تونس: من أسباب الغضب … ارتفاع الدّيُون، بعد عشر سنوات، الطاهر المعز

بإيجاز 

تونس- من أسباب الغضب

ارتفاع الدّيُون، بعد عشر سنوات

الطاهر المعز

بعد نحو أربعة أسابيع من انطلاق الإحتجاجات في محافظة (ولاية) سيدي بوزيد (الوسط الغربي)، فر الجنرال زين العابدين بن علي، يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011، إلى السعودية.

بعد عشر سنوات، لم يتحسّن وضع الفُقراء الذين أطلقوا الإنتفاضة، فتكرّرت الإحتجاجات، في الذّكرى العاشرة لفرار الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ولئن توسّع الائتلاف الطّبقي الحاكم، ليشمل الإخوان المسلمين والدّساترة ورجال الأعمال، فإن تعامل قوات الشرطة مع المتظاهرين، وتعامل الإعلام الرّسمي مع الفئات الشعبية، لم يتغيّر، ولم تَزَلْ مقومات انتفاضة 2010/2011 قائمة، إذ لا يزال جهاز الحكم بيد فئات البُرجوازية الكُمبرادورية (التي ترتبط مصالحها بالشركات والدّول الأجنبية، وتلعب دور وكيل مصالحها بتونس)، التي ارتفعت ثروات رُمُوزها بسرعة قياسية، بينما ارتفع معدل بطالة الشباب، دون سن ال25 سنة ليبلغ نحو 35,7% بنهاية سنة 2020، ويُواصل النظام “الجديد-القديم” تطبيق أوامر صندوق النقد الدولي، من خفض الإنفاق العام، وإلغاء دعم السّلع والخدمات الأساسية، وخصخصة ما تَبَقّى من القطاع العام، فيما ازداد وضْع الأُجَراء وصغار المُزارعين والمُعَطَّلين عن العمل والفُقراء سُوءًا، خصوصًا بعد انتشار وباء “كوفيد 19” وما رافق ذلك من إجراءات إغلاق وحَجْر صحّي وحبس منزلي وتسريح جماعي من العمل، مع الإهمال الصّحي، حيث تَمّت تصفية القطاع العام، منذ سنوات، أما القطاع الصّحي التّجاري فتتمثل مُهمّته في تضخيم الأرباح، كأي قطاع استثماري رأسمالي.

ارتفعت قيمة الدّيْن العام الخارجي، من حوالي 38% من إجمالي الناتج المحلي، بنهاية سنة 2010، إلى نحو 75% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية سنة 2020، ويُتوقّع أن يرتفع إلى 90% سنة 2021، وبلغت حصّة سداد الدّين 30% من ميزانية العام 2021، بحسب البيانات التي أوردتها “هيئة الحقيقة والكرامة”، وأدّى التّداين المُستمر إلى خضوع برنامج الحكومات المتعاقبة إلى إشراف الدّائنين (صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي والإتحاد الأوروبي، وغيرهم ) على السياسة الإقتصادية والإجتماعية للدّولة، وهي نفس سياسات التقشف وخفض الإنفاق الحكومي وخصخصة القطاع الحكومي والعام، وفتح حدود البلاد أمام رؤوس الأموال والسّلع الأجنبية، التي تظاهر ضدّها المواطنون سنة 2010، وكذلك بمناسبة مرور عشر سنوات على الإنتفاضة…

يُترجم ارتفاع دُيُون الدّولة إلى فقدان السيادة، وإلى إجراءات عديدة ضد العاملين والفُقراء، وفي مقدمتها إلغاء دعم المواد الغذائية والمحروقات والنّقل، ما يُترجم في الحياة اليومية إلى ارتفاع الأسعار، بالتوازي مع انخفاض قيمة الدّينار، وخفض عدد الموظفين الحكوميين (عدم تعويض المُتقاعدين) وتحويل الخدمات الضرورية، كالتعليم والصّحة، إلى سلعة لا يستطيع الحصول عليها سوى من يمتلك المال لتسديد الثّمن…

نشأت في بعض بلدان أمريكا الجنوبية حركات واسعة، تضم منظمات سياسية ونقابية وشعبية، من أجل إلغاء الدّيون، لأن الجهات الدّائنة قبضت أضعاف المبالغ الأصلية، وهي دُيُون لم تستفد منها الشُّعُوب، وتُطالب نفس المنظمات برفع قيمة الضّرائب على الثروات والرواتب المُرتفعة، والحَدّ من التّهَرُّب الضّريبي، ومن تهريب الأموال، وتطالب أيضًا بتجميد الإنفاق الحكومي على السلاح وأجهزة القمع المتضخّمة، وزيادة الإنفاق على التعليم والصّحّة ودعم القطاعات المنتجة، وفي مقدّمتها الفلاحة، وتلبية الإحتياجات الأساسية للسكان، خاصة في ظل انتشار وباء “كوفيد 19” وما نتج عنه من ارتفاع حدة الفقر والبطالة…

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.