الردة عن التعاون والاشتراكية ممكنة
تنزانيا:
تعتبر تنزانيا اقرب التجارب الإفريقيى للمنظور الصيني في فترة ماو تسي تونغ وخاصة من حيث اتباع سياسة الريفنة/أي توجيه الجيل الشاب للعمل في الريف تخلصا من البطالة ومن أجل زيادة الإنتاج الزراعي.
وهذا تيمنا بالثورة الثقافية.
لقد كانت من مزايا الفترة الولى تغيير دور المرأة من حيث دورها داخل الأسرة، حيث تمكنت التعاونيات من تقييد بل محاربة سلطة الذكور، وهذا زاد دخل العائلة، وخاصة لن القانون اعتمد المساواة بين الجنسين في كل من العمل والزواج. هذا إلى جانب تطوير الحرف اليدوية، وهذا قوى وضع المرأة .
ومما قوى وضهع المرأة أنه هي التي ارتكز عليها العمل التعاوني لأن الرجال كان الكثير منهم في الحرب. وبالتالي كونها تنتج وتقدم دخلا فقد تقوى وضعها. وبالطبع كان العمل التعاوني للجنسين.
ولكت بقي للرجل الأولوية في التمثيل السياسي، رغم تحسن وضع المرأة إداريا.
لكن هذا التوجه التعاوني في الريف جاء بناء على قرار سياسي من الجهاز البيروقراطي الحاكم، وليس من حزب جماهيري ببرنامج سياسي اجتماعي ثقافي.
وكان من أخطاء النظام أنه عين موظفين /مرسدين ضعيفي الكفاءة وضعيفي الثقافة والإلتزام الاشتراكي. (لاحظحالة مصر وبين التعاونيات في الضفة الغربية خلال الانتفاضة الولى)
في تقييم التجربة التنزانية تم الاستعنة بمثقفسن أوروبيين اتخذوا من جامعة دار السلام مقرا لتنظيراتهم، والتي كانت جيدة من حيث التجريد النظري حيث لم ينتقل هؤلاء أو لم يصلوا إلى الريف، لكن تنظيراتهم لم تصمد ميدانياً مما راكم خللا نظريا إلى جانب الخلل البريوقراطي المحلي.
كما عانت تجربة هذا البلد من الموقف من المرأة حيث رأت بان موقع المرأة في البيت، وبأنها عاملة زراعية، ولكنها لا تملك الأرض. أي كما كان وضعها القانوني قبل الثورة.
بناء على هذه الاختلالات، تراجع وضع التعاونيات من تعاونيات إنتاجية إلى مساكن جماعية وإنتاج فردي وذلك في فترة 1969-72. وكانت اسباب ذلك”
الإهتمام بالتحديث من أجل زيادة الإنتاجية مما قاد إلى الحاجة إلى التكنولوجيا المتقدمة ، وهذا اشترط توفر رأسمال بالعملة الصعبة، المر الذي انتهى إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
التحول إلى إنتاج سلعة تصديرية واحدة هي القهوة.
قيام الحكومة بإزاحة قوة العمل إلى الريف والإبقاء على البرجوازية الصغيرة في المدينة.
لقد قاد عدم المساواة بين المرأة والرجل في البيت إلى عدم مساواتهما في العمل الإنتاجي.
لم تستفد الدولة من ميزات الفترة الانتقالية حيث خفت قبضة البرجوازية على مواقع الإنتاج. خاصة وأن تلك الفترة اتسمت بتعاون الناس غذائيا وفي الاقتصاد المنزلي.
الصين وإمكانية الردة الرأسمالية
ملاحظة: التاي مقتطف من ملحق مطول في هذا الكتاب ، نثبته هنا فقط كشاهد على إمكانية الردة عن الاشتراكية وطبعا عن التعاون، كما حصل في الصين.
الأسباب والشروط لتفكيك الجماعيات في سياق ما بعد ماو[1]
على الرغم من اندهاش كثير من القادة المركزيين بمن فيهم دينج هيساو بينج بالزراعة العائلية، فليس هذا كافٍ لتفسير مجمل عملية التفكيك للزراعة الجماعية للاقتصاد الريفي. من المحتمل ان يكون الإصلاح قد تقوى، ولكن ليس بالسهولة التي تم بها. كما ليس قابلا للتصديق أن يكون دينج وبيروقراطيين آخرين قد دعموا شيئا ما بدون توفر شروط كافية ليست متوفرة. سيحلل ما يلي الأسباب السياسية والشروط التي توفرت لتفكيك الجماعيات.
“نهاية” الصراع الطبقي
تم في أعقاب رحيل ماوتسي تونغ تغيير كل ما كان يحفظ استمرار المجتمع الماوي. وفي الحقيقة، فإن القاء اللوم المتواصل حتى حينه على نشطاء الثورة الثقافية ، وإعادة الاعتبار للكوادر القدامى الذين فقدوا السلطة خلال الثورة الثقافية والحملات السياسية السابقة عليها[2]، ، وظهور الأدبيات التي تنكأ جراح (التي تصف الآثار التدميرية لفترة السابقة) هذه جميعاًطبعت أو وسمت الفشل السياسي ل ماو وحلفائه. وابعد من ذلك، فقد وصل البيروقراطيون درجة تشكيل تحالفات مع مثقفي المراتب العليا الذين فقدوا امتيازاتهم خلال Meisner, Mao’s China and After, 430–32.الحقبة الماوية. إن السياسات الثقافية الجديدة مثل إعادة تشكيل امتحان الدخول للكلية الوطنية كانت طرقاً لكسب دعمهم. فكما جادل موريس ميسنر، فإن دينج هيساو بينج قد نحج في أخذ القوة من هوا جووفنج (الخليفة المباشر ل ماو) معتمدا على الدعم الواسع من الكادر، الجيش، والمثقفين[3]. ورغم انهم ربما Ibid.يختلفون عن الماضي سوف يختلفون في المستقبل، فإنهم في نهاية السبعينيات قد اتحدت هذه القوى تحت قيادة دينج على ارضية مشتركة بأن النظام البيروقراطي المستقر لا بد من إنجازه، وبان الحركات الشعبية الماوية العريضة كالثورة الثقافية يجب أن لا تتكرر. هذا التغيير، في مصالح النخب، تم التعبير Meisner, Mao’s China and After, 430–32.عنه في السياسات الاقتصادية والسياسية للحزب الشيوعي الصيني. إن قراراً للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في الجلسة الثالثة قد غير المبدأ المركزي للحزب الشيوعي الصيني من “الصراع الطبقي” إلى التحديث. ” كما زعم القرار أنه منذ أن تم تصحيح أخطاء الثورة الثقافية، فإن العدو السياسي الأول للعمال والفلاحين قد انتهى. وقد تم توضيح هذه النقطة بقرار عام 1981 رقم 11 في الجلسة السادسة ، كما تم الإعلان عنها رسميا، بأن الصراع الطبقي لم يعد التناقض الرئيسي في الصين[4]. وبالطبع، فإن هذا التأكيد كان حقيقياً بمعنى أن البيروقراط وحلفائهم يتمتعون بالسلطة كاملة على البلاد، وبأن خصومهم السياسيين داخل الحزب الشيوعي الصيني قد هُزموا. وهكذا، فإن العمال والفلاحين قد تم إخمادهم ليبقوا الأعداء المحتملين للبيروقراط.
ان الدفعة القوية للتحديث، إضافة إلى الإعجاب والانبهار بثراء البلدان الرأسمالية المتقدمة، قد خلقت إيديولوجيا بأن الصين لا بد من ان تلحق بالبلدان الرأسمالية المتقدمة مستخدمة تكنولوجيتها وإدارتها (العلمية والمتقدمة). ولكن، ما هو التقدم والعلمي؟ لقد قدم دينج الجواب عام 1978: وهو نظام المسؤولية. يتضمن هذا المصطلح الغامض قوة أكثر للإدارة، وقوة أكثر للتقنيين والمثقفين، ونظام عمل صارم إضافة إلى مكافآت وعقاب[5].
الاقتصاد السياسي لتفكيك الجُماعيات في الصين، زهون كسيو، “بروفيسور مساعد بجامعة رينمين الصينية في بكين. تعالج ابحاثه الهامة الاقتصاد السياسي، التطور الاجتماعي والتاريخ الاقتصادي. ترجمة: بادية ربيع – و- ثابت عكاوي، منشور في مجلة: مونثلي ريفيو 2013 مجلد 65 العدد 1 أيار.
تعاونيات الشبكة العنكبوتية[6]: نمط جديد
واليوم ، استقر شكل جديد من أشكال الريعية على الموارد التي تعد أكبر وأسرع تراكم للثروة في التاريخ.
يجمع كل من Google و Facebook وعمالقة التكنولوجيا الآخرين كميات هائلة من البيانات من مستخدميها ثم يسلخون ربحًا كبيرًا من المعلنين. أي هي آلية لاستخراج البيانات كمورد
فيسبوك ، مصمم على منع المستخدمين من مغادرة منصته ، هو ابتكار بحث
يعمل على منافسة Google وموقع تجارة إلكترونية للتنافس مع Amazon ، وكلها تتنافس على ذلك
للسيطرة على البيانات المخزنة . في السنوات المقبلة ، ما يسمى إنترنت الأشياء ، وفي كل مكان على شبكة الإنترنت من الأجهزة “الذكية” الشبكية ، تَعد بتوسيع الكمية بشكل كبير بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يرغبون في أن يكون الإنترنت ، كما فعل مهندسوها الأوائل ، مشاعات – حقل مفتوح للاستكشاف والتواصل المجاني – فإن صعود احتكار القلة الرقمي الحالي هو نتيجة بائسة. رداً على ذلك ، تبنى بعض المنظرين والناشطين فكرة الإنترنت التعاوني ، وركزوا في الغالب على “التعاونية المنصة”. يشير العنوان الفرعي ” Ours to Hack and to own- لنا أن نخترق وأن نملك”
، وهو مجموعة حديثة من المقالات حول هذا الموضوع ، إلى الحماس الذي تثيره هذه الفكرة بين أتباعها: صعود منهاج التعاونية ، رؤية جديدة لمستقبل العمل وإنترنت أكثر عدالة. بالاعتماد على المثل الديمقراطية في الإنترنت المبكرة ، يدرك أحد المحررين ، ناثان شنايدر ، أن الوجود المطلق ، وعلى نحو متزايد ، ضرورة منصات وسائل الإعلام الاجتماعية يجعلها تشبه المرافق العامة ، ويجادل بأنه ينبغي بالتالي إضفاء الطابع المؤسسي عليها كقطاع عام ويفترض أن تكون لا مركزية ومنظمة محليا. تغطي المساهمات العديدة في Ours to Hack and to Own ، التي لا تزيد عن ثلاث صفحات ، مجموعة واسعة من الموضوعات ، ويحاول المحررون جلب أكبر عدد ممكن من المشاريع المملوكة والمُنظمة بشكل جماعي في إطار البرنامج الأكبر لبرنامج التعاونية. هذه يمكن أن تسبب الارتباك. وبموجب هذا التعريف الواسع ، ليس من الواضح ، على سبيل المثال ، ما يميز التعاونية “المنصة” الأكثر نجاحًا والتي تم تحديدها ذاتيًا ، وهي Stocksy ، وهي وكالة عبر الإنترنت بملايين الدولارات للمصورين ، من Magnum ، الوكالة التعاونية للتصوير التي تأسست عام 1947 وبنيتها تشبه إلى حد بعيد ، ولكنها تنتمي بوضوح إلى حقبة سابقة من الأعمال والتكنولوجيا على حد سواء. على الرغم من هذه المحاولة لتوسيع فكرة المنصة التعاونية لتشمل جميع أنواع الشركات التي يديرها العمال ، يبقى تركيز الكتاب هو الإنترنت. ومع ذلك ، في رأيي ، أهم التطورات الاجتماعية ليست هي التعاونيات العمالية على الإطلاق ، بل لوحات الإعلانات الرقمية التفاعلية في هونغ كونغ وبرشلونة وسرقسطة وغيرها من المدن. في هونغ كونغ ، تم تطوير تطبيق جديد من قبل أمهات عازبات لخدمة مئات العائلات الفقيرة ، وتعريفهن بالخدمات المجتمعية والموارد الأخرى. استفادت برشلونة ، في عام 2016 ، من تمويل الاتحاد الأوروبي لإنشاء صندوق أدوات رقمي لتعزيز مشاركة المواطنين من خلال توفير منتدى عبر الإنترنت لاقتراحات ومناقشة مشاريع المدينة ، إلى جانب الوصول إلى الاجتماعات الإدارية والإجراءات العامة عبر الإنترنت. لا يمكن استبعاد هذه القدرة على تعزيز المشاركة المدنية باعتبارها موضة. في إيطاليا ، أخذت الحركة ذات الخمس نجوم الإمكانات الرقمية للمنصة أبعد ما تكون ، مع تصويت على القيادة الحزبية والسياسة التي عقدت عبر الإنترنت (حتى لو كانت الحركة قد حققت أكبر انتصاراتها في المدن حيث تجمع أعضاءها في ساحات المدينة للتحريض على مطالبهم في شخص).
وقد ألهمت هذه التطورات في أوروبا أيضًا زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربين لتبني لغة تعاونيات المنابر في “حملة الديمقراطية الرقمية” التي أطلقها حملته الانتخابية:
“… سوف نعزز الملكية التعاونية للمنصات الرقمية لتوزيع العمالة وبيع الخدمات … سنقدم قوانين جديدة تضمن عقد عمل آمن والحق غير القابل للتصرف في العضوية النقابية لكل من يكسب معظم أو بعض مصادر رزقهم من المنصات الرقمية. سوف نطبق أفضل الممارسات ونعتمد الابتكارات التكنولوجية لهذه الترقية التعاونية للاقتصاد التشاركي من أجل تحسين توفير خدمات القطاع العام وتسليمها واستخدامها على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية. وهكذا ، على الأقل داخل بعض الأحزاب وحركات اليسار”
“… تبدو رؤية شنايدر للإنترنت كمنفعة عامة ، بعيدة كل البعد عن الواقع ، وكأنها تكتسب أرضية. أحد أفضل العروض في الكتاب المتعلقة بتعاونيات العمال ، أو النظام الأساسي أو غير ذلك ، يأتي من Yochai Benkler ، المدير المشارك لمركز Berkman Klein للانترنت والمجتمع في هارفارد ، وهو من المدافعين طويلاً عن المشاعات الرقمية. … يجب أن يكون المصدر الأساسي لمنصات العمل التعاوني هو الأدب الغني عن الحوكمة الريادية التي ابتكرتها إلينور أوستروم ، والتي ركزت في الواقع على المجتمعات التعاونية التي تدير موارد رزقها معا دون حقوق الملكية أو القوانين الحكومية.
مــعيقات الحركة التعاونية
ارتكازاً على تحليلنا أعلاه والذي يتضمن الآليات والمقترحات والعقبات، قد لا تتبقى ضرورة للإشارة بعنوان محدد ولو محدوداً إلى المعيقات. لكننا نوردها هنا فقط من أجل التركيز والحصر والتذكير ذلك لأن وجود عنوان محدد هو دائماً أفضل للانتباه والتركيز.
وبوسع القارىء، إذا ما قرأ بدقة، ان يستنتج المعيقات من خلال سياق العرض من جهة، والتحليل والمقترحات من جهة ثانية، وربما هذا طريق افضل لتجذير المبادرة والإبداع الشخصي بدل تلقي وصفات العلاج من هذا الكاتب او ذاك.
فالمعيق الأول، بل النقيض للتعاون هي الملكية الخاصة، والميدان الذي تتم فيه المنازلة ضد التعاون هي السوق، والفرسان الذين يغتالون التعاون هم الطبقة الراسمالية، والحماية التي تظلل هؤلاء دائما هي السلطة/الدولة، وأداة تنفيذ مآرب كل هؤلاء هي الشرطة وأحيانا عند الضرورة الجيش. فكيف حين تكون الكتلة الشعبية والسلطة والشرطة والجيش عدو استيطاني كما هي حالة فلسطين!
على الرغم من أرقام استمرار التعاونيات في ظل انظمة رأس المال، وتحقيق نمو جيد أو مذهل في بعض الأحيان، فإن استمرار وتطوير التعاونيات مليىء بالتحديات والمعيقات. وكما أوضحنا غير مرة فإن التحدي الأكبر هو سياسة الضبط الرسمية للعمل التعاوني بحيث لا يخرج عن خضوعه للسوق ولا عن السياسات التي تتبناها الطبقات الحاكمة.
إضافة إلى دور السلطات، هناك المشاكل المشتركة للتعاونيات في البلدان النامية مثل انخفاض مشاركة الأعضاء ، والقيادة الضعيفة ، والاعتماد على المنظمات الداعمة ونقص السيولة . ولعل المشكلة أن نقص السيولة هو آلية تدفع باتجاه المنظمات الداعمة والتي ترتكز اساساً على إيديولوجيا السوق! بمعنى أن خللاً يولد خللاً آخر.
تظهر جميع الدراسات التجريبية تقريباً أن العضوية في التعاونيات الزراعية مفيدة لأصحاب الحيازات الصغيرة في سياق تحسين إنتاجية المزارع ودخل المزارعين وصمودهم في السوق كي لا يخرجوا من العملية الإنتاجية، فالتعاونية حماية لدورهم المقاوم. ولكن عضوية الضروروة ليست كافية بعيداً عن تعميق الفكر والثقافة ومن ثم الانتماء التعاوني مما يتطلب حركة تعاونية تعمم التثقيف التعاوني كي تغلق الفجوة بين إلحاح الضرورة المعيشية اي كي يتم الانتقال من الشعور او الوعي للتعاون من كون الوعي في المستوى المادي والعفوي إلى مستوى التمثُّل الفكري بالوعي.
كما ذكرت معظم الدراسات، عن التعاونيات في بلد رأسمالي، أن المزارعين الأفضل حالا من المرجح أن يستفيدوا من العضوية التعاونية وهذا يزيد احتمال مشاركتهم فيها. لذا من المهم صمود اصحاب الحصص الصغيرة من خلال اشتراكهم في التعاونيات بحيث لا تتحول التعاونية لسيطرة فئة على أخرى مما يخلق حالة طبقية وكأننا أمام شركة.
قد يكون غريباً القول بان كثيرا من الدراسات عن التعاونيات تلعب دوراً في تشويه المفهوم التعاوني حيث تفصل بين هدف الدولة المعلن والشكلاني وبين دورها أو تحديداً سياساتها على الأرض. مثلا، حين تشتكي بعض الدراسات من زيادة تدخل الدولة في التعانيات وذلك ليس من باب انحياز الدولة للتعاونيات بقدر ما هو رفضاً لتدخل الدولة من باب التزام الباحث بالسوق الحرة، اي فوضى الإنتاج ومن ثم إلتهام المنتج الكبير للصغير. يمكننا نقد دور الدولة من باب ضعف أداء موظفي التعاون لأسباب بيروقراطية أو لأنهم مجرد موظفين مثلا متخصصين في الهندسة الزراعية، لكنهم فكرياً لا يؤمنون بالعمل التعاوني.
يشكل العامل التكنولوجي تحديا للتعاونيات وخاصة في بلدان العالم الثالث/المحيط لعدم قدرة تعاونيات صغار المزارعين شراء الماكينات اللازمة لعملهم بينما بوسع كبار الملاك شراء الماكينات واستخدامها بكلفة أقل نظراً لضخامة المساحات. وحتى لو تمكنوا من شراء الماكينات أو استئجارها بأجرة مناسبة، فهي قد تحل محل العمل البشري مما يقود إلى بطالة نسبية بين الأعضاء. وهذا قد يعني البحث عن استخدام أو تطوير التكنولوجيا الوسيطة التي تقع ما بين الخيارين المتطرفين، وهي التي نجحت فيها الصين الشعبية في فترة الماوية.
في حالة الأرض المحتلة، بوسع المؤسسات البلدية إقامة مجمع للأدوات الزراعية مثلا وتأجيرها بريح غير فاحش للفلاحين وللتعاونيات لإصلاح الأرض بمختلف مستويات الإصلاح. لكن هذا منوط بكل من:
- تشجيع السلطات لهذا الدور
- ووجود مجالس بلدية ذات طابع مقاوِم وليس خدماتي فقط[7].
للثقافة التغذوية دور هام في تشجيع أو إعاقة التعاونيات في المحيط خاصة. فالزراعة الطبيعية ومن ثم التوجه للزراعة العضوية لإنتاج الغذاء العضوي غير المهجنة بذوره او مخصبة جينياً يمكن أن يعيد لبلدان المحيط دورها في إنتاج هذه الأغذية صحيا لمجتمعاتها ومن ثم المنافسة التصديرية بفوائضها. وهذا قد يعيد لها دورها في التصدير للمركز الذي بالزراعة الممكننة والمهجنة تمكن من اختراق أسواق المحيط وإخراج كل من:
- المنتج في هذه البلدان
- وحتى إخراج المستهلك من السوق حيث أصبح المستهلك في المحيط متجها لشراء منتجات المركز بغض النظر عن خطورتها.
في هذا السياق يلعب الوعي الصحي دورا هاما ويمكن ربطه إيجابيا بالدور الوطني وحتى النظريات العالمثالثية التي تؤكد على الدور الثوري للمحيط وتاثيره على المركز من نواحي عديدة ومنها فك الارتباط بالمركز الرأسمالي الغربي مما يؤدي إلى أزمة اقتصادية تقود إلى أزمة سياسية اجتماعية.
إنه وعي بالاستهلاك وحده الذي يمكن أن يُخلي اسواق المحيط ومنها رفوف السوبر ماركت من منتجات الغرب الرأسمالي بما هي ذات خطرين اساسيين على الأقل:
- خطر التلوث المقصود بالمخصبات الكيميائية
- وخطر التهام الفائض وتقويض مواقع الإنتاج في المحيط مما يبقيه مجرد سوق استهلاكي ومخزن لقوة عمل رخيصة للعمل الأسود حين اللزوم.
يعيب اقتصاديوا البرجوازية على بلدان الاشتراكية المحققة أن التعاونيات واجهت صعوبات مثل عدم الشفافية، والبيروقراطية وكما يزعمون العضوية غير الطوعية والفساد والأسعار الثابتة"سياسيا" للمنتجات الزراعية لفترات طويلة.
ورغم أن كثيرا من هذه النقاط صحيحة، لكن الاقتصاد المخطط كان خاليا من الآفة الأساسية وهي إخضاع الإنسان لاستغلال الإنسان أي الاستغلال الطبقي. لقد كانت تجارب في التاريخ، ورغم تفكك معظمها إلا أن الحال الذي آلت إليه معظم بلدانها هو أسوأ بكثير مما كانت عليه في الحقبة الإشتراكية حيث أصبحت مستعمرات للغرب في المستويات الاقتصادية والثقافية وحتى الجنسية. وأصبحت محطات تدريب أقامتها الإمبريالية لفرق الثورة المضادة. ولعل روسيا ما بعد يلتسين هي البلد الوحيد الذي تمكن من النهوض مع العلم بأنها تُحيي ، وإن تدريجيا، التراث السوفييتي. وحول نجاح التجربة التعاونية الإشتراكية (أنظر تجربة كوبا لاحقاً).
صحيح أن هناك مشاكل إدارية في التعاونيات سواء الاشتراكية أو في ظل الرأسمالية، وهي غالباً نتاج عدم التخلص من الثقافة الفردية وتحديداً الملكية الخاصة والتي تأخذ أو تتمظهر في اشكال منها الغرور الثقافي، أو المبالغة في الوجود الفطري لبعض المهارات كالحذق الإداري، أو تحصيل درجة تعليمية أعلى، وحتى القوة الجسدية...الخ. ولكن هذه لا تُحل بوصفات من هذا الكاتب او ذاك، وإنما تحل بطريقتين:
· الوعي والتثقيف المتواصل للتخلص من رواسب الثقافة الرأسمالية السائدة
· قدرة المتعاونين على ابتكار أساليب قيادة وإدارة مناسبة لوضعهم.
إن للمكاشفة والشفافية والتفكير والنقاش الحر والمفتوح دور هام في تصويب الأخطاء وبناء هوية تعاونية او خلق الإنسان التعاوني الجديد والذي يتخطى كافة المعيقات المترسبة.
لا شك أن للابتكارات التكنولوجية دورها في تسهيل العمل التعاوني، ولكن شريطة أن يوجهها الإنسان حيث يرى وحيث يحافظ بها على العلاقات الإنسانية كاساس. فالذهاب بعيدا وراء غزارة الإنتاج قد يؤدي إلى إدخال قوة العمل التعاونية في سباق فيما بينها على المداخيل ومن ثم المنافسة. أو التحمس في حالة نشاط السوق لتوسيع الكم الإنتاجي مما يربط التعاونيات أكثر بالسوق فيصعب الحفاظ بعدها على الهوية التعاونية.
______
- الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
[1] أنظر ملحق رقم 4 :الاقتصاد السياسي لتفكيك الجُماعيات في الصين، زهون كسيو، بروفيسور مساعد بجامعة رينمين الصينية في بكين. تعالج ابحاثه الهامة الاقتصاد السياسي، التطور الاجتماعي والتاريخ الاقتصادي. ترجمة: بادية ربيع وثابت عكاوي Meisner, Mao’s China and After, 430–32.
منشور في مجلة: مونثلي ريفيو 2013 مجلد 65 العدد 1 أيار.
[2] Meisner, Mao’s China and After, 430–32.
[3] Ibid.
[4] Resolutions on Some Historical Issues of CCP” from CCP 11th Central Committee 6th Plenary, June 27, 1981, http://cpc.people.com.cn (in Chinese).
[5] Deng Xiaoping, “Emancipate the Mind, Seek Truth from Facts and Unite as One in Looking to the Future.”.
[6] Peter Ranis: Cooperatives Confront Capitalism (London:Zed, 2015
[7] أنظر كتاب اقتصاديات الجوع في الضفة والقطاع، عادل سمارة 1979