط يفتقدها الأعضاء الجدد ، إلا إذا بذل المؤسسون جهودًا صريحة للترحيب بهم. (تجربة مماثلة شائعة في شركات التكنولوجيا الناشئة ، حيث يتم إغراء الموظفين الجدد بامتيازات مختلفة ولكن دون رقابة ذات معنى ، كما أن التسلسل الهرمي المهني الحاد يسمح للمؤسسين والموظفين الأوائل/الأقدم بأن يكونوا  في مواقع أعلى. وقد ابتكرت التعاونيات العمالية العديد من الأدوات لتعزيز تضامن الأعضاء ، تسهيل الشفافية وتنسيق صنع القرار. ولكن أبعد من هذا ، هناك مجال آخر أكثر مراوغة للحياة العملية التعاونية ، وهو مجال اعطاء الجدد صلاحيات شكلية بدون قيادة فعلية  بيما تحقق البنية الالهايراركية/المراتبية  للمؤسسين  وقدامى المستخدمين الموقع في القمة”.

أرجنتين:

“… إضافة إلى تناوله للتعاونيات في الولايات المتحدة، يناقش بيتر رانيس  ظهور التعاونيات العمالية في كوبا مؤخرا ويعطي أكبر قدر من الاهتمام لتجربة recuperados ، أوالشركات المستردة”  في الأرجنتين. وهي الشركات التي تخلى عنها أصحابها خلال أواخر التسعينيات من القرن العشرين إثر الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بتلك البلاد حيث تم أصلاح هذه الشركات،  فأصبحت هذه المصانع مواقع حيوية

للتضامن بين العمال ومجتمعاتهم ، مع دعم السكان المحليين. وهكذا تحولت المصانع المصادرة ، والشركات المحررة بدورها إلى مساحة للمشاريع المجتمعية.

فمستودع الطباعة في بوينس آيرس ، على سبيل المثال ، يستضيف الأحداث الثقافية المحلية ، في حين أن اثنين من المباني الشاهقة مائة غرفة فندق باوين يوفر أماكن إقامة لعقد مؤتمرات العمال ، و

FaSinPat (اختصار لـ “مصنع بدون أرباب” بالإسبانية) . يتبرع مصنع للبلاط في جنوب

الأرجنتين بانتظام ببلاط لمشروعات البناء المجتمعي ويحيي حفلات موسيقية على

حسابه. إن مثل هذا التعاون أمر أساسي لأطروحة رانيس ​​التي تستطيع التعاونيات العمالية أن تقودها.

وكما أشرنا، فإنه إثر الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين في أواخر القرن العشرين ، قام رينز بلفت الاهتمام إلى تجربة إشفاء المشاريع  هناك”.

نستخدم هنا مصطلح الإشفاء بمعنى قريب مما طرحه لينين عن قيام الدولة /السلطة في النظام الراسمالي باستلام الشركات التي وصلت حافة الخسارة والإفلاس لتعيد تنشيطها ومن ثم إعادتها إلى القطاع الخاص. وهذا يؤكد دور دولة السلطة الطبقية الرأسمالية في خدمة الطبقة البرجوازية المالكة. أي تخدم طبقة وتحكم شعباً[5]. لكن الإشفاء ، وربما هنا بالمعنى المعاكس، اي اخذ المشاريع المفلسة في القطاع الخاص ونقلها إلى القطاع التعاوني، اي تحريرها من القطاع الخاص بما هو سبب مرضها. والفارق بين هذا الإشفاء وذاك هو الفارق بين الموقف والمصلحة الطبقية لهذه الطبقة أو تلك، أو الفارق بين ثقافتين وفكرين نقيضين لبعضهما البعض.

حديث رينز هو عن المشاريع التي هجرها اصحابها خلال ازمة التسعينات المالية حيث تم تشغيلها واستغلالها  واصبحت هذه المشاريع مواقع حيوية  للتضامن بين العمال وتجمعاتهم، كما نالت دعم السكان المجاورين لعملية الإشغال أو المصادرة، وبدورها، فهذه المشاريع المحررة/المُشفاة قدمت في النهاية خدمات للتجمع السكاني .

موزمبيق

“حسب عام 2012، … يعمل حوالي 75.2 بامئة من سكان موزمبيق في الزراعة والثروة الحيوانية والصيد وصيد الأسماك وغيرها من الأنشطة في المناطق الريفية التي يعيش فيها  71.4٪ معظمهم من النساء. وقد وافقت الحكومة على “خطة العمل من أجل الحد من الفقر” (PARP) للفترة 2011-2014 التي تدعم إنشاء التعاونيات والجمعيات في المناطق الريفية كطريقة لتوفير النمو الاقتصادي لمختلف الشرائح الاجتماعية ، من خلال زيادة الإنتاج والإنتاجية الزراعية ومصايد الأسماك للحد من الفقر بحيث يقل من  من 54.7٪ إلى 42٪ بحلول عام 2014.

التالي وصف للحياة في تعاونيات نسائية في موزمبيق. في ذكريات من موزمبيق: تقول باحثة:

“…  ما أن اخذنا نعمل معا، زرنا تعاونية نسائية صغيرة  والتي هي واحدة من كثيرات أقيمت في منطقة زوناس فيردس، وهي المناطق الخضراء على حواف مابوتو من اجل تشجيع الزراعة  المدينية والحصول على دخل نقدي لأعضائها. وقد أطلعنا على المكان رئيس التعاونية. شاهدنا حقولا غير خصبة تعتمد على ماء المطر، الذي لم يأت. وشاهدنا حظائر صغيرة لأرانب ضعيفة، يبدو على بعضها  سوء التغذية تبحث عن الحبوب، وبعض فراخ البط تبحث بين الحصى عن غذاء.

وبعد الجولة تجمع أعضاء التعاونية العشرون حولنا بشكل من الاحتفاء. جلسوا على الأرض في شبه دائرة، بعضهم ممدد الساقين  والبعض على الظهر وجلسنا انا ولينا كل على قطعة خشب أحضرت لنا. بعض النسوة يحتضنَّ طفلا ويجلسن على حصير،وبعض الأولاد الصغار يلعبون على اطراف جلستنا”.

من حديثهن تلمس الكبرياء والفخر بتعاونياتهن. فقبل عامين فقط، كانت كلاً منهن تعطي التعاونية ثلاثة ايام من اسبوعها وتعمل اربعة ايام في خاصتها. كان واضح انهن لسن محبطات من الموسم السيىء الذي بالكاد يكفي فما بالك بأن يبعن. كنت اقول في داخلي : ما الذي يحفز هاتيك النسوة بقبول هذه الحياة  دون فائدة تذكر؟ تحولت لينا إلي لتترجم اسئلتي:

 قلت انني متفاجئة  بهذا الأمر.

قالت، على فرض جاء رجل غدا وقال  لك أشتري هذه التعاونية منك وادفع لك راتبا اسبوعيا بحيث تبقي تعملين هنا. هل تبيعين؟ كان الرد كثيرا منهن لا لا او  بهز الرأس بالرفض. هذه تعاونيتنا ، هذا كان الرد. نحن نحصل على دخل يوميا ولو بسيطا، ستنمو محاصيلنا وتدر دخلا لنا. لكن هذه الجبهة المتحدة تم كسرها من  عضوة تعاونية شابة قالت:  انا بالتأكيد سأبيع. فسألتها لينا: لماذا؟

وقفت المرأة ونظرت إلى لينا، وقالت بصوت قوي: أنت حامل، حيث كان حمل لينا في اشهره الأولى، هل تعتقدين ان الطفل الذي تحملين سيعيش هنا بشكل صحي ويعتني بك في شيخوختك كما نتوقع نحن من بطاتنا الصغار. انت لا تعرفين؟ اما انا فيجب ان اعيل اولادي يجب ان اغذيهم الان.

كان الرد فوريا من الشخص الرسمي: ما اسمك؟

 تراجعت ثقة المرأة، وساد صمت، وشعرت النسوة بالارتباك. نهضت لينا وفردت يديها وأخذت ترقص وسحبت النسوة بعضهن واحدة إثر الأخرى، للرقص وأخذن يغنين  ل فريلمو (مختصر اسم جبهة تحرير  موزمبيق اليسارية من الاستعمار البرتغالي)، وحين انتهين، ضحكن، فانتهى التوتر، وألقى المسؤول بقلمه جانبا”.

يُلامس هذا النص مسألة ميدانية واقعية في مستوى القناعة المتولدة لدى النساء بأهمية التعاونية كحالة تحرر من العمل المأجور، حتى لو وفر العمل المأجور دخلا اعلى. وأعتقد هنا أن لاضطهاد واستغلال المرأة دور هام هنا ليس فقط لأن ما تتقاضاه من أجرة أقل مما يتقاضاه الرجل، بل لأنها كثيرا ما تتعرض للتحرش الجنسي أيضا. ولذا، يفضلن التعاونية رغم قساوة الظرف على العمل المأجور، وفي هذا نلمس أهمية الحرية كبعد إنساني.

ثم تضيف الباحثة:

“… قررت ان أطَّلِع  بنفسي، فسافرت بالطائرة إلى نياسا مع تيريزا، وقابلت امرأة تلعب دورا بارزا  في الإنتاج الزراعي في مزارع حكومية في قرى كوميونية/ جُماعيات.

قالت تيريزا لا داع ان يتوسط احد  بل نريد الحديث مباشرة وبمعزل عن من يشرحون. زرنا قرية بها 276 اسرة بها حدائق خضار جيدة، بناء مدرسة جديدة، عيادة صحية،وموظف عمل صحي، وتعاونية زراعية ب 250 عضواً. وزرنا يونانجا وهي قرية اكبر أي بحجم بلدة كانت معسكرا لفريلمو  لإعادة تأهيل الذين تعاونوا مع البرتغاليين. كانت ماتاما مزرعة حكومية تضم قوتها العاملة المكونة من 2000 شخص منهم 600 شخصinproductivos (لا ينتجون)”.

موزمبيق هي من دول إفريقيا الجنوبية المحيطة بجمهورية جنوب إفريقيا. كانت مستعمرة للبرتغال ونحررت عام 1975 بحرب الغوار/العصابات بقيادة جبهة فريلمو، اي ان الاستعمار هو الذي أورثها الفقر والتخلف. أي ان الفقر فيها اساسه التدمير والنهب الإمبريالي. وتجدر الإشارة إلى أن امريكا دعمت الحركة اليمينية في مواجهة جبهة فريلمو اليسارية، وبالمقابل، شاركت كوبا في دعم الحركة اليسارية. وبالطيع كثيرا ما تعرضت موزمبيق للعدوان من جنوب إفريقيا قبيل سقوط نظام الفصل العنصري هناك. ولا تزال فريلمو تعمل على بناء نظام اشتراكي في البلاد.

 نيوزيلندا:  

كما أشرنا في موضع سابق، لا بد من ملاحظة بأن نيوزيلندا هي مستوطنة راسمالية بيضاء على حساب الشعب الأصلاني هناك، فهي من مجموعة توليدات استيطانية من أوروبا الغربية خاصة غزت بلدانا أخرى ودمرت حضارتها وابادت شعوبها الأصلانية بشكل شبه مطلق. وحيث ورثت اراضيها وعمرانها وكل حضارتها بالاغتصاب، كان لا بد ان تحقق نموا سريعا جدا. ولأنها رأسمالية وغربية واستعمارية فإن سياساتها متطابقة مع سياسات الغرب الأوروبي واسوا. هي الولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزيلندا وجنوب افريقيا سابقا، والكيان الصهيوني.

لذا، فإن اية كتابةلا تذكر هذه الحقائق الدموية، وتتحدث بالتالي عن هذه البلدان كما لو كانت بلدانا عادية، هي كتابة مدمرة للوعي الإنساني وخاصة مستواه الثوري والإشتراكي الشيوعي.

“… يعود تاريخ تعاونياتها  إلى أواخر القرن التاسع عشر.  كانت التعاونية الأولى هي شركة  Otago  التعاونية الصغيرة المحدودة  للجبنة ، التي بدأت في عام 1871 في Highcliff في شبه جزيرة Otago. مع الدعم النشط من الحكومة النيوزيلندية ، إضافة لتعاونيات صغيرة في المناطق المعزولة. كما  بدأت التعاونيات في الهيمنة بسرعة على الصناعة، وبحلول عام 1905 ، كانت تعاونيات الألبان هي الهيكل التنظيمي الرئيسي في الصناعة. في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين ، كان هناك حوالي 500 شركة ألبان تعاونية مقارنة بأقل من 70 شركة كانت مملوكة للقطاع الخاص.

ومع ذلك ، بعد الحرب العالمية الثانية  وظهور وسائل النقل المحسنة وتكنولوجيات المعالجة وأنظمة الطاقة ، حدث اتجاه لدمج تعاونيات الألبان. وبحلول أواخر التسعينات ، كانت هناك تعاونيتان رئيسيتان: مجموعة النيوزيلان النيوزيلندية ومقرها في ولاية تاراناكي ومقرها في منطقة تارانيكي. في عام 2001 اندمجت هاتان التعاونيتان ، جنبا إلى جنب مع مجلس الألبان النيوزيلندي ، لتشكيل فونتيرا. تم دعم هذا الاندماج الضخم  قبل حكومة نيوزيلندا كجزء من إزالة القيود على صناعة الألبان، والتي سمحت لشركات أخرى بتصدير منتجات الألبان مباشرة. لم تنضم تعاونيتان صغيرتان إلى فونتيرا ، مفضلين البقاء مستقلتين – شركة تاتوا للألبان وموريلاند ومنتجها ويستلاند ميلك على الساحل الغربي للجزيرة الجنوبية”.

نلاحظ، أن للحكومة دورا بارزا في دعم وبقاء التعاونيات، وهي بالطبع سياسة لحماية الاقتصاد المحلي سواء من حيث سوقه الداخلي او التصدير. وهذا يبين أن التعاونيات وإن كانت تخدم المزارعين، فهي جزء من بنية السياسة الاقتصادية للنظام الرأسمالي القائم مما يؤكد ان التعاونيات يمكن أن تكون جزءاً من النظام الاقتصادي الرأسمالي أي جزءا منسجما مع السوق وبدرجة من التكامل طالما الحركة التعاونية إصلاحية التوجه.

كندا:

“… في كندا ، كانت أهم التعاونيات هي أحواض القمح. فقد اشترت هذه التعاونيات المملوكة من قبل المزارعين الحبوب في جميع أنحاء كندا الغربية ونقلتها، حيث حلت محل مشتري الحبوب السابقين من القطاع الخاص وغالبا ما كان هذا القطاع  مملوكا للأجانب حيث هيمنوا  على السوق في فترة ما بعد الحرب. ولكن بحلول التسعينات من القرن العشرين كان معظمها قد تمت ( خصخصته) كما حدث العديد من عمليات الدمج. والآن فإن جميع مجمعات القمح السابقة هي جزء من شركة Viterra. “

وكما هي نيوزيلندا، فإن كندا أيضا هي مستوطنة رأسمالية بيضاء مارس فيها المستوطنون الفرنسيون والإنجليز إبادة السكان الأصليين وورثوا أرضا بالمجان مما جعل نموهما الاقتصادي سريعا وبوتائر عالية. ولا ك أن الميل التعاوني في حالات الاستيطان الراسمالي الأبيض هو عالٍ نظراً لأن الأرض المجانية تشكل حالة إجماع على التعاون حيث لا يملكها احد شخصيا من السابق. فالأرض بطبيعتها العامة تصبح قاعدة لتسهيل  التعاون وإن كان بين المستوطنين كلصوص ومغتصبين.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.


[1] The Soviet Collective Farm: A Sociological Study, by P. Simush, Progressive Publishers. Moscow. First printing  1971.p> 13.  Printed in the Union of Soviet Republics.

[2]  أنظر حوار تشارلز بتلهايم وبول سويزي في كتاب:

Transition to Socialism, Sweezy pail & Bettlehiem, C, Monthly Review 1970.

[3] Peter Ranis: Cooperatives Confront Capitalism (London:Zed, 2015

[4] .us@gmail.com

[5]  إلى جانب الإشفاء، تقوم السلطة في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بتحويل أجيال المخترعات العلمية التي صُممت لخدمة الجيش الأمريكي وحلت محلها اجيالا أخرى لصالح القطاع الخاص، ولعل اوضح مثال هي صناعة الكمبيوتر التي استخدمها الجيش الأمريكي في الحرب العالمية الإمبريالية الثانية.ولاحقاً حولها للقطاع الخاص. هذا ما يمكننا تسميته “التسمين”.