هذا يوم بدر فاحذروا من أُحُدْ حلقة (2)، عادل سماره

  • تجرَّأت على الهزيمة… “تجرَّأ على النصر- ماوتسي تونغ”

كما يحتد الجدل داخل الكيان، يحتد الجدل بيننا عربا وفلسطينيين. من جانبهم، إعتادوا على النصر ويدخلون رياضة الاعتياد على الهزيمة، أو على الأقل إعادة قراءة وضعهم وحجمهم وماذا يحمل مستقبلهم.

ومن جانبنا ذُقنا سلسلة من الهزائم دفعتني لوصف من اعتادوها وأدمنوا عليها وكأنها أمر طبيعي أو حتى نصر ب “مستدخلي الهزيمة”. فهل يمكن لمن استدخل الهزيمة أن ينهض إلى حدود النصر وتجاوز تلك الحدود كما قال ماو تسي تونغ؟

يتحدث كثيرون حتى من خارج فريق استدخال الهزيمة بأن وصف النصر هو مبالغة، ويتحدث خبثاء اللبرالية والمقاومة “السلمية/السلبية” بأن الانتقال إلى السلاح خطف انتصار الهبة المقدسية وبالتالي انحرف بها عن أهميتها وطمَسَها.

يذكرني هذا وذاك بما عودنا عليه الجيل الأول للنكبة بأن العودة مسألة اسابيع وتحصل. أما والزمن قد طال، فانتقل هؤلاء من التفاؤل المفرط إلى استدخال الهزيمة والتكفير بالعروبة والاقتناع بأن الغرب كُلِّي القدرة وضمنه الكيان.

وحتى اليوم، هناك من يفكر بأنه: إما أن يتم النصر الساحق بالضربةالقاضية في ايام، أو أن اي حديث عن النصر هو مجرد لغة وإنشاء وحتى استغفال للناس!

لم يتخلص هذا النمط من التفكير من إعفاء الذات من المقاومة وانتظارها من المقاوِمين وكأنهم عمال بالأجرة عليهم إنجاز كم معين من الشغل في زمن محدد ولم يفعلوا. ولأن هذا النمط من التفكير مقود برغبة نفسية، اي رغائبي أكثر مما هو عملي، فإنه يقرا الحدث بمرارة ويصل حد شتيمة من يقرأ الحدث كانتصار.

ليست هذه أول مرة تتم فيها قراءة النصر بشكل سلبي ذلك لأن هؤلاء يرفضون قراءة اللوحة بأجزائها كلها بمعنى أن هناك انتصار جزئي في موقع معين وفي مستوى معين ولحظة معينة. فانتصار المقاومة والجيش الأردني في معركة الكرامة كانت انتصاران معاً:

·       عجز جيش العدو الذي كان مشحوناً بعد بنشوة انتصاره عام 1967

·       وتكامل المقاومة مع الجيش الأردني كتحقيق للبعد العروبي للصراع.

فهل عدم مواصلة انتصار الكرامة يمسح حقيقة كونها انتصارا؟

وماذا عن طرد الكيان من معظم جنوب لبنان؟ أليس انتصاراً وحرب عام 2006 أليس انتصاراً وغزة 2014 حيث عجز الكيان عن دخولها وثبتت الناس ولم ترحل وكان في خطة الاحتلال تفريغ القطاع من أهله؟

دعونا نتذكر أن هذه الانتصارات جرى الطعن فيها ولم يتوقف بعد وذلك ليس لأنها لم تُنهي الكيان كما يعتقد ويريد البعض سريعا، بل كذلك لأن هناك من يكره الانتصار عموما والبعض الذي يريده بيده هو  فقط وإلا فلا، وللأسف لن يحصل على يده طالما استدخل الهزيمة.

وحيث نُجيز لأنفسنا تقييم ما حصل بأنه نصر فليس من حقنا حرمان من يرون العكس أو نِصف العكس بأن يقولوا ما يريدون أو ما يرون. ولكن شريطة أن يشرحوا كيف لم يكن نصراً مقابل شرحنا بأنه نصر.

يحق لأي كان قراءة اجزاء اللوحة ولكن دون أن ينتهي إلى قرائتها كلوحة متكاملة كي لا يخدعه بصره وكي لا يخدع بصيرة الناس.

إن هبة القدس هي نصر في حيِّز جغرافي واجتماعي وديني وثقافي وسياسي ونفسي في مواقعها الثلاثة الأقصى والشيخ جراح وباب العامود، وتكامل المقاومة المسلحة مع القدس هو نصر ايضا. وبوسعكم التخيُّل، لو أن غزة لم تستجب لنداء القدس ،كم من اللعنات كانت سوف تُصبُّ على السلاح!  وعودة المحتل 1948 إلى البنية الفلسطينية السياسية المقاوِمة هو انتصار، وارتفاع منسوب الحراك الشعبي العربي هو انتصار وخاصة في الأردن مما يؤكد وجوب استرجاع الحركة الوطنية الموحدة للبلدين، بل حتى وصول عراقيين إلى الأردن للمشاركة في المعركة، هذا ناهيك عن ما يُحرج المتعقلنين/ات.

نعم، أي الذين يرون إلى الأمور بعقلانية سوداء ونقصد أن الموقف  العالمي قد حسم الأمر:

·       فالعقلانية السوداء بقيت مأخوذة بموقف الغرب الرسمي الذي وقف ضد شعبنا بفجاجة وعنجهية وكراهية وتعامي. ولم يقف هكذا بوضوح من قبل إلا لأنه رأى في ما يحصل انتصاراً  وخاصة إذا ما تم التأسيس عليه.

·       وبالمقابل، كان الحسم من الشارع العالمي الذي لم يخدعه إعلام الثورة المضادة بأن الصواريخ الفلسطينية تُطلق على “مدنيين” وانحاز للموقف الفلسطيني بوضوح.

بقي أن نقول، بأن البعض أصابه الترويع من ارتفاع اسهم حركة حماس في هذه المعركة لأنه يراها فقط مثابة قوة “دين سياسي- إخوان ” ولم ينظر إلى قواعدها. هذا من جهة ومن جهة ثانية، لم يرى هؤلاء ان مختلف الفصائل شاركت في القتال ولكن كلٌ طبقاً لما لديه من سلاح وليس لتقصيره في الجاهزية للقتال ناهيك عن قرار سياسي خبيث من الإعلام لتبيان بأن من يقاتل هي فقط حماس لغمط الآخرين وحتى غمط الشعب وكأن الشعب ليس ضد الكيان بل هذه الحركة وحدها، ، ولهذه نقاش لاحق.

________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.