عزمي بشارة ودولة المواطنين: أوقح مشروع للتنازل للكيان المُغتصِب، غسان أبو نجم

إن الزعم بأهمية ما كتبه ويكتبه عزمي بشارة حول عديد من قضايا مفصلية تختص بالصراع العربي الصهيوني، ربما هو زعم صحيح ليس لقدرات هذا الرجل الخارقة فكريًا وسياسيًا، وإنما لما يتمتع به من جرأة تصل حد الوقاحة في عدائه للفكر القومي العربي والمشروع النهضوي لهذه الأمة من جهة، ومجاهرته في طرح رؤيته لحل الصراع العربي الصهيوني وتسخيره من قبل مشغليه من أعداء الأمة (أمريكا/الكيان الصهيوني/مشيخات الكاز) لمهمة تزييف وعي الجماهير العربية وتوجيهها نحو أهداف تفتيت الوطن العربي؛ عبر مشروع الشرق الأوسط الجديد، وتوجيه هذه الجماهير نحو اللجوء إلى حل الصراع العربي الصهيوني عبر التعايش بين الضحية والجلاد، ضمن دولة أسماها دولة المواطنين التي يتفاخر عزمي بشارة؛ أنها نتاج تفكيره العميق لحل هذا الصراع من جهة أخرى.

ماذا يعني مفهوم دولة المواطنين؟ يحتوي شعار دولة المواطنين التي نادى بها عزمي بشارة على أخطر مشروع تنازلي تفريطي في تاريخ الصراع العربي الصهيوني؛ من خلال مناداته بأن (يعيش الفلسطيني المُغتَصب والصهيوني المُغتصِب في ظل كيان صهيوني يحتفظ فيه كل منهما بحقوق المواطنة؛ لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، ضمن عدالة اجتماعية يتساوى فيها الصهيوني المُغتصِب والفلسطيني ضمن رؤية ثنائية للقومية). طبعًا عزمي بشارة يفلسف هذه الرؤية ضمن مبدأ ديموقراطية الدولة اليهودية، وتحتوي هذه الرؤية لدولة المواطنين على مخاطر تضرب النضال الوطني الفلسطيني في الصميم وتعطي المُغتصِب الصهيوني وعلى طبق من ذهب أكثر ما يحلم به؛ فما هي مخاطر هذا المفهوم:

أولًا: التنازل الفعلي عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨ واعتبارها حق للمغتصب الصهيوني.

ثانيًا: الاعتراف الكامل بدولة الاحتلال الصهيوني وشرعية اغتصابها ل فلسطين التاريخية.

ثالثًا: تحويل أصحاب الأرض الحقيقيين إلى أقلية قومية تُحكم من قبل كيان مُغتصِب يمثل المغتصبين الصهاينة.

رابعًا: سلخ جزء كبير من الشعب الفلسطيني الذي يعيش في أراضي فلسطين المحتلة عام ٤٨ عن فلسطيني الضفة الغربية و غزة والشتات وتحويلهم إلى مواطنين (إسرائيليين).

خامسًا: تحويل مفهوم الصراع من صراع وجود إلى صراع مطلبي معيشي؛ يحسن من شروط الاحتلال والاغتصاب.

سادسًا: تحويل القضية الوطنية الفلسطينية إلى قضية مجموعة من المواطنين مسلوبي الحقوق المدنية في إطار الدولة المُغتصِبة، وليس شعبًا له حقوقه الوطنية والقومية التاريخية في الحرية الكاملة وتقرير المصير والدولة والسيادة الكاملة في وعلى أرض وطنه.

سابعًا: تحويل الفلسطيني ضمن هذه (الدولة) إلى جندي عليه واجب الخدمة العسكرية ومطالب بالدفاع عن هذا دولة العدو/الكيان الصهيوني في وجه الأعداء طبعًا؛ فلسطينيو أراضي ٦٧ والشتات وجماهير الامة العربية.

 ثامنًا: اعتبار المناضلين الفلسطينيين (خارج حدود عام ١٩٤٨) والعرب أعداء للدولة الصهيونية والدفاع عنها من قبل هؤلاء المواطنون واجب وطني، وكذلك اعتبار مهاجمتها اعتداء خارجي.

تاسعًا: على الفلسطيني ضمن هذه الدولة المزعومة أن يحافظ على المستوطن الصهيوني الذي يعيش في مغتصبات صهيونية في أراضي عام ٦٧، باعتباره مواطنًا في هذه الدولة، وأن وجوده واغتصابه للأراضي الفلسطينية حق يجب الدفاع عنه، وعكس ذلك هو خيانة عظمى لهذه الدولة!

هذا أهم ما ينطوي عليه شعار دولة المواطنين الذي رفعه عزمي بشارة عضو الكنيست الصهيوني وابن محمية قطر المدلل ومفلسف شعارات الربيع العربي ومنظر مشروع الشرق الأوسط الجديد، وهذا الفهم لدولة المواطنين يلتقي مع شعار مثل الدولة الواحدة الذي ينادي به البعض في الساحة الفلسطينية في هذه المرحلة لذر الرماد في العيون؛ بوصفه شعارًا مستقبليًا لرؤية الصراع؛ من العبث البحث به الآن في مرحلة التحرر الوطني من الاحتلال، وهي محاولة مكشوفة من البعض لبناء برامج وتكتيكات لتحقيقه لرسم السياسات المرحلية خدمةً لهذا المشروع.

:::::

بوابة الهدف الإخبارية

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.